محمد بن أحمد دهمان (1899 – 7 آذار 1988)، ناشر وباحث سوري من دمشق متخصص بالمخطوطات وتاريخ مدينة دمشق الإسلامي. أسس المكتبة السلفية بدمشق ومكتب الدراسات الإسلامية الذي صدرت عنه عدّة كتب وأبحاث ومها تاريخ دمشق لمحدّث الشّام ابن عساكر وكتاب القلائد الجوهرية في تاريخ الصالحية للمؤرخ العلّامة ابن طولون الصالحي. شارك الشيخ محمد دهمان بتأسيس جمعية إحياء الكتب العربية بدمشق وأسس مجلّة المصباح الأدبية سنة 1943.
بدأ محمد دهمان حياته العملية سنة 1920 بتأسيس المكتبة السلفية في سوق المسكية، تبعها بمكتب الدراسات الإسلامية لإصدار الكتب العلمية. وفي سنة 1927 أطلق مجلّة “المصباح” الأدبية التي صدر منها ثلاثة أعداد فقط وتوقفت لصعوبة التوزيع في أعقاب الثورة السورية الكبرى. حقق مكتب الدراسات العلمية نجاحاً ملحوظاً وسريعاً في دمشق، جعل من صاحبه أحد أشهر الناشرين السوريين في زمانه. وكان له الفضل في نشر عدد كبير من أمهات الكتب ومنها:
وصدر عن داره أيضاً كتاب عِلم الساعات والعمل بها سنة 1981، من تأليف محمد بن رضوان الساعاتي، الذي ذيّله محمد دهمان بمقالات لأرخميدس مع مقدمة تبلغ مئة صفحة أبرز فيها فضل العرب في صناعة الساعات وذكر أشهر المهندسين والميكانيكيين العرب.
بتزكية من وزيرة الثقافة نجاح العطار منحه رئيس الجمهورية حافظ الأسد وسام الاستحقاق من الدرجة الممتازة سنة 1983، وفي 7 آذار 1988 توفي محمد دهمان بدمشق عن عمر ناهز 87 عاماً.
منير بن محمد علي العجلاني (1914 – 20 حزيران 2004) سياسي سوري ورجل قانون، تقلّد عدة مناصب وزارية في زمن الانتداب الفرنسي ومطلع عهد الاستقلال، منها العدل والمعارف، قبل أن يتم اعتقاله سنة 1956 بتهمة التخطيط لانقلاب عسكري ضد أنصار الرئيس جمال عبد الناصر في سورية. كان العجلاني من أشهر أساتذة القانون في دمشق ومن أقطاب السياسة في مرحلة الخمسينيات، وقد تولّى رئاسة الجامعة السورية بالوكالة خلال فترة عمله وزيراً للمعارف سنة 1954، وهو أحد مؤسسي تنظيم القمصان الحديدية المعارض للانتداب الفرنسي، إضافة لكونه صهر رئيس الجمهورية تاج الدين الحسني.
البداية
ولِد منير العجلاني في حيّ سيدي عامود بدمشق (المعروف لاحقاً باسم الحريقة) وهو سليل أسرة دينية عريقة، تولّى أبناؤها نقابة الأشراف في زمن الدولة العثمانية. وكانت عائلة العجلاني من الأسر الثرية بدمشق، تملك أراض زراعية خصبة في غوطتها الشرقية. دَرَس العجلاني الحقوق في الجامعة السورية، قبل أن ينتقل إلى جامعة السوربون في باريس، حيث نال شهادة دكتوراه دولة في القانون سنة 1933، وشهادة ثانية بالصحافة وثالثة في عِلم اللسانيات. وخلال سنواته الجامعية نشط العجلاني في الجمعيات الطلابية ضد الانتداب الفرنسي في سورية، وكان يكتب بشكل دوري في كبرى الصحف الفرنسية اليومية.
خلال سنوات دراسته الجامعية، تأثر منير العجلاني بالتنظيمات العسكرية التي ظهرت في برلينوروما، وقرر تأسيس حركة مشابهة في دمشق، تكون بديلاً عن الجيش السوري الذي تم حلّه وتحطيمه من قبل سلطة الانتداب يوم احتلال سورية سنة 1920. تشارك العجلاني مع فخري البارودي في تأسيس الشباب الوطني، وهو الذراع الشبابي للكتلة الوطنية الذي انبثق عنه تنظيم القمصان الحديدية قي 8 آذار 1936.
هدف التنظيم إلى خلق جيل جديد من الشباب السوري، يكون ثلاثي الأبعاد مثل رجال عصر النهضة في أوروبا، يُجيد أبناؤه الشعر والأدب والعلوم بكافة أنواعها. وقد أصبح تنظيم القمصان الحديدية هو الذراع العسكري للكتلة الوطنية التي انتسب إليها العجلاني بعد عودته من فرنسا، قبل أن ينشق عن صفوفها وينضم إلى تيار الزعيم عبد الرحمن الشهبندر. وقد ساهم تنظيم القمصان في حماية الأحياء والأهالي من تجاوزات الفرنسيين، ولكن سلطة الانتداب أمرت بحلّه، بعد توجيه اتهام إلى منير العجلاني ورفاقه بالتعاطف مع الحزب النازي في ألمانيا، وبتلقي أموالاً من أدولف هتلر.
الزواج
تزوّج منير العجلاني من السيدة إنعام الحسني، كريمة الشيخ تاج الدين الحسني، الذي سمّي رئيساً للجمهورية في أيلول 1941. وقد عينه الشيخ تاج مديراً للقصر الجمهوري ثمّ وزيراً للشباب في حكومة الرئيس حسني البرازي يوم 18 نيسان 1942. أنشأت هذه الحقيبة خصيصاً لأجله وتم حلّها بعد استقالة وزارة البرازي في 8 كانون الثاني 1943. وفي نهاية عهد الشيخ تاج وقبل وفاته بأيام، تسلّم العجلاني حقيبة الشؤون الاجتماعية في حكومة جميل الألشي من كانون الثاني ولغاية 25 آذار 1943.
العلاقة مع نزار قباني
وفي سنة 1936، طُلب من منير العجلاني الترشح للمجلس النيابي، وقد جاء الطلب من الصناعي توفيق قباني، جار عائلة العجلاني في سيدي عامود الذي غضب من مشاهدة أحد نواب العاصمة مخموراً في شوارعها. ولكن سنّ العجلاني يومها لم يكن يسمح له بالترشح لعضوية مجلس النواب، فقام بتعديل بياناته في سجلات النفوس، ليصبح من مواليد 1905 بدلاً من 1914. رداً لجميل توفيق قباني وثقته بالعجلاني، قام الأخير باحتضان نجله الشاعر الشاب نزار قباني، عند وضعه ديوانه الأول سنة 1944. وقد كتب العجلاني مقدمة ديوان قالت لي السمراء قائلاً:
لا تقرأ هذا الديوان، فما كتب ليقرأ.. ولكنه كتب ليغنّى.. ويُشم.. ويُضم.. وتجد فيه النفس دنيا ملهمة. يا نزار !لم تولد في مدرسة المتنبي، فما أجدك تعنى بشيء من الرثاء والمديح والحكمة، وما أجدك تعنى بالبيت الواحد من القصيدة يضرب مثلاً، وما أجدك بعد هذا تعنى بالأساليب التي ألفها شعراؤنا وأدباؤنا وإنما أنت شيء جديد في عالمنا.(9)
بقي العجلاني بعيداً عن المشهد السياسي حتى سقوط حسني الزعيم وإعدامه في 14 آب 1949، ليعود إلى الشأن العام بعد انتخابه عضواً في المؤتمر التأسيسي ومشرعاً في وضع دستور عام 1950. كان العجلاني محسوباً على التيار الهاشمي في سورية، المطالب بتوحيد سورية الكبرى تحت عرش الملك عبد الله بن الحسين، مؤسس المملكة الأردنية الهاشمية. وقد تم اعتقاله في أيلول 1950 بتهمة الضلوع في محاولة انقلاب ضد نظام سورية الجمهورية، وبقي سجيناً في سجن المزة حتى نهاية كانون الثاني 1951.
وقد جاء في التحقيقات أنه تقاضى مبلغاً من المال وزير المعارف الأردني للترويج للملك عبد الله بين صفوف السياسيين والضباط السوريين. ولكن العجلاني نفى كل التهم الموجهة إليه، وأصر على أنه كان ضحية “حملة شعواء” قامت بها أجهزة المخابرات السورية للنيل من سمعته ومن رصيده الوطني. وكان العجلاني قبل اعتقاله بأيام قد شنّ حملة شرسة ضد ضباط الجيش والمخابرات، متهماً العسكر بالتدخل في شؤون الشرطة وفي عمليات تهريب واسعة النطاق مع لبنان.
في صفوف المعارضة 1951-1954
بعد إطلاق سراحه، عُيّن منير العجلاني وزيراً للعدل في حكومة معروف الدواليبي 28 في تشرين الثاني 1951، المحسوبة على المحور الهاشمي. ولكن هذه الحكومة لم تستمر إلّا أربعة وعشرون ساعة فقط، فقد تم الإطاحة بها واعتقال جميع أعضائها بأمر من العقيد أديب الشيشكلي، مهندس الانقلاب الرابع في سورية. قضى العجلاني بضعة أسابيع في سجن المزة، وعند إطلاق سراحه انضم إلى صفوف المعارضة ضد حكم الشيشكلي، وكان حاضراً في مؤتمر حمص المنعقد في دار الرئيس الأسبق هاشم الأتاسي، المطالب بإسقاط الشيشكلي بكل الطرق المتاحة عسكرياً وسياسياً. وقد تم اعتقاله مجدداً في تموز 1953، بعد اعتراضه على نتائج الانتخابات النيابية التي أوصلت الشيشكلي رسمياً إلى سدّة الرئاسة.
مثل العجلاني ورفاقه أمام محكمة عسكرية أقيمت على مدرج الجامعة السورية، بثّت جلساتها على الهواء مباشرة. وقد دافع العجلاني فيها عن نفسه، رافضاً توكيل أي محامي، ولكنّ المحكمة أدانته بالخيانة العظمى وحكمت عليه بالإعدام. وقد تم تخفيف الحكم إلى السجن المؤبد، بواسطة من الرئيس شكري القوتلي.
زُرق منير العجلاني بخمسة أولاد وهم: منار، الذي عمل في حقل التعليم، ونوّارة التي توفيت باكراً، وفواز الذي عمل مهندساً مع شقيقه أمير العجلاني، المتخصص بإدارة الأعمال من الولايات المتحدة الأمريكية. وأخيراً كانت ابنته منيرة، خريجة الجامعة الأميركية في بيروت والتي عملت في الجمعيات التطوعية في السعودية.
المناصب
مدير القصر الجمهوري (25 أيلول 1941 – 18 نيسان 1942)
منير الريّس (1912-1992)، صحفي سوري من مدينة حماة ومؤسس جريدة بردى الدمشقية. صدرت صحيفته بشكل منتظم من سنة 1945 ولغاية قيام الوحدة السورية المصرية عام 1958 وعادت في عهد الانفصال ليتم إغلاقها بشكل نهائي في آذار 1963 عند صدور قرار عن مجلس قيادة الثورة بوقف الصحافة الخاصة في سورية. وفي سنة 1949 كانت له تجربة قصيرة في إصدار جريدة الانقلاب المؤيدة لحسني الزعيم والناطقة باسمه إبان انقلابه على رئيس الجمهورية شكري القوتلي. تزوج من المُدرّسة ثريا الحافظ وهو ابن عم الصحفي نجيب الريّس، مؤسس ورئيس تحرير جريدة القبس.
عاد منير الريّس إلى دمشق مع نهاية الحرب العالمية الثانية وتشارك مع الصحفي جورج فارس في إصدار صحيفة بردى اليومية في كانون الأول 1945. كانت بردى من الصحف المعارضة لحكم الرئيس شكري القوتلي وعطّلت مرتين في عهده، كانت الأولى في 11 حزيران 1946 بقرار من وزير الداخلية صبري العسلي والثانية بأمر من الدكتور محسن البرازي، مدير مكتب رئيس الجمهورية. وتعرض الريّس لمحاولة اغتيال في 4 تشرين الثاني 1948 يوم تجهم عليه ابن أخ محسن البرازي وحاول تصفيته جسدياً. واشتهرت بردى بنصرة للمرأة ودعمها لحركات التحرر في العالم الثالث. خصص الريّس ركناً في الصحيفة لزوجته ثريا الحافظ، لتكتب فيها بشكل أسبوعي عن هموم المرأة السورية وحقوقها السياسية، وقدم لها دعماً كبيراً عند ترشحها للمجلس النيابي سنة 1953.
تحالف مع حسني الزعيم إبان انقلابه على الرئيس شكري القوتلي ولكن الأخير شمل بردى مع الصحف التي سُحبت رخصتها في عهده، ودعا الريّس إلى تأسيس صحيفة جديدة باسم الانقلاب، صدر عددها الأول منها في 23 أيار 1949. توقفت يوم سقوط الزعيم ومقتله في 14 آب 1949 فعاود العمل في جريدة بردى وأسس مع زميله وجيه الحفار شركة مساهمة لطباعة مجموعة من الصحف السورية. وفي سنة 1952 دمجت صحيفته مع جريدة المنار الجديد في عهد العقيد أديب الشيشكلي وصدرت مؤقتاً بإسم اللواء لغاية 30 كانون الأول 1953. عادت إلى شكلها القديم وهويتها المستقلة ولكنها توقفت عند قيام الوحدة السورية المصرية مع عدد كبير من الصحف اليومية، علماً أن منير الريّس لم يعارض الرئيس جمال عبد الناصر في سورية وكانت زوجته من أشدّ المُعجبين له.
السنوات الأخيرة والوفاة
عادت بردى إلى الصدور في عهد الانفصال، للتوقف ثانية وبشكل نهائي مع سائر الصحف السورية بعد انقلاب حزب البعث في 8 آذار 1963. انصرف بعدها إلى كتابة مؤلفه الموسوعي الشهير السجل الذهبي للثورات في المشرق العربي الذي صدر بثلاثة أجزاء في السنوات 1967-1977. وتوفي منير الريّس بدمشق عن عمر ناهز 80 عاماً سنة 1992.
وصَل دمشق قادماً من الجاز مع طلائع القوات العربية عشية انسحاب الجيش العثماني في أيلول 1918 وشارك في رفع عَلم الثورة العربية الكبرى فوق دار الحكومة مع صديقه الأمير سعيد الجزائري، الحاكم المؤقت لمدينة دمشق. عينه الأمير سعيد مديراً للبرق والبريد في الفترة الفاصلة ما بين خروج العثمانيين ودخول القوات العربية دمشق، أي من 26 أيلول وحتى 1 تشرين الأول 1918.
العمل في الصحافة
وعند دخول الأمير فيصل دمشق في 3 تشرين الأول 1918 كُلف معروف الأرناؤوط بإعادة فتح مكاتب جريدة الشرق التي كانت تصدرها الدولة العثمانية أثناء الحرب العالمية الأولى، بعد تغيير اسمها إلى جريدة الاستقلال العربي. صَدر عددها الأول في 14 تشرين الأول 1918، أي بعد نحو أسبوعين من إعلان الحكم الفيصلي في سورية، وكُتب على صفحتها الأولى “جريدة من العرب للعرب.” صَدرت الاستقلال العربي بصفحتين من القطع المتوسط، ثم بأربع صفحات قبل أن تتوقف في شباط 1919 عندما طلب معروف الأرناؤوط موافقة الأمير فيصل على ترك العمل الحكومي وإصدار صحيفة خاصة به.
بعد نجاح عرض “جمال باشا السفّاح” نفرغ الأرناؤوط لجريدة فتى العرب وأصدر عددها الأول في 18 شباط 1920. كانت في البداية جريدة مسائية، تَصدر بأربع صفحات من مكتبها الكائن في ساحة المرجة. وفي مرحلة قياسية أصبحت الجريدة من أشهر الصحف اليومية بدمشق، واستطاعت أن تجلب أكبر الأسماء الأدبية في الوطن العربي، من محمد حسين هيكلوأحمد شوقي إلى عباس محمود العقاد الذي صار يكتب بها بشكل دوري. تعرضت فتى العرب للحجب المُتكرر والإغلاق التعسفي في زمن الانتداب الفرنسي، ولكنها ظلّت تصدر في سنوات الاستقلال حتى بعد وفاة صاحبها عام 1948.
العمل الأدبي
وفي عام 1929، نشر معروف الأرناؤوط روايته الأدبية الأولى بعنوان سيد قُريش، عن حياة العرب في مرحلة البعثة النبوية. تحدث فيها عن معجزة النبوة وأثرها الاجتماعي في حياة العرب، وعند صدور طبعة ثانية قدم لها الدكتور منير العجلاني قائلاً: “رواية سيد قُريش فيها عطر، وفيها موسيقى وفيها عنصر من الشعر.”
نالت رواية سيد قُريش إعجاب النقّاد واستحسانهم، وعادت على صاحبها بأرباح مادية مكّنته من اقتناء منزل في شارع العابد وسط مدينة دمشق، بات يُعرف “بدار سيد قُريش.” وأعجب محمد كرد علي بها لدرجه أنه دعا الأرناؤوط للانضمام إلى مجمع اللغة العربية وتم انتخبه عضواً في 8 تشرين الأول 1930.
بعد سيد قُريش كَتب الأرناؤوط رواية عاطفية باسم مُستعار، جاءت بعنوان “على ضفاف البوسفورو” نُشرت في العدد 59 من مجلة اللطائف في 6 نيسان 1932. فضّل عدم وضع اسمه خوفاً من ردة فعل الجمهور الرصين الذي أحبّ رواية سيد قُريش لجدّيتها وبلاغتها. وفي عام 1936، نَشَر رواية ثالثة بعنوان “عمر بن الخطاب” تلتها رواية رابعة بعنوان “طارق بن زياد” قبل صدور رواية فاطمة البتول سنة 1942.
وترجم الأرناؤوط العديد من المسرحيات العالمية، منها “الرجوع إلى أدرنه” لروجيه لاهونت، “والصقلي الشريف” لألفريد دي موسيه، و”الطفلان الشريدان” لبيير دي كورسيل.” وفي الشعر كان له قصائد صاغها عن لغات أجنبية، مثل قصيدة “وقفة في الطلول” لأندريه شينيه التي نشرت في مجلّة الحديث بحلب سنة 1928.
الوفاة
توفي معروف الأرناؤوط عن عمر ناهز 56 عاماً في 30 كانون الثاني 1948.
ذكرى معروف الأرناؤوط
بعد وفاته بسنوات، أطلقت وزارة المعارف اسم معروف الأرناؤوط على مدرسة ابتدائية في حيّ القدم بريف دمشق.
مسلّم السيوفي (1883-1957)، تاجر وصناعي سوري من دمشق انتخب رئيساً لغرفة تجارتها من سنة 1941 ولغاية عام 1957. وكان أحد مؤسسي مشروع جر مياه نبع عين الفيجة من وادي بردى إلى العاصمة السورية.
البداية
ولِد مسلّم السيوفي في حيّ الشاغور ودَرَس في مدارسه الحكومية قبل أن يلتحق بالعمل التجاري مع والده في صناعة وحياكة الخيوط الحريرية وتحويلها إلى أقمشة فاخرة يتم بيعها محلياً وتصديرها إلى فلسطينومصر. تعرضت الأُسرة إلى مصاب كبير إبان العدوان الفرنسي على مدينة دمشق سنة 1925، الذي أحرق داره آل سيوفي في منطقة الشاغور والتهمت النيران كل ما فيه من أوراق ووثائق تجارية. فَتح معملاً للنسيج في منطقة دمّر القريبة من دمشق، وكان أحد المساهمين الرئيسيين في مشروع جر مياه نبع عين الفيجة من وادي بردى إلى العاصمة دمشق، مع عارف الحلبوني، رئيس غرفة تجارة دمشق، ونائبه لطفي الحفار.
تسلّم السيوفي سنة 1939 إدارة معمل الأسمنت في منطقة دمّر، وذلك بعد تعيين مديره خالد العظم وزيراً في حكومة نصوحي البخاري. ساهم مع شكري القوتلي في تأسيس شركة الكونسروة وانتخب عضواً في مجلس إدارتها، وهو من مؤسسي شركة التبريد في منطقة البرامكة، المتخصصة بتخزين وتبريد جميع أنواع الفواكه والخضار والاجبان.
توفي مسلّم السيوفي في دمشق عن عمر 74 عاماً سنة 1957 وخلفه في زعامة الأسرة نجله رفيق السيوفي، أمين عام وزارة المالية السورية وأحد المصرفيين السوريين الكبار في خمسينيات ومطلع ستينيات القرن العشرين.
مسرة بنت رضا المدني (توفيت سنة 1977)، سيدة سورية الأولى من أيلول 1941 ولغاية وفاة زوجها الرئيس تاج الدين الحسني في 17 كانون الثاني 1943. لم تمارس أي نشاط رسمي في فترة حكم زوجها ولم تشاركه أي مناسبة وطنية وظلّت محتجبة عن الأنظار مثل وردة شان الأتاسي، حرم سلفه هاشم الأتاسي.
الزواج والأولاد
ولِدت مسرة المدني في حيّ الحلبوني بدمشق وكان والدها كان من الأعيان وأمها نظيرة السفرجلاني من كبرى عائلات دمشق. دَرَست القرآن الكريم على يد المحدّث الأكبر في بلاد الشّام الشّيخ بدر الدين الحسني الذي أحبها وزوجها إلى ابنه تاج الدين وهي في الرابعة عشرة من عمرها. أنجبت مسرة المدني ست أولاد:
عادلة بيهم الجزائري (1900 – 3 كانون الثاني 1975)، مناضلة سورية من أصول لبنانية، لُقبت بأميرة الرائدات العربيات وأسست مدرسة دوحة الأدب بدمشق وكانت الرئيس المؤسس للاتحاد النسائي السوري عام 1933. دعمت الثورة السورية الكبرى وشاركت زميلتها المصرية هدى شعراوي في تأسيس اتحاد النساء العربيات في القاهرة سنة 1944.
البداية
ولِدت عادلة بيهم في بيروت وهي سليلة عائلة لبنانية عريقة وكانت أمّها سورية من أصول جزائرية. دَرَست في معهد الدياكونيز الألماني في لبنان وتعلّمت أصول الدين على يد الشّيخ عبد الله البستاني قبل انتقالها للعيش في سورية عند زواجها من الأمير أحمد مختار الجزائري – حفيد الأمير عبد القادر الجزائري – سنة 1917. نشطت في العمل الأهلي منذ صباها وكانت من مؤسسات جمعية يقظة الفتاة العربية في بيروت وجمعية الأمور الخيرية للفتيات العربيات، التي سعت لتأمين حاجات النساء المشرقيات في ظلّ غياب أزواجهن أثناء الحرب العالمية الأولى.
مع الجمعيات الأهلية
كتبت عن المرأة في الصحف البيروتية، دوماً تحت اسم “الفتاة العربية” المستعار، وبعد انتقالها إلى دمشق شاركت في جمعية يقظة المرأة الشاميّة مع نازك العابد وفي الوفد النسائي الذي مثل أمام لجنة كينغ كراين الأمريكية لمعرفة رأي الشعب السوري في نظام الانتداب التي كانت تسعى فرنسا لفرضه. قالت لأعضاء اللجة أن نساء سورية ولبنان يرفضن أي نوع من الوصاية الأجنبية، فرنسية كانت أم بريطانية. بعدها بأشهر وقّعت على كتاب باسم نساء سورية، رُفع إلى المؤتمر السوري العام المنعقد في دمشق وفيه مطالبة خطيّة بإعطاء المرأة العربية حقها الانتخابي.
الثورة السورية الكبرى
وعند اندلاع الثورة السورية الكبرى سنة 1925 ساهمت بيهم الجزائري بنقل العتاد والمؤن إلى ثوار الغوطة وكانت ترعى حاجات عائلات الشهداء والجرحى والمفقودين. وعندما قصفت فرنسا العاصمة دمشق بالمدافع يوم 18 تشرين الأول 1925 قادت مظاهرة نسائية تجاه السراي الحكومي وسط ساحة المرجة وطالبت بوقف العدوان.
مدرسة دوحة الأدب
أولى إنجازات عادلة بيهم الجزائري كانت مدرسة دوحة الأدب للبنات التي أنشأتها بدمشق سنة 1928. وفي حفل الافتتاح بحضور وزير المعارف محمد كرد علي قالت إن مدرستها تهدف إلى خلق “امرأة عربية جديدة، تكون مفعمة بالشعور الوطني ولها دور فاعل في نهضة أمتها وتحريرها من الاستعمار الأجنبي.” بسرعة قياسية تمكنت مدرسة دوحة الأدب من استقطاب أفضل معلمات دمشق وصفوة طالباتها، وأنشأت بيهم جمعية دوحة الأدب التي قام مجمع اللغة العربية باستضافة جميع أنشطتها.
الاتحاد النسائي سنة 1933
جمعت عادلة بيهم الجزائري آنسات مدرسة دوحة الأدب مع سيدات المجتمع الدمشقي وأطلقن معاً الاتحاد النسائي السوري سنة 1933. في اجتماعه التأسيسي انتخبت رئيساً للاتحاد وبقيت في منصبها لغاية عام 1967، يوم تنازلها بسبب تقدمها بالسن وتسميتها رئيساً فخرياً مدى الحياة. دُعيت للمشاركة في مؤتمر المرأة الفلسطينية المنعقد في القاهرة سنة 1938، وانتخبت نائباً لرئيسه هدى شعراوي.
عادت إلى مصر بعد سبع سنوات للعمل مع شعراوي مجدداً على تأسيس اتحاد النساء العربيات، وشاركت في وضع قانونه الأساسي. وبعد الإشهار دعت عادلة بيهم مراسلي وكالات الأنباء العالمية لتشرح لهم أهداف الاتحاد الجديد، وبذلك أصبحت أول امرأة سورية تعقد مؤتمراً صحفياً وتقف أمام عدسات المصورين وميكروفونات الصحفيين العرب والأجانب. وفي العام 1956 ترأست وفد الاتحاد النسائي السوري إلى لجنة حقوق المرأة التابعة للأمم المتحدة وانتخبت بعد أربع سنوات رئيسة للجنة التحضيرية للمؤتمر النسائي الآسيوي – الأفريقي.
حرب فلسطين
نشطت عادلة بيهم الجزائري في دعم للمرأة الفلسطينية أثناء حرب فلسطين سنة 1948 وعملت مع السيدة الأولى بهيرة الدالاتي على رعاية عائلات اللاجئات الفلسطينيات وفتحت لهن ولأولادهن أبواب مدرسة دوحة الأدب. كما جنّدت مئات المتطوعات في الاتحاد النسائي لتأمين خياطة ثلاثة آلاف بدلة عسكرية للجنود السوريين المتطوعين في جيش الإنقاذ.
مع عبد الناصر
أُعجبت عادلة بيهم بالرئيس جمال عبد الناصر وقدّمت له دعماً كبيراً في أثناء العدوان الثلاثي على مصر سنة 1956. قادت النساء السوريات في المقاومة الشعبية، حيث تدربوا على حمل السلاح في معسكرات أقيمت على أطراف العاصمة دمشق وجمعت تبرعات مادية وعينية لصالح الجيش المصري. أيدت الوحدة السورية المصرية عند قيامها سنة 1958 وكانت في طليعة مستقبلي عبد الناصر بدمشق. وفي سنوات الوحدة نظّمت دورات لمكافحة الأميّة وتقديم الخدمات الصحيّة والاجتماعية في قرى الغوطة، وكانت تلتقي بعبد الناصر كلما زار سورية لشرح له حاجات ومطالب الاتحاد النسائي.
حرب تشرين سنة 1973
عارضت الانقلاب العسكري الذي أطاح بجمهورية الوحدة في 28 أيلول 1961 وسمّيت عضواً في مجلس قيادة الثورة – ممثلة عن الاتحاد النسائي – في مطلع عهد البعث سنة 1963. ظلّت تنشط في المجال الإنساني حتى أيامها الأخيرة، وعلى الرغم من تقدمها في السن، شاركت في حملة إسعاف الجرحى أثناء حرب تشرين عام 1973 والتقت بالرئيس حافظ الأسد الذي أمر بمنحها وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة، إلا أن المنية لم تمهلها لتسلّم الوسام، فتسلمته نيابة عنها ابنتها الأميرة أمل الجزائري.
الوفاة
توفيت عادلة بيهم الجزائري في دمشق عن عمر ناهز 75 عاماً يوم 3 كانون الثاني 1975 وكرمتها الدولة السورية بإطلاق اسمها على أحد أشهر مدارس البنات الحكومية في منطقة المهاجرين.
وفي سنة 1943 عُيّن بمعية وزير المعارف الأسبق ساطع الحصري، الذي دعي إلى دمشق من قبل رئيس الحكومة سعد الله الجابري لإعادة تنظيم المناهج السورية وتحريرها من الهيمنة الفرنسية. عاد بعدها شكري فيصل إلى مصر لنيل شهادة الدكتوراه وعُيّن ملحقاً ثقافياً في جامعة الدول العربية. وبعد العودة النهائية إلى سورية سمّي عضواً في لجنة التعليم التابعة لوزارة المعارف سنة 1951. انضم شكري فيصل إلى الجامعة السورية، مُدرّساً لمادتي البلاغة والنقد الأدب في كلية الآداب، وفي سنة 1961 نال مرتبة “بروفيسور.” ترشّح لعضوية المجلس النيابي سنة 1954 ولكنه لم ينجح، فعاد ورشح نفسه لعضوية الاتحاد القومي، نائباً عن دمشق في زمن الوحدة السورية المصرية.
مجمع اللغة العربية
وفي كانون الثاني سنة 1960 وفي أعقاب الوحدة مع مصر انتُخب الدكتور شكري فيصل عضواً في مجمع اللغة العربية بدمشق وكان له إسهام كبير في تحقيق الأجزاء 31-33 من كتاب تاريخ مدينة دمشق لمؤرخ دمشق ابن عساكر، كما عمل على تحرير مجلّة المجمع وانتخب عضواً في لجنة المخطوطات وإحياء التراث.
المؤلفات
وضع الدكتور شكري فيصل عدداً من المؤلفات في حياته، كان من ضمنها:
مرشد بن حنّا خاطر (1888 – 12 كانون الثاني 1961)، طبيب سوري من أصول لبنانية، كان أحد مؤسسي الجامعة السورية وانتُخب عميداً لكلية الطب في مطلع عهد الاستقلال قبل تعيينه وزيراً للصحة في حكومة اللواء فوزي سلو سنة 1952. شارك في الثورة العربية الكبرى وكان رئيساً لتحرير مجلّة المعهد الطبي العربي وهو أحد الآباء المؤسسين لمجمع اللغة العربية بدمشق سنة 1919.
البداية
ولد مرشد خاطر في قرية بتاتر التابعة لقضاء الشوف، وهو سليل عائلة مسيحية مارونية. دَرس في مدرسة الحِكمةببيروت ثم في كلية الطب الفرنسية سنة 1906. وعند تخرجه عام 1910 عمل طبيباً في بيروت لغاية اندلاع الحرب العالمية الأولى سنة 1914 حيث استدعي للخدمة الإلزامية في الجيش العثماني.
وفي العهد الفيصلي، عُيّن مرشد خاطر رئيساً لقسم الجراحة في المستشفى الحميدي الكائن في حيّ البرامكة وعضواً في اللجنة المُصغرة التي شُكلت لتعريب مناهج الطب، برئاسة الدكتور رضا سعيد. شارك بإعادة افتتاح معهد الطب بعد إغلاق دام أشهراً في المراحل الأخيرة من الحرب العالمية الأولى، وسُمّي أستاذاً للأمراض والسريريات الجراحية فيه. وفي 30 تموز 1919 كان أحد الأعضاء المؤسسين في مجمع اللغة العربية مع رئيسه محمد كرد علي. نشر في مجلّة المجمع 19 مقالاً ما بين 1921-1957، وتضمنت أبحاثه التعريف بالكتب والمعاجم الطبية، وانتُخب بعدها عضواً مراسلاً في مجمع اللغة العربية بالقاهرة.
في مرحلة الانتداب الفرنسي (1920-1946)
قضى مرشد الخاطر سنوات الانتداب الفرنسي في التدريس، وترأس تحرير المجلة الطبية الصادرة عن الجامعة السورية من سنة 1924 ولغاية عام 1944. وفي سنة 1932، انتخب عضواً في الجمعية الجراحية الفرنسية في باريس، وبعدها بخمس سنوات ضابطاً في المجمع العلمي الفرنسي قبل انتخابه رئيساً للجمعية الطبية الجراحية في دمشق عام 1939.
وزيراً في عهد فوزي سلو (1952-1953)
رفض الدكتور خاطر العمل في السياسة وقضى معظم سنوات عمره في التدريس والإشراف على المجلّة الطبية. وفي مطلع عهد الاستقلال وبعد جلاء القوات الفرنسية عن سورية، سمّي عميداً لكلية الطب ورئيساً لقسم الجراحة في مستشفى الشهيد يوسف العظمة في منطقة المزة. وفي 9 حزيران 1952، اختير ليكون وزيراً للصحة في حكومة اللواء فوزي سلو الثانية والأخيرة، حيث أسس مركزاً لمكافحة السل في دمشق وآخر لمكافحة البرداء في حمص، إضافة لمدرسة التمريض في حلب ومركزاً للأمومة والطفولة بدمشق. وفي أيار 1953، ترأس وفد سورية إلى الدورة السادسة لمنظمة الصحة العالمية في جينيف، وانتُخب رئيساً للمؤتمر. ولكنّه أصيب بنوبة قلبية في أثناء تواجده في سويسرا أجبرته على العودة إلى دمشق، فناب عنه في رئاسة المؤتمر ممثل بريطانيا الطبيب مالفيل ماكنزي.
المؤلفات
عمل مرشد خاطر مع زميله الطبيب أحمد حمدي الخيّاط على تعريب الأبحاث الطبية وترجمة مصطلحات معجم كلير فيل الفرنسي إلى اللغة العربية. وقد طُبع النص العربي لهذا المعجم في مطبعة الجامعة السورية سنة 1956، وكان عدد كلماته قرابة الخمسة عشر ألفاً. وبعد إنجاز المعجم قام بتأليف “معجم العلوم الطبية” بالمشاركة مع الخيّاط، وهو معجم موسوعي يشمل كل المصطلحات الطبية المرتبة حسب أحرف الهجاء الفرنسية وما يقابلها باللغتين العربية والإنجليزية. ومن مؤلفاته الأخرى:
ولِد محمود أبو الشامات في دمشق ودَرَس علوم الدين فيها وقرأ على يد شيوخ عصره ومنهم الشّيخ نور الدين اليشرطي في عكا، الذي تعلم منه الطريقة الشاذلية. ذاع صيته في أوساط دمشق العِلمية، ووصل إلى مسامع السلطان عبد الحميد الثاني، الذي قربه منه وتتلمذ على يديه في الطرق الصوفية.
قربه من السلطان عبد الحميد
لعب الشّيخ محمود أبو الشامات دوراً محورياً في كل المشاريع العمرانية والتربوية التي شهدتها دمشق في الربع الأخير العهد الحميدي، وفي مقدمتها معهد الطب العثماني في منطقة البرامكة الذي تبناه وحارب لأجله سنة 1903. وله يعود جزء من الفضل – مع أحمد عزت باشا العابد – في دخول الكهرباء على مدينة دمشق وجر مياه نبع عين الفيجة إليها سنة 1905.