خان الحرير هو أحد أقدم الخانات التاريخية في مدينة دمشق القديمة حيث يعود إلى العهد العثماني، يقع إلى الجنوب الغربي من الجامع الأموي في سوق الحرير، بناه الوالي درويش باشا أثناء ولايته على دمشق في الفترة بين عامي 1571 – 1573.
خان الحرير نموذج للخانات في العالم العربي الإسلامي، وهو يتبع المبادئ العثمانية التقليدية في البناء التي تتضمن الفسحة السماوية والممرات المغطاة بالقباب الصغيرة التقليدية. كان لخان الحرير وظائف متعددة، فهو مكان لاستراحة القادمين إلى بلاد الشام، والذين كانوا مسافرين على طريق الحرير التاريخي، كما كان يتم فيه التبادل التجاري بينهم وبين تجار دمشق، ويخدم كمقر لبيع المنتجات التي يتم تصنيعها في الخان، وبيع المواد الأولية التي تستخدم في عملية التصنيع.
لمحة تاريخية
بني خان الحرير بين عامي 1573 و1574، كوقف لجامع الدرويشية، وقد سمي أولاً قيسارية درويش باشا، ثم أعيدت تسميته بناءً على وظيفته فأصبح خان الحرير، حيث تختص المحلات التي في داخل وحول الخان ببيع العبي والشالات والحطات والجلاليب والأقمشة. وقد كان خان الحرير الخان الأول الكبير الذي يبنى داخل أسوار المدينة القديمة، وكان بناؤه بداية نقلة نوعية في النشاطات التجارية في المنطقة الواقعة جنوب غرب الجامع الأموي.
الطابق الأرضي كان عبارة عن دكاكين ومخازن للبضاعة وإسطبلات للخيل والجمال، أما الطابق العلوي فكان مخصصاً للتجار والمسافرين للنوم فيه، وغرف النوم فيه بشكل دائري يطل المسافر منها على الفسحة من خلال درابزين حديدية مزخرفة، وتنار الغرف بالشموع والقناديل.
معالمه
مسقط المبنى شبه مربع يشغل مساحة حوالي 2500 م2، ويتضمن 27 محلاً مسقوفاً ضمن جدرانه الخارجية، وعدد الغرف الموجودة في الخان حوالي 90 غرفة. يفضي المدخل الرئيس في الجدار الشمالي إلى فسحة سماوية مساحتها حوالي 300 م2، وهي محاطة بصفين من الغرف تتضمن بوقتنا الراهن الورشات والمحلات. بلطت الفسحة السماوية بالحجارة السوداء مع حوض مستطيل الشكل في المركز.
يتبع هذا الخان طراز الخانات الدمشقية، وهو لذلك من طابقين يتم الصعود إلى الطابق العلوي عبر درج على كلا الجانبين خلف المدخل. ويضم الطابق العلوي غرفاً مصفوفة على جانبي الممر عدا الجهة الشرقية التي تصطف فيها الغرف على طول جانب الفسحة فقط، ويشغله حاليًا صانعو الأحذية والجوارب والقباقيب والزنانير والمطرزات. جميع الغرف مسقوفة بقبوات متصالبة أو سريرية، وفوق المدخل هناك ثلاث غرف مسقوفة بقبوات سريرية، منها غرفة الحارس مواجهة للخارج، وغرفة الخانجي (صاحب الخان) مواجهة للفسحة. غطي المبنى بأربع وأربعين قبة تمتد فوق الممر، وتواجه ثلاث من جهات الخان ممرات للمشاة، وتتميز جدرانها بمداميك الأبلق، وهي خاصية تميز العمارة المملوكية العثمانية في دمشق.