أعلام وشخصياتأعيانسياسيون ورجال دولة

صبري العسلي

رئيس الحكومة السورية (1954-1958) ونائب رئيس الجمهورية العربية المتحدة (1958)

الرئيس صبري العسلي
الرئيس صبري العسلي

صبري بن زاهد العسلي (1903 – 13 نيسان 1976)، سياسي سوري من دمشق وأحد أقطاب السياسة السورية في مرحلة الخمسينيات. تولّى رئاسة الحكومة أربع مرات وكان نائباً للرئيس جمال عبد الناصر في الجمهورية العربية المتحدة عام 1958. يُعد صبري العسلي أحد قادة عصبة العمل القومي ومن رجالات الكتلة الوطنية، وفي مرحلة الاستقلال ساهم في تأسيس الحزب الوطني وانتُخب أميناً عاماً له من سنة 1947 ولغاية انقلاب 8 آذار 1963. شارك في تأسيس جامعة الدول العربية وكان وزيراً في زمن  الانتداب الفرنسي ثم في عهد الاستقلال في أثناء حرب فلسطين سنة 1948. تسلّم حقائب الداخلية والعدلية والمعارف والمالية، ولُقّب بأبي شجاع من قبل أنصاره وأصدقائه وذلك لدوره في مواجهة الفرنسيين إبان الثورة السورية الكبرى عام 1925.

البداية

ولِد صبري العسلي في مدينة قونية التركية يوم كان والده منفياً في عهد السلطان عبد الحميد الثاني. وكان عمّه شكري العسلي محامياً وسياساً بارزاً، انتُخب نائباً عن دمشق في مجلس المبعوثان قبل اعتقاله وإعدامه سنة 1916. عاد صبري العسلي إلى دمشق عند تحريرها من الحكم العثماني مع نهاية الحرب العالمية الأولى وانتسب إلى إلى المدرسة الكاملية أولاً ثم إلى معهد الحقوق. انضم إلى الثورة السورية الكبرى التي انطلقت ضد الانتداب الفرنسي سنة 1925 وعمل على نقل السلاح والعتاد من دمشق إلى غوطتها الشرقية فصدرت بحقه ثلاثة أحكام إعدام من قبل المحكمة العسكرية الفرنسية. هرب العسلي إلى فلسطين ثمّ إلى الرياض، حيث عمل مستشاراً سياسياً لدى الملك عبد العزيز آل سعود، بتزكية من صديقه شكري القوتلي.

عصبة العمل القومي

عاد إلى دمشق بموجب عفو سنة 1928 وشارك في تأسيس عصبة العمل القومي المعارضة للانتداب الفرنسي في سورية ولبنان والبريطاني في فلسطين والعراق. أُسست العصبة في قرية قرنايل بجبل لبنان سنة 1932، وكُلّف العسلي بإنشاء فروع سريّة لها في بيروت وطرابلس. ولكنه اختلف مع قادتها بسبب موقفهم الرافض لأي مفاوضات مع فرنسا حتى لو كان هدفها الاستقلال التام، وفي سنة 1936 انشق عن العصبة وانضم إلى صفوف الكتلة الوطنية، بتشجيع ودعم من شكري القوتلي الذي تبناه سياسياً وشكّل تحالفاً معه استمر من يومها وحتى نهاية الخمسينيات.

نشاطه في الكتلة الوطنية

ترشّح صبري العسلي في الانتخابات البرلمانية على قوائم الكتلة الوطنية سنة 1936 وفاز بالنيابة عن دمشق. أبدى تعاطفاً مع الزعيم الألماني أدولف هتلر عند اندلاع الحرب العالمية الثانية واعتقل بتهمة الترويج للنازية سنة 1942. وعند خروجه من المعتقل في سجن راشيا ترشح مجدداً للنيابة على قوائم الكتلة وفاز بمقعده عن دمشق سنة 1943.

تحالف مجدداً مع القوتلي وعند انتخاب الأخير رئيساً للجمهورية سُمّي صبري العسلي وزيراً للداخلية في حكومة فارس الخوري الثانية في 7 نيسان 1945. كان العسلي على رأس عمله عندما وقع العدوان الفرنسي على مدينة دمشق في 29 أيار 1945، فأصدر قراراً موجهاً إلى جميع المواطنين السوريين العاملين في قوة الدرك والأمن العام، بضرورة ترك وظائفهم وحمل السلاح مع المقاومة الوطنية.

وفي 24 آب 1945، عُيّن وزيراً للعدل في حكومة فارس الخوري الثالثة في حكومة سعد الله الجابري الثانية، حيث أسندت إليه حقيبة المعارف إضافة إلى حقيبة العدلية. شارك في تأسيس جامعة الدول العربية سنة 1944 وفي عيد الجلاء الأول يوم 17 نيسان 1946، ومع بداية عهد الاستقلال، عُيّن وزيراً للداخلية في حكومة سعد الله الجابري الثالثة والأخيرة، من 27 نيسان 1946 وحتى 27 كانون الأول 1946.

تأسيس الحزب الوطني

غاب بعدها عن أي منصب حكومي وتفرّغ لتأسيس الحزب الوطني، الذي أُنشِئ على أنقاض الكتلة الوطنية في 27 آذار 1947. انتُخب العسلي أميناً عاماً للحزب، وسعد الله الجابري رئيساً له. وقد ضمّ الحزب عدداً من قادة الكتلة السابقين وحصل على مباركة من رئيس الجمهورية شكري القوتلي. كان الحزب الوطني يهدف إلى المحافظة على استقلال سورية بنظامها الجمهوري والتصدي لمشروع سورية الكبرى الذي نادى به عبد الله الأول ملك الأردن

حرب فلسطين الأولى

بعد أسابيع من بدأ المعارك في حرب فلسطين سمّي العسلي وزيراً للداخلية في حكومات جميل مردم بك الرابعة والخامسة. اندلعت يومها مظاهرات غاضبة في طول البلاد وعرضها، احتجاجاً على تراجع أداء الجيش السوري في فلسطين وقبول الدولة السورية بالهدنة المفروضة على العرب من قبل الأمم المتحدة في 11 حزيران 1948. رد الوزير العسلي بفرض قانون الطوارئ واعتقال ميشيل عفلق، مؤسس حزب البعث، بتهمة التحريض على الدولة، ما عرّضه لمحاولة اغتيال على مدخل وزارة الداخلية عندما ألقيت قنبلة نحوه من قبل أحد المتظاهرين.

مع حسني الزعيم

في كانون الأول 1948 شُكّلت وزارة جديدة برئاسة خالد العظم، استبدل فيها بالعسلي عادل العظمة ممثلاً عن الحزب الوطني. كانت هذه الحكومة هي الأخيرة في عهد شكري القوتلي، وسقطت مع سقوط العهد في 29 آذار 1949 يوم انقلاب حسني الزعيم. كان العسلي قد قضى الليلة التي سبقت الانقلاب بصحبة الزعيم في فندق أميّة ولم يخطر في باله أن الأخير كان يُحضر لعملية عسكرية كبيرة تطيح برئيس الجمهورية. أمر الزعيم باعتقال شكري القوتلي ونقله إلى سجن المزة، وحلّ جميع الأحزاب السياسية، وعلى رأسها الحزب الوطني، بعد تعطيل البرلمان في الساعات الأولى من 1 نيسان 1949.

لم يرض العسلي عن الانقلاب ولكنّه لم يدخل في مواجهة مع حسني الزعيم وقرر التعاون معه. وقد أدى هذا التعاون إلى حدوث شرخ مؤقت بينه وبين الرئيس القوتلي، وتحديداً بعدما كلفه الزعيم بتمثيله في احتفالات الذكرى العاشرة لجلوس الملك فيصل الثاني على عرش العراق في 2 أيار 1949. وبعدها بشهرين، عُيّن العسلي عضواً في اللجنة الدستورية التي شكّلها الزعيم، وكانت برئاسة الدكتور محسن البرازي.

الانقلاب في موقف العسلي

وفي 14 آب 1949 وقع انقلاب عسكري جديد في دمشق، أدى إلى مقتل محسن البرازي وحسني الزعيم. دعا مهندس الانقلاب سامي الحناوي إلى اجتماع كبير في مبنى الأركان العامة وسط العاصمة السورية، حضره صبري العسلي ممثلاً عن الحزب الوطني وتقرر فيه عودة الحياة النيابية ودعوة الرئيس الأسبق هاشم الأتاسي لتولّي الرئاسة والإشراف على انتخاب مؤتمر تأسيسي تكون مهمته وضع دستور جديد لسورية بدلاً من الدستور القديم الذي كان الزعيم قد عطله قبل أشهر.

في مواجهة الشيشكلي

وبعد وصول أديب الشيشكلي إلى الحكم وانقلابه على حكم هاشم الأتاسي في تشرين الثاني 1951 انتقل صبري العسلي إلى صفوف المعارضة. أمر الشيشكلي بحلّ الحزب الوطني ودعا الأتاسي إلى اجتماع في داره بحمص، حضره العسلي وتقرر فيه عدم الاعتراف بشرعية العهد ومحاربته بكل الطرق المتاحة. رد الشيشكلي باعتقال جميع المشاركين في مؤتمر حمص، ومنهم العسلي، ولم يستثنِ أحداً سوى هاشم الأتاسي نظراً لتقدمه بالسن ومكانته الرفيعة في المجتمع السوري. وجه القضاء العسكري تهمة التخابر مع دولة أجنبية إلى صبري العسلي، وتقاضي أموال من العراق لقلب نظام الحكم في سورية. وكان من المفترض إعدامه لولا الانقلاب الذي أسقط حكم الشيشكلي في شباط 1954 وأعاد الأتاسي إلى الرئاسة.

حكومة العسلي الأولى (آذار – حزيران 1954)

الرئيس العسلي مع الرئيس هاشم الأتاسي
الرئيس العسلي مع الرئيس هاشم الأتاسي

أعيد العمل بالدستور القديم – دستور عام 1950 – والمجلس النيابي المنتخب سنة 1949، وفي 1 آذار 1954 كُلف العسلي بتشكيل حكومته الأولى بطلب من رئيس الجمهورية. تعاون العسلي مع خصومه في حزب الشعب، لكونهم أكبر المعارضين للشيشكلي وأكثر المتضررين من حكمه، وقد أسند إليهم حقائب الخارجية والداخلية والدفاع والأشغال العامة. أما الحزب الوطني فقد كانت حصّته وزارات الصحة والاقتصاد فقط، إضافة إلى رئاسة الحكومة.

كان من المفترض أن تُشرف حكومة العسلي على الانتخابات النيابية والرئاسية المُقبلة، ولكنها سقطت بعد ثلاثة أشهر فقط من تأليفها في 19 حزيران 1954، بسبب مواجهة حصلت بينه وبين المؤسسة العسكرية. حاول العسلي يومها تقليم أظافر الضباط المحسوبين على أديب الشيشكلي، ما وحد العسكريين ضده، وشنّت الصحف اليومية حملة  شرسة عليه عند استقباله  نائب رئيس أركان الجيش الأمريكي أرثر ترودو في 8 أيار 1954، والذي جاء إلى سورية للتباحث معه حول كيفية العمل ضد تمادي النفوذ الشيوعي في الشرق الأوسط.

ومع قرب انتهاء ولاية هاشم الأتاسي توجه صبري العسلي إلى مصر يوم 9 نيسان 1954، على رأس وفد كبير من التجّار والسياسيين لدعوة الرئيس الأسبق شكري القوتلي إلى العودة إلى سورية والترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة. أنهى هذا الاجتماع القطيعة القائمة مع القوتلي منذ انقلاب الزعيم سنة 1949، وعند عودته في 7 آب 1955، كان العسلي في مقدمة مستقبليه في مطار دمشق.

حكومة العسلي الثانية (شباط 1955 – أيلول 1955)

وكان هاشم الأتاسي وقبل انتهاء ولايته قد جدد التعاون مع صبري العسلي ودعاه لتشكيل حكومة جديدة في 13 شباط 1955، خلفاً لحكومة فارس الخوري الرابعة والأخيرة. في هذه المرة قاطع حزب الشعب الحكومة العسلية وشارك بها حزب البعث بوزيرٍ واحد، وحصل الحزب الوطني على أربع حقائب سيادية، منها وزارة الداخلية التي تولاها العسلي بنفسه. وفي كلمته أمام مجلس النواب، قال العسلي إن حكومته الثانية ترفض دخول سورية في صراعات الحرب الباردة وتجاذباتها، رافعاً شعار “الحياد الإيجابي” تجاه الدول العظمى. حاول العسلي الالتزام بهذا المبدأ ورفض الدخول في حلف بغداد، ولكنه وجد نفسه مجبراً على الميل باتجاه المعسكر المعادي للغرب بعد مقتل العقيد عدنان المالكي في نيسان 1955.

أدّى مقتل المالكي إلى تصاعد نفوذ العسكر واليسار السياسي في سورية، ووجهت أصابع الاتهام يومها إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي فأمر العسلي بحلّه بعد اعتقال جميع قادته وأعضائه. وصادق على قرار تعيين العقيد عبد الحميد السراج رئيساً للمكتب الثاني (شعبة المخابرات العسكرية) الذي كُلّف بمتابعة التحقيقات بقضية مقتل المالكي.

حكومة العسلي الثالثة (حزيران – كانون الأول 1956)

بقيت حكومة العسلي تعمل حتى 13 أيلول 1955، عندما قدمت استقالتها تماشياً مع الأعراف عند بدء ولاية شكري القوتلي وانتهاء ولاية هاشم الأتاسي. وفي 14 حزيران 1956، كلّفه القوتلي برئاسة الحكومة للمرة الثالثة، وفي هذه المرة تعاون العسلي أكثر مع حزب البعث، على الرغم من انعدام الود بينه وبين ميشيل عفلق، وذلك نظراً لفوز البعثيين بسبعة عشر مقعداً من مقاعد المجلس النيابي في انتخابات عام 1954. كان حزب البعث داعماً للمعسكر الشرقي في الحرب الباردة، وموالياً للرئيس المصري جمال عبد الناصر. أما حزب الشعب فقد تراجعت حصته النيابية على الرغم من فوزه بما لا يقل عن 30 مقعداً من مقاعد المجلس، وذلك بسبب صداماته المتكررة مع ضباط الجيش.

الرئيس العسلي مع الرئيس خالد العظم والرئيس شكري القوتلي
الرئيس العسلي مع الرئيس خالد العظم والرئيس شكري القوتلي

وفي عهد صبري العسلي الثالث افتتح مصرف سورية المركزي وشُكّل مجلس دفاع مشترك مع مصر وحصل العدوان الثلاثي في نهاية شهر تشرين الأول من العام 1956، بعد أشهر من تأميم قناة السويس. توجه الرئيس العسلي إلى موسكو برفقة الرئيس القوتلي، مطالباً بدعم عسكري سوفيتي للوقوف في وجه العدوان البريطاني – الفرنسي – والإسرائيلي على بور سعيد. انفجر الشارع السوري دعماً للرئيس عبد الناصر، وقام عبد الحميد السراج، الماسك بزمام الأمور الأمنية، بنسف أنابيب النفط البريطانية العابرة للأراضي السورية، ما أدى إلى قطع العلاقات الدبلوماسية مع بريطانيا وفرنسا وتنامي النفوذ السوفيتي في سورية. وفي 21 كانون الأول 1956 استقالت حكومة العسلي وكلف بتشكيل حكومته الرابعة والأخيرة.

المؤامرة العراقية

لم يُشارك حزب الشعب في هذه الحكومة واقتصرت المشاركة على الحزب الوطني وحزب البعث، الذي حصل على حقيبتي الاقتصاد الوطني والخارجية. في عهد صبري العسلي الأخير كُشِفت مؤامرة انقلابية بتخطيط من الوصي على عرش العراق الأمير عبد الله بن علي، تهدف إلى إسقاط كل رموز العهد، من رئيس الجمهورية إلى رؤساء الحكومة والبرلمان، بسبب قربهم من الاتحاد السوفيتي وجمال عبد الناصر.

وصلت قائمة الادعاء إلى 47 شخصية سياسية، كان من بينهم الرئيس الأسبق أديب الشيشكلي والنواب عدنان الأتاسي ومنير العجلاني وسامي كبارة. ومعهم الوزير السابق ميخائيل إليان، أحد قادة الحزب الوطني. نية هؤلاء كانت تشكيل قوة عسكرية بتمويل عراقي لدخول سورية عبر الحدود مع لبنان وتنفيذ سلسلة من الاغتيالات ضد رموز اليسار في سورية، وهم عبد الحميد السراج ورئيس البرلمان أكرم الحوراني وخالد بكداش رئيس الحزب الشيوعي السوري.

حكومة العسلي الرابعة والأخيرة (31 كانون الأول 1956 – 6 آذار 1958)

أجريت محاكمة علنية لجميع المتهمين وصدر قرار إعدام بحق كل من الشيشكلي والعجلاني والأتاسيولكن تدخلاً عربياً أدى إلى تخفيف الأحكام إلى السجن المؤبد مع الأشغال الشاقة. هزّت هذه المحاكمات الأوساط السياسية في سورية، وعلى أثرها أعاد العسلي تشكيل حكومته في 31 كانون الأول 1956، مستغنياً عن كل الوزراء المحسوبين على العراق ومكتفياً فقط بالمستقلين والقوميين العرب.

وفي عهد العسلي الأخير حصل تقارب كبير مع الاتحاد السوفيتي عند سفر وزير الدفاع خالد العظم إلى موسكو في 6 آب 1957 لعقد معاهدة عسكرية أمنت سلاحاً روسياً بقيمة 570$ مليون دولار أمريكي للجيش السوري. وبعد عودة العظم من موسكو استُغني عن خدمات رئيس الأركان المستقل توفيق نظام الدين والإتيان باللواء عفيف البزري، وهو ضابط يساري محسوب على الاتحاد السوفيتي. وفي الشهر نفسه طُرد ثلاثة دبلوماسيين أمريكيين من سورية، بتهمة التخطيط لانقلاب ضد القوتلي والعسلي، تلاه قطع العلاقات الدبلوماسية مع واشنطن وترحيل السفير الأمريكي جيمس موس. بغياب سفارات فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة، أصبحت سفارة الاتحاد السوفيتي هي الوحيدة العاملة في الساحة السورية والأقرب إلى قادة البلاد في الأشهر التي سبقت إعلان الوحدة السورية – المصرية سنة 1958.

الوحدة مع مصر

وفي 11 كانون الثاني 1958، توجه رئيس الأركان عفيف البزري إلى مصر على رأس وفد عسكري مؤلف من أربعة عشر ضابطاً ناصرياً، يرافقهم عبد المحسن أبو النور، الملحق العسكري المصري بدمشق. سافروا ليلاً دون إعلام رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة ولا حتى وزير الدفاع. وعندما قابلهم عبد الناصر طلبوا منه توحيد البلدين فوراً، متجاهلين القيادة السياسية السورية بالكامل. بدلاً من معاقبتهم وفصلهم عن الجيش، قرر القوتلي والعسلي مجتمعين مباركة وفد العسكر وعدم الاعتراض على طرحهم، تجنباً لأي انقلاب عسكري قد يحدثه هذا الرفض. قالوا إنهم دعاة وحدة عربية ولن يقفوا في وجهها على الرغم من تحفظاتهم على الطريقة التي جرت المطالبة بها.

أُرسل وزير الخارجية صلاح البيطار إلى مصر لإعطاء العسكر شرعية سياسية وتقوية موقفهم أمام عبد الناصر. وبعدها سافر القوتلي والعسلي إلى القاهرة للتفاوض على الوحدة باسم الدولة السورية، دون أي قيد أو شرط.

وافقوا على حلّ جميع الأحزاب في سورية وعلى نقل العاصمة من دمشق إلى القاهرة، وقبلوا بأن تكون الوحدة اندماجية لا فيدرالية، كما كان يفضلها صبري العسلي. وعند إقامة جمهورية الوحدة في شباط 1958، تنازل شكري القوتلي عن منصبه طوعياً لصالح جمال عبد الناصر، وعُيّن صبري العسلي نائباً لرئيس الجمهورية العربية المتحدة.

الرئيس العسلي يلقي القسم أمام الرئيس عبد الناصر
الرئيس العسلي يلقي القسم أمام الرئيس عبد الناصر

ولكنه أُجبر على الاستقالة بعد أشهر قليلة في 7 تشرين الأول 1958، عندما ظهر اسمه في التحقيقات الجارية في العراق بعد ثورة تموز على العهد الملكي التي جاءت بالعسكر إلى الحكم في بغداد وأدت إلى مقتل الأمير عبد الإله ونوري السعيد والملك فيصل الثاني. تبين أن صبري العسلي كان قد تقاضى أموالاً من الحكومة العراقية في زمن الشيشكلي، ما أجبره على الاستقالة من منصبه في الجمهورية العربية المتحدة.

في زمن الانفصال

بارك صبري العسلي الانقلاب العسكري الذي أسقط جمهورية الوحدة يوم 28 أيلول 1961 وشارك  في إصدار بيان من منزل أحمد الشرباتي يوم 2 تشرين الثاني، متهماً عبد الناصر بمصادرة الحريات وتدمير الصناعة وإقامة حكم ديكتاتوري في سورية. ترشّح العسلي في أول انتخابات أقيمت في عهد الانفصال وفاز بالنيابة عن دمشق ولكنّه غاب عن أي منصب حكومي، محتفظاً لنفسه بزعامة الحزب الوطني.

حافظ العسلي على مقعده النيابي حتى انقلاب حزب البعث يوم 8 آذار 1963، حين صدر قرار عزل مدني بحقه واتهم بمساندة عهد الانفصال. وصدر مرسوم من مجلس قيادة الثورة بحلّ الحزب الوطني وجميع الأحزاب القائمة في البلاد.

الوفاة

توفي الرئيس صبري العسلي بدمشق عن عمر ناهز 73 عاماً يوم 13 نيسان 1976. لم يتزوج في حياته ولم يكن له أولاد.

المناصب

أمين عام الحزب الوطني (27 آذار 1947 – 8 آذار 1963)
  • سبقه في المنصب: لا يوجد
  • خلفه في المنصب: أُلغي المنصب
وزيراً للداخلية (7 نيسان – 24 آب 1945)
وزيراً للعدل (24 آب 1945 – 27 نيسان 1946)
وزيراً للمعارف (30 أيلول 1945 – 27 نيسان 1946)
وزيراً للداخلية (27 نيسان – 27 كانون الأول 1946)
وزيراً للداخلية (22 آب – 16 كانون الأول 1948)
رئيساً للحكومة السورية (1 آذار – 19 حزيران 1954)
وزيراً للداخلية (13 شباط – 13 أيلول 1955)
رئيساً للحكومة السورية (13 شباط – 13 أيلول 1955)
وزيراً للمالية (14 حزيران – 31 كانون الأول 1956)
وزيراً للداخلية (31 كانون الأول 1956 – 6 آذار 1958)
رئيساً للحكومة السورية (14 حزيران – 6 آذار 1958)
نائباً لرئيس الجمهورية (6 آذار – 7 تشرين الأول 1958)

 

 

 

 

 

 

 

 

المصدر
1. خطار بوسعيد. عصبة العمل القومي ودورها في لبنان وسورية (مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت 2004) 802. عبد الغني العطري. عبقريات (دار البشائر، دمشق 1997)، 233. فيليب خوري. سورية والإنتداب الفرنسي (باللغة الإنكليزية - جامعة برينستون 1987)، 4774. نفس المصدر5. سامي مروان مبيّض. جورج واشنطن سورية (باللغة الإنكليزية - دار الذاكرة، بيروت 2005)، 111-1126. محمّد حرب فرزات. الحياة الحزبية في سورية (دار الرواد، دمشق 1955)، 222-2247. جورج فارس. من هم في العالم العربي (دمشق 1957)، 422-4238. باتريك سيل. الصراع على سورية (باللغة الإنكليزية - لندن 1965)، 1529. غوردون توري. السياسة السورية والعسكريين، (باللغة الإنكليزية - جامعة أوهايو 1964)، 8710. باتريك سيل. الصراع على سورية (باللغة الإنكليزية - لندن 1965)، 18211. أندرو راثميل. الحرب السرية في الشرق الأوسط (باللغة الإنكليزية - لندن 2013)، 5612. باتريك سيل. الصراع على سورية (باللغة الإنكليزية - لندن 1965)، 169-17013. باتريك سيل. الصراع على سورية (باللغة الإنكليزية - لندن 1965)، 21814. باتريك سيل. الصراع على سورية (باللغة الإنكليزية - لندن 1965)، 17115. نقس المصدر16. جورج فارس. من هم في العالم العربي (دمشق 1957)، 42317. أندرو راثميل. الحرب السرية في الشرق الأوسط (باللغة الإنكليزية - لندن 2013)، 19718. باتريك سيل. الصراع على سورية (باللغة الإنكليزية - لندن 1965)، 17119. نقس المصدر، 18220. نفس المصدر21. نقس المصدر، 21822. خالد العظم. مُذكّرات، الجزء الثالث (الدار المتحدة، بيروت 1972)، 523. عبد الله الخاني. جهاد شكري القوتلي (دار النفائس، بيروت 2003)، 11524. عبد الله الخاني. جهاد شكري القوتلي (دار النفائس، بيروت 2003)، 146-14725. عبد الغني العطري. عبقريات (دار البشائر، دمشق 1997)، 23

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !