بستان الدور، بستان كبير كان موضعه بالقرب من منطقة الميدان خارج سور دمشق، يعود إلى نهاية العهد المملوكي وفي مكانه اليوم كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية ومدارس أبناء الشهداء.
الشهر: أغسطس 2021
-
بستان الدور
-
بستان الجارية
بستان الجارية، بستان كبير كان موضعه شرقي ساحة النجمة، ملاصق لبستان الحجي الذي شُيّد عليه مبنى نادي الشرق سنة 1949. تعود ملكية بستان الجارية إلى الأخوين حسين ونوري إبيش، وفي موضعه اليوم ساحة النجمة ومنزل آل الإبيش.
-
بستان الحجي
بستان الحجي، بستان كبير كان موضعه شرقي ساحة النجمة، وعليه شُيّد مبنى نادي الشرق سنة 1949.
-
بستان الصخر
بستان الصخر، بستان كبير كان موضعه في الشرق المجاور لزقاق الجنّ، بينه وبين شارع خالد بن الوليد.
-
بستان البختيار
-
زقاق البريدي
زقاق البريدي، زقاق دمشقي قديم بين سوق باب سريجة وجادة المغاربة في حيّ السويقة، يُنسب إلى الشّيخ علي البريدي، المتوفي في مطلع العهد المملوكي. وفي الزقاق تقع تربه الشّيخ بريدي ومسجد يحمل اسمه وفيه سبيل ماء.
-
زقاق حطّاب
زقاق حطّاب، زقاق دمشقي في منطقة السويقة، الآخذ إلى سوق باب سريجة. تعود تسميته إلى نهاية العهد العثماني نسبة لعائلة حطّاب الدمشقية التي كانت تسكن فيه.
-
وحيدة العظمة
وحيدة بنت رفيق العظمة (1924-21 كانون الثاني 2020)، طبيبة سورية من دمشق، كانت أول طبيبة عسكرية في الجيش السوري سنة 1950.
البداية
ولِدت وحيدة العظمة في دمشق وهي سليلة عائلة سياسية معروفة وكان والدها ضباطاً في الجيش العثماني. دَرَست الطب في الجامعة السورية وخدمت في مستشفى يوسف العظمة العسكري في منطقة المزة أثناء حرب فلسطين سنة 1948. تقدمت لمسابقة اختيار ضباط عسكريين وفازت بها والتحقت بالجيش السوري برتبة ملازم أول. أوفدتها وزارة الدفاع السورية إلى فرنسا للتخصص بطب الأطفال في جامعة باريس، وعادت لتعمل في مستشفيات وزارة الدفاع، مديرة لقسم طب الأطفال، وتشارك في تأسيس جمعية تنظيم الأسرة سنة 1974.
الحياة المهنية
انتُخبت عضواً في اللجنة التنفيذية لإقليم العالم العربي في الاتحاد الدولي لتنظيم الأسرة وتقدمت سنة 2000 بطلب احالتها على التقاعد من فرع دمشق في نقابة أطباء سورية، بعد أن أغلقت عيادتها الخاصة التي استقبلت فيها آلاف الأطفال وعالجت الخُدّج منذ مطلع الخمسينيات.
مؤلفاتها
ترجمت الدكتورة وحيدة العظمة الكثير من الكتب العلمية عن اللغة الفرنسية ووضعت العديد من الأبحاث عن موضوعات صحية تهم الأسرة، إضافة لدراسات عن الانفجار السكاني والتربية السكانية. وألفت الدكتورة العظمة كتباً عدّة حول الأمومة والطفولة وصحة الأسرة، بتكليف من مديرية محو الأمية في وزارة الثقافة السورية.
الوفاة
توفيت الدكتورة وحيدة العظمة عن عمر ناهز 96 عاماً في يوم 21 كانون الثاني 2020.
-
جمال فيصل
جمال بن طاهر فيصل (1915 – 28 أيلول 1995)، ضابط سوري من مدينة حمص وأحد مؤسسي الجيش السوري، خاض حرب فلسطين عام 1948 وعُيّن قائداً للجيش الأول – جيش سورية في الجمهورية العربية المتحدة – من نيسان 1958 ولغاية انقلاب الانفصال في 28 أيلول 1961. أفتتح في عهده متحف دمشق الحربي وكان على رأس القوات السورية مع معركة التوافيق مع إسرائيل في 1 شباط 1960. ويعدّ جمال فيصل من الضباط القلائل الذين لم يشاركوا في أي من الانقلابات العسكرية التي تعاقبت على سورية في السنوات 1949-1954 وكان من أشد المعارضين لانقلاب الانفصال الذي أطاح بجمهورية الوحدة سنة 1961.
البداية
ولِد جمال فيصل في مدينة حمص وكان والده إمام جامع وتاجر بسيط، أما والدته فهي من عائلة الحراكي النافذة في معرة النعمان. دَرَس المرحلة الابتدائية في مدرسة منبع العرفان ونال الشهادة الثانوية من تجهيز حمص الأولى. درس في كلية حمص الحربية وتخرج فيها يوم 1 أيلول 1939، والتحق بعدها بجيش الشرق التابع لسلطة الانتداب الفرنسي في سورية. تدرّج في المراتب العسكرية وفي سنة 1941 وعُيّن معاوناً لرئيس حامية دير الزور، قبل انشقاقه عن الفرنسيين وانضمامه إلى الثوار يوم قصفت فرنسا العاصمة السورية في 29 أيار 1945. حكمت عليه فرنسا بالإعدام وعند تأسيس الجيش السوري في 1 آب 1945 كان في طليعة ضباطه الأوائل.
حرب فلسطين سنة 1948
عُيّن رئيساً لأركان المنطقة الشرقية ثمّ للشعبة الرابعة في الجيش السوري (شعبة التموين والإمداد)، وفي سنة 1947 أرسلته وزارة الدفاع السورية إلى بريطانيا لإتباع دورة عسكرية مكثفة. وعندما بدأت حرب فلسطين في منتصف شهر أيار من العام 1948، عُيّن المقدم جمال فيصل قائداً لفوج المشاة السادس التابع للواء الثاني على الجبهة الجنوبية. شارك في محاولة فك الحصار عن القوات المصرية في قرية الفالوجا ولكنه منع من التقدم يأمر من غلوب باشا، قائد الجيش الأردني.
في مرحلة الانقلابات العسكرية
لم يُشارك جمال فيصل بأي من الانقلابات العسكرية التي تعاقبت على سورية في السنوات 1949-1954، وعدّ أن المؤسسة العسكرية يجب أن تكون حامية للدولة وألا تتدخل في شؤون السياسة بالمطلق. في نهاية العام 1949 عين مرافقاً عسكرياً لرئيس الجمهورية هاشم الأتاسي، وكان من أشد المعجبين به منذ ترأسه الحركة الوطنية ضد الانتداب الفرنسي. سمّي بعدها رئيساً للشعبة الأولى في رئاسة الأركان (شعبة التنظيم والإدارة) قبل ندبه إلى فرنسا لاتباع دورة أركان حرب. وعند عودته إلى سورية عُيّن مديراً لكلية حمص الحربية سنة 1951. وبعد تولّي أديب الشيشكلي رئاسة الجمهورية في 11 تموز 1953، أصبح جمال فيصل معاوناً لرئيس الأركان شوكت شقير.
القيادة العسكرية المشتركة مع مصر
حكم الشيشكلي لم يستمر طويلاً من بعدها وسقط إبان ثورة عسكرية في شباط 1954. وبعد استقالته وهربه إلى لبنان، عاد هاشم الأتاسي ليُكمال ما تبقى من ولايته الدستورية وبات جمال فبصل رئيساً للشعبة الأولى في الجيش حتى سنة 1955، تاريخ تعيينه قائداً لوحدات الجبهة ورئيساً للجناح السوري في القيادة العسكرية المشتركة مع مصر. أعجب به الرئيس جمال عبد الناصر وفي 1956 نجا فيصل ورفاقه من محاولة اغتيال بعد استهدافهم من قبل الطيران الحربي الإسرائيلي. وفي سنة 1957 عُيّن مديراً للشؤون الإدارية والمالية في الجيش السوري وقائداً الدرك بالوكالة برتبة زعيم (عميد).
قائداً للجيش الأول (1958-1961)
سارع جمال فيصل لتأييد الوحدة السورية – المصرية عند قيامها ورُفع إلى رتبة “لواء” وعُيّن قائداً للجيش الأول – جيش سورية في الجمهورية العربية المتحدة – ابتداء من 2 نيسان 1958. كلفه الرئيس عبد الناصر بإعادة تنظيم الجيش وتطهيره من الضباط الحزبيين، مع تدعيم من الناحية العسكرية بالمدرعات والمدافع. أدخل أسلحة جديدة على قطعات الجيش كافة، وجعل كل واحدة منها مستقلة قتالياً. وضع برامج عصري لتدريب الجنود وأسس كلية الأركان ومدرسة للمخابرات الحربية، إضافة لتوسيع المطارات والثكنات والمشافي الميدانية. وفي عهده أُسست ألوية احتياط للدفاع عن المدن الكبرى والمراكز الحيوية، ووحدت المصطلحات العسكرية بين سورية ومصر في معجم كبير صدر بثلاث لغات، العربية والإنجليزية والفرنسية.
ومن منجزات جمال فيصل أيضاً كان المتحف الحربي الذي افتتح بحضوره في التكية السليمانية بدمشق وقاد بنفسه أول مناورات شاملة على مستوى كامل قطعات الجيش السوري. رُفّع على أثرها إلى رتبة “فريق أركان حرب” تزامناً مع ثورة 14 تموز 1958 في العراق، التي أطاحت بالنظام الملكي. وفي كانون الثاني 1960، أرسل الفريق فيصل سلاحاً نوعياً إلى ملك المغرب الحسن الثاني، بناء على طلب الرئيس عبد الناصر، وخاص معركة التوافيق في الجولان التي انتصرت فيها قواته على إسرائيل في 1 شباط 1960.
انقلاب الانفصال
عارض جمال فيصل وبشدة الانقلاب العسكري الذي أطاح بجمهورية الوحدة يوم 28 أيلول 1961 ورفض الانضمام إلى صفوفه، معلناً ولائه المطلق للوحدة ورئيسها. أصر مهندس الانقلاب عبد الكريم النحلاوي على التعاون مع الفريق فيصل وعرض عليه البقاء في منصبه، شرط القبول بتنحية المشير عبد الحكيم عامر، ممثل عبد الناصر في سورية. وكان جمال فيصل قد بعث بعدة برقيات للمشير، محذراً من غليان الشارع السوري وتذمر العسكريين السوريين من تجاوزات الضباط المصريين. طالب بإجراء إصلاحات واسعة لإنقاذ الوحدة وحمايتها من أي انقلاب محتمل، ولكن عبد الحكيم عامر لم يستجب لنصائحه. ومن جملة الأمور التي دعا إليه فيصل قبل انقلاب الانفصال عدم إقامة الحفل السنوي في ذكرى استشهاد العقيد عدنان المالكي، وحذر من عواقب انتحار أحد المواطنين في سجون المكتب الثاني وتصفية القيادي الشيوعي اللبناني فرج الله الحلو.
في صباح 28 أيلول 1961 استدعى الفريق فيصل قادة انقلاب الانفصال للتفاوض معهم في مبنى الأركان العامة، وعرض قبول كل مطالبهم إلا ترحيل عبد الحكيم عامر عن دمشق. وافق على تسليم اللواء المصري أنور القاضي (رئيس أركان الجيش الأول) ومعه العقيد أحمد زكي (رئيس شعبة التنظيم والإدارة) والعقيد أحمد علوي رئيس دائرة شؤون الضباط، ولكن كل ذلك لم يرض طموحات عبد الكريم النحلاوي. قرر الأخير تسفير عبد الحكيم عامر إلى مصرفي الساعة الخامسة والربع من عصر يوم 28 أيلول 1961 وطلب جمال فيصل أن يغادر دمشق معه، معلناً عدم استعداده العمل مع عهد الانفصال. وعلى مدرج الطائرة طلب إليه اللواء عبد الكريم زهر الدين، الذي خلفه في قيادة الجيش، أن يبقى سورية فكان جوابه:
يا عبد الكريم لقد أقسمت يمين الولاء للجمهورية العربية المتحدة وسأبرّ بيميني، وإن الرجال تعرف بمواقفها الحاسمة في الفترات الحرجة من حياتها. إن العمل الذي قام به الضباط الانفصاليون سيكون له نتائج سيئة جداً على مستقبل الأمة العربية تفوق نتائج حروب المغول وتحطيم الخلافة العباسية كما تفوق نتائج الحروب الصليبية، وأنكم بعملتكم التي قمتم بها اليوم قد حطمتم الوحدة العربية وقضيتم عليها لفترة طويلة لا يعلم إلا الله مدتها.
وعند وصوله إلى القاهرة، وضع جمال فيصل نفسه تحت تصرف الرئيس عبد الناصر ولكن إقامته فيها لم تستمر طويلاً، وبعد بضعة أشهر قرر العودة إلى دمشق، متقاعداً ومعتزلاً العمل العسكري.
التكريم
حصل جمال فيصل على عدة أوسمة حربية في حياته، منها:
- وسام فلسطين
- وسام الشرف والإخلاص ذو النجمة المذهبة
- وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة
- وشاح أمية الكبير
- وسام جمهورية مصر من الطبقة الثالثة
- وسام الاستحقاق المصري من الطبقة الثالثة
- وسام الشرف والإخلاص من الدرجة الممتازة
- وسام ذكرى قيام الجمهورية العربية المتحدة
- وسام جوقة الشرف المغربي من الدرجة الممتازة
- وسام النيلين السوداني
الوفاة
بقي الفريق جمال الفيصل مقيماً بدمشق لغاية إكمال أولاده دراستهم الجامعية، وعاد بعدها إلى مسقط رأسه في حمص وفيها وتوفي يوم 28 أيلول 1995، في الذكرى الرابعة والثلاثين لانقلاب الانفصال الذي ظلّ يؤلمه حتى الممات.
المناصب
قائد الجيش الأول (2 نيسان 1958 – 28 أيلول 1961)
- سبقه في المنصب: اللواء عفيف البزري
- خلفه في المنصب: اللواء عبد الكريم زهر الدين
-
عفيف البزري
عفيف البزري (1914 – 28 كانون الثاني 1994)، ضابط سوري من أصول لبنانية، عاش بدمشق وتولّى رئاسة أركان الجيش السوري من 17 آب 1957 ولغاية إحالته على التقاعد يوم 2 نيسان 1958. خاض حرب فلسطين مع جيش الإنقاذ وشارك في مفاوضات الهدنة السورية – الإسرائيلية سنة 1949. وفي 11 كانون الثاني 1958 ترأس الوفد العسكري الذي سافر إلى القاهرة لمقابلة الرئيس جمال عبد الناصر ومطالبته بتحقيق وحدة اندماجية كاملة بين مصر وسورية. اتُهم بالميل نحو المعسكر الشرقي في الحرب الباردة وعدّ من أنصار الحزب الشيوعي في سورية، ما أدى إلى تسريحه من الخدمة فور قيام الجمهورية العربية المتحدة، بقرار من الرئيس عبد الناصر. تفرّغ بعدها للدراسات العسكرية ووضع العديد من الأبحاث لصالح حركة فتح، بطلب من ياسر عرفات مطلع الثمانينيات.
البداية
ولِد عفيف البزري في مدينة صيدا، وكان جدّه لأمه الشّيخ يوسف الأسير أحد رواد النهضة العربية في القرن التاسع عشر. أما والده فكان قاضياً عمل في المحاكم العثماني وانتقل مع أسرته للعيش بدمشق نهاية الحرب العالمية الأولى سنة 1918. درس البزري في مدارس دمشق الحكومية قبل التحاقه بالجامعة اليسوعية في بيروت لدراسة الرياضيات. سجّل أيضاً في كلية الحقوق بالجامعة السورية لكن ظروف والده المادية لم تسمح له من إكمال دراسته فدخل الكلية الحربية في حمص وتخرج فيها ضابطاً – اختصاص مدفعية – وانتسب إلى جيش الشرق التابع لسلطة الانتداب الفرنسي في لبنان وسورية.
ضابطاً في جيش الشرق
انشق البزري عن الفرنسيين سنة 1941 وانضم إلى ثورة رشيد عالي الكيلاني في العراق مع اثنين من رفاقه، وهما جمال الأتاسي وأكرم الحوراني. اعتقلته سلطة الانتداب ونفته إلى مدينة دير الزور حيث بقي سجيناً مدة عام، ليتم إطلاق سراحه يوم انتخاب شكري القوتلي رئيساً للجمهورية في 17 آب 1943. اعتُقل مجدداً مع شقيقه صلاح البزري، الضابط في سلاح الهندسة، يوم 18 أيار 1945 بتهمة تحريض الجنود للقيام بثورة ضد الانتداب. نُقل مخفوراً إلى سجن بيروت العسكري ولكنه تمكن من الهروب إلى دمشق في 3 حزيران من العام نفسه، ليضع نفسه تحت تصرف القيادة السورية. عُيّن في اللجنة المكلفة بتسلّم الثكنات العسكرية من الفرنسيين قبيل جلاء قواتهم عن سورية في 17 نيسان 1946. وفي مطلع عهد الاستقلال، عُيّن أستاذاً لمادة الطبوغرافيا العسكرية في كلية حمص الحربية.
في جيش الإنقاذ
ومع صدور قرار تقسيم فلسطين عن الجمعية العامة للأمم المتحدة وتشكيل جيش الإنقاذ من قبل جامعة الدول العربية، التحق البزري بصفوفه، ضابطاً في سلاح المدفعية. خدم في جيش الإنقاذ لغاية دخول القوات السورية النظامية المعركة إبان إعلان دافيد بين غوريون قيام دولة إسرائيل في 14 أيار 1948 حيث تعرّف على حسني الزعيم، قائد الجيش السوري الذي أحبه وأُعجب بشاعته، وعند قيامه بانقلاب عسكري على الرئيس سكري القوتلي في 29 آذار 1949 طلب إليه العمل معه بدمشق.
مع حسني الزعيم
كلفه حسني الزعيم بعضوية الوفد العسكري الذي شكل برعاية الأمم المتحدة لأجل مفاوضات الهدنة مع إسرائيل. أجريت المفاوضات في خيمة نُصبت على الحدود السورية الفلسطينية، وامتدت من نيسان وحتى تموز عام 1949. خاض البزري 19 اجتماعاً مع الإسرائيليين، تخللتها 500 مذكرة احتجاج منه ومن الجانب السوري على خروقات العدو، قبل التوصل إلى اتفاق بين الطرفين في 20 تموز 1949.
في عهد الانقلابات العسكرية
بعد سقوط الزعيم ومقتله في 14 آب 1949، سافر البزري إلى فرنسا للدراسة في معهد الجغرافيا بباريس حتى نهاية العام 1953، أي أنه غاب عن كل الانقلابات العسكري التي تعاقبت على سورية. عاد إلى دمشق مع نهاية عهد أديب الشيشكلي وكانت تربطه صداقة متينة مع رئيس أركانه اللواء شوكت شقير، وهو لبناني مثله. طلب إليه اللواء شقير الإشراف على تبيض السجون وإطلاق سراح كل الموقوفين بأمر من الشيشكلي من دون مذكرة قضائية.
المؤامرة العراقية
وفي سنة 1956 أعلنت الدولة السورية عن إحباط محاولة انقلاب فاشلة حاول بعض السياسيين القيام بها بتخطيط وتمويل من المملكة العراقية. عُرفت بالمؤامرة العراقية، وكان هدفها التخلّص من كل الشخصيات المحسوبة على الاتحاد السوفيتي والرئيس المصري جمال عبد الناصر في سورية. صدرت مذكرات توقيف بحق المتهمين، ومنهم الرئيس الأسبق أديب الشيشكلي والوزراء والنواب عدنان الأتاسي ومنير العجلاني وميخائيل إليان. فر إليان إلى تركيا ونجى الشيشكلي من الاعتقال لكونه خارج البلاد مقيماً في أوروبا. أمّا العجلاني والأتاسي وبقية رفاقهم، فتم اعتقالهم وشكلّت محكمة خاصة لمحاكمتهم على مدرج الجامعة السورية، ذهبت رئاستها للعقيد عفيف البزري، بتزكية من عبد الحميد السراج، مدير المكتب الثاني.
كان البزري قد حقق سمعة جيدة في الأوساط العسكرية السورية، والجميع كان يعلم أنه مُقرب من الحزب الشيوعي السوري ومن أشد المؤيدين للرئيس عبد الناصر. افتتحت جلسات المحكمة في 8 كانون الأول 1957 وصدرت عنها أحكام الإعدام بحق قادة “المؤامرة العراقية.” اعترض الرئيس سكري القوتلي على الحكام البزري، نظراً لعلاقته التاريخية مع هاشم الأتاسي والد الوزير والنائب عدنان الأتاسي، وطالب إليه تخفيف الحكم. رضخ البزري لطلب رئيس الجمهورية وعدّل الأحكام إلى السجن المؤبد.
رئيساً للأركان العامة (أب 1957 – نيسان 1958)
تزامنت محاكمات البزري مع حدوث تقارب كبير بين سورية وللاتحاد السوفيتي وفي آب 1957 حصلت حكومة الرئيس صبري العسلي على سلاح نوعي من موسكو بقيمة 570 مليون دولار. ردّت الولايات المتحدة على هذا التقارب بمحاولة انقلاب فاشلة في صيف العام 1957، كانت نتيجتها طرد طاقم السفارة الأمريكية من دمشق وسحب السفير السوري فريد زين الدين من واشنطن. بعدها بأيام قليلة، أُعفي رئيس الأركان توفيق نظام الدين من منصبه واستبدل بعفيف البزري، فيما عدّه البعض إرضاءً للاتحاد السوفيتي. رُفّع البزري استثنائياً إلى رتبة “لواء” ومما لا شك فيه أن ميوله الشيوعية كانت لها اليد العليا في تعيينه رئيساً للأركان. علّقت واشنطن على هذا القرار وقالت إن سورية أصبحت “جمهورية سوفيتية يحكمها ضابط شيوعي.”
الأزمة مع تركيا
تزامن تعيين اللواء البزري في رئاسة الأركان مع حشد قوات تركية على الحدود السورية، وقول حكومة أنقرة إن النظام الحاكم بدمشق بات يهدد أمن وسلامة دول حلف شمال الأطلسي. عرض الاتحاد السوفيتي التدخل العسكري المباشر لصالح سورية وأرسل عبد الناصر قواته إلى مدينة اللاذقية، دعماً للبزري وللجيش السوري. ولكن فتيل الأزمة نُزع قبل حدوث أي مواجهة بفضل وساطة سياسية قام بها الملك السعودي سعود بن عبد العزيز.
سفر الضباط إلى مصر
في 11 كانون الثاني 1958، توجه عفيف البزري إلى القاهرة على رأس وفد مؤلف من 14 ضابطاً ناصرياً، يرافقهم الملحق العسكري المصري عبد المحسن أبو النور. سافروا إلى مصر دون جوازات سفر ودون إعلام رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة ولا حتى وزير الدفاع. طلب البزري إلى نائبه أمين نفوري البقاء في دمشق وإبلاغ القيادة السورية أن الجيش قرر تسلّم زمام المبادرة والتوجه إلى مصر للمطالبة بتحقيق وحدة فورية، دون أي شرط أو قيد.
وكان البزري قد أبرق إلى القاهرة قبل سفره معلناً عن ساعة وصول طائرته، لكيلا تعترضها الدفاعات الجوية المصرية. وعندما تردد بعض الضباط في السفر بهذا الشكل المغامر، خوفاً من عواقب رحلتهم، خاطبهم البزري بحزم وقال: “أمامكم طريقان، الأول يؤدي إلى القاهرة والثاني إلى المزة (سجن المزة)، وعليكم الاختيار بينهما.” حطّت طائرة البزري في مطار ألماظة العسكري ولكن عبد الناصر تأخر في استقباله بسبب انشغاله مع الرئيس الإندونيسي أحمد سوكارنو. وعندما حصل اللقاء مساء 13 كانون الثاني 1958 قال إنه لا يعترف بشرعية وفد البزري لأنه مؤلف من عسكريين فقط جاؤوا دون موافقة رئيس جمهوريتهم. ردّ البزري وقال إنهم يمثلون الشارع السوري وهذا يكفي، مُؤكداً للرئيس المصري أن القيادة السورية لا تستطيع رفض طلبهم.
التزم الرئيس المصري بموقفه إلى أن جاءه اتصال هاتفي من الرئيس القوتلي، أكد فيه أن البزري وصحبه مفوضين باسم الدولة السورية لمناقشة موضوع الوحدة. أرسل القوتلي وزير الخارجية صلاح البيطار إلى مصر لدعم موقف البزري وإضفاء شرعية سياسية على مفاوضاته. توجه بعدها القوتلي إلى مصر واتفق مع عبد الناصر على قيام وحدة اندماجية باسم الجمهورية العربية المتحدة، والتي أُعلنت رسمياً من القاهرة في 22 شباط 1958.
بين الوحدة والانفصال
بعد أقل من شهرين من ولادة الجمهورية العربية المتحدة، أمر عبد الناصر بتسريح عفيف البزري وإعفائه من منصبه في 2 نيسان 1958، بعد ترفيعه إلى رتبة “فريق.” كان قرار إعفاؤه صادماً لكونه أحد أشد المتحمسين للوحدة، ويعود بشكل رئيسي إلى سببين، أولهما يكمن في شخصيته المغامرة، حيث عدّ عبد الناصر أن من تمرد على رئيس جمهورية سورية يمكنه وبأي وقت التمرد عليه في المستقبل. أما السبب الثاني فكان ناتجاً من ميول البزري الشيوعية التي أقلقت عبد الناصر كثيراً، وهو الذي عمل جاهداً على تطهير الجيش المصري من الحزبية السياسية وأراد اتخاذ قرار مماثل مع الجيش السوري.
صُدم البزري من قرار تسريحه وقيل إنه قرأه في صحيفة الأهرام. لم يتوقع أن يكون هو أول ضحية نظام الوحدة الذي صنعه بنفسه، وعلى الرغم من تعيينه في هيئة تخطيط الدولة في مصر – وهو منصب شرفي لا سلطة حقيقية له – انتقل البزري سراً إلى صفوف المعارضة وأيد الانقلاب العسكري الذي أطاح بجمهورية الوحدة في 28 أيلول 1961. وضع نفسه في مقدمة منتقدي عبد الناصر وفي مطلع عهد الانفصال ألف كتاب الناصرية في جملة الاستعمار الحديث، وفيه شن هجوماً عنيفاً على الرئيس المصري.
الدراسات العسكرية والمناصب الفخرية
تفرغ عفيف البزري من يومها لكتابة الدراسات العسكرية، ومنها “علم الرمي للمدفعية” و”المدفع في الميدان.” وفي مطلع عهد حزب البعث سنة 1963 قدّم مقترح لتأسيس فرع للجغرافيا العسكرية في الجيش السوري، وأثناء حرب حزيران سنة 1967، عُيّنه وزير الدفاع حافظ الأسد رئيساً للجنة الدفاع الوطني في سورية.
مع ياسر عرفات
وفي مطلع الثمانينيات تعاون مع ياسر عرفات وقدّم له مجموعة دراسات عسكرية، كان من ضمنها كفاح العالم الثالث – معركة شقيف عرنون – الأزمة الراهنة للنظام الإمبريالي. وبطلب من عرفات أيضاً ألّف دراسة مفصلة عن المفاعل الذري والقنبلة الذرية، رُفعت للعقيد الليبي معمّر القذافي بناء على طلبه سنة 1985. وفي السنوات 1980-1982، طبعت حركة فتح بعض مؤلفات عفيف البزري العسكرية ووزعتها في مخيمات اللجوء الفلسطينية.
مؤلفاته
ومن مؤلفات عفيف البزري المطبوعة:
- الناصرية في جملة الاستعمار الحديث (بيروت 1962)
- كفاح العالم الثالث (بيروت 1980)
- معركة شقيف عرنون (بيروت 1980)
- المفاعل الذري والقنبلة الذرية (بيروت 1980)
- نشوء الأمة العربية (دمشق 1981)
- الأزمة الراهنة للنظام الإمبريالي (بيروت 1981)
- العسكرية الصهيونية بعد حرب تشرين (بيروت 1981)
- العسكرية الأمريكية سيج العبودية المعاصرة (بيروت 1984)
- إسرائيل والمياه العربية (بيروت 1984)
- الجهاد في الإسلام (دمشق 1984)
- مقدمة كتاب الخبز والبنادق للإقتصادي البريطاني نيجيل هارس (بيروت 1986)
- جهاد العرب وكفاح الإنسان (شعر – بيروت 1987)
- التحرير في قفص المستعمرين (بيروت 1988)
- أمة الحضارات والجهاد (بيروت 1989)
- سورية جزيرة الحرية الخضراء (مذكرات – بيروت 1989)
- وقائع حرب عام 1982 (بيروت 1989)
الوفاة
توفي الفريق عفيف البزري بدمشق عن عمر ناهز 80 عاماً يوم 28 كانون الثاني 1994.
المناصب
رئيساً لأركان الجيش السوري (17 آب 1957 – 2 نيسان 1958)
- سبقه في المنصب: اللواء توفيق نظام الدين
- خلفه في المنصب: الفريق جمال فيصل