عصام بن عبد الله المحايري (1918 -14 حزيران 2022)، سياسي سوري من دمشق وأحد القادة التاريخيين للحزب السوري القومي الاجتماعي. انتُخب رئيساً للحزب في فترات متقطعة ما بين 1949-2016 وكان عضواً في الجمعية التأسيسية التي وضعت دستور عام 1950، قبل أن يتم اعتقاله على خلفية اغتيال العقيد عدنان المالكي بدمشق في 22 نيسان 1955. بقي سجيناً لغاية 31 آب 1965 وعاد إلى العمل السياسي في سورية سنة 2005، بعد إدخال حزبه في صفوف الجبهة الوطنية التقدمية الحاكمة منذ عام 1972.
البداية
ولِد عصام المحايري بدمشق وهو سليل أسرة تجارية. دَرَس في القاهرة وفي مدرسة اللاييك بدمشق، ونال شهادة الحقوق من الجامعة السورية سنة 1949. لمع نجمه في سنوات الشباب كلاعب كرة قدم، حيث شارك في تأسيس النادي الأهلي الرياضي وعَمل في بداية حياته موظفاً في المصرف الزراعي قبل أن يتفرغ كلياً للعمل السياسي.
مع أنطون سعادة
تأثر المحايري بفكر أنطون سعادة وفي سنة 1944 انتسب رسمياً إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي. وعندما لجأ سعادة إلى دمشق هرباً من الاعتقال في لبنان سنة 1949، توطدت العلاقة بينه وبين المحايري، وتعاونا معاً لأجل إطلاق ثورة شعبية في لبنان، تُطيح بنظام الميثاق الوطني المُبرم بين رئيس الجمهورية اللبنانية بشارة الخوري ورئيس حكومته رياض الصلح. حصل الحزب على دعم سياسي ومالي وعسكري من حسني الزعيم، الذي كان يُريد أيضاً قلب نظام الحكم في لبنان بسبب رفض الرؤساء الخوري والصلح الاعتراف بشرعية انقلابه في سورية. شُكلت مجموعات مسلحة للدخول إلى الأراضي اللبنانية والقيام بثورة، ولكن حسني الزعيم غدر بهم أولاً ثم بأنطون سعادة وقام بتسليمه إلى السلطات اللبنانية مقابل اعتراف رياض الصلح بشرعية حكمه بدمشق. تمّت محاكمة سعادة صورياً في لبنان وأعدم رمياً بالرصاص بأمر من رياض الصلح في 8 تموز 1949.
المحايري مشرعاً ونائباً (1949-1951)
ثار عصام المحايري غضباً من خيانة الزعيم، وكان أحد أبرز مؤيدي الانقلاب العسكري الذي أطاح به وأدى إلى مقتله في 14 آب 1949. أنتخب المحايري رئيساً لفرع الحزب في سورية وعضواً في مجلسه الأعلى في لبنان، كما فاز بعضوية الجمعية التأسيسية المُكلّفة بوضع دستور جديد للبلاد سنة 1949. وبعد إتمام مهمتها تحوّلت الجمعية إلى مجلس نيابي بصلاحيات تشريعية كاملة، وكان المحايري عضواً فيه. وعندما طُلب من أعضاء المجلس الوقوف دقيقة صمت على روح رياض الصلح، الذي كان قد قُتل على يد السوريين القوميين في عمّان سنة 1951، رفض المحايري الاستجابة وخرج من القاعة غاضباً.
عهد الشيشكلي (1951-1954)
أسس عصام المحايري صحيفة أسبوعية بعنوان الجيل الجديد، كانت ناطقة بلسان حزبه وصدر عددها الأول في 12 أيلول 1950. وكان مقرباً من العقيد أديب الشيشكلي، المنتسب أيضاً إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي، والذي وصل إلى سدّة الحكم بعد تنفيذ انقلاب عسكري ضد رئيس الجمهورية هاشم الأتاسي في تشرين الثاني 1951. حكم الشيشكلي من خلف الستار من سنة 1951 ولغاية انتخابه رئيساً في تموز 1953، حيث كان المحايري بمثابة المستشار السياسي له، دون تكليف رسمي. وفي عهده، صدر قرار بحظر جميع الأحزاب السياسية في البلاد باستثناء حركة التحرير العربي التي كان قد الشيشكلي أطلقها سنة 1952 والحزب السوري القومي الاجتماعي. في عهد الشيشكلي سنة 1952 أطلق صحيفة البناء بالتعاون مع زميله فهمي المحايري وفي 26 كانون الثاني 1954، حولها إلى صحيفة البناء الجديد التي باتت ناطقة بلسان حزبه لغاية عام 1955.
مقتل عدنان المالكي
في 22 نيسان 1955 اغتيل العقيد عدنان المالكي في الملعب البلدي بدمشق ووجهت أصابع الاتهام إلى القوميين السوريين بسبب انتماء القاتل يونس عبد الرحيم إلى حزب المحايري. شنّت حملة اعتقالات واسعة في صفوف الحزب، طالت عصام المحايري والأمينة الأولى جوليت المير، زوجة أنطون سعادة، كما صدر قرار عن رئيس الجمهورية هاشم الأتاسي بحظر نشاط الحزب في سورية. نفى المحايري علاقته بقضية المالكي، وكل ما قيل عن تقاضيه أموالاً من الولايات المتحدة الأميركية لتنفيذ الجريمة، ولكنّه بقي معتقلاً في سجن المزة من سنة 1955 ولغاية صدور عفو خاص عنه رئيس الحكومة صلاح الدين البيطار في 31 آب 1965. توجه عندها إلى لبنان حيث كان الحزب لا يزال نشطاً وفعالاً في الحياة السياسية، وتم انتخابه رئيساً للمجلس الأعلى سنة 1971. وفي عهده حصل انشقاق كبير في صفوف الحزب قاد المحايري أحد الأجنحة، وفي سنة 1987 أنتخب رئيساً لمجلس الطوارئ وحافظ على منصبه حتى عام 1998.
المحايري بعد سنة 2005
بعد غياب طويل، نجح عصام المحايري في استعادة رخصة حزبه في سورية سنة 2005، بعد عقد تحالف مع حزب البعث الحاكم منذ سنة 1963 ودخوله في صفوف الجبهة الوطنية التقدمية. أصبح الحزب ممثلاً في مجلس الشعب وفي الحكومة السورية، وانتخب المحايري رئيساً للمكتب السياسي ثم رئيساً لجناح الحزب في سورية سنة 2012. ساند الرئيس بشار الأسد بعد اندلاع الحرب السورية عام 2011، قبل أن يستقيل بسبب تقدمه في السن عام 2016.
الوفاة
توجه بعدها عصام المحايري إلى دبي لقضاء سنوات التقاعد بعيداً عن السياسة، وفيها توفي عن عمر ناهز 105 سنة يوم 14 حزيران 2022.