أعلام وشخصياتدبلوماسيون

أديب الداوودي

مندوب سورية الدائم في الأمم المتحدة (1981-1988)

الدكتور أديب الداوودي
الدكتور أديب الداوودي

أديب الداوودي (1923-2004)، دبلوماسي سوري من دمشق، كان مستشاراً للرئيس حافظ الأسد في سبعينيات القرن العشرين ومندوب سورية في مكتب الأمم المتحدة في جنيف من سنة 1981 ولغاية عام 1988. وقبلها وفي عهد الرئيس أديب الشيشكلي، كُلّف ببناء مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين وكان أول مديراً له، وفي سنة 1979، عُيّن مبعوثاً دولياً من قبل الدكتور كورت فالدهيم، أمين عام الأمم المتحدة، لنزع فتيل أزمة الرهائن الإيرانية في السفارة الأميركية في طهران.

البداية

ولِد أديب الداوودي في دمشق ودَرَس في مدارسها ثم في الجامعة السورية. وفور تخرجه من كلية الحقوق سنة 1944 التحق بوزارة الخارجية السورية وعَمل سكرتيراً للوزير جميل مردم بك قبل تعيينه مُلحقاً في السفارة السورية في باريس.  وخلال فترة عمله في فرنسا أكمل دراسته في جامعة السوربون ونال على شهادة الدكتوراه سنة 1949.

بناء مخيم اليرموك

وفي سنة 1953 عُيّن أديب الداوودي مديراً لمؤسسة اللاجئين الفلسطينيين في سورية، وبالاتفاق مع وكالة إغاثة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أشرف على بناء مخيم اليرموك على أطراف العاصمة دمشق، وعلى إيجاد مساكن ومدارس ومستوصفات للفلسطينيين، بدلاً من الخيم العشوائية التي نُصبت لهم منذ وصولهم إلى سورية إثر تهجيرهم من فلسطين سنة 1948. كان ذلك في زمن الرئيس أديب الشيشكلي الذي كلفه بمتابعة أحوال اللاجئين الفلسطينيين في سورية، ولكن أعمال المخيم لم تنتهي بسرعة ولم يُفتتح رسمياً حتى سنة 1957، أي بعد قرابة الأربع سنوات من زوال حكم الشيشكلي.

العمل الدبلوماسي (1955-1974)

في سنة 1955 عُيّن أديب الداوودي مُستشاراً في السفارة السورية في لندن، وعند قيام الوحدة السورية المصرية بعد ثلاث سنوات، أصبح مُستشاراً في سفارة الجمهورية العربية المتحدة في الهند ومن ثمّ في الباكستان.  وعند انهيار الوحدة إثر انقلاب عسكري بدمشق يوم 28 أيلول 1961، كان الداوودي في نيويورك لحضور اجتماعات مخصصة لمناقشة قضية اللاجئين الفلسطينيين في الجمعية العامة للأمم المتحدة. حرصاً منه على الإبقاء على تماسك الموقف العربي خلال دورة الجمعية العامة بقي على اتصال مستمر مع وفد الجمهورية العربية المتحدة. وبعد انتخاب الدكتور ناظم القدسي رئيساً للجمهورية في كانون الأول 1961، عٌيّن الداوودي وزيراً مفوضاً في براغ ، قبل نقله سفيراً إلى الهند نهاية العام 1962.

هذا وقد صدر مرسوم بتعيينه سفيراً في الأردن في 7 آذار 1963 ولكنه لم يُنفذ بسبب الانقلاب العسكري الذي وقع في سورية صبيحة 8 آذار، إذ قرر حكام سورية الجدد تعينه أميناً عاماً لوزارة الخارجية في حكومة الرئيس صلاح البيطار. وقد بقي الداوودي في منصبه حتى نهاية الستينيات، على الرغم من كونه دبلوماسياً مستقلاً غير منتسب إلى حزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم منذ سنة 1963.

السفير أديب الداوودي في الأمم المتحدة سنة 1967.
السفير أديب الداوودي في الأمم المتحدة سنة 1967.

حرب حزيران سنة 1967

وخلال حرب حزيران سنة 1967 تم إرساله مستشاراً لدى البعثة السورية في الأمم المتحدة، وشارك في أعمال الدورة الاستثنائية الطارئة لبحث آثار العدوان الإسرائيلي. وبعد انتهاء أعمال الجمعية العامة تابع الدكتور الداوودي مناقشات مجلس الأمن التي أفضت الى صدور القرار 242 بتاريخ 22 تشرين الثاني 1967، والذي أصبح لاحقاً المرجعية القانونية لعملية السلام عند إطلاقها في بداية التسعينيات. وفي سنة 1969 عُيّن سفيراً في بلجيكا في نهاية عهد الرئيس نور الدين الأتاسي.

مستشاراً للرئيس حافظ الأسد (1974-1981)

وفي سنة 1974 استدعي الداوودي إلى دمشق وسمّي مستشاراً للرئيس حافظ الأسد، حيث أشرف على بناء القاعة الدمشقية المخصصة لاستقبال ضيوف رئيس الجمهورية. فجاءت زخارف القاعة تعكس سمات البيوت الدمشقية العريقة التي عرفها الداوودي في طفولته وشبابه المبكر، وزينت سقوفها بخشب الموزاييك وكسيت جدرانها بالرخام. وفي أيار 1977 أشرف الداوودي على ترتيبات أول قمة سورية – أمريكية عُقدت في مدينة جنيف السويسرية وجمعت بين الرئيس الأسد ونظيره الأمريكي جيمي كارتر.

أزمة الرهائن سنة 1979

وعند قيام الثورة الإسلامية سنة 1979 حصلت أزمة دولية بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، إثر احتجاز عدد كبير من الرهائن في السفارة الأمريكية في طهران. شكّل كورت فالدهايم، أمين عام الأمم المتحدة، لجنة دولية للتوسط لدى القيادة الإيرانية الجديدة، عُيّن فيها أديب الداوودي مُمثلاً عن مجموعة الدول العربية. وفي سنة 1981، عينه الرئيس حافظ الأسد مندوباً لدى مكتب الأمم المتحدة في جنيف وسفيراً غير مُقيم لدى دولة الفاتيكان حتى سنة 1988.

الوفاة

وكان آخر منصب شغله أديب الداوودي في حياته عضوية لجنة التفتيش الدولية التابعة للأمم المتحدة سنة 1992. تقاعد بعدها من العمل الدبلوماسي وقضى سنواته الأخيرة في سويسرا حتى وفاته عن عمر ناهز 81 عاماً سنة 2004.

قالوا فيه

وقد جاء في شهادة الدكتور رياض الداوودي، عضو اللجنة السياسية التابعة لوزارة الخارجية السورية وأحد المفاوضين السوريين في عملية السلام:

في كل مؤسسة هناك من بين العاملين فيها من يبرز اسمه أكثر من غيره لأسباب شتى أهمها المعرفة والمقدرة والتمكن مما يجعله موضع الثقة للعهدة إليه دون غيره بالمهام الصعبة في الظروف الدقيقة. والدكتور أديب الداوودي واحد من هؤلاء وقد برز في ميدان العمل الدبلوماسي السوري وكان وجوده في محطات شكّلت منعطفات أساسية في تاريخ سورية المعاصر وفي ظروف سياسية صعبة شاهداً على ذلك. ويمكن اعتباره بحق بين أوائل الدبلوماسيين الذين أسهموا في وضع أسس وزارة الخارجية السورية، عقب الاستقلال.

 

المصدر
1. عبد الغني العطري. حديث العبقريات (دار البشائر، دمشق 2000)، 247-255

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !