توفيق قباني (توفي 1954)، صناعي سوري من دمشق، كان عضواً في الكتلة الوطنية وممولاً لنشاطتها المعارض للانتداب الفرنسي. أسس أول معمل للملبّس في سورية وكان مساهماً رئيسياً في عدد من المشاريع الصناعية الكبرى، وهو والد الشاعر نزار قباني، وشقيقه الدكتور صباح قباني مؤسس التلفزيون العربي السوري وسفير سورية في الولايات المتحدة الأمريكية.
البداية
ولد توفيق قباني في دمشق وسافر إلى مصر وهو في الخامسة عشرة من عمره، لمرافقة جده أبي خليل القباني، مؤسس المسرح في سورية، عند لجوء الأخير إلى القاهرة هرباً من تعصّب بعض رجال الدين الرافضين لنشاطه الفني، وإبان صدور فرمان من السلطان عبد الحميد الثاني بمنع التمثيل في ولاية سورية. وفي القاهرة، تعلّم من الجاليات الإيطالية والفرنسية طرق صناعة الملبّس والنوكا والشوكولا، الغريبة حتى ذلك الوقت عن المجتمع الدمشقي.
أول مصنع للملبّس في سورية
عندما عاد إلى دمشق أسس أول معمل لصناعة الملبّس بين سوق البزورية ومحلّة مئذنة الشحم، كُتب فوق مدخله “المؤسس الأول لمعمل الملبّس” في مُذكّراته، يصف الدكتور صباح قباني ابتكار والده ويقول إنها “أبهرت أهل الشّام بشكلها ومذاقها، وحيرتهم كيف يُمكن لحبة اللوز أن تدخل غلاف سكري محكم الإغلاق لتصبح الملبّس.”
نشاطه في الكتلة الوطنية
انتسب قباني إلى الكتلة الوطنية وله يعود الفضل في إنشاء عدد من المشاريع الصناعية الكبرى التي هدفت إلى تشغيل اليد العاملة وإيجاد مصدر دخل ثابت للكتلة وتحريرها من الاعتماد على التبرعات ورسوم العضوية. تعاون مع فارس الخوري وخالد العظم على تأسيس معمل الإسمنت في منطقة دمّر سنة 1932، ومع شكري القوتلي في معمل الكونسروة عام 1934 الذي انتُخب عضواً في مجلس إدارته.
ترأس حملة مقاطعة البضائع الصهيونية القادمة من فلسطين إلى سورية، وفي شباط 1934 قام بجمعها وحرقها وسط سوق الحميدية. لعب دوراً محورياً في تنظيم الإضراب الستيني سنة 1936 وبعدها بثلاث سنوات اعتقل وسجن في تدمر أولاً ثم رحل إلى سجن الرمل في بيروت، بتهمة التمويل والتخطيط لأعمال مناهضة للانتداب الفرنسي. تعرض لضرر جسدي مزمن في السجون الفرنسية، وفي تعليق نزار قباني على نشاط أبيه الوطني: “كان أبي إذاً يصنع الحلوى ويصنع الثورة. وكنت أُعجب بهذه الازدواجية فيه، وأُدهش كيف يستطيع أن يجمع بين الحلاوة والضراوة.”
شهادة نزار قباني
وفي كتاب قصتي مع الشعر، يضيف نزار:
وإذ أردتُ تصنيف أبي، أصنفه دون تردد بين الكادحين، لأنه أنفق خمسين عاماً من عمره، يستنشق روائح الفحم الحجري، ويتوسّد أكياس السُكر وألواح خشب السحاحير…وكان يعود إلينا من عمله في زقاق معاوية كلّ مساء، تحت مياه المزاريب الشتائية كأنه سفينة مثقوبة. وإنني لا أذكّر وجه أبي المطلي بهباب الفحم وثيابه الملطّخة بالبقع والحروق، كلّما قرأت كلام من يتهمونني بالبرجوازية والانتماء إلى الطبقة المرفهة، والسلالات ذات الدم الأزرق. أي طبقة، وأي دم ازرق هذا الذي يتحدثون عنه؟ إن دمي ليس ملكياً، ولا شاهانياً، وإنما هو دم عادي كدم آلاف الأًسر الدمشقية الطيّبة التي كانت تكسب رزقها بالشرف والاستقامة والخوف من الله.
الوفاة
توفي الحاج توفيق قباني بدمشق سنة 1954.