
الأمير زيد بن الحسين (28 شباط 1898 – 18 تشرين الأول 1970)، أصغر أبناء الشريف حسين بن عليّ، شارك في معارك الثورة العربية الكبرى ضد الدولة العثمانية وعيّن نائباً لأخيه الأمير فيصل بن الحسين أثناء فترة حكمه في سورية (1918-1920). شكّل حكومة مصغرة من المديرين للإشراف على مراسيم تتويج أخيه ملكاً،، استمرت من 26 كانون الثاني ولغاية 8 آذار 1920.
البداية
ولد الأمير زيد بن الحسين في إسطنبول أثناء عضوية أبيه في مجلس شورى الدولة العثمانية. انتقل للعيش في مكة مع الشريف حسين بعد تعيين الأخير أميراً عليها في تشرين الثاني 1908.
الثورة العربية الكبرى 1916-1918
عند اندلاع الثورة العربية الكبرى سنة 1916، سُمّي الأمير زيد ضابطاً مسؤولاً عن فرقة احتياط مخصصة لمساندة الأمراء فيصل وعبد الله وعليّ في معاركهم مع الجيش العثماني. ساهم في حصار قلعة أجياد وحماية المدينة المنورة، وشارك في الدفاع عن مدينة رابغ قبل نقله في أيلول 1917 إلى العقبة، ليعمل تحت إمرة أخيه الأمير فيصل. وفي كانون الثاني 1918، عينه الشريف حسين قائداً في الجيش الشمالي، مكلّفاً بالزحف نحو وادي موسى، وكان للأمير زيد الفضل في تحرير الشوبك ومحطة جرف الدراويش كما ساهم في تحرير الطفيلة ومعان.
المرحلة السورية 1919-1920
بعد تحرير دمشق في 1 تشرين الأول 1918 ومبايعة الأمير فيصل حاكماً عربياً على سورية في الثالث من الشهر نفسه، كُلّف الأمير زيد بمعاونته على إدارة البلاد، والنيابة عنه أثناء سفره إلى فرنسا لحضور مؤتمر الصلح في باريس مطلع العام 1919. تكررت أسفار الأمير فيصل، الذي تُوّج ملكاً على البلاد في 8 آذار 1920، وكان الأمير زيد يحلّ مكانه حاكماً على الرغم من صغر سنّة.

حكومة الأمير زيد (26 كانون الثاني – 8 آذار 1920)
وفي 26 كانون الثاني 1920، كلّفه الأمير فيصل بتشكيل حكومة مديرين مصغّرة، مهمتها الإشراف على مراسيم تتويجه ملكاً يوم 8 آذار 1920. وقد جاءت حكومة المديرين على الشكل الآتي:
- أمين التميمي (نائب رئيس الحكومة)
- رضا باشا الركابي (مدير شؤون الحربية)
- رشيد طليع (مدير شؤون الداخلية)
- إسكندر عمّون (مدير شؤون العدلية)
ظلّت حكومة الأمير زيد تعمل حتى تعيين الفريق رضا الركابي رئيساً للحكومة في يوم 8 آذار 1920.
معركة ميسلون
بعد صدور إنذار الجنرال الفرنسي هنري غورو لفيصل في 14 تموز 1920، وقبوله من قبل الملك وحكومته، التفّ بعض السياسيين السوريين الشباب حول الأمير زيد، وفكروا جدياً بتنحية فيصل لصالحه. رأوا أنه أقدر على مواجهة الفرنسيين، وكان الأمير زيد شاباً في الواحد والعشرين من عمره، وقد خرجت مظاهرة واحدة بدمشق، مطالبة بتسلمه الحكم، عُتِّم عليها بشدة. وقد ورد في مذكرات الصحفي اللبناني أسعد داغر، أحد المقربين من الأسرة الهاشمية الحاكمة آنذاك: “في اعتقادي أن الأمير زيد لو كان حينئذ أكبر سناً وأكثر تجربة لاستطاع أن يكون الرجل المنقذ بفضل العطف العظيم الذي كان يتمتع به في البلاد كلها.” ولكن ذلك لم يحصل واضطر الأمير زيد إلى مغادرة سورية نفياً مع أخيه بعد سقوط العهد الفيصلي إثر هزيمة الجيش السوري في معركة ميسلون يوم 24 تموز 1920.
المرحلة العراقية 1923-1958
غادر الأمير زيد الأراضي السورية في 1 آب 1920 وتوجه إلى حيفا أولاً ومن ثم إلى إيطاليا، وكانت نيته السفر إلى جنيف للاحتجاج مع أخيه أمام عصبة الأمم على الطريقة المهينة التي أُقصوا بها عن سورية. عاد الأمير زيد بعدها إلى مكة للعمل مع أبيه، الذي كان قد أعلن نفسه ملكاً على العرب وعلى مملكة الحجاز الهاشمية منذ سنة 1916. وعندما ولّي الملك فيصل ملكاً على العراق سنة 1921، توجه الأمير زيد إلى بغداد للعمل معه وعُيّن ضابطاً برتبة “كولونيل” في الجيش العراقي، مسؤولاً عن عشائر الموصل. وفي صيف العام 1925، سمّي وصيّاً على العرش، ونائباً للملك أثناء وجود فيصل في أوروبا لتلقي العلاج.
المرحلة القبرصية
بعد تنحي الشريف حسين عن عرشه في الحجاز ونفيه إلى قبرص، انتقل الأمير زيد للعيش مع أبيه والسهر على خدمته في مدينة نيقوسيا أولاً، ومن ثم في ليماسول، وبقي ملازماً للشريف حسين حتى وفاته عام 1931.
في لندن
ذهب عندها الأمير زيد إلى بريطانيا لإكمال تحصيله العلمي في جامعة أوكسفورد والتخصص بالعلوم الزراعية. وعند تخرجه، عينه الملك فيصل وزيراً مفوضاً في أنقرة يوم 27 شباط 1932. وبعد وفاة فيصل في أيلول 1933، بايع الأمير زيد ابن أخيه غازي ملكاً على العراق، وعُيّن وزيراً مفوضاً في ألمانيا حتى سنة 1938. وفي سنة 1946، سمّي الأمير زيد سفيراً في لندن حتى وقوع الانقلاب العسكري في بغداد يوم 14 تموز 1958، الذي أطاح بحكم الأسرة الهاشمية المالكة وأدى إلى مقتل الملك فيصل الثاني، حفيد فيصل الأول، مع خاله الأمير عبد الإله.
المنفى والوفاة
نُحي الأمير زيد عن منصبه الدبلوماسي وعاش في لندن حتى وفاته يوم 18 تشرين الأول 1970. نُقل جثمانه إلى العاصمة الأردنية عمّان، حيث كان في استقباله الملك حسين بن طلال، حفيد شقيقه الأكبر الملك عبد الله الأول، الذي أمر بدفنه في مقابر الأسرة بقصر رغدان.
المصادر العربية
- أسعد داغر، مذكراتي على هامش القضية العربية، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الدوحة 2020.
- خيرية قاسمية، الحكومة العربية في دمشق، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت 1982.
- علي سلطان، تاريخ سورية 1918-1920: حكم فيصل بن الحسين، دار طلاس، دمشق 1996.
- سعد أبو دية، المسعى النبيل: الأمير زيد والحكومة الوطنية في دمشق، أمانة عمّان الكبرى، 2016.
- مجموعة كتاب، الحكومة العربية في دمشق: التجربة المبكرة للدولة العربية الحديثة، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الدوحة 2020.
- محمد الأرناؤوط، من الحكومة إلى الدولة: تجربة الحكومة العربية في دمشق، الآن ناشرون، عمّان 2020.
- يوسف الحكيم، سورية والعهد الفيصلي، دار النهار، بيروت 1996.