أعلام وشخصياتسياسيون ورجال دولة

محسن البرازي

رئيس الحكومة السورية (1949)

 

الرئيس الدكتور محسن البرازي
الرئيس الدكتور محسن البرازي

محسن البرازي (1904 – 14 آب 1949)، سياسي سوري من حماة تولّى رئاسة الحكومة السورية في عهد حسني الزعيم وقُتِل معه في منتصف شهر آب من العام 1949. كان رئيساً للجنة التي وضعت دستور الزعيم المؤقت ومشرفاً على انتخابه رئيساً للجمهورية يوم 26 حزيران 1949. وقبلها كان البرازي وزيراً للداخلية والخارجية والمعارف ومديراً لمكتب رئيس الجمهورية شكري القوتلي. هو عرّاب صفقة تسليم أنطون سعادة، رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي، إلى السلطات اللبنانية والتي أودت بحياته وعجّلت من سقوط حسني الزعيم ومحسن البرازي معاً ليلة 14 آب 1949.

البداية

ولِدَ محسن البرازي في مدينة حماة وهو سليل عائلة كردية كبيرة. دَرَس في جامعة ليون الفرنسية ونال منها شهادة دكتوراة في القانون الدولي سنة 1930. انتسب البرازي في شبابه إلى عصبة العمل القومي، ولكن نشاطه لم يطل بسبب ملاحقة سلطات الانتداب الفرنسي له ولرفاقه. عَمِل أستاذاً في كلية الحقوق بالجامعة السورية وفي 5 نيسان 1941 سُمّي وزيراً للمعارف في حكومة خالد العظم الأولى.

مع الرئيس القوتلي

وفي سنة 1944 اختير البرازي ليكون مديراً لمكتب رئيس الجمهورية شكري القوتلي، بدلاً من الدكتور نجيب البرازي الذي نُقل إلى ملاك وزارة الخارجية. أحبه القوتلي ووثق به كثيراً وعيّنه أميناً عاماً للقصر الجمهوري وعضواً في وفد سورية المؤسس في جامعة الدول العربية سنة 1944. وفي عهد الاستقلال وبعد جلاء القوات الفرنسية عن سورية سمّي وزيراً للداخلية والصحة في حكومة جميل مردم بك الرابعة في تشرين الأول 1947.

وفي 22 آب 1948 عُيّن وزيراً للخارجية في حكومة مردم بك الخامسة والأخيرة، وكان ذلك في الأشهر الأولى من حرب فلسطين. قام البرازي بجولات على عواصم الدول العربية، مستثمراً في علاقته المتينة مع الملك عبد العزيز آل سعود وصلة القربى بينه وبين نسيبه رياض الصلح، رئيس الحكومة اللبنانية المتزوج مثله من سيدة من آل الجابري. وفي 16 كانون الأول 1948، عُيّن وزيراً للمعارف في حكومة خالد العظم الثانية، وهي التي كانت في سدّة الحكم عشيّة وقوع الانقلاب الأول يوم 29 آذار 1949.

مع حسني الزعيم

تفاجأ البرازي بالانقلاب لكونه على صلة وثيقة بحسني الزعيم، قائد الانقلاب الذي كان قد توسط لأجله لدى الرئيس القوتلي وسعى لعودته إلى الخدمة العسكرية بعد جلاء الفرنسيين سنة 1946. جاءه الزعيم شاكياً القلّة المادية وطلب إليه التوسط لدى رئيس الجمهورية للعودة إلى الجيش بعد تسريحه واعتقاله في أثناء الحرب العالمية الثانية بسبب قضية سوء أمانة مالية. عطف البرازي على الزعيم وأقنع القوتلي بتعيينه قائداً عسكرياً في مدينة دير الزور ثم رئيساً للشرطة العسكرية وبعدها قائداً للجيش السوري في أيار 1948، أي قبل وقوع الانقلاب بأشهر.

محسن البرازي مع الرئيس حسني الزعيم في القصر الجمهوري سنة 1949.
محسن البرازي مع الرئيس حسني الزعيم في القصر الجمهوري سنة 1949.

وبعد سماعه خبر اعتقال القوتلي ورئيس الحكومة خالد العظم صبيحة يوم الانقلاب، توجه محسن البرازي إلى مكتب الزعيم في قيادة الشرطة وطالب بإخلاء سبيلهما، مُحذّراً من خطورة الانقلاب وعدم شرعيته، لا من الناحية الأخلاقية ولا الدستورية. قال لحسني الزعيم: “الأفضل لك ولمصلحة البلاد أن تبادر وتُعيد كل شيء إلى ماكان عليه قبل شروق الشمس، فالتوقيت لا يزال فيه متسع.” وعندما رفض الزعيم الأخذ بنصيحته، أصر البرازي على الذهاب إلى سجن المزة ليكون برفقة القوتلي والعظم. ولكنّ مدة احتجازه لم تستمر إلا أياماً معدودة، فقد أخلي سبيله بأمر من الزعيم وعُيّن مستشاراً له ومبعوثاً خاصاً لدى ملوك مصر والسعودية.

رئيساً للجنة الدستور

طُلب إلى محسن البرازي إضفاء شرعية قانونية على عهد حسني الزعيم العسكري وكانت الخطوة الأولى في هذا المجال وضع دستور جديد للبلاد،  ينتخب عن طريقه الزعيم رئيساً للجمهورية. شُكّلت لجنة دستورية برئاسة البرازي، ضمّت أسعد كوراني وشاكر الحنبلي ونهاد القاسم، ومعهم صبري العسلي، أمين عام الحزب الوطني. وقد طلب البرازي مساعدة الملك فاروق الذي أرسل رئيس مجلس الدولة المصرية عبد الرزاق السنهوري إلى دمشق للمشاركة في صياغة دستور سورية الجديد.

وبعد الانتهاء من الدستور أشرف البرازي على الاستفتاء الشعبي الذي أوصل حسني الزعيم إلى سدّة الرئاسة في 26 حزيران 1949. اعترافاً بدوره وتكريماً له، عينه الزعيم رئيساً للحكومة ليكون ثاني رئيس وزراء من عائلة البرازي، بعد حسني البرازي الذي تولى الحكم لفترة وجيزة سنة 1942.

محسن البرازي مع رياض الصلح.
محسن البرازي مع رياض الصلح.

قضية أنطون سعادة

تعرضت حكومة البرازي إلى انتقادات لاذعة بسبب قضية أنطون سعادة، رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي جاء إلى دمشق طالباً اللجوء السياسي في صيف العام 1949. استقبله حسني الزعيم وأعطاه الأمان، ثم بدأ بالتخطيط معه لقلب نظام الحكم في لبنان بسبب رفض زعمائه الاعتراف بشرعية الانقلاب السوري. لم يكن البرازي على وفاق مع سعادة وكان معارضاً لاستقباله في سورية، وقد أقنع الزعيم بتسليمه إلى لبنان، نزولاً عند رغبة رئيس الجمهورية اللبنانية بشارة الخوري ورئيس وزرائه رياض الصلح.

أقنع البرازي السلطات اللبنانية بضرورة الاعتراف بشرعية حسني الزعيم مقابل تسليم سعادة، وقد تمّت الصفقة بنجاح وسلّم الأخير إلى أجهزة الأمن اللبنانية وأعدم في بيروت يوم 8 تموز 1949. فُتِحت فوراً صفحة جديدة في العلاقات السورية – اللبنانية ووصول رياض الصلح إلى دمشق، برفقة رئيس الجمهورية بشارة الخوري للاجتماع بالزعيم والاعتراف رسمياً بشرعية حكمه.

انقلاب سامي الحناوي في 14 آب 1949

في الساعات الأولى من فجر يوم 14 آب 1949 وقع انقلاب عسكري جديد في سورية، قاده اللواء سامي الحناوي بالتعاون مع ضباط قوميين من أنصار أنطون سعادة. اعتقل الزعيم والبرازي معاً وأعدما رمياً بالرصاص بتهمة “الخيانة العظمى.” وقد حاول البرازي التوسّل لدى ضباط الانقلاب ولكنه صُفع على وجهه ورُمي أرضاً قبل إفراغ ذخيرة البنادق في جسده. واعتقل يومها نجله خالد وكان من المفترض أن يقتل مع أبيه، ولكن الحناوي أطلق سراحه بسبب صغر سنه. توفي محسن البرازي في الساعة الثالثة والربع فجراً من يوم 14 آب 1949، عن عمر ناهز 45 عاماً.

مذكرات البرازي

وفي سنة 1953 نُشرت مذكرات محسن البرازي في جريدة الحياة ضمن سلسلة بعنوان “صوت من وراء القبر.” جاءت في واحد وثلاثين حلقة وتحدث فيها البرازي عن مفاوضاته المكوكية مع الزعماء العرب في أثناء حرب فلسطين. وفي سنة 1994 جُمِعت هذه الأوراق في كتاب صغير حمل اسم مُذكّرات محسن البرازي، حقّقته المؤرّخة الفلسطينية خيرية قاسمية. وبعدها بسنوات طويلة عثر المؤرخ محمد الأرناؤوط على المزيد من أوراق البرازي وجمعها  كتاب بعنوان مُذكّرات محسن البرازي رئيس وزراء سورية الأسبق الذي صدر في العاصمة الأردنية عمّان سنة 2022.

عائلة محسن البرازي

اشتهرت حفيدة محسن البرازي بعد سنوات طويلة من رحيله، وهي الإعلامية الأمريكية أروى دامون، مراسلة شبكة السي أن أن في الشرق الأوسط أثناء الغزو الأمريكي للعراق سنة 2003.

المناصب

وزيراً للمعارف (5 نيسان – 12 أيلول 1941)
أمين عام القصر الجمهوري (1944-1946)
وزيراً للصحة (6 تشرين الأول 1947 – 22 آب 1948)
وزيراً للداخلية (6 تشرين الأول 1947 – 22 آب 1948)
وزيراً للخارجية (22 آب – 16 كانون الأول 1948)
رئيس لجنة الدستور (آيار – حزيران 1949)
رئيس الحكومة السورية (26 حزيران – 14 آب 1949)

 

 

 

 

المصدر
1. فيليب خوري. سورية والإنتداب الفرنسي (باللغة الإنكليزية - جامعة برينستون 1987)، 4182. سامي مروان مبيّض. فولاذ وحرير (باللغة الإنكليزية – دار كيون، الولايات المتحدة 2005)، 2043. أسعد كوراني. ذكريات وخواطر مما رأيت وسمعت وفعلت ( دار رياض نجيب الريّس، بيروت 2000)، 1724. نذير فنصة. أيام حسني الزعيم، 137 يومً هزت سورية (دار الآفاق، دمشق 1984)،775. سامي مروان مبيّض. فولاذ وحرير (باللغة الإنكليزية – دار كيون، الولايات المتحدة 2005)، 2046. أمين سعيد. سيرتي ومذكراتي السياسية، الجزء الثاني (دمشق 2004)، 7297. نفس المصدر8. سامي مروان مبيّض. فولاذ وحرير (باللغة الإنكليزية – دار كيون، الولايات المتحدة 2005)، 2049. نذير فنصة. أيام حسني الزعيم، 137 يومً هزت سورية (دار الآفاق، دمشق 1984)، 8610. نفس المصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !