فهد بلان (22 آذار 1933 – 24 كانون الأول 1997) مغني وممثل سوري من مواليد محافظة السويداء، عرف بصوته العريض الرجولي واشتهر بلقب مطرب الجبل. تميزت أغنيات فهد بلان العاطفية برفض التذلل للمحبوبة، رغم تعبيره الصريح والواضح عن حبه لها، حتى أطلق عليه الشاعر والإعلامي اللبناني نجيب حنكش لقب “مطرب الرجولة”. تجاوز سجل أعماله حاجز الـ500 أغنية، بخلاف عشرات الأفلام السينمائية.
نشأته
ولد لأسرة رقيقة الحال في جبل العرب وكان والده مشهوراً بقوته الجسدية والكرم، ولأن الجبل مسقط رأس فريد الأطرش وأسمهان أيضاً تأثرت نشأة “فهد” بالشقيقين، فتعلق بأعمالهما الغنائية التي كانت تصدح في كل مكان، ومن هذه النقطة تشكلت شخصيته الفنية.
بعد انفصال والديه هاجر من سورية مع والدته إلى لبنان ومن ثم الأردن، وكان فهد بلان قبل احترافه الغناء قد عمل في كثير من الأعمال التي لا علاقة لها بالفن ومنها مرافق سائق باص، وحين عاد من الأردن إلى سورية في خمسينيات القرن الماضي اشترك في مسابقة فنية حيث أدى أغنية الفنان فريد الأطرش «تطلع يا قمر بالليل» ولاقى استحساناً كبيراً، فتقدم إلى الإذاعة السورية وعمل في كورس الإذاعة.
مسيرته
في إذاعة دمشق طرح أغنيته الأولى “بطل الأحرار”، ثم “مشغول بحبك”، وانتقل لاحقا لإذاعة حلب وفيها قدم ثالث أغانيه “آه يا قليبي” رفقة المطربة سحر، في نهاية خمسينيات القرن الماضي ومع بداية حقبة الستينيات، تعرف “فهد” على الملحن والموسيقار عبدالفتاح سكر، الذي مثّل نقله في مسيرة الأول، حينما أثمر تعاونهما عن أغنية “لركب حدك يالمتور”، التي اعتبرها عدد من المتابعين حينها “قنبلة الموسم”. وبدأت شهرة فهد بلان بالتصاعد بعد غنائه المزيد من الأغاني التي لحنها له عبد الفتاح سكر وهي «وأشرح لها، ويا سالمه، ويا عيني لا تدمعي، وجس الطبيب، وتحت التفاحة، ويا ساحر العينين».
مرحلة مصر
لاقت أغانيه انتشاراً واسعاً في أرجاء الوطن العربي، خاصةً بعد أن غادر دمشق عام 1965 واستقر به المقام لفترة في مصر، التي حقق فيها نجاحاً مضاعفاً في حضور عمالقة الغناء أمثال فريد الأطرش وعبدالحليم حافظ. حيث لم يحظ أي مطرب في أول حفل له، بالحفاوة والنجاح اللذين حظي بهما فهد بلان عندما التقى بجمهور القاهرة لأول مرة في حفلة أقيمت في سينما قصر النيل في آذار عام 1967 فقد تجاوب الجمهور معه، منذ أغنيته الأولى “واشرح لها” ثم تصاعد هذا التجاوب في أغنيته الثانية “جس الطبيب” وبلغ التجاوب بينه وبين الجمهور ذروته عندما غنى أغنيته الثالثة “يا سالمة” ومع انتهاء الحفل بدأت الإذاعة والتلفزيون المصريان في إذاعة أغنيات فهد بلان وبدأ الشارع يردد أغنياته.
لكن نجاح فهد بلان الجارف لم يستمر أكثر من ثلاثة أشهر، حين حدثت نكسة حزيران عام 1967 فتوقف التلفزيون المصري عن تقديم الأغنيات العاطفية، مكتفياً – كما الإذاعة – بتقديم الأغنيات الوطنية لفترة طويلة.. وهنا أحس فهد بلان بضرورة المشاركة فقدم أغنية “صح يا رجال” التي لحنها عبد الفتاح سكر، وحصدت الكثير من النجاح، لأنها حاولت أن تخفف من وقع الهزيمة، وتبث الحماس من جديد. وقرر فهد بلان الذي غرق لاحقاً في حب الممثلة المصرية مريم فخر الدين أن يستقر في مصر، خصوصا أن العديد من كبار الملحنين المصريين قرروا التعاون معه واحتضانه.
كان فهد بلان يعتقد أن التعاون مع بليغ حمدي مثلا سيكون نافذة على أفق التجديد الذي حلم به، فغنى من ألحانه (على كفي ومن غير ميعاد وبحري الهوى) ومن ألحان سيد مكاوي (يا غزال يا غزال ويابو طاقية وحي الرجال) ومحمود الشريف في (المسجد الأقصى وقدس العرب) وتوّج التعاون بألحان فريد الأطرش بدءا من (مقدرش على كده… ومقام السيدة) التي سجلت عام 1970 وهي من كلمات صلاح جاهين، ثم “شوي.. شوي يا صبية” من كلمات ميشال نعمة، وسجلت في لبنان عام 1973 فضلاً عن أجمل أغنيات تلك المرحلة “ركبنا عالحصان” لخالد الأمير الذي لحن له أيضا (دوري دوري وأهلانين وسهلانين).
لكن معظم هذه الأغنيات التي حاولت إلباس فهد بلان ثوباً آخر غير ذاك الذي اشتهر به، والذي بلور شخصيته الغنائية الفنان عبد الفتاح سكر لم تحقق إضافة لفن فهد بلان باستثناء لحني فريد الأطرش (مقدرش على كده) وخالد الأمير (ركبنا ع الحصان) اللذين جاءا منسجمين إلى حد بعيد مع لونه الأصلي.
وفجأة ودون سابق إنذار عاد إلى سورية مرة أخرى، وحين عاد إلى مصر قبل وفاته بسنوات قليلة شارك في حفل غنائي واستقبل استقبالاً رائعاً.
الاستقرار في سورية
بعد أن قضى فهد بلان عقدي الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين متنقلاً بين بيروت والقاهرة، وبخلاف الكثير من الفنانين الذين يعيشون على أمجاد الماضي، استطاع فهد بلان أن يستمر في عطائه في السنوات الأخيرة التي اختار فيها أن يعود إلى بلده سورية ليؤسس فرع نقابة الفنانين في مدينة السويداء، ولينشئ مزرعة كبيرة للعنب والأشجار المثمرة، يستعيد فيها ذكريات الطفولة حين كان والده يملك مزرعة يعمل فيها. وقد تعاون في السنوات العشر الأخيرة من عمره مع الشاعر والملحن السوري سعدو الديب، الذي قدم له عام 1989 واحدة من أجمل وأشهر أغنياته “يوما على يوم” التي يتغنى فيها بمنطقته وتراث أرضه وناسه بكلمات دافئة يقول مطلعها:
يوما على يوم لو طالت الفُرقة (أي الفراق)
ما انسيت أنا يوم.. ما انسيت أنا الرفقة
وقد استمر فهد بلان في تعاونه مع سعدو الديب في أغنيات ناجحة من قبيل (غالي علينا يا جبلنا وسلامين) ومن مصادفات القدر أن تكون أغنية “ترحل ولا كلمة وداع” لسعدو الديب أيضاً، آخر أغنية قدمها فهد بلان في حياته، وقد افتتح بها مهرجان البادية في سورية عام 1995. أما ما سجله بعدها، فكان مجموعة فواصل غنائية لمسلسل تلفزيوني وضع موسيقاه الفنان سعدو الديب.. الذي أكد أن فهد بلان وقبل يومين من رحيله، كان يحفظ لحنين لأغنيتين جديدتين كان ينوي تسجيلهما، لولا الأزمة الصحية التي أودت بحياته.
قالوا عنه
يذكر الكاتب والناقد الفني محمد منصور في دراسة أجراها عن فهد بلان: أن لقب مطرب الرجولة الذي أطلقه نجيب حنكش على فهد بلان لم يكن لقباً فنياً فقط، فقد كان فهد بلان في حياته الشخصية مثالاً حياً لقيم الرجولة والمروءة. اشتهر في الوسط الفني السوري والعربي بكرمه اللامحدود الذي جعله يخسر الكثير من المال الذي جمعه، ويبدد الملايين التي كسبها. وتذكر المصادر الفنية أن أسطوانة (ويلو يللي اللي يعادينا) التي طبعت منها شركة موريكو (50 ألف نسخة) قد نفذت في شهر واحد في عام 1967، ما حدا بالشركة لأن تطبع كميات جديدة.. أما شهامة فهد بلان فقد ذهبت مثلاً سائراً في النبل والفروسية، كما يذكر كل من عرفوه، في وسط فني لا تحكمه هذه القيم أبدا، كما تميز بذكائه الفطري وتلقائيته المحببة، التي جعلته قريبا إلى القلوب في كل المراحل.
حياته الشخصية
يقال أن فهد بلان تزوج سبع مرات… الأولى كانت من السورية ناديا أبو خيال عام 1956، والسابعة من إسعاف أبو حمزة التي ظلت معه حتى وفاته. أما أشهر زيجاته فهي من الفنانة المصرية مريم فخر الدين والفنانة اللبنانية آمال عفيش التي أنجب منها نجله الوحيد إيهاب بلان. وقد جمعته قصة حب مع الفنانة صباح إلا إنه لم يتزوج منها.
وفاته
توفى في 26 آب 1997 عن عمر ناهز 64 عاماً، بعدما أصيب بنزيف حاد في الدماغ.
أعماله
في السينما
- يا سلام ع الحب
- الكواكب
- عاريات بلا خطيئة
- أنت عمري
- أفراح الشباب
- عقد اللولو
- سلطانة
- البنك
- ليالي الشرق
- حبيبة الكل
- القاهرون
- لهيب الجسد
- أين حبي
- فرسان الغرام
- لسنا ملائكة
في التلفزيون
- أنا أنت
- عجيب أفندي