ضريح صلاح الدين الأيوبي، تربة أيوبية في حيّ الكلّاسة، تقع قرب الزاوية الشمالية الغربية للجامع الأموي، وفيها مرقد السلطان صلاح الدين الأيوبي. كانت أرض المنطقة مدفناً خاصاً وفي سنة 1195 شيّد فيها الملك العزيز عثمان بن صلاح الدين المدرسة العزيزية، ونقل إليها رفات صلاح الدين الأيوبي المتوفي سنة 1193.
أُلحق ضريحه بالمدرسة التي هُدمت مع مرور الأيام ولم يبق منها إلا المحراب وقوس المدخل الشرقي الذي أصبح حديقة للتربة. وقد تم تسجيل الموقع في قائمة اليونسكو للتراث العالمي في عام 1979 كأحد معالم مدينة دمشق القديمة.
وصف التربة
تتألف التربة من مدفن بسيط تعلوه قبة محززة تستند إلى رقبة مضلّعة ذات ستة عشر ضلعاً تزينها بالتناوب ثماني نوافذ مقوسنة، وثمانية محاريب. وفيها حديقة خارجية وبحرة مياه وأشجار مثمرة، دُفن فيها طيارين أتراك سقطت طائرتهم بالقرب من بحيرة طبريا ودفنوا بدمشق سنة 1914. وفي سنة 1937 دفن بجوارهم رئيس الوزراء العراقي ياسين باشا الهاشمي الذي توفي بدمشق وكان في العهد الفيصلي رئيساً لأركان الجيش السوري. وفي سنة 1940، دفن معهم الدكتور عبد الرحمن الشهبندر الذي اغتيل بدمشق، تلاه سنة 2013 قبر الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي الذي اغتيل بتفجير جامع الإيمان وسط العاصمة السورية. وفي جوار القبور من الجهة الغربية الجنوبية غرفة صغيرة لتلاوة القرآن، وخمسة غرف في الجانب الشمالي.
وصف حجرة القبر
يقع قبر صلاح الدين الأيوبي في غرفة ذات أربعة جدران مصممة على الطريقة الدمشقية بالحجر الأبلق، تحتوي هذه الجدران على زخارف إسلامية أهمها اللوحة على الجدار الشمالي التي تعد أكبر لوحة مقوّسة ومكتملة في دمشق كلها، قاعدتها 475 سم وارتفاعها 238 سم، وهي مؤلفة من مجموعة من البلاطات المنوعة ذات الطابع الدمشقي، وفي أسفل هذه اللوحة الكبيرة لوح يعلو النافذة وهو سجادة عرضانية مؤلفة من بلاطات ذات زخارف هندسية مؤطرة بشريط من الأزهار المكررة، يبلغ أبعاد هذه اللوحة 65 سم X 80 سم.
ترتفع فوق الجدران الأربعة قبة دائرية محمولة على أربعة أقواس، تُزين القبة مجموعة من زخارف الورود، والزخارف الهندسية المصنوعة من العجينة الحجرية، أما أرضية الحجرة فهي مُزينة بالبلاط القيشاني العثماني الملّون باللونين الأزرق والأخضر الذي تم تصميمه وإضافته في القرن 17م.
نشاهد داخل الحجرة ثلاثة أضرحة:
• ضريح مصنوع من خشب الجوز محفور بالكتابات والزخارف ذات التصاميم الأيوبية وأنماط هندسية، ونجمية، وبعض زخارف الورود والنباتات، وهو الضريح الذي يحوي على رفات صلاح الدين الأيوبي.
• ضريح رخامي فارغ صنع في ألمانيا وقدمه الإمبراطور غليوم الثاني هدية عند زيارته دمشق سنة 1898 في زمن السلطان عبد الحميد الثاني.
الإكليل البرونزي
وفي سنة 1898 وضع عند القبر ضريح إكليل ذهبي قدمه الإمبراطور الألماني غليوم الثاني أثناء زيارته دمشق في عهد السطلان عبد الحميد الثاني، اعترافاً بعظمة شخصية صلاح الدين. إضافة إلى الإكليل قدّم الإمبراطور غليوم ضريحاً من المرمر، لا يزال قائماً حتى اليوم بقرب الضريح الأصلي، وخطب قائلاً:
أراني مبتهجاً من صميم فؤادي عندما تذكر أنني في مدينة عاش بها من كان أعظم أبطال الملوك الغابرة بأسرها الشهم الذي تعالى قدره بتعليم أعدائه كيف تكون الشهامة ألا وهو المجاهد الباسل السلطان الكبير صلاح الدين الأيوبي.
بقي الإكليل موجوداً إلى جانب الضريح من سنة 1898 ولغاية عام 1918، عندما قام الكولونيل البريطاني توماس لورانس (لورانس العرب) بسرقته بعد دخوله دمشق مع قوات الثورة العربية الكبرى. نقل الإكليل إلى لندن وفي 11 تشرين الثاني 1918 سجل رسمياً ضمن محفوظات المتحف الحربي البريطاني. وهو مؤرشف اليوم تحت رقم EPH 433 ويصل قطره في أعرض نقطة 74سم ومكتوب في أسفله “إن الله يحب المحسنين.” وفى الجزء العلوى لدائرة الإكليل حروف تشير إلى شعار الإمبراطور باللاتينية “IRWII”، كما كُتب عليه بالألمانية “فارس بلا خوف ولا ملامة، علّم خصومه طريق الفروسية الصحيح.” وبالعربية كتب عليه: “هذا التاج تقدم من طرف صاحب الحشمة والعظمة ايبمراتور ألمانيا حضرت ويلهلم الثاني تذكارا لزيارة قيصر المشار إليه تربه حضرت صلاح الدين الأيوبي رحمه الله عليه رحمه واسعه.”
من أهم الشخصيات التي زارت الضريح
- الجنرال الفرنسي غورو بعد دخوله دمشق محتلاً في 7 آب 1920.
- الملك حسين بن طلال في نيسان 1956.
- الرئيس المصري جمال عبد الناصر برفقة رئيس الجمهورية شكري القوتلي في شباط 1958.
- الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في كانون الثاني 2020.