محمد بن أحمد دهمان (1899 – 7 آذار 1988)، ناشر وباحث سوري من دمشق متخصص بالمخطوطات وتاريخ مدينة دمشق الإسلامي. أسس المكتبة السلفية بدمشق ومكتب الدراسات الإسلامية الذي صدرت عنه عدّة كتب وأبحاث ومها تاريخ دمشق لمحدّث الشّام ابن عساكر وكتاب القلائد الجوهرية في تاريخ الصالحية للمؤرخ العلّامة ابن طولون الصالحي. شارك الشيخ محمد دهمان بتأسيس جمعية إحياء الكتب العربية بدمشق وأسس مجلّة المصباح الأدبية سنة 1943.
بدأ محمد دهمان حياته العملية سنة 1920 بتأسيس المكتبة السلفية في سوق المسكية، تبعها بمكتب الدراسات الإسلامية لإصدار الكتب العلمية. وفي سنة 1927 أطلق مجلّة “المصباح” الأدبية التي صدر منها ثلاثة أعداد فقط وتوقفت لصعوبة التوزيع في أعقاب الثورة السورية الكبرى. حقق مكتب الدراسات العلمية نجاحاً ملحوظاً وسريعاً في دمشق، جعل من صاحبه أحد أشهر الناشرين السوريين في زمانه. وكان له الفضل في نشر عدد كبير من أمهات الكتب ومنها:
وصدر عن داره أيضاً كتاب عِلم الساعات والعمل بها سنة 1981، من تأليف محمد بن رضوان الساعاتي، الذي ذيّله محمد دهمان بمقالات لأرخميدس مع مقدمة تبلغ مئة صفحة أبرز فيها فضل العرب في صناعة الساعات وذكر أشهر المهندسين والميكانيكيين العرب.
بتزكية من وزيرة الثقافة نجاح العطار منحه رئيس الجمهورية حافظ الأسد وسام الاستحقاق من الدرجة الممتازة سنة 1983، وفي 7 آذار 1988 توفي محمد دهمان بدمشق عن عمر ناهز 87 عاماً.
منير بن محمد علي العجلاني (1914 – 20 حزيران 2004) سياسي سوري ورجل قانون، تقلّد عدة مناصب وزارية في زمن الانتداب الفرنسي ومطلع عهد الاستقلال، منها العدل والمعارف، قبل أن يتم اعتقاله سنة 1956 بتهمة التخطيط لانقلاب عسكري ضد أنصار الرئيس جمال عبد الناصر في سورية. كان العجلاني من أشهر أساتذة القانون في دمشق ومن أقطاب السياسة في مرحلة الخمسينيات، وقد تولّى رئاسة جامعة دمشق بالوكالة خلال فترة عمله وزيراً للمعارف سنة 1954، وهو أحد مؤسسي تنظيم القمصان الحديدية المعارض للانتداب الفرنسي، إضافة لكونه صهر رئيس الجمهورية تاج الدين الحسني.
البداية
ولِد منير العجلاني في حيّ سيدي عامود بدمشق (المعروف لاحقاً باسم الحريقة) وهو سليل أسرة دينية عريقة، تولّى أبناؤها نقابة الأشراف في زمن الدولة العثمانية.(1) وكانت عائلة العجلاني من الأسر الثرية بدمشق، تملك أراض زراعية خصبة في غوطتها الشرقية. دَرَس العجلاني الحقوق في جامعة دمشق، قبل أن ينتقل إلى جامعة السوربون في باريس، حيث نال شهادة دكتوراه دولة في القانون سنة 1933، وشهادة ثانية بالصحافة وثالثة في عِلم اللسانيات. وخلال سنواته الجامعية نشط العجلاني في الجمعيات الطلابية ضد الانتداب الفرنسي في سورية، وكان يكتب بشكل دوري في كبرى الصحف الفرنسية اليومية.(2)
خلال سنوات دراسته الجامعية، تأثر منير العجلاني بالتنظيمات العسكرية التي ظهرت في برلينوروما، وقرر تأسيس حركة مشابهة في دمشق، تكون بديلاً عن الجيش السوري الذي تم حلّه وتحطيمه من قبل سلطة الانتداب يوم احتلال سورية سنة 1920. تشارك العجلاني مع فخري البارودي في تأسيس الشباب الوطني، وهو الذراع الشبابي للكتلة الوطنية الذي انبثق عنه تنظيم القمصان الحديدية قي 8 آذار 1936.(4)
هدف التنظيم إلى خلق جيل جديد من الشباب السوري، يكون ثلاثي الأبعاد مثل رجال عصر النهضة في أوروبا، يُجيد أبناؤه الشعر والأدب والعلوم بكافة أنواعها.(5) وقد أصبح تنظيم القمصان الحديدية هو الذراع العسكري للكتلة الوطنية التي انتسب إليها العجلاني بعد عودته من فرنسا، قبل أن ينشق عن صفوفها وينضم إلى تيار الزعيم عبد الرحمن الشهبندر. وقد ساهم تنظيم القمصان في حماية الأحياء والأهالي من تجاوزات الفرنسيين، ولكن سلطة الانتداب أمرت بحلّه، بعد توجيه اتهام إلى منير العجلاني ورفاقه بالتعاطف مع الحزب النازي في ألمانيا، وبتلقي أموالاً من أدولف هتلر.(6)
الزواج
تزوّج منير العجلاني من السيدة إنعام الحسني، كريمة الشيخ تاج الدين الحسني، الذي سمّي رئيساً للجمهورية في أيلول 1941. وقد عينه الشيخ تاج مديراً للقصر الجمهوري ثمّ وزيراً للشباب في حكومة الرئيس حسني البرازي يوم 18 نيسان 1942. أنشأت هذه الحقيبة خصيصاً لأجله وتم حلّها بعد استقالة وزارة البرازي في 8 كانون الثاني 1943. وفي نهاية عهد الشيخ تاج وقبل وفاته بأيام، تسلّم العجلاني حقيبة الشؤون الاجتماعية في حكومة جميل الألشي من كانون الثاني ولغاية 25 آذار 1943.(7)
بطاقة دعوة حفل زفاف الدكتور منير العجلاني على السيدة إنعام الحسني سنة 1942.
العلاقة مع نزار قباني
وفي سنة 1936، طُلب من منير العجلاني الترشح للمجلس النيابي، وقد جاء الطلب من الصناعي توفيق قباني، جار عائلة العجلاني في سيدي عامود الذي غضب من مشاهدة أحد نواب العاصمة مخموراً في شوارعها. ولكن سنّ العجلاني يومها لم يكن يسمح له بالترشح لعضوية مجلس النواب، فقام بتعديل بياناته في سجلات النفوس، ليصبح من مواليد 1905 بدلاً من 1914.(8) رداً لجميل توفيق قباني وثقته بالعجلاني، قام الأخير باحتضان نجله الشاعر الشاب نزار قباني، عند وضعه ديوانه الأول سنة 1944. وقد كتب العجلاني مقدمة ديوان قالت لي السمراء قائلاً:
لا تقرأ هذا الديوان، فما كتب ليقرأ.. ولكنه كتب ليغنّى.. ويُشم.. ويُضم.. وتجد فيه النفس دنيا ملهمة. يا نزار !لم تولد في مدرسة المتنبي، فما أجدك تعنى بشيء من الرثاء والمديح والحكمة، وما أجدك تعنى بالبيت الواحد من القصيدة يضرب مثلاً، وما أجدك بعد هذا تعنى بالأساليب التي ألفها شعراؤنا وأدباؤنا وإنما أنت شيء جديد في عالمنا.(9)
بقي العجلاني بعيداً عن المشهد السياسي حتى سقوط حسني الزعيم وإعدامه في 14 آب 1949، ليعود إلى الشأن العام بعد انتخابه عضواً في المؤتمر التأسيسي ومشرعاً في وضع دستور عام 1950. كان العجلاني محسوباً على التيار الهاشمي في سورية، المطالب بتوحيد سورية الكبرى تحت عرش الملك عبد الله بن الحسين، مؤسس المملكة الأردنية الهاشمية.(10) وقد تم اعتقاله في أيلول 1950 بتهمة الضلوع في محاولة انقلاب ضد نظام سورية الجمهورية، وبقي سجيناً في سجن المزة حتى نهاية كانون الثاني 1951.
وقد جاء في التحقيقات أنه تقاضى مبلغاً من المال وزير المعارف الأردني للترويج للملك عبد الله بين صفوف السياسيين والضباط السوريين.(11) ولكن العجلاني نفى كل التهم الموجهة إليه، وأصر على أنه كان ضحية “حملة شعواء” قامت بها أجهزة المخابرات السورية للنيل من سمعته ومن رصيده الوطني. وكان العجلاني قبل اعتقاله بأيام قد شنّ حملة شرسة ضد ضباط الجيش والمخابرات، متهماً العسكر بالتدخل في شؤون الشرطة وفي عمليات تهريب واسعة النطاق مع لبنان.(12)
في صفوف المعارضة 1951-1954
بعد إطلاق سراحه، عُيّن منير العجلاني وزيراً للعدل في حكومة معروف الدواليبي 28 في تشرين الثاني 1951، المحسوبة على المحور الهاشمي.(13) ولكن هذه الحكومة لم تستمر إلّا أربعة وعشرون ساعة فقط، فقد تم الإطاحة بها واعتقال جميع أعضائها بأمر من العقيد أديب الشيشكلي، مهندس الانقلاب الرابع في سورية. قضى العجلاني بضعة أسابيع في سجن المزة، وعند إطلاق سراحه انضم إلى صفوف المعارضة ضد حكم الشيشكلي، وكان حاضراً في مؤتمر حمص المنعقد في دار الرئيس الأسبق هاشم الأتاسي، المطالب بإسقاط الشيشكلي بكل الطرق المتاحة عسكرياً وسياسياً. وقد تم اعتقاله مجدداً في تموز 1953، بعد اعتراضه على نتائج الانتخابات النيابية التي أوصلت الشيشكلي رسمياً إلى سدّة الرئاسة.
العودة إلى الحكم
بعد سقوط الشيشكلي ونفيه خارج البلاد في 25 شباط 1954، عاد العجلاني إلى الحكم، وزيراً للمعارف في حكومة صبري العسلي في 1 آذار 1954، حيث تسلّم رئيسة جامعة دمشق بالوكالة. وفي 29 تشرين الأول 1954، سمّي وزيراً للمعارف في حكومة الرئيس فارس الخوري الخامسة والأخيرة، لغاية 13 شباط 1955. وأخيراً، أصبح وزيراً للعدل في حكومة سعيد الغزي الانتقالية ما بين 13 أيلول 1955 – 14 حزيران 1956، التي أشرفت على الانتخابات النيابية والرئاسية، وفاز بموجبها شكري القوتلي برئاسة الجمهورية السورية.
مثل العجلاني ورفاقه أمام محكمة عسكرية أقيمت على مدرج جامعة دمشق، بثّت جلساتها على الهواء مباشرة. وقد دافع العجلاني فيها عن نفسه، رافضاً توكيل أي محامي، ولكنّ المحكمة أدانته بالخيانة العظمى وحكمت عليه بالإعدام. وقد تم تخفيف الحكم إلى السجن المؤبد، بواسطة من الرئيس شكري القوتلي،.(15)
زُرق منير العجلاني بخمسة أولاد وهم: منار، الذي عمل في حقل التعليم، ونوّارة التي توفيت باكراً، وفواز الذي عمل مهندساً مع شقيقه أمير العجلاني، المتخصص بإدارة الأعمال من الولايات المتحدة الأمريكية. وأخيراً كانت ابنته منيرة، خريجة الجامعة الأميركية في بيروت والتي عملت في الجمعيات التطوعية في السعودية.
المناصب
مدير عام القصر الجمهوري (25 أيلول 1941 – 18 نيسان 1942)
منير الريّس (1912-1992)، صحفي سوري من مدينة حماة ومؤسس جريدة بردى الدمشقية. صدرت صحيفته بشكل منتظم من سنة 1945 ولغاية قيام الوحدة السورية المصرية عام 1958 وعادت في عهد الانفصال ليتم إغلاقها بشكل نهائي في آذار 1963 عند صدور قرار عن مجلس قيادة الثورة بوقف الصحافة الخاصة في سورية. وفي سنة 1949 كانت له تجربة قصيرة في إصدار جريدة “الانقلاب” المؤيدة لحسني الزعيم والناطقة باسمه إبان انقلابه على رئيس الجمهورية شكري القوتلي. تزوج من المربية ثريا الحافظ وهو ابن عم الصحفي نجيب الريّس، مؤسس ورئيس تحرير جريدة القبس.
عاد منير الريّس إلى دمشق مع نهاية الحرب العالمية الثانية وتشارك مع صديقه الصحفي جورج فارس في إصدار صحيفة بردى اليومية في كانون الأول 1945. اشتهرت صحيفته بنصرة للمرأة السورية ودعمها لحركات التحرر في العالم الثالث. خصص الريّس ركناً في بردى لزوجته ثريا الحافظ للكتابة بشكل أسبوعي عن هموم المرأة السورية وحقوقها السياسية، ودعمها بشكل كبير عند ترشحها للمجلس النيابي سنة 1953.
جريدة الانقلاب
تحالف مع حسني الزعيم إبان انقلابه على الرئيس شكري القوتلي وأسس صحيفة “الانقلاب” الناطقة باسمه. صدر عددها الأول منها في 23 أيار 1949 وتوقفت يوم سقوط الزعيم ومقتله في 14 آب 1949. عاود العمل بعدها في جريدة بردى وأسس شركة مساهمة لطباعة عدد من الصحف السورية مع زميله وجيه الحفار، وعند قيام الوحدة السورية المصرية توقفت صحيفة بردى مع عدد من الصحف اليومية، علماً أنه لم يعارض الرئيس جمال عبد الناصر في سورية في وكانت زوجته من أشدّ المُعجبين بالرئيس المصري.
السنوات الأخيرة والوفاة
عادت بردى إلى الصدور في عهد الانفصال، للتوقف ثانية وبشكل نهائي مع سائر الصحف السورية بعد انقلاب حزب البعث في 8 آذار 1963. انصرف بعدها إلى كتابة مؤلفه الموسوعي الشهير السجل الذهبي للثورات في المشرق العربي الذي صدر بثلاثة أجزاء خلال السنوات 1967-1977. وتوفي منير الريّس بدمشق عن عمر ناهز 80 عاماً سنة 1992.
وصَل دمشق قادماً من الجاز مع طلائع القوات العربية عشية انسحاب الجيش العثماني في أيلول 1918 وشارك في رفع عَلم الثورة العربية الكبرى فوق دار الحكومة مع صديقه الأمير سعيد الجزائري، الحاكم المؤقت لمدينة دمشق. عينه الأمير سعيد مديراً للبرق والبريد في الفترة الفاصلة ما بين خروج العثمانيين ودخول القوات العربية دمشق، أي من 26 أيلول وحتى 1 تشرين الأول 1918.
العمل في الصحافة
وعند دخول الأمير فيصل دمشق في 3 تشرين الأول 1918 كُلف معروف الأرناؤوط بإعادة فتح مكاتب جريدة الشرق التي كانت تصدرها الدولة العثمانية أثناء الحرب العالمية الأولى، بعد تغيير اسمها إلى جريدة الاستقلال العربي. صَدر عددها الأول في 14 تشرين الأول 1918، أي بعد نحو أسبوعين من إعلان الحكم الفيصلي في سورية، وكُتب على صفحتها الأولى “جريدة من العرب للعرب.” صَدرت الاستقلال العربي بصفحتين من القطع المتوسط، ثم بأربع صفحات قبل أن تتوقف في شباط 1919 عندما طلب معروف الأرناؤوط موافقة الأمير فيصل على ترك العمل الحكومي وإصدار صحيفة خاصة به.
بعد نجاح عرض “جمال باشا السفّاح” نفرغ الأرناؤوط لجريدة فتى العرب وأصدر عددها الأول في 18 شباط 1920. كانت في البداية جريدة مسائية، تَصدر بأربع صفحات من مكتبها الكائن في ساحة المرجة. وفي مرحلة قياسية أصبحت الجريدة من أشهر الصحف اليومية بدمشق، واستطاعت أن تجلب أكبر الأسماء الأدبية في الوطن العربي، من محمد حسين هيكلوأحمد شوقي إلى عباس محمود العقاد الذي صار يكتب بها بشكل دوري. تعرضت فتى العرب للحجب المُتكرر والإغلاق التعسفي في زمن الانتداب الفرنسي، ولكنها ظلّت تصدر في سنوات الاستقلال حتى بعد وفاة صاحبها عام 1948.
العمل الأدبي
وفي عام 1929، نشر معروف الأرناؤوط روايته الأدبية الأولى بعنوان سيد قُريش، عن حياة العرب في مرحلة البعثة النبوية. تحدث فيها عن معجزة النبوة وأثرها الاجتماعي في حياة العرب، وعند صدور طبعة ثانية قدم لها الدكتور منير العجلاني قائلاً: “رواية سيد قُريش فيها عطر، وفيها موسيقى وفيها عنصر من الشعر.”
نالت رواية سيد قُريش إعجاب النقّاد واستحسانهم، وعادت على صاحبها بأرباح مادية مكّنته من اقتناء منزل في شارع العابد وسط مدينة دمشق، بات يُعرف “بدار سيد قُريش.” وأعجب محمد كرد علي بها لدرجه أنه دعا الأرناؤوط للانضمام إلى مجمع اللغة العربية وتم انتخبه عضواً في 8 تشرين الأول 1930.
بعد سيد قُريش كَتب الأرناؤوط رواية عاطفية باسم مُستعار، جاءت بعنوان “على ضفاف البوسفورو” نُشرت في العدد 59 من مجلة اللطائف في 6 نيسان 1932. فضّل عدم وضع اسمه خوفاً من ردة فعل الجمهور الرصين الذي أحبّ رواية سيد قُريش لجدّيتها وبلاغتها. وفي عام 1936، نَشَر رواية ثالثة بعنوان “عمر بن الخطاب” تلتها رواية رابعة بعنوان “طارق بن زياد” قبل صدور رواية فاطمة البتول سنة 1942.
وترجم الأرناؤوط العديد من المسرحيات العالمية، منها “الرجوع إلى أدرنه” لروجيه لاهونت، “والصقلي الشريف” لألفريد دي موسيه، و”الطفلان الشريدان” لبيير دي كورسيل.” وفي الشعر كان له قصائد صاغها عن لغات أجنبية، مثل قصيدة “وقفة في الطلول” لأندريه شينيه التي نشرت في مجلّة الحديث بحلب سنة 1928.
الوفاة
توفي معروف الأرناؤوط عن عمر ناهز 56 عاماً في 30 كانون الثاني 1948.
ذكرى معروف الأرناؤوط
بعد وفاته بسنوات، أطلقت وزارة المعارف اسم معروف الأرناؤوط على مدرسة ابتدائية في حيّ القدم بريف دمشق.
مسلّم السيوفي (1883-1957)، تاجر وصناعي سوري من دمشق انتخب رئيساً لغرفة تجارتها من سنة 1941 ولغاية عام 1957. وكان أحد مؤسسي مشروع جر مياه نبع عين الفيجة من وادي بردى إلى العاصمة السورية.
البداية
ولِد مسلّم السيوفي في حيّ الشاغور ودَرَس في مدارسه الحكومية قبل أن يلتحق بالعمل التجاري مع والده في صناعة وحياكة الخيوط الحريرية وتحويلها إلى أقمشة فاخرة يتم بيعها محلياً وتصديرها إلى فلسطينومصر. تعرضت الأُسرة إلى مصاب كبير إبان العدوان الفرنسي على مدينة دمشق سنة 1925، الذي أحرق داره آل سيوفي في منطقة الشاغور والتهمت النيران كل ما فيه من أوراق ووثائق تجارية. فَتح معملاً للنسيج في منطقة دمّر القريبة من دمشق، وكان أحد المساهمين الرئيسيين في مشروع جر مياه نبع عين الفيجة من وادي بردى إلى العاصمة دمشق، مع عارف الحلبوني، رئيس غرفة تجارة دمشق، ونائبه لطفي الحفار.
تسلّم السيوفي سنة 1939 إدارة معمل الأسمنت في منطقة دمّر، وذلك بعد تعيين مديره خالد العظم وزيراً في حكومة نصوحي البخاري. ساهم مع شكري القوتلي في تأسيس شركة الكونسروة وانتخب عضواً في مجلس إدارتها، وهو من مؤسسي شركة التبريد في منطقة البرامكة، المتخصصة بتخزين وتبريد جميع أنواع الفواكه والخضار والاجبان.
توفي مسلّم السيوفي في دمشق عن عمر 74 عاماً سنة 1957 وخلفه في زعامة الأسرة نجله رفيق السيوفي، أمين عام وزارة المالية السورية وأحد المصرفيين السوريين الكبار في خمسينيات ومطلع ستينيات القرن العشرين.
مسرة المدني (الوفاة 1977)، سيدة سورية الأولى من أيلول 1941 وحتى 17 كانون الثاني 1943، وهي زوجة الرئيس تاج الدين الحسني.
البداية
ولِدت مسرة المدني في حيّ الحلبوني بدمشق ودَرَست القرآن الكريم على يد المحدث الأكبر في بلاد الشّام الشّيخ بدر الدين الحسني الذي أحبها وقام بتزويجها إلى ابنه تاج الدين وهي في الرابعة عشرة من عمرها.
الأسرة
والدها رضا الميداني كان من الأعيان وأمها نظيرة السفرجلاني كانت من كبرى عائلات دمشق. أنجبت مسرة المدني ست أولاد، ثلاثة بنات وثلاثة ذكور، كان أكبرهم سناً شمس الدين الحسني وأصغرهم صلاح الدين الحسني. وقد تزوجت ابنتها إنعام من الوزير والنائب منير العجلاني الذي بات مديراً لقصر الجمهوري في عهد الرئيس تاج الدين الحسني.
سيدة سورية الأولى
لم تمارس مسرة المدني أي نشاط رسمي خلال فترة حكم زوجها ولم تشاركه أي مناسبة وطنية، وقد ظلّت محتجبة عن الأنظار مثل وردة شان الأتاسي، حرم هاشم الأتاسي الذي كان رئيساً للبلاد قبل زوجها في 1936-1939.
الوفاة
بعد وفاة الرئيس الحسني في دمشق يوم 17 كانون الثاني 1943، غادرت مسرة المدني سورية وأقامت في بيروت حتى وفاتها سنة 1977.
عادلة بيهم الجزائري (1900 – 3 كانون الثاني 1975)، مناضلة وناشطة سورية من أصول لبنانية، أسست مدرسة دوحة الأدب في دمشق سنة 1928 وكانت الرئيسة المؤسسة للاتحاد النسائي السوري سنة 1933. دعمت الثورة السورية الكبرى وشاركت مع هدى شعراوي في تأسيس اتحاد النساء العربيات في مصر سنة 1944. لقبت بأميرة الرائدات العربيات.
البداية
ولِدت عادلة بيهم في بيروت في أسرة لبنانية عريقة وكانت أمّها سورية من جذور جزائرية. دَرَست في معهد الدياكونيز الألماني في لبنان وتعلّمت أصول الدين على يد الشّيخ عبد الله البستاني قبل انتقالها للعيش في سورية عند زواجها من الأمير أحمد مختار الجزائري سنة 1917. وكان الأمير أحمد مختار هو حفيد الأمير محمد باشا، ابن الأمير عبد القادر الجزائري.
مع الجمعيات الأهلية
نشطت عادلة بيهم في العمل الوطني منذ مرحلة الصبا وكانت من مؤسسات جمعية يقظة الفتاة العربية في بيروت وجمعية الأمور الخيرية للفتيات العربيات، التي سعت لتأمين حاجات النساء المشرقيات في ظلّ غياب أزواجهن، إما في المعتقلات التركية أو في المنفى البعيد هرباً من التجنيد في الجيش العثماني خلال الحرب العالمية الأولى.
كانت تكتب مقالات عن تحرر المرأة، دوماً تحت اسم مستعار اختارته لنفسها وهو “الفتاة العربية.” كتبت عن ضرورة تمكين المرأة العربية وتحريرها من قيد الرجال لتكون فعالة في مجتمعها ومستقلّة معتمدة على نفسها لكي لا تنال منها الشدائد والمحن.
وبعد قدومها إلى دمشق شاركت عادلة بيهم الجزائري في جمعية يقظة المرأة الشاميّة، الرامية إلى محو الأمية لدى فتيات الغوطة وتعليمهن مهارات يدوية يكسبن منها كفاف يومهن، دون الحاجة إلى أية مساعدة، لا من الدولة ولا من المجتمع الذكوري.(1)
مع لجنة كينغ كراين
وعندما جاءت لجنة كينغ كراين الأمريكية إلى سورية سنة 1919 اجتمع أعضاءها مع وفد من سيدات سورية لمعرفة رأيهن في الانتداب الفرنسي الذي كانت عصبة الأمم تنوي فرضه على سورية، تماشياً مع اتفاقية سايكس بيكو الموقعة بين حكومتي فرنسا وبريطانيا في منتصف الحرب العالمية الأولى. كانت عادلة بيهم، وبالرغم من صغر سنها، ضمن الوفد النسائي الذي اجتمع مع أعضاء اللجنة الأمريكية، بقيادة زهراء اليوسف، حيث قالت لهم أن نساء سورية يرفضن أي نوع من الوصاية الأجنبية، سواء كانت فرنسية أو بريطانية.
وقد شاركت عادلة بيهم في رفع كتاب إلى المؤتمر السوري العام المنعقد في دمشق سنة 1919، لللمطالبة بإعطاء المرأة السورية حق الانتخاب والمشاركة في الحياة السياسية.
الثورة السورية الكبرى
كما ساهمت عادلة بيهم في نقل المؤن والعتاد إلى ثوار الغوطة خلال الثورة السورية الكبرى سنة 1925 وكانت ترعى حاجات عائلات الشهداء والجرحى والمفقودين. وعندما قصف الفرنسيون مدينة دمشق في 18 تشرين الأول 1925 قادت مظاهرة نسائية ضخمة باتجاه السراي الحكومي وسط ساحة المرجة، مُطالبة بوقف العدوان على مدينتها.(2) في العشرينيات والثلاثينيات من القرن العشرين، طغى الشعور الوطني على رغبة عادلة بيهم النسائية التحررية وكانت تقول دوماً: “الاستقلال أولاً، ومن ثمّ تحرير المرأة وتمكينها سياسياً واجتماعياً وثقافياً.”
مدرسة دوحة الأدب سنة 1928
أشهر إنجازات عادلة بيهم المحليّة كانت مدرسة دوحة الأدب للبنات التي قامت بإنشائها في دمشق سنة 1928، بهدف خلق “مرأة عربية جديدة، تكون مفعمة بالشعور الوطني ولها دور فاعل في نهضة أمتها وتحريرها من الاستعمار الأجنبي.” وقد أوجدت جمعية بنفس الاسم قام مجمع اللغة العربية باستضافة جميع أنشطتها.
الاتحاد النسائي سنة 1933
من موقعها الجديد مديراً لمدرسة دوحة الأدب، جمعت عادلة بيهم صفوة المجتمع الدمشقي من السيدات وأسست الاتحاد النسائي السوري سنة 1933. انتُخبت رئيسة للاتحاد في اجتماعه التأسيسي وحافظت على منصبها من دون أي انقطاع حتى سنة 1967، عندما تم انتخابها رئيسة فخرية مدى الحياة.
دُعيت عادلة بيهم إلى مصر لحضور مؤتمر المرأة الفلسطينية سنة 1938، وسُمّيت نائباً لرئيس المؤتمر هدى شعراوي. هدف هذا المؤتمر إلى دعم المرأة الفلسطينية وتفعيل مقاومتها ضد الاحتلال البريطاني والهجرة اليهودي المتجهة إلى فلسطين من دول أوروبا.
عادت إلى القاهرة سنة 1944 للعمل مع هدى شعراوي مجدداً على تأسيس اتحاد النساء العربيات، حيث شاركت في وضع قانونه الأساسي. وفي القاهرة دعت عادلة بيهم إلى مؤتمر صحفي للتحدث عن مخرجات المؤتمر، حضره صحفيون من وكالات عالمية مثل BBC وصحف محلية مثل جريدة الأهرام. بذلك كانت عادلة بيهم أول امرأة سورية تقف أمام وسائل إعلام عربية وأجنبية وتُدلي بمؤتمر صحفي.(3)
في العام 1956 ترأست بيهم الجزائري وفد الاتحاد النسائي السوري في حلقة دراسية أقامتها لجنة حقوق المرأة التابعة للأمم المتحدة في موسكو وانتخبت عام 1960 رئيسة للجنة التحضيرية للمؤتمر النسائي الآسيوي- الأفريقي الذي عُقد عام 1961.
حرب فلسطين
نشطت عادلة بيهم خلال في تقديم الدعم للمرأة الفلسطينية القادمة إلى سورية هرباً من الاحتلال الإسرائيلي سنة 1948. وقد عملت مع السيدة الأولى بهيرة الدالاتي، حرم رئيس الجمهورية شكري القوتلي، على رعاية عائلات اللاجئين، صحيّاً ونفسيّاً ومالياً، وقامت بفتح مدارس سورية مجاناً أمام أولادهن. كما جنّدت مئات المتطوعات في الاتحاد النسائي السوري لتأمين خياطة ثلاثة آلاف بدلة عسكرية للجنود السوريين المتطوعين في جيش الإنقاذ، بقيادة فوزي القاوقجي سنة 1947.
الصدام الأول مع رجال الدين: جمعية نقطة الحليب
لم يكن المجتمع الديني المحافظ راضياً عن نشاط عادلة بيهم الجزائري، لا في الاتحاد النسائي السوري ولا في مدرسة دوحة الأدب، وقد تجلى هذا النفور بحادثتين شهيرتين، كانت الأولى سنة 1944 عندما دعا الاتحاد النسائي إلى حفل خيري في دمشق، نظمته حرم وزير المعارف نصوحي البخاري تحت رعاية زوجة الجنرال كاترو، ممثل الجنرال شارل ديغول في سورية. هدف الحفل لجمع تبرعات لصالح جمعية نقطة الحليب، إحدى أبرز الجمعيات الإنسانية العاملة في سورية يومها.
اعترضت الجمعيات الدينية على هذا الحفل وعلى حضور عدد من السيدات الدمشقيات وهن سافرات الرأس. طلبوا الحكومة السورية بإلغاء الحفل أو منع السيدات السوريات من حضوره، ولكن وزير الداخلية لطفي الحفار رفض الاستجابة لمطالبهم.
خرجت مظاهرات عارمة في شوارع دمشق بعد صلاة الجمعة، مطالبة بإلغاء الحفل والإطاحة بحكومة الرئيس سعد الله الجابري التي كانت قد رخّصت له. رفض الرئيس الجابري الرضوخ وأرسل عناصر من الشرطة لتفريق المتظاهرين بالقوة. ثم طلب من عادلة بيهم زيارته في مكتبه في السراي الكبير واتفقا على خطة “لقلب السحر على الساحر.” تم الاتفاق على أن يقوم الاتحاد النسائي بحجب معونات الخبز التي كان يقدمها للناس، لبضعة ساعات فقط، وأن يقول لهم: “اذهبوا إلى المشايخ وخذوا خُبزكم منهم.”
تجاوبت رئيسة الاتحاد مع مطلب الرئيس الجابري، وفي اليوم التالي تم الاعتذار من كلّ من جاء إلى مراكز توزيع الإعاشة التابعة للاتحاد والطلب منهم أن يذهبوا إلى الجمعيات الدينية. لم يكن بوسع رجال الدين تأمين حاجة دمشق اليومية من الخبز وتحولت المظاهرات من مؤيدة لهم إلى ناقمة عليهم. فُض الإضراب عند هذا الحد وأقيم الحفل الخيري، تحت رعاية الرئيس سعد الله الجابري وبحضور عادلة بيهم الجزائري.
الصدام الثاني مع رجال الدين: قضية رقص السماح
في مطلع الخمسينيات تعاونت عادلة بيهم مع الزعيم الوطني فخري البارودي على إحياء رقصة السماح وتعليمها إلى طالبات مدرسة دوحة الأدب. قاموا بإحضار الشيخ عمر البطش من حلب، حافظ الموشحات وأكبر مرجع في الغناء القديم، ليقوم بتدريب الفتيات على الغناء، وفصّلوا لهن ثياباً من الحرير الملوّن، كانت فضفاضة ومحتشمة، ليظهروا بها على خشبة مسرح قصر العظم، ويقيموا حفلاً غنائياً راقصاً، بحضور رئيس الحكومة خالد العظم.
أثار هذا الحفل حفيظة قاضي دمشق الشّيخ علي الطنطاوي الذي وصف عادلة بيهم وزميلاتها بأنهن ينظرن إلى الغرب وعاداته “بعين الرضى ويغمض العين عن عيوبه وعن مفاسده.” وفي مقالاته وخطبه، كان يصف مدرسة دوحة الأدب بدوحة “الغضب.”(4)
بدأ الشّيخ الطنطاوي بالتحريض ضد عادلة بيهم وحفل مدرسة دوحة الأدب، في الصحف أولاً وثم من على منابر المساجد الدمشقية، واصفاً لباس الفتيات بأنه “يُشبه لباس الجواري قديماً.” كما قال أن دمشق تفتخر بتاريخها الإسلامي ولا تقبل بهكذا فجور أبداً، وصار ينصح الآباء بأن لا يرسلوا بناتهم إلى الحفل، قائلاً: “كيف يرضى لبنته مُسلم عربي أبي أن ترقص أمام الرجال الأجانب؟” تتلوى وتخلع وهي تغني أغانٍ كلها في الغرام والهيام؟”(5)
خلال خطبة الجمعة من أحد مساجد حيّ البرامكة، المنقولة كالمعتاد عبر أثير إذاعة دمشق، هاجم الشّيخ الطنطاوي الحفل بشدة، ولم تتمكن المذيعة من قطع البث، نظراً لمكانة الطنطاوي الرفيعة وخوفاً من جمهوره الكبير في دمشق. في اليوم التالي، شُنت حملة شعواء ضد علي الطنطاوي في معظم الصحف الموالية للحكومة، دفاعاً عن الحفل وعن كل من عادلة بيهم وفخري البارودي. وقد طالبت تلك الصحف بإحالة الطنطاوي إلى القضاء، لتهجمه على مدرسة دوحة الأدب ومديرتها.(6)
عادلة بيهم الجزائري مع الرئيس جمال عبد الناصر
مع عبد الناصر
أُعجبت عادلة بيهم بالرئيس المصري جمال عبد الناصر الذي أعطى المرأة المصرية حق الانتخاب في بلاده، وقدّمت له دعماً كبيراً خلال العدوان الثلاثي على مصر سنة 1956. قادت النساء السوريات في ما عُرف بالمقاومة الشعبية، حيث تدربوا على حمل السلاح في المعسكرات التي أقيمت في ريف دمشق، كما شاركت بجمع التبرعات لصالح الجيش المصري.
أيدت الوحدة السورية المصرية عند قيامها سنة 1958 وكانت في طليعة مستقبلي الرئيس عبد الناصر عند قدومه إلى دمشق.
وخلال سنوات الجمهورية العربية المتحدة (1958-1961) نظّمت دورات لمكافحة الأميّة وتقديم الخدمات الصحيّة والاجتماعية في عدد من قرى الغوطة، كما كانت تلتقي بالرئيس عبد الناصر كلما زار سورية للتحدث معه عن حاجات ومطالب الاتحاد النسائي السوري.(7)
في مجلس قيادة الثورة
عارضت الانقلاب العسكري الذي أطاح بجمهورية الوحدة في 28 أيلول 1961 وباركت انقلاب البعث سنة 1963، الذي وعد باستعادة الوحدة. شُكّل مجلس لقيادة الثورة في سورية، على غرار المجلس الذي أقيم في مصر بعد ثورة عام 1952، وكان برئاسة الفريق لؤي الأتاسي الذي عيّن عادلة بيهم الجزائري عضواً فيه، مُمثِلة عن الاتحاد النسائي السوري.(8) ومن هذا الموقع، سافرت إلى مصر سنة 1966 للمشاركة في المؤتمر السادس للاتحاد النسائي العربي العام المنعقد في القاهرة.
حرب تشرين سنة 1973
ظلّت عادلة بيهم تنشط في المجال الإنساني حتى أيامها الأخيرة، وكانت بالرغم من تقدمها في السن تشارك يومياً في حملة إسعاف الجرحى خلال حرب تشرين عام 1973.
التكريم
بمناسبة العام الدولي للمرأة مُنح الرئيس حافظ الأسد عادلة بيهم الجزائري وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة، إلا أن المنية لم تمهلها لتسلّم الوسام، فتسلمته نيابة عنها ابنتها وشريكتها في النضال الاجتماعي أمل الجزائري.
الوفاة
توفيت عادلة بيهم الجزائري عن عمر ناهز 75 عاماً في دمشق يوم 3 كانون الثاني 1975. إكراماً لها ولمنجزاتها الكثيرة، أُطلق اسمها على إحدى أبرز مدارس البنات في حيّ المهاجرين بدمشق.
وفي سنة 1943 عُيّن بمعية وزير المعارف الأسبق ساطع الحصري، الذي دعي إلى دمشق من قبل رئيس الحكومة سعد الله الجابري لإعادة تنظيم المناهج السورية وتحريرها من الهيمنة الفرنسية. عاد بعدها شكري فيصل إلى مصر لنيل شهادة الدكتوراه وعُيّن ملحقاً ثقافياً في جامعة الدول العربية. وبعد العودة النهائية إلى سورية سمّي عضواً في لجنة التعليم التابعة لوزارة المعارف سنة 1951. انضم شكري فيصل إلى الجامعة السورية، مُدرّساً لمادتي البلاغة والنقد الأدب في كلية الآداب، وفي سنة 1961 نال مرتبة “بروفيسور.” ترشّح لعضوية المجلس النيابي سنة 1954 ولكنه لم ينجح، فعاد ورشح نفسه لعضوية الاتحاد القومي، نائباً عن دمشق في زمن الوحدة السورية المصرية.
مجمع اللغة العربية
وفي كانون الثاني سنة 1960 وفي أعقاب الوحدة مع مصر انتُخب الدكتور شكري فيصل عضواً في مجمع اللغة العربية بدمشق وكان له إسهام كبير في تحقيق الأجزاء 31-33 من كتاب تاريخ مدينة دمشق لمؤرخ دمشق ابن عساكر، كما عمل على تحرير مجلّة المجمع وانتخب عضواً في لجنة المخطوطات وإحياء التراث.
المؤلفات
وضع الدكتور شكري فيصل عدداً من المؤلفات في حياته، كان من ضمنها:
مرشد بن حنّا خاطر (1888 – 12 كانون الثاني 1961)، طبيب سوري من أصول لبنانية، كان أحد مؤسسي الجامعة السورية وانتُخب عميداً لكلية الطب في مطلع عهد الاستقلال قبل تعيينه وزيراً للصحة في حكومة اللواء فوزي سلو سنة 1952. شارك في الثورة العربية الكبرى وكان رئيساً لتحرير مجلّة المعهد الطبي العربي وهو أحد الآباء المؤسسين لمجمع اللغة العربية بدمشق سنة 1919.
البداية
ولد مرشد خاطر في قرية بتاتر التابعة لقضاء الشوف، وهو سليل عائلة مسيحية مارونية. دَرس في مدرسة الحِكمةببيروت ثم في كلية الطب الفرنسية سنة 1906. وعند تخرجه عام 1910 عمل طبيباً في بيروت لغاية اندلاع الحرب العالمية الأولى سنة 1914 حيث استدعي للخدمة الإلزامية في الجيش العثماني.
وفي العهد الفيصلي، عُيّن مرشد خاطر رئيساً لقسم الجراحة في المستشفى الحميدي الكائن في حيّ البرامكة وعضواً في اللجنة المُصغرة التي شُكلت لتعريب مناهج الطب، برئاسة الدكتور رضا سعيد. شارك بإعادة افتتاح معهد الطب بعد إغلاق دام أشهراً في المراحل الأخيرة من الحرب العالمية الأولى، وسُمّي أستاذاً للأمراض والسريريات الجراحية فيه. وفي 30 تموز 1919 كان أحد الأعضاء المؤسسين في مجمع اللغة العربية مع رئيسه محمد كرد علي. نشر في مجلّة المجمع 19 مقالاً ما بين 1921-1957، وتضمنت أبحاثه التعريف بالكتب والمعاجم الطبية، وانتُخب بعدها عضواً مراسلاً في مجمع اللغة العربية بالقاهرة.
في مرحلة الانتداب الفرنسي (1920-1946)
قضى مرشد الخاطر سنوات الانتداب الفرنسي في التدريس، وترأس تحرير المجلة الطبية الصادرة عن الجامعة السورية من سنة 1924 ولغاية عام 1944. وفي سنة 1932، انتخب عضواً في الجمعية الجراحية الفرنسية في باريس، وبعدها بخمس سنوات ضابطاً في المجمع العلمي الفرنسي قبل انتخابه رئيساً للجمعية الطبية الجراحية في دمشق عام 1939.
وزيراً في عهد فوزي سلو (1952-1953)
رفض الدكتور خاطر العمل في السياسة وقضى معظم سنوات عمره في التدريس والإشراف على المجلّة الطبية. وفي مطلع عهد الاستقلال وبعد جلاء القوات الفرنسية عن سورية، سمّي عميداً لكلية الطب ورئيساً لقسم الجراحة في مستشفى الشهيد يوسف العظمة في منطقة المزة. وفي 9 حزيران 1952، اختير ليكون وزيراً للصحة في حكومة اللواء فوزي سلو الثانية والأخيرة، حيث أسس مركزاً لمكافحة السل في دمشق وآخر لمكافحة البرداء في حمص، إضافة لمدرسة التمريض في حلب ومركزاً للأمومة والطفولة بدمشق. وفي أيار 1953، ترأس وفد سورية إلى الدورة السادسة لمنظمة الصحة العالمية في جينيف، وانتُخب رئيساً للمؤتمر. ولكنّه أصيب بنوبة قلبية في أثناء تواجده في سويسرا أجبرته على العودة إلى دمشق، فناب عنه في رئاسة المؤتمر ممثل بريطانيا الطبيب مالفيل ماكنزي.
المؤلفات
عمل مرشد خاطر مع زميله الطبيب أحمد حمدي الخيّاط على تعريب الأبحاث الطبية وترجمة مصطلحات معجم كلير فيل الفرنسي إلى اللغة العربية. وقد طُبع النص العربي لهذا المعجم في مطبعة الجامعة السورية سنة 1956، وكان عدد كلماته قرابة الخمسة عشر ألفاً. وبعد إنجاز المعجم قام بتأليف “معجم العلوم الطبية” بالمشاركة مع الخيّاط، وهو معجم موسوعي يشمل كل المصطلحات الطبية المرتبة حسب أحرف الهجاء الفرنسية وما يقابلها باللغتين العربية والإنجليزية. ومن مؤلفاته الأخرى:
الداء وسر العملية في الأمراض الولادية (ترجمة عن الفرنسية)
الدروس العملية في الأمراض النسائية (ترجمة) مترجم عن الفرنسية
السريريات والمداواة الطبية، مجلدان
فن التمريض
موجز الأمراض الجراحية (جزءان)
الوفاة
توفي مرشد خاطر عن عمر ناهز 74 عاماً يوم 12 كانون الثاني 1961. أطلق اسمه على عدة أماكن في دمشق ومنها مدرج في مستشفى المواساة وإحدى غرف عمليات المستشفى الجامعي، إضافة إلى شارع رئيسي في العاصمة السورية، يمتد من ساحة التحرير إلى ساحة السبع بحرات. وقد وردت ترجمه له في مراجع تاريخية، منها كتاب الأعلام للصحفي خير الدين الزركلي وكتاب “معالم وأعلام في بلاد العرب” للكاتب أحمد قدامة سنة 1965، إضافة لسلسلة العبقريات للصحفي السوري عبد الغني العطري. وفي سنة 2022 وضع الباحث السوري أحمد بوبس كتاباً مرجعياً عن حياة مرشد خاطر بعنوان مرشد خاطر وتعريب التعليم الطبي، صدر عن وزارة الثقافة السورية.
الأوسمة
حَمل الدكتور مرشد خاطر عدّة أوسمة رفيعة في حياته، منها:
وسام الشرف الإيراني (من رئيس الحكومة رضا شاه سنة 1922)
ولِد محمود أبو الشامات في دمشق ودَرَس في مدارسها وعَمل في التجارة قبل الالتحاق بالدروس الدينية ليصبح فقيهاً من فقهاء عصره ومرجعاً في الطريقة الشاذلية، التي تعلمها على يد الشّيخ نور الدين اليشرطي في عكا.(1) ذاع صيته في أوساط دمشق العِلمية، ووصل اسمه إلى مسامع السّلطان عبد الحميد الثاني، الذي قربه منه وتتلمذ على يديه في الطُّرُق الصوفية.
قربه من السلطان عبد الحميد الثاني
أدّى الشّيخ محمود أبو الشامات دوراً محورياً في كافة المشاريع العمرانية التي شهدتها دمشق في العهد الحميدي، فقد شجعه على إقامة معهد الطب العُثماني في منطقة البرامكة عام 1903، وعلى دخول الكهرباء وجر مياه نبع عين الفيجة إلى دمشق عام 1905.(2)