ممثلون

رفيق سبيعي

فنان سوري اشتهر بشخصية أبو صياح

رفيق سبيعي
رفيق سبيعي

رفيق السبيعي، (9 شباط 1930 – 5 كانون الثاني 2017) ممثل سوري من الرواد اشتهر بشخصية “أبو صيّاح” الشعبية الدمشقية وكانت له مشاركات عدّة في المسرح والإذاعة والتلفزيون والسينما. شارك في تأسيس التلفزيون العربي السوري أيام الوحدة مع مصر وشكّل ثلاثي فني مع دريد لحام ونهاد قلعي في مرحلة الستينيات، كما شارك المطربة اللبنانية فيروز بطولة فيلمي سفربرلك وبنت الحارس وظهر في أعمال سينمائية مصرية مع فريد شوقي ومريم فخر الدين ونور الشريف وغيرهم. أطلق عليه الرئيس حافظ الأسد لقب “فنان الشعب” ومعظم أعماله التلفزيونية أصبحت من الكلاسيكيات في تاريخ الدراما السورية، ابتداء من مقالب غوار وحمام الهنا وصولاً إلى أيام شامية والحصرم الشامي. وقد عمل في سنواته الأخيرة في معظم أعمال ابنه المخرج سيف الدين سبيعي.

رفيق سبيعي في شبابه
رفيق سبيعي في شبابه

البداية

ولد رفيق سبيعي لأسرة فقيرة في سوق البزورية وكان والده يعمل سائقاً في شركة نقليات. أمّا جده فكان يملك مخازن في خان الصنوبر أحترقت بكاملها وأفلسته فعاشت العائلة من بعدها في ضيق مالي شديد. درس في مدرسة صلاح الدين الأيوبي الحكومية قرب محطة الحجاز وأنتسب إلى مدرسة دينية كان يملكها ويديرها الشيخ شريف الخطيب. دخل السينما لأول مرة وهو في السابعة من عمره وحضر فيلم المعلم بحبح في سينما لونا بارك بشارع 29 أيار، من بطولة الفنان المصري فوزي الجزايرلي. بدأت من يومها تتشكل ميوله الفنية فقرر امتهان الغناء وعمل منشداً في الموالد الدينية. في سنة 2007 استعاد سبيعي ما في ذاكرته من تلك الأناشيد الدينية وقدّمها في مسلسل الحصرم الشامي الذي لعب فيه دور “الشيخ الجباوي” وأقام حضرة صوفية من ذاكرة الطفولة.

أعمال متنوعة

كثيراً ما كانت تستدعيه والدته ليغني أمام نساء الحارة حين يجتمعن في حوش الدار مستمتعين بجمال صوته أو في أعراس البزورية. كان حضوره لافتاً في هذه المناسبات وهو يغني لكارم محمود ويقدم مونولوجات شكوكو وإسماعيل ياسين والتي حفظها عن ظهر قلب. ترك المدرسة لتأمين لقمة العيش وعمل جابي باص ودهاناً وخياطاً لمدة ثلاث سنوات، وفي سنة 1953 عُيّن مراقباً صحياً في أمانة العاصمة (محافظة دمشق). حرص على مواكبة الأنشطة الفنية بدمشق وشارك في بعض العروض الكوميدية التي كانت تُقام في مقاهي ساحة المرجة، حيث وقف على خشبة المسرح أمام جمهور للمرة الأولى سنة 1948. عُيّن ملقّناً في فرقة عبد اللطيف فتحي أولاً ثم في فرقة علي العريس اللبناني وبعدها ممثلاً في فرقة سعد الدين بقدونس سنة 1950.

العمل الإذاعي

وفي سنة 1954 انتقل سبيعي للعمل في إذاعة دمشق وشارك في تمثيلية “تحت الشباك” من تأليف الفنان حكمت محسن. ومنها انتقل إلى إذاعة الشرق الأدنى البريطانية في فلسطين، وفيها بدأت تظهر ملامح شخصية “أبو صيّاح”  في أحد الحوارات مع الفنان اللبناني توفيق إسحاق. ولكنّه أُجبر على ترك الإذاعة مع قطع العلاقات الدبلوماسية بين سورية وبريطانيا بسبب العدوان الثلاثي على مصر سنة 1956.

العمل المسرحي

توظف سبيعي عند عودته إلى دمشق في مصرف سورية المركزي سنة 1957 وبعدها بأشهر قليلة اختاره عبد اللطيف فتحي لتقاسم البطولة في مسرحية “حرامي غصب عنّو” التي عُرضت على مسرح مدرسة اللايك. وفي سنة 1960 انتقل إلى المسرح القومي وتعرف على الفنان نهاد قلعي الذي دعاه للمشاركة بدور صغير في مسرحية ثمن الحرية على مسرح معرض دمشق الدولي. وشارك في مسرحية أبطال بلدنا للكاتب المصري يعقوب الشاروني، وكانت أحداثها تدور في زمن الحروب الصليبية. ثم جاءت المسرحية الغنائية “يوم من أيام الثورة السورية” التي عُرضت على مسرح المعرض وكانت من تأليف حكمت محسن ولعب فيها سبيعي دور المجاهد حسن الخراط.

مع عبد اللطيف فتحي في مسرحية حرامي غضب عنو سنة 1958.
مع عبد اللطيف فتحي في مسرحية حرامي غضب عنو سنة 1958.
مع نصر الدين البحرة في مسرحية أبطال بلدنا سنة 1960.
مع نصر الدين البحرة في مسرحية أبطال بلدنا سنة 1960.

أرسلته إذاعة دمشق لإتباع دورة فنية في القاهرة، حيث اجتمع مع الدكتور صباح قباني المكلّف من قبل حكومة الوحدة بإنشاء أول محطة تلفزيون في الإقليم الشمالي. كان قباني قد حضر رفيق سبيعي في مسرحية “حرامي غصب عنو” سنة 1958 وأعجب بأدائه، فدعاه ليكون أحد المشاركين في إطلاق التلفزيون السوري سنة 1960.

شخصية أبو صياح

عُرف سبيعي ومنذ نهاية الخمسينيات بشخصية قبضاي الحارة الشامية أبو صيّاح، بزيه الدمشقي الفلكلوري الأصيل. وعن بداية الشخصية يقول:

«أوّل مرّة قدمتها عن طريق المصادفة، حين أراد الفنّان أنور المرابط أن يتغيبّ عن أداء فصل كوميدي يلعب فيه دور العتّال في إحدى مسرحيات الراحل عبد اللطيف فتحي وكنت أعمل وقتها ملقماً في مسرحه، لم أنم ليلتها من الفرحة، واعتبرت هذا الدور نوعاً من الامتحان يمهد لي الطريق كممثل، استعرت الشروال وباقي الأكسسوارات، ففوجئ بي فتحي عندما رآني على المسرح، وجسّدت الشخصية على طبيعتها كما تبدو في الحياة، وقتها شاهد أدائي المرحوم حكمت محسن، وتنبأ لي بالنجومية منذ ذلك الحين.»

رفيق سبيعي بشخصية أبو صياح
رفيق سبيعي بشخصية أبو صياح

وفي سنة 1960 قرر نقل شخصية “أبو صيّاح” من المسرح إلى شاشة التلفزيون. حرص على الظهور بهذه الشخصية المحببة في معظم أعماله التلفزيونية ولكنّه شارك بأعمال أخرى بعيداً عنها، ومنها برنامج ساعي البريد مع المخرج سليم قطايا وبرنامج “قصة مثل” مع المخرج نزار شرابي وصولاً إلى تمثيلية “القناع” الناجحة جداً سنة 1963، والتي كانت بطولة مشتركة بينه وبين الفنان عبد الرحمن آل رشي.

مع دريد ونهاد

وفي سنة 1966 كانت النقلة النوعية في مسيرة رفيق سبيعي الفنية عند دعوته للمشاركة مع الثنائي دريد ونهاد في مسرحية “عقد اللولو” التي عُرضت في بحمدون، ثم في في المسلسل الكوميدي الشهير مقالب غوار، من تأليف نهاد قلعي وبطولته مع دريد لحام. عُرض نص المسلسل على إدارة التلفزيون السوري ولكنها رفضته فتوجه نهاد قلعي إلى بيروت وأنتجه في لبنان. كان من إخراج المخرج اللبناني نقولا أبو سمح ولم يُشارك في النسخة اللبنانية إلا دريد ونهاد ورفيق سبيعي، بشخصيات “غوار الطوشة” و”حسني البورظان” و”أبو صيّاح” نظراً لناج مقالب غوار الباهر، طلبت إدارة التلفزيون السوري تصوير نسخة سورية منه، معترفة بسوء تقديرها للنص عند عرضه أمامها في المرة الأولى. وفي سنة 1968 تعاون الثلاثي في مسلسل حمام الهنا الذي لم يقل نجاهاً عن مقالب غوار، وكان من إخراج فيصل الياسري.

الثلاثي دريد ونهاد ورفيق سبيعي في مسلسل حمام الهنا سنة 1968.
الثلاثي دريد ونهاد ورفيق سبيعي في مسلسل حمام الهنا سنة 1968.

وبعدها عمل ثلاثتهم في برنامج كوميدي من إنتاج تلفزيون لبنان بعنوان أنا وهو، من إخراج نقولا أبو سمح أيضاً بطولة الفنان طلحت حمدي والممثلة ملك سكر. وكان لهم تعاون في ثلاث أفلام، أولها غرام في إسطنبول سنة 1966 (وهو أول عمل سينمائي يظهر به رفيق سبيعي)، جاء بعده فيلم النصابين الثلاثة سنة 1968 والصديقان سنة 1970.

رفيق سبيعي ودريد لحام
رفيق سبيعي ودريد لحام

نجاح أعمال “دريد ونهاد ورفيق” فاقت كل التوقعات وجعلت منهم نجوم صف أول في سورية ولبنان. استُقبل رفيق سبيعي في القصر الجمهوري من بعدها بدعوة من رئيس الدولة أمين الحافظ الذي أبدى أعجاباً كبيراً بشخصية “أبو صيّاح” وقدّم له مسدسه الخاص تعبيراً عن هذا الإعجاب. وفي سنة 1965 تشارك الثلاثي دريد ونهاد ورفيق في مسرحية مساعد المختار، تلاها ظهور مشترك في مسرحية جيرك السياسية التي عُرضت بعد هزيمة عام 1967 ضمن فعاليات ما عُرف يومها بمسرح الشوك. وبعد تسجيلها للتلفزيون باتت جيرك تعرف باسم مسرح الشوك. حضر عرضها رئيس الدولة نور الدين الأتاسي ووزير الدفاع حافظ الأسد، الذي أحب أداء رفيق سبيعي ولقّبه بفنان الشعب بعد وصوله إلى الرئاسة سنة 1971.

 الأعمال العربية

نتيجة النجاح الكبير الذي حققه رفيق سبيعي في أعماله مع دريد ونهاد، دُعي للمشاركة في فيلمي سفربرلك وبنت الحارس مع المطربة اللبنانية الكبيرة فيروز، ما فتح المجال أمامه للظهور في عدّة أعمال سينمائية عربية، منها: لقاء الغرباء مع مريم فخر الدين، عنتر يغزو الصحراء مع فريد شوقي، النصابين الخمسة مع نور الشريف، ذكرى ليلة حب مع نبيلة عبيد، وفي سنة 1976 فيلم أيام في لندن مع المطربة سميرة توفيق.

العودة للعمل مع دريد لحام

عاد رفيق سبيعي للعمل مع دريد لحام سنة 1981 في مسلسل وادي المسك، ولكنّه لم يحقق النجاح المطلوب لغياب شخصيتي “غوار الطوشة” و”أبو صيّاح.” بعدها ظهر سبيعي كضيف شرف في المسلسل الإذاعي كل يوم حكاية، من بطولة دريد ونهاد، وشارك مع نهاد قلعي وحده في مسلسل عريس الهنا سنة 1984. وأخيراً ظهر مع الثنائي للمرة الأخيرة في برنامج وثائقي بعنوان مشوار دريد ونهاد الذي لم يكتمل بسبب وفاة نهاد قلعي سنة 1993.

دور الرئيس شكري القوتلي

في سنة 1992 شارك رفيق سبيعي في فيلم الليل مع المخرج السوري محمد ملص ولعب فيه شخصية رئيس الجمهورية الأسبق شكري القوتلي، وهي المرة الأولى التي تجسد بها شخصية القوتلي في السينما العربية. وكان من المفترض أن يؤدي الدور ثانية في مسلسل عن حياة القوتلي كتب سنة 2007 ولكنّه لم بر النور.

مع عدنان بركات في أيام شامية سنة 1992.
مع عدنان بركات في أيام شامية سنة 1992.

مسلسل أيام شامية

استطاع رفيق سبيعي أن يجدد نفسه في عصر الفضائيات العربية، بداية في مسلسل بسمة الحزن المأخوذ عن رواية دمشق يا بسمة الحزن للأديبة السورية ألفة الأدلبي، ثم في المسلسل الشهير أيام شامية من إخراج بسام الملّا الذي أطلق ما بات يُعرف من يومها بأعمال “البيئة الشامية.” عُرض أيام شامية على شاشة التلفزيون السوري سنة 1992 وظهر فيه رفيق سبيعي بدور “الزعيم،” وهي شخصية دمشقية أكثر نضجاً وجدية من شخصية “أبو صيّاح،” ولو كانت في ذات القالب الدمشقي. وفي سنة 2004 ظهر في عمل جديد مع بسام الملّا، وهو مسلسل ليالي الصالحية الذي حقق نجاحاً كبيراً على مستوى سورية والعالم العربي.

السنوات الأخيرة

في سنواته الأخيرة ونظراً لتقدمه بالسن، تخلى رفيق سبيعي بشكل شبه كامل عن شخصية “أبو صيّاح” ليظهر بشخصية “الشيخ الجباوي” في مسلسل الحصرم الشامي سنة 2007 ثم بشخصية “طوطح،” مُصلّح الأحذية اليهودي، في مسلسل طالع الفضة سنة 2011. كلاهما كان من إخراج نجله سيف الدين سبيعي الذي عمل في التمثيل قبل انتقاله إلى الإخراج. ولعل هاتين الشخصيتين – الشيخ الجباوي وطوطح – كانتا الأكثر جدية وحكمة من كل الشخصيات التي جسدها رفيق سبيعي أثناء مسيرته الفنية.

رفيق سبيعي بدور "طوطح" في مسلسل طالع الفضة سنة 2011.
رفيق سبيعي بدور “طوطح” في مسلسل طالع الفضة سنة 2011.

التكريم

قلدته منظمة التحرير الفلسطينية سنة 1964 نوط الفداء ومنحه الرئيس بشار الأسد وسام الاستحقاق من الدرجة الممتازة ضمن فعاليات الاحتفال بدمشق عاصمة للثقافة العربية سنة 2008.

مذكراته

وفي سنة 1998 أصبح رفيق سبيعي ثاني ممثل سوي يضع مذكراته بعد الفنان وصفي المالح، وقد صدر بعنوان ثمن الحب وقام بتحقيقها الكاتب السوري وفيق يوسف.

الانتماء الحزبي

على الرغم من ابتعاده عن السياسة طيلة حياته، إلا أنه انتسب قبل وفاته إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي وأقيم له حفل كبير في بيروت.

الوفاة

توفي رفيق سبيعي في منزله بدمشق في يوم 5 كانون الثاني 2017 عن عمر ناهز 86 عاماً، ودفن في مقبرة باب الصغير. نعته وزارة الإعلام السورية وشيعته دمشق في جنازة شعبية حاشدة حضرها وفد من قادة الحزب السوري القومي الاجتماعي مع جمع من الشخصيات الرسمية والإعلامية والفنيّة.

الأعمال المسرحية

الأعمال الإذاعية

الأعمال التلفزيونية

الأعمال السينمائية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !