مدارس

المدرسة العادلية الكبرى

مدرسة أيوبية في منطقة باب البريد بدمشق.

 

العادلية، مدرسة أيوبية علمية تقع مقابل المكتبة الظاهرية في منطقة باب البريد داخل مدينة دمشق القديمة. تتميز ببناء متقن وأنيق، فيه مدفن الملك العادل شقيق صلاح الدين الأيوبي، وتبعد قرابة 100 متر عن الزاوية الشمالية الغربية للجامع الأموي. وفيها أنشأ مجمع اللغة العربية برئاسة محمد كرد علي سنة 1919.

البداية

مر تشييد المدرسة العادلية بمراحل عدة، ابتداء من عهد الملك نور الدين محمود الذي وضع أساساتها وأراد لها أن تكون مركزاً لتدريس المذهب الشافعي، لكنه توفي قبل الانتهاء من العمل. ثم جاء الملك العادل سيف الدين شقيق صلاح الدين الأيوبي، الذي توفي أيضاً قبل إتمام المهام، وتم نقل رفاته من قلعة دمشق إلى أرض المدرسة ليدفن فيها. وأخيراً كان الإنجاز في عهد ابنه الملك المعظّم الذي أكمل البناء سنة 1222، كما تُبين اللوحة الحجرية بجانب باب المدرسة الخارجي، والتي كُتب عليها “مدرسة الملك العادل الأيوبي وتربته.”

تشير المراجع التاريخية إلى أن العادلية كانت حين إنشائها “مدرسة عظيمة، ببناء متقن محكم لا نظير له في بنيان المدارس”، وكانت مقسّمة بشكل أساسي إلى قسم للغة العربية وآخر للفقه الإسلامي. وقد درّس فيها العديد من العلماء والقضاة والفقهاء، وكانت تُعقد فيها حلقات تدريس ونقاش ومناظرات، يقصدها كثير من العلماء والطلاب والمهتمين فيمتلئ إيوان المدرسة بهم.

تعرضت المدرسة لكثير من الأضرار عبر العقود المتتالية نتيجة التخريب والزلازل والحرائق، واستخدمت أحياناً خلال المرحلة العثمانية لأغراض بعيدة عن العلم والتدريس، حيث تم تحويلها إلى مستودعات للبضائع واسطبلات للخيول. كما أجريت عليها عمليات ترميم عدة غيّرت أحياناً بتخطيط وهيكل البناء، لكنّه ما زال محافظاً على الوحدات الأساسية المكونة للمدرسة من إيوانات وصحن ومدخل وفناء، كما أن الواجهات الخارجية ما زالت تحتفظ بأصالتها.

الطراز المعماري

تعد هذه المدرسة نموذجاً للعمارة الأيوبية بمختلف أركانها، زتبلغ مساحتها 1600 متر مربع. تتألف المدرسة العادلية من طابقين، ولها واجهات حجرية عريضة تعلوها نوافذ متجاورة في الطابق الثاني. يقع بابها الأساسي في الواجهة الشرقية، تعلوه زخارف وحجارة متداخلة، ولوحة رخامية كتب عليها اسم المدرسة وتاريخ بنائها، مع الآية 82 من سورة غافر: “أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أكثر منهم وأشد قوة وآثاراً في الأرض.”

يؤدي الباب الرئيسي إلى دهليز واسع يليه باب آخر ثم إيوان مُطل على صحن البناء الأساسي مربع الشكل (18*18 متراً). يتوسط الفناء حوض للماء مع بيت للصلاة على الجانب الجنوبي، ويتوسط الجانب الشمالي إيوان فخم لكن اليوم لم يتبقَ منه سوى واجهته. ويتوسط الجانب الغربي إيوان صغير محاط بغرفتين، أما الجانب الشرقي ففيه المدخل ومجموعة من الغرف وتربة واسعة تعلوها قبة ضريح الملك العادل. وتمتلئ ساحة المدرسة الداخلية بأشجار متنوعة منها الكباد والنارنج.

المدرسة اليوم

رممت المدرسة في عهد الملك فيصل الأول سنة 1919، وتم تحويلها إلى مقر للمتحف الوطني والمجمع العلمي العربي عند تأسيسه من قبل محمد كرد علي، المعروف اليوم بمجمع اللغة العربية. وقد بقيت المدرسة مقراً للمجمع حتى ثمانينيات القرن العشرين، عند نقله إلى مقر جديد في حيّ المالكي. وتتبع المدرسة العادلية اليوم للمكتبة الظاهرية، وقد أودع فيها قسم كبير من كتب الظاهرية، ونقل القسم الآخر إلى مكتبة الأسد الوطنية.

المصادر
  • الدكتور عادل نجم عبو، بحث بعنوان “المدرسة في العمارة الأيوبية في سورية”، منشور في مجلة الحوليات الأثرية السورية، من منشورات المديرية العامة للآثار والمتاحف في الجمهورية العربية السورية، المجلّد الرابع والعشرون، 1974، صـ86، 87.
  • قتيبة الشهابي، دمشق تاريخ وصور، طـ3، مؤسسة النوري للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق، 1994، 254 – 256.
  • عبد القادر بن محمد النعيمي الدمشقي، الدارس في تاريخ المدارس، الجزء الأول، دار الكتب العلمية، بيروت، 927 هـ.
  • عبد القادر بدران، منادمة الأطلال ومسامرة الخيال، المكتب الإسلامي للطباعة والنشر، دمشق، 1960.
  • موقع محافظة دمشق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !