مدني الخيمي (24 كانون الأول 1914- 25 شباط 1997)، طبيب سوري من دمشق تسلّم عمادة كلية الطب سنة 1968 وعُيّن رئيساً لجامعة دمشق من آب 1971 ولغاية تشرين الثاني 1972، تاريخ تعيينه وزيراً للصحة في مطلع عهد الرئيس حافظ الأسد، وقد بقي على منصبه طيلة عقد السبعينيات حتى سنة 1980.
وبعد عودته إلى دمشق عُيّن أستاذاً لمادة الأمراض الداخلية في الجامعة السورية، وفي سنة 1949 كان طبيباً لحسني الزعيم، مهندس الانقلاب الأول في سورية، ثم طبيباً خاصاً لرئيس الحكومة خالد العظم سنة 1951. وفي سنة 1968، عُيّن عميداً لكلية الطب حتى 15 آب 1971 تاريخ تسميته رئيساً للجامعة السورية، التي كان اسمها قد تحول إلى جامعة دمشق. كان ذلك في مطلع عهد الرئيس حافظ الأسد، وقد حصل منه الخيمي على موافقة لإنشاء موقع جديد للجامعة، بين بساتين المزة وقرية كفرسوسة، أقيمت فيه كلية الفنون ومقرات جديدة لكليات الطب والحقوق. وبناء عليه قام بمنح الرئيس الأسد شهادة دكتوراة فخرية من جامعة دمشق.
محمد صالح بن عبد الله فرفور (1901-9 أيلول 1986)، فقيه حنفي وداعية سوري من دمشق، أسس وترأس معهد الفتح الإسلامي وكان أحد الآباء المؤسسين لرابطة العلماء. درس لسنوات طويلة تحت قبة النسر في الجامع الأموي وكان أحد مؤسسي كلية الشريعة في الجامعة السورية سنة 1956.
كان نجّاراً بارعاً، يأكل من كسب يده مالاً حلالاً، كما كان شأن كبار الصّحابة، وكبار العلماء، وكان يغدو إلى درس الشّيخ هاشم الخطيب في المسجد، ثم يؤمُّ دكّانه في السّوق، يُحْسن عمله، وينصح من يعامله، ويقنع بالقليل من الحلال، لم يكن غشّاشاً ولا طمّاعاً ولا مدَّعياً في صناعته.
الأسبوع الرياضي، صحيفة متخصصة بالشؤون الرياضية كانت الثانية من نوعها في سورية بعد مجلة الميادين للصحفي الرياضي بكري المرادي. أسسها كامل البنيسنة 1955 وما زالت تصدر حتى اليوم.بدأت الأسبوع الرياضي كملحق فيجريدة الأيامالدمشقية سنة 1941، وكان يُشرف عليها البنيبصفته أحد مؤسسي الاتحاد السوري لكرة القدم.وفي سنة 1955 قرر الانفصال عن الأياموإطلاق صحيفة خاصة به باسم “الأسبوع الرياضي.” لم تُعطل ولم تتوقف في الأحداث السياسية التي مرت على سورية منذ تأسيسها وذلك لابتعادها عن أي موضوع سياسي، وظلّت تصدر بعد وفاة صاحبها سنة 1997.
كامل بن محي الدين البني (1910 – 4 حزيران 1997)، صحفي سوري من دمشق وأحد مؤسس الصحافة الرياضية في سورية وصاحب جريدة الأسبوع الرياضي.
البداية
ولِد كامل البني في مدينة دمشق ودرس في مدارسها الحكومية. ذاع صيته في مرحلة الشباب كأحد أبرز مُنظمي الإضرابات الطلابية ضد الانتداب الفرنسي، حيث قد أصيب ذات مرة بثلاث رصاصات ظلّت عالقة في جسده وكان يعتبرها “وساماً مشرفاً” حتى الممات.
بدأ حياته المهنية محرراً في جريدة الأيام سنة 1932، ونظراً لاهتمامه بشؤون الرياضة شارك في تأسيس عدد من النوادي الرياضية مثل نادي بردى سنة 1928. وفي سنة 1936 تعاون مع مجموعة من الرياضيين والسياسيين، ومنهم سهيل فارس الخوري، على إطلاق الاتحاد السوري لكرة القدم.
جريدة الأسبوع الرياضي
وفي سنة 1941، كلفه نصوح بابيل، رئيس تحرير الأيام، بإنشاء ملحق مخصص للأمور الرياضية والكشفية والسينمائية في سورية. ظلّ البني يُصدر هذا الملحق حتى سنة 1955 عندما انفصل عن الأيام وأسس صحيفة رياضية خاصة به، أطلق عليها اسم الأسبوع الرياضي. استقطب الأقلام الشابة للكتابة واعتمد على الصور والمقابلات والريبورتاج الميداني من الملاعب والأندية. وله يعود الفضل في تدريب وتأهيل عدد كبير من المُعلقين والحكّام والرياضيين السوريين، مثل الفارس معتز قباني والحكم عدنان بوظو.
السنوات الأخيرة
تعرض البني لحادث أليم يوم تفجير منزله في حيّ المهاجرين سنة 1982، ما أدى إلى إحراق أوراقه الخاصة ومذكراته، وكان ذلك في أثناء المواجهات الدامية بين الدولة السورية وتنظيم الإخوان المسلمين. وفي سنواته الأخيرة عُيّن مسؤولاً عن اللجنة المركزية لتوثيق وأرشفة الحركة الرياضية في سورية، التابعة للاتحاد الرياضي.
الوفاة
توفي كامل البني عن عمر ناهز 87 عاماً يوم 4 حزيران 1997.
ولِد جمال الفرا في حيّ القنوات بدمشق وتلقى علومه الابتدائية في مدرسة العصر الجديد والثانوية في مكتب عنبر. درس الكيمياء في جامعة السوربون وعند تخرجه سنة 1935 عاد إلى دمشق وعُيّن مُدرّساً للرياضيات في مكتب عنبر ثمّ للفيزياء في التجهيز الأولى، فمدير لمدرسة التجهيز الثانية في منطقة الحلبوني سنة 1937. وفي سنة 1945 سمّي مديراً للتعليم الثانوي في سورية وبعدها أميناً عاماً لوزارة المعارف.
وزيراً في عهد الزعيم (آذار – نيسان 1949)
وعند وقوع الانقلاب الأول في 29 آذار 1949، شكلت حكومة من الأُمناء العامين في كل وزارة، ترأسها حسني الزعيم وسمّي فيها جمال الفرا مسؤولاً عن حقيبة المعارف حتى 19 نيسان 1949. إضافة لعمله الحكومي، كان يشغل وقتها عضوية مجلس إدارة شركة الكونسروة التي أسسها شكري القوتلي مع نخبة من تجار دمشق قبل انتخابه رئيساً سنة 1943.
بين الوزارة والسفارة
وبعد زوال حكم الزعيم في 14 آب 1949 انتقل جمال الفرا إلى وزارة الخارجية وأصبح رئيساً للبعثة السورية في بلجيكا. ولكن هذا التكليف لم يستمر إلا أشهراً معدودة فقط حيث استدعي إلى دمشق وسمّي أميناً عاماً لوزارة الخارجية. وبعد نجاح الانقلاب الرابع في سورية وتنصيب اللواء فوزي سلو رئيساً للدولة نهاية العام 1951، شكلت حكومة جديدة برئاسته على غرار حكومة حسني الزعيم الأولى، تولّى فيها جمال الفرا حقيبة الخارجية حتى شهر حزيران من العام 1952. وفي سنة 1953 ومع انتخاب أديب الشيشكلي رئيساً للجمهورية، صدر قرار بتعيين الفرا وزيراً مفوضاً في السويدوالدنماركوالنرويجوفنلندا وقد ظلّ يشغل هذه المناصب حتى الإطاحة بحكم الشيشكلي في شباط 1954.
في مطلع عهد الانفصال نقل الفرا إلى السفارة السورية في بون وفي حزيران 1962 ومع استقالة عدنان الأزهري من حكومة الرئيس بشير العظمة، عُيّن الفرا وزيراً للخارجية حتى تشرين الأول 1962. خلفه في حقيبة الخارجية الدكتور أسعد محاسن الذي قام بتعيينه سفيراً في روما، وهو المنصب الذي كان يشغله عشية انقلاب 8 آذار 1963. بقي الفرا يعمل في الخارجية السورية، وكان آخر منصب له سفيراً في ألمانية الغربية مرة ثانية لغاية عام 1964، تاريخ تقاعده من العمل الحكومي وتفرغه للكتابة.
المؤلفات
وفي سنوات التقاعد أثبت الفرا إنه أديب فذ، وقد كتب عدة روايات وقصص وأبحاث، ومنها:
الراديو والتلفاز (دمشق 1935)
ثلاث سنين في بلد لينين (دمشق 1991)
دنيا المغتربين (بيروت 1962)
لؤلؤة مايوركا (دمشق 1990)
صدى السنين الحاكي (دمشق 1990)
أربع سنين في البرازيل (دمشق 1991)
الله يعمرك يا حي الوردات (دمشق 1992)
لقين في حياتهن عجبا: عشر قصص لعشر حسان عرفتهن في عشرة بلدان (دمشق 1992)
حيث تشرق الشمس في منتصف النهار (دمشق 1993)
أيام وليل في بلاد الشمال (دمشق 1994)
نجمة وهلال (دمشق 1997)
المكتوب على الجبين لازم تراه العين (دمشق 2003)
الوفاة
ومنذ منتصف الستينيات صار ينشر مقالاً أسبوعياً في مجلّة الأسبوع العربي حتى سنة 1978، حين اضطر إلى التوقف عن الكتابة بسبب اضطراب صدور المجلة إبّان الحرب الأهلية اللبنانية. عاش سنواته الأخيرة في مدينة كونستانس الألمانية وتوفي بدمشق عن عمر ناهز 94 عاماً سنة 2005.
المناصب
عضو في حكومة الأمناء، مسؤول عن شؤون المعارف (1-19 نيسان 1949)
نظمي القباني (1897-1980)، طبيب سوري من دمشق ومدرس في جامعتها، عُيّن وزيراً للصحة والإسعاف العام في حكومة الرئيس أديب الشيشكلي من 19 تموز ولغاية 25 شباط 1954 وكان رئيساً لجمعية الإسعاف الخيري من سنة 1945 ولغاية عام 1975.
البداية
ولِد نظمي القباني في أسرة دمشقية معروفة بدمشق وكان والده الحاج مصطفى القباني يعمل محاسباً في وزارة المعارف ورئيساً لجمعية الإسعاف الخيري. دَرس الطب في جامعة السوربون وعند تخرجه سنة 1921 عين مدرساً في جامعة دمشق ثم رئيساً لسريريات الشعبة الجراحية في المستشفى الوطني. نال مرتبة بروفيسور عام 1932 وحافظ على مقعده التدريسي طوال حياته، كما وضع العديد من المؤلفات العِلمية منها “الطب الجراحي” وكتاب “الجراحة الصغرى” تقديراً لجهوده العلمية قلّد وسام الاستحقاق السوري مرتين، كانت الأولى سنة 1934 والثانية عام 1949.
نشأت بن كمال التغلبي (1914-1995)، إعلامي سوري من دمشق وثاني مدير لأول إذاعة محليّة في زمن الانتداب الفرنسي سنة 1942، التي سبقت إذاعة دمشق الرسمية بقرابة الخمس سنوات. ترأس تحرير مجلّة الجندي وشارك في تأسيس جريدة الأحبار وأطلق مجلة أسبوعية خاصة به بعنوان “عصا الجنة،” قبل تعيينه مديراً للإذاعة الحكومية في عهد حسني الزعيم سنة 1949.
البداية
ولد نشأت التغلبي في دمشق وكان الدفعة الأولى التي تخرجت من مدرسة اللايك. بدأ حياته المهنية في جريدة الجزيرة التي كان يصدرها رجل الأعمال محمد رفيق الكزبري وانتقل بعدها إلى صحيفة القبس وعُيّن مديراً للتحرير. وفي عام 1931 كانت له تجربة فنية قصيرة كممثل هاوي في ثاني فيلم سينمائي أنتخ في سورية، تحت سماء دمشق مع المخرج إسماعيل أنزور.
في عام 1942، عُيّن نائباً لمدير أول إذاعة محلية في ساحة النجمة أيام الانتداب الفرنسي، وكانت حدود بثها لا يتجاوز حدود العاصمة السورية. وعند استقالة مديرها المسؤول سامي الشمعة خلفه نشأت التغلبي حتى عام 1945.
شركة الفنانين السوريين
وفي سنة 1944، كانت للتغلبي تجربة فريدة مع المسرح عند تأسيسه “شركة الفنانين السوريين” لتنظيم العمل المسرحي بدمشق وتحويله من هواية إلى مهنة محترمة لها أرباح مادية للمثلين والمخرجين والإداريين القائمين عليها. اختار لنفسه إدارة الشؤون الفنية وجاء بصديقه الأمير يحيى الشهابي مديراً للتأليف والتنظيم المسرحي. موّلت شركة التغلبي أوبريت من الشعر الغنائي بعنوان “قيس وليلى الجديدان،” عُرضت على مسرح سينما أمبير في طريق الصالحية وكانت من بطولة نجيب السراجورفيق شكري، وشارك بها الفنانين توفيق العطريوعبد الوهاب أبو سعود.
العمل الصحفي
تشارك نشأت التغلبي مع الصحفي بسيم مراد في إصدار جريدة الأحبار اليومية وأصبح رئيساً لتحرير مجلّة الجندي، وفي عام 1947، أطلق مجلّة أسبوعية بعنوان “عصا الجنة” كان هو رئيس تحريرها ومديرها المسؤول حتى توقفها في مطلع عهد الوحدة السورية المصرية سنة 1958.
رحل نشأت التغلبي إلى القاهرة بعد منع الصحافة الخاصة في سورية سنة 1963 وعمل محرراً للشؤون العربية في مجلّة الحوادث اللبنانية حتى وفاته في كانون الأول عام 1995.
لعب مؤيد العظم دوراً محورياً في تهريب السلاح من السويداء إلى غوطة دمشق، وشارك في الكثير من المعارك بنفسه، فصدر قرار إعدام غيابي بحقه، أجبره على ترك سورية والهروب إلى الحجاز، بينما هرب الشهبندر إلى مصر. ومن مكة توجه مؤيد العظم إلى اليمن، حيث حصل على لجوء سياسي من الإمام يحيى حميد الدين.
معارضة حكم الكتلة الوطنية
عاد نزيه مؤيد العظم إلى دمشق بعد صدور عفو عنه في تموز 1930، وعَمل مع رئيس الوزراء السابق رضا باشا الركابي، الذي ترشّح لأول انتخابات رئاسية في سورية سنة 1932. وفي سنة 1937، صدر عفو عن الشهبندر وعاد إلى سورية ليقود المعارضة ضد حكم الكتلة الوطنية، الممثل بشخص رئيس الحكومة جميل مردم بك.(2) اعترض الشهبندر ومعه نزيه مؤيد العظم على معاهدة عام 1936 المبرمة بين رئيس الكتلة هاشم الأتاسي ورئيس الحكومة الفرنسية ليون بلوم، وقالوا إنها أضاعت حقوق سورية وأعطت فرنسا الكثير من الامتيازات دون أن تأخذ وعداً صريحاً بالاستقلال. ردّ الرئيس مردم بك على هذه الانتقادات بوضع الشهبندر قيد الإقامة الجبرية في داره وشدد المراقبة الأمنية على تحركات نزيه مؤيد العظم، الذي مُنع من المشاركة في أي اجتماع سياسي.
رُتب بعدها اجتماع سرّي بين الجناة ومدير شرطة دمشق صفوح مؤيد العظم، تقرر فيه توجيه الاتهام رسميّاً إلى زعماء الكتلة الوطنية، وقدّم نزيه مؤيد العظم ادعاء شخصي ضدهم نيابة عن شقيقته. هَرب مردم بك ورفاقه إلى العراق وشُكلت محكمة خاصة لمحاكمتهم في دمشق، قررت تبرئتهم بعد عدة جلسات نظراً لعدم توفر أي دليل جنائي ضدهم.
الوفاة
غاب نزيه مؤيد العظم عن المشهد العام بعد جريمة مقتل الشهبندر، وعاش طويلاً من بعدها حتى وفاته عن عمر ناهز 87 عاماً سنة 1977. وقد جُمعت أوراقه الخاصة في متحف الوثائق التاريخية بدمشق وصدرت في كتاب سنة 2004، قامت بتحقيقه الدكتورة دعد الحكيم.
نازك بنت مصطفى العابد (1887 – 19 آب 1959)، سيدة سورية من دمشق وإحدى رائدات الحركة النسائية المبكرة في الشرق الأوسط، دعت لتحرير المرأة منذ سنة 1919 وأسست جمعية نور الفيحاء لتمكين المرأة وتبعتها بمجلة دورية تحمل نفس الاسم. ومن منجزاتها تأسيس جمعية يقظة المرأة الشامية ومدرسة لأبناء الشهداء بدمشق وفرقة النجمة الحمراء لإسعاف جرحى الحرب، التي شاركت في معركة ميسلون وحاولت إنقاذ حياة وزير الحربية يوسف العظمة يوم 24 تموز 1920.
البداية
ولِدت نازك العابد في دمشق في أسرة سياسية عريقة من حيّ الميدان. كان والدها مصطفى باشا العابد من الأعيان، تسلّم متصرفية الكرك ثم الموصل في العهد الحميدي، وعَمها أحمد عزت باشا العابد، كبير أمناء السلطان عبد الحميد الثاني. دَرَست في مدرسة أمريكية خاصة بحي سوق ساروجا وعند نفي والدها عن دمشق إبان الانقلاب على السلطان عبد الحميد سنة 1908 التحقت بالمدرسة الأمريكية في إزمير، حيث تَعَلّمت التصوير الضوئي والرسم، قبل التحاقها بالجامعة الأمريكية في إسطنبول، التي كانت تسمّى جامعة روبرت، أو جامعة البوسفور.
العمل في الصحافة
شاركت سنة 1911 في تحرير مجلة العروس مع الرائدة النسائية ماري عجمي، وهي أول مطبوعة سورية تنادي بحقوق المرأة. ومنها انطلقت العابد في مشروعها الخاص، جمعية نور الفيحاء لتمكين المرأة وتعليم البنات، والحقتها في كانون الثاني من العام 1920 بمجلّة شهرية تحمل نفس الاسم، ضمّت أبواباً متنوعة ومقالات عن نساء رائدات في الإسلام. عملت العابد رئيسة لتحرير المجلة، بالتعاون مع نائب رئيس الجمعية فطمة مردم بك، وأنفقت عليها من مالها الخاص.
في عهد الملك فيصل الأول
أصبحت نازك العابد من أبرز الوجوه النسائية في سورية، وفي سنة 1920 دعيت بمقابلة الملكة حزيمة بنت ناصر، زوجة الملك فيصل الأول، حاكم سورية الجديد بعد زوال الحكم التركي. قدمت له مشروعاً لتأسيس مَدرسة لبنات الشهداء، وطلبت منه الدعم المعنوي والمادي. من الدولة السورية. وافق فيصل على المقترح وقدم لها أرضاً في طريق الصالحية لإقامة المشروع، مع تخصيص معونة من القصر الملكي مقدارها 75 دينار شهرياً. وبعد افتتاح المدرسة، زارها الملك فيصل وبارك جهود نازك العابد وزميلاتها. أطلقت بعدها فرقة النجمة الحمراء، على غرار الصليب الأحمر الدولي، المعنية بإسعاف ومداواة جرحى الحرب العالمية الأولى. وفي العهد الفيصلي، دعيت العابد لمقابلة أعضاء لجنة كينغ كراين الذين أرسلوا إلى سورية من قبل الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون، وظهرت أمامهم سافرت الوجه والرأس وطالبت باستقلال سورية التام وغير المشروط، رافضة فرض فكرة الانتداب الفرنسي على البلاد.
معركة ميسلون
بعد مغادرة أعضاء اللجنة الأمريكية، بدأ الجيش الفرنسي بالزحف نحو مدينة دمشق، قادماً من سهل البقاع لفرض الانتداب بقوة السلاح وخلع الملك فيصل عن العرش. تَطوعت العابد للذهاب إلى ميسلون مع الجيش السوري، بصفتها رئيسة لفرقة النجمة الحمراء، وخرجت أمام الناس في شوارع دمشق بزيها العسكري وشبهها الناس بخولة بنت الأزور. شاركت في معركة ميسلون يوم 24 تموز 1924 وحاولت إسعاف وزير الحربية يوسف العظمة عند تعرضه لإصابة مباشرة من الفرنسيين، ولكنها لم تتمكن من إنقاذ حياته. وكان آخر قرار للملك فيصل قبل مغادرته دمشق إطلاق لقب “جنرال فخري” على العابد، على الرغم من معارضة الكثير من رجال الدين.
العابد بعد احتلال دمشق
بعد هزيمة الجيش السوري في ميسلون واحتلال دمشق من قبل الجيش الفرنسي، توارت نازك العابد عن الأنظار، متنقلة بين إسطنبولوعمّان. وعندما تأكدت من إسقاط بلاغ الاعتقال الصادر بحقها عادت إلى دمشق ونشطت مجدداً في الحقلين العِلمي والإنساني. فحاولت حكومة الانتداب استمالتها وعَرضت عليها مبلغ 100 جنيه إنكليزي شهرياً، دعماً لمدرستها (مدرسة بنات الشهداء) شرط أن تَعمل لصالحهم، ولكنها رفضت.
رفض المنحة الأمريكية
وفي نيسان 1922 عاد الدبلوماسي الأمريكي شارل كراين إلى دمشق، عضو لجنة كينغ كراين، للوقوف على أحوال الشعب السوري تحت حكم الانتداب. التقت به العابد مرة ثانية في دار أبيها وبحضوره مع الدكتور عبد الرحمن الشهبندر، وزير الخارجية الأسبق الذي عمل مترجماً لكراين أثناء زيارته الثانية. جددت العابد مطالبتها باستقلال سورية، وعرض عليها كراين منحة دراسية في الولايات المتحدة لإكمال تحصيلها الجامعي، ولكنها اعتذرت بسبب معارضة أبيها لفكرة السفر ورشحت بدلاً عنها إحدى مدرسات مدرسة بنات الشهداء من آل الرهونجي. اعتقلت السلطات الفرنسية الأنسة لمنعها من السفر واعتقلت الشهبندر بتهمة تقاضي أموال من دولة أجنبية بهدف قلب نظام الانتداب في سورية. خرجت العابد في مظاهرة نسائية حاشدة أمام قلعة دمشق، حاملة بيدها منديلاً أبيضاً وطالبت بإطلاق سراح الشهبندر ورفاقه.
الزواج والانتقال إلى بيروت
تزوجت نازك العابد من الوجيه اللبناني محمد جميل بيهم وانتقلت للعيش معه في بيروت. آخر نشاط لها في سورية كان كتابة مجموعة من المقالات عن تطوير الزراعة في الغوطة ورعاية الأبقار، كما أسست جمعية يقظة المرأة الشامية مع عادلة بيهم الجزائري وريما كرد علي (زوجة الدكتور بشير العظمة) سنة 1927. لم ترزق بأولاد وتبنت طفلة صغيرة من غوطة دمشق، علمتها في جامعة بيروت الأميركية. وفي المرحلة اللبنانية، أسست عصبة المرأة العاملة في بيروت وجمعية إخوان الثقافة، وبعد حرب فلسطين أنشأت جمعية تأمين اللاجئ الفلسطيني وانتخبت رئيساً لمجلس إدارتها.
الوفاة
توفيت نازك العابد في بيروت يوم 19 آب 1959، عن عمر ناهز 72 عاماً. صدر كتاب عن حياتها في لبنان سنة 1927 وضعه جرجي الباز، وجسدت شخصيتها في مسلسل حرائر سنة 2015 من قبل الممثلة لمى الحكيم.