عبد الله عطفة (1897-1976)، أحد مؤسسي الجيش السوري، كان أول رئيس للأركان في عهد الاستقلال وسمّي بعدها وزيراً للدفاع من حزيران وحتى كانون الأول 1949.
البداية
ولد عبد الله عطفة دمشق ودَرَس في المدرسة العسكرية في إسطنبول. التحق فور تخرجه في تموز 1915 بالجيش العُثماني وتم فرزه إلى الفرقة الثالثة في فلسطين ثم إلى الفرقة السادسة عشر، وكان ذلك خلال الحرب العالمية الأولى.(1)
التحق عبد الله عطفة بجيش الشرق التي كانت فرنسا تُحارب به في الشرق الأوسط، وتم إرساله إلى باريس لحضور دورة عسكرية مُكثفة في مدرسة أركان الحرب العليا. أبحر في دراسات الحروب الأوروبية وأصبح مرجعاً في سياسات نابليون العسكرية. تدرج بعدها في جميع الرتب العسكرية حتى وصل إلى رتبة مُقدم سنة 1936، وكان أول ضابط سوري يصل إلى منصب قائد كتيبة في جيش الشرق.(3)
أولى تحديات اللواء عطفة كانت تجهيز الجيش السوري وتدريبه للمشاركة في حرب فلسطين سنة 1948. دخل الجيش السوري ميدان المعركة في 15 أيار 1948 ونحج في احتلال مستعمرة سمخ وما حولها، ولكنه توقف عند مستعمرتي دغانيا آ ودغانيا ب، بانتظار تعزيزات لم تصله أبداً، فاعتبر هذا الموقف تخاذلاً من اللواء عطفة الذي أجبر على تقديم استقالته في 23 أيار 1948، ومعه وزير الدفاع أحمد الشرباتي.
أدت هذه الاتهامات إلى شرخ كبير في علاقة اللواء عطفة مع الطبقة السياسية الحاكمة، وكان على رأسها رئيس الحكومة خالد العظم، الذي لم يُدافع عن عطفة ولم يتدخّل لإنصافه. بذلك أيد الانقلاب العسكري الذي أطاح بحكم القوتلي والعظم في 29 آذار 1949، وكان بقيادة حسني الزعيم الذي خلفه في قيادة الجيش.
أعاده حسني الزعيم إلى الصدارة قام بتعيينه وزيراً للدفاع في حكومة الرئيس محسن البارزي يوم 26 حزيران 1949. ولكن هذه الحكومة شقط سريعاً في 14 آب 1949، عند حدوث انقلاب جديد في سورية، أودى بحكم الزعيم وأدى إلى مقتله هو ومحسن البرازي، رمياً بالرصاص. وقد حاول الزعيم التنصل من مسؤولية تسريح الضباط الذين قاموا بالانقلاب ضده، مُلقياً اللوم بذلك على عبد الله عطفة.(4)
ولكن عصبة العمل القومي عانت من عدة مشاكل منذ التأسيس، نظراً لضيق مواردها المادية ورفضها أخذ تمويل من أي حاكم عربي، فلم تحقق أي من أهدافها المُعلنة، وبدأت تضمحل وتتلاشى في النصف الثاني من الثلاثينيات.
في سنة 1943 عادت الكتلة الوطنية إلى الحكم وانتُخب شكري القوتلي رئيساً للجمهورية، وهو صديق قديم لفريد زين الدين منذ أيام الدراسة الجامعية. وفي مطلع عهده، عُين زين الدين مديراً للتموين في سورية.
وقد لعب الدكتور زين الدين دوراً هاماً في هذا الوفد، مُدافعاً شرساً عن القضية السورية ومُطالباً بتحقيق استقلال تام وغير مشروط عن الانتداب الفرنسي.(4) وقد شارك الدكتور فريد زين الدين في صياغة الفصليْن الأوليْن من ميثاق الأمم المتحدة المُتعلقين بالمنطق والنظم الأساسية التي تعمل المؤسسة بموجبها.
سفيراً في موسكو 1947-1951
وعند تحقيق الجلاء وانسحاب الفرنسيين عن سورية في 17 نيسان 1946، عاد فريد زين الدين إلى دمشق وسُمّي أميناً عاماً لوزارة الخارجية السورية. وفي سنة 1947 عينه الرئيس القوتلي وزيراً مفوضاً في موسكو، حيث قدم أوراق اعتماده إلى الزعيم السوفيتي جوزيف ستالين.
بقي زين الدين في موسكو حتى سنة 1951، أي انه كان بعيداً عن بلاده خلال مرحلة الانقلابات العسكرية التي عصفت بسورية منذ عام 1949. بعد عودة الحياة المدنية وانتخاب هاشم الأتاسي رئيساً للجمهورية، عُيّن فريد زين الدين مندوباً دائماً في الأمم المتحدة، حيث رفع الصوت عالياً في الدفاع عن القضية الفلسطينية وشبّه الصهيونيةبالنازية، داعياً المجتمع الدولي لمحاربتها بكل الطرق القانونية.(6)
اعتبرت إدارة الرئيس أيزنهاور أن سورية كانت على وشك أن تُصبح جمهورية سوفيتية وبدأت بالتحضير لانقلاب عسكري يُطيح بحكم الرئيس القوتلي بدمشق. ردت الحكومة السورية بإغلاق السفارة الأمريكي وطرد السفير جيمس موس من سورية، مما أدى إلى إنهاء تكليف فريد زين الدين في واشنطن وقطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
قد قدّم دراسة شاملة إلى قيادة الجيش السوري، عن كيفية العودة إلى الوحدة مع تصحيح الأخطاء التي كانت قد ارتُكبت خلال السنوات 1958-1961، مُلقياً اللوم في كل ما حدث ليس على الرئيس عبد الناصر بل على نائبه وممثله في سورية، المشير عبد الحكيم عامر.
انقلاب 28 آذار 1962
في مُذكراته، يقول مطيع السمّان، مدير قوى الأمن الداخلية في مرحلة الانفصال، أن فريد زين الدين لعب دوراً خفياً في الانقلاب الأول على العهد الجديد يوم في 28 آذار 1962. مهندس هذا الانقلاب كان المقدم عبد الكريم النحلاوي، وهو ذات الضابط الدمشقي الذي أطاح بجمهورية الوحدة سنة 1961. في انقلابه الجديد قام النحلاوي باعتقال رئيس الجمهورية ناظم القدسي ورئيس الحكومة معروف الدواليبي، مُطالباً بتصحيح مسار جمهورية الانفصال. اعتقد الكثيرون يومها أن هذا الأمر تم بتخطيط وتمويل من المُخابرات المصرية، وأن فريد زين الدين كان هو العقل السياسي خلف الانقلاب الجديد.(7)
أحمد عزت الأستاذ (1865-1959)، محامي سوري من دمشق، عَمِل في مكتب السّلطان عبد الحميد الثاني وكان سكرتيراً لشقيقه السّلطان محمّد رشاد الخامس. أسس نادي الموسيقى السوري سنة 1928 وشارك في تأسيس معهد الموسيقى الشرقي عام 1950. كما كان أحد مؤسسي محفل أمية الماسوني، وهو والد المطرب بهجت الأستذ (فتى دمشق) وجدّ المؤرخ السوري سامي مروان مبيّض.
البداية
ولِد أحمد عزّت الأستاذ في دمشق ودَرَس في مدارسها ثمّ في معهد الحقوق في إسطنبول. تعاطف في شبابه من القضية الأرمنية وتزوّج من سيدة أرمنية مجهولة القيد، كانت قد نجت من مجازر الأرمن ووجدت ملجأ لها في إحدى مساجد مدينة حماة. أسلمت الزوجة الأرمنية على يد الأستاذ وأطلق عليها اسم “حسنية،” وعاشت معه حتى وفاتها سنة 1931.
في دمشق عمل الأستاذ قاضياً في محكمة الاستئناف ومستشاراً قانونياً لرئيس الدولة أحمد نامي خلال السنوات 1926-1928. وقد تعاون مع وزير المعارف محمد كرد علي في تأسيس معهداً متخصصاً بتدريس الموسيقى الشرقية بدمشق، سُمّي بنادي الموسيقى الشرقي، وأنتُخب رئيساً له.
في مرحلة الاستقلال عن الانتداب الفرنسي، تعاون أحمد عزّت الأستاذ مع الزعيم الوطني فخري البارودي، راعي الموسيقى والفنون في سورية، الذي كان قد تبنى بهجت الأستاذ فنياً وأطلق عليه اسم “فتى دمشق.” عمل الأستاذ مع البارودي على تأسيس نادي الموسيقى الشرقي في حيّ سوق ساروجا، وكان أشهر طلابه المطرب الصاعد في حينها، صباح فخري.(2)
أحمد عزت الأستاذ بلباس الماسونية.
في الماسونية
خلال إقامته الطويلة في إسطنبول انتسب أحمد عزّت الأستاذ إلى عشيرة البنائين الأحرار الماسونية سنة 1888، وقد تدرّج في هيكلها التنظيمي حتى وصل إلى رتبة “أستاذ أعظم” سنة 1895، ثم “فارس حكيم،” وصولاً إلى عضوية المجلس السامي الماسوني سنة 1954.(3) كما شارك الأستاذ في تأسيس محفل أميّة الدمشقي وكان أحد مؤسسي محفل سورية ولبنان سنة 1949.(4)
الوفاة
اعتزل أحمد عزت الأستاذ العمل الحقوقي وحوّل مكتبه الكائن في بناء العابد وسط ساحة المرجة إلى منزل قضى فيه سنواته الأخيرة حتى وفاته عن عمر ناهز 94 عاماً يوم 18 آب 1959.
وبعد سقوط الملك فيصل وفرض الانتداب الفرنسي على سورية، التحق الحناوي بالدرك السوري وخدم في سنجق لواء إسكندرون حتى سنة 1928، عندما نُقل بحسب رغبته إلى جيش الشرق، وهو الجيش الفرنسي المُحارب في سورية ولبنان. عمِل الحناوي ضمن صفوف الجيش حتى 29 أيار 1945، عندما حصل عدوان فرنسي على مدينة دمشق، فرفض المشاركة به وانشق عن الفرنسيين، مُعلناً دعمه للثوار.(4)
وقد وقع الحناوي تحت تأثير عديله الدكتور أسعد طلس، الذي كان مُعادياً للزعيم وناقماً عليه بسبب قضية أنطون سعادة ورفضه المُضي في طريق الوحدة مع العراق. جميع المراجع التاريخية تُفيد بأن الحناوي كان رجلاً مُسالماً وبسيطاً، بعيداً كل البعد عن أي طموح سياسي، وأنه قام بانقلابه على حسني الزعيم بتحريض وتخطيط من عديله أسعد طلس.
انقلاب الحناوي (14 آب 1949)
في ساعات الفجر الأولى من 14 آب 1949 توجه سامي الحناوي نحو مدينة دمشق بصفته قائداً للفوج الأول، قادماً من معسكر قطنا، وكان على رأس فوج مدرعات وبعض سرايا المشاة. أرسل الضابط فضل الله أبو منصور لاعتقال الزعيم ورئيس الحكومة محسن البرازي وترأس المحكمة العسكرية التي حَكَمت عليه بالإعدام بتهمة الخيانة العظمى. نُفذ الأمر وأُعدم كلّ من حسني الزعيم ومحسن البرازي رمياً بالرصاص، وصدر بياناً عن سامي الحناوي جاء فيه: “بحمد الله العلي العظيم، تم الانقلاب الحقيقي ونجت البلاد من طاغيتها المُجرم الباغي.”
فاجأ سامي الحناوي جميع مُناصريه وأعوانه بالإعلان أنه لا يريد تسلّم الحكم وأن هدفه الوحيد من الانقلاب كان لإنقاذ سورية من حكم الزعيم. أمر بعودة الجيش إلى ثكناته واستعادة الحكم الديمقراطي الشرعي.(5) دعا الحناوي إلى اجتماع في مبنى الأركان العامة، حضره لفيف من السياسيين القُدامى، يتقدمهم رؤساء الحكومات السابقين فارس الخوري وحسن الحكيم، ومعهم ممثلين عن حزب الشعب والحزب الوطني وحزب البعث والحزب السوري القومي الاجتماعي.
اللواء سامي الحناوي مع الرئيس هاشم الأتاسي سنة 1949.
طلبوا من الرئيس السابق هاشم الأتاسي تولّى رئاسة الحكومة في المرحلة الانتقالية، للإشراف على انتخاب مؤتمر تأسيسي يكون مُكلف بوضع دستور جديد للبلاد بدلاً من الدستور القديم الذي قام حسني الزعيم بحلّه قبل أشهر.
وعلى الفور أعاد أسعد طلس إلى منصبه في وزارة الخارجية وقام بإلغاء قرار التسريح التعسفي الصادر عن حسني الزعيم بحق بعض الضباط القُدامى، وكان من بينهم العقيد أديب الشيشكلي.
الوحدة مع العراق
بعد بدء العمل على الدستور أصبح هاشم الأتاسي رئيساً للدولة، وتم تكليف ناظم القدسي بتشكيل حكومة جديدة، وهو من قادة حزب الشعب المحسوبين على العراق. بدعم كامل من المؤسسة العسكرية ومن اللواء الحناوي شخصياً دخل الرئيس القدسي في مفاوضات مع نظيره العراقي نوري السعيد، لتحقيق وحدة فيدرالية بين سورية والعراق.
بدأت المفاوضات في أيلول 1949 وفي تاريخ 5 تشرين الأول وصل الملك فيصل الثاني إلى دمشق، برفقة خاله الأمير عبد الإله، الوصي على عرش العراق. اجتمع الملك مع الرئيس الأتاسي واللواء الحناوي ودخلوا في تفاصيل الوحدة الفيدرالية المطروحة، التي كان من المُفترض أن تكون تحت العرش الهاشمي، يتم فيها توحيد الجيشين السوري والعراقي.
سامي الحناوي مع الملك فيصل الأول.
نهاية سامي الحناوي
ولكن هذا الأمر أغضب العقيد أديب الشيشكلي، الذي رفض مبدأ الوحدة بسبب علاقة حُكّام العراق الوطيدة من بريطانيا. فقرر تنفيذ انقلاب داخل المؤسسة العسكرية، يُطيح بسامي الحناوي وحده دون المساس بالرئيس هاشم الأتاسي، وذلك لحرمان السياسيين المؤيدين للوحدة والمحسوبين عليه من أي دعم عسكري.
تمّ الانقلاب بسرعة ونجاح يوم 19 كانون الأول 1949 واستسلم الحناوي دون أي مقاومة، طالباً من الشيشكلي إحالته على التقاعد وعدم المساس به أو بأُسرته.(6) ولكنّ الشيشكلي قام باعتقاله ونقله إلى سجن المزة العسكري، حيث بقي سجيناً حتى إطلاق سراحه ونفيه إلى لبنان يوم 7 أيلول 1950.
مقتل الحناوي
في بيروت، تم اغتيال سامي الحناوي وهو يصعد إلى عربة الترامواي يوم 31 تشرين الأول 1950 على يد حرشو البرازي، وهو شاب ثائر من مدينة حماة أراد الانتقام لابن عمه محسن البرازي، رئيس الوزراء الذي أعدم بأمر من الحناوي في آب 1949. وقد نقل جثمانه إلى حلب ليُدفن فيها يوم 2 تشرين الثاني 1950.
حسني الزعيم (11 أيار 1897 – 14 آب 1949)، مهندس الانقلاب الأول في سورية ضد الرئيس شكري القوتلي وأول رئيس جمهورية من المؤسسة العسكرية، جاء إلى السلطة في 29 آذار 1949 وتمت الإطاحة به وقتله في 14 آب 1949. وكان قبل تسلمه الحكم قائداً للجيش السوري في حرب فلسطين الأولى وأول من عرض اتفاقية سلام على إسرائيل. في عهده القصير، الذي لم يستمر إلّا 137 يوماً، أُعطيت المرأة السورية حق الانتخاب ووضع قانون التجارة السوري.
في سنوات لاحقة حاول حسني الزعيم الترويج لنفسه على أنه أنشق عن العُثمانيين وانضم إلى الثورة العربية الكبرى التي انطلقت من الحجاز سنة 1916، قائلاً أن شارك بتحرير دمشق سنة 1918. ولكن وفي كلّ سجلات الثورة العربية، لا يرد اسم حسني الزعيم بين صفوف المُقاتلين أو حتى الداعمين لها، سراً أو علناً.
ضابطاً في زمن الانتداب (1921-1941)
الثابت الوحيد في مسيرة الزعيم هو أنه انضم إلى جيش الشرق التي أوجدته فرنسا في سورية بعد فرض الانتداب الفرنسي واحتلال دمشق سنة 1920. وصل حسني الزعيم إلى رتبة مُقدم في جيش الشرق وكُلف بمقاومة قوات فرنسا الحرّة عند توجهها نحو مدينة دمشق لتحريرها من قوات فيشي الموالية لأدولف هتلر سنة 1941. أعطاه الفيشيين مبلغاً من المال لإنشاء مقاومة شعبية ضد قوات الجنرال شارل ديغول، ولكنه فرّ من أرض المعركة عند انهيار صفوف فيشي، وأخذ معه الأموال التي كانت قد أودعت لديه.
أصدرت قوات فرنسا الحرّة أمراً باعتقاله، ووجدته مُخْتَبِئًا في حيّ الأكراد بدمشق. أُلقي القبض عليه وتم طرده من جيش الشرق، كما حُكم عليه بعشرين سنة من السجن، قضى منها خمس سنوات مُتنقلاً بين سجن الرمل في بيروتوسجن القلعة بدمشق.
وقد أُطلق سراح الزعيم في الأشهر الأخيرة من الانتداب الفرنسي، ووضع قيد الإقامة الجبرية في حيّ الأشرفية في بيروت حتى جلاء القوات الفرنسية عن سورية يوم 17 نيسان 1946. عاد بعدها إلى دمشق وتقدم بطلب انضمام إلى الجيش السوري الوليد، ولكن طلبه رُفض من قبل القيادة السورية، لأنه كان مطروداً من جيش الشرق بسبب قضية اختلاس أموال. وعندما طرح موضوعه على وزير الدفاع أحمد الشرباتي كان الجواب: “يا لطيف، لا تذكروا هذا الاسم أمامي.”
قائداً للجيش السوري (أيار 1948-آذار 1949)
أصرّ الزعيم على أنه مظلوم وأن تُهمة الفساد قد لفّقت له من قبل أعداؤه بسبب مواقفه الوطنية، ويبدو أنّ هذا الكلام أقنع الدكتور محسن البرازي الأمين العام للقصر الجمهوري في عهد الرئيس شكري القوتلي، الذي تدخّل من أجله وأعاد الزعيم إلى الخدمة مع الاحتفاظ بقدم رتبته العسكرية. دخل الجيش السوري برتبة “عقيد” وعُين آمراً للّواء الثالث في مدينة دير الزور، ثم نُقِل إلى دمشق ليُصبح قائداً للشرطة العسكرية عند بدء المعارك القتالية في فلسطين.
وفي الأسبوع الأول من حرب 1948، استقال وزير الدفاع أحمد الشرباتي من منصبه، ومعه رئيس الأركان اللواء عبد الله عطفة، فتولّى رئيس الحكومة جميل مردم بك حقيبة الدفاع، وقام بتعيين حسني الزعيم رئيساً للأركان العامة يوم 25 أيار 1948.
حسني الزعيم مع الرئيس شكري القوتلي سنة 1948 (المصدر: حركة البناء الوطني)
أَظهر الزعيم ولاءً مُطلقاً للرئيس القوتلي، الذي أحبّ تفانيه بالعمل وشعبيته بين العساكر والضباط. وقد دخل ذات مساء على سهيل العشي، المرافق العسكري للرئيس القوتلي وقال له: “يوجد شخص واحد فقط في هذا البلد يجب تقبيل قدميه قبل يديه ورأسه، وهو هذا الرجل العظيم (مُشيراً إلى مكتب رئيس الجمهورية).”
وفي حوار مع المؤرخ السوري سامي مروان مبيّض، يقول العشي: “كان الزعيم ماكراً خبيثاً ومُخادعاً، ولكن الرئيس وثق به، بكلِّ أسف، واعتمد عليه كثيراً في ضبط الشارع السوري والمؤسسة العسكرية خلال الحرب، خوفاً من عدم قدرة جميل مردم بك على القيام بهذه المهمة في وزارة الدفاع لكونه لا يملك أي خبرة عسكرية.”
الخلاف مع خالد العظم
قاد حسني الزعيم الجيش السوري خلال أشدّ معارك حرب فلسطين وحقق انتصارات عسكرية كبيرة قبل فرض الهدنة الأولى من قبل الأمم المتحدة، ولكن علاقته مع الزعماء السياسيين لم تكن طيّبة، وتحديداً من رئيس الحكومة خالد العظم، الذي جاء إلى السلطة نهاية عام 1948 وتولّى حقيبة الدفاع بنفسه. كان العظم يُحذر الرئيس القوتلي من حسني الزعيم، مُعتبراً أنه “خطر” على سورية، ويقول: “قبل أن يتعشى بنا يجب أن نتغدى به.”
وصلت هذه النصائح إلى مسمع حسني الزعيم، مع الانتقادات المتكررة التي وجهت إليه من قبل نائب الزبدانيفيصل العسلي، والتي لم يتصدى لها الرئيس العظم بصفته وزيراً للدفاع. وقد وصلت مُداخلات العسلي في مجلس النواب إلى حد الذم والتشهير بحسني الزعيم بسبب ضلوع بعض أعوانه بقضايا فساد، منهم العقيد أنطون بستاني، مدير تموين الجيش، الذي اتهم بالإثراء غير المشروع وإطعام الجنود سمناً فاسداً. أمر الرئيس القوتلي باعتقاله ولكن حسني الزعيم رفض ذلك ووضعه قيد الإقامة الجبرية في مبنى وزارة الدفاع، دون تسريحه أو معاقبته.
وفي المُقابل نظّم حسني الزعيم معرُوضًا ضد النائب فيصل العسلي، مطالباً باعتقاله ومحاسبة المسؤولين عن عدم تسليح الجيش قبل إرساله إلى فلسطين. وضِع هذا المعروض في مدينة القنيطرة وقُدم إلى الرئيس القوتلي ولكن الأخير رفض استلامه، قائلاً إنه يجب أن يأتيه حسب التسلسل، أي عبر وزير الدفاع لا من الجيش مباشرة. ثم عاتب الزعيم قائلاً: “أهكذا أصبح الجيش؟ هل أصبح الضباط مثل المخاتير يحررون المحاضر؟”
وقد جاء في المعروض: “إن الجيش يا صاحب الفخامة في توتر وهياج من جراء ما حدث وسيزداد هياجاً وتوتراً كلما طال التأخير في تحقيق المطالب المذكورة.” وعندما توجه الزعيم إلى منزل خالد العظم لتقديم المعروض، جعله رئيس الحكومة ينتظر طويلاً، مما أغضب الزعيم كثيراً وضاعف من نقمته على المدنيين وعلى العهد برمته.
الزعيم والولايات المتحدة
أدرك حسني الزعيم أن علاقة شكري القوتلي تتجه نحو صدام حتمي مع الولايات المتحدة بسبب مواقفه المعروفة والمتشددة من القضية الفلسطينية ورفضه تنفيذ عدة مطالب، منها إعطاء امتياز إلى شركة التابلاين لنقل النفط السعودي عبر الأراضي السورية. فقرر الزعيم الاستثمار بهذا الخلاف وعرض نفسه على طاقم السفارة الأمريكية بدمشق، مع جاهزيته الكاملة للقيام بما يلزم به للإطاحة بالقوتلي وإنهاء الصراع بين سورية وإسرائيل.
عَقد الميجور ستيفان ميد، مساعد الملحق العسكري الأمريكي في دمشق، ستة لقاءات سريّة مع حسني الزعيم في الفترة ما بين تشرين الثاني 1947 وآذار 1948. لم يُخفِ خلالها الزعيم رغبته في القيام بانقلاب عسكري وتسلُّم الحكم لتأسيس نظام عسكري يُلبي كل مطالب الولايات المتحدةوإسرائيل. وعد بضرب الحزب الشيوعي السوري وتوقيع اتفاقية التابلاين، ومعها هدنة مع إسرائيل، ثم الدخول بمفاوضات سلام مباشرة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي دافيد بن غوريون.
أبرق الميجور ستيفان ميد إلى واشنطن قائلاً: “حسني الزعيم يُريد أن يرى تحالفاً عسكرياً بين بلاده والولايات المتحدة، وهو يقول إنّ وجود حُكم قوي ومستقر في دمشق، أو ديكتاتورية، سيكون أفضل للجميع وسيُعطي الولايات المتحدة حليفاً موثوقاً ودائماً في سورية، مُقترحاً أنْ يكون هو هذا الحليف المؤتمن.”
الانقلاب: 29 آذار 1949
وجهت عدت إنذارات إلى الرئيس شكري القوتلي لتوخي الحذر من حسني الزعيم. الإنذار الأول جاء عبر السفارة البريطانية في دمشق يوم 25 آذار 1949، أي قبل وقوع الانقلاب بأربعة أيام، وسُلم إلى أمين عام القصر الجمهوري عصام الإنكليزي. وجاء الإنذار الثاني عبر سفير سورية في لندن ادمون حمصي يوم 27 آذار. وكان الإنذار الثالث والأخير على لسان رئيس الوزراء السابق جميل مردم بك من مصر، عبر نجله زهير مردم بك، ولكن الرئيس القوتلي رفضها كلها، إيماناً منه بولاء حسني الزعيم المُطلق.
في ساعةٍ متأخرةٍ بعد منتصف ليلة 29 آذار 1949 تحركت قطعات عسكرية من ريف دمشق باتجاه العاصمة السورية، بأمر من حسني الزعيم. كانت تعليماته واضحة: اعتقال رئيس الجمهورية وبسط حُكم الجيش في كافة أنحاء البلاد. وقد وُزّعت الدبابات على مداخل المدينة وقُطعت الاتصالات السلكية واللاسلكية، كما أُغلقت جميع المعابر الحدودية مع دول الجوار.
وجاء في البلاغ رقم واحد: “مدفوعون بغيرتنا الوطنية مُتألمين بما آل إليه وضع البلد من جراء افتراءات وتعسُّف من يدَّعون أنهم حُكامنا المخلصون لجأنا مضطرين إلى تسلُّم زمام الحكم مؤقتاً في البلد التي نحرص على المحافظة على استقلالها كلَّ الحرص”. مُهر البيان بتوقيع “القيادة العامة للجيش والقوات المُسلحة.”
الاعتقالات
اتجهت مجموعة عسكرية إلى منزل رئيس الجمهورية في حيّ بستان الرئيس، وذهبت قطعةٌ أُخرى إلى قصر رئيس الوزراء خالد العظم في سوق ساروجا. ألقوا القبض على القوتلي وأرسلوه مخفوراً إلى سجن المزة، وتعاملوا مع العظم بقسوة مُفرطة، أدت إلى ضربه وإخراجه من منزله مهاناً بلباس النوم نحو نفس السجن.(16)
كذلك أمَر الزعيم باعتقال فؤاد شباط مدير إذاعة دمشق لمدة 24 ساعة، لرفضه إذاعة البلاغ العسكري رقم واحد. كما أَمر الزعيم بإغلاق القصر الجمهوري حتى إشعار آخر، وباعتقال أمينه العام عصام الإنكليزي مع سهيل العشي، المرافق العسكري للرئيس القوتلي.
من داخل مقر قيادة الشرطة في ساحة المرجة، أشرف حسني الزعيم على أدق تفاصيل الانقلاب، بمُساعدة رئيس الحزب العربي الاشتراكي أكرم الحوراني، الذي قام بكتابة جميع البلاغات العسكرية وبثّها عبر الإذاعة، واصفاً الحكم الديموقراطي بأبشع الأوصاف، ومُتهِماً كافة رموزه بالخيانة والفساد والتقصير في واجبهم الوطني تجاه فلسطين. نَصح الحوراني بإعدام شكري القوتلي ولكن حسني الزعيم رفض القيام بذلك، خوفاً من ردّ فعل الشارع السوري وقادة الدول العربية المُقربين من الرئيس المخلوع، وتحديداً العاهل السعودي عبد العزيز آل سعود، صديق شكري القوتلي.
عهد الزعيم
بدأ حسني الزعيم حكمه بإلغاء رتبة “الزعيم” في سورية، وهي توازي رتبة “عميد” اليوم، وتدريج مقولة “لا زعيم إلّا الزعيم!” إعجاباً بحكّام أوروبا الأرستقراطيين، صار يرتدي عدسة المونوكل على عينه اليمنى، ويلبس كفوفاً بيضاء ويحمل عصا المارشالية.
كانت الولايات المتحدة أُول من اعترف بانقلاب حسني الزعيم في يوم 26 نيسان 1949، بعد أقل من شهر على اعتقال الرئيس القوتلي. أمر الزعيم بتعطيل دستور عام 1930 وبإغلاق مكاتب جميع الأحزاب وحلّ المجلس النيابي مع إيقاف مُعظم الصحف اليومية، بعد تأسيس جريدة يومية لتبجيله ومدحه، اسمها “الانقلاب،” ذهبت رئاسة تحريرها للصحفي منير الريّس، صاحب جريدة بردى. وفي بادرة حسن نية تجاه الغرب، رفع حسني الزعيم حظر الحركة المفروض على يهود سورية وأعاد لهم رُخص السوق وجوازات السفر، كما أعفاهم من ضرورة الحصول على إذن سفر قبل مغادرة البلاد، مع الإبقاء على قانون منع بيع عقاراتهم.
الاعتراف بالعهد الجديد
بعد تسلُّمه مهمات الحاكم كاملةً فرض حسني الزعيم القوانين العُرفية على سورية، وأَجاز للسلطات الأمنية مراقبة الاتصالات واعتقال أي مشتبه أو مُشاغب دون مذكرة توقيف أو محاكمة، ومنع التجوال في الشوارع بعد الساعة السابعة مساءً. تسارع النواب إلى منزل فارس الخوري، رئيس البرلمان المُنحل، الذي كان مُتمارض يومها لتجنُّب ملاقاة حسني الزعيم. طلبوا منه المشورة حول كيفية التعامل مع حسني الزعيم وكان جوابه الشهير: “لقد اندلعت النيران في البيت، إنّ الواجب والعقل والضمير يفرض علينا أن نتعاون لإخماد النيران أو حصرها قبل أن يشتد لهيبها فتأتي على الأخضر واليابس.”
في 6 نيسان 1949 قدّم الرئيس القوتلي استقالته عبر وساطة من فارس الخوري، موجهاً خطاب الاستقالة لا للزعيم بلّ إلى الشعب السوري: “أُقدم للشعب السوري الكريم استقالتي من رئاسة الجمهورية السورية، راجياً له العز والمجد”. على الفور، أمر الزعيم بنسخها عبر جهاز “الزينغوغراف” وتوزيعها عبر كتاب صدر عن مطبعة الجيش بعنوان الانقلاب السوري، وضعه الصحفي بشير العوف بتكليف من حسني الزعيم.
وقد نشرت مجلّة تايم الأمريكية مقالاً مطولاً عن الوضع في سورية، جاء فيه: “مُعظم السوريين يجلسون في المقاهي والأسواق، يشربون الشاي ويدخنون الأركيلة، ولا يعنيهم كثيراً التغيير الذي طرأ على حكومتهم. في تاريخهم الطويل ذاقوا طعم حكم الفرس والرومان واليونان والمغول والأتراك والفرنسيين، ويبدو أنهم على استعداد لتقبُّل حسني الزعيم كذلك.”
الزعيم وإسرائيل
تنفيذاً لوعوده أمام الأمريكان، سارع حسني الزعيم بإطلاق مفاوضات الهدنة مع إسرائيل يوم 5 نيسان 1949. جرت المباحثات تحت إشراف الأمم المتحدة، في خيمة نُصبت لهذا الغرض في منطقة منزوعة السلاح على الحدود السورية الفلسطينية. كان ذلك بعد أسبوع واحد فقط من تسلُّم الزعيم مقاليد الحكم في دمشق، وخوفاً من أنْ يتهمه أعدائه بالخيانة، وإصراراً منه على أن يُثبت أنه ليس أقل وطنية من شكري القوتلي، قال الزعيم إن هذه المفاوضات هي مُجرد “استراحة محارب” ولا تعني إنهاء الحرب مع إسرائيل أو التخلّي عن الشعب الفلسطيني.
عقدة المفاوضات كانت في موقف الرئيس القوتلي المثبّت في أوراق ومُذكّرات وزارة الخارجية السورية المرسلة إلى الأمم المتحدة منذ عام 1948. فقد رفض القوتلي التنازل عن أي شبر من منطقة الجليل وأصر على استعادة بحيرة طبريّا بالكامل. صرّح الزعيم سراً أمام الوزير الأمريكي المفوض في دمشق جيمس كيلي بأنّ هذا الكلام لا يعنيه، وأنه على استعداد لنسف موقف القوتلي والتنازل عن الجليل ومشاركة الإسرائيليين بمياه بحيرة طبريّا مع إعطاء نصفها الغربي لإسرائيل والاحتفاظ بقسمها الشرقي مع سورية.
رفضت إسرائيل عرض حسني الزعيم، لأنها كانت بأمسِّ الحاجة لمياه طبريّا، لكونها مورد الماء الوحيد لديها، وكانت تعوِّل عليها الكثير في تطوير صحراء النّقب وتأهيلها. اتفق الطرفان على خطوط وقف إطلاق النار وعلى أن تصبح هي نفسها خط الهدنة، على أن تمرّ على نفس المسافة التي تفصل بين خطي القتال، وأن تكون المنطقة بين حدود سورية وإسرائيل منطقة منزوعة السلاح.
واتفقوا أيضاً على أن تعود الحياة المدنية إلى المنطقة العزلاء، وأن يعود السكان العرب إلى قُراهم تحت إشراف رئيس لجنة الهدنة، الأمريكي رالف بنش. حصل 19 لقاءً بين الوفدين السوري والإسرائيلي، وكانت النتيجة التوقيع على اتفاقية الهدنة يوم 20 تموز 1949. في كتابه الطريق الذي لم يُسلك اعتبر السفير الإسرائيلي إيتامار رابينوفتش إن هذه الاتفاقية كانت بمثابة “اعترافاً مُبكراً” بالدولة العبرية، جاء من سورية، قبل أن تعترف بها مصر بثلاثة عقود.
بن غوريون وحسني الزعيم
توقفت مفاوضات الهدنة لشهر كامل ما بين أيار وحزيران 1949، بسبب اعتراض المستشار القانوني السوري صلاح الدين الطرزي على ممارسات إسرائيل. وخلال هذه الفترة عرض حسني الزعيم على إسرائيل مشروعاً متكاملاً مؤلفاً من ثلاث نقاط:
كتب نائب دمشق فخري البارودي في أوراقه مُعلّقاً على مقترح حسني الزعيم، قائلاً أنّ واشنطن عَرضت عليه مبلغ 300 مليون دولار لتنفيذ هذا المشروع ولكن كان قد طالب بما لا يقل عن 400 مليون دولار. وفي ردِّها الأول على العرض السوري قالت وزارة الخارجية الأمريكية إنّ حسني الزعيم كان “إنسانياً في طرحه ورجل دولة في موقفه”. بعث الزعيم برسالة إلى واشنطن، مطالباً بتقديم طلب رسمي من قبل وزارة الدفاع الأميركية لإنشاء قواعد عسكرية في الأراضي السورية للوقوف في وجه المدّ الشيوعي، وقال إنه سيوافق عليه فور تسلمه. عند سماعه عن كل هذه التنازلات، كَتب وزير الخارجية في عهد الزعيم، الأمير عادل أرسلان، قائلاً في مُذكّراته: “صرت أخشى على سورية أن تُباع!”
حسني الزعيم رئيساً للجمهورية.
الزعيم رئيساً
في حزيران 1949 جرت انتخابات رئاسية في سورية وكان حسني الزعيم هو المرشح الوحيد فيها، وقد أوصلته دستورياً إلى قصر المهاجرين بنسبة فاقت 116% من أصوات الناخبين. تماشياً مع الأعراف، استقالت الحكومة التي كان يرأسُها، وكان فيها الأمير عادل أرسلان وزيراً للخارجية ونائباً لرئيس الوزراء، وكُلّف الدكتور محسن البرازي، صديق الزعيم وكاتم أسراره، تشكيل حكومة جديدة.
جميع الدول العربية تعاملت مع انقلاب الزعيم بحذر شديد، وانتظرت طويلاً قبل الاعتراف به. في 16 نيسان 1949 وصل رئيس نوري السعيد، وزراء العراق، إلى دمشق واجتمع في المطار مع حسني الزعيم، لمعرفة توجهات الأخير ونواياه الإقليمية والدولية. سأله نوري باشا: هل يقبل الزعيم بمشروع الهلال الخصيب الذي كان العراق قد طرحه من قبل، وكان الرئيس القوتلي قد رفضه؟ أما يُبقي على تحالف سورية القائم من الدول العربية المعادية للأسرة الهاشمية، في إشارة طبعاً إلى مصروالسعودية؟
تم هذا الاجتماع في القاهرة يوم 21 نيسان 1949، وكان مُثمراً للغاية. أعلن الزعيم من بعدها عن استمرار العلاقات التاريخية بين سورية ومصر، وعن رفضه لأي حلف أو تحالف مع الأسرة الهاشمية الحاكمة في كلّ من بغداد وعمّان.
اعترفت مصر رسمياً بشرعية الانقلاب في سورية وبحسني الزعيم حاكماً عليها، وتلاها اعتراف مُماثل من السعودية. وحده لبنان رفض الانصياع إلى هذا الموقف وظلّ متمسكاً بالرئيس شكري القوتلي رئيساً شرعياً لسورية.
وجد أنطون سعادة حليفاً قوياً في شخص حسني الزعيم، الذي كان على خلاف كبير مع قادة لبنان بسبب إصرارهم عدم الاعتراف به وبشرعية انقلابه. أراد الزعيم استخدام أنطون سعادة للنيل من رياض الصلح، فأعطاه اللجوء المطلوب في سورية وقدم له مسدسه الخاص، عربون وفاء وتقدير.
وقد قرر أنطون سعادة تنظيم ثورة في لبنان للإطاحة برياض الصلحوبشارة الخوري، بتمويل وتخطيط من المخابرات السورية. تواصل حُكام لبنان مع رئيس الحكومة محسن البرازي، وأقنعوه بضرورة تسليم سعادة إلى القضاء اللبناني، مقابل الاعتراف بحسني الزعيم رئيساً شرعياً على سورية. في مُذكّراته، يقول نذير فنصة، عديل حسني الزعيم ومدير مكتبه:
ذهبت إلى الزعيم استفسر عن موضوع سعادة، فقال لي: إن هناك ضغطاً عليه من الشّيخ بشارة الخوري رئيس الجمهورية اللبنانية ومن رياض الصلح. قلت للزعيم: أليس من العار أن تُسلّم شخصاً تعرف أنه سيعدم بعدما منحته الأمان؟ فقال لي: إنهم يطلبون مني حتى أن أدبر قتله هنا في دمشق، وأنا لم أفعل ذلك طبعاً. لذا سأسلمه.
حسني الزعيم وبشارة الخوري بعد تسليم أنطون سعادة إلى لبنان.
أقنعه نذير فنصة بعدم صواب تسليم أنطون سعادة، نظراً لشعبية الأخير داخل الجيش السوري، مُقترحاً الترحيل بدلاً من التسليم. وافق الزعيم وقال إنه سيُرحل سعادة إلى الأرجنتين حيث له قاعدة حزبية وعائلية كبيرة.
ولكن حسني الزعيم نكث بوعده وقام بتسليم أنطون سعادة إلى السلطات اللبنانية، حيث حُكم وأعدم في يوم 8 تموز 1949. يعدها بأيام معدودة وصل الرئيس بشارة الخوري إلى دمشق ومعه رياض الصلح واعترف لبنان رسمياً بحسني الزعيم وشرعية حكمه.
واصلت قرع الباب بشدة، فاذا بالأنوار الكهربائية تُشع، وإذا بحسني الزعيم يُطل من على الشرفة صائحاً: ما هذا؟ من هنا؟” أجبته بلهجة الأمر الصارم: استسلم حالاً، فكل شيء قد انتهى، وإلّا دمرت هذا القصر على رأسك.” فانتفض حسني الزعيم وتراجع مذعوراً. عاجلته بوابل من رشاشتي، إلى أنه دخل القصر وتوارى فيه. ثم نزل من الدور الثاني وهو يرتدي بنطلونه فوق ثياب النوم، وزوجته وراءه تصيح: حسني…حسني…إلى أين يا حسني؟ وقبل أن يتمكن حسني من الرد على زوجته، دنوت منه واعتقلته ثم صفعته صفعة كان لها فر أرجاء القصر دوي. قال حسني: لا تضربني…يا رجل، احترم كرامتي العسكرية.
وضع حسني الزعيم في مُصفحة وتم نقله إلى منطقة مهجورة بالقرب من مقبرة الفرنسيين في بساتين المزّة، حيث أُلحق به كل من رئيس حكومته محسن البرازي ومدير مكتبه نذير فنصة. يُضيف أبو منصور:
كان حسني الزعيم في المُصفحة ساهماً تائه النظرات، كأنه لا يُصدق ما يرى ويسمع…كأنه يحسب نفسه في منام مُخيف.” ثم قال الزعيم لفضل الله أبو منصور: “يا فضل، أنا بين يديك، معي ثمانون ألف ليرة، خذ منها ستين ألفاً لك ووزع عشرين ألفاً على جنودك وأطلق سراحي ودعني أهرب إلى خارج البلاد.
يصف نذير فنصة اللحظات الأخيرة من حياة الزعيم قائلاً: “كان الزعيم هادئاً في شكل مُذهل ومتمالكاً نفسه، بينما كان البرازي مرمياً على الأرض ومغمياً عليه. وكنت أنا أرتعد لاقتراب شبح الموت مني، فقال حسني الزعيم، موجهاً كلامه لي وللبرازي: لا تخافوا، فالإنسان لا يموت سوى مرة واحدة.”
ولكن هدوئه تلاشي عند رؤيته أفواه البنادق الموجهة صوب صدره ورأسه، وصاح: “أنا حسني الزعيم! أنا الذي جعلت لكم كرامة. تقتلوني بدلاً من قتل هؤلاء الكلاب؟” وقد استمر إطلاق الرصاص على حسني الزعيم زهاء خمس دقائق، وقام الضباط بدوس جثته بأرجلهم.
يُكمل فضل الله أبو منصور حديثه عن أحداث ليلة 14 آب 1949 قائلاً: “أمرت بنقل الجثتين إلى المصفحة ثم سرت إلى المستشفى العسكري لأضعهما في غرفة الموتى. أغلقت عليهم باب الغرفة واحتفظت بالمفتاح وفي الساعة السادسة صباحاً، استوليت على القصر الجمهوري وختمته بالشمع الأحمر ثم توجهت إلى رئاسة الأركان لمقابلة الزعيم سامي الحناوي.”
جثة الزعيم
إمعاناً بالإذلال، أمر سامي الحناوي بدفن حسني الزعيم في قبر مجهول في قرية أم الشراطيط بريف دمشق. وبعد عودة رئيس الجمهورية هاشم الأتاسي إلى الحكم أمر بالبحث عن جثة الزعيم، قائلاً أنه لا يجوز أن يُدفن بهذه الطريقة، لكونه كان رئيساً لسورية وقائداً لجيشها. عُثر عليه في نعش مُكسر تحت حجارة كبيرة، وتمكنت السلطات من التعرّف عليه من سروال بيجامته ومن أثار رصاصة في خاصرته كان قد أصيب بها في زمن الانتداب الفرنسي. نُقل بعدها جثمان الزعيم إلى مقبرة الدحداح في دمشق وأقيم له قبر أنيق، يليق برئيس جمهورية سابق.
انجازات الزعيم
على الرغم من قصر فترة حكمه، إلى أن لحسني الزعيم عدة إنجازات، منها استدعاء خبراء من فرنسا لجر مياه نهر الفرات إلى حلب، وتوسيع مطار دمشق وجعله مطاراً دولياً، وإصدار قانون التجارة والقانون المدني، وسنّ دستور عصري يُعطي المرأة السورية حق الانتخاب وقد الترشح للمجلس النيابي. وكان موضوع حقوق المرأة السياسية قد طرح في سورية منذ عام 1920 ولكن لا أحد من السياسيين استطاع أن يفرضه على المجتمع، كما فعل حسني الزعيم.
قالوا في الزعيم
اختلفت الأقوال في حسني الزعيم، وكذلك تقييمات مُعاصريه. البعض قالوا فيه إنه أرعناً ومتهوراً، والآخرون رأوا أنه كان رجل دولة، رائداً ومُجدّداً في أفعاله. أول من أفصح عن رأيه الصريح بالزعيم وقضية السلام مع إسرائيل كان وزير خارجيته الأمير عادل أرسلان، في سلسلة مقالات نُشرت في جريدة الحياة البيروتية بعد مقتل الزعيم في صيف عام 1949. رأى الأمير عادل أن حسني الزعيم كان يُريد عقد الهدنة بأسرع وقت لكي يَسحب الجيش السوري من الجبهة لقمع الأحزاب والمعارضة الداخلية، ولبسط حكمه العسكري في دمشق.
أمّا المؤرخ الإسرائيلي آفي شلايم من جامعة أوكسفورد، فقد وصف حسني الزعيم قائلاً: ” بِالرَّغْمِ من عيوبه الشخصية، كان رجلاً جدّياً في طرح الإصلاح الاجتماعي والتطور الاقتصادي، وكان يَعتبر السلام مع إسرائيل وحل قضية اللاجئين ضرورياً لتحقيق تلك الأهداف.”
أما ضابط الاستخبارات الأمريكي مايلز كوبلاند، ربيب حسني الزعيم والمهندس الحقيقي لانقلاب 29 آذار 1949، فقد اعترف في كتابه الشهير لعبة الأمم بأنه أخطأ التقدير في اختيار حسني الزعيم وصارح لزميله الميجور ستيفان ميد بالقول: “إنَّ هذا الفعل ينمُّ عن غباء شديد وإحساس عالٍ باللا مسؤولية من طرفنا. كان من المفترض عدم تورُّط بعثتنا الدبلوماسية مع هذا الرجل!” وقد جاء هذا الكلام في كتابه الصادر سنة 1970، أي بعد زوال حكم حسني الزعيم بأكثر من عشرين سنة.
كاظم الجزار (1902-1983)، مهندس سورية كان أميناً عاماً لوزارة الأشغال العامة في الخمسينيات، يعود له الفضل بعدة مشاريع منها استصلاح أراضي سهل الغاب ومشروع مصفاة حمص ومحطة توليد الكهرباء في عين الفيجة قُرب دمشق.
البداية
ولِد كاظم الجزار في مدينة حماة ودَرَس الهندسة المدنية في الجامعة اليسوعية في بيروت، التي تخرج منها سنة 1928.
في أمانة العاصمة
التحق فور عودته إلى دمشق بمديرية الأشغال العامة سنة 1928 قبل ندبه إلى أمانة العاصمة، التي بات اسمها بعد سنوات “محافظة دمشق.” عُين مستشاراً لمهندس فرنسي، وكان ذلك في زمن الانتداب الفرنسي على سورية، ثم مديراً للدائرة الفنية سنة 1945.
في شباط 1948 نٌقل كاظم الجزار إلى وزارة الأشغال العامة، في عهد الوزير أحمد الرفاعي، وتم تعينه مديراً للعادن والمقالع ومشرفاً على الشركات الأجنبية العاملة في سورية. تدرج في المناصب الوزارية من مدير مصلحة إلى مُراقب عام ثم مديراً لهيئة التفتيش، وفي سنة 1951، أصبح أميناً عاماً للوزارة، وظل في هذا المنصب حتى قيام الوحدة مع مصر سنة 1958.
ولِد محمّد فائق العطّار في دمشق وهو حفيد الشّيخ بكري العطّار، أحد أشهر عُلماء الشّام في القرن التاسع عشر. توفي والده باكراً فتولّى جدّه الإشراف على تعليمه.
دَرَس فائق العطّار على يد عُلماء عصره في الجامع الأموي بدمشق ثم سافر إلى إسطنبول للدراسة في معهد الطب العُثماني، حيث تخرج سنة 1910.
وفي سنة 1914، عين مديراً لصحة دمشق، وقد ذاع صيته خلال الحرب العالمية الأولى لدوره في مُعالجة المصابين والجرحى من الأتراك والسوريين، وأصبح طبيباً خاصاً للمُحدّت الأكبر في بلاد الشّام الشّيخ بدر الدين الحسني، ومن بعدها لإبنه الشّيخ تاج الدين الحسني، رئيس الجمهورية السورية في مطلع الأربعينيات.
وخلال العهد الفيصلي (1918-1920) شارك الدكتور فائق العطّار في تعريب كتب معهد الطب مع نخبة من أطباء دمشق، ضمن لجنة برئاسة الدكتور رضا سعيد.
الوفاة
انفصل الدكتور العطّار عن العمل الحكومي سنة 1933 وتفرغ لعيادته الطبية الخاصة بدمشق حتى وفاته عن عمر 65 عاماً سنة 1951.
نور الدين كحالة (1908-1965)، مهندس سوري من مدينة حمص، عمِل في القطاع العام قبل تعيينه وزيراً للأشغال العامة في مطلع عهد الوحدة مع مصر. وبعدها كان رئيساً للمجلس التنفيذي في سورية ونائباً للرئيس جمال عبد الناصر حتى وقوع انقلاب 1961.
عاد إلى سورية وعُيّن مُهندساً في شركة كهرباء دمشق حتى سنة 1931 عند انتقاله إلى مصنع الإسمنت في منطقة دمّر، بطلب من مُديره المؤسس خالد العظم. وفي سنة 1935 أصبح مهندساً في وزارة الأشغال العامة وفي محافظة دمشق، ثم رئيساً لمصلحة الري.
وفي سنة 1952 عُيّن مديراً لمرفأ اللاذقية، حيث ظلّ يعمل حتى قيام الوحدة سنة 1958.
رئيساً للمجلس التنفيذي (تشرين الأول 1958 – أيلول 1960)
أيّد نور الدين كحالة الرئيس جمال عبد الناصر وكان من أشد داعمي قيام جمهورية الوحدة مع مصر، التي سُمّي فيها وزيراً للأشغال في الإقليم الشمالي (سورية) في شباط 1958. وفي 7 تشرين الأول 1958 عينة الرئيس عبد الناصر رئيساً للمجلس التنفيذي في الإقليم الشمالي، أي رئيساً لمجلس الوزراء، وجاء بنور الدين طرّاف رئيساً للمجلس التنفيذي في الإقليم الجنوبي.
وبما ان المهندس كحالة كان بعيداً عن السياسة وغير منتمي إلى أي حزب من الأحزاب، يُعتبر أول رئيس حكومة التكنوقراط في تاريخ سورية الحديث. وقد ضمّت هذه الحكومة العقيد عبد الحميد السراج وزيراً للداخلية ونهاد القاسم وزيراً للعدل وأمجد طرابلسي وزيراً للتربية وخليل كلاس وزيراً للاقتصاد.(2)
نور الدينكحالة يلقي القسم أمام الرئيس عبد الناصر سنة 1960.
وفي هذا الموقع أبدى كحالة تحفظاً على قرار التأميم الذي صدر عن الرئيس عبد الناصر في تموز 1961، نظراً لتجربته الناجحة مع معمل الإسمنت، الذي كان قد شمله قرار التأميم.(3)
وقد وضع المهندس كحالة الخطة الخمسية الأولى في سورية، وكان من أهدافها تحقيق التنمية دون حدوث تضخم أو انكماش، وتحقيق تنمية مُستقرة، وتحسين توزيع الدخل بين المواطنين.
وقد دعمهم أستاذ مادة الرياضيات إبراهيم الدادا الدمشقي، الذي كتب كلمات نشيد الجمعية وكان رئيساً للجنتها الإدارية الأولى. وبعدها بعام واحد، أصبح الدادا مُترجماً للجنة كينغ كراين الأمريكية خلال زيارتها إلى سورية.(1)
ولقد نص قانون جمعية العروة الوثقى على أن غاية الجمعية “ممارسة الخطابة والكتابة باللغة العربية الفصحى.” (غنما 57)
تقيدت الجمعية بهذا النص وظلّت ترعى المناظرات وتعمل على تقوية فنّ الخطابة لدى أعضائها، مع طباعة مجلّة مخصصة لهم ولأنشطتتهم، سُمّيت “العروة الوثقى” وصدر عددها الأول في كانون الثاني 1924.
مجلة العروة الوثقى
في سنة 1934 عاد الدكتور زريق إلى الجامعة الأميركية وانتُخب رئيساً لجمعية العروة الوثقى، وبعدها بسنوات أصبح رئيساً لجامعة دمشق فقام بنقل التجربة الناجحة إلى طلابه في سورية.
العروة الوثقى في دمشق
تنادى عدد من شباب جامعة دمشق، وخاصة من كلية الطب، لتأسيس فرع من العروة الوثقى بعد تولّى الدكتور زريق رئاسة الجامعة، وكان بينهم الدكتور نادر توكل والدكتور بسام الصواف والأستاذة أديبة الصبان والدكتور أحمد الفحام والأستاذة بشرى الكسم والدكتور أنور تيناوي والدكتور مروان محاسن، الذي أصبح بعد سنوات طويلة رئيساً لمجمع اللغة العربية بدمشق. وقد عملوا على تفعيل الشعور القومي فيجامعة دمشق وتنظيم مُحاضرات في المناسبات الوطنية.(2)
وفي العام الدراسي 1950-1951 انتسب عدد من طلاب كلية الحقوق إلى الجمعية مثل جودت البارودي وممدوح رحمون ورشيد البارودي وعمر الرباط ورشاد الجنان ووليد الكزبري. وكان العديد من الطلاب يرغبون بالانتساب إليها لكن إدارة جامعة دمشق كانت حريصة على أن يكون منتسبيها من النخبة. وقد أصدرت الجمعية السورية مجلة تحمل اسمها، تحت إشراف الدكتور زريق، كانت تحتوي على مقالات لكبار الأدباء والمفكرين.
ومن ضمن المواضيع التي طرحت في مناظرات الجمعية في دمشق: “إلغاء التعليم الديني في المدارس السورية أنفع للبلاد من بقائه،” “أي أنفع للبلاد: البقاء فيها أم الهجرة.”(3)
بلغ نشاطها ذروته بالمظاهرة الكبرى التي قام بها الأعضاء في كانون الثاني 1952 ضد حكم العقيد أديب الشيشكلي وحاولوا الخروج من الجامعة إلى شوارع دمشق. وتصدت لهم قوات الشرطة، المدعومة من الشرطة العسكرية، وقام عناصرها باقتحام حرم جامعة دمشق. تصدى الدكتور زريق لهذه القوات وحمى طلابه من الرصاص، ولكنه تعرض للضرب من قبل عناصر الشرطة والجيش، فقدم استقالته وتوجه إلى لبنان، حيث تم انتخابه رئيساً بالوكالة للجامعة الأميركية في بيروت. (162)
النهاية
وقد توقف نشاط جمعية العروة الوثقى في دمشق عند سقوط حكم الشيشكلي في شباط 1954. أمّا في بيروت فقد استمرت حتى سنة 1955 عندما تم حلها بطلب من السلطات بسبب مظاهرة كبرى نُظمت ضد حلف بغداد، مما أحرج حكومة الرئيس كميل شمعون الموالية للغرب وفرض على رئيس الجامعةقسطنطين زريق حلّ الجمعية التي كان قد أسسها قبل أربعة عقود.
أعضاء جمعية العروة الوثقى من الطلبة السوريين في جامعة بيروت الأميركية:
قسطنطين زريق: أحد مؤسسي جمعية العروة الوثقى ورئيسها في بيروت سنة 1934 وفي دمشق (1949-1952).
توفي الدكتور أنسطاش شاهين في دمشق عن عمر ناهز 73 عاماً سنة 1974.
الأُسرة
تزوج أنسطاس شاهين من السيدة أيفون بنت جرجي نحّاس، وأنجب منها أكبر أولاده نقولا شاهين (تولد 1942) الذي أكمل في نفس الاختصاص الطبي من بعده، وتلاهما الطبيب كريم نقولا شاهين، حفيد أنسطاس، في نفس العيادة العائلية عند جسر فيكتوريا وسط دمشق.