أدباء وكتابأعلام وشخصيات

مدحة عكاش

أديب ومؤسس مجلّة الثقافة الأدبية

مدحة بن عكاش عكاش (24 تشرين الثاني 1923-19 تشرين الأول 2011)، أديب سوري كانت له عشرات الدراسات والأبحاث والتحقيقات الأدبية والشعرية. وهو مؤسس مجلّة الثقافة الأدبية، واحدة من أنجح وأشهر المطبوعات الأدبية في سورية خلال النصف الثاني من القرن العشرين. ساهم في رعاية الحركة الثقافية السورية المعاصرة لأكثر من نصف قرن وله الفضل بتقديم جيل كامل من الأدباء ودعم المواهب الشابة ونشر أعمالهم في مجلته، ومنها نزار قباني وعبد السلام العجيلي وغادة السمّان وغيرهم.

البداية

ولِد مدحة عكاش في حيّ الدباغة في مدينة حماة لأب شركسي كان يعمل مهندساً في سكة حديد درعا. وعندما بلغ عامين توفي والده مما دفعه ليعي للعيش مع إخوته الأيتام في ظروف مادية صعبة. اضطر لترك المدرسة وهو في الصف الثامن ليعمل في أعمال مختلفة من أجل كسب لقمة العيش. في عام 1941، انضم إلى دائرة السجل العقاري “الطابو” في مدينة حلب، حيث عمل في هذه الوظيفة لمدة أربع سنوات. قرأ الكثير وكتب الشعر في المناسبات الوطنية خلال ثورة حماة عام 1945 ضد الفرنسيين.

تم اعتقاله من قبل سلطة الانتداب الفرنسي، ولكنه استمر في كتابة القصائد الحماسية وبعد تحقيق الاستقلال في عام 1946، انتقل للعيش في دمشق وانضم إلى كلية الحقوق في الجامعة السورية وتخرج منها في عام 1951. عمل كمدرس في المعهد العربي الإسلامي وثانوية دمشق الأميركية (التي أصبحت بعد تأميم المدارس تُعرف بثانوية دمشق العربية).

مجلّة الثقافة

في أيار 1958، أصدر مدحة عكاش مجلّة الثقافة الشهرية المعنية بشؤون الأدب والثقافة. وفي 17 أيلول 1966، تحولت المجلّة الشهرية إلى مجلّة أسبوعية تصدر كل يوم سبت تحت اسم “الثقافة الأسبوعية،” ثم عادت المجلّة الشهرية للصدور بجانب الأسبوعية في عام 1975.

كان مقر المجلّة في زقاق الصخر بشارع الأرجنتين وسط دمشق، في بيت دمشقي قديم أصبح محلًا للمثقفين والكتّاب حتى تم هدمه في عام 2000 لإنشاء فندق الفور سيزنز في شارع الرئيس شكري القوتلي. قدمت مجلّة الثقافة العديد من الكتّاب السوريين المرموقين في الأعداد الأولى، بمن فيهم شفيق جبري وشاكر مصطفى وأمجد الطرابلسي وزكريا تامر وزكي الأرسوزي. ومن بين كتّاب المجلّة أيضًا الشعراء عمر أبو ريشة وبدوي الجبل ونزار قباني وشوقي بغدادي ووجيه البارودي، إضافة للصحفي الأديب خير الدين الزركلي، والصحفي عبد الغني العطري، والأديب الدكتور شاكر الفحّام، والأديب الوزير عبد السلام العجيلي، والأديبة غادة السمّان التي انطلقت مسيرتها من مجلّة الثقافة. وقد قدم عكاش كتاباً شهرياً مع مجلّة الثقافة، وقدمه كهدية للقراء، بما في ذلك كتاب “ابن الرومي،” و”من روائع الأدب الأندلسي،” و”رسائل الجاحظ” وغيرها من المؤلفات.

وبعد هدم مقر المجلّة سنة 2000، نُقل مقرها إلى مكتب صغير في برج دمشق، وظلّ مدحة عكاش يُديرها حتى أيامه الأخيرة. وفي شهر نيسان من العام نفسه تحدث مدحة عكاش مع جريدة الشرق الأوسط واصفاً مشواره الأدبي مع مجلّة الثقافة قائلاً:

 إن كل وسيلة إعلام أدبية قد تمر بمراحل صعود وهبوط سواء كانت هذه الوسيلة مرئية أو مقروءة أو مسموعة، ومجلة الثقافة شأنها شأن غيرها مرت بمثل هذه المراحل، فهي قوية حينا وضعيفة حينا آخر إلا أن ذلك لم يمنعها من الاستمرار والديمومة، ومرد ذلك هو إيماني المطلق بأني سأصل الى الأفضل. هذا بالإضافة الى الظروف السياسية والمادية التي حالت في كثير من الأحيان دون وصول المجلة الى أقطار الوطن العربي كلها، وكذلك فقد كان للناحية المادية الأثر الكبير في إعداد المجلة الإعداد اللازم والمرضي للقراء كافة. ولعل هذا الصبر المتواصل قرابة أربعة وأربعين عاما قد زاد في ثقة القراء بالمجلة وزاد في عدد أصدقائها ممن يعتبرون المجلة اليوم معلماً من معالم دمشق.

انتخب عكاش نقيباً للتعليم الخاص في مرحلة الخمسينيات وكان عضواً في لجنة الشعر في المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب وعضواً مراسلاً في مجمع اللغة العربية بدمشق.

الوفاة

توفي مدحة عكاش في دمشق عن عمر ناهز 88 عاماً يوم 19 تشرين الأول 2011.

 التكريم

منحته رابطة إحياء التراث العربي بأستراليا عام 1991 جائزة جبران العالمية وكرمته وزارة الثقافة السورية سنة 2007 ونال وسام الثقافة البلغاري سنة 1987 ووسام الاستحقاق من كوريا الديمقراطية سنة 1991. وألف عدد من الأدباء كتباً عن حياته منهم أحمد الخوص الذي وضع كتاباً بعنوان “مدحة عكاش رائد جيل وأمل أمة.”

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !