عبد الله الخاني
أمين عام رئاسة الجمهورية (1954-1958)، مؤسس وزارة السياحة وأول وزير (1972-1976)، قاضي في محكمة العدل الدولية (1980-1985).

عبد الله الخاني (1922 – 7 كانون الأول 2020)، قاضٍ سوري ورجل دولة، تولّى الأمانة العامة للرئاسة السورية في عهد الرئيس شكري القوتلي وشارك في مفاوضات الوحدة السورية المصرية سنة 1958. عمل في وزارة الخارجية السورية خلال حقبة الستينيات وبعدها كلّف بتأسيس وزارة السياحة وأصبح أول وزير لها سنة 1972. كما تم انتخابه عضواً في محكمة العدل الدولية خلال السنوات 1980-1985، وقد شغل في سنواته الأخيرة منصب كبير مجلس حكماء مؤسسة تاريخ دمشق.
البداية
ولد عبد الله الخاني سنة 1922 كان والده إماماً للطريقة للطريقة النقشبندية وقاضياً تولّى مناصب شرعية في جنين وحمص وقرية الزبداني في ريف دمشق.(1) دَرس عبد الله الخاني في مدرسة الفرير والتحق بالجامعة الأميركية في بيروت قبل أن يُكمل دراسته في جامعة دمشق، حيث نال شهادة بالحقوق. عمل في مطلع حياته في مكتب المحامي نعيم أنطاكي، أحد رموز الحركة الوطنية في سورية.(2)
العمل في رئاسة الجمهورية
طُلب من عبد الله الخاني الانتقال إلى القصر الجمهوري سنة 1948، نظراً لضلوعه باللغتين الفرنسية والإنكليزية، وكُلّف بمتابعة مباحثات الأمم المتحدة المتعلقة بقضية فلسطين ونقلها مباشرة إلى رئيس الجمهورية شكري القوتلي.(3) ولدت علاقة متينة بين الخاني والرئيس القوتلي، الذي قدّر تفانيه بالعمل وصار يعتمد عليه في إدارة شؤون القصر وتحديداً الأمور المتعلقة بالمكتب الصحفي.
بعد الإطاحة بحكم الرئيس شكري القوتلي سنة 1949، تم إغلاق القصر الجمهوري لفترة وجيزة بأمر من قائد الانقلاب الأول، حالزعيم حسني الزعيم. عاد الخاني إلى عمله نهاية عام 1949 وسافر إلى فرنسا في عهد الرئيس أديب الشيشكلي لدراسة نظام البروتوكول في قصر الإليزيه، ثم إلى لندن لدراستها في قصر بكنغهام.(4)
وقد تدرّج في المناصب الإدارية، ليصبح مديراً للبروتوكول ثم أميناً عاماً بالوكالة للقصر الجمهوري في عهد الرئيس هاشم الأتاسي سنة 1955. وعند إعادة انتخاب شكري القوتلي رئيساً للجمهورية، نظّم الخاني عملية انتقال السلطات بينه وبين الرئيس الأتاسي، وهي المرة الأولى والأخيرة التي يتم فيها تداول السلطة في سورية على هذا الشكل.(5)
عاد إلى قربه القديم من شكري القوتلي، الذي لم ينقطع عنه منذ عام 1949، وشارك معه في كافة اجتماعاته مع قادة ورؤساء العالم، منهم الرئيس المصري جمال عبد الناصر، والهندي جواهرلال نهرو، والملك سعود بن عبد العزيز والملك سين بن طلال، وداغ هامرشولد، أمين عام الأمم المتحدة. كما شارك الخاني في مفاوضات الوحدة السورية – المصرية وعند قيام الجمهورية العربية المتحدة سنة 1958 نُقل من القصر الجمهوري إلى ملاك وزارة الخارجية السورية.(6)
في وزارة الخارجية
تعددت مناصب عبد الله الخاني الدبلوماسية، بين بروكسل ولندن وباريس، حيث عمل في منظمة اليونيسكو وتعرف على العديد من قادة دول العالم، مثل رئيسة وزراء الهند أنديرا غاندي والرئيس الفرنسي شارل ديغول واليوغوسلافي جوزيف تيتو. وقد انضم إلى وفد سورية الدائم في الأمم المتحدة خلال حرب عام 1967، وعُيّن أميناً عاماً لوزارة الخارجية سنة 1969. وبعد وصول الرئيس حافظ الأسد إلى الحكم سنة 1971، أصبح الخاني معاوناً لوزير الخارجية عبد الحليم خدام، وشارك في مفاوضات الرئيس الأسد مع الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون في دمشق سنة 1974 ومع الرئيس جيمي كارتر في جنيف سنة 1977.(7)
الخاني وزيراً
طلب الرئيس حافظ الأسد من عبد الله الخاني تأسيس وزارة السياحة السورية، بعد أن كانت مديرية تابعة لوزارة الاقتصاد، وسُمّي أول وزير للسياحة في حكومة محمود الأيوبي يوم 23 كانون الأول 1972، وأسهم في تنشيط الحركة السياحية في سوريا، وإشادة العديد من المنشآت السياحية. وقد حافظ على منصبه في الحكومة حتى صيف عام 1976، وتخللت ولايته حرب تشرين عام 1973 وشهدت افتتاح فندق الميريدان ووضع أساسات فندق الشيراتون ومحاولة لفتح فندق هيلتون دمشق.(8)
في المحافل الدولية
انتُخب عبد الله الخاني عضواً في محكمة العدل الدولية في كانون الثاني 1980 وفي الهيئة الدولية للتحكيم التابعة لـغرفة التجارة الدولية في باريس، ابتداء من عام 1990. كما تم انتخابه عضواً مستقلاً في مجلس التحكيم الدولي في مجال الرياضة، وكان حكماً في كل دورات الألعاب الأولمبية منها في مدينة أتلانتا الأميركية سنة 1996. وفي عام 1993، أصبح عضواً في المركز الدولي للتحكيم التجاري في البحرين، وفي المحكمة الدستورية لاتحاد البوسنة والهرسك من عام 1993 وحتى 1999، كما شارك في تدريب الفريق المكلف وضع دستور لسراييفو، وأدى دوراً إيجابياً في أن تضع الحرب أوزارها. وفي تموز 2011 كانت له مشاركة في إطلاق مؤتمر الحوار الوطني مع بداية الحرب السورية.
مؤلفات الخاني
بدأ عبد الله الخاني بوضع مذكراته وكتبه عن تاريخ سورية الحديث، وكان أولها كتاب عن حياة الرئيس شكري القوتلي بعنوان “جهاد شكري القوتلي في سبيل الإستقلال والوحدة،” الذي صدر عن دار النفائس في بيروت سنة 2003. تلاه كتاب عن سنوات عمل الخاني في الأمانة العامة للرئاسة السورية بعنوان “سورية بين الديمقراطية الحكم الفردي” (بيروت 2004) وكتاب ثالث عن تجربته في وزارة السياحة بعنوان “ولادة السياحة في سورية” (بيروت 2008). أما عن سنواته في وزارة الخارجية، فقد نُشرت في كتاب بعنوان “مهمات سياسية ودبلوماسية” (2009).
ثم جاء كتاب “المحاكم الدولية والحضور السوري والعربي” الذي صدر في لبنان وتحدث فيه عبد الله الخاني عن عمله في محكمة العدل الدولية. وفي سنة 2019، وضع الخاني مقدمة كتاب “عبد الناصر والتأميم ووقائع الانقلاب الاقتصادي في سورية” للكاتب السوري سامي مروان مبيّض، أحد تلامذة عبد الله الخاني.
وفاته
توفي عبد الله الخاني في دمشق عن عمر ناهز 98 عاماً يوم الاثنين 7 كانون الأول 2020. وقبل وفاته كان قد أعطى حديثاً صحفياً لجريدة الوطن ختمه بالقول: “لم يبق سوى القارة المتجمدة لم أزرها، وما من بلد أعظم من دمشق.”