مباني تاريخيةمنشآت صحية

البيمارستان النوري

مستشفى قديم ومقر متحف الطب والعلوم عند العرب

البيمارستان النوري، مستشفى قديم في منطقة الحريقة، بني في عهد الملك العادل نور الدين محمود الزنكي أوائل القرن الثاني عشر في وكان من أشهر مدارس الطب والصيدلة في العالم وتخرج فيه أطباء كبار وفي مقدمتهم ابن النفيس، قبل أن يتحول في سبعينيات القرن العشرين إلى متحف الطب والعلوم عند العرب. كما تشير اللوحة الرخامية على واجهته الأساسية، بني البيمارستان النوري في عهد نور الدين الزنكي عام 1154 وكان واحد من ثلاثة بيمارستانات اشتهرت بها دمشق إلى جانب البيمارستان القيمري والدقاقي.

التاريخ

عند تشييده خصصه الزنكي بداية للفقراء والمساكين، وكان يتسع لأكثر من ألف سرير، وفيه مكتبة كبيرة تضم مجموعة هامة من الكتب الطبية والعلمية. عمل ضمن كوادره نخبة من أطباء البلاد، وإلى جانب دوره كمستشفى، صار له دور في تعليم الطلاب أصول الطب، وتحول إلى واحدة من أهم مدارس الطب والصيدلة في العالم الإسلامي، كما كان من أوائل المشافي في العالم التي عملت على علاج الأمراض النفسية بواسطة الموسيقى.

ووفق ما ورد ضمن مخطوط موجود في البيمارستان، فقد زاره ابن جبير في القرن الثاني عشر فقال:

الأطباء يبكرون إليه في كل يوم، ويتفقدون المرضى، ويأمرون بإعداد ما يصلحهم من الأدوية والأغذية حسبما يليق بكل إنسان منهم. وللمجانين المعتقلين أيضاً ضرب من العلاج.

وجاء في موضع آخر بأن:

الأطباء اهتدوا إلى المعالجة بواسطة الموسيقى للترويح عن المرضى وتسليتهم عن آلامهم، فكانوا يجلبون القصاص والمطربين إلى القاعات، وكانوا يجعلون لمن يخرج من البيمارستان عند برئه كسوة، وخمس قطع من الذهب كإعانة حتى تنتهي فترة نقاهته.

الطراز المعماري

يتميز البيمارستان النوري بطرازه المعماري البديع، فله قبة حمراء مقرنصة ومزينة بالزجاج، ومدخل واسع من خلال باب خشبي بدرفتين يعلوه جدار طولاني تزينه المقرنصات الحجرية، يفضي إلى غرفة مربعة صغيرة تعلوها القبة المقرنصة وتزين جدارنها الرخامية كتابات وآيات قرآنية، ومن ثم باب خشبي آخر يفضي إلى البناء الأساسي للبيمارستان أو المتحف.

ويتألف البناء الرئيسي للبيمارستان من باحة سماوية كبيرة تزينها الأشجار مع بحرة في المنتصف، وعلى جانبيها ثلاثة أواوين أكبرها هو الذي يواجه المدخل، على جانبيها القاعات الرئيسية التي كانت غرف المشفى واليوم هي مخصصة لمعروضات المتحف. وتزين جدران الباحة عبارات ورسومات وآيات قرآنية عن الصحة والطب والشفاء.

 

المتحف اليوم

خلال القرون اللاحقة لتأسيسه تعرّض البيمارستان لكثير من التغييرات، من عمليات توسع وترميم وتجديد، وأيضاً دمار عند دخول المغول إلى دمشق. ومع تأسيس المشافي في المدينة في أواخر القرن التاسع عشر لم يعد له دور كمستشفى، فتحول إلى مدرسة ومن ثم إلى متحف الطب والعلوم عند العرب في سبعينيات القرن العشرين.

يتألف المتحف اليوم من أربع قاعات أساسية هي قاعة الطب والصيدلة والعلوم والطيور المحنطة، إلى جانب المكتبة، وتضم القاعات مجموعة مقتنيات ولوحات ورسومات وأدوات تشرح تطور العلوم بمختلف أقسامها عند العرب، من طب وعلاج وتصنيع للأدوية وطب بيطري.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !