ساحة ذي قار (أو ساحة آخر الخط)، ساحة تقع في آخر الخط الغربي لشارع ناظم باشا في منطقة المهاجرينوسط مدينة دمشق. كانت آخر موقع يصله ترامواي المهاجرين واتخذها أهالي دمشق مُنتزهاً، وكانت تُشرف على القصر الجمهوري القديم الذي تم هدمه في سبعينيات القرن العشرين، المعروف بقصر مصطفى باشا العابد. سمّيت رسمياً بساحة ذي قار، نسبة إلى معركة ذي قار التي انتصر فيها العرب على الفرس في أوائل القرن السابع ميلادي.
تتكوَّن المدرسة من صحنٍ مفروش بالفسيفساء ومُصلَّى ومدفن. وإلى شمال الصحن وغربه سبع غُرف للمُجاورين وإلى الجنوب ثلاث قناطر ومن ورائها المُصلَّى، وهو مُؤلَّف من غُرفة واسعة ذات قوسٍ عظيم، وفيه محرابٌ ومنبر، وإلى يمين المحراب قبَّة فخمة بحيطانٍ مُزخرفة تحتها قبران كبيران.
مصير المدرسة المرادية
تعرضت المدرسة إلى دمار شديد وسقطت مئذنتها في زلزال عام 1759، وجاءت بعدها مرحلة طويلة من الإهمال والتهالك في عمارتها الأساسية. ظل الجامع قائماً وبحسب المؤرخ المعاصر أكرم حسن العلبي فإن إمام المسجد الشيخ أحمد رمضان كان مقيماً في إحدى غرف المدرسة سنة 1989 ولكن القسم الشرقي منها “اختلس بكامله وأصبح داراً للسكن.” ويضيف العلبي أنّ ملجأً بني أمام واجهتها القبليّة.
عارف بن أمين النكدي (13 كانون الثاني 1877 – 23 آذار 1974)، قاضٍ وسياسي وأديب من جبل لبنان، تولّى رئاسة مجلس الشورى وقيادة الشرطة السورية في عهد الرئيس شكري القوتلي ثمّ أصبح محافظاً على جبل الدروز سنة 1948.
البداية
ولِد عارف النكدي في بعبدابجبل لبنان وتعود نسبته إلى آل نكد، وهم عشيرة درزية معروفة تنتسب إلى قبيلة تغلب العربية المشهورة. درس في مدارس بيت الدين قبل تخصصه بالقانون وحصوله على رخصة للمرافعة أمام المحاكم اللبنانية سنة 1911. عُيّن كاتباً في محكمة الاستئناف ومستنطقاً لدى الهيئة الاتهامية ثمّ عضواً في محكمة الجنايات. ومع اندلاع الحرب العالمية الأولى سنة 1914 أصبح قاضياً أولاً في بعبدا إضافة لعمله في الصحافة حيث أصدر مجلّة الميثاق الشهرية، وبعدها مجلّة اليوم.
العمل القضائي
بعد سقوط الحكم العثماني وإقامة حكومة عربية بقيادة الأمير فيصل بن الحسين سنة 1918، توجه عارف النكدي إلى دمشق بدعوة من وزير العدل جلال زهدي وعُين معاوناً للمدعي العمومي في محكمة الاستئناف ومُفتشاً في وزارة العدل السورية. وفي شباط 1928 عينه الوزير صبحي نيّال مديراً للأمور القانونية في وزارة العدل لغاية عام 1937، تاريخ تسلمه إدارة الوزارة.
مديراً لمعرض دمشق
وعمل النكدي في جريدة الأيام الناطقة بلسان الحركة الوطنية في سورية ورئيساً لتحرير صحيفة اليوم البديلة التي كانت تصدرها الكتلة الوطنية كلما عُطّلت الأيام من قبل الرقابة الفرنسية. وكان محاضراً في كلية الحقوق بالجامعة السورية. وعند انتخاب محمد علي العابد رئيساً للجمهورية سنة 1932 قرر إنشاء معرض سنوي خاص للصناعات السورية، وعُيّن الأمير مصطفى الشهابي مديراً وسمّي عارف النكدي وكيلاً ونائباً لمدير المعرض.
اعتقل عارف النكدي سنة 1939 بسبب مواقفه المتشددة ضد الانتداب الفرنسي وسجن في لبنان . وفي سنة 1945، عينه رئيس الجمهورية شكري القوتلي مديراً للشرطة والأمن العام، قبل تسميته رئيساً لمجلس الشورى في 1 آب 1946، وبعدها جاءت تسميته محافظاً على جبل الدروز في تشرين الثاني 1948 وتكليفه بإنهاء النزاع القائم يومها بين آل الأطرش وخصومهم المدعومين من قبل رئيس الحكومة جميل مردم بك. وبعد أيام من وصول حسني الزعيم إلى الحكم، صدر مرسوم بتسمية عارف النكدي نائباً للحاكم العسكري في السويداء ابتداء من 9 نيسان ولغاية إحالته على المعاش في 31 تموز 1949.
محافظ جبل الدروز
بذل النكدي جهده لنشر العلم في طائفته، ففتح عدداً كبيراً من المدارس في القرى الدرزية وأنشأ لها مجلة “الضحى.” وكان قبلها قد أنشأ في بيروت سنة 1941 بيت اليتيم ثم نقله إلى بلدة عبيه، ثم أنشأ بيتاً آخر في السويداء تركه للحكومة السورية بعد إحالته على المعاش سنة 1949. وفي لبنان جدد مدرسة الداودية الدرزية وربط بها 33 مدرسة ابتدائية، وأنشأ مدرسة للبنات في عبيه أسماها المدرسة التنوخية، ومدرسة مختلطة في بيروت أسماها المدرسة المعنية.
العمل المجمعي
تقاعد النكدي يومها وكرّس بقية حياته للتأليف والنشر والعمل في مجمع اللغة العربية الذي كان قد انتخب عضواً عاملاً فيه منذ 26 آذار 1923. أولى محاضراته في المجمع كانت سنة 1921 قبل انتخابه عضواً عاملاً فيه وجاءت بعنوان “القضاء والإسلام،” تلتها محاضرة عن الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز سنة 1927 وأخرى بعنوان “الأندلس عبرة وذكرى.” شارك في أعمال المؤتمر الأول للمجامع اللغوية العلمية المنعقد في دمشق سنة 1956، حيث ألقى محاضرة بعنوان “الفصحى والعامية” وفي سنة 1966 كلّف بالإشراف على مطبوعات المجمع.
المؤلفات
ترك النكدي ثلاثة كتب مطبوعة هي: “الموجز في علم الاجتماع” و”القضاء في الإسلام” وكتاب “معضلة الشرق” الذي ترجمه عن الفرنسية سنة 1920.
الوفاة
عاش عارف النكدي سنواته الأخيرة في لبنان وتوفي في عبيه عن عمر ناهز 88 عاماً يوم 23 آذار 1974. تكريماً لمنجزاته أطلقت وزارة التربية السورية اسم “عارف النكدي” على إحدى مدارس حيّ الميدان وسمّي شارع باسمه وسط مدينة السويداء.
المناصب
مدير الشرطة والأمن العام (15 تشرين الأول 1945 – 8 آب 1946)
ولِد عبد الكريم اليافي في مدينة حمص ودَرَس في مدارسها، ثم في كلية الطب بالجامعة السورية، قبل أن يُغير الاختصاص ويسافر إلى فرنسا لدراسة الرياضيات والفيزياء في جامعة السوربون. حالت الحرب العالمية الثانية دون عودته إلى سورية، فأكمل دراسته في باريس ونال شهادة في علم المنطق وعلم النفس وعلم الاجتماع والأخلاق، مع شهادة الدكتوراه في الفلسفة سنة 1945.
العمل في التدريس
عاد عبد الكريم اليافي إلى سورية وعُيّن مُدرّساً في ثانويات حمص الحكومية قبل انتقاله إلى قسم الفلسفة وعِلم الاجتماع في الجامعة السورية سنة 1947. شارك في تأسيس اتحاد الكتاب العرب بدمشق سنة 1969 ودرّس في الجامعة الأردنية في الفترة ما بين 1967-1971. وفي عام 1974 سمّي خبيراً في معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية، وخبيراً مُعتمداً في منظمة اليونسكو. عَمل في بيروت لمدة عامين ثم عاد بعدها إلى وظيفته الأساسية في الجامعة السورية، بعد أن أصبح اسمها جامعة دمشق، مُدرّساً لمادة الجماليات ورئيساً لهيئة مُعجم العماد الموسوعي في اللغة والعلوم والفنون والإعلام حتى سنة 1992.
في مجمع اللغة العربية
عُين بعدها خبيراً في البحوث الإحصائية وانتخب عضواً في مجمع اللغة العربية بدمشق في أيلول 1976. وفي مطلع الثمانينيات، أصبح رئيساً تحرير مجلّة التراث العربي حتى عام 1995. شارك في لجان المجمع المختلفة، من لجنة المخطوطات وإحياء التراث إلى لجنة اللغة العربية والأصول ولجنة مشروع تعريب الرموز العلمية للمرحلة الجامعية في مواد الرياضيات والفيزياء والكيمياء.
مؤلفاته
أصدر عبد الكريم اليافي عدداً من المؤلفات العِلمية والأدبية في حياته، ومنها:
شارع أبي رمّانة، شارع حديث أسفل منطقة المهاجرين، بدأ تنظيمه في الأشهر الأخيرة من الانتداب الفرنسي سنة 1945 وهو من أرقى شوارع العاصمة السورية اليوم. اعترافاً بدعم الحكومة البريطانية لاستقلال سورية ودعوتها للمشاركة في مؤتمر تأسيس الأمم المتحدة، أٌطلقت الدّولة السورية عليه اسم “شارع بريطانيا” ولكنه تحوّل إلى “شارع الجلاء” بعد جلاء القوات الفرنسية عن سورية في 17 نيسان 1946. مع ذلك ظلّ اسم “أبو رمانة” طاغياً على الشارع حتى اليوم.
التسمية
تعود تسمية شارع أبي رمّانة إلى شجرة رمّان كانت موجودة فيه قبل إعماره، تُخيّم فوق قبر أحد أولياء الله. وتقول إحدى الروايات الشعبية إن القبر يعود لرجل ثري وليس لوليّ، جاء إلى محلّة الصالحية للاستشفاء، وعند وفاته أقامت زوجته روضة حول قبره، لم يبق منها سوى شجرة رمّان.
شارع الرؤساء
اشترى رئيس الجمهورية حسني الزعيم منزلاً في شارع أبي رمانة ولكنه قتل قبل أن يسكنه في 14 آب 1949. شيّد بعدها الرئيس أديب الشيشكلي قصراً في آخر الشارع، المعروف اليوم بقصر الضيافة، وأقام فيه مدة قصيرة مع عائلته قبل الانقلاب عليه ونفيه خارج البلاد سنة 1954. وفي سنة 1955، أقام شكري القوتلي في شارع أبي رمانة بعد عودته إلى رئاسة الجمهورية، وكان منزله قريباً من قصر الضيافة، في مقر السفارة الأردنية لاحقاً. وأخيراً اتخذ الرئيس جمال عبد الناصر من قصر الضيافة مقراً لإقامته ومن على شرفته أعلن عن قيام الوحدة السورية – المصرية سنة 1958.
أبو جرش، من أقدم أحياء منطقة الصالحية بدمشق، يرد ذكره في بعض المصادر “أبي جرص،” وكانت له بساتين تمتد إلى شرقي الجبّة، أو ما يُعرف اليوم بساحة الميسات وشارع برنية. وهناك سوق يحمل الاسم نفسه بين المدرسة العُمريةوجامع الحنابلة.
صبري بن محمد القباني (1908-1973)، طبيب سوري من دمشق ورائد الصحافة الطبيّة في الشرق الأوسط، أسس وترأس تحرير مجلّة طبيبك من سنة 1956 ولغاية وفاته عام 1973. كانت طبيبك من أنجح المجلات السورية وحققت رواجاً كبيراً في معظم الدول العربية.
البداية
وُلِد صبري القباني في دمشق وهو سليل الجناح الفقير من عائلته القباني المعروفة. درس في المدارس الحكومية ونال شهادة في الطب من الجامعة السورية سنة 1931. عَمل طبيباً في الجيش العراقي طيلة تسع سنوات قبل عودته إلى دمشق سنة 1940 لافتتاح عيادة خاصة في محلّة السنجقدار. ترشّح في الانتخابات النيابية سنة 1947 ولم ينجح فتفرّغ للتدريس الجامعي وكتابة المقالات في الصحف السورية. وفي سنة 1949 عُيّن طبيباً خاصاً لحسني الزعيم، قائد الانقلاب الأول في سورية، كان وسيطاً بينه وبين أنطون سعادة، رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي جاء إلى دمشق هرباً من مذكرة اعتقال في لبنان وحصل على لجوء سياسي.
مجلّة طبيبك
بدأ القباني نشاطه الإعلامي عبر برنامج “طبيبك خَلف المذياع” الذي بث عبر أثير إذاعة دمشق في مرحلة الخمسينيات وفي تشرين الثاني 1956 أسس مجلّة طبيبك الشهرية التي حقّقت نجاحاً باهراً في سورية وأصبحت توزع في لبنانوالعراق ووصلت حتى إلى السودانوالسعودية. أدخل عليها أبواب ثابتة مثل “تاريخ الطب” و”جمالك سيدتي،” إضافة لقسم “طبيبك في خدمتك” الذي صار من خلاله القباني يُجيب على رسائل القُراء في كلّ المواضيع. تحدث بإسهاب عن الدواء والرضاعة والإنجاب، عن النظافة في المنزل، وعن أمراض شائعة مثل السُمنة. شجّعت وصفاته الطبيّة كبرى شركات الدواء العالمية بأن تعلن في مجلّة طبيبك، ما حقق له نجاحاً مادياً قلّ نظيره في عالم الصحافة وأدى إلى إغلاق عيادته الطبية والتفرغ كلياً للمجلّة.
توفي الدكتور صبري القباني في بيروت عن عمر ناهز 55 عاماً في نيسان 1973 وخلفه في إدارة طبيبك نجله الدكتور سامي القباني، أحد أشهر أطباء الجراحة القلبية في سورية.
أحمد نامي (1878 – 13 كانون الأول 1962)، سياسي شركسي من القوقاز، عُيّن رئيساً للدولة السورية والحكومة في زمن الانتداب الفرنسي سنة 1926. شُكلت ثلاث حكومات في عهده أيام الثورة السورية الكبرى، قبل أن يستقيل من منصبه عام 1928. طرح اسمه لتولّي رئاسة الجمهورية سنة 1941 ولكنّ الكتلة الوطنية رفضت التعاون معه ما أدى إلى تخلّي الفرنسيين عنه وإجباره على اعتزال العمل السياسي باكراً. عُرف أحمد نامي بلقب “الداماد” بسبب زواجه من الأميرة عائشة بنت السلطان عبد الحميد الثاني، وقد بقي يحمل هذا اللقب بصفته والد أحفاد السلطان، علماً أن زواجه من الأميرة عائشة لم يستمر إلا ثماني سنوات وانتهى بطلاقهما سنة 1919. عاش الداماد سنواته الأخيرة متنقلاً بين بيروتوباريس، حيث عمل محاضراً في جامعة السوربون حتى وفاته عام 1962.
الأسرة
ولد أحمد نامي في حي المصيطبة في بيروت وهو سليل عائلة شركسية جاءت من القوقاز واستوطنت مصر في مطلع القرن التاسع عشر. عمل جدّه في قصر محمّد علي باشا وأُرسِل ضمن بعثة ثقافية إلى باريس سنة 1826. عاد إلى القاهرة وعُيّن مستشاراً لإبراهيم باشا (ثاني أكبر أولاد محمّد علي) في أثناء حملته العسكرية على سورية عام 1831. عينه إبراهيم باشا في بيروت، وفيها قرر البقاء بعد انسحاب القوات المصرية عام 1840. وقد رزق محمود نامي بابن سمّاه “إبراهيم فخري” (نسبة لإبراهيم باشا) وهو والد أحمد نامي الذي تسلّم رئاسة بلدية بيروت سنة 1878.
البداية
دَرس أحمد نامي في الكلية الحربية في إسطنبول ولكنّه لم يلتحق بالخدمة العسكرية وفضّل العمل الإداري في مكتب الديون العامة العثمانية، حيث تعرّف على الأميرة عائشة وطلب يدها للزواج عندما كان والدها السلطان على عرش السلطنة العثمانية. ولكنّ زواجهما تأخر بسبب الانقلاب الذي أطاح بحكم السلطان عبد الحميد سنة 1908، ولم يُعقد قرانهما حتى 11 آب 1911. وعند اندلاع الحرب العالمية الأولى سنة 1914، توجه الداماد إلى سويسرا وبقي مقيماً في مدينة جنيف حتى انتهاء المعارك القتالية وانسحاب القوات العثمانية عن سورية سنة 1918.
رئيساً للدولة السورية 1926-1928
استقر الداماد في بيروت، مُعلناً معارضته لقيام دولة لبنان الكبير وسلخها عن الأراضي السورية مع مطلع عهد الانتداب الفرنسي. مع ذلك، كان مقرباً من سلطة الانتداب ومن المندوب السامي هنري غورو وخليفته الجنرال ماكسيم ويغان. أحبه غورو نظراً لثقافته الأوروبية وطلاقة لسانه باللغة الفرنسية ومعارضته للحكم الهاشمي الذي أقيم في سورية أيام الملك فيصل في الفترة ما بين 1918-1920. وفي أعقاب استقالة رئيس الدولة السورية صبحي بركات نهاية عام 1925، طُلب من الداماد تولّي رئاسة سورية وأن يكون رئيساً للحكومة. جرت مفاوضات بينه وبين الفرنسيين استمرت من كانون الثاني 1926 ولغاية تشكيل حكومته الأولى في أيار، عندما تسلّم مهام رئاسة الدولة السورية.
تباحث أحمد نامي مع شخصيات مرموقة محسوبة على التيار الوطني، مثل سعد الله الجابريوفوزي الغزي، وقد اعتمد عليهم لتوسيع المشاركة في حكمه وإدخال عناصر وطنية بهدف إضفاء شرعية على العهد الجديد، كونه أتى إلى الحكم من دون دستور أو انتخابات برلمانية، حتّى إنّه لم يكن سورياً ولا يحمل جواز سفر سوري. وقد نجح الداماد في إقناع ثلاث شخصيات وطنية بتسلّم حقائب وزارية في حكومته الأولى، وهم فارس الخوري الذي عين وزيراً للمعارف ولطفي الحفار الذي سمّي وزيراً للتجارة وحسني البرازي، الذي جاء به وزيراً للداخلية.
وضع الداماد برنامجاً طموحاً لحكومته، فيه عدة مطالب جوهرية كإصدار عفو عام عن عن المعتقلين السياسيّين كافّة وتحقيق وحدة الأراضي السورية مع انتخاب جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد للبلاد بدلاً من الدستور الملكي الذي قامت فرنسا بإلغائه سنة 1920. وطالب بانضمام سورية إلى عصبة الأمم وتحويل الانتداب إلى معاهدة مع فرنسا، تنتهي بتاريخ محدد وتُحترم بموجبها سيادة الدولة السورية. وقد اشترط على المندوب السامي الجديد هنري ديجوفونيل التوقيع شخصياً على هذا البرنامج وإلزام حكومة بلاده بتنفيذه في سورية.
وبالفعل، بدأ عهد الداماد بإقالة مدير الأمن العام الفرنسي، الذي بطش بالسوريين في الثورة السورية الكبرى، وأصدر عفواً عن بعض السياسيين المبعدين منذ سنة 1920. حاول بعدها إقناع فرنسا بضرورة إجراء حوار مباشر مع قادة الثورة السورية الكبرى، ولكنها رفضت هذا المقترح قبل استسلام الثوار وتسليم أسلحتهم دون أي قيد أو شرط. وقد ردت فرنسا على مقترحات الحوار بتوسيع المداهمات والاعتقالات في دمشق والغوطة الشرقية، مع شنّ هجوم عنيف على مدينة السويداء وقصف حيّ الميدان الدمشقي في أيار 1926.
اعتقال الوزراء
وفي 11 حزيران 1926 أُلقي القبض على ثلاثة وزراء في حكومة الداماد (الخوريوالبرازي والحفار) بتهمة التخابر مع ثوار الغوطة وحثهم على عدم التخلي عن السلاح. لم يتمكن الداماد من حمايتهم، لا من الاعتقال ولا من النفي إلى شمال لبنان، وقد اقتصر دوره على المطالبة بإطلاق سراحهم والقول إن أمر الاعتقال لم يصدر عنه بل جاء من المفوض السامي الفرنسي.
تأثرت سمعة الداماد من اعتقال الوزراء الوطنيين وظهر ضعيفاً أمام الشارع السوري، غير قادر على حماية أقرب الناس إليه. سعى جاهداً إلى ترميم صورته، وقام بجولة ميدانية على حلبوسنجق إسكندرون، وأرسل وفداً وزاريّاً إلى اللاذقية للاستماع إلى مطالب سكّان دولة العلويين.
وقد نشطت المعارضة ضده بعد حادثة اعتقال الوزراء، الممثلة بزعماء الكتلة الوطنيةوالشيخ تاج الدين الحسني، المتحالف مع عدد من السياسيين الطامحين مثله للإطاحة بالداماد للوصول إلى رئاسة الدولة السورية. قد تعرض أحمد نامي إلى انقلاب سياسي من قبل واثق مؤيد العظم، الذي شغل وزارة الداخلية في حكومته الثانية، خلفاً لحسني البرازي، وكان يعدّ نفسه أحق بالرئاسة من الداماد. تمكن مؤيد العظم من إقناع وزراء الداماد بتقديم استقالة جماعية، ما أدى إلى انهيار الحكومة واستقالة رئيسها مجبراً في 8 شباط 1928. وقد أُشيع يومها أن الفرنسيين تخلّوا عنه بسبب مطامعه بأن يصبح ملكاً على سورية.
العودة إلى الحكم
بعد الاستقالة عُيّن الداماد عضواً في مجلس استشاري ضمّ جميع رؤساء الدولة السابقين، لم يجتمع إلا مرة واحدة فقط، وفي عام 1941، عُرض عليه العودة إلى الحكم كرئيس للجمهورية في زمن الحرب العالمية الثانية. قبِل التكليف وبدأ بالاستشارات المطلوبة لتشكيل حكومة، بالتعاون مع خالد العظم الذي اختاره الداماد ليكون أول رئيس وزراء في عهده. ولكن الكتلة الوطنية رفضت عودة أحمد نامي إلى الحكم، وطلبت إلى كلّ السياسيين عدم الاشتراك معه في أية حكومة، ما أدى إلى تراجع فرنسا عن عرضها وتخلّيها عنه بشكل نهائيّ.
السنوات الأخيرة والوفاة
غاب الداماد أحمد نامي من يومها عن أي منصب سياسي وتوجه إلى فرنسا حيث عمل مُحاضراً في تاريخ الشرق الأوسط في جامعة السوربون حتى وفاته عن عمر ناهز 88 عاماً يوم 13 كانون الأول 1962.
المناصب
رئيساً للحكومة السورية (5 أيار 1926 – 8 شباط 1928)
وفي أيلول 1920، عُيّن الأمير جعفر أميناً على المتحف العربي بدمشق، الذي أنشئ في عهد الملك فيصل وكان تابعاً من الناحية الإدارية والمالية لمجمع اللغة العربية. أوفدته الحكومة السورية إلى فرنسا لدراسة آثارها القديمة، وحصل على شهادة من متحف اللوفر ودَرس اللغات السامية القديمة في جامعة باريس، ليعود بعدها إلى سورية سنة 1924.
تقاعد الأمير جعفر الحسني الجزائري سنة 1950، ولكنه عاد إلى العمل الحكومي نزولاً عند رغبة رئيس الجمهورية هاشم الأتاسي، الذي عيّنه محافظاً على جبل الدروز لمدة وجيزة سنة 1951. وكان الأمير جعفر قد انتسب في هذه المرحلة من حياته إلى حزب الشعب الداعي لإقامة وحدة سورية – عراقية، وانتُخب أميناً لفرعه بدمشق، وترشّح لعضوية المجلس النيابي سنة 1943.
مجمع اللغة العربية
وفي صيف عام 1956، انتُخب أميناً للسر في مجمع اللغة العربية، ثم نائباً لرئيسه الدكتور حسني سبح. وفي سنة 1970 اجتمع بوزير الدفاع حافظ الأسد وتحدّث معه مطولاً عن مقتنيات المكتبة الظاهرية ومخطوطاتها، مُبدياً تخوّفِه من تعرضها لأي مكروه لو ظلّت في مقرها الرئيسي داخل مدينة دمشق القديمة. وقد نُقلت هذه المخطوطات بالفعل إلى مكتبة الأسد الوطنية يوم افتتاحها سنة 1984، ولكن بعد وفاة الأمير جعفر بسنوات طويلة.
خليل بن أحمد مختار مردم بك (1 تموز 1895 – 21 تموز 1959)، شاعر وسياسي سوري من دمشق، ومؤلف نشيد سورية الوطني حماة الديار. كان ثاني رئيس لمجمع اللغة العربية وتسلّم حقيبة المعارف مرتين إضافة لوزارة الخارجية في عهد الرئيس أديب الشيشكلي. ذاع صيته عربياً وعالمياً ولُقّب بشاعر الشّام، وهو أحد أشهر شعراء سورية في القرن العشرين.
وعند سقوط الحكم العثماني في سورية سنة 1918، دخل مردم بك العمل الحكومي وعُيّن مديراً لديوان الرسائل في عهد الملك فيصل الأول، مسؤولاً عن المطبوعات والصحف. شارك في تأسيس الرابطة الأدبية في آذار 1921 وانتُخب رئيساً لها، وكانت تضم الأديبة ماري عجمي والشاعر سليم الجندي والصحفي نجيب الريّس، يتقدمهم راعي الرابطة ومؤسسها فخري البارودي. أنشأت الرابطة مجلةَ أدبية خاصة بها وصار خليل مردم بك ينشر فيها أشعاره ودراساته، لكن السلطات الفرنسية أغلقتها وأمرت بحلّ الرابطة بسبب نشاط أعضائها المعارض للانتداب الفرنسي في سورية.
الملاحقة من قبل الفرنسيين
وعند اندلاع الثورة السورية الكبرى سنة 1925 نظم مردم بك قصيدة “يوم الفزع الأكبر” التي تناقلها الناس ونشرتها كبرى الصحف العربية. طارده الفرنسيون ففرَّ إلى لبنان أولاً ثم إلى الإسكندرية وأخيراً إلى لندن حيث انتسب إلى جامعة SOAS ونال شهادة الدكتوراة منها. ومن لندن كتب ما يلي:
باتت دمشقُ على طوفان من لهبٍ يا دين قلبيَ من خطبٍ تكابدُهُ
موجٌ من النار لا تهدا زواخره يمدُّه آخر ما ارتدّ وافدُهُ
لو يفعلُ اللهُ، جلّ اللهُ ما فعلوا بأهل جُلّقَ لم يعبدْهُ عابدُهُ.
وبعد عودته إلى سورية عَمِل مُدرّساً في الكليّة العلميّة الوطنيّة في سوق البزورية وشارك في تأسيس مجلّة الثقافة مع صديقه الأديب كاظم الداغستاني سنة 1933. وفي عام 1936 وضع خليل مردم بك كلمات حماة الديار الذي اُعتُمد نشيداً رسمياً للجمهورية السورية في عهد الرئيس محمد على العابد.
وفي 18 نيسان 1942 عُيّن مردم بك وزيراً للمعارف في حكومة الرئيس حسني البرازي وجدد له في نفس الحقيبة في حكومة جميل الألشي الثانية والأخيرة في كانون الثاني 1943. كان ذلك في عهد رئيس الجمهورية تاج الدين الحسني وعند وفاته غاب مردم بك عن أي منصب سياسي ليعود في حزيران 1949 وزيراً للمعارف والصحة في حكومة الدكتور محسن البرازي. عُيّن وزيراً مفوضاً في بغداد من سنة 1951 ولغاية تسميته وزيراً للخارجية في عهد الرئيس أديب الشيشكلي في تموز 1953. ولكنّ وزارة الشيشكلي لم تستمر إلا أشهر معدودة فقط وأطيح بها مع رموز العهد كافّة في شباط 1954.
مؤلفاته
حقق خليل مردم بك عدداً من الدواوين الشعرية لشعراء كبار ووضع كتباً مرجعية منها:
توفي خليل مردم بك في عمر ناهز 64 عاماً يوم 21 تموز 1959 وشيع جثمانه من مقر مجمع اللغة العربية وصُلّي عليه في الجامع الأموي قبل نقله إلى مثواه الأخير في مدافن الأسرة المردمية قرب الباب الصغير. تكريماً له ولمسيرته الشعرية، أطلق اسمه على أحد شوارع دمشق الرئيسية.
المؤلفات التي نشرت بعد الوفاة
وقد صدرت عدة مؤلفات باسم خليل مردم بك بعد وفاته، حققها وجمعها ابنه الشاعر والأديب عدنان مرد بك ومنها: