السنة: 2023

  • التكية السليمانية

    التكية السليمانية
    التكية السليمانية

    التكية السليمانية، أو تكية السلطان سليم الأول، هي معلم تاريخي يقع في قلب العاصمة السورية دمشق، بنيت على مراحل في السنوات 1554-1559 وتضم اليوم مسجدين ومتحف ومدرسة وسوق للمهن اليدوية، وهي من أشهر المعالم العثمانية في بلاد الشام. تتميز بموقعها وسط طريق تجاري طويل جعلها محطةً للقادمين من آسيا إلى شبه الجزيرة العربية. أقيمت على ضفاف نهر بردى بديلاً عن القصر الأبلق، أو قصر الظاهر بيبرس الذي هُدم على يد تيمورلنك.

    التكية السليمانية تاريخياً

    بنيت التكية بأمر من السلطان سليمان القانوني عام 1554، ولبنائها حكاية أوردها النجم الغزي في الجزء الثالث من كتاب “الكواكب السائرة بأعيان المئة العاشرة،” ومفادها أن السلطان أمر ببناء مسجد التكية بعد أن أفاق من منام رأى فيه النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – في بستانه وأشار له ببناء المسجد وأراه مكانه.

    أشرف المهندس التركي الشهير معمار سنان على بناء التكية ومعه المهندس الفارسي ملا آغا والدمشقي شهاب الدين أحمد بن العطار. بنيت على نمط التكية السليمانية في القسطنطينية وانتهت الأعمال الإنشائية في عهد الوالي خضر باشا سنة 1559. أما المدرسة الملحقة بها فقد بنيت في عهد الوالي لالا مصطفى باشا عام 1566 وهي السنة التي توفي بها السلطان سليم.

    ولّي إمامة المسجد الشيخ زين الدين بن سلطان، والخطابة العلامة عبد الرحمن بن قاضي القضاة ابن الفرفور، وخطب أول خطبة فيها يوم الجمعة الرابع عشر من شعبان سنة 1559، وحضر الخطبة قاضي القضاة بدمشق شمس الدين محمد ابن شيخ الإسلام أبي السعود المفتي.

    بنيت التكية السليمانية لتكون مكاناً لتأدية الفروض الدينية واستراحة للحجاج وجهزت بمطابخ واسعة ومخابز وغرف للاستراحة ومصليات وبحرة للوضوء وغيرها من الخدمات الضرورية للمسلمين. وكانت مكاناً لإقامة طلبة العلوم الدينية وملاذاً للفقراء والمقطوعين من أهالي دمشق المسلمين وغيرهم.

    التكية في العصر الحديث

    بعد فرض الانتداب الفرنسي على سورية سنة 1920 تحولت التكية داراً للمعلمين فتوقفت عن استضافة النزلاء وإيواء الوافدين إليها لأول مرة منذ إنشائها قبل أربعة قرون. ومع افتتاح الجامعة السورية عام 1923 استخدم جزء منها داراً لتدريس طب الأسنان، ثم كمقر لمطبعة مجلة الشرطة. وفي أعقاب الحرب عام 1948 أمر رئيس الجمهورية شكري القوتلي بفتحها مجدداً لإيواء آلاف اللاجئين الفلسطينيين الوافدين إلى دمشق. عادت بعدها إلى سابق عهدها وعادت إليها حلقات العلم وتحفيظ القرآن الكريم. وفي زمن الوحدة السورية المصرية سنة 1959، استخدمت غرف التكية مقراً لمتحف دمشق الحربي. في منتصف سبعينيات القرن العشرين فتحت التكية أبوابها لأرباب المهن اليدوية الدمشقية العريقة مثل البروكار والحفر على الخشب وتطعيمه والصناعات الفضية والزجاج اليدوي وصناعة العاج والصدف وغيرها.

    هندسة التكية

    تبلغ مساحة التكية السليمانية أحد عشر ألف متر مربع، وهي مؤلفة من كتلتين معماريتين متصلتين متشابهتين، تحيط بهما أسوار منخفضة نسبياً تخترقها ثلاثة أبواب، البوابتان الرئيستان في المحور الشرقي والغربي وذلك تبعاً لطريق الحجاج ومجرى نهر بردى. أما البوابة الثالثة فهي صغيرة يتقدمها رواق وتعلوه قبة مطلة على نهر بردى من جهة الشمال. الجدير بالذكر أن باب الجهة الشرقية تهدم وأعيد بناؤه في عهد السلطان مصطفى الثالث، وكتب على عتبة الباب الشرقي: “جدد هذا الباب السلطاني السليماني في زمان السلطان بن السلطان مصطفى خان بن السلطان أحمد خان بنظارة المرحوم موسى بك.”

    الكتلة الجنوبية الكبرى

    التكية السليمانية
    الكتلة الجنوبية

    وتسمى أيضاً العمارة الغربية، وهي تضم مبنى التكية الرئيسي والجامع والمطبخ والمستودعات، تتوسطها بركة مستطيلة تغذيها بالماء نوافير عمودية كانت تستخدم للوضوء، كسيت بأحجار وردية اللون وسوداء متناوبة.

    يقع في جنوبها جامع يمتاز بمئذنتين توأمتين رشيقتين منتهيتان بشكل مخروطي كأنهما مائلتان، تعد بداية الانحراف عن طراز المآذن الدمشقية المعروفة. واجهة الجامع مبنية من المداميك الأبيض والأسود المتناوب، والحرم مربع الشكل يتميز بجمال قبته ومنبره الذي يعتبر من روائع الفنون التطبيقية، مضافاً إليه جمال ألواح الخزف القاشاني التي تزين أعلى النوافذ، وتمثل الورود والأزهار وتشابك سعف النخيل مع الأوراق النباتية.

    في جانبي صحن المبنى أروقة مسقوفة على شكل قباب صغيرة ووراءها غرف كبيرة مسقوفة بقباب أكبر من القباب الأولى. يتوسع صحن المبنى ليضم قسم الخدمات الذي يتوسطه المطبخ الذي تعلوه أربع قباب ذات فتحات للتهوية الضرورية، ويتصل بكل جانب من جانبي هذا المطبخ غرفتان مربعتا الشكل، يعلو كلاً منهما سقف هرمي مقطوع في أعلاه، جعلت هاتان الغرفتان مستودعاً ومخبزاً، وجعلت الغرفتان الأخريان للقيِّم على هذه المنشأة.

    الكتلة الشرقية الصغرى

    التكية السليمانية
    الكتلة الشرقية

    تضم هذه الكتلة المدرسة وتقع شرق مبنى التكية الأساسي. شيدت عام 1566 واستمرت أعمال البناء فيها حتى عام 1574. لها ثلاثة أبواب ثانوية، وباب رئيسي واحد في الجهة الشمالية من المبنى يؤدي إلى صحن المدرسة الذي يتوسطه بحيرة تشبه بحيرة مبنى التكية السليمانية.

    في جنوب هذه الكتلة مصلى المدرسة، مربع الشكل تعلوه قبة كبيرة وجميلة. تزينه ألواح الخزف القاشاني الجميلة، والنوافذ الجصية المطعمة بألواح الزجاج الملون، وكانت القبة فوق رقبة مائلة وتتألف من اثني عشر ضلعاً وتخترقها اثنتا عشرة نافذة جصية ذات ألواح زجاجية ملونة. وهناك اثنتا عشرة غرفة تتقدمها الأروقة وتعلوها القباب وتتوزع على جنبات المبنى الأربع حول الصحن، وتقوم هذه الأروقة على أعمدة رشيقة وقصيرة، تبلغ أبعاد كل غرفة  6م × 6م ومساحتها 36م2.

    يصل بين الكتلتين سوقاً كان مخصصاً لقوافل الحجاج، ممتداً من أقصى شرقها إلى أقصى غربها مسافة خمسة وثمانين متراً وترتصف على جانبيه عشرات المحال بقباب منخفضة تتقدمها أروقة ظليلة بقناطر مزخرفة. كانت في السابق حوانيت تجارية، وتحولت منذ سبعينيات القرن العشرين إلى محال للحرف اليدوية.

    تتضح الآثار الهندسية العثمانية على التخطيط والبناء، في حين تطغى اللمسة الفنية الدمشقية على تصاميم الأبواب والنوافذ والزخارف التي تزين جدران وغرف المكان.

    في الجهة الجنوبية من التكية وعلى طرفي المسجد الرئيسي يوجد مقبرة تحوي مدافن بعض السلاطين العثمانيين وعائلاتهم والتي لا تزال قائمة إلى الآن، وهم:

    عمليات الترميم

    تأثرت التكية بالزلزال الكبير الذي أصاب دمشق في القرن الثامن عشر وتهدمت بعض أجزائها ورممت أيضاً إبان الحرب العالمية الأولى. وعانت التكية من تردي الوضع الإنشائي لها منذ سنوات خلت، وذلك لتأثر الأرضيات بالرطوبة ما تسبب في تكسر حجارتها وتصدعها ما أعاق السير عليها، وقد عملت مديرية الآثار والأوقاف السورية في عام 2007 على إجراء بعض الإصلاحات السريعة، لكنها لم تكن كافية. لجأت وزاراتي الثقافة والأوقاف لاحقاً إلى إجراء دراسة بالتعاون مع خبراء أتراك وإشراف من منظمة اليونسكو من أجل ترميم التكية عبر تدعيم الأقواس والمحلات المحيطة بالجدران والعمل على أرضية السوق.

  • العدوان الفرنسي الثاني على مدينة دمشق

    العدوان الفرنسي الثاني على مدينة دمشق، هو عمل عسكري وقع في 29 أيار 1945 واستمر لغاية 1 حزيران 1945 وكان أحد المسببات المباشرة لإنهاء الانتداب الفرنسي على سورية في 17 نيسان 1946. جاء العدوان، وهو الثاني منذ سنة 1925، رداً على التقارب السوري البريطاني بعد قمة رئيس الجمهورية شكري القوتلي مع رئيس وزراء بريطانيا ونستون تشرشل في مصر في شباط 1945، واعتراضاً على دعوة سورية للمشاركة في مؤتمر تأسيس الأمم المتحدة في مدينة سان فرانسيسكو الأمريكية في شهر نيسان من العام نفسه. قصفت القوات الفرنسية مبنى البرلمان السوري في شارع العابد وقتلت كل عناصر حامية الدرك الموجودين على أبوابه.

    كما حاولت اعتقال رئيس المجلس سعد الله الجابري ومعه وزير الخارجية جميل مردم بك، ودمرت قلعة دمشق وسوق ساروجا الأثري بعد لجوء أعضاء الحكومة السورية إليه هرباً من القصف المحيط بالسراي الكبير في ساحة المرجة. تدخلت بريطانيا لوقف العدوان في 1 حزيران 1945 عبر إنذار شديد اللهجة من تشرشل إلى الجنرال شارل ديغول، ودخلت مصفحاتها إلى العاصمة السورية للإشراف على وقف إطلاق النار، لتبدأ من بعدها عملية انسحاب القوات الفرنسي عن سورية، منهية مرحلة الانتداب الفرنسي المستمرة منذ سنة 1920.

    اعتبر يوم التاسع والعشرين من أيار ويوماً وطنياً لتخليد ذكرى رجال الأمن الداخلي الذين استشهدوا على أبواب المجلس النيابي يومها، وعد اليوم عيداً رسمياً لهم، وهو غير عيد الشهداء في 6 أيار من كل عام.

    القمة السورية البريطانية سنة 1945.
    القمة السورية البريطانية سنة 1945.

    المسببات التاريخية

    في السنة الأخيرة من الحرب العالمية الثانية شعرت فرنسا بأن حلفائها الإنكليز يعملون بالخفاء من الوطنيين السوريين لإخراجها من مناطق نفوذها التقليدية في منطقة الشرق الأوسط وكانت أولى تلك المؤشرات دعوة رئيس الجمهورية شكري القوتلي للاجتماع برئيس الوزراء ونستون تشرشل في القاهرة في شباط 1945، بحضور الملك فاروق والملك عبد العزيز آل سعود. بالتنسيق مع تشرشل، أعلن القوتلي الحرب على دول المحور، وردت بريطانيا الجميل – ومعها الولايات المتحدة الأمريكية – بدعوة سورية للمشاركة في مؤتمر تأسيس الأمم المتحدة في مدينة سان فرانسيسكو الأمريكية نهاية شهر نيسان من العام نفسه.

    توجه رئيس الحكومة فارس الخوري إلى سان فرانسيسكو على رأس وفد رفيع دون أخذ موافقة الفرنسيين ورفع صوت سورية عالياً في المحافل الدولية ضد سياسات فرنسا في الشرق الأوسط. بدأت التحرشات الفرنسية بالحكومة السورية مع إطلالة شهر أيار ورغم أن الحكومة السورية أعلنت الثامن من أيار يوم احتفال بالنصر على النازية، إلا أن حدة التوتر في البلاد كانت في ارتفاع مستمر، وانطلقت المظاهرات الغاضبة في مختلف المدن السورية.

    قاعة المجلس النيابي المدمرة.
    قاعة المجلس النيابي المدمرة.

    العدوان يوم 29 أيار 1949

    أثناء غياب الخوري في الأمم المتحدة افتعلت فرنسا حادثة على أبواب البرلمان السوري، في الساعة السادسة من مساء 29 أيار 1945، يوم طلبت من حامية الدرك الموجودة على أبوابه تحية العلم الفرنسي المرفوع على سارية نادي الضباط المقابل له. رفض عناصر الدرك السوري الأمر، فأطلق عليهم الفرنسيين النار وقتلوهم على أبواب المجلس قبل أن يدخلوه بحثاً عن رئيسه سعد الله الجابري الذي كان قد غادر من الباب الخلفي قبل دقائق، لعدم اكتمال النصاب القانوني لعقد جلسة تشريعية في المجلس النيابي. وعندما لم يجدوه صادروا ما في مكتبه من أوراق وأختام قبل أن يحرقوا المبنى من الداخل ويقصفوه بالمدافع من منطقة المزة.

    الرئيس سعد الله الجابري
    الرئيس سعد الله الجابري

    هروب الجابري إلى لبنان

    كان الجابري قد عاد سريعاً إلى مقر إقامته المؤقت في فندق أورينت بالاس في ساحة الحجاز، حيث تعثر على الفرنسيين دخوله بسبب تواجد عدد كبير من مراسلي الصحف العالمية، منها إذاعة BBC البريطانية. قصفوا محيط الفندق وخلفوا دماراً شديداً بالمتاجر والمكاتب المحيطة بساحة الحجاز، فتدخلت السفارة السوفيتي بدمشق لأجل وقف إطلاق نار للسماح لبطريرك الكنيسة الأرثوذوكسية الروسية من مغادرة الفندق إلى لبنان. دعا البطريرك سعد الله الجابري للخروج معه وفي سيارته إلى الحدود اللبنانية، حيث استقل الأخير سيارة سورية خاصة أخذته إلى السراي الحكومي في بيروت. وضع رئيس الوزراء اللبناني عبد الحميد كرامي مكتبه تحت تصرف الجابري، قبل سفره إلى القاهرة لحضور جلسة طارئة لمجلس جامعة الدول العربية وشرع تفاصيل العدوان الذي تعرضت له سورية. وبعد علمها بهروب الجابري إلى مصر عبر الأراضي اللبنانية، أغلقت فرنسا حدود سورية البرية مع لبنان والأردن وفلسطين والعراق، وقطعت الاتصالات والكهرباء عن مدينة دمشق ابتداء من ليلة 29 أيار 1945.

    قصف سوق ساروجا وقلعة دمشق

    أما وزير الخارجية جميل مردم بك فكان في السراي الكبير مع بعض الوزراء، بعد تعثر عقد جلسة تشريعية في مجلس النواب. حاولت فرنسا اعتقاله وضربت طوقاً أمنياً حول مبنى السراي، ما أجبره إلى الهروب من ثغرة في الباب الخلفي، إلى زقاق رامي أولاً في جنح الظلام، ثم إلى سوق ساروجا الأثري حيث حلّ ضيفاً في منزل رئيس الحكومة السابق خالد العظم. استقبل العظم قرابة المائة شخص في بيته تلك الليلة، ما بين وزراء ونواب وموظفين عاديين مع عناصر من الشرطة والدرك كانوا موجودين في السراي، وعندما علمت فرنسا بأمرهم قصفت ساروجا بنفس الطريقة الوحشية التي كانت قد اعتدت فيها على البرلمان، كما قصفت قلعة دمشق حيث سجن دمشق المركزي.

    المقاومة الشعبية

    شُكلت مقاومة شعبية ضد العدوان الفرنسي، قادها نائب دمشق فخري البارودي الذي لبس لباس الدرك السوري وحمل السلاح مع رفاقه لحماية الأهالي وإنقاذ ما أمكن من مدينته. توجه إلى قلعة دمشق أولاً لإطلاق سراح المساجين، ومنها إلى المستشفى الإنكليزي في منطقة القصاع لإسعاف الجرحى والمصابين، بعد إصابته بشظية في رقبته. وللتغلب على الظلام الدامس الذي حل بالمدينة، طلب البارودي من متطوعي الكشاف السوري جمع الشموع من الكنائس وجلبها إلى المستشفى الإنكليزي، مع كل الأطباء المسيحيين لإجراء العمليات الإسعافية اللازمة.

    الرئيس شكري القوتلي
    الرئيس شكري القوتلي

    لقاء القوتلي بالسفير البريطاني

    كان رئيس الجمهوري شكري القوتلي طريح الفراش ليلتها في داره الكائن في منطقة بستان الرئيس، يعاني من نزيف حاد في المعدة نتيجة قرحة مزمنة. دخل عليه السفير البريطاني تيرانس شون ووجده محاطاً بأولاده وأمه وزوجته السيدة الأولى بهيرة الدالاتي. عرض على القوتلي خروج آمن من دمشق إلى الأردن لحين وقف العدوان الفرنسي فغضب القوتلي من الطرح وقال له:

    ألمثلي يقال هذا؟ أنا جاهدت أربعين سنة لأجل استقلال سورية ورفعتها وتحريرها من الاحتلال الفرنسي. لم أغادر دمشق، لا أنا ولا أفراد أسرتي، ولن أغادرها وسأموت هنا مع هؤلاء الأبطال (في إشارة لشهداء حامية الدرك). قل للسيد تشرشل أن الملك فيصل رحمه الله يوم غادر هذه المدينة لم يكن له فيها إلا عرش… كرسي من أربعة أرجل صنعناه له نحنا السوريين. أما أنا فلي جذور في هذه المدينة تعود إلى أكثر من ستة قرون.

    الرئيس جميل مردم بك
    الرئيس جميل مردم بك

    دخل عليهم جميل مردم بك فتفاجأ السفير البريطاني به وقال إن الفرنسيين قالوا له أنه قتل مع سعد الله الجابري. وعند مغادرة السفير منزل القوتلي بعد فشل مساعيه بإقناع القوتلي بالمغادرة، جلس الرئيس مع وزير خارجيته وسطروا برقيات نداء عاجلة إلى حكومات العراق والأردن والسعودية، أرسلوها باليد مع عملاء لهم عبروا الحدود البرية المغلقة بالسر مشياً على الأقدام. أصدر بعدها القوتلي أمراً إلى كل مواطن سوري يعمل مع سلطة الانتداب بضرورة ترك وظيفته فوراً والالتحاق بالمقاومة الشعبية، وإلا سيحاسب بتهمة العمالة مع الفرنسيين، كما دعا إلى اعتقال حاكم دمشق العسكري الكولونيل أليفيا روجيه، الذي أعطى أمر قصف المدينة، وطلب مثوله أمام القضاء السورية بصفته “مجرم حرب” تجاوب عدد من الضباط السوريين مع نداء رئيس الجمهورية وانشقوا عن جيش الشرق الفرنسي وحملوا السلاح مع المقاومة، كان في مقدمتهم أديب الشيشكلي في مدينة حماة. وبدأ سلطان باشا الأطرش في تأهيل رجاله على حمل السلاح في جبل الدروز لمساعدة دمشق في محنتها، ولكن إنذاراً شديد اللهجة صدر عن الرئيس ونستون تشرشل في 1 حزيران، موجه إلى حليفه الجنرال شارل ديغول، يدعوه فيه إلى وقف العدوان على دمشق والبدء بسحب قواته عن سورية. علّق ديغول في مذكراته أنه قبل الإنذار مجبراً بسبب حاجته الماسة إلى دعم البريطانيين وقال: “ظروف الحرب منعتنا من الاعتراض.”

    وقد جاء في مذكرة جميل مردم بك إلى عواصم العالم:

    أتشرف بأن أطلعكم على التطور الخطير الذي طرأ على الموقف بسبب الاستفزازات المتواصلة الصادرة عن الجنود التابعين للقيادة الفرنسية، إن الأعمال التي ارتكبها هؤلاء الجنود قد تجاوزت كثيراً درجة العنف التي عرفتها البلاد من قبل، فقد صبت المدفعية الفرنسية نيرانها في مدينتي حمص وحماة فقُتل وجرح الكثيرون، وسددت الرشاشات نيرانها دون انقطاع إلى عابري السبيل في دمشق وحلب، وأفضى استفزاز الأهالي في درعا إلى الاصطدام بالقوات الفرنسية وصبت الطائرات نيرانها على الأهالي، والدماء تسفك في جميع المدن السورية تقريباً، والحكومة السورية ترفع صوتها بأشد الاحتجاج على هذه المجازر التي يصاب بها الأهالي الذين لا ذنب لهم سوى تمسكهم بحرية بلادهم واستقلالها، مناشدةً ممثلي الدول الصديقة أن يشهدوا بالوقائع، وأن يتدخلوا لمصلحة قضية سوريا العادلة التي هي في الوقت ذاته قضية الشعوب الديمقراطية والمحبة للحرية.

    بدأت فرنسا بسحب قواتها عن سورية بتسليم الحكومة السورية كل قواعدها العسكرية والمطارات والسجون، مع المرافق الحيوية كافة. وفي 1 آب 1945، أعلن القوتلي عن تأسيس الجيش السوري، قبل أشهر من إعلان جلاء آخر جندي فرنسي عن الأراضي السورية في 17 نيسان 1946.

    شهداء 29 أيار من الدرك والشرطة

    حصيلة الشهداء و الجرحى
    1. وكيل الضابط محمد طيب شربك
    2. العريف برهان باش إمام
    3. العريف طارق أحمد مدحت
    4. الدركي شحادة إلياس الأمير
    5. الدركي خليل جاد الله
    6. الدركي إبراهيم فضة
    7. الدركي محمد حسن هيكل
    8. الدركي يحيى محمد اليافي
    9. الدركي زهير منير خزنة كاتبي
    10. الدركي ممدوح تيسير الطرابيشي
    11. الدركي محمد أحمد أومري
    12. الدركي محمد خليل البيطار
    13. الدركي سعد الدين الصفدي
    14. الدركي ياسين نسيب البقاعي
    15. الدركي زين محمد ضبعان
    16. الدركي عيد فلاح شحادة
    17. الدركي إبراهيم عبد السلام
    18. الدركي أحمد محمد القصار
    19. الدركي جورج أحمر
    20. الدركي محمد عادل المدني
    21. الدركي واصف إبراهيم هيتو
    22. الدركي عبد النبي برنية
    23. الدركي سليمان أبو سعد
    24. الدركي أحمد مصطفى سعيد
    25. المفوض سعيد القهوجي
    26. الشرطي مشهور المهايني
    27. الشرطي محمود الجبيلي

    ويضاف إلى هؤلاء الشهيد الدكتور حكمت التسابحجي الذي أصيب وهو يحاول إسعاف المصابين من مبنى المجلس النيابي، والشهيد الدكتور مسلّم البارودي الذي قتل وهو يسعف الناس أمام فندق أورينت بالاس في ساحة الحجاز، ووكيل الضابط الشهيد محمد طيب شربك الذي ظل يدافع عن البرلمان مع جنوده حتى نفذت الذخيرة، فأمر جنوده أن يقاتلوا بالمسدسات حتى نفذت آخر طلقة.

  • نشأت كحّال

    الدكتور نشأت كحال
    الدكتور نشأت كحال

    نشأت كحّال (1917-2006)، طبيب سوري من دمشق وأحد أشهر أطباء التوليد في سورية في منتصف القرن العشرين.

    مسيرته

    ولد نشأت كحّال في دمشق وتوفي والده وهو في سن مبكر فأشرف عمه الصيدلاني جميل كحال على تربيته وأرسله لدراسة الطب في بلجيكا والتخصص في الأمراض النسائية والتوليد. عاد إلى دمشق وأسس مع زوجته البلجيكية – وكانت قابلة قانونية – مستشفى الدكتور نشأت كحّال في شارع 29 أيار وظلّ يديرها ويعمل في عيادته الطبية حتى أيامه الأخيرة.

    الوفاة

    توفي الدكتور نشأت كحّال في دمشق عن عمر ناهز 89 عاماً سنة 2006.

  • محمد زكي الذهبي

    الدكتور محمد زكي الذهبي
    الدكتور محمد زكي الذهبي

    محمد زكي بن إبراهيم الذهبي (1899-1971)، طبيب كحّال من دمشق متخصص في طب العيون والأطفال والأمراض الداخلية.

    مسيرته

    ولد محمد زكي الذهبي بدمشق وكان والده أحد تجار سوق البزورية المعروفين. درس المرحلة الثانوية في مكتب عنبر ونال شهادة في الطب من بيروت. عمل طبيباً في لبنان مدة خمس عشرة سنة قبل أن يعود إلى دمشق لفتح عيادة طبية في محلّة باب الجابية. كان طبيب عام، يداوي الأمراض الداخلية والعينية والأطفال، وتخصص في طب الأعشاب وتقاعد من صيدلية الجلاء لتركيب العقاقير والأدوية حتى وفاته.

    الوفاة

    توفي الدكتور محمد زكي الذهبي عن عمر ناهز 72 عاماً سنة 1971 ودفن في مقبرة الحرش في منطقة المهاجرين.

  • منير الملاح

    منير الملاح
    منير الملاح

    منير بن أديب الملّاح (1901-1958)، قاض سوري من دمشق، تسلّم مناصب قضائية عدة كان آخرها عضوية المحكمة العليا من سنة 1950 ولغاية عام 1958.

    مسيرته

    ولد منير الملّاح في دمشق وكان والده أمين السجل العقاري في عكا والقدس وبيروت وصولاً لتعيينه بدمشق سنة 1900. درس  في مكتب عنبر ونال شهادة الحقوق من الجامعة السورية. عُيّن قاضياً للصلح في القنيطرة ثم قاضياً للتحقيق في حماة أولاً وبعدها في حلب قبل تسميته مستشاراً في محكمة النقض. أسس جمعية إسعاف الفقراء في منطقة المهاجرين وعُيّن عضواً في المحكمة العليا من سنة 1950 وحتى وفاته.

    الوفاة

    توفي القاضي منير الملّاح بدمشق عن عمر ناهز 57 عاماً سنة 1958.

  • سامية الجزائري

    سامية بنت محمد الجزائري (25 تشرين الثاني 1946) ممثلة سورية من جيل الرواد لقبت بسيدة الكوميديا السورية، وشاركت بما يزيد عن ستين مسلسلاً. قدمت أدواراً متنوعة لكنها تميزت بأدوار الكوميديا في عدد من الأعمال كان في مقدمتها مسلسل عيلة خمس نجوم مع المخرج هشام شربتجي (1993) الذي عرفت به من حلال دور «أم أحمد بلاليش» وكانت قبلها قد شاركت ببطولة مسرحية غربة مع الثنائي دريد لحام ونهاد قلعي (1976). لا تظهر الجزائري كثيراً على الإعلام، وهي الأخت الكبرى للفنانة صباح الجزائري.

    البداية

    ولدت سامية الجزائري بدمشق ودخلت الفن بعمر السابعة عشرة مصادفة عندما رأتها المخرجة السورية قسمت طوزان في أحد أحياء دمشق القديمة وسألتها: «تمثلي؟ فأجابتها سامية: أي بمثل شو خايفة منك!» فعرضت عليها المشاركة في تمثيلية «أبو البنات» التي أدت بها شخصية ممرضة عام 1963، وبعدها عملت في ‏المسرح العسكري كموظفة لعدة سنوات قبل أن تعود إلى الشاشة عبر اسكتشات غنائية مع أختها صباح الجزائري في منتصف السبعينيات.

    سامية الجزائري في مسرحية غربة.
    سامية الجزائري في مسرحية غربة.

    مع دريد لحام

    في عام 1976 اختارها دريد لحام لدور «الحجة» في مسرحية غربة، من تأليفه مع الشاعر محمد الماغوط. حققت المسرحية نجاحاً كبيراً في الوطن العربي وحضر عرض افتتاحها بدمشق الرئيس حافظ الأسد والملك الأردني الحسين بن طلال. عادت وظهرت مع دريد لحام في مسلسل وين الغلط مطلع الثمانينيات وشاركته بطولة المسلسل الإذاعي غوار يخترق الجدار، والمسلسل التلفزيوني أحلام أبو الهنا. وفي السينما عملت معه في فيلم صح النوم (1975) وفيلم سمك بلا حسك (1978) وفيلم كفرون (1990).

    سامية الجزائري مع ياسر العظمة في مسلسل مرايا.
    سامية الجزائري مع ياسر العظمة في مسلسل مرايا.

    مع هشام شربتجي وبسام الملا

    النقلة النوعية في مسيرة سامية الجزائري كانت من خلال تعاملها مع المخرج هشام شربتجي في مسلسل قصاقيص (1974)، حيث قدمت لوحة شهير بدور «أم جندل» مع الفنان فهد كعيكاتي. ثم جاءت مشاركتها في الأجزاء الأولى من مسلسل مرايا الشهير في منتصف الثمانينيات، إخراج هشام شبرتجي وبطولة الفنان ياسر العظمة. بقيت تعمل مع العظمة في معظم أجزاء مرايا حتى منتصف التسعينيات، وكان لها حضور بارز في المسلسل الكوميدي عيلة خمس نجوم بكل أجزائه، وهو أيضاً من إخراج هشام شربتجي، وكذلك مسلسل يوميات جميل وهناء. كل هذه الأدوار كانت كوميدية بامتياز، قبل أن تنتقل الجزائري إلى أدوار أكثر جدية في أعمال البيئة الشامية مع المخرج بسام الملا، وكان في مقدمتها مسلسل أيام شامية (1992)، تلاه مسلسل ليالي الصالحية (2004).

    الأعمال المسرحية

    الأعمال التلفزيونية

    الأعمال الإذاعية

    بعض أعمال سامية الجزائري التي قدمتها في إذاعة دمشق:

    الأعمال السينمائية

    جوائز وتكريمات

  • أحمد كفتارو

    المفتي الشيح الدكتور أحمد كفتارو
    المفتي الشيح الدكتور أحمد كفتارو

    أحمد بن محمد أمين كفتارو (1912 – 1 أيلول 2004)، داعية وعالم دين سوري من دمشق، كان المفتي العام للجمهورية العربية السورية ورئيس مجلس الإفتاء الأعلى من سنة 1964 وحتى وفاته. شافعي المذهب ومن كبار شيوخ الطريقة الصوفيّة النقشبنديّة. كان من أهم مجددي الفكر الإسلامي في العصر الحديث. أسس مجمّع كفتارو للعلوم الدينيّة وكان أحد دعاة الوحدة الإسلامية. تعدّت شهرته العالم العربي واخُتير عضواً في المجلس المركزي لمنظمة الدعوة الإسلامية العالمية في إندونيسيا ومثّل بلاده في مؤتمر الأديان العالمي في مدينة زاغورسك السوفيتية سنة 1969. عَمِلَ على تنمية مبادئ العيش المشترك بين أبناء الديانات في المجتمع الواحد. وشجع على التعاون مع الحكومات لخدمة قضايا الدعوة والأمة، كما عمل على بيان موقف الإسلام من الديانات السماوية الأخرى مع الحفاظ على ثوابت الرسالة المحمدية، وكان من أشد الدعاة لحوار الأديان.

    البداية

    ولد أحمد كفتارو في حي الزينبية بمنطقة ركن الدين بدمشق، وتعود أصول عائلته إلى مقاطعة أوميرلي الكردية في إقليم ماردين في تركيا. تلقّى العلوم الدينيّة على أيدي كبار شيوخ عصره ومنهم الشيخ أبو الخير الميداني، والشيخ إبراهيم الغلاييني، والشيخ محمد سليم الحلواني، بالإضافة طبعاً إلى والده الشيخ محمد أمين كفتارو وعمه الشيخ محمد صالح كفتارو، وجميعهم شهدوا له بسعة الفهم وحدة الذكاء، وأجازوه بتدريس علوم الشريعة والتزكية والتربية والدعوة والإرشاد. حاز على دكتوراه فخريّة في علم الدعوة الإسلاميّة من جامعة شريف هداية الله الإسلامية في جاكرتا في عام 1968. وفي عام 1984 منحته جامعة عمر الفاروق في باكستان دكتوراه فخرية في علوم أصول الدين والشريعة. وفي عام 1994 حصل على دكتوراه فخرية ثالثة في علوم الدعوة الإسلاميّة من جامعة أم درمان في السودان.

    نشاطه الديني

    أولى محطات الشيخ أحمد كفتارو في الدعوة كانت سنة 1938 يوم بدأ بإلقاء الخطب الدينية في المساجد والمدارس قبل نقلها إلى إذاعة دمشق عند تأسيسها عام 1947. بعدها بعام عُيّن مدرساً في دار الفتوى في مدينة القنيطرة وشارك سنة 1949 في تأسيس رابطة علماء الدين في سورية وأسس معهد الأنصار الثانوي للذكور وجاء بالمطرب المعروف رفيق شكري وطلب إليه تلحين نشيده المدرسي. وفي سنة 1950 سمّي مدرساً في دار الفتوى في دمشق قبل سنة من تعيينه مفتياً للعاصمة السورية في عهد رئيس الجمهورية هاشم الأتاسي. وفي عام 1952 أسس جمعية الأنصار الخيرية وخصصت له إذاعة دمشق مساحة خاصة ليخطب بها عبر الأثير بشكل أسبوعي ومنظم، وقد حقق برنامجه رواجاً كبيراً واستمر لغاية عام 1964. وكان له درساً أسبوعياً في المساجد، وقام خلال خمس عقود بتفسير القرآن الكريم حوالي أربع مرات.

    مفتياً للجمهورية العربية السورية

    في سنة 1964 عُيّن الشيخ أحمد كفتارو مفتياً عاماً للجمهورية العربية السورية، وذلك في خضم المواجهة الدامية التي حدثت في مدينة حماة وسط البلاد بين جماعة الإخوان المسلمين والجيش السوري في عهد رئيس الدولة أمين الحافظ.  دعي المفتي لتهدئة النفوس وحث الإخوان على الاحتكام إلى الحوار، مع التأكيد دوماً على حرمة السلاح بين أبناء الشعب الواحد مهما كانت الخلافات السياسية بينهم. افتتح سنة 1965 معهد بدر للإناث والذي يُعد من أوائل المعاهد الإسلامية الخاصة بتعليم الإناث في دمشق. بالإضافة إلى تأسيسه عام 1971 مجمع “أبو النور” الشهير في منطقة ركن الدين، الذي ضمّ مسجداً ومعهداً شرعياً وعدداً من الجمعيات الخيرية، قبل أن يتحول اسمه إلى مجمع الشيخ أحمد كفتارو. وقف مع وزير الدفاع حافظ الأسد في صراعه مع اللواء صلاح جديد ورئيس الدولة نور الدين الأتاسي في النصف الثاني من الستينيات وأيد الانقلاب العسكري الذي أطاح بهما في 16 تشرين الثاني 1970. الذي سمّي لاحقاً بالحركة التصحيحية. سمي عضواً في مجلس النواب المعين من قبل الرئيس الأسد وجدد له في دار الإفتاء. وكان له موقف واضح وصريح من تجدد الصراع المسلح مع الإخوان سنة 1976 حيث وضع كامل ثقله الديني والسياسي خلف الرئيس السوري وأشرف على تأسيس معهد الأسد لتحفيظ القرآن الكريم سنة 1987 الذي افتتح فروعاً له في كل مساجد سورية. جمعت بين الشيخ أحمد كفتارو والرئيس الأسد علاقة صداقة طيبة تخللتها لقاءات كثيرة، زادت على إثرها المؤسسات والجمعيات الدينية في البلاد عدداً وفعاليّةً.

    مذهبه الإصلاحي

    زار إيطاليا ودولة الفاتيكان سنة 1985 حيث التقى البابا يوحنا بولس الثاني وألقى محاضرتين عن الإسلام والتسامح الديني في جامعتي ميلانو والفاتيكان. وبعدها بسنتين دعي إلى قمةً حِوارية ثانية مع البابا حول مستقبل الإيمان ومواجهة الإلحاد في العالم. كما أنّه استقبله أثناء زيارته إلى الجامع الأموي الكبير في دمشق في أيار من عام 2001 برفقة وزير الأوقاف السوري آنذاك محمد زيادة حيث ركزّا على أهمية الحوار بين الأديان لكونه الطريق نحو التعايش.

    تبنّى الشيخ أحمد كفتارو مبدأ التقريب بين المذاهب الفقهية وجعل التجديد الديني دأبه من خلال إعادة أصول التصوّف إلى القرآن الكريم والسنة الشريفة. وكان من أشد معارضي الغلو والتطرف في الدين، من خلال تعزيز منهج الوسطية ومحاربة التعصب المذهبي. كما كان من أوائل مؤسسي مجالس التقريب بين السنة والشيعة وكان له حضور لافت في المؤتمرات العالمية وخاصة بما يتعلق بمسألة إخاء الأديان. ومن شدة إعجابه بمنظمة الاتحاد العالمي للأديان أوفد أربعين من تلامذته برئاسة الشيخ بشير الباني إلى مانهاتن للدراسة فيها سنة 1990.

    حياته الشخصية

    تزوج الشيخ أحمد كفتارو من حوا ميلي عام 1929 وأنجبت له اثني عشرة ولداً: عمر وفؤاد وخادجة ووصال ومحمد وأمين ومحمود وزاهر وحسن وإحسان. واشتُهر منهم وفاء وصلاح الدين الذي عُيّن رئيساً لمجمع أبي النور بعد وفاة والده.

    الأوسمة التي تقلّدها

    مؤلّفاته

    لم يتفرّغ الشيخ أحمد كفتارو للتأليف والكتابة. لكن تمّ جمع العديد من تسجيلاته الإذاعية والمرئية ومحاضراته في مؤلفات خطيّة.

    كُتب عنه

     قيل عنه

    الشيخ أحمد عالم مثقف مطلع، ناضج العقلية. واسع آفاق الفكر. نشيط في عمله. وقد تمكن من إلغاء البغاء الرسمي في سورية …. ومنهجه في الإصلاح يتمثل في وجوب إصلاح المعارف وتوجيهها الإسلامي. وهو قوي الأمل عظيم الثقة … لقد قال لرئيس أركان الحرب الحاكم العسكري للبلاد: تستطيع أن تكون زعيماً للبلاد العربية كلها بل للعالم الإسلامي كله إذا هيأت لنفسك الزعامة الإسلامية واحتضنت خدمة الإسلام.

    إن شيخنا الشيخ أحمد كفتارو قدوة تحتذى في العالم الإسلامي. لقد قدم الصورة الحقيقية الناصعة للإسلام في عواصم العالم الكبرى وتمكن من هدك كثير من الأوهام التي ينشرها أعداء الإسلام، وإن المجمع الإسلامي الذي أنشاءه نموذج فريد ينبغي تعميمه في العالم الإسلامي وخارج العالم الإسلامي.

    • الدكتور حامد العابد رئيس وزراء النيجر الأسبق والأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي.

    جائتني دعوة من الداعية الإسلامي الكبير أحمد كفتارو لزيارة المؤسسة التربوية التي شيدها وإذا بي أمام بناء شاهق مكون من ثمانية طوابق فسيحة. تشمل الكثير من المدارس والمعاهد والكليات. وله فروع في عدة دول، منها: مدينة جرك يسك في روسيا الاتحادية. ومدينة عشق آباد في تركمانيا، وجاوه وسومطرة في إندونيسيا، ومدينة لانكستر في الولايات المتحدة الأمريكية. وذهبت يوم الجمعة لهذا المسجد (مسجد أبي النور) فوجدت ما لم يخطر على البال، جماهير غفيرة جاءت ليس من أحياء دمشق أو من مدن سورية، بل من الأقطار المجاورة.

    الوفاة

    توفي الشيخ أحمد كفتارو في 1 أيلول عام 2004 عن عمر 89 عاماً. وشُيّع جثمانه من الجامع الأموي الكبير إلى وزارة الأوقاف السورية ثم تابع الموكب سيراً على الأقدام إلى مجمع الشيخ أحمد كفتارو حيث وارى مثواه الأخير.

    المناصب

    مفتي الجمهورية السوريّة (1964-2004)
  • خالد بكداش

    خالد بكداش (1912- 24 تموز 1995) زعيم سياسي سوري ومؤسس الحزب الشيوعي السوري. كان أول شيوعي يدخل برلمان عربي في خمسينيات القرن العشرين، وكان الوحيد بين زملائه الذي خالف الإجماع وغاب عن جلسة التصويت على قيام الوحدة السورية المصرية سنة 1958.

    توجّه إلى موسكو ولم يعد منها إلا بعد سنوات على انقلاب الانفصال وتحديداً عام 1966. ترأس الحزب الشيوعي حتى وفاته، ودخل في الجبهة الوطنية التقدمية التي أسسها الرئيس حافظ الأسد في مطلع السبعينيات. مثّل الحزب في مؤتمرات عالمية عديدة، وترأس وفود الحزب الشيوعي إلى المؤتمرات التاسع عشر والعشرين والحادي والعشرين والسادس والعشرين والسابع والعشرين للحزب الشيوعي السوفييتي.

    البداية

    ولد خالد بكداش في دمشق في حي ركن الدين، وهو سليل عائلة كردية معروفة. خدم والده في الجيش العثماني أولاً، ثم في الجيش العربي في فترة حكم الملك فيصل الأول سنة 1920. درس بكداش في مدرسة التجهيز الأولى وكان من قياديي الحركة الطلابية بدمشق، التحق بالجامعة السورية لدراسة الحقوق ولكنه لم يتمكن من متابعة دراسته بسبب نشاطه السياسي المبكر. اشتغل في الصحافة المحلية مراسلاً ومترجماً ومحرراً، وعمل مدرساً خصوصياً للغة العربية والفرنسية والرياضيات، ومراقباً في معمل التبغ.

    مسيرته السياسية

    انخرط بكداش عام 1929 في صفوف الكتلة الوطنية، وبعدها بعام انتسب إلى الحزب الشيوعي اللبناني وهو في الثامنة عشرة من عمره. وفي عام 1931 اعتقل مع عدد من رفاقه بينما كانوا يطبعون منشورات والحزب وسجن أربعة أشهر. بعد خروجه من المعتقل أسهم في تنظيم إضرابات عمالية في كل من دمشق وحمص وحماة وبيروت، وعمل محرراً في صحيفة الفجر الأحمر الناطقة بلسان الحزب الشيوعي.

    وفي عام 1933 أنتخب عضواً في اللجنة المركزية للحزب وقام بترجمة البيان الشيوعي ونشره، وكانت تلك أول ترجمة لكتابة كارس ماركس إلى اللغة العربية. غادر بعدها إلى الاتحاد السوفييتي لدراسة الماركسية عن قرب، والتحق بمعهد لينين في موسكو ثم بجامعة طشقند. وقد تعلّم اللغة الروسية حتى صار يتكلمها بطلاقة، كما قرأ الكثير من الأدب الروسي.

    ترأس الوفد السوري واختير رئيساً للوفود العربية التي اشتركت في المؤتمر السابع للأممية الشيوعية (الكومنترن) الذي عقد في موسكو عام 1935، ونال خلاله لقب “النسر العربي” الذي أطلقه عليه الزعيم السوفياتي جوزيف ستالين، إلا أن اكتساب الصفات الستالينية جعل بكداش واحداً من أسباب تشرذم حزبه لاحقاً. وفي سنة 1936 اختاره هاشم الأتاسي، رئيس الكتلة الوطنية، ليكون سكرتيراً للوفد السوري المفاوض في باريس الذي أبرم المعاهدة السورية الفرنسية. بعدها بعام انتُخب أميناً عاماً للحزب الشيوعي وأصدر جريدة الحزب الرسمية “صوت الشعب.” أثناء الحرب العالمية الثانية عمل لدعم الاتحاد السوفييتي وحلفائه، وأعاد المؤتمر الثاني للحزب في سورية انتخابه أميناً عاماً عام 1944.

    بعد أن وضعت الحرب أوزراها بدأ خالد بكداش بإجراء اتصالات أوثق بين حزبه والأحزاب الشيوعية الأخرى، وعلى الأخص الأحزاب الأوروبية، كما بدأ يشترك في مؤتمرات دولية. وفي سنة 1946 توجه إلى لندن لإجراء محادثات مع الشيوعيين البريطانيين، وحضر وهو في طريقه إلى لندن اجتماعات شيوعية سرية عقدت في شمالي إيطاليا حيث اطلع على النشاط الحزب الشيوعي الإيطالي. وفي سنة 1947 حضر المؤتمر التاسع عشر للحزب الشيوعي البريطاني كمندوب رسمي، وكان من نتائج هذا النشاط في الخارج أن تعززت مكانة بكداش في بلاده وغدا زعيماً معروفاً في المجالس الشيوعية الدولية، وبالتالي فقد عينه الكومنفورم في سنة 1948 مديراً للحزب في الأقطار العربية.

    حرب فلسطين

    بين عامي 1947 و1949، حين ثارت ثائرة العرب ضد تقسيم فلسطين واندلعت الحرب العربية الإسرائيلية الأولى توجهت الأصابع إلى الشيوعيين تتهمهم بتأييد السياسة السوفييتية التي تنادي بالتقسيم. تأييد السوفييت لتقسيم فلسطين ثم اعترافهم بإسرائيل أثر تأثيراً معاكساً في الدعاية للشيوعية في العالم العربي وأضر بمصالح الحزب في سورية وبسمعة أمينة العام.

    خيب الموقف السوفييتي المؤيد لإسرائيل آمال الشيوعيين العرب، لكن عندما اختارت إسرائيل الاعتماد على المساعدة الأمريكية لا المساعدة السوفييتية حفزت بذلك الاتحاد السوفييتي على تأييد العرب مجدداً. تنفس خالد بكداش الصعداء لدى رؤيته أهداف حزبه تعود لترتبط بالأهداف الوطنية، ودخل حزب البعث والشبان الوطنيين في تحالف مع الشيوعيين وأقاموا فيما بينهم اتحاداً وطنياً عمل على إسقاط نظام أديب الشيشكلي وإعادة الحكم للرئيس هاشم الأتاسي. واستغل بكداش هذا التحالف الجديد وراح يعد نفسه لانتخابات سنة 1954.

    خالد بكداش وخالد العظم سنة 1954، ومعهم زعماء حزب الشعب ناظم القدسي ورشدي الكيخيا.
    خالد بكداش وخالد العظم سنة 1954، ومعهم زعماء حزب الشعب ناظم القدسي ورشدي الكيخيا.

    بكداش نائبا

    تحالف خالد بكداش مع رئيس الحكومة الأسبق خالد العظم وفي عام 1954 انتخب عضواً في البرلمان السوري، ليكون أول شيوعي يحتل مقعداً نيابياً في أي بلد عربي. وقد بلغ نفوذ الشيوعيين ذروته في القترة التي كان بكداش فيها نائباً وتغلغلوا في كل الدوائر الحكومية واحتلوا مناصب عسكرية رفيعة. وبصفة بكداش زعيماً للحزب الشيوعي فقد زاد من نشاطه في الأوساط الرسمية وغير الرسمية، حيث رافق رئيس الجمهورية شكري القوتلي في زيارته الأولى إلى موسكو سنة 1956 للمطالبة بدعم سوفيتي لمصر لمواجهة العدوان الثلاثي على مصر.

    مع ذلك، عارض خالد بكداش الوحدة السورية المصرية عند قيامها سنة 1958، وتغيب عن جلسة التصويت في البرلمان السوري. غادر دمشق إلى موسكو، ولم يعد إليها إلا عام 1966 في ظل تمتين العلاقات السورية مع الاتحاد السوفييتي في عهد اللواء صلاح جديد ورئيس الدولة نور الدين الأتاسي، الذي عين شيوعياً في الحكومة السورية للمرة الأولى في تاريخ البلاد.

    خالد بكداش مع الزعيم الصيني ماو تسي تونغ.
    خالد بكداش مع الزعيم الصيني ماو تسي تونغ.

    بكداش والجبهة الوطنية التقدمية

    شهد العام 1964 تفرّق الحزب الشيوعي السوري اللبناني، إلى حزبين استقل كل منهما في بلده وتزعّم بكداش الجناح السوري فيه. وفي عام 1969 أعاد المؤتمر الثالث انتخابه أميناً عاماً، ثم انضم إلى أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية المتحالفة مع حزب البعث الحاكم وأصبح عضواً في قيادتها عام 1972، ما أمّن له كذلك الفوز مجدداً بالمقعد النيابي عام 1973. أعيد انتخاب خالد بكداش مع ستة من أعضاء حزبه في انتخابات 1973، ومثل حزبه بجناحيه وزيران في الحكومة السورية عام 1977 والتي ترأسها اللواء عبد الرحمن خليفاوي.

    الانشقاقات الداخلية

    تعرضت قيادته أوائل السبعينات لنقد شديد داخل الحزب بسبب فرديته وتسلطه ومعارضته للقومية العربية، وفي نيسان 1972 حصل انشقاق في صفوف الحزب بسبب الخلاف مع بكداش قاده الثلاثي ظهير عبد الصمد – دانيال نعمة – رياض الترك. ورغم تراجع نعمة وعبد الصمد لاحقاً إلا أن الترك واصل انشقاقه وشكّل الحزب الشيوعي السوري – المكتب السياسي.

    جُدد انتخابه أميناً عاما للحزب عام 1974 ثم عام 1980، شهد العام 1979 انشقاقاً آخر قاده مراد يوسف تحت اسم منظمات القاعدة، ثم انشقّ يوسف فيصل عام 1986 وشكّل الحزب الشيوعي السوري الموحد، ورغم ذلك بقي بكداش في موقعه برئاسة الحزب.

    خالد بكداش في أيامه الأخيرة.
    خالد بكداش في أيامه الأخيرة.

    مؤلفاته

    نشر خالد بكداش العديد من المقالات المتنوعة وأسهم في نقل الفكر الاشتراكي الماركسي إلى اللغة العربية، وله كتاب:

    حياته الشخصية

    تزوج خالد بكداش من فتاة كردية تدعى وصال فرحة سنة 1951، أصبحت داعية نشيطة للشيوعية بين النساء، فكانت مصدر قوة لحزبه وانتخبت لخلافته، قبل أن يخلفها ابنهما الدكتور عمار خالد بكداش في رئاسة الحزب.

    وفاته

    توفي خالد بكداش في دمشق عن عمر ناهز 83 عاماً يوم 24 تموز 1995.

  • محمد شكري الأسطواني

    المفتي الشيخ محمد شكري الاسطواني
    المفتي الشيخ محمد شكري الاسطواني

    محمد شكري بن راغب الأسطواني (1873- 1955). أحد كبار فقهاء المذهب الحنفي في دمشق. صوفي نقشبندي الطريقة،  كان مفتياً للجمهورية السورية من سنة 1944 وحتى وفاته سنة 1955. في عهده كان عيد الجلاء الأول سنة 1946 وحرب فلسطين الأولى سنة 1948.

    البداية

    ولد محمد شكري الأسطواني بدمشق وكان والده فقيهاً محدثاً وخطيباً للجامع الأموي. درس في المدرسة السفرجلانية. ومن أبرز شيوخه الشّيخ محمد المنيني والشّيخ بكري العطّار والشّيخ محمد حسن البيطار. عُيّن أستاذا في المدرسة السباهية، ثم لازم دائرة إفتاء الشّام حتى أصبح أمينا للفتوى سنة 1918 في عهد الأمير فيصل بن الحسين. توفي المفتي الشيخ عطا الله الكسم سنة 1937 وظل المنصب شاغراً لغاية عام 1944، يوم اختير الاسطواني لخلافته.

    كان مقرباً من رئيس الجمهورية شكري القوتلي ودعا السوريين للجهاد مرتين، كانت الأولى لمواجهة الفرنسيين في أعقاب عدوان 29 أيار 1945، والثانية لأجل فلسطين يوم تأسيس جيش الإنقاذ عام 1947. لم يتدخل بالسياسة قط وبقي في منصبه في مرحلة الانقلابات العسكرية، ابتداءً من انقلاب حسني الزعيم في 29 آذار 1949 وصولاً إلى الانقلاب الذي أطاح بحكم الرئيس أديب الشيشكلي سنة 1954.

    الوفاة

    توفي محمد شكري الأسطواني بدمشق سنة 1955 ودفن في مقبرة الدحداح.

    المناصب

    مفتي الجمهورية السورية (1944-1955)
  • فؤاد الحلبي

    فؤاد الحلبي
    فؤاد الحلبي

    فؤاد بن رضا الحلبي (1906-5 نيسان 1964)، قاض سوري من دمشق، كان محافظاً في حمص والسويداء قبل تعيينه أميناً عاماً للرئاسة السورية في ولاية الرئيس شكري القوتلي الثالثة والأخيرة. وفي عهد الانفصال سمّي محافظاً في حلب لفترة وجيزة قبل تقاعده من العمل الحكومي وفاته عام 1964.

    البداية

    ولد فؤاد الحلبي بدمشق ودرس الحقوق في الجامعة السورية. تدرب في المحاماة وعمل قاضياً في المحكمة العقارية قبل أن ينتقل إلى القضاء العدلي. تدرج في مناصبه لغاية تعيينه مديراً لهيئة التفتيش في وزارة الداخلية ثم مديراً لمصلحة العشائر. سمّي محافظاً في حمص في عهد الرئيس تاج الدين الحسني وفي مطلع عهد الاستقلال محافظاً في مدينة السويداء سنة 1949.

    الأمانة العامة للقصر الجمهوري

    أحيل الحلبي على التقاعد سنة 1954 بناءً على طلبه وعمل مديراً لشركة الإسمنت، ومنها اختير أميناً عاماً للقصر الجمهوري ومديراً لمكتب الرئيس شكري القوتلي سنة 1955. وفي مطلع عهد الانفصال سمّي محافظاً في حلب سنة 1961.

    الوفاة

    توفي فؤاد الحلبي عن عمر ناهز 58 عاماً يوم 6 نيسان 1964.

    المناصب

    محافظ حمص (1942-1943)
    محافظ السويداء (1949-1950)
    الأمين العام للقصر الجمهوري (1955-1956)
    محافظ حلب (1961)
زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !