وليد مدفعي (1932 – 19 تشرين الثاني 2008) روائي ومسرحي سوري عرف بأدبه الساخر. عمل في التدريس والصحافة، وحاز على عدة جوائز أدبية أبرزها جائزة وزارة الثقافة للمسرح، وجائزة المجلس الأعلى لرعاية الآداب والعلوم الاجتماعية.
البداية
ولد وليد مدفعي بدمشق ودرس الصيدلة في الجامعة السورية. نشاطه المسرحي يعود إلى سنوات دراسته الثانوية في مدرسة ابن خلدون في نهاية أربعينات القرن العشرين، يوم عرض عليه الفنان عبد الوهاب أبو سعود دوراً في مسرحيته يقتصر على مشهد واحد فقط من نصف دقيقة. قبل وليد مدفعي الدور وحضر كل التمارين التي كان يجريها أبو سعود لفرقته المكونة من المخرج السينمائي محمد شاهين والممثل عدنان عجلوني والديكورست سعيد النابلسي، وحين ترك أبو سعود عمله في مدرسة خلدون خلفه وليد مدفعي في إدارة وتنظيم الأنشطة الفنية.
فرقة المسرح الجديد
أسس وليد مدفعي فرقة مسرحية بقيت تعمل حتى تخرج أفرادها في الجامعة، وكانت تضم نجاح السمّان الذي ألف مسلسلات كثيرة للإذاعة، والشاعر الشاب نذير العظمة الذي كتب مسرحيات عدة، واستعان مدفعي مراراً بالفنان المعروف سعد الدين بقدونس ليقدم في حفلات الفرقة نصاً هزلياً قصيراً. أسس بعدها “مسرح العهد الجديد” الصيفي خلف أمانة العاصمة (محافظة دمشق)، مع الفنان إيلي خوري والفنان محمود الصوّاف. ومن الذين مارسوا أدوارهم الأولى على “مسرح العهد الجديد” كان الفنان طلحت حمدي والإعلامي مروان صوّاف، والممثل هاشم قنوع.
على هامش السياسة
انتمى وليد مدفعي الى الحزب السوري القومي الاجتماعي وسجن وتعرض للتعذيب سنة 1955 على خليفة مقتل العقيد عدنان المالكي، عندما ألصقت التهمة بالسوريين القوميين. وفي مرحلة الانفصال سنة 1962 عمل مستشاراً لرئيس الجمهورية ناظم القدسي واستقال عندما استلم راشد القطيني الشعبة الثانية، تجنباً لأي صدام مع المخابرات العسكرية. وعند تسمية الدكتور سامي الجندي وزيراً للثقافة سنة 1963 اختاره كخبير في الوزارة ولكن عمله لم يستمر إلا شهراً واحداً فقط. وفي سنة 1968، دعي ليكون وزيراً للثقافة في حكومة الرئيس نور الدين الأتاسي ولكنه اعتذر.
مؤلفاته
كتب وليد مدفعي مسرحية “نداء الدم” التي قدمت على مسرح ثانوية ابن خلدون، وجاءت بعدها مسرحية “دماء لم تجف.” توالت أعماله المسرحية التي أثرت في المسرح السوري ونقلته من النمط الكلاسيكي إلى الواقعي. كتب القصة القصيرة منذ بداية الخمسينيات في المجلّات السورية أولًا، ثم العربية، وخص جريدة النقاد بمعظم كتاباته، وكان من أبرزها المقالات الساخرة.
أنجز روايته الأولى الرائدة في الأدب الساخر مذكرات منحوس أفندي سنة 1959، فحظيت بترحيب النقاد وثنائهم. تبعها بمجموعته القصصية الوحيدة غروب في الفجر سنة 1960، ومن ثم سلسلة المسرحيات المنشورة، ومنها مسرحية “البيت الصاخب” التي فازت مسابقة وزارة الثقافة سنة 1963 وكانت أول مسرحية اعتمدها المسرح القومي في سورية. عرضت على مسرح القباني بدمشق، وعلى مسرح الجامعة الأردنية، ثم على المسرح الفلسطيني في القدس. وقامت بترجمتها لجنة اليونسكو إلى لغات عدة ضمن فعاليات الهيئة الدولية للمسرح.
وفازت مسرحية وبعدين سنة 1970 بجائزة المجلس الأعلى للفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، وعرضت في القدس ونابلس وجنين، إضافة لمسرح القباني بدمشق. كتب بعدها مسرحية “أجراس بلا رنين” عام 1976 التي فازت بجائزة وزارة الاعلام أيضاً وقدمت في الإذاعة السورية.
له أيضًا دراسات في الفلسفة، وموقف القرآن الفلسفي من مشاكل الإنسانية تناولت مشكلة المعرفة، ومشكلة الزمن، ومشكلة حرية الإنسان في هذا الكون. يقول الأديب وليد مدفعي عن أدبه:
رواياتي كلها تخص عوالم البشرية المختلفة من مكان إلى آخر، فالمواضيع التي سخرت منها، في مذكرات منحوس أفندي تختلف عن المواضيع التي تناولتها في غرباء في أوطاننا، وهذه تغاير مواضيع قياديون بلا عقائد. بصورة عامة أنا أعتبر كل ما كتبته في رواياتي، تعبيرا عن أهداف البشرية في تطلعها نحو الحرية، ونحو عتق قيود تحد من انطلاقها، ولا تفيدها في شيء، بل تؤخر تطورها، وبالتالي تكرس تخلفها.
وفاته
في سنواته الأخيرة عمل وليد مدفعي بنشر مجلة “ع المكشوف” بست وثلاثين صفحة من القطع الكبير، كان هو رئيس للتحرير ومديرها المسؤول ومحررها بآن واحد. تعرض لجلطة دماغية أصابته في الطائرة وهو عائد من زيارة ابنته المتزوجة في أميركا، تسببت له بشلل جزئي وصعوبة في النطق، أدت مع مرور الوقت إلى وفاته يوم الثلاثاء في 18 تشرين الثاني 2008، عن عمر ناهز السادسة والسبعين.
أعماله المنشورة
- رواية مذكرات منحوس أفندي، (دار عواد، دمشق 1960)
- غروب في الفجر (دار مكتبة الحياة، بيروت 1961)
- مسرحية وعلى الأرض السلام (مطبعة الانشاء، دمشق 1961)
- مسرحية البيت الصاخب (دمشق 1965)
- مسرحية وبعدين؟ (دار ممدوح عدوان، دمشق 1970)
- رواية غرباء في أوطاننا (دار النهار – بيروت 1972)
- رواية محب المشاكل (دار طلاس – دمشق 1986)
- مسرحية أجراس بلا رنين (دمشق 1982)
- رواية قياديون بلا عقائد (دار عواد، دمشق 1992)
- دراسة فلسفة القرآن (دمشق 1992)
- من الأسطورة إلى التوحيد (مجموعة محاضرات،، دار المختار، دمشق 2004)
التكريم
كتبت عن أعماله دراسات عدة، وطبع كتاب عن مسرحه بعنوان “مسرح وليد مدفعي” لعدنان بن ذريل، صدر سنة 1970، وترجمت مسرحيته “البيت الصاخب” إلى عدة لغات عالمية من قبل منظمة اليونسكو.