الشهر: يوليو 2023

  • دستور الجمعية التأسيسية عام 1928

    أعضاء الجمعية التأسيسية سنة 1928.
    أعضاء الجمعية التأسيسية سنة 1928.

    دستور الجمعية التأسيسية عام 1928، هو الدستور الجمهوري الأول في سورية بعد تعطيل دستور المملكة السورية العربية في تموز من عام 1920. جاء تلبية لمطالب الشعب السوري في أعقاب القضاء على الثورة السورية الكبرى، حيث دعت سلطة الانتداب الفرنسي الحاكمة لانتخاب مؤتمر تأسيسي وصياغة دستور جمهوري للبلاد، ذهبت غالبية مقاعده إلى الكتلة الوطنية وانتُخب هاشم الأتاسي رئيساً للجمعية التأسيسية.

    انتخابات الجمعية التأسيسية

    خاضت الكتلة الوطنية انتخابات الجمعية التـأسيسية التي جرت على مرحلتين: في 10 نيسان 1928 للدرجة الأولى و24 نيسان للدرجة الثانية. فاز أعضاء الكتلة باثنين وعشرين مقعداً من أصل 70، وتم انتخاب هاشم الأتاسي رئيساً للمؤتمر الدستوري لكونه أكثر الوطنيين خبرة ودراية ومقدرة على صياغة دستور جديد للدولة السورية.

    هاشم الأتاسي رئيساً للجمعية التأسيسية سنة 1928.
    هاشم الأتاسي رئيساً للجمعية التأسيسية سنة 1928.

    كان الأتاسي رجل دولة منذ العهد العثماني، انتخب رئيساً للمؤتمر السوري الذي توّج الأمير فيصل ملكاً على سورية في 8 آذار 1920 وكان رئيساً للجنة التي وضعت دستور سورية الملكي سنة 1920. تحالف الأتاسي مع رئيس الحكومة تاج الدين الحسني – خصم الكتلة الوطنية – في انتخابات الجمعية التأسيسية سنة 1928، في محاولة منه لإبعاد الأخير عن الفرنسيين وحث أجهزة الدولة السورية، ومنها وزارة الداخلية المشرفة على هذه الانتخابات، على عدم التدخل في عملية التصويت لصالح المشرحين المعارضين للكتلة. ترأس الشيخ تاج قوائم العاصمة دمشق، وفاز بعضوية الجمعية التأسيسية ولكن حليفه وزير الداخلية سعيد محاسني هزم في هذه الانتخابات. وقد اعترضت الكتلة الوطنية على عمليات التصويت والفرز في بعض أحياء مدينة دمشق وقالت إن تزويراً قد حصل لصالح الشيخ تاج من قبل عناصر الشرطة والدرك.

    مواد الدستور

    وبعد فوز الأتاسي، انتخاب معاونين له من أعضاء الكتلة الحقوقيين، وهما فوزي الغزي وفائز الخوري وكان كلاهما كان يدرّس القانون في الجامعة السورية. وافتتحت أعمال الجمعية التأسيسية في 9 حزيران 1928 واختتمته في 11 آب بعد 1928، أي أنها عقدت خمسة عشر جلسة صاغت خلالها مواد الدستور الجديد، وكان دستوراً عصرياً مُستلهماً من الدساتير الأوروبية، مؤلف من 155 مادة، أهم ما نصّ عليه:

    • سورية جمهورية نيابية عاصمتها دمشق ودين رئيسها الإسلام، لها نظام برلماني ديمقراطي، تكون ولاية مجلس النواب فيه أربع سنوات وولاية رئيس الجمهورية خمسة، غير قابلة للتمديد بشكل متواصل.
    • لم يحدد الدستور عدد أعضاء المجلس النيابي غير أنهم عموماً كانوا 60 عضواً عام 1932 ثم زيد العدد إلى 90 بعد انضمام دولة الدروز ودولة جبل العلويين إلى سوريا عام 1936. ورفع العدد مجدداً إلى 124 عام 1943، وأخيراً رفع إلى 140 عضواً في انتخابات العام 1947 وهي آخر انتخابات تجري في ظل هذا الدستور.
    • البلاد السوريّة المنفصلة عن الدولة العثمانية هي وحدة سياسيّة لا تتجزأ، ولا عبرة بكل تجزئة طرأت عليها بعد الحرب العالمية الأولى.
    • استقلال القضاء وحرية المواطنين ومساواتهم أمام القانون وفي الدولة، وكفل الدستور حرية التعبير وغيرها من الحريات العامة، كما نص على احترام حقوق الطوائف السورية وكفل قوانين أحوالها الشخصية ومدارسها الخاصة. ونصّ أيضاً على تمثيل الأقليات الدينية والعرقية بشكل عادل في البرلمان وسائر مؤسسات الدولة.
    • صيانة الملكية الفردية.
    • جعل التعليم الابتدائي إلزامياً لكل مواطن سوري.

    الصراع على الدستور بين الجمعية التأسيسية والانتداب الفرنسي

    في 11 أب من العام 1928 تمّ التصويت على مسودة الدستور داخل المؤتمر التأسيسي وتبناه النواب بالإجماع. غير أن المفوض السامي هنري بونسو رفض إصداره بحجة مخالفته صك الانتداب وحقوق الدولة المنتدبة. اعترضت سلطة الانتداب على ست مواد، منها المادة الثانية من الدستور التي لم تعترف بحدود اتفاقية سايكس بيكو، ونصّت على اعتبار سورية الطبيعية هي المساحة القانونية للدولة السورية الوليدة، والمادة 74 التي أعطت رئيس الجمهورية المُنتخب، بدلاً من المندوب السامي الفرنسي، حق إعلان الحرب والسلم وتوقيع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، والمادة 110 التي أعطت حق إنشاء جيش وطني في سورية بدلاً من الجيش الذي تم سحقه ثم حلّه إبان معركة ميسلون يوم 24 تموز 1920.

    طالبت سلطة الانتداب بإضافة المادة 116 والتي نصّت على ذكر الانتداب ولكن الأتاسي رفض ذلك، مُشيراً لدستور مصر لسنة 1922 ودستور العراق لسنة 1925، وكلاهما خالٍ من أي إشارة لوجود الإنكليز أو شرعيتهم في تلك الدول العربية. وعندما أصرّ الوطنيون على موقفهم الرافض للمادة 116، جاء الرد الفرنسي بتعطيل المؤتمر التأسيسي لمدة ثلاثة أشهر. وفي 5 شباط 1929، أُعلن عن حل المؤتمر كلياً وتعطيل الدستور إلى أجل غير مسمّى.

    شهدت البلاد في إثر ذلك مظاهرات واضطرابات أمنيّة كان أكبرها مظاهرات 11 شباط 1929 في حلب والتي شارك بها طلبة المدارس حيث دامت حتى 14 أيار 1930، حين أقر بونسو الدستور بعد أن أضاف إليه المادة 116 التي تنصّ على “طي المواد التي تتعارض مع صك الانتداب حتى زواله.” لم يهدأ الشارع، واعتبرت المادة مقيدة لحقوق الدولة السوريّة.

    التعديلات التي خضع لها دستور عام 1928

    أُنهي في 16 تشرين الثاني عام 1931 حكم رئيس الوزراء الشيخ تاج الدين الحسني وتشكلت حكومة مؤقتة برئاسة سالومياك نائب بونسو بدمشق، كانت مهمتها الإشراف على الانتخابات النيابية التي أعلنت نتائجها الرسميّة في 9 نيسان 1932. انعقد أول مجلس نيابي في ظل النظام الجمهوري في 7 حزيران 1932 وانتخب صبحي بركات رئيساً للمجلس النيابي ومحمد عليّ العابد رئيساً للجمهورية. وفي عام 1936 نظّمت الانتخابات النيابية الثانية في ظلّ الدستور وأوصلت هاشم الأتاسي إلى سدّة الرئاسة في شهر كانون الأول.

    استقال الأتاسي من الحكم في تموز 1939 وعطّل العمل بالدستور نتيجة اندلاع الحرب العالمية الثانية حتى عام 1943، حين أعيد العمل به وجرت انتخابات جديدة بموجبه فازت فيها الكتلة الوطنية بغالبية مقاعد المجلس النيابي، ما أوصل شكري القوتلي إلى رئاسة الجمهورية. في عام 1947 وبعد جلاء القوات الفرنسية عن سورية، عدّل الدستور بتحويل النظام الانتخابي من درجتين إلى درجة واحدة، وعدل مرة ثانية عام 1948 للسماح بانتخاب شكري القوتلي لولاية رئاسية ثانية. وفي 30 آذار 1949 انقلب حسني الزعيم عسكرياً على الحكم المدني وقام باعتقال القوتلي وتعليق العمل بدستور عام 1928. وسرعان ما انقلب عليه اللواء سامي الحناوي في 14 آب 1949 ونظّمت انتخابات جمعية تأسيسيّة لوضع دستور جديد للبلاد، وهو دستور عام 1950.

  • الشيخ رسلان

    الشيخ رسلان، مسجد وزاوية صوفية وتربة تقع خارج منطقة باب توما من الشرق، بجوار نهر عقربا، لا يعرف تاريخ بناءها على وجه التحديد ويرجع إلى أنها بنيت في العصر السلطان نور الدين زنكي منتصف القرن السادس الهجري. وكان الشيخ رسلان الدمشقي قد أتخذ زاوية ورباطاً عند الخيمة التي نصبها خالد بن الوليد يوم دخوله دمشق، وقد ظلّ يقيم عندها حتى وفاته، فعرفت باسمه من يومها. وللشيخ رسلان مكانة كبيرة في دمشق وقد أسس مسجده عند سور دمشق الشرقي، وفيه تشكلت خلايا مقاومة ضد الصليبين.

    الوصف المعماري

    بُنيت مشيدة الشيخ رسلان على الطراز المملوكي، وكانت تتميز ببوابتين مرتفعتين معقودتين بالمقرصنات. كانت البوابة اليمنى مؤطرة بمقرصنات مربعة مزخرفة، يمر من أسفلها شريط مزرر، وفوق هذه البوابة قبّة ملساء مدببة مطلية باللون الأخضر ترتاح فوق رقبة مضلعة بطبقة واحدة تشكلها ثمانية أضلاع مزينة بأربع نوافذ توأم ضمن قوس، وهي بهذا تشبه رقبة تربة الأمير بدر الدين حسن المجاورة له.

    أما البوابة اليسرى فبنفس ارتفاع وشكل البوابة اليمنى، إلا أنها تتميز باحتوائها لحشوة مربعة هندسية الزخارف يمر من أسفلها نفس الشريط المزرر المار عبر البوابة اليمنى، وعلى طرفي هذه البوابة حشوتان مستديرتان مزررتان تليهما إلى اليمين حشوة مربعة زخرفية أخرى فقدت كثيراً من تفاصيلها، وترتفع فوق هذه البوابة مئذنة بسيطة.

    داخل زاوية الشيخ رسلان

    كما تضم المشيدة حرم المسجد الكبير وفيه محراب ومنبر وحجرة تضم ثلاثة أضرحة، الأوسط هو ضريح الشيخ رسلان بن يعقوب بن عبد الله الجعبري الدمشقي النجار، أما الضريح الجنوبي فيضم أبو عامر المؤدب وهو معلّم الشيخ رسلان. أما الضريح الثالث فهو لأبي المجد، خادم الشيخ رسلان وفيه أيضاً ضريح إبراهيم بن عبد العزيز السندي خادم الضريح. كما دفن فيها الشيخ أحمد الحارون استناداً إلى الكتابة التوثيقية فوق الباب الأيمن، وكان آخر من دفن فيها الشيخ محمد صالح الفرفور.

    تجديد الزاوية

    جددت المشيدة في أواخر العهد المملوكي وأضيف إليها بالحجر الأبلق، ثم في أواسط القرن الحادي عشر الهجري، وأخيراً سنة 1988، حيث أكملت جدرانها في أعلاها بالمداميك الحجرية ذات اللونين المتناوبين الأبيض والأسود، بحيث زاد ارتفاع واجهتها عن ارتفاع البوابتين بمدماك واحد.

  • جامع الطاووسية

     

    جامع الطاووسية هو جامع مملوكي يقع وسط دمشق، يعود بناؤه إلى القرن الرابع عشر، كان يعرف باسم “الخانقاه اليونسية،” ويتميز بطراز معماري مليء بالزخارف والنقوش. أنشئ  أواخر القرن الرابع عشر على يد الأمير يونس دوادار، وكان عبارة عن خانقاه (مكان التصوف والعبادة)، عرفت باسم “الخانقاه اليونسية،” ولم يبقَ من أثر هذه الخانقاه اليوم سوى جزء صغير من الجامع، في حين أن بقية أجزائه جددت من قبل دائرة الأوقاف في ثلاثينيات القرن العشرين. وفي العقود التالية بنيت إلى جانبه مجموعة من العمارات التي سميت “عمارات الطاووسية،” ومنها شركات طيران وفنادق ومقاهي ومحلات تجارية.

    الطراز المعماري

    للجامع بابان وواجهتان أساسيتان، الأولى الشرقية وتضم الباب الكبير من جهة حي البحصة البرّاني، وهو باب مزخرف وتعلوه مقرنصات، أما الواجهة فهي مزخرفة بحجارة بيضاء وسوداء وفيها شباكان كُتب فوقهما: ”

    أنشأ هذا المكان المبارك المقام الأشرفي الكريمي العالي المولوي الكبيري العالمي المجاهدي المرابطي السيد السندي الذخري الغوثي الهمامي النظامي المالكي الكافلي المؤيدي المظفري العضدي الدخري الغوثي الغياثي الزعيمي الملاذي المخدومي الشرفي يونس دوادار الأبواب الشريفة أعز الله أنصاره وضاعف اقتداره بتاريخ شهور سنة أربع وثمانين وسبعمائة.

    والواجهة الثانية هي الغربية وتضم الباب الأصغر والأحدث عهداً من جهة شارع بور سعيد (شارع الملك فؤاد). أما صحن الجامع فتتوسطه بركة صغيرة، وفيه رواق يمكن الصعود إليه بواسطة درجات ستة، وفي الجامع محراب حديث مبني من الحجر الأبيض، ومنبر خشبي.

  • دستور المملكة السوريــة العربيـة

    الأمير فيصل بن الحسين
    الملك فيصل الأول

    دستور المملكة السورية، هو دستور سورية الملكي الأول والوحيد الذي تبناه المؤتمر السوري العام في 13 تموز 1920، قبل أيام معدودة من فرض الانتداب الفرنسي على سورية والإطاحة بحكم الملك فيصل الأول. ترأس هاشم الأتاسي اللجنة المكلفة بصياغة الدستور، بصفته رئيساً للمؤتمر السوري، وتجلت في الدستور الهوية العربية كما استوعبت مواده التغيرات السياسية والاجتماعية التي طرأت على البلاد منذ خروج العثمانيين سنة 1918. وقد شكّل دستور عام 1920 القاعدة التشريعية التي بني على أساسها دستور سورية الجمهوري الأول سنة 1928، والذي ترأس هاشم الأتاسي أيضاً لجنة صياغته.

    اللجنة الدستورية

    في أعقاب هزيمة العثمانيين في الحرب العالمية الأولى، نُصِّب فيصل الأول بن الحسين ملكاً على بلاد بقرار من المؤتمر السوري العام يوم 8 آذار 1920، وكلف هاشم الأتاسي برئاسة اللجنة الدستورية المؤلفة من النواب سعد الله الجابري وثيودور أنطاكي عن حلب، ووصفي الأتاسي من حمص والشيخ عبد القادر الكيلاني من حماة وسعيد حيدر من بعلبك، ومعهم أستاذ القانون في معهد الحقوق العربي عثمان سلطان والشيخ عبد العظيم الطرابلسي.

    لم يكن إنجاز وضع القانون الأساسي، أو الدستور، مهمة سهلة نظراً للتباين الكبير داخل المؤتمر السوري بين التيار التقليدي المحافظ وتيّار الحداثة الذي كان يمثّله الجامعيون الشباب من النواب، ومعظمهم كانوا أعضاء في الجمعية العربية الفتاة. دارت مناقشات ساخنة حول مواد الدستور، وتحديداً حول موضوع حقوق المرأة، بعد أن حصرت المادة 79 من مسودة الدستور حق الانتخاب بالذكور المتجاوزين الخامسة والعشرين من عمرهم، غير المحكومين، ممن يجيدون القراءة والكتابة. أول من طالب بتعديل هذه المادة لكي تشمل الناخبات كان نائب جبل لبنان الشيخ إبراهيم الخطيب، والذي اقترح أن يتم حصر التصويت بالسوريات الحائزات على شهادة ثانوية فقط، ليكون ذلك محفزاً على تعليم شريحة أوسع من النساء.

    أثنى سعد الله الجابري على هذا الكلام وتبناه نائب غزة الشيخ سعيد مراد، أستاذ مادة الأحكام الشرعية في معهد الحقوق العربي. كما أيدهم السياسي الفلسطيني محمد عزت دروزة، سكرتير المجلس، الذي طالب بتحرير المرأة من كل القيود، “ومنها الحجاب.” هاج نواب المجلس عند سماع كلام النائب دروزة، واعترض عليه كل من الشيخ رشيد رضا والشيخ تاج الدين الحسني والشيخ عبد القادر الخطيب والشيخ عبد القادر الكيلاني. وعلى الرغم من الخلافات بين تيار المحافظين وتيار التحديث، إلا أن الرئيس هاشم الأتاسي أصرّ وبالرغم من خلفيته المحافظة، على وضع دستور عصري وديمقراطي، تكون اليد العليا فيه للسلطة التشريعية، لا لملك البلاد.

    دستور المملكة السوريــة العربيـة

    وبعد إتمام مسودة الدستور، عُيّن هاشم الأتاسي رئيساً للحكومة في 5 أيار 1920 وخلفه في رئاسة البرلمان الشيخ رشيد رضا، وهو الذي ناقش مواد الدستور أمام المؤتمر السوري. كان الدستور الملكي مؤلفاً من 148 مادة واثني عشر فصلاً:

    • الفصل الأول: في المواد العامة
    • الفصل الثاني: في الملك وحقوقه
    • الفصل الثالث: في حقوق الأفراد والجماعات
    • الفصل الرابع: في الحكومة السورية العامة
    • الفصل الخامس: في المؤتمر السوري العام
    • الفصل السادس: في المحكمة العليا
    • الفصل السابع: في المالية
    • الفصل الثامن: في ديوان المحاسبات
    • الفصل التاسع في الموظفين
    • الفصل العاشر في المحاكم
    • الفصل الحادي عشر في المقاطعات
    • الفصل الثاني عشر في شتى مواد

    كان دستور عام 1920 من أكثر الدساتير العربية علمانية وديمقراطية بل أكثرهم نُضجاً واحترافاً في زمانه، حيث نص في مواده الأولى على أن حكومة المملكة السورية العربية ملكية مدنية نيابية، عاصمتها دمشق ودين ملكها الإسلام، وهي الإشارة الوحيدة للدين الإسلامي في هذا الدستور. لم يعترض الشيخ رشيد رضا لا على هذه المادة أو على المادة الثالثة عشرة من الدستور، التي نصّت على حرية المعتقد والأديان، ولم يصرّ على أن تكون الشريعة الإسلامية هي مصدر التشريع في المملكة السورية، كما دافع عن هذا الموقف أمام المحافظين، قائلاً إنه يسحب الذريعة من الدول الأوروبية للتدخل في شؤون سورية مستقبلاً بحجّة حماية الأقليات، كما حدث في دمشق بعد الفتنة التي أودت بحياة خمسة آلاف مسيحي في حيّ باب توما وبعض حارات القيمرية سنة 1860.

    وفي البنود المتعلقة بحقوق الأفراد والجماعات، نص الدستور على أن الحريات المدنية والدينية والشخصية مصانة، وأشار إلى الطوائف والأقليات وحقها في إقامة شعائرها الدينية: الحرية الشخصية مصونة من كل تعدّ، ولا يجوز توقيف أحد إلا بالأسباب والأوجه التي يعينها القانون، ولا يجوز التعذيب وإيقاع الأذى على أحد بسبب ما.”

    موقف الملك فيصل من الدستور

    خلافاً لرغبات الملك فيصل، أنشأ الدستور الجديد فصلاً واضحاً بين سلطة الملك والسلطة التشريعية، ما حول فيصل من حاكم مطلق كما أراد أن يكون، إلى ملك دستوري مقيّد الصلاحيات، خاضع للمساءلة والاستجواب من قبل مجلس النواب. وجاء في الدستور أنه يحق لثلث أعضاء المجلس اختيار خليفة الملك عند وفاته، في حال عدم وجود ولياً للعهد من أبنائه، وبأنه بات بحاجة لموافقة غالبية أعضاء المجلس قبل إعلان الحرب أو إبرام أي اتفاقيات دولية. كما جاء فيه أن الملك “محترم وغير مسؤول” أي أنه لا يُحاكم على قراراته، ولكنه مُجبر على احترام قرارات مجلس النواب، وأن يقسم أمام أعضائه بأن يحترم الدستور ويراعي أحكامه.

    دخول الدستور حيز التنفيذ قبل إلغائه

    لم يدخل الدستور حيز التنفيذ إلا لأيام معدودة فقط، من 13 تموز 1920 وحتى معركة ميسلون في 24 تموز 1920، التي خُلع على إثرها الملك فيصل وفُرض الانتداب الفرنسي على سورية. عشية احتلال دمشق ونفي فيصل إلى قرية الكسوة، تمّ تعطيل دستور المملكة السورية العربية بأمر من الجنرال الجنرال هنري غورو، المفوض السامي للجمهورية الفرنسية في سورية ولبنان.

  • جبل قاسيون

    جبل قاسيون، يقع شمالي مدينة دمشق ويعد امتداداً لسلسة الجبال السورية الغربية، يبلغ ارتفاعه 1150 متراً عن مستوى سطح البحر، وبحسب الوصف الجيولوجي هو عبارة عن هضبة محدبة غير متناظرة تشكلت في أول مرحلة من العصر الطباشيري المتأخر “حقبة الكريتاسي السينوماني.” يقدم الجبل مشهداً بانورامياً لمدينة دمشق، ويعتبر أحد أماكن التنزه والترفيه المحيطة بها، تغنى به الشعراء والأدباء وكان مصيفاً للملوك والأمراء في العهد الأموي. وتتربع على سفوح الجبل عدة أحياء سكنية شهيرة كحيّ الصالحية ومنطقة المهاجرين وحي الأكراد ومنطقة الشيخ محي الدين، باتت كلها من أشهر مناطق العاصمة السورية.

    الموقع

    يتصل جبل قاسيون من جهة الغرب بسلسلة جبال لبنان، ومن الشمال والشرق بسلسلة جبال القلمون الممتدة إلى منطقة حمص، كما يشرف على غوطة دمشق وله سفحان يفصل بينهما نهر يزيد المتفرع عن نهر بردى. السفح الأول يقع على ضفة النهر الشمالية ويسمى السفح الأعلى، وهو سفح واسع كبير خال من الماء، أما السفح الأدنى فهو على الضفة الجنوبية وهو سفح مزدهر ونضر.

    التسمية

    جبل قَاسيون بفتح السين؛ عُرف أيضاً بجبل دمشق، أو جبل الشّام، وجبل التين، وجبل الأنبياء، كما جاء ذكره في أحد المصادر باسم قَيْسُون وأيضاً قايسون، وفي اللغة الآرامية القديمة قَيْصُون، والتي تعني: نهائي أو أقصى. أما عن سبب التسمية فتعددت التفسيرات إلا أن معظم الأبحاث اعتمدت على تفسير سبط ابن الجوزي وهو المستمد من القساوة. إلا أن هذا التفسير بقي معلقاً بين الرواية الدينية التي تقول “هو قاس لأنه لم يسمح بأن تؤخذ منه الأصنام،” والرواية الاجتماعية التي انطلقت من قساوته لعدم نمو الأشجار فيه.

    وهناك اعتقاد آخر بأن الاسم غير مستمد من العربية، إذ يذكر الكاتب والمؤرخ المعاصر قتيبة الشهابي أن تسمية “قاسيون” وردت في أقدم المصادر العربية بدءاً من القرن الأول الهجري، غير أن بعض المصادر أوردته أحياناً باسم “قيسون” أو “قايسون،” ومثال على ذلك ما ورد في الشعر “بنت قيسون” وهو لقب خوطبت به دمشق.

    وبالنسبة إلى تحول الاسم من “قيسون” إلى “قاسيون،” يرجح أن يكون قد حدث في العصر الهلنستي، إذ إنه أقرب إلى النطق باللسان اليوناني بإشباع حروف العلة بحيث تصبح Kasayon أو Kassyon بدلاً من Kysson. ومن المحتمل أيضاً أن يكون اشتقاق اسم الجبل من الجذر الآرامي “ق ش ا” الذي يفيد القسوة، وعلى ذلك يكون معنى اسم قاسيون “القاسي،” وهذا يؤيد ما كتبه الأب أيوب سميا: “قاسيون كلمة سريانية (قشيونو) معناها القاسي الجاف، وهي صفة هذا الجبل الصخري الأجرد الذي لا عشب فيه ولا خضرة ولا ماء.”

    الأساطير حول الجبل

    أحيط جبل قاسيون بكثير من الأساطير المنسوبة إلى عدد كبير من الأنبياء. فهناك أسطورة تقول إن سيدنا آدم عليه السلام قد سكن بالقرب من التربة البدرية، وفي سفحه قتل قابيل أخاه هابيل، ففُتح الجبل ليبتلع قاتل أخيه، وذات الأسطورة تقول إن الملائكة زارت سيدنا آدم في كهف جبريل لتُعزِّيه بابنه المقتول.

    كما يُعتَقَدُ أنه في شرق جبل قاسيون في قرية برزة نزل سيدنا إبراهيم، فقد ذكر ابن جبير في كتابه “أخبار دمشق” والتي عزاها للعالم الإسلامي ابن عساكر:

    تدور أحداث تلك القصة عن النبي إبراهيم الذي ولد في مرتفعات هذا الجبل، بالقرب من قرية تعرف باسم برزة، داخل مغارة طويلة وضيقة، تبعد قرابة كيلومتر ونصف عن الموضع الذي كنا نجلس فيه، إذ يروي ابن جبير ما يلي: من ذلك الغار رأى صلى الله عليه وسلم الكوكب ثم القمر ثم الشمس حسبما ذكره الله تعالى في كتابه عز وجل.

    يحكى أيضاً أنه بقرب الربوة في النيرب سكنت حَنَّة أم مريم العذراء. وأن يحيى بن زكريا قد نزل فيه وأمه مدة أربعين عاماً واحتمى فيه من قوم عاد في الغار الذي تحته وفيما بعد أتاها حواريّو عيسى عليه السلام وكان عددهم أربعين حوارياً، ويضم المسجد المُقام هناك أربعين محراباً. وعن الجانب الغربي للجبل، كتب ابن جبير وأكدت التقاليد والتراث المحلي بأنه يمثل التلة المذكورة في القرآن التي عاش فيها المسيح وأمه مريم. وتعبيراً عن قدسية وشرف هذا الجبل قيل: “بين بَرْزَة وَأَرْزَة أربعون ألف نبي”

    المغاور الموجودة في جبل قاسيون

    فيه العديد من المغاور الطبيعية والمغاور التي أنشأها الإنسان، وأشهرها هي:

    • مغارة الجوعيَّة أو الجوع: أما عن سبب تسميتها بذلك فيقال أنه لجأ إليها أربعون نبيّاً خوفاً من الكفار، ولم يكن معهم سوى رغيف واحد من الخبز، فأخذ كلُّ واحد منهم يؤثر رفيقه عليه، حتى ماتوا من الجوع جميعهم.
    • مغارة الأربعين: أو مغارة آدم ومغارة الدمو، والتي تقول الأسطورة عنها بأن هابيلاً قُتل على يد أخيه قابيل، وبأن دم هابيل لطخ الجبل بلون أحمر من سفحه حتى منتصفه، ولم ينته إلا عند تلك المغارة.
    • مغارة الشيّاح: فيها قبر الشيخ محمد الشيّاح.

    أشهر المعالم الموجودة في الجبل

    يضم جبل قاسيون:

    • قبَّتين تاريخيتين، هما مبنى مرصد قاسيون والتي تعرف باسم قبة السيار الأثرية الواقعة على قمة الجنك، وكانت المرصد الفلكيّ للمأمون لرصد النجوم والكواكب، وقبة النصر المندثرة.
    • صخرة اذكريني، تروي قصّة حبّ مؤلمة، حيث كان شاباً يلتقي بمحبوبته التي هام بها، إلاَّ أنّ أهلها أجبروها على الزواج بغيره، فلم يستطع تقّبل الأمر. فما كان منه إلاَّ أن صعد جبل قاسيون، ووقف على هذه الصخرة التي كانتا يجتمعان عندها، وكتب عليها رسالةً بدمه (اذكريني)، ورمى نفسه من أعلى هذا الجبل، لتأتي حبيبته هاربةً من أهلها لعلّها تلتقيه وتتزوّجه، فرأت هذه الكلمة وعرفت ما فعل، فما كان منها إلاَّ أن كتبت تحت رسالته وبدمها أيضاً (لن أنساك)، ورمت نفسها أيضاً، ومازالتا حتى اليوم هاتان الرسالتان موجودتين بخطّهما، لتبقى هذه الصخرة ملتقى للعشاق.
    • نصب الجندي المجهول، الذي يتموضع في الجهة الجنوبية الغربية من الجبل.
    • مبنى التلفزيون العربي السوري القديم وعلى قمته محطة لتقوية البث الإذاعي والتلفزيوني.
    • فيه العديد من الأديرة ومقامات للأولياء الصالحين؛ كدير مَرّان، وقبر النبي ذي الكفل عليه السلام، ومقام النبي يونس عليه السلام، وقبر العلاَّمة محيي الدين بن العربي، وكذلك النبي إيليا.
    • عند سفح جبل قاسيون تقع مقالع الحجارة الأثرية التي كانت تزود دمشق بالحجر الكلسي الفاتح في لونه والذي كانوا يستخدمونه في تصميمات الأبلق الشهيرة، التي يتناوب فيها الحجر الفاتح مع الداكن والتي نجدها بكثرة في مساجد دمشق ومدارسها وقصورها.

    في وصف الجبل

    يتجلى الوصف الأكثر إبهاراً للجبل في كتاب تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار لابن بطوطة، الذي ذكر موضع قاسيون قائلاً “وقاسيون جبل في شمال دمشق والصالحية في سفحه، وهو شهير البركة لأنه مصعد الأنبياء، ومن مشاهده المباركة الغار الذي ولد فيه إبراهيم، ومن ذلك الغار رأى الكواكب والقمر والشمس، ومن مشاهده بالغرب منه، مغارة الدم وفوقها بالجبل دم هابيل، وقد أبقى الله منه في الحجارة أثراً محمراً وهو الموضع الذي قتله أخوه به، واجتره إلى المغارة. ومنها كهف بأعلى الجبل ينسب لآدم وعليه بناء وأسفل منه مغارة تعرف بمغارة الجوع، يذكر أنه أوى إليها سبعون من الأنبياء، ويذكر أن فيما بين باب الفراديس وجامع قاسيون مدفن 700 نبي وبعضهم يقول 70 ألفاً، وفي آخر جبل قاسيون الربوة مأوى المسيح عيسى وأمه”.

    أما سبط ابن الجوزي فقد قال فيه “جبل ترتاح النفس في المقام به، ومن يسكنه لا يستطيب له السكن بغيره”، وياقوت الحمويّ فقد ذكره بأنّه جبل معظّم ومقدّس.

    قاسيون مسكن الدمشقيين الأول

    ويقول المؤرخ الدمشقي محمد أحمد دهمان أن أهل دمشق سكنوا هذا الجبل قبل أن يسكنوا دمشق، وعاشوا فيه أجيالاً طويلة، ثم هبطوا إلى السهل المنبسط أسفله وبنوا مدينتهم، أي أن مدينتهم الأولى كانت قاسيون.  ويقول ابن طولون: “سكن أهل المدينة دمشق هذا الجبل قبل أن يسكنوا دمشق، عاشوا فيه أجيالاً طويلة من الزمن، حتى إذا تكاثروا وتناسلوا وارتقت معارفهم وتجاربهم هبطوا إلى السهل المنبسط أسفله، فبنوا مدينتهم دمشق، ولكن مدينتهم الأولى هي قاسيون ففيه نشأوا أولاً وإليه رجعوا.”

  • مغارة الدم (مقام الأربعين)

    مغارة الدم (مقام الأربعين) هي مغارة في جبل قاسيون، يعود عمرها لأكثر من 4000 سنة، كانت معبداً وثنياً للآراميين ثم كنسية في عهد الروم، وفي العهد الإسلامي أنشئ في المغارة مسجد صغير فأصبحت تدعى بمقام الأربعين. للمغارة اسمين، أولهما مغارة الدم” ويرجع أصل التسمية لوجود لون أحمر على إحدى صخور المغارة، ويقال إنها آثار دم هابيل عندما قتله أخاه قابيل.

    والبعض يسمونها “مقام الأربعين” ويُقال أن يحيى بن زكريا أقام هو وأمه فيها أربعين عاماً، وأن الحواريين الذين أتوها مع النبي عيسى بن مريم كانوا أربعين. وقيل أيضاً أن أربعين نبياً لجؤوا إلى مغارة الدم هرباً من ظلم أحد الملوك وما أن داهمهم الخطر في المغارة حتى شقَّ الله الجبل ويسّر لهم طريق الخروج فخرجوا تاركين من خلفهم روائح المسك والعنبر التي بقيت في الصخر.

    مغارة الدم

    كانت المغارة معبداً وثنياً للآراميين، ثم تحولت إلى كنيسة في عهد الرومان، إلى أن دخل الإسلام دمشق فأصبح للمغارة مكانة دينية كبيرة لدى المسلمين مرتبطة بما ورد في القرآن من قصة ابني آدم. ومختصر الرواية أن قابيل وهابيل أرادا أن يقدما لربهما قرباناً ليتقربا منه، فتقبل الله من هابيل ولم يتقبل من قابيل الذي غاظه تقبل ربه من أخيه، فوسوس الشيطان له قتل أخيه والخلاص منه ففعل ذلك، وبحسب التراث المحلي، يقال إنه عندما وقعت الجريمة، اهتز الجبل من هولها وبدأ يتداعى، ولو لم يتدخل الملك جبريل الذي أمسك الجبل بيديه، لانهار. وثمة دليل على تلك الحادثة يتمثل بطبعة اليد مرسومة على سقف المغارة يُقال إنها طبعة يد جبريل. ثم هام قابيل بجثة أخيه لا يعلم ما يفعل بها حتى أرسل له الله غرابين، قتل أحدهما الآخر ودفنه فقام بدفن أخيه على نفس الشاكلة، وقد وردت هذا القصة في سورة المائدة 27- 31 من القرآن الكريم.

    مقام الأربعين

    أما عن اسم “مقام الأربعين” فقد جاء نسبة إلى وجود أربعين محراباً داخل المغارة، كانوا لمسجد مكون من طابقين، الطابق السفلي هو “مغارة الدم،” والطابق الثاني منه عن مصلى الأربعين محراباً. للمقام والمغارة طريق وعر يتخلله درج مؤلف مما يقارب 750 درجة، يستغرق صعوده تقريباً ساعة من الزمن ابتداءً من جامع الشيخ عبد الغني النابلسي بمنطقة ركن الدين.

    وفي المغارة بقعة من الصخر يختلف لونها عن باقي حجارة الجبل وهي تقريباً بلون وردي يُقال أنها دماء هابيل. كما يوجد فم الجبل الذي فُتح من هول الحادثة (كما قيل) وقد مُثلت فيه تفاصيل الفم بدقة من حيث وجود اللسان والأضراس، وفيها أيضاً قطعة صخر يقال إنها جزء من الحجر الذي استعمله القاتل في جريمته وعليها آثار الدم. وفي داخل المغارة أيضاً يوجد محرابان أحدهما لسيدنا إبراهيم عليه السلام والآخر لسيدنا الخضر عليه السلام.

    من سقف المغارة تنزل قطرات من الماء بشكل مستمر، يقال إنها دمع الجبل على مقتل هابيل، وتتجمع القطرات الناتجة عن المياه الجوفية في جرنين صغيرين موضوعين تحتهما، وإلى جانبها في سقف المغارة يوجد آثار كف يقال أنها آثار كف جبريل وقد بقيت في الجبل بعد أن منعه من السقوط، وليس بعيداً منها يتشكل في السقف لفظ الجلالة كلمة الله.

    أنشئ على المغارة مسجد صغير الحجم منذ ما يزيد ستة قرون على يد أبو الفرج محمد بن عبد الله بن المُعلَّم عام 370 هـ حيث رأى الملك جبريل في المنام ومعه أمر من اللّٰه تعالى بأن يبني المسجد، وأعيد تجديده وترميمه عدة مرات كما ورد في اللوحات التي تؤرخ ذلك وموجودة ضمن حرم المسجد. ما إن تغادر المغارة تقابلك سلسلة أخرى من الدرجات التي تنقلك إلى الطابق الثاني من المقام، حيث تجد أربعين محراباً عند القبلة. وبحسب ما ورد في التراث المحلي، فإن أربعين ولياً الأبدال كان اسم كل واحد منهم عبد الله، كان يدخل كل ليلة إلى المسجد ليصلي في محرابه. ومنها نتجت مقولــــة ” شام شريف ” حيث أن هؤلاء الأربعين يحمون الشام.

    عند مغادرتنا للمسجد وصعودنا سلسلة أخرى من الدرجات ننتقل إلى باحة سماوية فيها شجرة ليمون وحيدة، كما بوجد بجانب المبنى خزان قديم للماء يملأ تلقائياً عند هطول الأمطار.

    بعض ما قيل عنها

    أبو حامد الغرناطي يصف المكان في زيارته لدمشق عام 1160 قائلاً: “ولما دخلت دمشق رأيت عند باب يعرف بباب الفراديس جبلاً مشرفاً عالياً، وعليه آثار دم هابيل بن آدم عليه السلام ظاهراً، وهو دم كثير لا يخفى على من يراه أنه دم.”

    ويُضيف ابن جبير الأندلسي حوالي عام 1183:

    وبجبل قاسيون أيضاً لجهة الغرب، على مقدار ميل أو أزيد من المولد المبارك، مغارة تعرف بمغارة الدم، لأن فوقها في الجبل دم هابيل قتيل أخيه قابيل ابني النبي ادم عليه السلام، يتصل من نحو نصفا الجبل إلى المغارة، وقد أبقى الله منه في الجبال آثاراً حمراً في الحجارة تحك فتستحيل، وهي كالطريق في الجبل، وتنقطع عند المغارة، وليس يوجد في النصف الأعلى من المغارة آثار تشبهها، فكان يقال: إنها لون حجارة الجبل، وإنما هي من الموضع الذي جر منه القاتل أخيه حيث قتله حتى انتهى إلى المغارة، وهي من آيات الله تعالى، وعليها مسجد قد أتقن بناؤه، وتصعد إليه على أدراج.

    أما الرحالة ابن بطوطة المغربي وخلال زيارته لدمشق عام 1324، فقد وصف المكان قائلاً: “مغارة الدم وفوقها بالجبل دم هابيل ابن آدم عليه السلام، وقد أبقى الله منه في الحجارة أثراً محمراً، وهو الموضع الذي قتله أخوه به واجتره إلى المغارة وعليها مسجد متقن البناء يصعد إليه على درج”. ويقول ابن طولون: “وأما مغارة الدم التي في أعلى الجبل فتشمل على مكان لطيف شريف، عليه الهيبة والوقار، والدعاء عنده مستجاب وتسمى الآن بمغارة الأربعين.”

    وعن عروة بن رُويم عن أبيه عن عليّ: “سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وسأله رجل عن الآثارات بدمشق فقال: (لها جبل يقال له قاسيون، فيه قَتَل ابنُ آدم أخاه، وفي شرقيّه وُلد إِبراهيم، وفيه آوى الله عيسى بن مريم وأُمّه من اليهود، وما من عبد أتىٰ معقل روح الله فاغتسل وصلى فيه ودعا، إِلاّ لم يُردَ خائباً.”

  • زيارة غليوم الثاني إلى دمشق

    غليوم الثاني في دمشق سنة 1898.
    غليوم الثاني في دمشق سنة 1898.

    زيارة فيلهلم الثاني أو كما يسمى في المصادر العربية غليوم الثاني إلى دمشق، هي الزيارة الرسمية التي قام بها إمبراطور ألمانيا إلى دمشق مساء يوم الاثنين 7 تشرين الثاني 1898، بدعوى من السلطان العثماني عبد الحميد الثاني حيث بدأت الجولة من إسطنبول ثم ولاية الشام وسنجق القدس ومتصرفية لبنان. هدفت الجولة إلى زيارة الأراضي المقدسة وتدشين عدد من المؤسسات ألمانية ومنها الكنيسة الإنجيلية الألمانية في القدس، إلا أن الهدف الغير المعلن فقد كان للتعبير عن سياسة ألمانيا الجديدة في جعل الشرق الأوسط منطقة نفوذ لألمانيا القيصرية.

    التحضير للرحلة

    أعلن السلطان عبد الحميد استعداده لتحمل جميع نفقات الرحلة، ووضعها تحت الإشراف الدولة العثمانية بما يتفق مع كرم الضيافة الشرقية، إلا أن الإمبراطور رفض ذلك وفضل تكليف شركة توماس كوك بجميع مستلزمات الرحلة. ولهذه الغاية عمدت الشركة المذكورة إلى شراء مستلزمات الرحلة من السوق السورية كالسجاد والأبسطة والخيام والأواني، وتعاقدت مع مكارين لتقديم الدواب، ومع مترجمين وطهاة وخدم، كما تم نقل الدواب والجياد الخاصة من برلين لركوب الإمبراطور في فلسطين وسورية وذلك بحسب ما ذُكر في جريدة المقطم.

    عمد السلطان عبد الحميد الثاني إلى إعداد قصر لائق لضيفه في حديقة قصر يلدز، على مقربة من القصر الذي كان الإمبراطور قد نزل فيه أثناء زيارته الأولى للعاصمة العثمانية سنة 1889. وذكرت صحيفة الأهرام المصرية نقلاً عن الصحف الأوروبية، أن الإمبراطور لم ينزل في القصر الجديد بسبب الرطوبة، وذلك لحداثة بنائه، وفضل الإقامة في القصر القديم الذي سبق ونزل فيه عام 1889.

    تم تشكيل وفد من كبار المسؤولين العثمانيين لاستقبال الإمبراطور عند وصوله إلى الدردنيل، ووفد آخر بقيادة رئيس أركان الجيش شاكر باشا لمرافقة الإمبراطور في بلاد الشام. كما ألحق بالوفد مجموعة من الصحافيين لتغطية هذا الحدث، ومنهم الصحفي أحمد راسم بك الذي رافق وفد الإمبراطور إلى جانب خمسة عشر صحفياً أجنبياً وعربياً.

    وبسبب ترافق زيارة الإمبراطور مع اغتيال إمبراطورة النمسا على يد أحد الفوضويين الإيطاليين، وضع أربعة آلاف جندي حراسة على الطريق من بيروت لدمشق، وقد جرى اعتقال الأجانب المشتبه بهم في العاصمة العثمانية وفي مدن بلاد الشام ولاسيما الإيطاليين منهم، ومنع البحارة الإيطاليون واليونانيون من النزول إلى المرافئ السورية.

    أما عن التجهيزات التي تمت في دمشق فقد أقيمت مخيمات لاستراحة الإمبراطور أثناء سفره بالقطار من بيروت إلى دمشق، وتم تزيين الطرق وإعادة طلاء جدران المباني العامة والخاصة والمحلات التجارية، والعناية بالشارع الواصل من محطة البرامكة إلى حيّ المرجة، ودعي الجمهور الدمشقي لإقامة احتفال مدته ثلاثة أيام، رفعت خلالها الأعلام الألمانية والعثمانية مع شعار النسر والطغراء العثمانية والتي بلغ عددها ثمانية وعشرون ألفاً بالإضافة للافتات التحية على شرف الضيف والمضيف.

    تغطية الزيارة في الصحف البريطانية.
    تغطية الزيارة في الصحف البريطانية.

    في دمشق

    قررت الدولة أن يبيت الإمبراطور الألماني في منزل وجيه دمشق وصدرها أحمد رفيق باشا الشمعة فقام الأخير بتجهيز قصره الذي كان يمتد من حي القنوات إلى باب سريجة وباب الجابية. وذكر الشيخ على الطنطاوي في مذكراته أن أحمد باشا الشمعة استعد لإنزاله في داره، وبنى جناحاً لذلك واستقدم له الثريات والفوانيس من إسطنبول. إلا أن خلافاً وقع بين أحمد باشا الشمعة وأمير الحج عبد الرحمن باشا اليوسف حول أحقية كل منهما باستضافة الإمبراطور مما جعل والي الشام حسين ناظم باشا يقرر استضافة الإمبراطور في فندق داماسكوس بالاس منعاً للخلاف، والاكتفاء بإقامة ولائم على شرفه في قصور الشمعة واليوسف. أسرع الوالي بهدم السجن المركزي في ساحة المرجة ومهّد الأرض وسواها فصار مكان الفندق فسيحاً لاستقبال الإمبراطور، وهدم مبنى سراي البوليس وأنشأ مكانه مبنى ضخم جعله مجمعاً تجارياً ومسرحاً وسينما ومقهىً رفيع المستوى.

    ويذكر المهندس الدكتور طلال العقيلي في دراسة له حول هذه الزيارة أن الإمبراطور وصل إلى ساحة المرجة في عربة مجللة بالذهب الخالص تجرها أربعة أحصنة، وخلفها مركبة زوجته ومائة مركبة أخرى للحاشية. وقد زينت الساحة وأبنيتها المجاورة بالمصابيح، قدر عددها بالمليون مصباح، مع خمسون ألف شمعة. وغرقت الساحة بالأضواء، وغصت بالسكان والمستقبلين.

    حيا الإمبراطور الجمهور المحتفى به في ساحة المرجة، وزار سوق القميلة مقابل القلعة وسوق الحميدية وساحة المسكية وقصر العظم ومنازل دمشقية تقليدية وقاعة عبد الله بك العظم وجامع نور الدين وجامع السنانية وعدد من الكنائس ومحل حنانيا الرسول، حيث دلف منها للجامع الأموي الذي أثار إعجابه، ثم أطال الوقوف عند زيارة ضريح صلاح الدين، حيث وصف الإمبراطور الألماني السلطان الأيوبي الراحل بأنه أعظم بطل بين جميع الحكام السابقين، مؤكداً على سعادته بأن يكون في مدينة “الرجل النبيل الذي ارتفعت رتبته بتعليم أعدائه كيف يجب أن يكون الأبطال”. كما قام الإمبراطور بجولة في جبل قاسيون ومنطقة الصالحية، وشهد مناورات سلاح الفرسان والاستعراضات العسكرية في ساحة المرجة.

    الامبراطور الألماني فيلهيلم الثاني وعقيلته في ضيافة آل العظم بدمشق، تشرين الثاني 1898

    وفي مساء يوم الثلاثاء 8 تشرين الثاني 1898 أقامت بلدية دمشق مأدبة عشاء كبرى على شرفه، خطب فيها الضيف خطاباً باللغة الألمانية، جاء فيه:

    أبدي الشكر باسمي وباسم حضرة الإمبراطورة، فكما أنني متمتع بهذا السرور العميق والامتنان لهذه المراسم الاحتفالية الشائقة الفائقة كذلك أراني مبتهجاً من صميم فؤادي عندما أفتكر بأنني في مدينة عاش عاش بها من كان أعظم أبطال الملوك الغابرة بأسرها الشهم الذي تعالى قدره بتعليم أعدائه كيف تكون الشهامة ألا وهو المجاهد الباسل السلطان الكبير صلاح الدين الأيوبي.

    عشية مغادرته بيروت إلى ألمانيا طلب غليوم الثاني من الوفد العثماني أن يخبر السلطان بأنه لن ينسى هذه الرحلة أبداً، ويحترم دائماً الصداقة بينه وبين عبد الحميد، وفي مذكراته قال الإمبراطور أنه لم يسبق له أن لقي ترحيباً حاراً منذ توليه العرش مثل الترحيب الذي شهده في دمشق. كما روى خليل خطار سركيس مؤسس جريدة لسان الحال قول الإمبراطور عن دمشق أنها أجمل مدن الأرض، وقال كذلك “دع أربعين مليون ألماني يأتون إلى هذه الأراضي لمعرفة كيف يتم الترحيب بالملوك في الشرق.”

    المواقف من الزيارة

    تم توثيق هذه الزيارة التاريخية من قبل الكثير من الصحف العربية، وتباينت الآراء حولها بين من كانت له آراء إيجابية كصحيفة المؤيد المصرية، التي رأت في الزيارة تدشيناً لتحالف واضح، وقد وصفته بعظيم الغرب وعميد أوروبا. وبالمقابل لاقت الزيارة نقد لاذع من صحف أخرى كصحيفتي الأهرام والمقطم التي رأت فيها محاولة للاستحواذ على ممتلكات الدولة العثمانية الآسيوية وساحل سورية وتوطين الفلاحين الألمان فيه، فضلاً عن هيمنتها على التجارة العثمانية وفوزها بالامتيازات وامتصاصها ثروات البلاد. واعتبرت الأهرام أن زيارة غليوم الثاني إلى الشرق هي سياسية واقتصادية الأهداف، وإن ما يقال عن صداقة أو تحالف بين ألمانيا والسلطنة هو كلام وهم. ورفضت الأهرام الصداقة الألمانية بالقول: “نكره أن نكون كالسمك يطعم الطعمة في الصنارة، تشكمنا بعد قليل، أو كالطير ينثر لنا الحب فوق فخ منصوب لنا.”

    أما صحيفة المقطم فلفتت بدورها الانتباه إلى موقف ألمانيا من المسألة المصرية والأهداف السياسية والاستعمارية من وراء رحلة امبراطورها، كفرض حمايتها على رعاياها الكاثوليك في الشرق وسعيها للاستيلاء على ساحل سوريا. فدعت إلى الريبة في صديقتنا الجديدة، لما وراء صداقتها الخفية من الغايات الاستعمارية والتجارية.

    وأثارت زيارة الإمبراطور وكلماته ردود فعل عربية واسعة، وكتب أمير الشعراء أحمد شوقي في قصيدة “عظيم الناس من يبكي العظاما” قائلا:

    فهل من مبلغ غليوم عني

    مقالا مرضيا ذاك المقاما

    رعاك الله من ملك همام

    تعهد في الثرى ملكا هماما

    أرى النسيان أظمأه فلما

    وقفت بقبره كنت الغماما

    تقرب عهده للناس حتى

    تركت الجليل في التاريخ عاماً

    توثيق الزيارة

    بالإضافة لما نشر في الصحافة العربية والعالمية عن هذه الزيارة فقد تم التوثيق لها عبر مجموعة من صور الأرشيف العثماني التي احتفظت بها مكتبة جامعة إسطنبول. كما أصدرت برلين بطاقة بريدية عن دمشق والزيارة التاريخية التي قام بها هذا القيصر لهذه المدينة الخالدة وجاء فيها:

    “Nice litho postcard of the Damascus Mosque used in Hamburg, Germany in 1898 and sent to Tabor Sudetenland Czechoslovakia. In series issued to commemorate the 1898 trip of the German Royal Couple (Kaiser Wilhelm II) to Damascus”

    ومعناها باللغة العربية: “بطاقة بريدية حجرية لطيفة لمسجد دمشق استخدمت في هامبورغ بألمانيا عام 1898 وأرسلت إلى تابور سوديتنلاند تشيكوسلوفاكيا. في سلسلة صدرت لإحياء ذكرى رحلة الزوجين الملكيين الألمان عام 1898 (القيصر فيلهلم)”

  • محطة الحجاز

    محطة الحجاز للقطارات في دمشق، تعد رمزًا للتاريخ الحديث للبلاد والمنطقة بشكل عام. بنيت المحطة في القرن العشرين كجزء من خط سكة حديدية يربط دمشق بالمدينة المنورة في الحجاز (المملكة العربية السعودية حاليا) زمن الحكم العثماني، والذي قام ضابط الاستخبارات البريطاني الشهير بلقب لورانس العرب بتعطيله عام 1918 زمن الثورة العربية الكبرى ضد العثمانيين لمنعهم من الوصول إلى الجزيرة العربية، وبسبب الأهمية الكبيرة لارتباط بلاد الشام مع المدينة المنورة ومكة المكرمة في الفترة العثمانية، وصعوبة السفر بواسطة الجمال، وطول المسافة؛ كان من الضروري إنشاء خطٍّ حديديٍّ يربط بينهما ويختصر المسافة والوقت ويجنِّب المسافرين عناء السفر، وقد بلغ طوله 1400كم.

    تَعود فكرة إنشاء خط الحديد الحِجازي إلى العام 1864م، حيثُ قام المهندس الأميركي زيمبل بتقديم أوَّل مخطّط للمشروع الذي يمتد من مدينة إسطنبول إلى المدينة المُنوّرة، لكنّه لم يتحقّق بسبب التكلفة العالية. لكن واقع الأمر أن محطة الحجاز في دمشق هي نقطة إنطلاق الخط الحجازي، أما تتمة مسار الرحلة إلى اسطنبول فكان يقوم بها قطار الشرق السريع.

    عُرِفت محطة الحجاز باسم محطة القنوات، ويقع مبنى المحطة في نهاية محور شارع سعد الله الجابري (شارع الجنرال غواييه سابقًا) في الجزء الجنوبي من ساحة الحجاز، وفي بداية شارع النصر (شارع جمال باشا سابقًا). موقع المحطة الحالي كان عبارة عن مكان لتَجمّع الحجَّاج (المحمل الشامي). وهي متوقِّفة عن العمل حاليَّا، ولكنها تُعَدُّ معلمًا معماريًّا مهمًّا من معالم مدينة دمشق دمج بين عناصر العمارة الغربية والشرقية الأمر الذي كان رائجًا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين.

    لمحة تاريخية

    كان سفر الحجَّاج من بلاد الشام إلى المدينة المنورة يستغرق 40 يومًا، و10 أيام من المدينة المنورة إلى مكة المكرَّمة، وقد تخلَّلت هذه الرحلة سابقًا العديد من الصعوبات، ممَّا دفع الحكومة العثمانية إلى تسهيل هذه الرحلة؛ فقرَّر السلطان عبد الحميد الثاني في العام 1900 م مدَّ خطٍّ حديديٍّ يصل بلاد الشام مع الحجاز، ورأى السلطان أن يكون تمويل قطار الحجاز قائمًا على تبرعات المسلمين، وأن لا يتدخل الأجانب في تمويله.

    كان الهدف من إنشائه خدمة الحرمين الشريفين وتوفير وسائل نقل حديثة للحجَّاج القادمين من أوروبا وآسيا إلى مكة والمدينة المنورة، إضافةً إلى تعزيز العلاقات في العالم الإسلامي المجزَّأ، بدأ بناء السكة الحديدية في شهر أيلول من العام 1900، وافتُتِح القسم الأول من الخط الحديدي بين دمشق ودرعا في العام 1903 م، ثمَّ افتُتِح قسم درعا – عمَّان بعد شهرٍ واحدٍ فقط.

    جلب بناء السكة الحديدية العديد من الفوائد للإمبراطورية العثمانية؛ منها تسهيل نقل المسافرين والبضائع بين الحجاز واليمن، ولكن لا بُدَّ من الذكر أنَّ بناء هذه السكة الحديدية تضمَّن العديد من الصعوبات، وقد عانى العمال من نقص الغذاء وقساوة الطقس، ودُفِن المئات منهم على طول هذا المسار، كما شارك في بنائها جنود سوريون في الجيش العثماني زمن عزّت باشا العابد. كان المُنطلَق الأساسي لسكَّة الحجاز في دمشق هو محطة القدم حتى بناء محطة الحجاز، التي أصبحت محطةً كبيرةً لأعمال الشحن والصيانة وحركة المسافرين. وقد كان يوم 23 آب 1908، تاريخًا لا ينسى، حين وصل أول قطار إلى المدينة المنورة، وبدأ الحجاج من تركيا وبلاد الشام وغيرها، يستخدمون الخط الحديدي في سفرهم إلى المدينة المنورة.

    مسار الخط الحديدي الحجازي

    خلال أعمال التصميم، قام المهندس التركي “مختار بيه”، وهو مهندس أساسي في المشروع لعب دورًا مهمًا في إختيار المسار، بمسح الطريق، فوجد أنه من الأنسب تتبع خط قوافل الإبل القديمة (حج الشام)، مع إجراء تعديلات بسيطة.

    كان مسار خط الحج، ينطلق من مدينة دمشق، ويعبر سهل حوران، ويمر بالمزيريب، بالإضافة إلى عدد من المناطق الواقعة جنوب سوريا وصولًا إلى مدينة درعا السورية، ثم إلى فلسطين، ومن ثم إلى الأردن، حيث يمر بكل من المفرق والزرقاء وعمّان ومعان على التوالي، ويكمل سيره جنوبًا، إلى أن يدخل أراضي الحجاز، حيث ينتهي بالمدينة المنورة.

    المؤسسة العامة للخط الحديدي الحجازي

    في بداية الانتداب الفرنسي على سورية، لم يكن للخط الحديدي الحجازي إدارة مستقلة ذات شخصية اعتبارية، فقد صدر في بيروت قرار المفوض السامي ويغان رقم 2456 تاريخ 22/2/1924 الذي تضمن تنفيذ اتفاق استثمار الخط الحديدي الحجازي من قِبَل شركة سكة حديد شام – حماه وتمديداتها، حيث نصت المادة الأولى منه على ما يلي: “الاتفاق الذي يعين الشروط التي عهد بموجبها إلى شركة شام – حماه وتمديداتها بالوكالة، بإدارة واستثمار الخط الحجازي، سيوضع موضع التنفيذ اعتباراً من أول آذار 1924 “.

    بناؤها

    انتهى بناء المحطة عام 1917، وبنيت من قبل المهندس الإسباني فرناندو دي أرنادا (Fernando de Aranda) الذي حضر إلى دمشق في الفترة الأخيرة من الحكم العثماني وشيد عددًا من الأبنية كمحطة الحجاز وبناء العابد وفندق أمية. وقد كان المعماري فرناندو دي أرنادا من المعماريين الغربيين الذين حذوا حذو أسلافهم في منتصف القرن التاسع عشر؛ إذ أثَّرت العمارة الغربية في العمارة في العالم العربي، ووقع المعماريون الذين عملوا في المدن العربية أمام خيارين؛ إمَّا النسخ من نماذج العمارة الغربية لتأكيد عصريتها وحداثتها في ذلك الوقت، أو إعادة خلق نماذج تستند إلى العمارة التاريخية للتأكيد على تاريخ المكان وثقافته.

    معالمها

    خُصِّصت الجهة الجنوبية من البناء لأرصفة المحطة، أمَّا الجهة الشمالية فقد خُصِّصت للمدخل الرئيسي الذي تتقدمه ساحة الحجاز حيث تتوقف عربات المسافرين، وهو بناءٌ متناظر مؤلَّفٌ من طابقين وجناحين متناظرين، ويتقدَّم المدخل الرئيسي في الطابق الأرضي رواق ذو ثلاثة أقواس محمولة على أربعة أعمدة تعلوها شرفة في الطابق الأول مع وجود ساعة في أعلى الواجهة، ولوحة تحت الساعة مباشرةً تحمل اسم المحطة (غير موجودة اليوم). نوافذ الطابق الأرضي مستطيلة ذات سواكف أفقية، أمَّا نوافذ الطابق الأول فهي ذات أقواس مدبَّبة وفق الطراز الأندلسي.

    يدخل المسافرون إلى المبنى عن طريق الأبواب الثلاثة الرئيسية في الواجهة الشمالية والتي تفضي إلى البهو المركزي الذي يرتفع بارتفاع طابقين، ووظيفته استقبال واستيعاب حركة المسافرين وقطع التذاكر والانتظار، ويؤدي الدرجان في الزاويتين الشمالية الشرقية والشمالية الغربية إلى الطابق الأول المخصَّص للموظفين عبر ممرٍّ مركزي يؤدي في نهايته إلى الشرفة الداخلية التي تطل على الفراغ الداخلي لبهو المحطة.

    غُطِّي بهو المحطة بسقفٍ خشبي مليء بالزخارف (العجمي)، إضافةً إلى العديد من الأعمال الخشبية المستخدمة في إنشاء الشرفة التي تعلو البهو والأطناف التي تحملها وتحمل السقف. الأسطح الأخيرة لبناء المحطة التي تغطي البهو المركزي والجناحين الشرقي والغربي وبيت الدرج المؤدي إلى السطح الأخير هي أسطح جملونية، أمَّا باقي الأسطح فهي مستوية.

    متحف خط الحِجاز

    يَعرض المتحف الموجود في بهو المحطة، حطاماً وبقايا ما كان ذات يوم خط سكَّة حديد مشهوراً، مثل تذاكر سفر قديمة وصوَر فوتوغرافية، فوانيس. مُجسَّم لقاطع التذاكر، وموجودات ترصد تاريخ النقل السككي من بدايات القرن الماضي وحتى اليوم.

    نُقل متحف خط الحِجاز، الذي كان قبل الحرب السورية سنة 2011 موجوداً في محطة القدم، إلى محطة الحِجاز منعاً لسرقته وتخريبه، بينما لا تزال العربات البُخارية قاطرة في متحف القدم خارج الخدمة صامتة، وهي صناعة إنكليزية وسويسرية. كما يضمّ المتحف قسماً للوثائق التاريخيَّة، مثل ملكيَّة خط الحديد الحِجازي لينابيع الحمَّة المحتلَّة منذ عام 1967، حيثُ كان هناك خط يصل إلى تلك المنطقة.

    أما القطار الموجود أمام المحطة، فوضع في العام 2000 للدلالة عليها، وهي عربة مناورة كانت تستخدم لترتيب القطارات داخلها وليس للسفر. ويشار إلى أنّ رمز المحطة، دولاب له جناحان وذلك دليل سرعة القطار التي كانت تتجاوز 60كم /ساعة، اختصرت الوقت إلى 50 ساعة بعد أن كان 75 يوماً.

  • حمام الملك الظاهر

    حمام الملك الظاهر، واحد من أقدم الحمامات العامة في مدينة دمشق القديمة وسوريا وحتى العالم استمراراً بأداء وظيفته دون انقطاع حيث يعود تاريخ إنشاؤه إلى النصف الثاني من القرن العاشر خلال الفترة الفاطمية، يقع في حي العمارة الجوانية، زقاق الملك الظاهر المتفرع من جادة البحرة الدفاقة، جانب المدرسة الظاهرية.

    تاريخه

    يعود تاريخ هذا الحمام إلى عام (375 هجري – 985 ميلادي)، واسمه الأصلي حمام العقيقي نسبة إلى بانيه أحمد بن الحسين العقيقي المتوفى 376هـ، وكانت داره دار العقيقي هي المكتبة الظاهرية حاليًا، وكان يسكن فيها أيوب والد صلاح الدين. وقد اشترى الدار والحمام من العقيقي الملك المملوكي السعيد ناصر الدين عام (1277م – 676هـ)، وسمَّاه باسم والده الملك الظاهر بيبرس، وجعل الدار مدرسة وسمَّاها المدرسة الظاهرية قبل أن تصبح المكتبة الظاهرية.

    أقسامه

    الحمام يتألف من ثلاثة أقسام: البراني وفيه بحرة مضلعة من الحجر الوردي ونافورة مياه وهو المكان المخصص لاستقبال الزبائن ووضع أمتعتهم وإماناتهم في الفتحات والرفوف الخشبية وفيه إيوانات يتم الصعود إليها بدرجات حيث يستريح الزبون فيها ويتناول بعض المشروبات قبل الدخول والحصول على أدوات الحمام الخاصة به كالمناشف والقبقاب.

    القسم الوسطاني الذي يحوي الأجران الرخامية وأدوات الحمام حيث ينتقل الزبون بعد إنتهاء حمامه منه إلى القسم الجواني الأشد حرارة عن سابقيه، والذي تتم فيه عملية التدليك والتكييس، وبعد إنتهاء الحمام يخرج الزبون بالتسلسل من الجواني إلى الوسطاني إلى البراني للحفاظ على درجة حرارة الجسم وعدم التعرض للأمراض.

    حديثا

    يقول مالك الحمام الحالي بسام كبب أنهم يعملون بهذه المهنة المتوارثة أباً عن جد منذ أكثر من 1037 عاماً حيث كان جده شيخ كار الحمامات لافتاً إلى أن عملهم خف بعض الشيء نتيجة تواجد الحمامات في أغلب البيوت وتحولت طقوس الحمامات إلى منحى آخر حيث بات بالنسبة لأهل الشام مكاناً للسيران والنزهة وقضاء أوقات ممتعة فيه إضافة إلى أنه أصبح تقليداً لإقامة حفلات الأعراس للنساء والرجال.

    يعمل بالحمام عدد من الأشخاص منهم الناطور المسؤول عن استقبال وخدمة الزبائن داخل الحمام ضمن قسمي البراني والوسطاني، والمكيس المسؤول عن تلييف الزبون في القسم الجواني، والتبع المسؤول عن تغسيل رأس الزبون ومساعدة المكيس في عمله والقيام بشطف وتنظيف الأقسام وتجهيزها، والأميمي المسؤول عن إيقاد النار وتسخين الماء.

  • علاء الدين كوكش

    علاء الدين كوكش (1 تموز 1942 – 6 كانون الأول 2020)، مخرج وكاتب تلفزيوني ومسرحي سوري، ارتبط اسمه بأشهر أعمال الدراما السورية، مثل مسلسل حارة القصر (1970)، ومسلسل أسعد الوراق (1975) ومسلسل أبو كامل بجزئيه (1990-1993)، وهو مخرج أشهر مسرحيات سعد الله ونوس، مثل الفيل يا ملك الزمان، وحفلة سمر من أجل 5 حزيران. وصف كوكش بأنه مبتكر دراما البيئة الشامية، وقدّم أعمالاً درامية ترسخت في أذهان وذاكرة السوريين منذ مرحلة الأبيض والأسود.

    البداية

    ولد علاء الدين كوكش في حي القيمرية بدمشق وكان والده يعمل كتاجر جملة بسوق الهال. درس الحقوق في الجامعة السورية لمدة عام ثم تركها، وتخرج في قسم الدراسات الاجتماعية والفلسفية. بدأ حياته الفنية في التلفزيون السوري مساعداً للمخرجين جميل ولاية وسليم قطايا، قبل أن يُخرج أول تمثيلية تلفزيونية له سنة 1963 بعنوان “ثورة القرية” عُيّن بعدها رئيساً لدائرة المنوّعات وأوفد إلى ألمانيا الديمقراطية بدورة إخراج تلفزيوني عام 1966، وعند عودته إلى دمشق أخرج أول مسلسل له بعنوان “أرشيف أبو رشدي” المأخوذ من عن حكايا القاص الشعبي حكمت محسن، صاحب شخصية “أبو رشدي” في الدراما الإذاعية السورية. وفي سنة 1969 حوّل إحدى أشهر أعمال حكمت محسن الإذاعية مذكرات حرامي إلى مسلسل تلفزيوني بنفس الاسم.

    حارة القصر وأسعد الوراق (1970-1975)

    في سنة 1970 أخرج علاء الدين كوكش أولى مسلسلاته الدرامية بعنوان حارة القصر، عن قصة للأديب السوري عادل أبو شنب، والذي حقق نجاحاً باهراً في سورية. تلاه أسعد الوراق سنة 1975 المأخوذ عن قصة الله والفقر للأديب صدقي إسماعيل والذي حوله إلى مسلسل تلفزيوني بالتعاون مع الكاتب عبد العزيز هلال. مسلسل أسعد الوراق كان من بطولة منى واصف وهاني الروماني، وكان مشهده الأخير من روائع الدراما السورية ومن أكثرها رسوخاً في ذاكرة المشاهد. وأعبد انتاجه من قبل جيل جديد من الفنانين السوريين سنة 2010 – بموافقة علاء الدين كوكش – وكان من إخراج رشا شربتجي وبطولة تيم حسن

    المرحلة العربية (1977-1983)

    بناء على هذا النجاح، أوفد كوكش إلى صنعاء لمساعدة حكومتها على تأسيس تلفزيون اليمن المقدم من دولة الإمارات العربية المتحدة. بعد الانتهاء من مهمته في اليمن، أخرج علاء الدين كوكش مسلسل رأس غليص الذي ينتمي لنوع الدراما البدوية لصالح تلفزيون دبي سنة 1976، وأتبعه بمسلسل ثاني بعنوان ساري، صورت مشاهده في الصحراء ويحكي قصة وأسطورة الشاعر الشعبي عبد الله الفضل. وفي سنة 1978 انطلقت كاميرته لتصوير الجزء الأول من مسلسل حكايا بني هلال، الذي كتب أجزاءه الأربعة عبد العزيز هلال وكان من إنتاج تلفزيون دبي. وفي سنة 1980 كان مسلسل وضاح اليمن الذي صور في اليمن وكتب قصته وحواره عادل أبو شنب وكان تعاوناً مشتركاً بين التلفزيون السوري وتلفزيون اليمن. وفي سنة 1982 أنتج له تلفزيون دبي مسلسل الوحش والمصباح، وكان آخر عمل يشارك به الفنان الكبير فهد كعيكاتي، تلاه عدة مسلسلات منوعة وصولاً إلى مسلسل بيوت في مكة عام 1983، تأليف الدكتور وليد سيف.

    مسلسل أبو كامل (1990-1993)

    عاد كوكش إلى دمشق وقضى النصف الثاني من الثمانينات في إخراج عدد من المسلسلات المحلية الناجحة، وصولاً لمسلسل أبو كامل الاجتماعي سنة 1990، الذي تدور أحداثه في دمشق زمن الانتداب الفرنسي. كتب القصة الدكتور فؤاد شربجي وأدى دور البطولة فيه الفنان أسعد فضة، وهو العمل الذي حقق شهرة كبيرة لعدد من الممثلين الشباب، أمثال عباس النوري وسلوم حداد، وفيه كان الظهور الأول للفنانة مرح جبر. نجاح أبو كامل الكبير أدى إلى إنتاج جزء ثان له سنة 1993، بطولة نفس النجوم مع مشاركة من الفنان يوسف حنا.

    الأعمال الأخيرة

    دعي علاء الدين كوكش للإشراف فنياً على مسلسل باب الحارة الشهير، بجزئه الأول سنة 2006، باعتباره أول من قدم ما عرف بأعمال البيئة الشامية. وفي سنة 2007، أخرج مسلسل أهل الراية، ولكنه اعتذر عن جزئه الثاني بسبب ضعف النص وعاد بآخر مسلسل بيئة شامية له سنة 2011 بعنوان رجال العز، من بطولة قصي خولي. أما آخر أعماله التلفزيونية بالمطلق فكان مسلسل القربان سنة 2014، من تأليف رامي كوسا وبطولة رشيد عساف وأمل عرفة.

    علاء الدين كوكش ممثلاً

    في مطلع مسيرته الفنية، قرر علاء الدين كوكش خوض تجربة التمثيل ووقف للمرة الأولى أمام كاميرا غير كاميرته في مسلسل المطر والحياة سنة 1968، من إخراج زميله غسان جبري. تكررت التجربة في فيلم المخدوعون عن قصة “ما تبقى لكم” للكاتب الفلسطيني الكبير غسان كنفاني، من إنتاج المؤسسة العامة للسينما سنة 1972. وفي سنة 1995 شارك ممثلاً في فيلم المتبقي مع المخرج الإيراني سيف الله داد، وهو مأخوذ عن قصة عائد إلى حيفا، أيضاً لغسان كنفاني، ونال على دوره شهادة تقدير في مهرجان دمشق السينمائي. وله تجارب تمثيلية أخرى، مثل مشاركته في مسلسل صلاح الدين الأيوبي مع زميله حاتم علي سنة 2003، وكان آخر عمل له كممثل في مسلسل شارع شيكاغو سنة 2020، مع المخرج محمد عبد العزيز.

    التجربة المسرحية

    بداية علاء الدين كوكش مع المسرح كانت سنة 1968 يوم تعاون مع الكاتب المسرحي الكبير سعد الله ونوس في احتفالية اليوم العالمي للمسرح وقدما عرضاً عن مسرح رائد المسرح السوري أبو خليل القباني. وفي سنة 1969، أخرج رائعة الفيل يا ملك الزمان، تأليف ونوس وبطولة عمر حجو وعبد الرحمن آل رشي، قبل تعيينه رئيساً مؤسساً للمسرح الجوال يوم 3 أيلول 1969. وفي سنة 1970، أخرج مسرحية حفلة سمر من أجل 5 حزيران التي حققت رقماً قياسياً في عدد عروضها، إذ قدّم 47 عرضاً متواصلاً في دمشق وحدها، إضافةً إلى عروض المحافظات السوريّة ولبنان. ثم جاءت مسرحية “لا تسامحونا” بالاشتراك مع المخرج العراقي فيصل الياسري سنة 1972، ومسرحية “الطريق إلى مأرب” تأليف محمد الشرفي، التي عُرضت في اليمن سنة 1976. انقطع كوكش عن المسرح من بعدها، ليعود ويقدم آخر مسرحية من تأليفه بعنوان “السقوط” للفنان دريد لحام وإخراج العراقي محسن العلي، التي افتتحت في الدوحة 15 كانون الثاني سنة 2011 ولم تُعرض بدمشق نظراً لبدء الأحداث السورية بعدها بشهرين.

    المسرح مثّل حالة ثقافية ساحرة بالنسبة إلى جيلنا. كانت لدينا الطاقة والإمكانية والحماسة والإيمان بأن كل الفنون مرتبط بعضها ببعضها الآخر.

    مؤلفاته

    أنجز المخرج كوكش روايته الأولى “المخلوق الأخضر” سنة 2009 والتي سبقتها مجموعة قصصية بعنوان إنهم ينتظرون موتك (دار الرائي- دمشق 2006) ومجموعة مسرحيات بعنوان مسرحيات ضاحكة (دار اسكندرون- دمشق 2002) وكتاب السفر بعيداً ـــــ يوميات رحلة إلى تايلاند وماليزيا (المركز الثقافي العربي بيروت 2009)، إضافةً إلى قصص ومسرحيات نشرها في الصحف والمجلات العربية.

    حياته الشخصية

    تزوج علاء الدين كوكش من الفنانة ملك سكر سنة 1971، التي التقى بها يوم حضورها عرض مسرحية حفلة سمر من أجل 5 حزيران. شكل معها فيما بعد ثنائياً فنياً، حيث شاركته بطولة معظم أعماله، وأنجب منها ابنتهما الوحيدة سمر كوكش، مستوحياً اسمها من العمل الذي جمعه بأمها. درست سمر التمثيل في المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق، وشاركته عدداً من أعماله الأخيرة قبل أن تعتزل التمثيل. أما شقيقه رشاد كوكش فقد درس التمثيل في المعهد المسرحي وأصبح مخرجاً، وكذلك شقيقه أسامة كوكش، الذي كان يعمل مهندس إضاءة في التلفزيون السوري قبل أن يمتهن الكتابة الدرامية.

    وفاته

    عاش كوكش سنواته الأخيرة في دار السعادة للمسنين في منطقة المزة، بعد أن هجّر من بيته في مدينة المعضمية بريف دمشق الغربي نتيجة الحرب السورية، وكان آخر ظهور إعلامي له في مقابلة مع موقع فني بثّت عام 2018. توفي علاء الدين كوكش عن عمرٍ ناهز 78 عاماً صباح الإثنين، 7 كانون الأوّل 2020، ونعاه شقيقه أسامة كوكش، ونقابة الفنّانين السوريين. وكان قبل وفاته بمدة قد صدر كتاب مرجعي عن حياته سنة 2009 بعنوان علاء الدين كوكش: دراما التأسيس والتغيير، للكاتب والناقد الفني محمد منصور.

    الأعمال التلفزيونية (مخرجاً)

    الأعمال التلفزيونية (ممثلاً)

    الأعمال السينمائية ممثلاً

    الأعمال المسرحية

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !