أعلام وشخصياتسياسيون ورجال دولةضباط وقادة عسكريون

لؤي الأتاسي

رئيس مجلس قيادة الثورة (27 آذار - 27 تموز 1963)

الفريق لؤي الأتاسي
الفريق لؤي الأتاسي

لؤي الأتاسي (1926 – 24 تشرين الأول 2003)، ضابط سوري من حمص، سمّي رئيساً لمجلس قيادة الثورة بعد انقلاب 8 آذار 1963 وظلّ في منصبه حتى 27 تموز 1963. وقد شُكّل مجلس قيادة الثورة على غرار التجربة المصرية بعد ثورة 23 يونيو 1952، وتسلّم فيه الأتاسي مهام رئيس الجمهورية، ليكون ثاني رئيس من الأسرة الأتاسية يحكم سورية بعد هاشم الأتاسي. وقبل توليه الحكم، كان لؤي الأتاسي أحد المشاركين في حرب فلسطين الأولى وفي الانقلاب العسكري ضد الرئيس أديب الشيشكلي سنة 1954.

وفي زمن الانفصال، حاول الأتاسي تنفيذ انقلاب لاستعادة الوحدة مع مصر يوم 2 نيسان 1961، عُرف بعصيان حلب، الذي أجهض من قبل قيادة الجيش وأدى إلى نفيه خارج البلاد وتعيينه ملحقاً عسكرياً في السفارة السورية في واشنطن. ولكنه عاد إلى دمشق وسُجن بأمر من المحكمة العسكرية، ليُطلق سراحه صبيحة يوم 8 آذار 1963 حيث نقل مباشرة من السجن العسكري في المزة إلى القصر الجمهوري.

البداية

ولد لؤي الأتاسي في مدينة حمص وهو سليل عائلة سياسية كبيرة ومعروفة. دَرَس في كلية حمص الحربية والتحق فور تخرجه سنة 1948 بالجيش السوري في حرب فلسطين، حيث أصيب في يده. عُيّن قائداً للشرطة العسكرية في حلب، وفي شباط 1954 شارك في الانقلاب العسكري الذي أطاح بحكم الرئيس أديب الشيشكلي. وقد وقف خلف هذا الانقلاب عدد من ضباط الأسرة الأتاسية، منهم العقيد فيصل الأتاسي، وكان الهدف منه استعادة الشرعية الدستورية الممثلة برئيس الجمهورية المستقيل هاشم الأتاسي.

الأتاسي مرافقاً للرئيس الأتاسي

بعد سقوط حكم أديب الشيشكلي ونفيه خارج البلاد عاد هاشم الأتاسي إلى الحكم لإكمال ما تبقى من ولايته الدستورية، والتي كانت قد قطعت بسبب انقلاب الشيشكلي سنة 1951. عُيّن لؤي الأتاسي مرافقاً عسكرياً لرئيس الجمهورية لغاية 5 أيلول 1955، عندما غادر هاشم الأتاسي دمشق بعد انتهاء ولايته. أمّا لؤي الأتاسي، فقد عُيّن مساعداً للملحق العسكري في السفارة السورية في القاهرة، حيث أصبح من أشد المعجبين والداعمين للرئيس جمال عبد الناصر. أيّد الوحدة السورية المصرية عند قيامها في شباط 1958 وسمّي ملحقاً عسكرياً في سفارة الجمهورية العربية المتحدة في موسكو.

الأتاسي والانفصال

في 28 أيلول 1961، وقع انقلاب عسكري في دمشق، أطاح بجمهورية الوحدة وكان بقيادة المقدم عبد الكريم النحلاوي. رفض الأتاسي تأييد الانقلاب ولكنه لم يُعارضه، فقرر النحلاوي الاحتفاظ به وتعيينه قائداً عسكرياً للمنطقة الشرقية. وفي 28 آذار 1962، نفّد النحلاوي انقلاباً ثانياً ضد رئيس الجمهورية ناظم القدسي، بسبب محاولة المدنيين إبعاده من مركز صناعة القرار. اعترضت قيادة الجيش على انقلاب النحلاوي وعقدت اجتماعاً كبيراً في حمص يوم 1 نيسان 1962، تقرر فيه عزل عبد الكريم النحلاوي وعودة ناظم القدسي إلى الحكم. كان لؤي الأتاسي قد بارك انقلاب النحلاوي في الساعات الأولى من 28 آذار 1962، ولكنه سرعان ما غير موقفه وحضر مؤتمر حمص وأثنى على قراراته.

عصيان حلب

بعد يوم واحد من انتهاء الأزمة، قام لؤي الأتاسي بعصيان عسكري في مدينة حلب، برفقة الضابط الناصري جاسم علوان، وأعلنوا عن نيتهم استعادة الوحدة مع مصر. احتلّوا إذاعة حلب، وأصدروا بياناً باسم الجمهورية العربية المتحدة، بعد تعيين جاسم علوان قائداً للجيش الأول (وهو اسم الجيش السوري في زمن الوحدة).

ردّت القيادة العسكرية بدمشق بإرسال سرب من الطائرات الحربية لقمع العصيان، فقام لؤي الأتاسي بطلب العون من جمال عبد الناصر ودعا إلى تدخل عسكري من قبل الجيش المصري. أُرسلت قوة عسكرية لمحاربته، فما كان أمامه إلا الاستسلام وطلب المغفرة من قائد الجيش اللواء عبد الكريم زهر الدين. اجتمعا في مبنى الأركان العامة وقال الأتاسي إنه بريء من الدماء التي سالت في شوارع حلب، مضيفاً أنه شارك في العصيان بهدف كبح جماح جاسم علوان، الذي وصفه الأتاسي بالأرعن والمتهور. وقد استجاب عبد الكريم زهر الدين لطبله وعيّنه ملحقاً عسكرياً في واشنطن، بدلاً من اعتقاله.

ولكن الأتاسي عاد إلى دمشق بطلب من المحكمة العسكرية التي شُكّلت للنظر في قضية عصيان حلب. كانت بقيادة العميد صبحي الشربجي، الذي أمر باعتقاله وتوجيه ثلاث تهم له: الانقلاب على مقررات مؤتمر حمص التي كان هو أحد الموقعين عليها، ترك مركز قيادته في دير الزور والتوجه إلى حلب دون أخذ موافقة القيادة، والمشاركة في عصيان عسكري ضد الدولة السورية.

رئيساً لمجلس قيادة الثورة

في 8 آذار 1963، وقع انقلاب عسكري في دمشق هدفه استعادة الوحدة مع مصر، قامت به مجموعة من الضباط الناصريين والبعثيين. جميعهم كانوا صغاراً في السن وليس لهم أية خبرة سياسية، فقرروا الاستعانة بـلؤي الأتاسي. أخرجوه من السجن ورفّعوه استثنائياً إلى رتبة فريق، مع تعيينه رئيساً لمجلس قيادة الثورة في يوم 23 آذار 1963. لم يكن للؤي الأتاسي أي دور في انقلاب 8 آذار ولم يكن حتى على علم به، ولكنّه حكم سورية باسمه وباسم الثورة، من دون دستور أو مجلس نيابي، طيلة أربعة أشهر.

الرئيس لؤي الأتاسي في ضيافة الرئيس جمال عبد الناصر.
الرئيس لؤي الأتاسي في ضيافة الرئيس جمال عبد الناصر.

وقد بقيت قرارات الأتاسي مرهونة باللجنة العسكرية لحزب البعث التي فرضت نفسها على المشهد السياسي في الأيام الأولى من ثورة 8 آذار. وفي عهده شُكّل الحرس القومي في 30 حزيران 1963، وسافر الأتاسي إلى القاهرة للتفاوض على استعادة الوحدة مع الرئيس جمال عبد الناصر، حيث كان برفقة رئيس الحكومة صلاح البيطار، أحد مؤسسي حزب البعث. هذا وقد صدرت في عهده عدة مراسيم كان من ضمنها قرار تأميم المصارف السورية يوم 3 أيار 1963 وتأسيس جريدة الثورة الحكومية في 1 تموز 1963.

تقاسم البعثيون والناصريون مقاليد الحكم في سورية، وكانت رئاسة مجلس قيادة الثورة، الممثلة بالفريق الأتاسي، من حصة الناصريين، ومعها وزارة الدفاع ورئاسة أركان الجيش، التي تسلمها اللواء زياد الحريري، مهندس انقلاب 8 آذار. وقد عُهد إلى صديقه راشد القطيني منصب نائب رئيس الأركان، وهو أيضاً من الضباط الناصريين. أما عن البعثيين فقد كانت حصتهم رئاسة الحكومة ومناصب حساسة في الجيش، مثل قيادة سلاح الطيران والمخابرات العسكرية.

الخلاف مع البعث وانقلاب جاسم علوان

اختلف البعثيون والناصريون على المناصب وتوزيع الأدوار، وعلى مفاوضات الوحدة مع عبد الناصر. وقد استغل البعثيون سفر رئيس الأركان زياد الحريري إلى الجزائر وأقالوه مع عدد كبير من الضباط الناصريين في نهاية شهر نيسان، قبل أن يجبروه على التنحي عن الجيش ووزارة الدفاع في 8 تموز 1963.

غضب الناصريون من هذا الإقصاء وفي 18 تموز 1963، قرروا الرد بانقلاب عسكري، يُطيح بالضباط البعثيين وباللجنة العسكرية. كان لؤي الأتاسي موجوداً في الإسكندرية يومها، عندما تحرك صديقه القديم جاسم علوان وأمر قواته بتطويق مدينة دمشق واحتلالها. وقد قيل إن هذا الانقلاب جاء بتخطيط وتمويل من الرئيس عبد الناصر، الذي فقد الثقة بإمكانية التوصل إلى وحدة مع حزب البعث  وأراد مساعدة أنصاره في الجيش السوري على التخلص منهم.

رد البعثيون بقوة على جاسم علوان، وحصلت مواجهات دامية بينهم وبين الناصريين عند مدخل مبنى التلفزيون في ساحة الأمويين، سقط فيها الكثير من المدنيين والعسكريين. تمكنت الدولة من اعتقال جاسم علوان، وقاد وزير الداخلية أمين الحافظ عملية التصدي للانقلاب. ثم أرسل قائمة بأسماء شخصيات ناصرية متورطة بالانقلاب إلى مجلس قيادة الثورة، وطُلب إلى الأتاسي التصديق على إعدامهم. وعندما رفض التوقيع، تجاوزته اللجنة العسكرية وأعدمت 21 من المتهمين يوم 18 تموز وسبعة آخرين في 21 تموز. استقال لؤي الأتاسي من منصبه احتجاجاً يوم 27  تموز 1963 وعُيّن أمين الحافظ خلفاً له في رئاسة مجلس قيادة الثورة، قبل أن يصبح رئيساً للدولة.

الوفاة

غاب لؤي الأتاسي من بعدها عن أي منصب سياسي أو عسكري وعاش سنوات تقاعده الطويلة في حمص حتى وفاته عن عمر ناهز 77 عاماً يوم 24 تشرين الثاني 2003. جلل نعشه بالعلم السوري وخرجت له جنازة رسمية، حضرها وزير شؤون رئاسة الجمهورية غسان اللحّام، ممثلاً عن الرئيس بشار الأسد.

المناصب

رئيساً لمجلس قيادة الثورة (27 آذار – 27 تموز 1963)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !