الشهر: مارس 2021

  • يوسف العظمة

    يوسف العظمة
    يوسف العظمة

     

    يوسف بن إبراهيم العظمة (9 نيسان 1884 – 24 تموز 1920)، ضابط سوري من دمشق وأحد أشهر قادة النضال الوطني في تاريخ المشرق العربي الحديث. خدم في الجيش العثماني وشارك في الحرب البلقان، كما خاض الحرب العالمية الأولى وبعد انهيار الحكم العثماني، عاد إلى دمشق وشارك في تأسيس الجيش السوري، قبل تعيينه وزيراً للحربية من 3 أيار ولغاية 24 تموز 1920، يوم استشهاده في مواجهة الفرنسيين في معركة ميسلون. كان يوسف العظمة أحد أبرز ضباط الملك فيصل الأول، وهو أحد الآباء المؤسسين للجيش السوري.

    البداية

    ولِد يوسف العظمة في حيّ الشاغور بدمشق وكان والده موظفاً حكومياً في الدولة العثمانية. توفي والده مبكراً، تاركاً ابنه الصغير في رعاية شقيقه الأكبر عبد العزيز العظمة. دَرَس في مدرسة دمشق العسكرية في البحصة، ثم في المدرسة الحربية في إسطنبول، وعند تخرجه عُيّن مرافقاً للمستشار العسكري الألماني الجنرال ديتفور سنة 1907.

    انتقل إلى فوج القناصة في بيروت، وعُين معاوناً لمدير التعبئة في مدرسة الأركان العثمانية في قصر يلدز. وفي عام 1909 أرسلته نظارة الحربية إلى ألمانيا القيصرية لإتمام دورة عسكرية مكثفة، سمّي بعدها مُلحقاً عسكرياً في السفارة العثمانية في القاهرة. في سنة 1913 عُيّن العظمة قائداً للفرقة 25 في بلغاريا، ثم للفيلق الثامن في رومانيا. وفي الأشهر الأخيرة من الحرب العالمية الأولى انتدبه وزير الحربية أنور باشا مرافقاً عسكرياً له، حيث ظلّ يعمل بمعيته حتى سقوط الحكم العثماني في دمشق نهاية شهر أيلول من العام 1918. عُرض عليه البقاء مع الجيش العثماني ولكنه رفض وعاد إلى دمشق لمبايعة الأمير فيصل بن الحسين حاكماً عربياً على سورية في 3 تشرين الأول 1918.

    يوسف العظمة وزيراً في حكومة هاشم الأتاسي سنة 1920.
    يوسف العظمة وزيراً في حكومة هاشم الأتاسي سنة 1920.

    مع الأمير فيصل

    عينه الأمير فيصل مرافقاً عسكرياً له ثم مبعوثاً خاصاً إلى بيروت.كما كلّفه بالإشراف على ترجمة الكتب العسكرية العثمانية ونقلها إلى اللغة العربية. شارك في حفل تتويج الأمير فيصل ملكاً على سورية يوم 8  آذار 1920 وبعدها بأشهر سمّي وزيراً للحربية في حكومة هاشم الأتاسي الأولى يوم 3 أيار 1920.

    إنذار غورو

    اعترضت حكومة فرنسا على قرار تتويج الملك فيصل، معتبرةً أنه خرق لاتفاقية سايكس-بيكو المبرمة قبل أربع سنوات بينها وبين بريطانيا. وجّهت فرنسا إنذاراً شديد اللهجة إلى الملك فيصل يوم 14 تموز (يوليو) 1920، على لسان مندوبها العام في سورية الجنرال هنري غورو، الذي طالب بحل الجيش السوري وجمع السلاح من أفراده والأهالي، وتسليم واعتقال المعارضين للانتداب الفرنسي، والاعتراف رسمياً بشرعيته. اعترض العظمة على الإنذار، قائلاً إن جيشه قادر على صد أي عدوان فرنسي، لكن الملك فيصل قَبِل به وأمر بتنفيذه قبل المهلة المحددة (17 تموز 1920). وعندما أمر الملك بتسريح الجيش، قدّم يوسف العظمة استقالته احتجاجاً إلى رئيس الحكومة هاشم الأتاسي.

    التحضير للمعركة

    لكن الجنرال غورو اعتبر أن قبول الإنذار جاء متأخراً، مدعياً أنه لا يستطيع إيقاف قواته المتقدمة نحو دمشق من سهل البقاع. عند سماع هذه الأعذار، تراجع العظمة عن استقالته وبدأ بإعادة تجميع قواته المبعثرة بموجب قرار التسريح. أمر بإقامة عرض عسكري كبير في شارع النصر بدمشق لرفع معنويات الناس، وأرسل من ينوب عنه إلى المدن السورية لجمع التبرعات للمعركة المقبلة. بلغ عدد قوات الجيش السوري 3800 جندي نظامي، مع 48 مدفعاً وثماني رشاشات، تحت قيادة الضابط تحسين باشا الفقير الذي كلفه العظمة بقيادة المعركة في ميسلون.

    المجلس الحربي

    شُكل الملك فيصل مجلساً حربياً برئاسته وعضوية يوسف العظمة، الذي أرسل اللواء الثاني مشاة إلى قرية مجدل عنجر في سهل البقاع، بقيادة المقدم توفيق عاقل، واللواء الرابع إلى حاصبيا وراشيا. أُبقي الفوج الثاني من اللواء الأول في محيط العاصمة للدفاع عن دمشق تحسباً لانهيار سريع في الجبهة. وفُتح باب التطوع، حيث قدم نحو 1700 شخص يطلبون السلاح، لكن معظمهم فرّ بعد التسليح، ولم يبقَ سوى 300 متطوع (معظمهم أئمة وطلاب مدارس دينية)، إضافة إلى 115 فارساً من حي الميدان. في المجموع، خرج مع العظمة إلى ميسلون 850 شخصاً، بينهم 647 غير مسلحين. شارك في المعركة سرية من الحرس الملكي بقيادة الرئيس محمد علي العجلوني، وسرية الهجانة بقيادة المقدم مرزوق التخيمي، وسرية رشاش بقيادة الرئيس هاشم الزين.

    اللقاء الأخير مع الملك فيصل

    قبل توجهه إلى ميسلون، التقى العظمة بالملك فيصل في قصره ودار بينهما الحديث الشهير، الذي ورد في مذكرات الدكتور أحمد قدري، أحد مؤسسي الجمعية العربية الفتاة:

    العظمة: أتيت لتلقي أوامر جلالتكم.

    فيصل: إذن أنت ذاهب إلى ميسلون؟

    العظمة: نعم يا مولاي.

    فيصل: ولماذا كنت تصر على الدفاع بشدة؟

    العظمة: لأنني لم أكن أعتقد أن الفرنسيين يتمكنون من دوس جميع الحقوق الدولية والإنسانية ويقدمون على احتلال دمشق، وكنت أتظاهر بالمناورة للمقابلة بالمثل.

    فيصل: وهل يسلم الشرف الرفيع من الأذى حتى يُراق على جوانبه الدمُ.

    العظمة: أترك ابنتي الوحيدة أمانة لدى جلالتكم.

    ثم سلّم بالتحية العسكرية وغادر القصر باتجاه أرض المعركة.

    معركة ميسلون

    بدأت المعركة في الساعة 6:30 صباحاً يوم 24 تموز (يوليو) 1920. زرع العظمة ألغاماً في طريق الجيش الفرنسي، لكن لم ينفجر منها سوى لغم واحد. غضب العظمة من التقصير وتوجه نحو موقع الألغام وهو يشتم الضابط المسؤول ويهدده بالإعدام. ثم أمر بإطلاق المدفع الجبلي السريع على الدبابات الفرنسية (التي كانت على بعد 50 متراً فقط)، لكن الدبابات وجهت نيرانها إليه فأصابته في الصدر والرأس.

    ذكر تحسين باشا الفقير في مذكراته:

    وكان رحمه الله عند سقوطه سند ظهره للمحرس وأدار وجهه نحوي وفيه بقية من حياة والدم يتدفق من فمه، فحالاً أمرت الصدّاح (المبوّق) محمد الترك أن يذهب بسيارتي ويأخذ وزير الحربية قبل أن يصل إليه العدو. ولما أرادت السيارة أن تدور، أصابتها قنبلة مدفع وعاد سائقها ولم يتمكن من أخذ الوزير الذي أمال رأسه وسقط مسلماً روحه الطاهرة.

    انهار الجيش السوري بعد استشهاده، ودخل الفرنسيون دمشق في اليوم التالي دون مقاومة. هرب الملك فيصل إلى درعا، وشكلت حكومة جديدة برئاسة علاء الدين الدروبي، عيّن فيها جميل الألشي وزيراً للحربية خلفاً للعظمة.

    عائلة يوسف العظمة

    انتقلت زوجته التركية “منيرة خانم” وابنته الوحيدة ليلى (وُلدت 1915) إلى إسطنبول، لكنها ظلت تزور دمشق بين الحين والآخر، وكان لها نشاط في جمعية “نور الفيحاء” لتعليم البنات (التي شاركت في تأسيسها مع نازك العابد). خصص الملك فيصل راتباً شهرياً لليلى من 1920 حتى وفاته عام 1933، وفي 1947 منحها الرئيس شكري القوتلي راتباً إضافياً قدره 2000 ليرة سورية شهرياً.

    تمثال يوسف العظمة.
    تمثال يوسف العظمة.

    تخليد ذكرى العظمة

    المناصب

     وزيراً للحربية (3 أيار – 24 تموز 1920)

    لقراءة المزيد

    • إحسان الهندي، معركة ميسلون (وزارة الثقافة، دمشق 1967)
    • أسعد داغر، مذكراتي على هامش القضية العربية (المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الدوحة 2020)
    • تحسين الفقير، الانتداب الفرنسي الغاشم على سورية (قبرص، 2002)
    • خيرية قاسمية، الحكومة العربية في دمشق) المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت 1982)
    • ساطع الحصري، معركة ميسلون (مكتبة الكشاف، بيروت 1948)
    • سعد أبو دية، المسعى النبيل: الأمير زيد والحكومة الوطنية في دمشق (أمانة عمّان الكبرى، 2016)
    • صبحي العمري، ميسلون: نهاية عهد (دار رياض نجيب الريس، لندن 1991(
    • عبد العزيز العظمة، مرآة الشام: تاريخ دمشق وأهلها (دار رياض نجيب الريس، لندن 1987)
    • علي سلطان، تاريخ سورية 1918-1920: حكم فيصل بن الحسين (دار طلاس، دمشق 1996(
    • غسان كلاس، يوسف العظمة: صفحات من أدب ميسلون (دار البشائر، دمشق 2007)
    • مازن يوسف صباغ، معركة ميسلون والشهيد يوسف العظمة (دار الفكر، دمشق 2017
    • محي الدين السفرجلاني، فاجعة ميسلون والبطل العظيم يوسف العظمة (دار الترقي، دمشق 1937)

     

     

     

     

  • خير الدين الزركلي

    خير الدين الزركلي (25 حزيران 1893 – 25 تشرين الثاني 1976)، أديب وصحفي وشاعر سوري من دمشق، عمل في ميادين الصحافة والسياسة وحقق نجاحاً عربياً واسعاً في النصف الأول من القرن العشرين. أسس جريدة الأصمعي بدمشق في نهاية الحكم العثماني وتبعها بجريدة لسان العرب في عهد الملك فيصل الأول، ثم بجريدة المفيد التي ظلّت تصدر لغاية فرض الانتداب الفرنسي على سورية سنة 1920.

    عمل بعدها صحفياً في فلسطين ثم مديراً لديوان الأمير عبد الله بن الحسين في عمّان، قبل انقلابه على الأسرة الهاشمية وتعيينه مستشاراً للملك عبد العزيز آل سعود. عُيّن سفيراً للمملكة العربية السعودية لدى جامعة الدول العربية أولاً ثم في المغرب، وبعد تقاعده سنة 1963 وضع مؤلفات عدة عن حياة ابن سعود وكتاب مرجعي عن مشاهير العرب والمسلمين بعنوان الأعلام، صدر على مراحل في السنوات 1954-1970.

    البداية

    وُلِد خير الدين الزركلي في بيروت وهو سليل أسرة دمشقية معروفة عملت بالتجارة في لبنان وفلسطين. درس في مدارس دمشق الحكومية وانضم إلى حلقة الشيخ طاهر الجزائري الفكرية التي أدخلته عالم الصحافة. أسس جريدة أسبوعية باسم الأصمعي في 18 آذار 1912 التي ظلّت تصدر حتى مطلع الحرب العالمية الأولى سنة 1914. حققت الأصمعي نجاحاً كبيراً في الأوساط الأدبية السورية ولفت انتباه شخصيات سياسية كبيرة مثل حقي العظم، الذي وجه له كتاباً مفتوحاً لخير الدين الزركلي، ووصفه بالشاعر “الثائر.”

    في العهد الفيصلي

    وبعد تحرير دمشق من الحكم العثماني وقيام حكومة عربية برئاسة الأمير فيصل بن الحسين سنة 1918، أطلق الزركلي صحيفة جديدة مؤيدة للحاكم الجديد باسم لسان العرب، مستلهماً عنوانها من إحدى خطابات الأمير فيصل حينما قال: “نحن عرب قبل أن نكون سوريين.” توقفت لسان العرب لأسباب مالية مطلع العام 1919 وجاءت بعدها جريدة المفيد التي بقيت تصدر من دمشق لغاية انهيار الحكم الفيصلي وفرض الانتداب الفرنسي على سورية سنة 1920. أصدرت سلطات الانتداب أمراً باعتقال الزركلي فهرب إلى إلى مملكة الحجاز ووضع نفسه تحت تصرف الشريف حسين بن عليّ، والد الملك فيصل.

    المرحلة الأردنية

    منحه الشريف حسين الجنسية الحجازية وأرسله إلى إمارة شرق الأردن لمساعدة نجله الأمير عبد الله على إرساء قواعد حكمه الوليد في عمّان. عُيّن مفتشاً في دائرة المعارف ثم رئيساً لديوان الحكومة الأردنية وعاد إلى دمشق بعد صدور عفو فرنسي عنه سنة 1923 ولكنّه أجبر على المغادرة ثانية عند إندلاع للثورة السورية الكبرى نظراً لموقفه المويد لقائدها العام سلطان باشا الأطرش.

    في القدس

    أقام الزركلي مدّة في القدس وأطلق صحيفة يومية باسم “الحياة،” ولكنها أُغلقت بأمر من سلطات الانتداب البريطاني فعاود التجربة مع صحيفة “يافا” التي توقفت لنفس الأسباب ولم يصدر منها إلّا عدد واحد فقط.

    خير الدين الزركلي واقفاً خلف الملك سعود بن عبد العزيز في إحدى حواراته التلفزيونية.
    خير الدين الزركلي واقفاً خلف الملك سعود بن عبد العزيز في إحدى حواراته التلفزيونية.

    العمل مع آل سعود

    طاردته السلطات البريطانية في فلسطين فتوجّه الزركلي إلى السعودية للعمل مع الملك عبد العزيز آل سعود. كان هذا القرار مفصلياً في مسيرته المهنية نظراً، وقد جاء في أوج التوتر الشديد القائم بين الأسرة الهاشمية وابن سعود، بعد حربه على الشريف حسين وإسقاط حكمه في الحجاز سنة 1924.  كان قراراً مؤلماً بالنسبة للزركلي، فيه تخلٍّ واضح عن ماضيه السياسي ونسف لعلاقته الوطيدة مع الشريف حسين وأولاده.

    عينه الملك عبد العزير مستشاراً لدى السفارة السعودية في القاهرة، وفي سنة 1946 أصبح الزركلي مديراً لوزارة الخارجية السعودية ومستشاراً لنجله الأمير فيصل بن عبد العزيز. وفي سنة 1951، عيّنه الأمير فيصل سفيراً في جامعة الدول العربية في مصر، وبعدها بسنوات، سفيراً في المغرب.

    المؤلفات

    بعد تقاعده من العمل الحكومي عاش الزركلي في بيروت وتفرغ لوضع كتاب مرجعي بعنوان شبه الجزيرة العربية في عهد الملك عبد العزيز،” صدر سنة 1970، تلاه كتاب بعنوان الوجيز في سيرة الملك عبد العزيز. وله مذكرات عن مشاهداته وأعماله المبكرة بعنوان ما رأيت وسمعت، صدر في مصر سنة 1923، إضافة لمذكرات عن فترة عمله بالأردن بعنوان عامان في عمّان. ولكنّ أشهر مؤلفات الزركلي على الإطلاق كان كتاب الأعلام الذي صدر على مراحل ما بين 1954-1970 وفيه تراجم لمشاهير العرب والمسلمين.

    الوفاة

    توفي خير الدين الزركلي في القاهرة عن عمر ناهز 84 عاماً يوم 25 تشرين الثاني 1976. أطلقت وزارة التربية السورية اسم خير الدين الزركلي على إحدى مدارس دمشق وسمّي شارع باسمه في مدينة الرياض.

     

  • ثريا الحافظ

     

    ثريا الحافظ
    ثريا الحافظ

    ثريا بنت أمين لطفي الحافظ (1911-2000)، مُدرسة سورية من دمشق، قادت الحركة النسائية في خمسينيات القرن العشرين وكانت من أول ثلاث نساء ترشحن لعضوية مجلس النواب في زمن الرئيس أديب الشيشكلي سنة 1953. وهي أول امرأة تخلع الحجاب في مظاهرة نسائية شعبية، تيمناً بالرائدة المصرية هدى الشعراوي. كانت لها زاوية أسبوعية في جريدة بردى الدمشقية التي كان يصدرها زوجها الصحفي منير الريّس وهي مؤسسة منتدى سكينة الأدبي سنة 1943.

    البداية

    ولِدت ثريا الحافظ في إسطنبول في سرايا عزيز علي المصري، صديق أبيها الأميرلاي أمين لطفي الحافظ من الضباط العرب في الجيش العثماني. أعدم والدها  شنقاً سنة 1916 بأمر من جمال باشا، قائد الجيش الرابع في سورية وعن هذه الحادثة تقول:

    لا أعرف أبي – رحمه الله – لكن أمي أخذتني إلى سجن عاليه قبل إعدامه بيوم واحد، وأدخلتني معها كي أراه، وأخبرني والدي بأنهم سيطلقون سراحه في اليوم التالي. فعدنا إلى دمشق وما زلت أذكر بأن أمي قد أرتدت ثوباً أحمر اللون، وزينت شعرها بالورد والياسمين من أجل استقبال والدي. وفي ذلك اليوم استقبلت أمي جارتها من عائلة الشهابي، جاءت وقد وضعت يدها فوق رأسها، فسألتها أمي: ما بك يل لبنى؟ أجابتها بلوعة وأسى: لقد أعدموهم شنقاً. فضربت أمي نفسها ونثرت عنها الورود واليسمين.

    بعدها بعامين تزوجت أم ثريا الحافظ من السياسي والإداري المعروف الأمير مصطفى الشهابي الذي تعهد برتبيتها وأدخلها في دار المُعلمات. عملت مُدرسة في ثانوية تجهيز البنات، قبل تعيينها مديرة لها، وأيدت الزعيم الوطني عبد الرحمن الشهبندر في عمله ضد الانتداب الفرنسي.

    الجمعيات الأهلية

    وفي سنة 1927 أسست جمعية دار المعلمات بدمشق وكان هدفها:

    • مكافحة الأمية
    • تعليم القرآن الكريم
    • تشغيل اليد العاملة
    • افتتاح ناد نسائي

    أقامت الجمعية عدة نشاطات خيرية، من ضمنها عروض مسرحية في مدرسة سوق ساروجا الأمريكية الخاصة، حيث شاركت ثريا الحافظ في دور البطولة في مسرحيات: طارق بن زياد، خالد بن الوليد، عواطف البنين، جنسنا اللطيف الناعم. تشاركت بعدها مع زميلتها سنيّة قباني في تأسيس دار وميتم كفالة الفتاة، المعني ببنات الشهداء. وفي 5 أيار 1945 أسست جمعية رعاية الجندي مع مقبولة الشلق لدعم عائلات الجنود، وبعدها شاركت زهراء اليوسف، زوجة الرئيس الراحل محمد علي العابد في إطلاق جمعية مكافحة مرض السل.

    منتدى سكينة

    أسست الحافظ في منزلها متندى سكينة الأدبي سنة 1943 الذي كان يُقيم ندوة فكرية في السابع عشر من كل شهر، يحضرها عدد من المثقفين الكبار، وفي مقدمتهم الأمير مصطفى الشهابي. وانبثق عن المنتدي فرقة فخر الأندلس لتعليم رقص السماح والدبكة الشعبية قبل أن شاركت زهراء اليوسف مجدداً في إقامة حلقة الزهراء الأدبية في قصرها الكائن في محلّة سوق ساروجا سنة 1953.

    حركة تحرر المرأة السورية

    شاركت ثريا الحافظ في كل المظاهرات النسائية التي نظمت ضد الانتداب وفي سنة 1936 رفعت الحجاب عن رأسها وكشفت عن وجهها أثناء مظاهرة على أبواب السراي الكبير في ساحة المرجة، تيمناً بالرائدة المصرية هدى شعراوي. وبعد زواجها من الصحفي منير الريّس دخلت معه كلية الآداب في الجامعة السورية لإكمال تعليمها، وبدأت تكتب مقالاً أسبوعياً في صحيفته، بردى، وتطالب بتحرير المرأة اجتماعياً وسياسياً وكسر قيد الرجال المفروض عليها في المجتمع السوري.

    ثريا الحافظ في انتخابات عام 1953.
    ثريا الحافظ في انتخابات عام 1953.

    انتخابات عام 1953

    وفي سنة 1953 ترشحت ثريا الحافظ لانتخابات مجلس النواب، مع سيدة أخرى من دمشق وثالثة من يبرود، ولكنه جميعهم سقطن بسبب محاربة المجتمع الذكوري.

    الحافظ وعبد الناصر

    رداً على العدوان الثلاثي على مصر سنة 1956 شاركت ثريا الحافظ بالمقاومة الشعبية التي انطلقت من دمشق دعماً للمجهود الحربي المصري. أيدت الوحدة السورية – المصرية عند قيامها في شباط 1958 وكانت من أشد المتحمسين لها وللرئيس جمال عبد الناصر، وعند انهيارها إبان انقلاب الانفصال في 28 أيلول 1961، وصفت كل من شارك بإسقاطها بالخائن والعميل للاستعمار. أحد من هاجمتهم بعنف كان رئيس الحكومة خالد العظم، ويوم الانقلاب عليه في 8 آذار 1963 قادت مظاهرة كبيرة على أبواب منزله وطالبت بسحله كما سحل العراقيون رئيس وزرائهم نوري السعيد يوم انقلاب 14 تموز 1958. وفي سنة 1963 دعيت إلى مصر لمقابلة عبد الناصر وعند وفاته في 28 أيلول 1970 أقامت مجلس عزاء في منزلها وخرجت بمظاهرة حزن نسائية عمّت شوارع مدينة دمشق.

    مؤلفاتها

    ألقت ثريا الحافظ أكثر من 150 محاضرة في حياتها المديدة، تنوعت أمكنتها بين النادي العربي والنادي الأدبي النسائي ومجمع اللغة العربية، إضافة لأحاديث طويلة عن حقوق المرأة، بثّت عبر أثير إذاعة دمشق وإذاعة الشرق الأدنى. وفي سنة 1961 وضعت مجموعة قصصية عن حياتها بعنوان “حدث ذات يوم،” جاء بعدها كتابها الثاني والأخير والأشهر، الحافظيات وهو بمنزلة مذكرات صدرت بدمشق سنة 1979.

    الوفاة

    توفيت ثريا الحافظ عن عمر ناهز 89 عاماً سنة 2000.

     

     

  • محب الدين الخطيب

    محب الدين الخطيب
    محب الدين الخطيب

    محب الدين الخطيب (1887 – 30 كانون الأول 1969)، مفكر سلفي وصحفي سوري من دمشق كان رئيساً لتحرير جريدة العاصمة الحكومية أثناء حكم الملك فيصل الأول (1919-1920). شارك في الثورة العربية الكبرى وكان مقرباً من الشريف حسين بن علي وعند قيام مملكة الحجاز في مكة كلف بإنشاء جريدة القبلة الرسمية. وبعد نفيه إلى مصر أسس المكتبة السلفية مع جريدة الزهراء وملّجة الفتح الأسبوعية، إضافة لرئاسة تحرير مجلّة الأزهر. وشارك الخطيب في تأسيس جمعية الشبان المسلمين التي سبقت جماعة الإخوان المسلمين في مصر، وهو خال قاضي دمشق العلامة الشيخ علي الطنطاوي.

    البداية

    ولِد محب الدين الخطيب في حي القيمرية بدمشق وكان والده أمين المكتبة الظاهرية وأحد مُدرسي الجامع الأموي. دَرَس في مدرسة الترقي النموذجية وفي مكتب عنبر، وعند وفاة أبيه قام الشيخ طاهر الجزائري بتبنيه عِلمياً وأرسله إلى إسطنبول لدراسة الحقوق سنة 1905.

    المرحلة المصرية الأولى

    عمل محب الدين الخطيب سراً على إنشاء تنظيم مناهض للسلطان عبد الحميد الثاني باسم “جمعية النهضة العربية” فلاحقته السلطات العثمانية فهرب إلى اليمن وعمل مُترجماً حتى سنة 1908. توجه بعدها إلى مصر وانضم إلى أسرة جريدة الأهرام، حيث تعرف على الشيخ رشيد رضا المقيم أيضاً في القاهرة وتعاون معه على تأسيس مدرسة الدعوة والإرشاد.

    جريدة القبلة سنة 1916

    انضم محب الدين الخطيب إلى صفوف الثورة العربية الكبرى عند إعلانها وكلفه الشريف حسين بإنشاء جريدة القبلة الرسمية في مملكة الحجاز يوم 15 آب 1916. وفي سنة 1918 أرسله الشريف حسين إلى دمشق لمعاونة ابنه الأمير فيصل بن الحسين على تأسيس صحيفة ناطقة بلسان حكمه الجديد في سورية، بعد تحريرها من الحكم العثماني.

    محب الدين الخطيب في شبابه.
    محب الدين الخطيب في شبابه.

    جريدة العاصمة سنة 1919

    وفي دمشق أطلق محب الدين الخطيب جريدة العاصمة التي اعتُمدت صحيفة رسمية للمملكة السورية عند إنشائها في 8 آذار 1920.  صَدر عددها الأول يوم 17 شباط 1919 وعُين المحامي شاكر الحنبلي معاوناً لرئيس التحرير. كانت جريدة العاصمة متنوعة المواضيع وتُغطي كافة المراسيم والقوانين الصادرة عن الحكومة السورية، تصدر مرتين في الأسبوع بثماني صفحات من القطع المتوسط. وعند سقوط الحكم الفيصلي وفرض الانتداب الفرنسي على سورية سنة 1920 صدر أمر باعتقال الخطيب نظراً لقربه من الأسرة الهاشمية فهرب مجدداً إلى مصر.

    المرحلة المصرية الثانية

    من القاهرة أسس الخطيب دار الفتح والمكتبة السلفيّة المتخصصة بطباعة الكتب الدينية، وصار يصدر صحيفتين، الأولى شهرية باسم “الزهراء” والثانية أسبوعية أسماها “الفتح.” عمل رئيساً لتحرير مجلّة الأزهر طيلة خمس سنوات وشارك في تأسيس جمعية الشبان المسلمين التي سبقت جماعة الإخوان المسلمين في مصر، وكانت تهدف إلى تنمية الشباب فكرياً وتوحيد صفوفهم لمواجه الاحتلال البريطاني القائم منذ سنة 1882.

    مؤلفاته

    وضع محب الدين الخطيب عدداً من الكتب الفكرية والتاريخية، كان من أبرزها:

    الوفاة

    توفي محب الدين الخطيب في القاهرة عن عمر ناهز 82 عاماً يوم 30 كانون الأول 1969 وأطلقت الحكومة السعودية اسمه على أحد شوارع مدينة الرياض.

     

     

     

  • أديب الداوودي

    الدكتور أديب الداوودي
    الدكتور أديب الداوودي

    أديب الداوودي (1923-2004)، دبلوماسي سوري من دمشق، كان مستشاراً للرئيس حافظ الأسد في سبعينيات القرن العشرين ومندوب سورية في مكتب الأمم المتحدة في جنيف من سنة 1981 ولغاية عام 1988. وقبلها وفي عهد الرئيس أديب الشيشكلي، كُلّف ببناء مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين وكان أول مديراً له، وفي سنة 1979، عُيّن مبعوثاً دولياً من قبل الدكتور كورت فالدهيم، أمين عام الأمم المتحدة، لنزع فتيل أزمة الرهائن الإيرانية في السفارة الأميركية في طهران.

    البداية

    ولِد أديب الداوودي في دمشق ودَرَس في مدارسها ثم في الجامعة السورية. وفور تخرجه من كلية الحقوق سنة 1944 التحق بوزارة الخارجية السورية وعَمل سكرتيراً للوزير جميل مردم بك قبل تعيينه مُلحقاً في السفارة السورية في باريس.  وخلال فترة عمله في فرنسا أكمل دراسته في جامعة السوربون ونال على شهادة الدكتوراه سنة 1949.

    بناء مخيم اليرموك

    وفي سنة 1953 عُيّن أديب الداوودي مديراً لمؤسسة اللاجئين الفلسطينيين في سورية، وبالاتفاق مع وكالة إغاثة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أشرف على بناء مخيم اليرموك على أطراف العاصمة دمشق، وعلى إيجاد مساكن ومدارس ومستوصفات للفلسطينيين، بدلاً من الخيم العشوائية التي نُصبت لهم منذ وصولهم إلى سورية إثر تهجيرهم من فلسطين سنة 1948. كان ذلك في زمن الرئيس أديب الشيشكلي الذي كلفه بمتابعة أحوال اللاجئين الفلسطينيين في سورية، ولكن أعمال المخيم لم تنتهي بسرعة ولم يُفتتح رسمياً حتى سنة 1957، أي بعد قرابة الأربع سنوات من زوال حكم الشيشكلي.

    العمل الدبلوماسي (1955-1974)

    في سنة 1955 عُيّن أديب الداوودي مُستشاراً في السفارة السورية في لندن، وعند قيام الوحدة السورية المصرية بعد ثلاث سنوات، أصبح مُستشاراً في سفارة الجمهورية العربية المتحدة في الهند ومن ثمّ في الباكستان.  وعند انهيار الوحدة إثر انقلاب عسكري بدمشق يوم 28 أيلول 1961، كان الداوودي في نيويورك لحضور اجتماعات مخصصة لمناقشة قضية اللاجئين الفلسطينيين في الجمعية العامة للأمم المتحدة. حرصاً منه على الإبقاء على تماسك الموقف العربي خلال دورة الجمعية العامة بقي على اتصال مستمر مع وفد الجمهورية العربية المتحدة. وبعد انتخاب الدكتور ناظم القدسي رئيساً للجمهورية في كانون الأول 1961، عٌيّن الداوودي وزيراً مفوضاً في براغ ، قبل نقله سفيراً إلى الهند نهاية العام 1962.

    هذا وقد صدر مرسوم بتعيينه سفيراً في الأردن في 7 آذار 1963 ولكنه لم يُنفذ بسبب الانقلاب العسكري الذي وقع في سورية صبيحة 8 آذار، إذ قرر حكام سورية الجدد تعينه أميناً عاماً لوزارة الخارجية في حكومة الرئيس صلاح البيطار. وقد بقي الداوودي في منصبه حتى نهاية الستينيات، على الرغم من كونه دبلوماسياً مستقلاً غير منتسب إلى حزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم منذ سنة 1963.

    السفير أديب الداوودي في الأمم المتحدة سنة 1967.
    السفير أديب الداوودي في الأمم المتحدة سنة 1967.

    حرب حزيران سنة 1967

    وخلال حرب حزيران سنة 1967 تم إرساله مستشاراً لدى البعثة السورية في الأمم المتحدة، وشارك في أعمال الدورة الاستثنائية الطارئة لبحث آثار العدوان الإسرائيلي. وبعد انتهاء أعمال الجمعية العامة تابع الدكتور الداوودي مناقشات مجلس الأمن التي أفضت الى صدور القرار 242 بتاريخ 22 تشرين الثاني 1967، والذي أصبح لاحقاً المرجعية القانونية لعملية السلام عند إطلاقها في بداية التسعينيات. وفي سنة 1969 عُيّن سفيراً في بلجيكا في نهاية عهد الرئيس نور الدين الأتاسي.

    مستشاراً للرئيس حافظ الأسد (1974-1981)

    وفي سنة 1974 استدعي الداوودي إلى دمشق وسمّي مستشاراً للرئيس حافظ الأسد، حيث أشرف على بناء القاعة الدمشقية المخصصة لاستقبال ضيوف رئيس الجمهورية. فجاءت زخارف القاعة تعكس سمات البيوت الدمشقية العريقة التي عرفها الداوودي في طفولته وشبابه المبكر، وزينت سقوفها بخشب الموزاييك وكسيت جدرانها بالرخام. وفي أيار 1977 أشرف الداوودي على ترتيبات أول قمة سورية – أمريكية عُقدت في مدينة جنيف السويسرية وجمعت بين الرئيس الأسد ونظيره الأمريكي جيمي كارتر.

    أزمة الرهائن سنة 1979

    وعند قيام الثورة الإسلامية سنة 1979 حصلت أزمة دولية بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، إثر احتجاز عدد كبير من الرهائن في السفارة الأمريكية في طهران. شكّل كورت فالدهايم، أمين عام الأمم المتحدة، لجنة دولية للتوسط لدى القيادة الإيرانية الجديدة، عُيّن فيها أديب الداوودي مُمثلاً عن مجموعة الدول العربية. وفي سنة 1981، عينه الرئيس حافظ الأسد مندوباً لدى مكتب الأمم المتحدة في جنيف وسفيراً غير مُقيم لدى دولة الفاتيكان حتى سنة 1988.

    الوفاة

    وكان آخر منصب شغله أديب الداوودي في حياته عضوية لجنة التفتيش الدولية التابعة للأمم المتحدة سنة 1992. تقاعد بعدها من العمل الدبلوماسي وقضى سنواته الأخيرة في سويسرا حتى وفاته عن عمر ناهز 81 عاماً سنة 2004.

    قالوا فيه

    وقد جاء في شهادة الدكتور رياض الداوودي، عضو اللجنة السياسية التابعة لوزارة الخارجية السورية وأحد المفاوضين السوريين في عملية السلام:

    في كل مؤسسة هناك من بين العاملين فيها من يبرز اسمه أكثر من غيره لأسباب شتى أهمها المعرفة والمقدرة والتمكن مما يجعله موضع الثقة للعهدة إليه دون غيره بالمهام الصعبة في الظروف الدقيقة. والدكتور أديب الداوودي واحد من هؤلاء وقد برز في ميدان العمل الدبلوماسي السوري وكان وجوده في محطات شكّلت منعطفات أساسية في تاريخ سورية المعاصر وفي ظروف سياسية صعبة شاهداً على ذلك. ويمكن اعتباره بحق بين أوائل الدبلوماسيين الذين أسهموا في وضع أسس وزارة الخارجية السورية، عقب الاستقلال.

     

  • مدحة عكاش

    مدحة بن عكاش عكاش (24 تشرين الثاني 1923-19 تشرين الأول 2011)، أديب سوري كانت له عشرات الدراسات والأبحاث والتحقيقات الأدبية والشعرية. وهو مؤسس مجلّة الثقافة الأدبية، واحدة من أنجح وأشهر المطبوعات الأدبية في سورية خلال النصف الثاني من القرن العشرين. ساهم في رعاية الحركة الثقافية السورية المعاصرة لأكثر من نصف قرن وله الفضل بتقديم جيل كامل من الأدباء ودعم المواهب الشابة ونشر أعمالهم في مجلته، ومنها نزار قباني وعبد السلام العجيلي وغادة السمّان وغيرهم.

    البداية

    ولِد مدحة عكاش في حيّ الدباغة في مدينة حماة لأب شركسي كان يعمل مهندساً في سكة حديد درعا. وعندما بلغ عامين توفي والده مما دفعه ليعي للعيش مع إخوته الأيتام في ظروف مادية صعبة. اضطر لترك المدرسة وهو في الصف الثامن ليعمل في أعمال مختلفة من أجل كسب لقمة العيش. في عام 1941، انضم إلى دائرة السجل العقاري “الطابو” في مدينة حلب، حيث عمل في هذه الوظيفة لمدة أربع سنوات. قرأ الكثير وكتب الشعر في المناسبات الوطنية خلال ثورة حماة عام 1945 ضد الفرنسيين.

    تم اعتقاله من قبل سلطة الانتداب الفرنسي، ولكنه استمر في كتابة القصائد الحماسية وبعد تحقيق الاستقلال في عام 1946، انتقل للعيش في دمشق وانضم إلى كلية الحقوق في الجامعة السورية وتخرج منها في عام 1951. عمل كمدرس في المعهد العربي الإسلامي وثانوية دمشق الأميركية (التي أصبحت بعد تأميم المدارس تُعرف بثانوية دمشق العربية).

    مجلّة الثقافة

    في أيار 1958، أصدر مدحة عكاش مجلّة الثقافة الشهرية المعنية بشؤون الأدب والثقافة. وفي 17 أيلول 1966، تحولت المجلّة الشهرية إلى مجلّة أسبوعية تصدر كل يوم سبت تحت اسم “الثقافة الأسبوعية،” ثم عادت المجلّة الشهرية للصدور بجانب الأسبوعية في عام 1975.

    كان مقر المجلّة في زقاق الصخر بشارع الأرجنتين وسط دمشق، في بيت دمشقي قديم أصبح محلًا للمثقفين والكتّاب حتى تم هدمه في عام 2000 لإنشاء فندق الفور سيزنز في شارع الرئيس شكري القوتلي. قدمت مجلّة الثقافة العديد من الكتّاب السوريين المرموقين في الأعداد الأولى، بمن فيهم شفيق جبري وشاكر مصطفى وأمجد الطرابلسي وزكريا تامر وزكي الأرسوزي. ومن بين كتّاب المجلّة أيضًا الشعراء عمر أبو ريشة وبدوي الجبل ونزار قباني وشوقي بغدادي ووجيه البارودي، إضافة للصحفي الأديب خير الدين الزركلي، والصحفي عبد الغني العطري، والأديب الدكتور شاكر الفحّام، والأديب الوزير عبد السلام العجيلي، والأديبة غادة السمّان التي انطلقت مسيرتها من مجلّة الثقافة. وقد قدم عكاش كتاباً شهرياً مع مجلّة الثقافة، وقدمه كهدية للقراء، بما في ذلك كتاب “ابن الرومي،” و”من روائع الأدب الأندلسي،” و”رسائل الجاحظ” وغيرها من المؤلفات.

    وبعد هدم مقر المجلّة سنة 2000، نُقل مقرها إلى مكتب صغير في برج دمشق، وظلّ مدحة عكاش يُديرها حتى أيامه الأخيرة. وفي شهر نيسان من العام نفسه تحدث مدحة عكاش مع جريدة الشرق الأوسط واصفاً مشواره الأدبي مع مجلّة الثقافة قائلاً:

     إن كل وسيلة إعلام أدبية قد تمر بمراحل صعود وهبوط سواء كانت هذه الوسيلة مرئية أو مقروءة أو مسموعة، ومجلة الثقافة شأنها شأن غيرها مرت بمثل هذه المراحل، فهي قوية حينا وضعيفة حينا آخر إلا أن ذلك لم يمنعها من الاستمرار والديمومة، ومرد ذلك هو إيماني المطلق بأني سأصل الى الأفضل. هذا بالإضافة الى الظروف السياسية والمادية التي حالت في كثير من الأحيان دون وصول المجلة الى أقطار الوطن العربي كلها، وكذلك فقد كان للناحية المادية الأثر الكبير في إعداد المجلة الإعداد اللازم والمرضي للقراء كافة. ولعل هذا الصبر المتواصل قرابة أربعة وأربعين عاما قد زاد في ثقة القراء بالمجلة وزاد في عدد أصدقائها ممن يعتبرون المجلة اليوم معلماً من معالم دمشق.

    انتخب عكاش نقيباً للتعليم الخاص في مرحلة الخمسينيات وكان عضواً في لجنة الشعر في المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب وعضواً مراسلاً في مجمع اللغة العربية بدمشق.

    الوفاة

    توفي مدحة عكاش في دمشق عن عمر ناهز 88 عاماً يوم 19 تشرين الأول 2011.

     التكريم

    منحته رابطة إحياء التراث العربي بأستراليا عام 1991 جائزة جبران العالمية وكرمته وزارة الثقافة السورية سنة 2007 ونال وسام الثقافة البلغاري سنة 1987 ووسام الاستحقاق من كوريا الديمقراطية سنة 1991. وألف عدد من الأدباء كتباً عن حياته منهم أحمد الخوص الذي وضع كتاباً بعنوان “مدحة عكاش رائد جيل وأمل أمة.”

     

     

  • أحمد السمان

    الأستاذ الدكتور أحمد السمان
    الأستاذ الدكتور أحمد السمان

    أحمد السمّان (1907-1968)، رجل قانون وأستاذ جامعي سوري من دمشق، كان رئيساً للجامعة السورية مرتين، الأولى بالوكالة سنة 1954 والثانية بالأصالة من سنة 1962 ولغاية عام 1964. وفي زمن الانفصال سمّي وزيراً للتربية والثقافة في حكومة الرئيس عزت النص، وهو والد الأديبة السورية غادة السمّان.

    البداية

    ولِد أحمد السمّان في حيّ الشاغور بدمشق ودرس في مكتب عنبر قبل نيله شهادة بالقانون من الجامعة السورية. أكمل دراسته في فرنسا حيث حصل على شهادة عليا من معهد العلوم الجنائية في باريس وشهادة دكتوراه بالاقتصاد السياسي من جامعة السوربون. وعند عودته إلى دمشق عمل محامياً في مكتب فوزي الغزي، واضع دستور سورية الجمهوري الأول، وعُيّن مدرساً في كلية الحقوق سنة 1938.

    مع فخري البارودي

    وفي مرحلة الثلاثينيات أيضاً، أنضم أحمد السمّان إلى الكتلة الوطنية وعمل مع زعيمها فخري البارودي على تأسيس مكتب البارودي للدعاية والأنباء، وهو أول مركز دراسات عرفته سورية وكان مقره في حيّ القنوات. أنضم السمّان إلى مكتب البارودي بصفة باحث مختص في شؤون ملكية الأراضي الفلسطينية، ولعب دوراً بارزاً في تثبيت حقوق الشعب الفلسطيني في أراضيه بعد تزايد أطماع الصهاينة وهجرة آلاف اليهود من أوروبا إلى فلسطين. وتعاون السمّان مع البارودي على إنشاء الشباب الوطني كذراع شبابي للكتلة الوطنية، وانتخب عضواً في اللجنة التنفيذية لتنظيم القمصان الحديدية الذي أطلقه البارودي لحماية الأحياء والأهالي من بطش وتجاوزات الفرنسيين، وعدّه نواة لجيش سورية المستقبلي بعد أن قامت فرنسا بحلّ الجيش السوري إبان معركة ميسلون وفرض الانتداب الفرنسي على سورية منذ سنة 1920.

    بين مجلس الشورى والجامعة (1940-1961)

    وفي سنة 1940، عُيّن أحمد السمّان عضواً في مجلس الشورى وهو في الثالثة والثلاثين من عمره، وعمل مستشاراً لمجلس الدولة حتى عام 1943. وفي كانون الأول 1954 سمّي رئيس بالوكالة للجامعة السورية لغاية آذار 1956. عمل بعدها على وضع أساسات كلية الاقتصاد وشارك في تأسيسها مع زميله عبد الغني حمّور، مدير غرفة تجارة دمشق.

    وزيراً في عهد الانفصال

    وفي عهد الانفصال وبعد الإطاحة بالجمهورية العربية المتحدة شُكلت حكومة مستقلة من التكنوقراط للإشراف على الانتخابات النيابية والرئاسية المقبلة، كانت برئاسة الدكتور عزت النص وسمّي فيها الدكتور أحمد السمّان وزيراً للتربية والتعليم والثقافة والإرشاد القومي من 21 تشرين الثاني 1961 ولغاية 23 كانون الأول 1961.

    رئيساً لجامعة دمشق 1962-1964

    تسلم عمادة كلية الحقوق مدة قصيرة وفي 22 كانون الثاني 1962 انتُخب السمّان رئيساً أصيلاً للجامعة السورية – التي تحول اسمها في زمن الوحدة إلى جامعة دمشق – وحافظ على منصبه دون انقطاع لغاية 14 تشرين الثاني 1964. لم تطله التسريحات التي جرت في الأيام الأولى من انقلاب 8 آذار 1963، والتي قضت على معظم الشخصيات السياسية المحسوبة على التيار المعادي للرئيس جمال عبد الناصر والتي كانت قد شاركت في حكومات الانفصال. وبعد انتهاء ولايته سنة 1964 تفرغ للكتابة والتدريس ولتقديم ما أمكن من الدعم لابنته غادة السمّان في بداية مسيرتها الأدبية. وقد كتب عنه وقالت:

    والدي هو الشخصية الطاغية في طفولتي ومراهقتي الأولى، كان رجل علم قضى حياته في محراب الكتاب. عشق والدي للموسيقى منحني فرصة اكتشاف هذا العالم المذهل لبيتهوفن وباخ وموزارت وتشايكوفسكي وسواهم… تثقيف والدي لي كان شديد التنوع…علمني الفرنسية أولا كي «ألثغ» كأبناء نهر السين ثم القرآن كي يستقيم لساني، وأغرقني بقراءات التراث العربي والشعر الإنكليزي. لقد ظل أبي دائما ذلك الرجل الفقير البسيط العاشق للموسيقى والفن، حتى بعد أن صار رئيساً للجامعة فوزيراً، ولا أذكر انه ركب سيارة الوزارة، بل كان يذهب إلى مقر عمله مشياً على الأقدام.

    مؤلفاته

    وضع أحمد السمّان عدة مؤلفات علمية في حياته، دُرّست معظمها في الجامعة السورية لسنوات، وكان أهمها:

    • الواقع والنظريات الاقتصادية في العصر الحديث (دمشق 1945)
    • محاضرات في اقتصاديات سورية (دمشق 1948)
    • الموجز في الاقتصاد السياسي (دمشق 1951)
    • الاقتصاد السياسي (بيروت 1965)

    الوفاة

    توفي الدكتور أحمد السمّان في دمشق عن عمر ناهز 61 عاماً سنة 1968.

     المناصب

    رئيساً بالوكالة للجامعة السورية (18 كانون الأول 1954 – 31 آذار 1956)
    عميداً لكلية الحقوق في جامعة دمشق (24 كانون الأول 1961 – 22 كانون الثاني 1962)
    رئيساً لجامعة دمشق (22 كانون الثاني 1962 – 14 تشرين الثاني 1964)
    وزيراً للتربية والتعليم (21 تشرين الثاني 1961 – 23 كانون الأول 1961)
    وزيراً للثقافة والإرشاد القومي (21 تشرين الثاني 1961 – 23 كانون الأول 1961)

     

  • رياض العابد

    الأستاذ رياض العابد
    الأستاذ رياض العابد

    رياض العابد (1916-2011)، محام سوري من دمشق وأحد مؤسسي الحزب الوطني، ترأس لجنة أسبوع التسلّح في عهد الرئيس شكري القوتلي سنة 1956 انتُخب نقيباً لمحامي سورية في مطلع السبعينيات، إضافة لعضوية مجلس الشعب ومجلس الأمة في اتحاد الجمهوريات العربية.

    البداية

    ولِد رياض العابد في حيّ الميدان الدمشقي في 6 أيار 1916، يوم إعدام شهداء ساحة المرجة على يد جمال باشا، قائد الجيش العثماني الرابع في سورية. وهو سليل عائلة سياسية معروفة وكان جدّه هلال عمّ أحمد عزت باشا العابد، كبير أمناء السلطان عبد الحميد الثاني. دَرَس في الكتّاب وفي مدرسة البحصة أولاً ومن ثمّ في مكتب عنبر وفي الثانوية التجهيز الأولى. أسس في شبابه فرقة كشفية في الميدان وانتخب رئيساً لها عام 1936. نال شهادة في الحقوق من الجامعة السورية سنة 1940، وعمل محام متدرب في مكتب سعيد الغزي (رئيس وزراء سورية في خمسينيات القرن العشرين) قبل أن يستقل بمكتب خاص به. كانت تربطه علاقة متينة مع الأخوين زيد وسلطان باشا الأطرش، وعند قيام الثورة السورية الكبرى أنضم العابد إلى صفوفها سنة 1925.

    العابد والصحافة

    إضافة لعمله في المحاماة كان رياض العابد يكتب زاوية أسبوعية في جريدة الإنشاء، فيها مزيج بين السياسة والقانون. تجنباً لملاحقة سلطات الانتداب الفرنسي، كان يوقع مقالاته باسم “فتى الميدان” المستعار، ولم يظهر باسمه الصريح إلا بعد جلاء القوات الفرنسية عن سورية في 17 نيسان 1946. وبعد الإنشاء انتقل للكتابة في جريدة الأيام التي كان يصدرها صديقه نصوح بابيل.

    أسبوع التسلح سنة 1956

    في مطلع عهد الاستقلال، شارك رياض العابد في تأسيس الحزب الوطني مع نبيه العظمة وسعد الله الجابري انتُخب عضواً في مجلسه المركزي. خاض الانتخابات النيابية سنة 1947 ولكنه انسحب منها ومن العمل السياسي إبان الانقلاب العسكري الذي قاده حسني الزعيم ضد رئيس الجمهورية شكري القوتلي في 29 آذار 1949. وعندما عاد القوتلي إلى الحكم في منتصف الخمسينيات كلفه برئاسة المكتب التنفيذي لأسبوع التسلّح الذي دعا إلى جمع التبرعات لصالح الجيش السوري. جال العابد على عدد من العواصم العربية لأجل أسبوع التسلّح وفي مصر حصل على تبرع نقدي من قبل الرئيس جمال عبد الناصر، بقيمة نصف مليون جني. تحت رعاية وبحضور الرئيس القوتلي، أقيمت فاعلية أسبوع التسلح  على مدرج الجامعة السورية سنة 1956 ونجحت بجمع 25 مليون ليرة سورية، قدمها العابد إلى رئيس أركان الجيش اللواء توفيق نظام الدين.

    سنوات المنفى 1963-1966

    أيد الوحدة السورية المصرية عند قيامها سنة 1958 ولكنه سرعان مع تراجع وبارك انقلاب الانفصال يوم 28 أيلول 1961، احتجاجاً على الدولة البوليسية التي ظهرت في سورية، في عهد المشير عبد الحكيم عامر، ممثل الرئيس عبد الناصر بدمشق. طارده قادة البعث بعد وصولهم إلى الحكم سنة 1963، بجرم تأييد “جريمة الانفصال” فانتقل للعيش في لبنان. وفي منفاه الاختياري عمل العابد في الصناعة وأسس معملاً للكونسروة مع نوري الحكيم وعائلة عزّت الشامي، إضافة لمصنع متخصص بإنتاج السمنة مع رجل الأعمال اللبناني علي غندور.

    رياض العابد مع الرئيس حافظ الأسد
    رياض العابد مع الرئيس حافظ الأسد

    نقيباً للمحامين سنة 1970

    عاد رياض العابد إلى سورية بعد انقلاب 23 شباط 1966 وعمل بالمحاماة مجدداً، بعيداً عن السياسة. أيّد الرئيس حافظ الأسد وفي مطلع عهده انتُخب نقيباً لمحامي سورية وسمّي نائباً في مجلس الشعب وعضواً في مجلس الأمة في اتحاد الجمهوريات العربية. أرسله الرئيس الأسد على رأس وفد رفيع إلى المملكة العربية السعودية طالباً الدعم من الملك فيصل بن عبد العزيز في حرب تشرين سنة 1973. عاد العابد إلى دمشق ومعه تعهد بقيمة مليار دولار أمريكي، دعماً للجيش السوري.

    العائلة

    تزوج رياض العابد من الدكتورة مها العدوي، وله منها ثلاث أولاد: بسمة، وهي أستاذة في جامعة دمشق، ورجل الأعمال محمد العابد والدكتور المهندس زياد العابد.

    الوفاة

    بقي رياض العابد يعمل في المحاماة لغاية العام 2004، عندما أُجبر على التقاعد بسبب تقدمه بالسن قبل وفاته عن عمر ناهز 95 عاماً سنة 2011.

    المناصب

    نقيب محامي دمشق (1970-1971)
    • سبقه في المنصب: الدكتور زهير الميداني
    • خلفه في المنصب: نزار بقدونس
  • صلاح الدين الطرزي

    الدكتور صلاح الدين الطرزي
    الدكتور صلاح الدين الطرزي

    صلاح الدين بن أمين الطرزي (1917-1980)، رجل قانون ودبلوماسي سوري من دمشق، كان مندوب سورية الدائم في الأمم المتحدة في ستينيات القرن العشرين قبل انتخابه عضواً في محكمة العدل الدولية في لاهاي بهولندا، ممثلاً عن المجموعة الآسيوية سنة 1976. وكان قبلها سفيراً في الاتحاد السوفيتي مرتين، وفي تشيكوسلوفاكيا والصين وتركيا، وفي سنة 1949 شارك في لجنة الهدنة التي شكّلها حسني الزعيم لترسيم الحدود مع إسرائيل في أعقاب حرب فلسطين الأولى.

    البداية

    ولِد صلاح الدين الطرزي في دمشق وكان والده رئيساً للدائرة الشرعية في المدينة مطلع القرن العشرين. دَرَس في مدرسة الفرير ونال شهادة الحقوق من الجامعة اليسوعية في بيروت. سافر إلى فرنسا لدراسة القانون الدولي في جامعة ليون وفور تخرجه عاد إلى دمشق وفتح مكتباً للمحاماة مع شقيقته بوران. وفي سنة 1945، التحق بوزارة المالية السورية، مديراً لشئونها القانونية.

    مفاوضات الهدنة سنة 1949

    وفي سنة 1949 عُيّن الطرزي أميناً عاماً لوزارة الخارجية السورية وعضواً في الوفد المفاوض الذي شكله حسني الزعيم للإشراف على خط وقف إطلاق النار وترسيم حدود الهدنة مع إسرائيل. كان المدني الوحيد في الوفد من العسكريين، ضمّ عفيف البزري وغسان جديد وفوزي سلو ومحمد ناصر. قبل الطرزي المشاركة في المفاوضات، على الرغم من قلّة الود بينه وبين حسني الزعيم، وعد إنه في مشاركته لجم لطموحات الزعيم ومحاولة لمنعه من تقديم أي تنازلات لإسرائيل. وكان ذلك بعد تزايد الكلام عن نية الزعيم الذهاب إلى ما هو أبعد من اتفاقية هدنة والتوقيع على معاهدة سلام شاملة مع إسرائيل.

    سفيراً في موسكو (1956-1957)

    في سنة 1951 عُيّن صلاح الدين الطرزي قائماً بأعمال السفارة السورية في بروكسل، ثم نائباً لمندوب سورية الدائم في الأمم المتحدة من سنة 1953 ولغاية عام 1956. وأثناء هذه الفترة، انتُخب عضواً في اللجنة الدولية لصياغة نظام محكمة الجنايات الدولية. في سنة 1956، ومع انتخاب شكري القوتلي رئيساً للجمهورية سمّي الطرزي سفيراً في الاتحاد السوفيتي. جاء ذلك في مرحلة حساسة من تاريخ سورية، شهدت تقارباً كبيراً بين دمشق وموسكو على أثر زيارة القوتلي إلى قصر الكرملين وإبرام معاهدة اقتصادية وعسكرية بين البلدين، كانت الأولى من نوعها سنة 1957.

    سفيراً في زمن الوحدة (1958-1961)

    وعند قيام الوحدة السورية المصرية سنة 1958، عُيّن صلاح الدين الطرزي سفيراً في تشيكوسلوفاكيا، الدولة الصديقة والداعمة للرئيس جمال عبد الناصر. وبعد أسابيع على وقوع انقلاب الانفصال الذي أطاح بالجمهورية العربية المتحدة، سمّي الطرزي سفيراً في جمهورية الصين الشعبية يوم 22 تشرين الثاني 1961.

    الدكتور الطرزي في الأمم المتحدة
    الدكتور الطرزي في الأمم المتحدة

    مندوب سورية الدائم في الأمم المتحدة (1962-1964)

    وبعد استعادة مقعد سورية الدائم في الأمم المتحدة، نُقل الدكتور الطرزي من بكين وعُيّن مندوباً دائماً في نيويورك يوم 20 كانون الثاني 1962. وتولّى السفير الطرزي مهمة رفع شكوى رسمية ضد جمهورية مصر، احتجاجاً على تدخلات عبد الناصر المتكررة في شؤون سورية الداخلية.

    العودة إلى موسكو (1965-1970)

    ومع وصول حزب البعث إلى السلطة في 8 آذار 1963، قررت القيادة السورية الجديدة الاحتفاظ به سفيراً في الأمم المتحدة وذلك على الرغم من موقفه الداعم للانفصال.  وفي سنة 1964، عينه الرئيس أمين الحافظ سفيراً في موسكو، وقد بقي في منصبه حتى بعد وقوع  انقلاب 23 شباط 1966.  وكان الطرزي على رأس عمله عند بدء حرب حزيران سنة 1967، والتي وقف فيها الاتحاد السوفيتي مع سورية ومصر ضد إسرائيل.

    سفيراً في تركيا (1970-1974)

    وفي 16 تشرين الثاني 1970 عينه الرئيس حافظ الأسد سفيراً في تركيا في زمن الرئيس جودت صوناي، وقد شهدت فترة عمله في أنقرة نشوب حرب تشرين سنة 1973.

    في محكمة العدل الدولية (1976-1980)

    وفي سنة 1975 ومع بداية الحرب الأهلية اللبنانية كلفة الرئيس الأسد بتمثيل سورية في لجنة الحقوقيين العرب المكلفة بتعديل ميثاق جامعة الدول العربية، التي انتُخب الطرزي رئيساً لها. وفي سنة 1976 انتخب عضواً في محكمة العدل الدولية في لاهاي، ممثلاً عن المجموعة الآسيوية، وكان أول مواطن سوري يعتلي هذا المنصب الرفيع الذي خلفه فيه صديقه القاضي عبد الله الخاني، زميل الدراسة في مدرسة الفرير.

    الوفاة

    توفي الدكتور صلاح الدين الطرزي في لاهاي سنة 1980، إثر اصطدامه عندما بالترامواي أثناء عودته من العمل، ليفارق الحياة في إحدى المستشفيات الهولندية عن عمر ناهز 63 عاماً.

    المناصب

    سفير سورية في الاتحاد السوفياتي (1956-1957)
    سفير سورية في الصين (1961 – 1962)
    مندوب سورية الدائم في الأمم المتحدة (1962-1964)
    سفير سورية في الاتحاد السوفياتي (1964-1970)
    عضو محكمة العدل الدولية (1976-1980)

     

     

  • شاكر مصطفى

     

    الاستاذ الدكتور شاكر مصطفى
    الاستاذ الدكتور شاكر مصطفى

    شاكر مصطفى (1921 – 31 آذار 1997)، باحث، مؤرخ، وأستاذ جامعي سوري من دمشق، لُقب بأديب المؤرخين ومؤرخ الأدباء. عمل في الحقل الدبلوماسي ومثّل سورية في عدة دول منها مصر والسودان، وكان وزيراً للإعلام لفترة وجيزة مطلع العام 1966. هو أحد مؤسسي جامعة الكويت وكان عميداً لكلية الآداب فيها ومستشاراً في الديوان الأميري الكويتي. اختير ضمن أبرز كُتّاب سورية في استفتاء أجرته جريدة النُقَّاد سنة 1954، وقد تجاوَز عدد كتبه الأربعين كتاباّ، إلى جانب مئات المقالات والأبحاث.

    البداية

    ولِد شاكر مصطفى في أسرة فقيرة وكان والده يعمل سمّاناً في دمشق. دَرَس في مدارس دمشق الحكومية ونظراً لتفوقه العلمي، أوفدت وزارة المعارف إلى مصر لإكمال دراسته في جامعة الملك فؤاد الأول. برع في قسم التاريخ وكانت إدارة جامعة الملك فؤاد تريد إرساله إلى جامعة أكسفورد للتخصص ولكن الحكومة السورية رفضت وأصرّت على عودته إلى سورية ليكون مُدرّساً في ثانويات درعا جنوب البلاد. التحق بعدها بالتدريس الجامعي وفي منتصف الخمسينيات، عُيّن أميناً للجامعة السورية.

    العمل الدبلوماسي والسياسي

    وفي سنة 1956 عينه الرئيس شكري القوتلي مُلحقاً ثقافياً في مصر ومن ثمّ قائماً بأعمال السفارة السورية في السودان.  وعند قيام الوحدة السورية المصرية سنة 1958 سمّي الدكتور شاكر مصطفى سفيراً في  بوغوتا عاصمة كولومبيا حتى سنة 1961. وفي زمن الانفصال (1961-1963)، عُيّن قنصلاً في البرازيل قبل استدعائه إلى دمشق وتعيينه وزيراً للإعلام في حكومة صلاح البيطار الخامسة والأخيرة في 1 كانون الثاني 1966.

    في الكويت

    عاد شاكر مصطفى بعدها إلى التدريس، ولكن في دولة الكويت هذه المرة وليس بدمشق، حيث دُعي ليكون أحد مؤسسي جامعة الكويت. درّس في الكويت طيلة ثلاثة عقود ونيّف وكان عميداً لكلية الآداب في جامعتها، كما ساهم في إصدار مجلّة الثقافة العالمية في الكويت وكان عضواً في هيئة تحرير سلسلة عالم المعرفة. عُيّن مستشاراً في الديوان الأميري الكويتي واختارته المنظّمة العربية للتربية والثقافة والعلوم أميناً عامّاً للجنة إعداد الخطّة الشاملة للثقافة العربية سنة 1982. وبعد إحالته على التقاعد، عاد إلى دمشق في منتصف التسعينيات وقضى فيها سنواته الأخيرة.

    مؤلفاته

    وضع الدكتور شاكر مصطفى عدداً من المؤلفات التاريخية القيمة، ومنها:

    وله كتاب موسوعي من أربعة أجزاء بعنوان التاريخ العربي والمؤرخون: دراسة في تطور علم التاريخ ومعرفة رجاله في الإسلام، صدر في بيروت ما بين 1978-1993، وجاءت بعده موسوعة دول العالم الإسلامي التي صدرت في بيروت في مطلع التسعينيات.

    الوفاة

    توفي الدكتور شاكر مصطفى في دمشق عن عمر ناهز 76 عاماً في 31 آذار 1997.

    المناصب

    وزيراً للإعلام (1 كانون الثاني – 23 شباط 1966)

     

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !