أعلام وشخصياتسيدات سوريات

نازك العابد

مؤسسة جمعية نور الفيحاء

نازك العابد
نازك العابد

 

نازك بنت مصطفى العابد (1887 – 19 آب 1959)، سيدة سورية من دمشق، وإحدى رائدات الحركة النسائية المبكرة في الشرق الأوسط. دعت لتحرير المرأة منذ سنة 1919، وأسست جمعية نور الفيحاء لتمكين المرأة، مع مجلة دورية تحمل الاسم نفسه. ومن منجزاتها أيضاً تأسيس جمعية يقظة المرأة الشامية، ومدرسة لأبناء الشهداء، وفرقة النجمة الحمراء لإسعاف جرحى الحرب، التي شاركت في معركة ميسلون يوم 24 تموز 1920.

البداية

ولِدت نازك العابد في دمشق، وهي سليلة أسرة سياسية عريقة من حيّ الميدان. كان والدها مصطفى باشا العابد من الأعيان، تولّى متصرفية الكرك ثم الموصل في العهد الحميدي، وعمّها أحمد عزت باشا العابد، كبير أمناء السلطان عبد الحميد الثاني. دَرَست في مدرسة أمريكية خاصة بحي سوق ساروجا، وعند نفي والدها عن دمشق إبان الانقلاب على السلطان عبد الحميد سنة 1908 التحقت بالمدرسة الأمريكية في إزمير، حيث تَعَلّمت التصوير الضوئي والرسم، قبل التحاقها بالجامعة الأمريكية في إسطنبول، التي كانت تسمّى آنذاك جامعة روبرت، أو جامعة البوسفور.

العمل في الصحافة

في سنة 1911 دعيت العابد للمشاركة في تحرير مجلة العروس مع ماري عجمي، أول مطبوعة سورية تنادي بحقوق المرأة. ومنها انطلقت في مشروعها الخاص، جمعية نور الفيحاء لتمكين المرأة وتعليم البنات، قبل إطلاق مجلة “نور الفيحاء” الشهرية في كانون الثاني 1920. أصبحت العابد رئيسة لتحرير المجلة، بالتعاون مع فطمة مردم بك (نائب رئيس الجمعية)، وقد أنفقت عليها من مالها الخاص.

في عهد الملك فيصل الأول

أصبحت نازك العابد من أبرز الوجوه النسائية في سورية، ودُعيت لمقابلة الملكة حزيمة بنت ناصر، زوجة الملك فيصل الأول. قدمت لها مشروعاً لتأسيس مَدرسة لبنات الشهداء، وطلبت من الملك الدعم المعنوي والمادي. وافق فيصل وقدم لها أرضاً في طريق الصالحية لإقامة المشروع، مع تخصيص معونة من القصر الملكي مقدارها 75 دينار شهرياً. وبعد افتتاح المدرسة، زارها الملك فيصل وبارك جهود نازك العابد وزميلاتها. وفي في حزيران 1919، دُعيت العابد لمقابلة أعضاء لجنة كينغ كراين (التي أرسلها الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون) وظهرت أمامهم سافرة الوجه والرأس، وطالبت باستقلال سورية التام وغير المشروط، رافضة فرض الانتداب الفرنسي على البلاد. في منتصف العام 1920، أطلقت فرقة النجمة الحمراء، على غرار الصليب الأحمر الدولي، المعنية بإسعاف ومداواة جرحى الحرب.

نازك العابد يوم معركة ميسلون في 24 تموز 1920.
نازك العابد يوم معركة ميسلون في 24 تموز 1920.

معركة ميسلون

عندما زحف الجيش الفرنسي نحو مدينة دمشق لفرض الانتداب، تطوعت العابد  للذهاب إلى ميسلون مع الجيش السوري، كرئيسة لفرقة النجمة الحمراء. بزيها العسكري في شوارع دمشق، فشببها الناس بخولة بنت الأزور.  في معركة ميسلون يوم 24 تموز 1924، حاولت إنقاذ وزير الحربية يوسف العظمة بعد أصابته، ولكنها لم تتمكن من إنقاذ حياته. كرّمها الملك فيصل بلقب “جنرال فخري” قبل مغادرته دمشق في 1 آب 1920.

رفض المنحة الأمريكية

بعد احتلال دمشق، توارت العابد عن الأنظار، متنقلة بين إسطنبول وعمّان. وعندما تأكدت من إسقاط بلاغ الاعتقال الصادر بحقها، عادت إلى مدينتها ونشطت مجدداً في الحقول العِلمية والإنسانية. وفي نيسان 1922 عاد الدبلوماسي الأمريكي شارل كراين إلى دمشق (عضو لجنة كينغ كراين) واجتمع مع في دار أبيها وبحضور مصطفى باشا والدكتور عبد الرحمن الشهبندر. عرض عليها كراين منحة دراسية لإكمال لمتابعة دراستها الجامعية في الولايات المتحدة، لكنها اعتذرت بسبب معارضة أبيها ورشحت بدلاً عنها إحدى مدرسات مدرسة بنات الشهداء. قامت سلطة الانتداب باعتقال هذه المدرسة لمنعها من السفر، كما اعتقلت الشهبندر بتهمة تقاضي أموال من دولة أجنبية، فخرجت العابد في مظاهرة نسائية حاشدة أمام قلعة دمشق، حاملة بيدها منديلاً أبيضاً، وطالبت بإطلاق سراح الشهبندر.

الزواج والانتقال إلى بيروت

تزوجت الوجيه اللبناني محمد جميل بيهم وانتقلت للعيش معه في بيروت، وكان آخر نشاط لها في سورية كتابة مجموعة من المقالات عن رعاية الأبقار وتطوير الزراعة في الغوطة، وتأسيس جمعية يقظة المرأة الشامية مع عادلة بيهم الجزائري. لم ترزق بأولاد، وتبنّت طفلة صغيرة من غوطة دمشق، علّمتها في جامعة بيروت الأميركية. وفي المرحلة اللبنانية، أسست عصبة المرأة العاملة في بيروت وجمعية إخوان الثقافة، وبعد حرب فلسطين عام 1948، أنشأت جمعية تأمين اللاجئ الفلسطيني وانتخبت رئيسة لها.

الوفاة

توفيت نازك العابد في بيروت يوم 19 آب 1959، عن 72 عاماً. صدر كتاب عن حياتها سنة 1927 بقلم جرجي الباز، وجسدت الفنانة لمى الحكيم شخصيتها في مسلسل حرائر سنة 2015.

لقراء المزيد

  • إليزابيث تومبسون، كيف سرق الغرب الديمقراطية من العرب: المؤتمر السوري في عام 1920 وتدمير التحالف التاريخي الليبرالي – الإسلامي فيه (المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الدوحة 2022(
  • جرجي زيدان، نازك العابد (بيروت 1927)
  • سامي مروان مبيّض، سكة الترامواي: طريق الحداثة مر بدمشق (دار رياض نجيب الريس، بيروت 2023)
  • علي العلاوي، فيصل العراق (باللغة الإنجليزية، جامعة يال 2014)

 

 

الوفاة

توفيت نازك العابد في بيروت يوم 19 آب 1959، عن عمر ناهز 72 عاماً. صدر كتاب عن حياتها في لبنان سنة 1927 وضعه جرجي الباز، وجسدت شخصيتها في مسلسل حرائر سنة 2015 من قبل الممثلة لمى الحكيم.

 

المصدر
1. محمد سعد الدين. زاهية قدورة: الرائدة في فكرها وثقافتها ونهجها التربوي (2012-01-01).2. "النهضة النسائية في بيروت المحروسة". (Lebanese Center for Active Citizenship. باللغة الإنجليزية. 2013-03-05).3. اليزابيث طومسون. مواطنو المستعمرات، (باللغة إنكليزي. مطبعة جامعة كولومبيا. الولايات المتحدة الأميركية، 1999) 121.4. 3. اليزابيث طومسون. مواطنو المستعمرات، (باللغة إنكليزي. مطبعة جامعة كولومبيا. الولايات المتحدة الأميركية، 1999) 120.5. نفس المصدر6. حسن الحكيم، مذكراتي: صفحات من تاريخ سورية الحديث (دار الكتاب للطباعة والنشر، بيروت. 1965) 54-55.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !