أحمد نامي (1878 – 13 كانون الأول 1962)، سياسي شركسي من القوقاز، عُيّن رئيساً للدولة السورية والحكومة في زمن الانتداب الفرنسي سنة 1926. شُكلت ثلاث حكومات في عهده أيام الثورة السورية الكبرى، قبل أن يستقيل من منصبه عام 1928. طرح اسمه لتولّي رئاسة الجمهورية سنة 1941 ولكنّ الكتلة الوطنية رفضت التعاون معه ما أدى إلى تخلّي الفرنسيين عنه وإجباره على اعتزال العمل السياسي باكراً. عُرف أحمد نامي بلقب “الداماد” بسبب زواجه من الأميرة عائشة بنت السلطان عبد الحميد الثاني، وقد بقي يحمل هذا اللقب بصفته والد أحفاد السلطان، علماً أن زواجه من الأميرة عائشة لم يستمر إلا ثماني سنوات وانتهى بطلاقهما سنة 1919. عاش الداماد سنواته الأخيرة متنقلاً بين بيروت وباريس، حيث عمل محاضراً في جامعة السوربون حتى وفاته عام 1962.
الأسرة
ولد أحمد نامي في حي المصيطبة في بيروت وهو سليل عائلة شركسية جاءت من القوقاز واستوطنت مصر في مطلع القرن التاسع عشر. عمل جدّه في قصر محمّد علي باشا وأُرسِل ضمن بعثة ثقافية إلى باريس سنة 1826. عاد إلى القاهرة وعُيّن مستشاراً لإبراهيم باشا (ثاني أكبر أولاد محمّد علي) في أثناء حملته العسكرية على سورية عام 1831. عينه إبراهيم باشا في بيروت، وفيها قرر البقاء بعد انسحاب القوات المصرية عام 1840. وقد رزق محمود نامي بابن سمّاه “إبراهيم فخري” (نسبة لإبراهيم باشا) وهو والد أحمد نامي الذي تسلّم رئاسة بلدية بيروت سنة 1878.
البداية
دَرس أحمد نامي في الكلية الحربية في إسطنبول ولكنّه لم يلتحق بالخدمة العسكرية وفضّل العمل الإداري في مكتب الديون العامة العثمانية، حيث تعرّف على الأميرة عائشة وطلب يدها للزواج عندما كان والدها السلطان على عرش السلطنة العثمانية. ولكنّ زواجهما تأخر بسبب الانقلاب الذي أطاح بحكم السلطان عبد الحميد سنة 1908، ولم يُعقد قرانهما حتى 11 آب 1911. وعند اندلاع الحرب العالمية الأولى سنة 1914، توجه الداماد إلى سويسرا وبقي مقيماً في مدينة جنيف حتى انتهاء المعارك القتالية وانسحاب القوات العثمانية عن سورية سنة 1918.
رئيساً للدولة السورية 1926-1928
استقر الداماد في بيروت، مُعلناً معارضته لقيام دولة لبنان الكبير وسلخها عن الأراضي السورية مع مطلع عهد الانتداب الفرنسي. مع ذلك، كان مقرباً من سلطة الانتداب ومن المندوب السامي هنري غورو وخليفته الجنرال ماكسيم ويغان. أحبه غورو نظراً لثقافته الأوروبية وطلاقة لسانه باللغة الفرنسية ومعارضته للحكم الهاشمي الذي أقيم في سورية أيام الملك فيصل في الفترة ما بين 1918-1920. وفي أعقاب استقالة رئيس الدولة السورية صبحي بركات نهاية عام 1925، طُلب من الداماد تولّي رئاسة سورية وأن يكون رئيساً للحكومة. جرت مفاوضات بينه وبين الفرنسيين استمرت من كانون الثاني 1926 ولغاية تشكيل حكومته الأولى في أيار، عندما تسلّم مهام رئاسة الدولة السورية.
تباحث أحمد نامي مع شخصيات مرموقة محسوبة على التيار الوطني، مثل سعد الله الجابري وفوزي الغزي، وقد اعتمد عليهم لتوسيع المشاركة في حكمه وإدخال عناصر وطنية بهدف إضفاء شرعية على العهد الجديد، كونه أتى إلى الحكم من دون دستور أو انتخابات برلمانية، حتّى إنّه لم يكن سورياً ولا يحمل جواز سفر سوري. وقد نجح الداماد في إقناع ثلاث شخصيات وطنية بتسلّم حقائب وزارية في حكومته الأولى، وهم فارس الخوري الذي عين وزيراً للمعارف ولطفي الحفار الذي سمّي وزيراً للتجارة وحسني البرازي، الذي جاء به وزيراً للداخلية.
وضع الداماد برنامجاً طموحاً لحكومته، فيه عدة مطالب جوهرية كإصدار عفو عام عن عن المعتقلين السياسيّين كافّة وتحقيق وحدة الأراضي السورية مع انتخاب جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد للبلاد بدلاً من الدستور الملكي الذي قامت فرنسا بإلغائه سنة 1920. وطالب بانضمام سورية إلى عصبة الأمم وتحويل الانتداب إلى معاهدة مع فرنسا، تنتهي بتاريخ محدد وتُحترم بموجبها سيادة الدولة السورية. وقد اشترط على المندوب السامي الجديد هنري ديجوفونيل التوقيع شخصياً على هذا البرنامج وإلزام حكومة بلاده بتنفيذه في سورية.
وبالفعل، بدأ عهد الداماد بإقالة مدير الأمن العام الفرنسي، الذي بطش بالسوريين في الثورة السورية الكبرى، وأصدر عفواً عن بعض السياسيين المبعدين منذ سنة 1920. حاول بعدها إقناع فرنسا بضرورة إجراء حوار مباشر مع قادة الثورة السورية الكبرى، ولكنها رفضت هذا المقترح قبل استسلام الثوار وتسليم أسلحتهم دون أي قيد أو شرط. وقد ردت فرنسا على مقترحات الحوار بتوسيع المداهمات والاعتقالات في دمشق والغوطة الشرقية، مع شنّ هجوم عنيف على مدينة السويداء وقصف حيّ الميدان الدمشقي في أيار 1926.
اعتقال الوزراء
وفي 11 حزيران 1926 أُلقي القبض على ثلاثة وزراء في حكومة الداماد (الخوري والبرازي والحفار) بتهمة التخابر مع ثوار الغوطة وحثهم على عدم التخلي عن السلاح. لم يتمكن الداماد من حمايتهم، لا من الاعتقال ولا من النفي إلى شمال لبنان، وقد اقتصر دوره على المطالبة بإطلاق سراحهم والقول إن أمر الاعتقال لم يصدر عنه بل جاء من المفوض السامي الفرنسي.
تأثرت سمعة الداماد من اعتقال الوزراء الوطنيين وظهر ضعيفاً أمام الشارع السوري، غير قادر على حماية أقرب الناس إليه. سعى جاهداً إلى ترميم صورته، وقام بجولة ميدانية على حلب وسنجق إسكندرون، وأرسل وفداً وزاريّاً إلى اللاذقية للاستماع إلى مطالب سكّان دولة العلويين.
وقد نشطت المعارضة ضده بعد حادثة اعتقال الوزراء، الممثلة بزعماء الكتلة الوطنية والشيخ تاج الدين الحسني، المتحالف مع عدد من السياسيين الطامحين مثله للإطاحة بالداماد للوصول إلى رئاسة الدولة السورية. قد تعرض أحمد نامي إلى انقلاب سياسي من قبل واثق مؤيد العظم، الذي شغل وزارة الداخلية في حكومته الثانية، خلفاً لحسني البرازي، وكان يعدّ نفسه أحق بالرئاسة من الداماد. تمكن مؤيد العظم من إقناع وزراء الداماد بتقديم استقالة جماعية، ما أدى إلى انهيار الحكومة واستقالة رئيسها مجبراً في 8 شباط 1928. وقد أُشيع يومها أن الفرنسيين تخلّوا عنه بسبب مطامعه بأن يصبح ملكاً على سورية.
العودة إلى الحكم
بعد الاستقالة عُيّن الداماد عضواً في مجلس استشاري ضمّ جميع رؤساء الدولة السابقين، لم يجتمع إلا مرة واحدة فقط، وفي عام 1941، عُرض عليه العودة إلى الحكم كرئيس للجمهورية في زمن الحرب العالمية الثانية. قبِل التكليف وبدأ بالاستشارات المطلوبة لتشكيل حكومة، بالتعاون مع خالد العظم الذي اختاره الداماد ليكون أول رئيس وزراء في عهده. ولكن الكتلة الوطنية رفضت عودة أحمد نامي إلى الحكم، وطلبت إلى كلّ السياسيين عدم الاشتراك معه في أية حكومة، ما أدى إلى تراجع فرنسا عن عرضها وتخلّيها عنه بشكل نهائيّ.
السنوات الأخيرة والوفاة
غاب الداماد أحمد نامي من يومها عن أي منصب سياسي وتوجه إلى فرنسا حيث عمل مُحاضراً في تاريخ الشرق الأوسط في جامعة السوربون حتى وفاته عن عمر ناهز 88 عاماً يوم 13 كانون الأول 1962.
المناصب
رئيساً للحكومة السورية (5 أيار 1926 – 8 شباط 1928)
- سبقه في المنصب: صبحي بركات
- خلفه في المنصب: تاج الدين الحسني
رئيساً للدولة السورية (5 أيار 1926 – 8 شباط 1928)
- سبقه في المنصب: صبحي بركات
- خلفه في المنصب: تاج الدين الحسني