قصر ناظم باشا، القصر الجمهوري الثاني في دمشق بعد قصر مصطفى باشا العابد، شيّد على مساحة عشرة آلاف متر مربع في منطقة المهاجرين، وكان في الأساس قصراً للوالي العثماني حسين ناظم باشا. افتتح عام 1905 وتحول إلى قصر ملكي في عهد الملك فيصل الأول (1918-1920)، وفي سنة 1943 إلى قصر جمهوري في عهد الرئيس شكري القوتلي. بقي القصر بهذه الصفة الحكومية لغاية عام سنة 1978، يوم انتقلت مكاتب الرئاسة إلى قصر الروضة في عهد الرئيس حافظ الأسد. أعيد افتتاحه بعد الترميم سنة 2010 وأصبح مقراً لمكتب السيدة الأولى أسماء الأسد.
مرحلة ناظم باشا (1900-1905)
يوم تعيينه والياً، قرر ناظم باشا عدم الإقامة في قصور دمشق القديمة، واشترى قطعة أرض من الوجيه شفيق مؤيد العظم في منطقة المهاجرين سنة 1898، وطلب إلى المهندس المصري خورشيد وهبة العائد حديثاً من دراسته في ألمانيا تصميم قصر له ولأسرته يكون على غرار قصور المدن الأوروبية الكبرى. شيّد قصر ناظم باشا بطابقين مع قبو للخدمات وحديقة واسعة من ثلاثة مستويات، وانتهت أعمال البناء ليدخله سنة 1905. سكنه الوالي العثماني عاماً كاملاً قبل عودته إلى إسطنبول، ثم باع القصر إلى مصممه خورشيد وهبة بقيمة 5000 ذهبة.
مرحلة خورشيد وهبة (1905-1914)
عاش خورشيد في القصر مع زوجته السورية وابنها من زواج سابق حمدي الإدلبي، الذي أشرف المهندس المصري على تعليمه وأرسله إلى الجامعة الأمريكية في بيروت لدراسة الطب، وإلى ألمانيا للاختصاص. وفي حدائق القصر عُقد قران الدكتور حمدي الإدلبي على الشابة ألفة الأدلبي، التي أصبحت بعد سنوات من أشهر أديبات سورية. أراد خورشيد شراء قطعة أرض زراعية واستصلاحها في سهل حوران، فقام بتأجير القصر إلى الدولة العثمانية مع بداية الحرب العالمية الأولى سنة 1914.
الحرب العالمية الأولى
في سنة 1915 أتخذ جمال باشا، قائد الجيش العثماني الرابع في سورية، مقراً لإقامته في قصر ناظم باشا، ومع نهاية الحرب سكنه جمال باشا المرسيني (الصغير) قبل تحويله إلى مستشفى عسكري للجنود العثمانيين. ومع انتهاء الحرب العالمية الأولى وهزيمة الدولة العثمانية، عاد القصر إلى مالكه الأصلي خورشيد المصري، الذي قام بتأجيره مجدداً للأمير فيصل بن الحسين يوم دخوله دمشق سنة 1918، معلناً تحرير سورية من الحكم التركي.
مرحلة الملك فيصل الأول
سكن الأمير فيصل في منزل كبير في منطقة العفيف (أصبح لاحقاً منزلاً للسفير الفرنسي في سورية) واتخذ من قصر المهاجرين مقراً لحكمه. فيه توّج الأمير فيصل ملكاً على سورية في 8 آذار 1920، وفي طابقه العلوي صممت قاعة العرش، مع أقوال مأثورة من التاريخ العربي ورسومات شرقية على الأسقف والجدران، وضعها الخطاط أبو سليمان الخياط. عُيّن القاضي الشاب تاج الدين الحسني مديراً للقصر الملكي، وإحسان الجابري مديراً للديوان الملكي، مع عدد من الحجاب الخاصين بالملك، منهم فخري البارودي وجميل الألشي وجعفر باشا العسكري. بقي الملك فيصل يعمل بالقصر لغاية تنحيته عن الحكم وهروبه إلى فلسطين إبان معركة ميسلون في 24 تموز 1920 وفرض الانتداب الفرنسي على سورية.
مرحلة الانتداب الفرنسي
وقع قصر المهاجرين في قبضة الجنرال هنري غورو، مندوب فرنسا السامي في سورية، الذي دعا أعيان البلاد إلى حفل عشاء في حدائقه، تخلله مواجهة كلامية مع وزير المالية فارس الخوري. نظر غورو إلى القصر وسأل الخوري: “هذا كان قصر الملك فيصل أليس كذلك؟” أجابه الخوري: “نعم يا عطوفة الجنرال … كان قصراً للملك فيصل وقبله سكنه جمال باشا وناظم باشا. ذهبوا جميعاً دون عودة، وبقينا نحن … وبقي القصر.”
بقي الجنرال غورو مقيماً في قصر المهاجرين لغاية عام 1922، يوم تسليمه إلى حقي العظم، حاكم دولة دمشق. وعندما انتهى عقد الأجار، عاد القصر إلى خورشيد وهبي، الذي سكنه مجدداً حتى وفاته سنة 1939. قام الدكتور حمدي الإدلبي بتأجير القصر إلى المفوضية العراقية في بداية الحرب العالمية الثانية وفي سنة 1943، قرر الرئيس شكري القوتلي جعله مركزاً لحكمه، قائلاً إنه لا يريد الإقامة في القصر الجمهوري الملاصق له (قصر مصطفى باشا العابد)، الذي توفي فيه رئيس الجمهورية السابق تاج الدين الحسني يوم 17 كانون الثاني 1943.
القصر الجمهوري (1943-1978)
أسس القوتلي مكتباً صحفياً في قصر المهاجرين، تسلمه الصحفي سعيد تلاوي، ودائرة للمراسم برئاسة المحامي عصام الإنكليزي. أغلق القصر في مطلع عهد الانقلاب الأول سنة 1949، وفي سنة 1953 أمر أديب الشيشكلي ببناء قصر جديد للرئاسة في شارع أبي رمانة، سمّي بقصر الضيافة. وفي سنة 1953، أوفد الرئيس أديب الشيشكلي أحد موظفي القصر عبد الله الخاني إلى أوروبا لدراسة نظام البروتوكول الملكي في بريطانيا، والبروتوكول الجمهوري في فرنسا. فضل الرئيس جمال عبد الناصر الإقامة في قصر الضيافة أثناء زياراته إلى دمشق، ومن على شرفته أعلن ولادة الجمهورية العربية المتحدة في شباط 1958. أغلق القصر الجمهوري مجدداً في زمن الوحدة السورية المصرية، ولم يفتح إلا بعد انقلاب الانفصال في 28 أيلول 1961 وانتخاب الدكتور نظام القدسي رئيساً للجمهورية في شهر كانون الأول من العام نفسه.
مرحلة الرئيس حافظ الأسد
اتخذ الرئيس حافظ الأسد من قصر المهاجرين مقراً لحكمه من سنة 1971 ولغاية عام 1978، قبل خروجه منه لأسباب أمنية في أعقاب المواجهات الدامية مع الإخوان المسلمين التي بدأت سنة 1976. انتقل الرئيس الأسد إلى قصر الروضة بجوار حديقة أبي علاء المعري، وبعد فترة إغلاق وجيزة، وضع القصر في عهدة الحرس الجمهوري، وبقي مقراً لضباطه لغاية ترميمه وافتتاحه من جديد في عهد الرئيس بشار الأسد سنة 2010.
قائمة الرؤساء شاغلي قصر المهاجرين
- شكري القوتلي (17 آب 1943 – 29 آذار 1949)
- حسني الزعيم (26 حزيران – 14 آب 1949)
- هاشم الأتاسي (14 كانون الأول 1949 – 3 كانون الأول 1951)
- فوزي سلو (5 كانون الأول 1951 – 11 تموز 1953)
- أديب الشيشكلي (11 تموز 1953 – 25 شباط 1954)
- هاشم الأتاسي (1 آذار 1954 – 5 أيلول 1955)
- شكري القوتلي (5 أيلول 1955 – 1 آذار 1958)
- الدكتور ناظم القدسي (14 كانون الأول 1961 – 8 آذار 1963)
- لؤي الأتاسي (9 آذار – 30 تموز 1963)
- أمين الحافظ (1 آب 1963 – 23 شباط 1966)
- الدكتور نور الدين الأتاسي (1 آذار 1966 – 17 تشرين الثاني 1970)
- أحمد الخطيب (18 تشرين الثاني 1970 – 22 شباط 1971)
- حافظ الأسد (14 آذار 1971 – أيار 1978)
- الدكتور بشار الأسد (2010 – حتى الآن)
قائمة الأمناء العامون
- الدكتور نجيب الأرمنازي (1943-1945)
- الدكتور محسن البرازي (1945-1947)
- فؤاد الحلبي (1947-1948)
- الدكتور محسن البرازي (1948-1949)
- الدكتور خالد شاتيلا (1954-1955)
- فؤاد الحلبي (1955-1956)
- عبد الله الخاني (1956-1958)
- رياض الميداني (1961-1963)
- زهير غزال (1971-1978)