السنة: 2021

  • البطريرك غريغوريوس الرابع حداد

    البطريرك غريغوريوس الرابع حداد
    البطريرك غريغوريوس الرابع حداد

    غريغوريوس الرابع حداد (1 تموز 1859 – 12 كانون الأول 1928) بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذوكس منذ سنة 1906 ولغاية وفاته عام 1928. هو ثاني بطريرك عربي يعتلي سدة الكرسي البطريركي الأنطاكي بعد تعريبه عام 1899، وشهد عهده المجاعة التي ضربت بلاد الشّام أثناء الحرب العالمية الأولى وسقوط الحكم العثماني وتنصيب الأمير فيصل بن الحسين حاكماً عربياً على البلاد سنة 1920.

    البداية

    ولد غنطوس ابن جرجس الحداد في الأول من تموز عام 1859 في قرية عبيه قرب عاليه في متصرفية جبل لبنان. دَرَس في المدرسة البروتستانتية الأمريكية في عبية ثم انتقل إلى بيروت عام 1872 وانتسب إلى المدرسة الإكليريكية وتخرج فيها سنة 1875.

    توجه إلى الحياة الرهبانية في دير سيدة النورية، متخذاً اسم “غريغوريوس” وسيّم شماساً عام 1879. أثناء وجوده في بيروت أسس غريغوريوس جريدة الهدية عام 1883 وعمل رئيساً لتحريرها حتى عام 1888. سيّم كاهناً في عام 1890، وفي العام نفسه انتدب أسقفاً لطرابلس الشام. شارك غريغوريوس في الجبهة العربية الأنطاكية التي نجحت عام 1899 في انتخاب وتنصيب بطريرك عربي، عوضاً عن يوناني، على سدة الكرسي الأنطاكي الأرثوذكسي لأول مرة منذ عام 1724.

    غريغوريوس البطريرك

    عقب وفاة البطريرك ملاتيوس الثاني (الدوماني)، انتخب غريغوريوس بطريركاً لأنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس في 6 آب 1906 وتم تنصيبه في الثالث عشر من الشهر نفسه في الكاتدرائية المريمية بدمشق. اعترف كل من بطريركي القسطنطينية والقدس اليونانيين بشرعية غريغوريوس عام 1909، وبذلك انتهت القطيعة بين هاتين الكنيستين والكنيسة الأنطاكية والتي أعقبت تعريب الكرسي الأنطاكي عام 1899.

    أسس غريغوريوس العديد من المدارس، أهمها مدرسة دير البلمند في شمال لبنان، كما أنشأ الكلية الأرثوذكسية في حمص عام 1910، وأطلق مجلّة النعمة التي أصبحت النشرة الرسمية لبطريركية أنطاكية. وفي عهده انتُخب أسقف أرثوذكسي لأول مرة في كل من ريو ديجانيرو (ميخائيل شحادة عام 1921) ونيويورك (فيتكتور يعقوب عام 1923) وذلك لخدمة الجالية الأنطاكية في الأمريكيتين.

    في عام 1913 زار غريغوريوس الرابع سانت بطرسبرغ، عاصمة الإمبراطورية الروسية، بدعوة من القيصر نيقولا الثاني لحضور احتفالات عائلة رومانوف بالمئوية الثالثة لتوليها حكم روسيا، حيث تم تقليده وسام القديس ألكسندر نيفسكي من قبل القيصر.

    مجاعة الحرب العالمية الأولى

    عُرف عن غريغوريوس مساندته سكان الشّام أثناء المجاعة التي استفحلت في البلاد في سنوات الحرب العالمية الأولى، حيث فتح باب المقر البطريركي في الكنيسة المريمية أمام المحتاجين من كل الطوائف. خلال فترة الحرب استدان غريغوريوس أكثر من عشرين ألف ليرة ذهبية لمساعدة المتضررين من ويلات الحرب ولتأمين ثمن القمح اللازم لإطعام الجائعين. كما أنه اضطر لبيع صليب ذهبي كان قد أهداه إياه القيصر نيقولا الثاني خلال زيارته لروسيا لتغطية النفقات.

    البطريرك حداد والأمير فيصل

    أعلن البطريرك غريغوريوس الرابع تأييده للأمير فيصل بن الحسين عقب تولّي الأخير زمام الحكم في دمشق مع خروج القوات العثمانية من سورية في تشرين الأول عام 1918. وأيد مطالب المؤتمر السوري العام بوحدة الأراضي السورية – ومن ضمنها فلسطين – واستقلالها ورفض نظام الانتداب أمام لجنة كينغ كراين التي عينها الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون للوقوف على آراء أبناء المنطقة في مستقبل بلادهم.

    وعند تتويج الأمير فيصل ملكاً على سورية في 8  آذار 1920 قام غريغوريوس بمبايعته. في أعقاب هزيمة الجيش العربي أمام القوات الفرنسية في معركة ميسلون واضطرار فيصل لمغادرة دمشق قبل دخول الفرنسيين وكان غريغوريوس من بين الذين خرجوا لوداعه. شاب التوتر علاقات غريغوريوس الرابع مع سلطات الانتداب الفرنسي في سورية ولبنان بسبب مواقفه المؤيدة لفيصل والرافضة للانتداب، وقام الفرنسيون بالتضييق عليه والتحريض ضده مما دفعه للإقامة في لبنان حتى وفاته.

    وفاته

    توفي البطريرك غريغوريوس الرابع حداد في 12 كانون الأول 1928 وشيع جثمانه خمسون ألفاً من أهالي دمشق المسلمين والمسيحيين. أطلقت المدافع مئة طلقة وطلقة تحيةً للبطريرك الراحل، فيما رافق الموكب الجنائزي مئة فارس أرسلهم فيصل، بعد أن أصبح ملكاً على العراق. وُوري غريغوريوس الرابع الثرى في المدافن البطريركية في الكاتدرائية المريمية بدمشق.

    المناصب

    بطريرك بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذوكس (6 آب 1906 – 12 كانون الأول 1928)
  • أحمد منيف العائدي

    الدكتور أحمد منيف العائدي
    الدكتور أحمد منيف العائدي

    أحمد منيف بن عثمان العائدي (1886 – 3 شباط 1962)، طبيب سوري من دمشق، كان أحد مؤسسي كلية الطب في الجامعة السورية وانتخب عميداً لها سنة 1934. وهو مؤسس الكلية العِلمية الوطنية في سوق البزورية، إحدى أشهر مدارس دمشق في النصف الأول من القرن العشرين، وأحد مؤسسي عصبة العمل القومي التي نشطت ضد الانتداب الفرنسي في سورية ولبنان.

    البداية

    ولد أحمد منيف العائدي في دمشق ودرس في معهد الطب العثماني في إسطنبول. وعند تخرجه سنة 1906 عُيّن مدرساً في الكلية الحربية العثمانية قبل انفصاله عن العمل الحكومي لتأسيس مدرسة خاصة به عام 1907 سمّيت بالكلية العِلمية الوطنية وكان مقرها في سوق البزورية. تعرضت أسرته للنفي الجماعي بسبب انشقاق شقيقه شوكت عن الجيش العثماني والتحاقه بصفوف الثورة العربية الكبرى سنة 1917.

    نُفيت أسرة العائدي إلى أقصى الحدود التركية الرومانية، حيث بقيت حتى نهاية الحرب العالمية الأولى في أيلول 1918. وعند عودته إلى دمشق عشية تحريرها من الجيش العثماني عُيّن أحمد منيف العائدي عضواً في اللجنة العلمية المكلفة بتعريب الكتب المدرسية والجامعية بطلب من حاكم سورية الجديد الأمير فيصل بن الحسين. وعند إعادة افتتاح معهد الطب العثماني بدمشق بعد تسميته بمعهد الطب العربي، عُيّن العائدي أستاذاً فيه لمادة الفيزيولوجيا، إضافة لعمله في الكلية العلمية الوطنية. وبعد دمج معهد الطب ومعهد الحقوق في مؤسسة تعليمية واحدة سنة 1923 أصبح العائدي عضواً في الهيئة التدريسية للجامعة السورية قبل انتخابه عميداً لكية الطب في السنوات 1934-1936.

    مدرسة الكلية العِلمية الوطني

    كانت مدرسة العائدي تُدرس جميع المراحل التعليمية، من الابتدائي وحتى الشهادة الثانوية، وقد ضمّت هيئتها التدريسية الشاعر خليل مردم بك، والشيخ علي الطنطاوي قاضي دمشق الشرعي. شجعت المواهب لدى الطلاب ونمّت لديهم فن الرسم والخطابة والتمثيل، إضافة إلى الدروس الكلاسيكية في الفيزياء والكيمياء والتاريخ العالمي والإسلامي. وفي عام 1931، أضاف العائدي قسماً مخصصاً للفتيات في سوق ساروجا قبل نقله إلى حيّ الروضة في مطلع عهد الاستقلال. خَرّجت الكلية العِلمية الوطنية عدداً من مشاهير سورية، ومنهم الأطباء مدحت شيخ الأرض ورشاد فرعون، والشاعر نزار قباني وشقيقه السفير الدكتور صباح قباني.

    العمل السياسي

    في عام 1928، ترشح العائدي لعضوية الجمعية التأسيسية المُكلفة بوضع أول دستور جمهوري في سورية، ولكنه انسحب بطلب من صديقه فوزي الغزي لصالح أصدقائه في الكتلة الوطنية ولتكون لهم الأغلبية في كتابة الدستور. وبعدها بست سنوات، شارك في تأسيس عصبة العمل القومي التي هدفت إلى تحرير سورية ولبنان من الانتداب الفرنسي ودخل عالم الاقتصاد عبر شركة الكونسروة الوطنية المساهمة التي أطلقها شكري القوتلي مع عدد من التجار والصناعيين. انتخب العائدي رئيساً لمجلس إدارة الشركة وكانت عائداتها تعود على الكتلة الوطنية لتمويل نشاطاتها وإعانة أسر العائلات الشهداء والمعتقلين في السجون الفرنسية.

    أُسرة العائدي

    كل أشقاء العائدي كانوا فاعلين جداً في الحياة الوطنية، فقد استشهد شوكت العائدي في معارك الثورة السورية الكبرى  سنة 1926 وكان عبد الكريم العائدي قائداً للأمن العام في عهد الرئيس شكري القوتلي. أمّا عن أولاد أحمد منيف العائدي فكان أشهرهم رجل الأعمال الدكتور عثمان العائدي، صاحب سلسلة فنادق الشّام في سورية وفندق رويال مونسو في باريس.

    الوفاة

    توفي أحمد منيف العائدي في دمشق عن عمر ناهز 76 عاماً يوم 3 شباط 1962. تكريماً له ولدوره، أطلق اسمه على إحدى قاعات مجمع اللغة العربية وعلى شارع صغير في سوق البزورية وعلى مَدرسة حكومية بدمشق. وقد صدرت عدة دراسات حول حياته كان أبرزها كتاب “أحمد منيف العائدي” لصهره الدكتور عزة مريدن الصادر بدمشق سنة 1996.

    المناصب

    عميد كلية الطب في الجامعة السورية (1934-1936)
    • سبقه في المنصب: الدكتور سامي الساطي
    • خلفه في المنصب: الدكتور مصطفى شوقي
    مديراً للكلية العلمية الوطنية (1907-1962)
    • سبقه في المنصب: لا يوجد
    • خلفه في المنصب: الدكتور عدنان العائدي
  • أحمد عزت باشا العابد

    أحمد عزت باشا العابد
    أحمد عزت باشا العابد

    أَحمد عزّت بن هولو العابد (1851 – 15 تشرين الأول 1924)، رجل دولة من دمشق وكبير أمناء السلطان عبد الحميد الثاني، كان عضواً في مجلس شورى الدولة العثمانية، وهو صاحب مشروع الخط الحديدي الحجازي، ووالد محمد علي العابد، رئيس الجمهورية السورية في السنوات 1932-1936. كانت لأحمد عزت العابد مكانة كبيرة في بلاط السلطان عبد الحميد الثاني، وكان الأكثر نفوذاً بين كلّ المستشارين العرب لغاية انقلاب 1908 الذي أطاح به وبالسلطان معاً، فسافر بعدها إلى فرنسا وتوفي في مصر سنة 1924.

    البداية

    ولِد أحمد عزت العابد في دمشق وهو ابن أسرة تجارية من حيّ الميدان، كانت تعمل في الزراعة وتربية المواشي. ذاع صيت العائلة في الأحداث الدامية التي شهِدتها دمشق سنة 1860، عندما حمى جدّه عمر آغا العابد آلاف المسيحيين السوريين، بالتنسيق مع الأمير عبد القادر الجزائري، فيما عُرف بفتنة عام 1860.

    نُصّب عمر العابد من بعدها زعيماً على حي الميدان وانتقلت زعامة الأسرة بالوراثة من بعده إلى أكبر أولاده هولو العابد، الذي عُيّن مُتصرّفاً على مدينة حمص ثم على نابلس، قبل تعيينه رئيساً لمحكمة النقد ومديراً لمجلس ولاية سورية سنة 1890. تضاعفت ثروة آل العابد بشكل كبير من يومها، وقام هولو باشا بشراء أسهم في شركة قناة السويس البحرية، وأصبح صديقاً للخديوي إسماعيل وامتلك أسهماً في قناة بنما الواصلة بين المحيط الأطلسي والمحيط الهادئ.

    العمل في الصحافة

    عاش أحمد عزّت العابد سنواته الأولى في كنف والده الذي توفي سنة 1895، ودَرَس مع الأجانب في مدارس الكاثوليك الخاصة في بيروت. وقد عَمِل في شبابه كاتباً في دائرة المُراسلات العثمانيّة بدمشق، مُستفيداً من إتقانه التام للغات الفرنسية والإنجليزية، بالإضافة طبعاً للغتين العربية والتركية. في عام 1873، عُيّن أحمد عزّت العابد رئيساً لدائرة القَلَم في ولاية سورية، ثمّ رئيساً لمحكمة التجارة المختلطة، وأصبح مُقرّباً من والي الشّام أحمد جواد باشا. أحبّ جواد باشا هذا الفتى اللّامع الطموح وعدّه رجلاً فريداً قلّ مثيلهُ بين أعيان دمشق، نظراً لمعرفته الواسعة بالسياسة الدولية واطلاعِه على الحضارات الغربية، فعيّنه رئيساً لتحرير جريدة سورية الرسميّة التي كانت تُصدرها الدولة العثمانية في دمشق باللغتين العربية والتركية.

    جريدة دمشق

    في عام 1878، أسّس أحمد عزت باشا مطبوعة خاصة، وهي صحيفة أسبوعية ناطقة باللغة العربية حملت اسم جريدة دمشق. كانت الصحيفة تُنادي بالإصلاح وتدعم كل سياسات السلطان عبد الحميد الثاني الداخلية والخارجية. لم تلقَ الجريدة رواجاً واسعاً في دمشق، بسبب تَفَشّي الأمّيّة في المدينة يومها، لكنها أصبحت في مدّة قصيرة الجريدة المُفضّلة لدى النخبة العثمانية الحاكمة، وقيل إن مواضيعها وطروحاتها كانت تُعجب كلّاً من السلطان والصدر الأعظم. ولكثرة انشغاله بالأمور السياسيّة، ولأنّ الصحافة لم تكن يوماً مهنته المُفضّلة، أغلق أحمد عزت باشا الجريدة سنة 1887، وسافر إلى عاصمة الخلافة بحثاً عن منصب جديد يرقى إلى طموحاته السياسيّة.

    في قصر السلطان عبد الحميد الثاني

    عمل بداية في نظارة العدلية، قاضياً في المحاكم التجارية، وتمكن من الوصول إلى مجلس السلطان عبد الحميد الثاني، الذي أحبه فوراً وعيّنه مديراً إدارياً لمجلس الشورى العثماني. مع مرور الوقت أصبح أحمد عزت العابد صديقاً للسلطان ومستشاراً خاصاً له، بالإضافة لتكليفه بمراقبة لجنة الموازنة التابعة للحكومة العثمانية. كان العابد يومها لم يتجاوز السابعة والثلاثين من عمره، وكان السلطان عبد الحميد يكبره بإحدى عشرة سنة، ومع ذلك كانت هذه الصداقة السريعة نتيجة خُلقه الرفيع ودماثته العالية، وقد سمّى السلطان عبد الحميد أحد أولاده عابد (وهو تولد سنة 1905) محبة وتقديراً لمستشاره السوري.

    منجزات العابد

    أسهم أحمد عزت العابد إسهاماً كبيراً في إنشاء الخطّ الحديدي الحجازي الذي ربط دمشق بالمدينة المنورة وسهّل سفر الحجاج وسير البضائع التجارية من بلاد الشّام إلى الحجاز. تكلفة المشروع وصلت إلى خمسة ملايين ليرة عثمانية ذهبية، جُمِعت من تبرعات الحواضر الإسلامية، وكان العابد من أول المتبرعين. ويعود له الفضل في إنشاء خطّ التلغراف الواصل بين إزمير وبنغازي من جهة، وبين دمشق والمدينة المنورة. كما أنه شجّع السلطان على إدخال الكهرباء إلى مدينة دمشق سنة 1907، عبر شركة بلجيكية كبيرة، مع تدشين وسيلة نقل الترامواي في شوارع دمشق، التي ترافقت مع إنارة المدينة.

    قام العابد ببناء فندق فخم وسط مدينة دمشق، مُطل على نهر بردى، حمل اسم فندق فكتوريا، وقد استغرق بناؤه عشر سنوات. كان الفندق مختلفاً عن الذوق العام في مدينة دمشق، يعكس تأثر صاحبه بالعمارة الغربية، ليس في زخارفه ونقوشه فحسب بل في حجره الأبيض والرخام المستورد من أوروبا. كان فندق فكتوريا يُشبه أبنية باريس وبرلين، وفي سنة 1898، نَزَلَ به الإمبراطور غليوم الثاني في زيارته إلى دمشق. وبعدها شيّد العابد بناء كبيراً وسط ساحة المرجة، أطلق عليه اسم بناء العابد وهو لا يزال قائماً حتى اليوم، بعد نقل ملكيته إلى الحكومة السورية.

    الانقلاب العثماني سنة 1908

    أرسل أحمد عزت العابد ابنه محمد علي إلى باريس لدراسة الهندسة المدنية في جامعة السوربون، وعند تَخرّجِه، عُيّن سفيراً في واشنطن سنة 1908. بعد أسابيع قليلة من وصوله، وقع انقلاب عسكري في إسطنبول، نفّذته مجموعة من ضبّاط جمعية الاتحاد والترقي، الذين حاصروا السلطان عبد الحميد داخل قصره يوم 23 تموز 1908، وفرضوا عليه حزمة من الإصلاحات المؤلمة، مثل العودة إلى الدستور العثماني المُعطل منذ سبعينيات القرن التاسع عشر وتفعيل المجلس النيابي (مجلس المبعوثان)، ما حوّل عبد الحميد الثاني من حاكم مطلق إلى حاكم صوري لا سلطة حقيقية له، مقيّد الصلاحيات من قبل مجلس تشريعي منتخب.

    فرض قادة الانقلاب على السلطان التخلي عن معظم مستشاريه القدامى، وفي مقدمتهم أحمد عزّت العابد الذي عزل عن منصبه ونفي خارج البلاد إلى أوروبا، مع أمر صارم بألّا يعود أبداً إلى إسطنبول. وبدأت المُخابرات العثمانية بنشر الإشاعات حول دور العابد في العهد البائد، وقالوا إنه متهم بالفساد و”الإجرام السياسي” غادر أحمد عزّت الباشا إسطنبول مُتجهاً إلى واشنطن، ليكون ضيفاً على السفير محمد علي العابد، ولكنه توقف في باريس بعد صدور قرار بعزل ابنه، فاجتمعت الأسرة في فرنسا وعاشت فيها طيلة عشر سنوات (1908-1918).

    سنوات المنفى

    من منفاه الجديد، أدار أحمد عزت باشا ما تبقى له من أملاك في سورية واشترى أسهماً في عدة شركات عالمية في كلّ من نيويورك وباريس ولندن. حافظ أحمد عزّت باشا على قناة اتصال سريّة بالسلطان عبد الحميد، الذي عُزل عن العرش في نيسان 1909 وبقي سجيناً في قصره على ضفاف البوسفور حتى وفاته يوم 10 شباط 1918، أي قبل أشهر قليلة من سقوط الحكم العثماني في دمشق مع نهاية الحرب العالمية الأولى.

    أحمد عزت باشا العابد في سنواته الأخيرة
    أحمد عزت باشا العابد في سنواته الأخيرة

    معارضة حكم الملك فيصل

    عند مشاهدتهم مصير مولاهم السلطان عبد الحميد، قرر رجال بيت العابد اعتزال العمل السياسي بشكل نهائي، وعدم الاقتراب من الثورة العربية الكبرى التي أطلقها  شريف مكة الحسين بن عليّ في صيف عام 1916. هذا مع العلم أنها وُجِّهت ضدّ قادة جمعية الاتحاد والترقي حصراً (الباشوات الثلاثة أنور باشا وطلعت باشا وجمال باشا، أعداء أحمد عزّت باشا اللدودون) وليس ضدّ الدولة العثمانية برُمّتها. وبعد نجاح ثورة الشريف حسين وهزيمة الجيش العثماني في دمشق نهاية شهر أيلول من العام 1918، رفض العابد مبايعة الأمير فيصل حاكماً عربياً على سورية وفضّل البقاء في منفاه الدائم في فرنسا طيلة سنوات الحكم الفيصلي. كان ذلك احتراماً لماضيه العثماني وسنوات خدمته في بلاط السلطان عبد الحميد الثاني.

    العودة إلى دمشق

    لم يعد العابد إلى دمشق إلّا بعد فرض الانتداب الفرنسي سنة 1920، بتشجيع وإلحاح من الجنرال هنري غورو، مندوب فرنسا السامي في سورية الذي أراد دفعه للاستثمار مجدداً في وطنه، وطلب إليه المساهمة في نهوض الاقتصاد السوري بعد أن دمرته الحرب العالمية الأولى. لبّى العابد الدعوة وعاد إلى دمشق مع ابنه، حيث بنى مستشفى بحيّ الميدان مع ملجأ للأيتام، ولكنه رفض الإقامة في دمشق وشدّ الرحال متجهاً إلى مصر، ليحلّ ضيفاً على الملك فؤاد الأول.

    عائلة العابد

    تزوج أحمد عزّت العابد مرتين، وكانت زوجته الأولى بهيّة المارديني من سلالة جلال الدين الرومي والثانية شركسية وتُدعى نِبراس خانم، وهي والدة الرئيس محمّد علي العابد.

    الوفاة

    توفي أحمد عزت باشا العابد في مصر عن عمر ناهز 73 عاماً يوم 15 تشرين الأول 1924.

    مذكّرات العابد

    في عام 2018، أُعلن في إسطنبول عن قرب صدور مُذكّرات أحمد عزّت العابد باللغة التركية، التي كان قد وضعها في نهاية الحرب العالمية الأولى وأودعها في أحد المصارف السويسريّة، مُشترطاً ألّا تُنشر إلّا بعد مرور 100 عام على كتابتها.

  • السنجقدار

     

    السنجقدار، منطقة سكنية في مدينة دمشق تقع بين ساحة المرجة  وقلعة دمشق، سمّيت نسبة إلى جامع السنجقدار الذي بُني في عصر المماليك على يد الأمير سيف الدين أرغون شاه وكلمة “السنجقدار” تركية تعني “حامل الراية” لأن السنجق الشريف (أي العلم) كان يُرفع في المحلّة قبل سفر محمل الحج الشامي إلى مكة. ويتناول العوام أسطورة مفادها أن الصحابي العباس ابن مرداس حامل راية رسول الله مدفون في شمال المسجد المذكور. ومن أشهر مساجد المنطقة أيضاً جامع تنكز، الذي تحوّل إلى ثكنة عسكرية للجيش البريطاني نهاية الحرب العالمية الأولى.

  • أحمد شوكت الشطي

    الدكتور أحمد شوكت الشطي
    الدكتور أحمد شوكت الشطي

    أحمد شوكت الشطي (1900-1978)، طبيب سوري من دمشق كان أحد مؤسسي الجامعة السورية عام 1923 وعُيّن أميناً عاماً لوزارة الصحة والإسعاف العام عند تأسيسها عام 1946. في عهد الاستقلال سمّي عضواً في حكومة الأمناء العامين التي شكّلها اللواء فوزي سلو سنة 1951. شارك في تأسيس  منظمة الهلال الأحمر السوري وكان أحد مؤسسي نقابة الأطباء في سورية.

    البداية

    ولِد أحمد شوكت الشطي في دمشق ودَرَس في معهد الطب العربي، الذي دمج مع معهد الحقوق ليشكلا ما بات يعرف لاحقاً بالجامعة السورية. وعند تخرجه سنة 1921 عمل في المستشفى الوطني بدمشق قبل توجهه إلى فرنسا لنيل ثلاث شهادات: في عَلم الصحة من جامعة مونبيلييه، في علم النسج والأجنة من جامعة باريس، ودبلوم ثالث في الطب الشرعي من جامعة ستراسبورغ.

    حياته المهنية

    عاد أحمد شوكت الشطي إلى سورية سنة ليعين مدرساً في الجامعة السورية، ويشغل كرسي التشريح المجهري والمرضى من سنة 1925 ولغاية تقاعده عام 1970. في عام 1926 أسس أول مخبر للنسج والجنين والتشريح المرضي في سورية، كما شارك في تأسيس منظمة الهلال الأحمر السوري سنة 1942 وانتُخب رئيساً لها، إضافة لمشاركته في تأسيس نقابة الأطباء. شارك في تأسيس منظمة الهلال الأحمر الفلسطيني أثناء حرب فلسطين سنة 1948 وتطوع في مستوصف الهلال الأحمر بدمشق أثناء حرب 1967 أولاً ثم في حرب تشرين عام 1973.

    الأمانة العامة لوزارة الصحة السورية

    عُين الدكتور الشطّي أميناً عاماً لوزارة الصحة عند تأسيسها في عهد الرئيس شكري القوتلي سنة 1946 وتولّى مهام الوزارة كاملاً عندما شُكّلت حكومة الأمناء العامين من قبل رئيس الدولة فوزي سلو في 3 كانون الأول 1951.

    مؤلفاته

    وضع أحمد شوكت الشطّي 54 مؤلفاً عِلمياً في حياته، كان من ضمنها:

    • علم الأنسجة (دمشق 1926)
    • الطب عند العرب (القاهرة 1960)
    • الطب في سورية (دمشق 1960)
    • نظرات في طب ابن الطفيل الأندلسي (دمشق 1962)
    • ابن سينا وأثار طبه في العالم (دمشق 1962)
    • رسالة في تقدم العلوم الطبية في البلاد العربية خلال القرنين الآخرين (دمشق 1963)
    • مجموعة أبحاث عن تاريخ العلوم الطبيعية في الحضارة العربية الإسلامية والمجتمع العربي (دمشق 1964)
    • العرب والطب (دمشق 1970)
    • القانون في الطب لابن سينا (دمشق 1972)
    • رسالة الحضارة الإسلامية والسلام (دمشق 1978)
    • تاريخ الطب وآدابه وأعلامه (دمشق 1981)

    الوفاة

    توفي الدكتور أحمد شوكت الشطّي في دمشق عن عمر ناهز 79 عاماً سنة 1979.

    الأولاد

    اشتهر اثنان من أبناء الشطي في مجال الطب، وهما الدكتور راكان، والدكتور محمد إياد الشطي، الذي كان وزيراً للصحة في عهد الرئيس حافظ الأسد من سنة 1992 ولغاية عام 2003. أما ابنته مي الشطّي فهي فنانة تشكيلية مقيمة في الولايات المتحدة الأمريكية.

  • أحمد رفيق باشا الشمعة

    أحمد رفيق باشا الشمعة
    أحمد رفيق باشا الشمعة

    أحمد رفيق بن سليم الشمعة (1844-1915)، رجل دولة من دمشق، تولّى عدة مناصب رفيعة في عهد السلطان عبد الحميد الثاني، الذي عينه مُشيراً على مدينة دمشق ورئيساً لمجلس ولايتها. وكان الشمعة أميناً على الأموال السلطانيّة بدمشق ورئيس اللجنة المُشرفة على إعادة إعمار الجامع الأموي بعد الحريق الذي لحق به سنة 1893. وهو والد الأديب والنائب رشدي الشمعة،  أحد أبرز شهداء 6 أيار 1916.

    البداية

    ولِد أحمد رفيق الشمعة في دمشق وكان والده سليم أفندي الشمعة من الأعيان. دَرَس في مدارس دمشق الحكومية وعمل في مجلس ولاية سورية في مطلع سبعينيات القرن التاسع عشر. وعند تولّي السلطان عبد الحميد الثاني العرش سنة 1876، ارتفع شأنه في دوائر الحكم العثماني في إسطنبول نظراً لقربه من السلطان الذي عيّنه عضواً في مجلس الأعيان ومنحه الباشوية من رتبة “بكلربكي و”بالا” (كبير الباشاوات).

    المناصب في عهد السلطان عبد الحميد

    في سنة 1878 عُين الشمعة رئيساً لمجلس ولاية دمشق، وانتخب عضواً في مجلسي الأوقاف والتعليم بدمشق، وكُلّف برئاسة دار الإصلاح لرعية الأيتام وتعليمهم، فصار يُعرف بلقب “كهف الأرامل واليتامى والفقراء” وذهبت إليه أيضاً رئاسة دار الصنائع المتخصصة بتعليم الصناعات اليدوية، ورئاسة دائرة الأموال السلطانية في دمشق.

    قصر أحمد باشا

    تحول قصره الكبير إلى سرايا حكم يقصدها الناس لقضاء حاجاتهم الحكومية. وكان منزل العائلة يمتد من حيّ القنوات إلى باب سريجة وباب الجابية، وله حديقة واسعة تُفتح يومياً للعوام. كان لهذا القصر أبواب عدّة وقد أحاطت به من كل الجهات بيوت لإخوة أحمد باشا، بحيث يقابل كل باب للقصر باباً لبيت فرد من أفراد العائلة. وعند زيارة إمبراطور ألمانيا غليوم الثاني إلى دمشق سنة 1898، أقيمت له مأدبة غداء في قصر الشمعة، وفُرش السجّاد الأحمر في المنطقة الممتدة من سوق الحميدية حتى باب سريجة. وإلى جانب القصر كان هناك نُزل سمّي “خان أحمد باشا” وحديقة أطلق عليها اسم “حديقة الشمعة”.

    ترميم الجامع الأموي

    عندما شبّ حريق كبير في الجامع الأموي سنة 1893، شُكلت هيئة عليا لترميمه، ذهبت رئاستها إلى أحمد الشمعة، وكانت تضمّ أمير محمل الحج الشامي عبد الرحمن باشا اليوسف. وقد انبثق عنها لجنتان، الأولى للشراء برئاسة مفتي المدينة الشيخ محمود المنيني، والثانية للإنشاء برئاسة محمّد فوزي باشا العظم رئيس بلدية دمشق.

    عزله واعتقاله

    في عام 1900، حصل خلاف شديد بينه وبين السلطان عبد الحميد الثاني، كان سببه كثرة الوشايات بحق الشمعة، وقول بعضهم إنه وصل إلى سمعة وشعبية في دمشق كادت تهدد شعبية السلطان نفسه. وقد زاد من تخوف السلطان عبد الحميد أن بعض العوام أطلقوا على الباشا لقب “سلطان الشّام” وأنه لم يُمانعهم ولم يعترض على هذه التسمية.

    غَضِب السلطان عبد الحميد من كل هذا الكلام وأمر بعزل الشمعة عن مناصبه السياسية والإدارية كافة، قبل أن يصدر فرماناً باعتقاله ونقله إلى إسطنبول للمحاكمة. في مذكّراته، كتب السياسي السوري فخري البارودي عن هذه الحادثة قائلاً: “رأيت المارة يضطربون من دار الشمعة، فيثبتون أنظارهم إلى الأمام حتى لا يلتفتوا لفتة واحدة نحو باب الباشا، خوفاً من أن يحاسبوا على النظرات”.

    خرج بعض الأعيان لوداع الباشا قبل مغادرته دمشق، وكان في مقدمتهم صديقه الحميم الشيخ محمود أبو الشامات، شيخ الطريقة الشاذلية في بلاد الشّام، الذي نظَم قصيدة موجهة لأعداء الشمعة جاء فيها:

    والشام أمست خلوة الفساق    —-  من طفؤوا بزعمهم الشموع لِيفعلوا
    صبراً فسوف يرون سوء فعالهم   —- ويفوز بالنصر الرفيق الأفضل
    يا أحمد الأفعال لاتخشى الردى  —-  من يعتصم بالله ليس يَخْجَل
    أنت الغني عن المناصب كلها   —- بل منصب العلياء فيك يبجلُ

    وبعد وصول الشمعة إلى إسطنبول، جهّز أفراد الأسرة منزله بدمشق لمجلس العزاء، ظنّاً أن السلطان سوف يأمر بإعدامه. ولكن أحمد الشمعة عاد إلى دمشق سالماً ومنتصراً بعد أن نجح في إقناع السلطان عبد الحميد بأن كل ما نُقل عن لسانه من أقاويل كانت باطلة وعبارة عن كذب وافتراء ناتج عن حسد رهيب. احتفل أهله بعودته وانقلب مجلس العزاء إلى فرح، وخطب فيه الشيخ أبو الشامات قائلاً:

    نهنئ بك الأعياد يا روح جسمنا   —-  ويا أحمد الدنيا ويا شمعة الحمد

     الشمعة في زمن الاتحاد والترقي

    في صيف العام 1908، وقع انقلاب عسكري في إسطنبول، نفّذه ضبّاط من جمعية الاتحاد والترقي. فرضوا سلسلة من الإصلاحات المؤلمة على السلطان عبد الحميد قبل عزله نهائياً عن العرش في نيسان 1909. ومن ضحايا هذا الانقلاب كان معظم رجال العهد الحميدي المخلصين أمثال أمين سر السلطان أحمد عزت باشا العابد ومستشاره الشيخ أبو الهدي الصيّادي وأحمد رفيق باشا الشمعة الذي أُبعد عن الحياة السياسية بشكل تام ونهائي.

    الوفاة

    توفي أحمد رفيق باشا الشمعة بدمشق سنة 1915، بعد أشهر من اندلاع الحرب العالمية الأولى، وشيعته دمشق بموكب مهيب إلى مدافن الأُسرة في تربة الباب الصغير. وقد كُتب على قبره رثاء صديقه الشيخ محمود أبو الشامات، جاء فيه:

    “يمّمْ ضريحاً جلَّهُ بدرُ الجهابذة ِ اَلْعِظَام، إنسان عينِ الشّام تاجُ سُراتها السامي المقامْ، من كان شمعةَ عصره فضلاً وأحمدَه الهُمامْ، كهفَ الأرامِل واليتامى والفقير المستضامْ، لبى نداء مهيمنٍ يدعو إلى دار السلامْ، يا من يلوذ بعفوه يوم اللقا كلُّ الأنامْ، ما خاب راج، أرِّخوا لباك في حسن الختام.”

  • أحمد حمدي الخياط

    أحمد حمدي الخيّاط
    أحمد حمدي الخيّاط

    أحمد حمدي الخيّاط (1899 – 4 تموز 1981)، طبيب سوري من دمشق وأحد الآباء المؤسسين لكلية الطب في الجامعة السورية. شارك في تأسيس نقابة الأطباء وانتخب ثاني نقيب لها سنة 1944، إضافة لعمله مديراً لكلية الطب حتى سنة 1947.

    البداية

    ولِد أحمد حمدي الخياظ بدمشق وهو سليل عائلة من الطبقة الوسطى كان أبناؤها يعملون في الحفر على الخشب وتطعيمه بالصدف. دَرَس في المدرسة الكاملية بدمشق وفي معهد الطب العثماني. بعد انسحاب الجيش العثماني عن دمشق في أيلول 1918 عُين مشرفاً على مؤسسة المصل والجراثيم التي أنشأتها حكومة رضا الركابي على أنقاض مؤسسة حفظ الصحة العثمانية. سافر بعدها إلى باريس لإكمال اختصاصه العلمي في معهد لويس باستور، ثم انتقل إلى برلين لتعلّم اللغة الألمانية.

    مع الجامعة السورية

    ومع عودته إلى دمشق عُيّن مُدرساً لعلم الأحياء المجهري في معهد الطب العربي، وكان أحد المشاركين في تأسيس الجامعة السورية سنة 1923. كما أسس مخبراً خاصاً للفحوص المخبرية – كان الأول من نوعها في سورية – وشارك في تأسيس نقابة الأطباء وانتُخب ثاني نقيب لها سنة 1944. كان الدكتور خياط على رأس عمله يوم وقع العدوان الفرنسي على مدينة دمشق في 29 أيار 1945، وكان له الفضل في حَشد أطباء المدينة لإسعاف الجرحى ونقلهم إلى المستشفى الإنكليزي في حيّ القصّاع. وبعد جلاء الفرنسيين عن سورية في 17 نيسان 1946، أصبح مديراً لكلية الطب في الجامعة السورية حتى عام 1947.

    مؤلفاته

    عمل مع الدكتور مرشد خاطر على تعريب الكثير من الأبحاث الطبية وترجمة مصطلحات معجم كلير فيل الفرنسي. طُبع النص العربي لهذا المعجم في مطبعة الجامعة السورية سنة 1956، وقام بعدها وبالتعاون مع الدكتور خاطر أيضاً بتأليف “معجم العلوم الطبية” الذي كان يشمل كل المصطلحات الطبية المرتبة حسب أحرف الهجاء الفرنسية، وما يقابلها باللغتين العربية والإنجليزية.

    التقاعد والوفاة

    أحيل أحمد حمدي الخيّاط على التقاعد سنة 1958، واعتذر عن عضوية مجمع اللغة العربية ليتفرغ لأبحاثه الخاصة قبل وفاته يوم 4 تموز 1981.

    المناصب

    نقيب أطباء دمشق (1944-1947)
    • سبقه في المنصب: الدكتور جميل الميداني
    • خلفه في المنصب: الدكتور أمين رويحة
  • أحمد حمدي الجلّاد

    أحمد حمدي الجلّاد (1882-1961)، رئيس بلدية العاصمة في عهد الملك فيصل الأول ومدير شرطة دمشق من سنة 1920 ولغاية تسريحه من العمل واعتقاله سنة 1925.

    البداية

    ولد أحمد حمدي الجلّاد في دمشق لأسرة عريقة اشتهر أبناؤها بتجارة الحرير، وكان والده محمد رشيد الجلّاد رئيساً لغرفة تجارة دمشق في نهاية القرن التاسع عشر. دَرَس في المدرسة الرشدية العسكرية وفي المعهد الشاهاني الملكي في إسطنبول، وعند تخرجه عُيّن كاتباً في ديوان الخط الحديدي الحجازي ثم مأموراً للمالية في ولاية سورية.

    بداية العمل الإداري والسياسي

    في سنة 1911، عُيّن الجلّاد قائمقام على بلدة الزبداني بريف دمشق، ونُقل بعدها إلى مرجعيون في منطقة النبطية ثم إلى عكار، وصولاً لتعيينه وكيل متصرف مدينة نابلس عشية اندلاع الحرب العالمية الأولى. انتسب إلى الجمعية العربية الفتاة، التي أُسست في فرنسا على يد مجموعة من الطلاب العرب المؤمنين بالقومية العربية وظلّ نشاطه مكتوماً لغاية عام 1916، عندما ذكر اسمه في التحقيقات الجارية في الديوان الحربي في عاليه، نتيجة التعذيب الذي تعرض له أحد أعضاء الجمعية المعتقلين. أستُدعي للمثول أمام جمال باشا، قائد الجيش العثماني الرابع في سورية، وبعد التحقيق تم اعتقاله ونفيه إلى مدينة أنقرة التركية. وضع تحت الإقامة الجبرية لمدة عام، وهرب بعدها إلى أزمير وتوارى عن الأنظار طيلة سنوات الحرب العالمية الأولى.

    في رئاسة بلدية دمشق    

    بعد تحرير دمشق من العثمانيين سنة 1918 عاد الجلّاد إلى مدينته وبايع الأمير فيصل بن الحسين حاكماً عربياً على سورية. عينه الأمير فيصل رئيساً لبلدية دمشق، التي كانت تُعاني من نقص حاد في مواردها المالية. أولى تحدياته كانت في إعادة الكهرباء إلى شوارع المدينة وتأمين نفقات إعادة تشغيل الخط الحديدي الحجازي الذي دُمر جزئياً أثناء الثورة العربية الكبرى.

    قامت البلدية بتعريب أسماء الشوارع في عهده فأطلقت على شارع جمال باشا اسم شارع النصر وغيّرت اسم الجادة الرشادية لتُصبح شارع خالد بن الوليد. استملك الجلّاد طرفي شارع النصر ووضع يده على بناء كامل في محلّة السنجقدار لتأمين نفقات ترميم سوق الحميدية وتعبيد الطرقات في منطقة القصّاع ومحلّة الخراب. ووضع أرصفة حديثة في منطقة البحصة وجادة الصالحية وبعض حارات باب توما.

    أشرف حمدي الجلّاد على مراسيم تتويج الأمير فيصل ملكاً على البلاد ف يوم 8 آذار 1920، ولكن حكمه لم يستمر طويلاً من بعدها وتم إسقاطه ونفيه خارج البلاد إبان معركة ميسلون في تموز 1920. وقبل مغادرته دمشق، عُيّن علاء الدين الدروبي رئيساً للوزراء، الذي نقل الجلّاد من بلدية دمشق إلى مديرية الشرطة والأمن العام. كانت المديرية تضم سلاحي الشرطة والدرك فتمّ الفصل بينهما وأسست مديرية مستقلة للشرطة، ذهبت رئاستها لحمدي الجلّاد.

    مديراً لشرطة دمشق  

    لعب الجلّاد دوراً محورياً في الحفاظ على أمن العاصمة خلال المرحلة الفاصلة بين خروج قوات الملك فيصل وبدأ الانتداب الفرنسي. وعند تقسيم سورية إلى دويلات، سمّي الجلّاد مديراً لشرطة دولة دمشق، ومسؤولاً عن مدينتي حمص وحماة. وصل عدد أعضاء سلك الشرطة في عهده إلى 300 عنصر، وزعهم على المدن والقرى بنسبة شرطي واحد لكل ألف شخص، إلا مدينة دمشق التي كانت حصتها شرطيان اثنان لكل ألف شخص.

    كانت مديرية الشرطة بحاجة إلى آليات وأجهزة فنية وأسلحة خفيفة، فقام بنقل مخلفات الجيش المنحل إلى ملاك الشرطة، واستحضر 350 مسدساً حديث من إنكلترا لتوزيعها على دوريات الليل، مع كلاب بوليسية وخيول ودراجات نارية. أسس مدرسة لفرسان الشرطة وشكّل فرقة خيّالة لضبط الأمن في أطراف العاصمة، وربط هاتفياً بين شرطة المرور، على قلّة عددهم يومئذ، ومديرية الشرطة والمخافر.

    سرّح 170 شخصاً من الخدمة، بين مفوض وشرطي، لم تعجبه سيرهم المسلكية، ووضع شروط صارمة لقبول أي متطوع جديد في سلك الشرطة، مع امتحان شفهي ومكتوب، يتم من خلاله تحديد ثقافة الشرطي وأناقته وأخلاقياته. وفي عهده اغتيل رئيس الوزراء علاء الدين الدروبي في قرية خربة غزالة يوم 21 آب 1920، وجرت محاولة اغتيال الجنرال هنري غورو أثناء زيارته إلى القنيطرة في حزيران 1921.

    مجلّة الشرطة

    بعد عام على توليه المنصب، أسس الجلّاد مجلّة نصف شهرية للشرطة، بالتعاون مع الصحفي نجيب الريّس، تعنى بالمواضيع المسلكية والقانونية ونشر كل المراسيم المتعلقة بالشرطة. صدر العدد الأول من مجلّة الشرطة يوم 15 أب 1921 وعلى غلافه صورة المفوض السامي الفرنسي هنري غورو.

    العزل والاعتقال

    في 22 نيسان 1925، كفّت يد حمدي الجلّاد عن الخدمة، بعد اتهامه بسرقة أموال مخصصة لشق شارع بغداد وسط العاصمة. عُزل الجلّاد بأمر من رئيس الدولة صبحي بركات ومثل أمام محكمة الجنايات التي أصدرت حكماً عليه بالسجن ثلاث سنوات. أطلق سراحه بموجب عفو خاص من رئيس الدولة أحمد نامي يوم 11 كانون الثاني 1927 وغاب بعدها عن أي منصب وعاش متقاعداً في منزله بحيّ عين الكرش.

    أولاد حمدي الجلّاد

    اشتهر ابنه عرفان الجلّاد كأحد رجالات الاقتصاد السوري وكان عضوا بارزاً في غرفة تجارة دمشق في خمسينيات القرن العشرين.

    الأوسمة

    حمل حمدي الجلّاد وسام الاستحقاق العثماني من الدرجة الثالثة، ونوط السكة الحديدية الحجازية الذهبي، ووسام الأكاديمية الفرنسية برتبة “ضابط كبير.”

    الوفاة

    توفي أحمد حمدي الجلّاد بدمشق عن عمر ناهز 80 عاماً سنة 1962.

     المناصب

    مدير الشرطة والأمن العام (21 آب – 2 أيلول 1920)
    • سبقه في المنصب: جبرائيل حداد
    • خلفه في المنصب: أُلغي المنصب
    مدير شرطة دولة دمشق (2 أيلول 1920 – 22 نيسان 1925)
    • سبقه في المنصب: لا يوجد
    • خلفه في المنصب: نقولا شاهين (بالوكالة)
  • إحسان الشريف

    إحسان الشريف
    إحسان الشريف

    إحسان الشريف (1893-1963)، سياسي سوري من دمشق، كان أحد مؤسسي حزب الشعب مع عبد الرحمن الشهبندر سنة 1925 والكتلة الوطنية مع هاشم الأتاسي سنة 1927. انتُخب مشرّعاً في الجمعية التأسيسية سنة 1928 وعُيّن محافظاً على مدينة حلب عام 1944، ثم وزيراً مفوضاً في تركيا في مطلع عهد الاستقلال.

    البداية

    ولِد إحسان الشريف في دمشق ودرس في مكتب عنبر، حيث قاد ثورة طلابية على المدير العثماني لأنه حاول إلزام الطلاب بالتحدث باللغة التركية بدلاً من العربية. عُوقِب بالفصل والالتحاق المبكر بالجيش العثماني قبل أن يبلغ السن القانوني للخدمة الإلزامية. تعاطف الشريف مع الشعب الأرمني ودافع عن قضيته في ظلّ المذابح التي تعرض لها في العهد الحميدي، فصَدر أمر باعتقاله ولكنه هرب إلى فرنسا عن طريق أحد أقربائه في الجيش، وهو الضابط يوسف العظمة، وبقي مقيماً في باريس لنهاية الحرب العالمية الأولى حيث درس الحقوق في جامعة السوربون.

    مع حزب الشعب والثورة السورية سنة 1925

    عاد إحسان الشريف إلى دمشق سنة 1919 وفَتح مكتباً للمحاماة مع صديقه المحامي فوزي الغزي، وتشارك معه ومع عبد الرحمن الشهبندر في تأسيس حزب الشعب في حزيران 1925. كان هذا الحزب مناهضاً للانتداب الفرنسي الذي فُرض على سورية سنة 1920، وقد حُلّ ولوحق أعضاؤه بسبب موقفهم الداعم للثورة السورية الكبرى التي انطلقت من جبل الدروز سنة 1925. ألقت سلطات الانتداب القبض على الشريف بسبب موقفه الداعم للثورة وظلّ معتقلاً في قلعة أرواد لغاية عام 1927، حتى صدر أمر بنفيه إلى بيروت.

    تأسيس الكتلة الوطنية عام 1927

    في 20 تشرين الأول 1927، عقد اجتماع في بيروت دعا له رئيس الحكومة الأسبق هاشم الأتاسي، تقرر فيه تأسيس تنظيم سياسي جديد بدلاً من حزب الشعب، أطلق عليه اسم الكتلة الوطنية. كانت الكتلة تهدف إلى تحرير البلاد ومحاربة الانتداب الفرنسي بالطرق السياسية لا العسكرية، وقد خاضت أولى معاركها السياسية في انتخابات المؤتمر التأسيسي سنة 1928، الذي شُكّل لوضع أول دستور جمهورية في سورية.

    دستور عام 1928

    فازت الكتلة الوطنية بغالبية مقاعد الجمعية التأسيسية وانتخب إحسان الشريف مشرعاً مع شريكه في مكتب المحاماة فوزي الغزي الذي تولّى مهمة صياغة الدستور. أنهوا عملهم في فترة قياسية لم تتجاوز الأسبوعين ووضعوا دستوراً عصرياً مُستلهماً من الدساتير الأوروبية، مؤلفاً من 115 مادة ليس فيها أية إشارة إلى نظام الانتداب أو اعتراف بشرعيته. اعترضت فرنسا على مسودة الدستور وطلبت إضافة مادة خاصة بالانتداب، ولكن رئيس المؤتمر هاشم الأتاسي رفض الاستجابة. فصدر قرار من المفوض السامي بتعطيل الدستور واللجنة الدستورية إلى أجل غير مسمّى، وفي سنة 1930، فُرِض الدستور المعدل دون استشارة المشرعين السوريين.

    محافظ حلب 1944-1946

    في سنة 1932 انتخب إحسان الشريف نائباً في البرلمان على قوائم الكتلة الوطنية، وجدد له في انتخابات عام 1936. وعندما وصل شكري القوتلي إلى الحكم سنة 1943، عينه محافظاً على مدينة حلب ورئيساً لبلديتها. وقد بقي الشريف في هذا المنصب من سنة 1944 ولغاية جلاء الفرنسيين عن سورية عام 1946. في أثناء عمله في حلب، وضع إحسان الشريف أساسات مشروعات مهمة عدة مثل الملعب البلدي والحديقة العامة وشارع الملك فيصل الواصل بينها وبين حديقة السبيل. ولكنّ معظم هذه المشروعات افتُتحت بعد انتهاء ولاية إحسان الشريف، ونُسبت لاحقاً إلى خلفه في رئاسة البلدية مجد الدين الجابري. ومن مآثر الشريف كان الدعم الكبير الذي قدمه للعلّامة خير الدين الأسدي وإقناعه بإهداء مكتبته القيمة إلى دار الكتب الوطنية في حلب.

    وزيراً مفوضاً في تركيا 1946-1949

    في عهد الاستقلال، عُيّن إحسان الشريف وزيراً مفوضاً في أنقرة سنة 1946، ولكنه عُزل سنة 1949 بسبب رفضه تأييد الانقلاب الأول الذي قاده حسني الزعيم على الرئيس شكري القوتلي. دافع عن شرعية حكم القوتلي وقال إنه ضد تدخلات العسكر في الحياة السياسية. انتظر الزعيم برقية تأييد من المفوضية السورية من أنقرة ولكنها لم تصل، فبعث رسالة إلى إحسان الشريف مُعاتباً وقال: “لم تردنا برقيتكم” أجابه الشريف بحزم: “لأننا لم نُرسلها!” كان هذا  الرد كافياً لإقصائه عن المنصب واستدعائه إلى دمشق، مع صدور قرار بمنعه من ممارسة أي نشاط سياسي. بعد سقوط حكم الزعيم في 14 آب 1949، حاول إحسان الشريف العودة إلى العمل السياسي وأسس الحزب الجمهوري الديمقراطي، الذي حُلّ بأمر من اللواء فوزي سلو بعد نجاح الانقلاب الرابع سنة 1951.

    الوفاة

    اعتزل إحسان الشريف العمل السياسي من يومها، وتوفي في دمشق عن عمر ناهز 70 عاماً سنة 1963.

    المناصب

    محافظ حلب 1944-1946
  • إبراهيم الساطي

    ابراهيم الساطي
    ابراهيم الساطي

    إبراهيم الساطي (1888-1948)، طبيب جرّاح سوري من دمشق تخصص بأمراض النساء والتوليد، وشارك في تأسيس معهد الطب العربي في عهد الملك فيصل الأول كما كان أحد مؤسسي كلية الطب في الجامعة السورية سنة 1923.

    البداية

    ولد إبراهيم الساطي في أسرة دمشقية عريقة ودَرس الطب في إسطنبول. وعند تخرجه سنة 1909 عمل مدرساً في معهد الطب العثماني بدمشق حتى سنة 1914.

    إنجازاته

    بعد انتهاء الحكم العثماني سنة 1918 كلف الساطي بإعادة افتتاح مدرسة الطب بعد تسميتها “معهد الطب العربي” وشارك في تعريب منهاجها وكل كتبها العلمية. عينه عميد المعهد الدكتور رضا سعيد مدرساً لمادة الطب النسائي باللغة العربية، وفي سنة 1923 كان الساطي أحد مؤسسي كلية الطب في الجامعة السورية مع شقيقه الطبيب سامي الساطي.

    شارك في إنشاء مستشفى التوليد الجامعي وفي تحويل مديرية الصحة والإسعاف العام إلى وزارة الصحة السورية سنة 1946. عُرف بطبيب النخب الدمشقية، ولكن وبالرغم من أجرة معايناته المرتفعة، كان الساطي إذ عالج امرأة فقيرة يضع لها مبلغاً من النقود تحت وسادتها بعد إتمام عملية الولادة.

    الوفاة

    توفي الدكتور إبراهيم الساطي في دمشق عن عمر ناهز 60 عاماً سنة 1948.

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !