موفق عصاصة (1927 – 14 كانون الثاني 2023)، ضابط سوري خاض حرب فلسطين سنة 1948 وكان ضمن مجموعة الضباط الدمشقيين الذين قادوا انقلاب الانفصال وأطاحوا بجمهورية الوحدة مع مصر في 28 أيلول 1961.
البداية
ولد موقف عصاصة في دمشق وهو سليل عائلة دمشقية معروفة. درس في مدرسة التجهيز الأولى وانتسب إلى كلية حمص الحربية ليكون ضمن أول دفعة خريجين (دورة مأمون البيطار) في مطلع عهد الاستقلال. التحق بالجيش السوري وخاض حرب فلسطين سنة 1948، ورفض المشاركة في كل الانقلابات العسكرية التي عصفت بالبلاد من سنة 1949 ولغاية عام 1954. تدرج في مراتبه العسكرية وصولاً لتعيينه قائداً للواء الجوي في مطار المزة العسكري حيث تحمس للوحدة السورية المصرية عند قيامها في شباط 1958 وكان صهره المقدم بشير صادق ضمن الوفد العسكري الذي ذهب إلى القاهرة للمطالبة بها.
انقلاب الانفصال: 28 أيلول 1961
لم تجري الوحدة كما أراد لها عصاصة ورفاقه، وتصاعدت الانتقادات الموجهة من قبلهم بسبب تجاوزات الضباط المصريين وفي مقدمتهم المشير عبد الحكيم عامر، ممثل الرئيس جمال عبد الناصر في سورية. عُيّن عصاصة نائباً لقائد سلاح الجو اللواء وديع مقعبري، وعند سفر الأخير إلى الاتحاد السوفياتي في 1 تموز 1961، سمّي آمراً بالوكالة لسلاح الطيران. ومن هذا الموقع الحساس انتفض عصاصة مع مجموعة من رفاقه من الضباط الدمشقيين، وكان يتقدمهم المقدم عبد الكريم النحلاوي، ونفذوا انقلاباً عسكرياً صباح يوم 28 أيلول 1961. الهدف منه كان تصويب أخطاء الوحدة وتصحيحها، وليس القضاء عليها بشكل كامل. قبل وفاته بسنوات تحدث عصاصة عن هذا الهدف في حوار أجراه معه الباحث السوري الدكتور فيصل طلس، نُشر لاحقاً في مجلة المجلّة، جاء فيه:
إنني أرفض تسمية ما حصل بالحركة الانفصالية، وأقسم لك أننا لم نكن نريد الانفصال عن مصر، وكان أقصى ما نريده هو إيصال صوتنا إلى عبد الناصر، ويزعجني حتى اليوم أنه يُشار إلينا باعتبارنا “ضباط الانفصال” لأننا وحدويون حتى العظم، ومخلصون لمبادئنا.
طلب إلى عصاصة حمل مطالب “الضباط الشّوام” إلى مكتب المشير عامر بدمشق فدخل عليه وقدّم له التحية العسكرية. سأله المشير: “ما هذا الذي تقومون به؟ هذه خيانة للوحدة والمبادئ ولكل تعهداتكم السابقة” رد عصاصة بكل احترام وقال: “نحن ما زلنا على العهد يا سيدي، ونريد الحفاظ على الوحدة التي ما زلنا نؤمن بها، لكنّ هناك مطالب ما عاد بالإمكان التغاضي عنها بعدما غدت الأمور عصيّة على الحل”
وعندما سمع المشير مطالب عصاصة ورفاقه لم يُبدِ أية اعتراض وقال إنه سينقلها هاتفياً إلى عبد الناصر. رد الرئيس المصري كان واضحاً ويقضي بإشغال النحلاوي وعصاصة لفترة ريثما يتم إعداد القوات المصرية للتصدّي لهم وسحق انقلابهم. فوجئ عصاصة ورفاقه بخديعة عبد الحكيم عامر وقرروا التدخُّل فوراً لإحباط خطته وترحيله عن سورية والانفصال نهائياً عن مصر.
انقلاب البعث: 8 آذار 1963
في 8 آذار 1963، حصل انقلاب مجموعة من الضباط الناصريين والبعثيين على جمهورية الانفصال. اعتقلوا رئيس الجمهورية ناظم القدسي وأصدروا مرسوماً بعزله مدنياً مع عدد من الشخصيات المتهمة بانقلاب الانفصال – أو ما سمّي يومها بجريمة الانفصال – وكان من ضمنهم موفق عصاصة، الذي رُفّع إلى رتبة لواء قبل تسريحه من الجيش واعتقاله. مثل أمام محكمة الأمن القومي وطلب القاضي صلاح الضلّي بإنزال عقوبة الإعدام بحقه. لكن رئيس الدولة أمين الحافظ حال دون تنفيذ الحكم وأطلق سراحه.
السفر إلى الولايات المتحدة والوفاة
بعد خروجه من السجن، مُنع عصّاصة من العمل في ميدان الطيران، ومُنع أيضاً من السفر خارج سورية. حصل على راتب تقاعدي زهيد من الجيش وعاشت أسرته ظروفاً ماديّة صعبة، ما اضطره لقبول وظيفة مراقب عمّال في ورشات البناء. حاول دراسة الهندسة المدنية في جامعة دمشق ولكنه لم يتخرج، وفي منتصف الثمانينات غادر إلى الولايات المتحدة واستقر في ولاية كاليفورنيا للعمل في مجال المقاولات، وفيها توفي عن عمر ناهز 96 عاماً في 14 كانون الثاني 2023.
المناصب
آمراً بالوكالة لسلاح الطيران (1 تموز – 19 تشرين الأول 1961)
- سبقه في المنصب: اللواء وديع مقعبري
- خلفه في المنصب: اللواء وديع مقعبري