الأمير زيد بن الحسين (28 شباط 1898 – 18 تشرين الأول 1970)، أصغر أبناء الشريف حسين بن عليّ، شارك في معارك الثورة العربية الكبرى ضد الدولة العثمانية وعيّن نائباً لأخيه الأمير فيصل بن الحسين في فترة حكمه في سورية (1918-1929). شكّل حكومة مصغرة من المديرين العامين، للإشراف على مراسيم تتويج أخيه ملكاً على البلاد، استمرت من 26 كانون الثاني ولغاية 8 آذار 1920. أحبه أهالي دمشق كثيراً وطالب بعضهم بتنحي فيصل وتولّي الأمير زيد عرش سورية في الأسابيع التي سبقت المواجهة العسكرية مع الفرنسيين في معركة ميسلون يوم 24 تموز 1920.
البداية
ولد الأمير زيد بن الحسين في إسطنبول في أثناء عضوية أبيه في مجلس شورى الدولة العثمانية. انتقل للعيش في مكة مع الشريف حسين بعد تعيين الأخير أميراً عليها في تشرين الثاني 1908.
الثورة العربية الكبرى 1916-1918
وعند اندلاع الثورة العربية الكبرى سنة 1916، سمّي زيد ضابطاً مسؤولاً عن فرقة احتياط مخصصة لمساندة الأمراء فيصل وعبد الله وعليّ في معاركهم مع الجيش العثماني. ساهم الأمير زيد في محاصرة قلعة أجياد وحماية المدينة المنورة، وشارك في الدفاع عن مدينة رابغ قبل نقله في أيلول 1917 إلى العقبة، ليعمل تحت إمرة أخيه الأمير فيصل. وفي كانون الثاني 1918، عينه الشريف حسين قائداً في الجيش الشمالي، مكلفاً بالزحف نحو وادي موسى. وكان للأمير زيد الفضل في تحرير الشوبك ومحطّة جرف الدراويش من العثمانيين، وساهم في تحرير الطفيلة ومعان.
المرحلة السورية 1919-1920
وبعد تحرير دمشق في تشرين الأول 1918 ومبايعة الأمير فيصل حاكماً عربياً على سورية، كُلّف الأمير زيد بمعاونته على إدارة البلاد والنيابة عنه في أثناء سفره إلى فرنسا لحضور جلسات مؤتمر الصلح في باريس مطلع العام 1919. تكررت أسفار الأمير فيصل، الذي توّج ملكاً على البلاد في 8 آذار 1920، وكان الأمير زيد يحلّ دوماً مكانه حاكماً على الرغم من صغر سنة.
حكومة الأمير زيد (26 كانون الثاني – 8 آذار 1920)
وفي 26 كانون الثاني 1920، كلفه الأمير فيصل بتشكيل حكومة مديرين مصغّرة، مهمتها الإشراف على مراسيم تتويجه يوم 8 آذار 1920. وقد جاءت حكومة المديرين على الشكل الآتي:
أمين التميمي (نائباً لرئيس الحكومة)
رضا باشا الركابي (مديراً للشؤون الحربية)
رشيد طليع (مديراً لشؤون الداخلية)
إسكندر عمّون (مديراً لشؤون العدلية)
وقد ظلّت حكومة الأمير زيد تعمل حتى تعيين الفريق الركابي رئيساً للحكومة يوم 8 آذار 1920.
الطريق إلى معركة ميسلون
بعد صدور إنذار الجنرال الفرنسي هنري غورو لفيصل يوم 14 تموز 1920، وقبوله من قبل الملك وحكومته، التفّ بعض السياسيين السوريين الشباب حول الأمير زيد، وفكروا جدياً بتنحية فيصل لصالحه، ورأوا أنه أقدر على مواجهة الفرنسيين. كان الأمير زيد شاباً في الواحد والعشرين من عمره، وقد خرجت مظاهرة واحدة بدمشق، مؤيدة له ضد فيصل، عُتِّم عليها بشدة. وقد ورد في مذكرات الصحفي اللبناني أسعد داغر، أحد المقربين من الأسرة الهاشمية، ما يلي: “في اعتقادي أن الأمير زيد لو كان حينئذ أكبر سناً وأكثر تجربة لاستطاع أن يكون الرجل المنقذ بفضل العطف العظيم الذي كان يتمتع به في البلاد كلها.” ولكن ذلك لم يحصل واضطر الأمير زيد إلى مغادرة سورية نفياً مع أخيه بعد سقوط العهد الفيصلي إثر هزيمة الجيش السوري في معركة ميسلون يوم 24 تموز 1920.
المرحلة العراقية 1923-1958
غادر الأمير زيد الأراضي السورية نفياً مع أخيه، وتوجه إلى حيفا أولاً ومن ثم إلى إيطاليا، وكانت نيتهم السفر إلى جنيف للاحتجاج أمام عصبة الأمم على الطريقة المهينة التي أُقصوا بها عن سورية. عاد الأمير زيد بعدها إلى مكة للعمل مع أبيه، الذي كان قد أعلن نفسه ملكاً على العرب وعلى مملكة الحجاز الهاشمية منذ سنة 1916. وعندما ولّي الملك فيصل ملكاً على العراق سنة 1921، توجه الأمير زيد إلى بغداد للعمل معه. عُيّن ضابطاً برتبة كولونيل” في الجيش العراقي، مسؤولاً عن جيش عشائر الموصل. وفي صيف العام 1925، سمّي وصيّاً على العرش ونائباً للملك في أثناء وجود فيصل في أوروبا لتلقي العلاج.
المرحلة القبرصية
بعد تنحي الشريف حسين عن عرشه في الحجاز ونفيه إلى قبرص، انتقل زيد للعيش مع أبيه والسهر على خدمته في مدينة نيقوسيا أولاً ثم في ليماسول، وبقي ملازماً للحسين حتى وفاته عام 1931.
في لندن
ذهب عندها زيد بن الحسين إلى بريطانيا لإكمال تحصيله العلمي في جامعة أوكسفورد، حيث اختص بالعلوم الزراعية. وعند تخرجه، عينه الملك فيصل وزيراً مفوضاً في أنقرة يوم 27 شباط 1932. وبعد وفاة فيصل في أيلول 1933، بايع الأمير زيد ابن أخيه غازي الأول ملكاً على العراق، وعُيّن وزيراً مفوضاً في ألمانيا حتى سنة 1938.
وفي سنة 1946، سمّي الأمير زيد سفيراً في لندن، وحافظ على هذا المنصب حتى وقوع الانقلاب العسكري في بغداد يوم 14 تموز 1958، الذي أطاح بحكم الأسرة الهاشمية المالكة وأدى إلى مقتل الملك فيصل الثاني، حفيد فيصل الأول، مع خاله الأمير عبد الإله بن عليّ.
المنفى والوفاة
نُحي الأمير زيد عن منصبه، وعاش في لندن حتى وفاته يوم 18 تشرين الأول 1970. نُقل جثمانه إلى العاصمة الأردنية عمّان، حيث كان في استقباله الملك حسين بن طلال، حفيد شقيقه الأكبر الملك عبد الله الأول، الذي أمر بدفنه في مقابر الأسرة بقصر رغدان.