منير العجلاني (1914 – 20 حزيران 2004) سياسي سوري ورجل قانون، تقلّد عدة مناصب وزارية في زمن الانتداب الفرنسي ومطلع عهد الاستقلال، منها العدل والمعارف، قبل أن يتم اعتقاله سنة 1956 بتهمة التخطيط لانقلاب عسكري ضد أنصار الرئيس جمال عبد الناصر في سورية. كان العجلاني من أشهر أساتذة القانون في دمشق ومن أقطاب السياسة في مرحلة الخمسينيات، وقد تولّى رئاسة جامعة دمشق بالوكالة خلال فترة عمله وزيراً للمعارف سنة 1954، وهو أحد مؤسسي تنظيم القمصان الحديدية المعارض للانتداب الفرنسي، إضافة لكونه صهر رئيس الجمهورية تاج الدين الحسني.
البداية
ولِد منير العجلاني في حيّ سيدي عامود بدمشق (المعروف لاحقاً باسم الحريقة) وهو سليل أسرة دينية عريقة، تولّى أبناؤها نقابة الأشراف في زمن الدولة العثمانية.(1) وكانت عائلة العجلاني من الأسر الثرية بدمشق، تملك أراض زراعية خصبة في غوطتها الشرقية. دَرَس العجلاني الحقوق في جامعة دمشق، قبل أن ينتقل إلى جامعة السوربون في باريس، حيث نال شهادة دكتوراه دولة في القانون سنة 1933، وشهادة ثانية بالصحافة وثالثة في عِلم اللسانيات. وخلال سنواته الجامعية نشط العجلاني في الجمعيات الطلابية ضد الانتداب الفرنسي في سورية، وكان يكتب بشكل دوري في كبرى الصحف الفرنسية اليومية.(2)
خلال سنوات دراسته الجامعية، تأثر منير العجلاني بالتنظيمات العسكرية التي ظهرت في برلينوروما، وقرر تأسيس حركة مشابهة في دمشق، تكون بديلاً عن الجيش السوري الذي تم حلّه وتحطيمه من قبل سلطة الانتداب يوم احتلال سورية سنة 1920. تشارك العجلاني مع فخري البارودي في تأسيس الشباب الوطني، وهو الذراع الشبابي للكتلة الوطنية الذي انبثق عنه تنظيم القمصان الحديدية قي 8 آذار 1936.(4)
هدف التنظيم إلى خلق جيل جديد من الشباب السوري، يكون ثلاثي الأبعاد مثل رجال عصر النهضة في أوروبا، يُجيد أبناؤه الشعر والأدب والعلوم بكافة أنواعها.(5) وقد أصبح تنظيم القمصان الحديدية هو الذراع العسكري للكتلة الوطنية التي انتسب إليها العجلاني بعد عودته من فرنسا، قبل أن ينشق عن صفوفها وينضم إلى تيار الزعيم عبد الرحمن الشهبندر. وقد ساهم تنظيم القمصان في حماية الأحياء والأهالي من تجاوزات الفرنسيين، ولكن سلطة الانتداب أمرت بحلّه، بعد توجيه اتهام إلى منير العجلاني ورفاقه بالتعاطف مع الحزب النازي في ألمانيا، وبتلقي أموالاً من أدولف هتلر.(6)
الزواج
تزوّج منير العجلاني من السيدة إنعام الحسني، كريمة الشيخ تاج الدين الحسني، الذي سمّي رئيساً للجمهورية في أيلول 1941. وقد عينه الشيخ تاج مديراً للقصر الجمهوري ثمّ وزيراً للشباب في حكومة الرئيس حسني البرازي يوم 18 نيسان 1942. أنشأت هذه الحقيبة خصيصاً لأجله وتم حلّها بعد استقالة وزارة البرازي في 8 كانون الثاني 1943. وفي نهاية عهد الشيخ تاج وقبل وفاته بأيام، تسلّم العجلاني حقيبة الشؤون الاجتماعية في حكومة جميل الألشي من كانون الثاني ولغاية 25 آذار 1943.(7)
بطاقة دعوة حفل زفاف الدكتور منير العجلاني على السيدة إنعام الحسني سنة 1942.
العلاقة مع نزار قباني
وفي سنة 1936، طُلب من منير العجلاني الترشح للمجلس النيابي، وقد جاء الطلب من الصناعي توفيق قباني، جار عائلة العجلاني في سيدي عامود الذي غضب من مشاهدة أحد نواب العاصمة مخموراً في شوارعها. ولكن سنّ العجلاني يومها لم يكن يسمح له بالترشح لعضوية مجلس النواب، فقام بتعديل بياناته في سجلات النفوس، ليصبح من مواليد 1905 بدلاً من 1914.(8) رداً لجميل توفيق قباني وثقته بالعجلاني، قام الأخير باحتضان نجله الشاعر الشاب نزار قباني، عند وضعه ديوانه الأول سنة 1944. وقد كتب العجلاني مقدمة ديوان قالت لي السمراء قائلاً:
لا تقرأ هذا الديوان، فما كتب ليقرأ.. ولكنه كتب ليغنّى.. ويُشم.. ويُضم.. وتجد فيه النفس دنيا ملهمة. يا نزار !لم تولد في مدرسة المتنبي، فما أجدك تعنى بشيء من الرثاء والمديح والحكمة، وما أجدك تعنى بالبيت الواحد من القصيدة يضرب مثلاً، وما أجدك بعد هذا تعنى بالأساليب التي ألفها شعراؤنا وأدباؤنا وإنما أنت شيء جديد في عالمنا.(9)
بقي العجلاني بعيداً عن المشهد السياسي حتى سقوط حسني الزعيم وإعدامه في 14 آب 1949، ليعود إلى الشأن العام بعد انتخابه عضواً في المؤتمر التأسيسي ومشرعاً في وضع دستور عام 1950. كان العجلاني محسوباً على التيار الهاشمي في سورية، المطالب بتوحيد سورية الكبرى تحت عرش الملك عبد الله بن الحسين، مؤسس المملكة الأردنية الهاشمية.(10) وقد تم اعتقاله في أيلول 1950 بتهمة الضلوع في محاولة انقلاب ضد نظام سورية الجمهورية، وبقي سجيناً في سجن المزة حتى نهاية كانون الثاني 1951.
وقد جاء في التحقيقات أنه تقاضى مبلغاً من المال وزير المعارف الأردني للترويج للملك عبد الله بين صفوف السياسيين والضباط السوريين.(11) ولكن العجلاني نفى كل التهم الموجهة إليه، وأصر على أنه كان ضحية “حملة شعواء” قامت بها أجهزة المخابرات السورية للنيل من سمعته ومن رصيده الوطني. وكان العجلاني قبل اعتقاله بأيام قد شنّ حملة شرسة ضد ضباط الجيش والمخابرات، متهماً العسكر بالتدخل في شؤون الشرطة وفي عمليات تهريب واسعة النطاق مع لبنان.(12)
في صفوف المعارضة 1951-1954
بعد إطلاق سراحه، عُيّن منير العجلاني وزيراً للعدل في حكومة معروف الدواليبي 28 في تشرين الثاني 1951، المحسوبة على المحور الهاشمي.(13) ولكن هذه الحكومة لم تستمر إلّا أربعة وعشرون ساعة فقط، فقد تم الإطاحة بها واعتقال جميع أعضائها بأمر من العقيد أديب الشيشكلي، مهندس الانقلاب الرابع في سورية. قضى العجلاني بضعة أسابيع في سجن المزة، وعند إطلاق سراحه انضم إلى صفوف المعارضة ضد حكم الشيشكلي، وكان حاضراً في مؤتمر حمص المنعقد في دار الرئيس الأسبق هاشم الأتاسي، المطالب بإسقاط الشيشكلي بكل الطرق المتاحة عسكرياً وسياسياً. وقد تم اعتقاله مجدداً في تموز 1953، بعد اعتراضه على نتائج الانتخابات النيابية التي أوصلت الشيشكلي رسمياً إلى سدّة الرئاسة.
العودة إلى الحكم
بعد سقوط الشيشكلي ونفيه خارج البلاد في 25 شباط 1954، عاد العجلاني إلى الحكم، وزيراً للمعارف في حكومة صبري العسلي في 1 آذار 1954، حيث تسلّم رئيسة جامعة دمشق بالوكالة. وفي 29 تشرين الأول 1954، سمّي وزيراً للمعارف في حكومة الرئيس فارس الخوري الخامسة والأخيرة، لغاية 13 شباط 1955. وأخيراً، أصبح وزيراً للعدل في حكومة سعيد الغزي الانتقالية ما بين 13 أيلول 1955 – 14 حزيران 1956، التي أشرفت على الانتخابات النيابية والرئاسية، وفاز بموجبها شكري القوتلي برئاسة الجمهورية السورية.
مثل العجلاني ورفاقه أمام محكمة عسكرية أقيمت على مدرج جامعة دمشق، بثّت جلساتها على الهواء مباشرة. وقد دافع العجلاني فيها عن نفسه، رافضاً توكيل أي محامي، ولكنّ المحكمة أدانته بالخيانة العظمى وحكمت عليه بالإعدام. وقد تم تخفيف الحكم إلى السجن المؤبد، بواسطة من الرئيس شكري القوتلي،.(15)
زُرق منير العجلاني بخمسة أولاد وهم: منار، الذي عمل في حقل التعليم، ونوّارة التي توفيت باكراً، وفواز الذي عمل مهندساً مع شقيقه أمير العجلاني، المتخصص بإدارة الأعمال من الولايات المتحدة الأمريكية. وأخيراً كانت ابنته منيرة، خريجة الجامعة الأميركية في بيروت والتي عملت في الجمعيات التطوعية في السعودية.
المناصب
مدير عام القصر الجمهوري (25 أيلول 1941 – 18 نيسان 1942)
منير الريّس (1912-1992)، صحفي سوري من مدينة حماة، أصدر جريدة بردى الدمشقية من عام 1945 وحتى سنة 1958، وهو زوج المُدرسة ثريا الحافظ.
البداية
ولِد منير الريّس في حماة وتلقى علومه في جامعة دمشق. عَمل موظفاً حكومياً وكان مديراً للشعبة السياسيّة في شرطة دمشق ثمّ مُذيعاً في إذاعة دمشق، كما راسل العديد من الصحف العربية ابرزها جريدة النهار اللبنانية.
عاد منير الريّس بعدها إلى دمشق وتشارك مع الصحفي جورج فارس في إصدار صحيفة يومية سياسية اسمها بردى، صدر العدد الأول منها يوم 23 كانون الاول 1945. توقفت الجريدة مع انقلابحسني الزعيم في 29 آذار 1949 ولكن الريّس قام بتأسيس جريدة يومية جديدة أطلق عليها اسم “الانقلاب،” كانت بمثابة الناطق الرسمي باسم الزعيم وعهده.
صدر العدد الأول من جريدة الانقلاب في 23 أيار 1949 ولكنها لم تستمر وتم اغلاقها عند القضاء على حكم حسني الزعيم ومقتله في 14 آب 1949.
معروف الأرناؤوط (1892-1948)، أديب سوري من أصل ألباني، عاش في دمشق ووضع عدداً من الروايات الشهيرة عن دولة الإسلام في بداياتها، أبرزها رواية “سيد قُريش” التي أدخلته مجمع اللغة العربية عام 1930. وهو صاحب ومؤسس جريدة فتى العرب التي صدرت في دمشق من عام 1920 وحتى سنة 1958.
كَلّفه الأمير فيصل بإعادة فتح جريدة الشرق التي كان يُصدرها جمال باشا خلال الحرب، بعد تغيير اسمها لتصبح جريدة الإستقلال العربي. صَدر عددها الأول يوم 14 تشرين الأول 1918، أي بعد نحو أسبوعين من إعلان الحكم الفيصلي في سورية، وكُتب على صفحتها الأولى “جريدة من العرب للعرب.”
صَدرت الجريدة بصفحتين من القطع المتوسط، ثم بأربع صفحات وتوقفت في شباط 1919 بعد تَفرّغ معروف الأرناؤوط لإصدار صحيفة جديدة تُدعى جريدة فتى العرب التي صدر عددها الأول في 18 شباط 1920. (2)
جريدة فتى العرب
كانت جريدة فتى العرب مسائية، تَصدر بأربع صفحات في عصر كل يوم من مكتبها الكائن في ساحة المرجة، قرب السراي الحكومي. في مرحلة قياسية أصبحت من أشهر الصحف اليومية في دمشق، نظراً لرصانة مواضيعها واهتمامها بالشؤون الأدبية والفكرية، ولأسلوب رئيس تحريرها السلس والمشوق في الكتابة.
في عام 1929، نشر معروف الأرناؤوط روايته الأدبية الأولى بعنوان “سيد قُريش،” عن حياة العرب في مرحلة البعثة النبوية، تحدث فيها عن معجزة النبوة وأثرها الاجتماعي في حياة العرب. قدم لها أستاذ القانون في الجامعة السوريةالدكتور منير العجلاني (الذي كتب مقدمة أول ديوان شعر لنزار قباني بعد سنوات) قائلاً: “رواية سيد قُريش فيها عطر، وفيها موسيقى وفيها عنصر من الشعر.” نالت الرواية إعجاب النقّاد واستحسانهم، وعادت على صاحبها بأرباح مادية مكّنته من اقتناء منزل في شارع العابد وسط مدينة دمشق، بجوار المجلس النيابي السوري، بات يُعرف “بدار سيد قُريش.” أعجب رئيس مجمع اللغة العربيةمحمّد كرد علي بالرواية كثيراً وكتب عنها مادحاً في مجلة المجمع ودعا الأرناؤوط للانضمام إلى صفوفه، حيث انتخب عضواً في 8 تشرين الأول 1930.
بعد “سيد قُريش” كَتب الأرناؤوط رواية عاطفية تحت اسم مُستعار، بعنوان “على ضفاف البوسفور” نُشرت في العدد 59 من مجلة اللطائف اللبنانية في 6 نيسان 1932. فضّل عدم وضع اسمه خوفاً من ردود أفعال الجمهور الرصين من النقّاد والأدباء الذي أحبّ “سيد قُريش” لجديتها وبلاغتها. وفي عام 1936، نَشَر رواية جديدة باسمه بعنوان “عمر بن الخطاب” بأربعة أجزاء، صدرت عن مطبعة فتى العرب، تلتها رواية ثالثة حملت عنوان “طارق بن زياد” ورابعة بعنوان “فاطمة البتول” صدرت في دمشق سنة 1942 وتحدثت عن حياة الحسين بن علي، حفيد الرسول. قبل وفاته كان الأرناؤوط بصدد كتابة روايته الخامسة والأخيرة ولكنها لم ترَ النور بسبب وفاته عن عمر ناهز 56 عاماً في 30 كانون الثاني 1948.(3)
ترجم العديد من المسرحيات، منها “الرجوع إلى أدرنه” لروجيه لاهونت، “والصقلي الشريف” لألفريد دي موسيه، و”الطفلان الشريدان” لبيير دي كورسيل.” وفي الشعر له قصائد صاغها عن لغات أجنبية، منها قصيدة “وقفة في الطلول” لأندريه شينيه المنشورة في مجلة الحديث بحلب سنة 1928، وقصيدة “دموع للامرتين” المنشورة في مجلة الحديث أيضا في أيار 1928
ذكرى معروف الأرناؤوط
بعد وفاته بسنوات طويلة، سمّيت مدرسة ابتدائية باسمه في حي القدم بريف دمشق.
مسلّم السيوفي (1883-1957)، تاجر وصناعي سوري، كان رئيساً لغرفة تجارة دمشق ما بين 1941-1957.
البداية
ولِد مسلم السيوفي في حيّ الشاغور الدمشقي ودَرَس في مدارسه قبل أن يلتحق بالعمل التجاري مع والده في صناعة وحياكة الخيوط الحريرية وتحويلها إلى أقمشة فاخرة يتم بيعها محلياً وتصديرها إلى فلسطينومصر.
قام بشراء أنواع حديثة من الحرير من فرنسا وفَتح معملاً للنسيج في منطقة دمّر القريبة من دمشق،
ولكن تجارته مع فلسطين بدأت تتراجع نظراً للمعارك والاضطرابات بين الأهالي والعصابات الصهيونية المُسلحة في مطلع العشرينيات.
ثم وصل الخيط الحريري الصناعي المستورد من اليابان، الذي غزا الأسواق السورية والعربية بسبب رخص سعره وقربه من الخيط الطبيعي.(1)
وعند تفرّغ خالد العظم للعمل السّياسي وتوليه وزارة الخارجية عام 1939 خلفه مسلّم السيوفي في إدارة المعمل حتى عام 1941. وكان السيوفي أيضاً من مؤسسي شركة الكونسروة مع الرئيس شكري القوتلي، وخدم لسنوات طويلة في مجلس إدارتها، ومن مؤسسي شركة التبريد في حيّ البرامكة، المتخصصة بتخزين وتبريد جميع أنواع الفواكه والخضار والأجبان.(1)
رئيساً لغرفة تجارة دمشق 1941-1957
انتُخب مسلّم السيوفي رئيساً لغرفة تجارة دمشق عام 1941، خلفاً لصهره تاجر الأقمشة محمّد خير دياب، الذي توفي وهو في المنصب بعد مرض عُضال. أشرف السيوفي على عمل الغرفة خلال سنوات الحرب العالمية الثانية وفي مطلع عهد الاستقلال، وكان مُقرباً من الرئيس شكري القوتلي. وقد حافظ على منصبه في الغرفة على الرغم من كل الانقلابات التي عصفت بسورية منذ نهاية الأربعينيات، ورفض تبوء أي منصب سياسي.
الوفاة
توفي مسلّم السيوفي في دمشق وهو رئيساً لغرفة تجارتها عن عمر 74 عام 1957، وخلفه في المنصب الحاج محمّد عادل الخجا، أحد شركاء الشركة الخماسية.(2)
عائلة السيوفي
تعرّض مسلّم السيوفي لعددٍ من المصائب والمحن في حياته، لعل أكبرها كارثة حريق منزل أُسرته في حيّ الشاغور خلال العدوان الفرنسي على مدينة دمشق سنة 1925. هرب هو وأفراد الأُسرة إلى منزل أحد أقربائهم، وعند العودة وجدوا أن كل ممتلكاتهم قد التهمها الحريق، بما في ذلك وثائق العائلة وأوراقها التجارية وأموالها. وقد اشتهر ابنه رفيق السيوفي كأمين عام وزارة المالية السورية وكان أحد المصرفيين الكبار في سورية قبل تأميم المصارف زمن الجمهورية العربية المتحدة عام 1961.
مسرة المدني (الوفاة 1977)، سيدة سورية الأولى من أيلول 1941 وحتى 17 كانون الثاني 1943، وهي زوجة الرئيس تاج الدين الحسني.
البداية
ولِدت مسرة المدني في حيّ الحلبوني بدمشق ودَرَست القرآن الكريم على يد المحدث الأكبر في بلاد الشّام الشّيخ بدر الدين الحسني الذي أحبها وقام بتزويجها إلى ابنه تاج الدين وهي في الرابعة عشرة من عمرها.
الأسرة
والدها رضا الميداني كان من الأعيان وأمها نظيرة السفرجلاني كانت من كبرى عائلات دمشق. أنجبت مسرة المدني ست أولاد، ثلاثة بنات وثلاثة ذكور، كان أكبرهم سناً شمس الدين الحسني وأصغرهم صلاح الدين الحسني. وقد تزوجت ابنتها إنعام من الوزير والنائب منير العجلاني الذي بات مديراً لقصر الجمهوري في عهد الرئيس تاج الدين الحسني.
سيدة سورية الأولى
لم تمارس مسرة المدني أي نشاط رسمي خلال فترة حكم زوجها ولم تشاركه أي مناسبة وطنية، وقد ظلّت محتجبة عن الأنظار مثل وردة شان الأتاسي، حرم هاشم الأتاسي الذي كان رئيساً للبلاد قبل زوجها في 1936-1939.
الوفاة
بعد وفاة الرئيس الحسني في دمشق يوم 17 كانون الثاني 1943، غادرت مسرة المدني سورية وأقامت في بيروت حتى وفاتها سنة 1977.
عادلة بيهم الجزائري (1900 – 3 كانون الثاني 1975)، مناضلة وناشطة سورية من أصول لبنانية، أسست مدرسة دوحة الأدب في دمشق سنة 1928 وكانت الرئيسة المؤسسة للاتحاد النسائي السوري سنة 1933. دعمت الثورة السورية الكبرى وشاركت مع هدى شعراوي في تأسيس اتحاد النساء العربيات في مصر سنة 1944. لقبت بأميرة الرائدات العربيات.
البداية
ولِدت عادلة بيهم في بيروت في أسرة لبنانية عريقة وكانت أمّها سورية من جذور جزائرية. دَرَست في معهد الدياكونيز الألماني في لبنان وتعلّمت أصول الدين على يد الشّيخ عبد الله البستاني قبل انتقالها للعيش في سورية عند زواجها من الأمير أحمد مختار الجزائري سنة 1917. وكان الأمير أحمد مختار هو حفيد الأمير محمد باشا، ابن الأمير عبد القادر الجزائري.
مع الجمعيات الأهلية
نشطت عادلة بيهم في العمل الوطني منذ مرحلة الصبا وكانت من مؤسسات جمعية يقظة الفتاة العربية في بيروت وجمعية الأمور الخيرية للفتيات العربيات، التي سعت لتأمين حاجات النساء المشرقيات في ظلّ غياب أزواجهن، إما في المعتقلات التركية أو في المنفى البعيد هرباً من التجنيد في الجيش العثماني خلال الحرب العالمية الأولى.
كانت تكتب مقالات عن تحرر المرأة، دوماً تحت اسم مستعار اختارته لنفسها وهو “الفتاة العربية.” كتبت عن ضرورة تمكين المرأة العربية وتحريرها من قيد الرجال لتكون فعالة في مجتمعها ومستقلّة معتمدة على نفسها لكي لا تنال منها الشدائد والمحن.
وبعد قدومها إلى دمشق شاركت عادلة بيهم الجزائري في جمعية يقظة المرأة الشاميّة، الرامية إلى محو الأمية لدى فتيات الغوطة وتعليمهن مهارات يدوية يكسبن منها كفاف يومهن، دون الحاجة إلى أية مساعدة، لا من الدولة ولا من المجتمع الذكوري.(1)
مع لجنة كينغ كراين
وعندما جاءت لجنة كينغ كراين الأمريكية إلى سورية سنة 1919 اجتمع أعضاءها مع وفد من سيدات سورية لمعرفة رأيهن في الانتداب الفرنسي الذي كانت عصبة الأمم تنوي فرضه على سورية، تماشياً مع اتفاقية سايكس بيكو الموقعة بين حكومتي فرنسا وبريطانيا في منتصف الحرب العالمية الأولى. كانت عادلة بيهم، وبالرغم من صغر سنها، ضمن الوفد النسائي الذي اجتمع مع أعضاء اللجنة الأمريكية، بقيادة زهراء اليوسف، حيث قالت لهم أن نساء سورية يرفضن أي نوع من الوصاية الأجنبية، سواء كانت فرنسية أو بريطانية.
وقد شاركت عادلة بيهم في رفع كتاب إلى المؤتمر السوري العام المنعقد في دمشق سنة 1919، لللمطالبة بإعطاء المرأة السورية حق الانتخاب والمشاركة في الحياة السياسية.
الثورة السورية الكبرى
كما ساهمت عادلة بيهم في نقل المؤن والعتاد إلى ثوار الغوطة خلال الثورة السورية الكبرى سنة 1925 وكانت ترعى حاجات عائلات الشهداء والجرحى والمفقودين. وعندما قصف الفرنسيون مدينة دمشق في 18 تشرين الأول 1925 قادت مظاهرة نسائية ضخمة باتجاه السراي الحكومي وسط ساحة المرجة، مُطالبة بوقف العدوان على مدينتها.(2) في العشرينيات والثلاثينيات من القرن العشرين، طغى الشعور الوطني على رغبة عادلة بيهم النسائية التحررية وكانت تقول دوماً: “الاستقلال أولاً، ومن ثمّ تحرير المرأة وتمكينها سياسياً واجتماعياً وثقافياً.”
مدرسة دوحة الأدب سنة 1928
أشهر إنجازات عادلة بيهم المحليّة كانت مدرسة دوحة الأدب للبنات التي قامت بإنشائها في دمشق سنة 1928، بهدف خلق “مرأة عربية جديدة، تكون مفعمة بالشعور الوطني ولها دور فاعل في نهضة أمتها وتحريرها من الاستعمار الأجنبي.” وقد أوجدت جمعية بنفس الاسم قام مجمع اللغة العربية باستضافة جميع أنشطتها.
الاتحاد النسائي سنة 1933
من موقعها الجديد مديراً لمدرسة دوحة الأدب، جمعت عادلة بيهم صفوة المجتمع الدمشقي من السيدات وأسست الاتحاد النسائي السوري سنة 1933. انتُخبت رئيسة للاتحاد في اجتماعه التأسيسي وحافظت على منصبها من دون أي انقطاع حتى سنة 1967، عندما تم انتخابها رئيسة فخرية مدى الحياة.
دُعيت عادلة بيهم إلى مصر لحضور مؤتمر المرأة الفلسطينية سنة 1938، وسُمّيت نائباً لرئيس المؤتمر هدى شعراوي. هدف هذا المؤتمر إلى دعم المرأة الفلسطينية وتفعيل مقاومتها ضد الاحتلال البريطاني والهجرة اليهودي المتجهة إلى فلسطين من دول أوروبا.
عادت إلى القاهرة سنة 1944 للعمل مع هدى شعراوي مجدداً على تأسيس اتحاد النساء العربيات، حيث شاركت في وضع قانونه الأساسي. وفي القاهرة دعت عادلة بيهم إلى مؤتمر صحفي للتحدث عن مخرجات المؤتمر، حضره صحفيون من وكالات عالمية مثل BBC وصحف محلية مثل جريدة الأهرام. بذلك كانت عادلة بيهم أول امرأة سورية تقف أمام وسائل إعلام عربية وأجنبية وتُدلي بمؤتمر صحفي.(3)
في العام 1956 ترأست بيهم الجزائري وفد الاتحاد النسائي السوري في حلقة دراسية أقامتها لجنة حقوق المرأة التابعة للأمم المتحدة في موسكو وانتخبت عام 1960 رئيسة للجنة التحضيرية للمؤتمر النسائي الآسيوي- الأفريقي الذي عُقد عام 1961.
حرب فلسطين
نشطت عادلة بيهم خلال في تقديم الدعم للمرأة الفلسطينية القادمة إلى سورية هرباً من الاحتلال الإسرائيلي سنة 1948. وقد عملت مع السيدة الأولى بهيرة الدالاتي، حرم رئيس الجمهورية شكري القوتلي، على رعاية عائلات اللاجئين، صحيّاً ونفسيّاً ومالياً، وقامت بفتح مدارس سورية مجاناً أمام أولادهن. كما جنّدت مئات المتطوعات في الاتحاد النسائي السوري لتأمين خياطة ثلاثة آلاف بدلة عسكرية للجنود السوريين المتطوعين في جيش الإنقاذ، بقيادة فوزي القاوقجي سنة 1947.
الصدام الأول مع رجال الدين: جمعية نقطة الحليب
لم يكن المجتمع الديني المحافظ راضياً عن نشاط عادلة بيهم الجزائري، لا في الاتحاد النسائي السوري ولا في مدرسة دوحة الأدب، وقد تجلى هذا النفور بحادثتين شهيرتين، كانت الأولى سنة 1944 عندما دعا الاتحاد النسائي إلى حفل خيري في دمشق، نظمته حرم وزير المعارف نصوحي البخاري تحت رعاية زوجة الجنرال كاترو، ممثل الجنرال شارل ديغول في سورية. هدف الحفل لجمع تبرعات لصالح جمعية نقطة الحليب، إحدى أبرز الجمعيات الإنسانية العاملة في سورية يومها.
اعترضت الجمعيات الدينية على هذا الحفل وعلى حضور عدد من السيدات الدمشقيات وهن سافرات الرأس. طلبوا الحكومة السورية بإلغاء الحفل أو منع السيدات السوريات من حضوره، ولكن وزير الداخلية لطفي الحفار رفض الاستجابة لمطالبهم.
خرجت مظاهرات عارمة في شوارع دمشق بعد صلاة الجمعة، مطالبة بإلغاء الحفل والإطاحة بحكومة الرئيس سعد الله الجابري التي كانت قد رخّصت له. رفض الرئيس الجابري الرضوخ وأرسل عناصر من الشرطة لتفريق المتظاهرين بالقوة. ثم طلب من عادلة بيهم زيارته في مكتبه في السراي الكبير واتفقا على خطة “لقلب السحر على الساحر.” تم الاتفاق على أن يقوم الاتحاد النسائي بحجب معونات الخبز التي كان يقدمها للناس، لبضعة ساعات فقط، وأن يقول لهم: “اذهبوا إلى المشايخ وخذوا خُبزكم منهم.”
تجاوبت رئيسة الاتحاد مع مطلب الرئيس الجابري، وفي اليوم التالي تم الاعتذار من كلّ من جاء إلى مراكز توزيع الإعاشة التابعة للاتحاد والطلب منهم أن يذهبوا إلى الجمعيات الدينية. لم يكن بوسع رجال الدين تأمين حاجة دمشق اليومية من الخبز وتحولت المظاهرات من مؤيدة لهم إلى ناقمة عليهم. فُض الإضراب عند هذا الحد وأقيم الحفل الخيري، تحت رعاية الرئيس سعد الله الجابري وبحضور عادلة بيهم الجزائري.
الصدام الثاني مع رجال الدين: قضية رقص السماح
في مطلع الخمسينيات تعاونت عادلة بيهم مع الزعيم الوطني فخري البارودي على إحياء رقصة السماح وتعليمها إلى طالبات مدرسة دوحة الأدب. قاموا بإحضار الشيخ عمر البطش من حلب، حافظ الموشحات وأكبر مرجع في الغناء القديم، ليقوم بتدريب الفتيات على الغناء، وفصّلوا لهن ثياباً من الحرير الملوّن، كانت فضفاضة ومحتشمة، ليظهروا بها على خشبة مسرح قصر العظم، ويقيموا حفلاً غنائياً راقصاً، بحضور رئيس الحكومة خالد العظم.
أثار هذا الحفل حفيظة قاضي دمشق الشّيخ علي الطنطاوي الذي وصف عادلة بيهم وزميلاتها بأنهن ينظرن إلى الغرب وعاداته “بعين الرضى ويغمض العين عن عيوبه وعن مفاسده.” وفي مقالاته وخطبه، كان يصف مدرسة دوحة الأدب بدوحة “الغضب.”(4)
بدأ الشّيخ الطنطاوي بالتحريض ضد عادلة بيهم وحفل مدرسة دوحة الأدب، في الصحف أولاً وثم من على منابر المساجد الدمشقية، واصفاً لباس الفتيات بأنه “يُشبه لباس الجواري قديماً.” كما قال أن دمشق تفتخر بتاريخها الإسلامي ولا تقبل بهكذا فجور أبداً، وصار ينصح الآباء بأن لا يرسلوا بناتهم إلى الحفل، قائلاً: “كيف يرضى لبنته مُسلم عربي أبي أن ترقص أمام الرجال الأجانب؟” تتلوى وتخلع وهي تغني أغانٍ كلها في الغرام والهيام؟”(5)
خلال خطبة الجمعة من أحد مساجد حيّ البرامكة، المنقولة كالمعتاد عبر أثير إذاعة دمشق، هاجم الشّيخ الطنطاوي الحفل بشدة، ولم تتمكن المذيعة من قطع البث، نظراً لمكانة الطنطاوي الرفيعة وخوفاً من جمهوره الكبير في دمشق. في اليوم التالي، شُنت حملة شعواء ضد علي الطنطاوي في معظم الصحف الموالية للحكومة، دفاعاً عن الحفل وعن كل من عادلة بيهم وفخري البارودي. وقد طالبت تلك الصحف بإحالة الطنطاوي إلى القضاء، لتهجمه على مدرسة دوحة الأدب ومديرتها.(6)
عادلة بيهم الجزائري مع الرئيس جمال عبد الناصر
مع عبد الناصر
أُعجبت عادلة بيهم بالرئيس المصري جمال عبد الناصر الذي أعطى المرأة المصرية حق الانتخاب في بلاده، وقدّمت له دعماً كبيراً خلال العدوان الثلاثي على مصر سنة 1956. قادت النساء السوريات في ما عُرف بالمقاومة الشعبية، حيث تدربوا على حمل السلاح في المعسكرات التي أقيمت في ريف دمشق، كما شاركت بجمع التبرعات لصالح الجيش المصري.
أيدت الوحدة السورية المصرية عند قيامها سنة 1958 وكانت في طليعة مستقبلي الرئيس عبد الناصر عند قدومه إلى دمشق.
وخلال سنوات الجمهورية العربية المتحدة (1958-1961) نظّمت دورات لمكافحة الأميّة وتقديم الخدمات الصحيّة والاجتماعية في عدد من قرى الغوطة، كما كانت تلتقي بالرئيس عبد الناصر كلما زار سورية للتحدث معه عن حاجات ومطالب الاتحاد النسائي السوري.(7)
في مجلس قيادة الثورة
عارضت الانقلاب العسكري الذي أطاح بجمهورية الوحدة في 28 أيلول 1961 وباركت انقلاب البعث سنة 1963، الذي وعد باستعادة الوحدة. شُكّل مجلس لقيادة الثورة في سورية، على غرار المجلس الذي أقيم في مصر بعد ثورة عام 1952، وكان برئاسة الفريق لؤي الأتاسي الذي عيّن عادلة بيهم الجزائري عضواً فيه، مُمثِلة عن الاتحاد النسائي السوري.(8) ومن هذا الموقع، سافرت إلى مصر سنة 1966 للمشاركة في المؤتمر السادس للاتحاد النسائي العربي العام المنعقد في القاهرة.
حرب تشرين سنة 1973
ظلّت عادلة بيهم تنشط في المجال الإنساني حتى أيامها الأخيرة، وكانت بالرغم من تقدمها في السن تشارك يومياً في حملة إسعاف الجرحى خلال حرب تشرين عام 1973.
التكريم
بمناسبة العام الدولي للمرأة مُنح الرئيس حافظ الأسد عادلة بيهم الجزائري وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة، إلا أن المنية لم تمهلها لتسلّم الوسام، فتسلمته نيابة عنها ابنتها وشريكتها في النضال الاجتماعي أمل الجزائري.
الوفاة
توفيت عادلة بيهم الجزائري عن عمر ناهز 75 عاماً في دمشق يوم 3 كانون الثاني 1975. إكراماً لها ولمنجزاتها الكثيرة، أُطلق اسمها على إحدى أبرز مدارس البنات في حيّ المهاجرين بدمشق.
عاد بعدها إلى سورية ودَرّس القانون في جامعة دمشق، كما عمل مستشاراً لوزير المعارف السابق ساطع الحصري، الذي انتدب من بغداد سنة 1943 لإعادة تنظيم المناهج السورية.(2)
ثم توجه إلى مصر مجدداً للحصول على شهادة الدكتوراة، حيث عمِل مُلحقاً ثقافياً في مكتب جامعة الدول العربية. أنهى تحصيله العلمي وعاد إلى سورية سنة 1951 ليتم تعيينه عضواً في لجنة التعليم التابعة لوزارة المعارف ومراقباً على طباعة الكتب المدرسية.(3)
انتُخب الدكتور شكري فيصل عضواً في مجمع اللغة العربية بدمشق في كانون الثاني 1960 وكان له إسهام كبير في تحقيق الأجزاء 31-33 من كتاب تاريخ دمشق لابن عساكر. كان ذلك خلال السنوات 1977-1982، حيث عمل أيضاً على تحرير مجلّة المجمع.
ولد مرشد خاطر لأُسرة مسيحية صغيرة ومتواضعة في قضاء الشوفبجبل لبنان، ودَرس في مدرسة الحِكمة المارونية ببيروت ثم في كلية الطب الفرنسية عام 1906، ليتخرج حاملاً شهادة دكتوراه في الطب عام 1910.(2)
ولكن سرعان ما أُطلق سراحه مع سائر الأطباء العرب، بأمر من الشريف حسين، ليُصبح طبيباً في الجيش الهاشمي في الحجاز. كما عُهد إليه برئاسة القسم الجراحي في مستشفى أبي الأسل، وهو المستشفى العسكري المركزي للجيش العربي، ورقّي من رتبة رئيس إلى رتبة مُقدم.(3)
في العهد الفيصلي
دخل مرشد خاطر مدينة دمشق مع طلائع القوات العربية يوم 1 تشرين الأول 1918 وقرر الإقامة فيها بعد مبايعة حاكمها الجديد الشريف فيصل بن الحسين أميراً على البلاد المحررة من الحكم التركي. عُين رئيساً لقسم الجراحة في المستشفى الحميدي بحيّ البرامكة وعضواً في اللجنة المُصغرة التي شُكلت لتعريب مناهج الطب، برئاسة عميد معهد الطب الدكتور رضا سعيد.
شارك مرشد خاطر بإعادة افتتاح المعهد بعد إغلاق دام أشهراً نتيجة الحرب العالمية، وسُمّي فيه أستاذاً للأمراض والسريريات الجراحية، وفي عام 1919 انتخب عضواً في مجمع اللغة العربية بدمشق، وعَمل إلى جانب رئيسه المؤسس محمد كرد علي على تعريب جميع مؤسسات الدولة السورية. ظلّ يعمل في التدريس وتأليف الكتب طوال حياته، وكان من فريق الآباء المؤسسين للجامعة السورية في صيف عام 1923. بعدها بعام، أسس المجلة الطبية الصادرة عن الجامعة السورية وعمل رئيساً لتحريرها.
وزيراً في عهد الرئيس سلو
بعد جلاء القوات الفرنسية عن سورية، عُيّن الدكتور خاطر رئيساً لقسم الجراحة في مستشفى الشهيد يوسف العظمة في منطقة المزة، وفي 9 حزيران 1952، سُمّي وزيراً للصحة في حكومة اللواء فوزي سلو، التي شُكلت يومها تحت إشراف حاكم سورية العسكري العقيد أديب الشيشكلي. خلال فترة عَمله في الحكومة، أسس مركزاً لمكافحة السل في دمشق وآخر لمكافحة البرداء في حمص، إضافة لمدرسة التمريض في حلب ومركزاً للأمومة والطفولة في دمشق.
في أيار 1953، ترأس وفد سورية إلى الدورة السادسة لمنظمة الصحة العالمية في جينيف، وانتُخب رئيساً للمؤتمر. ولكنه أصيب بنوبة قلبية في أثناء تواجده في سويسرا أجبرته على العودة إلى دمشق، فناب عنه ممثل وفد بريطانيا الطبيب مالفيل ماكنزي.
حافظ مرشد خاطر على مقعده التدريسي في الجامعة السورية حتى عام 1957 وتفرّغ بعدها للتأليف والترجمة والنشر، حيث وضع خمسة عشر كتاباً طبياً، أبرزها “الأمراض الجراحية” و”معجم المصطلحات الطبية،” المُترجم عن اللغة الفرنسية والصادر عن مطبعة الجامعة السورية عام 1956. (4)
الوفاة
توفي مرشد خاطر عن عمر ناهز الثالثة والسبعين يوم 11 كانون الثاني 1961.
تكريم الدكتور خاطر
حَمل في حياته عدة أوسمة، منها وسام الشرف الإيراني (1922) ووسام الاستحقاق اللبناني من الدرجة الأولى، الذي منحه إياه الرئيس إميل إدة عام 1937. وفي عام 1948، قلده الرئيس شكري القوتليوسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة، وفي عام 1953، قُلِد وسام القديس غريغوريوس الكبير من قبل البابا بيوس الثاني عشر.
ولِد محمود أبو الشامات في دمشق ودَرَس في مدارسها وعَمل في التجارة قبل الالتحاق بالدروس الدينية ليصبح فقيهاً من فقهاء عصره ومرجعاً في الطريقة الشاذلية، التي تعلمها على يد الشّيخ نور الدين اليشرطي في عكا.(1) ذاع صيته في أوساط دمشق العِلمية، ووصل اسمه إلى مسامع السّلطان عبد الحميد الثاني، الذي قربه منه وتتلمذ على يديه في الطُّرُق الصوفية.
قربه من السلطان عبد الحميد الثاني
أدّى الشّيخ محمود أبو الشامات دوراً محورياً في كافة المشاريع العمرانية التي شهدتها دمشق في العهد الحميدي، فقد شجعه على إقامة معهد الطب العُثماني في منطقة البرامكة عام 1903، وعلى دخول الكهرباء وجر مياه نبع عين الفيجة إلى دمشق عام 1905.(2)