حقوقيون وقضاةسياسيون ورجال دولة

سعيد الغزي

رئيس الحكومة السورية (1954) - (1955-1956)، رئيس مجلس النواب (1962-1963)

الرئيس سعيد الغزي
الرئيس سعيد الغزي

سعيد بن عبد الوهاب الغزي (1893- 18 أيلول 1967)، سياسي سوري ورجل قانون، تولى رئاسة الحكومة في عهد الرئيس هاشم الأتاسي أولاً ثم في عهد الرئيس شكري القوتلي، انتخب رئيساً لمجلس النواب سنة 1962. عمل طوال حياته في المحاماة وكان سياسياً مستقلاً تسلّم وزارة العدل في زمن الانتداب الفرنسي وكان أحد مُشرعي دستور سورية لعام 1928. وفي عهد الاستقلال، عُيّن وزيراً للمالية والاقتصاد والعدل و تسلّم وزارة الدفاع في أثناء حكومته الأولى والخارجية في حكومته الثانية.

البداية

ولِد سعيد الغزي في حيّ العقيبة بدمشق ودَرَس في مكتب عنبر ثمّ في معهد الحقوق بإسطنبول. انتسب بعدها إلى معهد الحقوق وفور تخرجه سنة 1920 فتح مكتباً للمحاماة في ساحة المرجة، انتقل لاحقاً إلى شارع النصر وبقي يعمل فيه حتى وفاته. وإضافة إلى عمله في المحاماة، كان الغزي مُدرساً في كلية الحقوق في الجامعة السورية.

الدستور السوري عام 1928

انتسب سعيد الغزي في شبابه إلى الكتلة الوطنية، التنظيم السياسي الأبرز في سورية قي مرحلة الانتداب الفرنسي، وفي عام 1928 انتُخب مُشرعاً في الجمعية التأسيسية المكلّفة بوضع أول دستور جمهوري للبلاد. عمل مع رفاقه الحقوقيين على سنّ دستور عصري للدولة السورية، لا ذكر فيه لنظام الانتداب الفرنسي المفروض بقوة السلاح منذ سنة 1920.

رفضت فرنسا المصادقة على مسودة الدستور، وطلبت إلى أعضاء اللجنة تعديل ست مواد فيه ولكنّ الغزي ورفاقه رفضوا الاستجابة. فأمر المندوب السامي الفرنسي هنري بونسو بتعطيل الدستور وحلّ الجمعية التأسيسية، ثم عادت فرنسا وأقرت الدستور سنة 1930 مع إسقاط المواد الإشكالية منه وإضافة مادة مخصصة عن الانتداب.

الغزي وزيراً (1936-1948)

وفي شباط 1936، سمّي الغزي وزيراً للعدل في حكومة عطا الأيوبي الأولى قبل انتخابه نائباً عن دمشق في البرلمان السورية نهاية ذلك العام. أعيد انتخابه سنة 1943، حيث حصل على أعلى الأصوات في مدينة دمشق يومها، وبعد تولّي زميله شكري القوتلي رئاسة الجمهورية عُيّن وزيراً للعدل والإعاشة في حكومة فارس الخوري الثانية في 7 نيسان 1945. وبعد تحرير البلاد من الانتداب وجلاء الفرنسيين عن سورية سنة 1946، أصبح وزيراً للمالية في حكومة جميل مردم بك الثالثة التي استمرت بالحكم من 28 كانون الأول 1946 ولغاية 6 تشرين الأول 1947. وأخيراً، كان وزيراً للاقتصاد في حكومة مردم بك الرابعة ثم للعدلية في حكومته الخامسة والأخيرة في أثناء حرب فلسطين سنة 1948.

الرئيس سعيد الغزي
الرئيس سعيد الغزي

حكومة الغزي الأولى (19 حزيران – 29 تشرين الأول 1954)

رفض سعيد الغزي التعاون مع حسني الزعيم، قائد الانقلاب الأول في 29 آذار 1949، وقال إن في انقلابه تعدياً على الشرعية والدستور. فضّل الغزي العودة إلى عمله في المحاماة والابتعاد كلياً عن عالم السياسة في مرحلة الانقلابات العسكرية (1949-1951). وبعد سقوط حكم أديب الشيشكلي العسكري سنة 1954، عاد الرئيس السابق هاشم الأتاسي إلى رئاسة الجمهورية وطلب إلى سعيد الغزي تأليف حكومة للإشراف على الانتخابات البرلمانية المُقبلة. شكلت حكومة الغزي من شخصيات مستقلّه، وفي عهده افتتح معرض دمشق الدولي في 1 أيلول 1954 وجرت الانتخابات النيابية التي كانت نتيجتها فوز ساحق لأحزاب اليسار المحسوبة إما على الاتحاد السوفيتي أو على مصر ورئيسها الشاب جمال عبد الناصر.

فاز حزب البعث بما لا يقل عن 17 مقعداً من مقاعد المجلس النيابي، وفاز الحزب الشيوعي السوري بمقعد واحد ذهب إلى أمينه العام خالد بكداش، ليكون أول شيوعي يدخل السلطة التشريعية في الوطن العربي. وكان هذا الفوز ناتجاً عن الحياد التام لحكومة سعيد الغزي وعدم تدخلها في المعركة الانتخابية لصالح أي من المرشحين. وقد أدى هذا الحياد إلى إطلاق يد أكرم الحوراني في ريف المدن الكبرى، وتجييش جمهوره من العمال والفلاحين ضد الملاكين القُدامى في حمص وحماة وريف دمشق.

حكومة الغزي الثانية (14 أيلول 1955 – 14 حزيران 1956)

ومع قرب انتهاء ولاية الرئيس هاشم الأتاسي أجريت انتخابات رئاسية داخل مجلس النواب في 18 آب 1955، خاضها رئيس الجمهورية الأسبق شكري القوتلي ضد رئيس الحكومة الأسبق خالد العظم.  فاز القوتلي برئاسة الجمهورية وتسلّم مهامه الدستورية في 5 أيلول 1955. بعدها بأيام، كلف سعيد العزي بتشكيل أول حكومة في عهده.  اللافت في حكومة الغزي الثانية كان عدد الحقائب الجديدة التي أوجدتها، ومنها وزارة مخصصة لمحطة الحجاز وأخرى لشؤون الأوقاف وثالثة للدعاية والأنباء وشؤون إذاعة دمشق.

الرئيس جمال عبد الناصر مستقبلاً الرئيس سعيد الغزي في القاهرة.
الرئيس جمال عبد الناصر مستقبلاً الرئيس سعيد الغزي في القاهرة.

وبعد زيارة الغزي إلى القاهرة واجتماعه بالرئيس عبد الناصر، وقعت حكومته على اتفاقية دفاع مشترك مع مصر، كانت باكورة التقارب السوري مع المعسكر الشرقي. وأبرمت حكومة الغزي اتفاقيات تجارية مع كل من بلغاريا وهنغاريا ورومانيا، وتبادلت العلاقات الدبلوماسية مع الصين وأرسلت طلاباً سوريين للدراسة في ألمانيا الشرقية. ودعا الغزي الجيش المصري للمشاركة في احتفالات عيد الجلاء العاشر يوم 17 نيسان 1956. ولكنه أُجبر على الاستقالة بعد تسعة أشهر، عند اقتحام مبنى وزارة الاقتصاد من قبل متظاهرين، احتجاجاً على بيع القمح السوري إلى فرنسا، في ظلّ ثورة الجزائر ضد الاستعمار الفرنسي.

الرئيس سعيد الغزي مع الملك حسين بن طلال والرئيس شكري القوتلي سنة 1956
الرئيس سعيد الغزي مع الملك حسين بن طلال والرئيس شكري القوتلي سنة 1956

بين الوحدة والانفصال

عاد سعيد الغزي إلى العمل في مكتب المحاماة وفي القصر العدلي، ولم يشارك في المفاوضات التي أدت إلى الوحدة السورية المصرية سنة 1958. أيّد ولادة الجمهورية العربية المتحدة، على الرغم من تحفظاته على الطريقة العشوائية التي أقيمت بها من قبل ضباط الجيش، دون أخذ موافقة رئيس الجمهورية أو وزير الدفاع. تراجع عن تأييده بسبب الدولة البوليسية التي أنشأها عبد الناصر في سورية، وعارض قانون الإصلاح الزراعي الذي صدر عنه في أيلول 1958 وقرارات تأميم المصارف والمصانع في تموز 1961. وعند وقوع انقلاب 28 أيلول 1961 على جمهورية الوحدة، كان الغزي في طليعة مؤيديه.

رئيساً للبرلمان السوري 1962-1963

شارك سعيد الغزي في الانتخابات البرلمانية التي جرت نهاية العام 1961 وطُرح اسمه لتولّي رئاسة الجمهورية، ولكن ضباط الانفصال رفضوا التعاون معه وفضّلوا العمل مع الدكتور ناظم القدسي، الذي انتُخب رئيساً في 14 كانون الأول 1961. وفي 13 أيلول 1962، انتُخب الغزي رئيساً للمجلس النيابي، ولكن هذا المجلس لم يجتمع إلّا مرة واحدة فقط، ثم جاء انقلاب 8 آذار 1963 ليطيح بالرئيس القدسي ويعد باستعادة الوحدة ومعاقبة كل من شارك في عهد الانفصال.

الوفاة

انسحب سعيد الغزي من العمل السياسي من يومها وتفرّغ كلياً للمحاماة حتى وفاته عن عمر ناهز 74 عاماً في يوم 18 أيلول 1967.

أولاد سعيد الغزي

عُرف من عائلة سعيد العزي ابنه غازي، الذي عَمل في مكتب المحاماة خلفاً لأبيه، وكذلك ابنته الأديبة والإعلامية نادية الغزي التي كانت إحدى مؤسسي التلفزيون العربي السوري سنة 1960.

المناصب

وزيراً للعدل (24 شباط – 21 كانون الأول 1936)
نقيب محامي دمشق (1944-1945)
  • سبقه في المنصب: مظهر القوتلي
  • خلفه في المنصب: الدكتور سامي الميداني
وزيراً للعدل (7 نيسان – 24 آب 1945)
وزيراً للإعاشة التموين (7 نيسان – 24 آب 1945)
وزيراً للمالية (28 كانون الأول 1946 – 6 تشرين الأول 1947)
  • سبقه في المنصب: إدمون حمصي
  • خلفه في المنصب: وهبي الحريري
وزيراً للاقتصاد (6 تشرين الأول 1947 – 22 آب 1948)
وزيراً للعدل (22 آب – 16 كانون الأول 1948)
  • سبقه في المنصب: أحمد الرفاعي
  • خلفه في المنصب: أحمد الرفاعي
وزيراً للدفاع (19 حزيران – 29 تشرين الأول 1954)
رئيساً للحكومة السورية (19 حزيران – 29 تشرين الأول 1954)
وزيراً للخارجية (14 أيلول 1955 – 14 حزيران 1956)
رئيساً للحكومة السورية (13 أيلول 1955 – 14 حزيران 1956)
رئيساً لمجلس النواب (13 أيلول 1962 – 8 آذار 1963)
المصدر
1. عبد الغني العطري. عبقريات وأعلام (دار البشائر، دمشق 1996)، ص 86-932. فيليب خوري. سورية والإنتداب الفرنسي (باللغة الإنكليزية - جامعة برينستون 1987)، ص 3403. نفس المصدر4. عبد الغني العطري. عبقريات وأعلام (دار البشائر، دمشق 1996)، ص 86-935. نفس المصدر، 916. باتريك سيل. الصراع على سورية (باللغة الإنكليزية - لندن 1965)، ص 1827. نفس المصدر8. نفس المصدر، ص 2679. خالد العظم. مُذكّرات، الجزء الثالث (الدار المتحدة، بيروت 1972) ص 220-22110. هاني الخيّر. أكرم الحوراني (دمشق 1996)، ص 132

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !