عمر حجو (31 آذار 1931 – 4 آذار 2015) ممثل سوري من مواليد حلب، وهو من مؤسسي نقابة الفنانين السوريين، ووالد المخرج الليث حجو، وشقيق الفنانة الراحلة أميرة حجو.
يعتبر عمر حجو قامة فنية وتربوية وثقافية، فهو من مؤسسي الحركة الفنية السورية ابتداءً من مسرح حلب، ومسرح الشعب، إلى تأسيس نقابة الفنانين، والمسرح الإيمائي في سورية، ومسرح الشوك، والتلفزيون السوري. إضافة إلى أنه شغل منصب أمين سر ورئيس مكتب الاستثمار في نقابة الفنانين لسنوات طويلة.
والده كان أمياً رغم أنه يتقن الفرنسية بسبب عمله سابقاً مع الجيش الفرنسي، أصر الوالد على تعليم ولده عمر فأدخله مدرسة “الملك فيصل” وهو الوحيد المتعلم بين أخوته. توقف حجو عن الدراسة بعد أن اضطر أن يهرب مع والديه إلى منطقة “دركوش” (بلدة أبيه القديمة) بسبب قيام الحرب العالمية الثانية، لكن العائلة عادت إلى حلب عام 1941.
أكمل تعليمه وحصل على الشهادة الابتدائية، وتوقف بعدها عن التعليم بسبب تجاوزه السن المحدد للدراسة، وظروفه المعيشية السيئة. انضم بعدها حجو “للمدرسة الخسروفية” لتعليم القرآن، ولكن بسب سنه لم يكمل فيها، واتخذ حينها قرار ترك التعليم والالتحاق بالمسرح ليبدأ العمل فيه.
تحدث عمر حجو عن أبيه بفخر قائلا: «حين بدأت في العمل بالمسرح، لم يكن أبي يدرك ماهية الفن، وعندما سمع بالأمر لم يتفوه بأي كلمة، وأذكر حينما كنا في عرض مسرحي على خشبة سينما سورية بحلب، وكان أبي سائق سيارة آنذاك، جاء لينتظرني في الخارج، وبعد أن أنهينا العمل قيل لي إن أباك ينتظرك في الخارج، فخرجت إليه وسألته: لماذا لم تدخل إلى الحفل لتتفرج، فقال: لا أريد إحراجك، فقد ترتبك من وجودي ولا تعرف ماذا تفعل. بالطبع لم يكن من السهل على أب أميّ أن يتقبل انخراط ابنه في الفن، ولكنه اكتشف بأن ما أقدمه يمكن أن يكون مفيداً للناس، ولهذا أنا عند ما أوصاني به، وهو أن يبقى ما أقدمه مفيداً للناس.»
كان للانتقال من منزل إلى منزل في مدينة حلب التي ترعرع فيها في فترة الأربعينيات بسبب الفقر والحاجة، أثر كبير في نفسه وفي مسرحه، إذ اطلع على يوميات الحارات الشعبية، وتعرف إلى شخصيات تلك الحارات التي جسدها على خشبة المسرح، لتكون واقعاً يعرض أمام أعين أصحابها.
مسيرته الفنية
في المسرح
كانت بداياته الفنية عبر أعمال مسرحية عرضت على مسارح حلب، شكل أول فرقة مسرحية خاصة فيه بعد العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 مع الفنان “عبد المنعم أسبر” حملت اسم “الفنون الشعبية” وقدمت مجموعة من المسرحيات الجادة مثل “الاستعمار في العصفورية”، و”مبدأ ايزنهاور” التي أثارت ردود أفعال حادة من السفارة الأمريكية في دمشق، لدرجة تقديم احتجاج رسمي للسلطات دفع الرقابة للتضييق عليه.
ومن هنا اكتشف أن الجمهور ليس بحاجة للتهريج والإضحاك الذي كان يقدم على خشبات المسارح بقدر ما هو بحاجة إلى مسرح جاد وملتزم بقضاياه السياسية والاجتماعية، إذ كانت الجماهير تخرج من قاعة العرض لتهتف ضد الاستعمار ولتحيي الوحدة العربية.
يقول الفنان حجو: «بدأت الرقابة بالضغط علينا وصارت تتفنن في إجبارنا على عرض النصوص عليها قبل كل عرض وعلى شطب عبارات ومشاهد سياسية تناقض توجهات السلطة، وكثيراً ما كنت أستدعى للجهات الأمنية آنذاك لما يشبه التحقيق، فكان أن توقفنا، وبدأت أبحث عن شكل جديد لا يعرضنا لضغوطات الرقابة.»
اتجه حجو بعد ذلك إلى مسرح البانتومايم (المسرح الإيمائي)، وأول عرض قدمه كان عن البيروقراطية واسمه “الدائرة”. كما قدمه للمرة الأولى في العالم العربي عام 1959، على مدرج جامعة القاهرة في مصر أمام أعضاء المؤتمر الآسيوي الأفريقي من خلال عرض حمل اسم “نصر الشعوب”، ثم قدم عرضاً بعنوان “الخاطبة”.
وعن تلك التجربة يقول: «انتبهت الرقابة إلى أننا نعرض الكثير من الانتقادات عبر مسرح البانتوميم، فأرادت معرفة فكرة النص، ومرة أخرى بدأت تلاحقنا، إذ اكتشفت أن هذا المسرح الصامت لا يقل خطورة عن المسرح الناطق، بل هو أخطر، فصارت الرقابة تطالبني بأن أقدم شرحاً مفصلاً عن كل حركة ومعناها، وقد تعاقدت معي وزارة الثقافة السورية حينها على تأسيس فرقة مسرح صامت في دمشق، ولكن لأسباب عديدة فشل المشروع.»
بعد 10 سنوات من تجربة المسرح الإيمائي، أسس عمر حجو فرقة مسرح الشوك، القائم على نقد الأوضاع السياسية والاجتماعية في سوريا، وقدم عرضه الأول “مرايا” على خشبة مسرح المركز الثقافي السوفييتي في دمشق عام 1969. حقق العرض نجاحاً جماهيرياً لافتاً، وعن هذا النجاح تحدث عمر حجو: «كان عرض المرايا عبارة عن 25 فكرة عرضت بشكل مختصر ومفيد، فيها وخزات وفيها انتقاد للواقع السياسي، ولأننا كنا خارجين من حرب 67 فقد رأى فيه المشاهد المتلقي الأحداث التي جرت في ساحة الحرب وتداعيات تلك الحرب مجسدة أمام عينيه، ولذلك كتب النجاح لذاك العرض، لأنه كان يلامس أوجاع الأمة.»
تلته عروض عديدة حققت نجاحاً محلياً وعربياً شارك فيها فنانون سوريون كبار أمثال دريد لحام ونهاد قلعي ورفيق السبيعي وزياد مولوي وآخرون. كما شارك حجو في المسرحيات التي قدمها دريد لحام، ومحمد الماغوط وأبرزها: “ضيعة تشرين” 1974، و”كاسك يا وطن” 1979، و”غربة” 1976، و”شقائق النعمان” 1978.
لكن المساهمة المسرحية الأخرى المهمة في مسيرة عمر حجو كانت تأسيسه للمسرح الجوال بالتعاون مع المسرحي الراحل سعد الله ونوس، والمخرج علاء الدين كوكش.
تأسيسه لمهرجان دمشق للفنون المسرحية
منعته الرقابة من تقديم عروض مسرح الشوك على مسارح دمشق، فقد كان يقدم لوحات مسرحية قصيرة مكثفة جريئة وساخرة في تناول جوانب الحياة السياسية. بعد هذا المنع قرر عمر حجو وزملائه تأسيس مهرجان دمشق للفنون المسرحية كأول مهرجان مسرحي في الوطن العربي، تقدم فيه عروض سورية وعربية، ومنها عروض مسرح الشوك، لكن التجربة لم تستمر طويلا.
خلافه مع دريد لحام
كان حجو أحد أبطال مسرحية “صانع المطر” عام 1992، إلا أن خلافاً مالياً وقع بينه وبين دريد لحام، ما استدعى الأخير لاستبعاده، وتصوير المسرحية بالاستعانة بالفنان الراحل “حسن دكاك” بديلاً لحجو، قبل أن يتم الصلح بين الثنائي بعد سنوات من القطيعة. صورت المسرحية تلفزيونياً بلا عمر حجو، لكنها فشلت في حصد النجاحات التي حققها دريد لحام سابقاً بأعماله مع عمر حجو، وعندما تم الصلح بين الثنائي قدما سويةً مسرحية “السقوط” في قطر أواخر العام 2010، ثم أعاد عرضها في قطر مطلع العام 2011.
في السينما
شارك في العديد من الأفلام السينمائية الهامة مثل: “صح النوم” 1975 و”امبراطورية غوار” 1982 و”الحدود” 1984 و”التقرير” 1986 و”كفرون” 1990 مع الفنان دريد لحام. بالإضافة لأفلام: حب وكاراتيه، واللص الظريف، والثعلب، وغرام المهرج الذي ألفه.
في التلفزيون
أما عبر الشاشة الصغيرة التي كان عمر حجو من أهم المؤسسين لها، فقد بدأ أول أعماله عبر مسلسل “ساعي البريد” 1962، الذي شارك في إنتاجه مع المخرج سليم قطايا. وفي 1968 شارك في مسلسل “حكايا الليل”، ومسلسل “تلاميذ المدرسة” 1970، ومسلسل “دولاب” 1971، وكانت هذه الأعمال جميعها بالأبيض والأسود.
قدم بعدها عمر حجو مجموعة كبيرة من الأعمال الملونة ومن أهمها: “وين الغلط”، “وادي المسك”، “المجنون طليقاً”، “الدغري”، “خان الحرير ج1”، “باب الحديد”، “قلوب خضراء”، “خان الحرير ج”2، “الثريا”، “حي المزار”، “تلك الأيام”، “فرصة عمر”، “سيرة آل الجلالي”، “مبروك”، “بقعة ضوء”، “أيام اللولو ج2”، “أنا وأبنائي”، “الرجل س”، “صراع الزمن”، “قانون ولكن”، “ربيع بلا زهور”، “عالمكشوف”، “دوار القمر”، “حكايا الليل والنهار”، “أهل الغرام ج1”، “الانتظار”، “كوم الحجر”، “المنعطف”، “الخربة”، “أرواح عارية”.
عاد عمر حجو للتعاون مع الفنان دريد لحام في العام 2015 من خلال مسلسل “سنعود بعد قليل” والذي كان آخر أعماله قبل رحيله. أما في التأليف قدم عمر حجو تجربتين خلال مسيرته وهما: مسلسل “مساكين” عام 1969، وفيلم “غرام المهرج” عام 1976.
حياته الشخصية
تزوج سيدة من خارج الوسط الفني، وأنجب منها ولدين هما: المخرج الشهير الليث حجو، وسالم حجو. شقيقته أميرة حجو وهي ممثلة معروفة أيضاً توفيت عام 2017 بعد إصابتها بمرض السرطان.
وفاته
أعلن صباح يوم الأربعاء 4 آذار 2015 أن الفنان السوري عمر حجو قد فارق الحياة إثر نوبة قلبية عن عمر ناهز 65 عاماً، وكان حجّو قد خضع لعمليّة ديسك قبل عدة أيام من وفاته، التي أعتبرها البعض السبب غير المباشر لوفاته لا سيّما وأنه متقدم في السّن.
شيع الفنان بعد ظهر نفس اليوم من مشفى الرازي بدمشق، حيث صلي على جثمانه في مسجد لالا باشا ووري الثرى في مقبرة باب الصغير بدمشق بحضور فني وإعلامي كبير.