عسكريون

حسن تحسين الفقير

عسكري سوري قائد جبهة معركة ميسلون

حسن تحسين بن صالح الفقير (1880 – 21 تموز 1948) ولد في حي الشاغور في دمشق لأسرة ترجع بجذورها لمنطقة مدائن صالح في شمال شبه الجزيرة العربية. هو رجل عسكري سوري حمل رتبة فريق ولقب الباشوية وشغل منصب وزير الحربية في مملكة الحجاز، خدم في جيش الدولة العثمانية ثم في الجيش العربي تحت قيادة يوسف العظمة زمن الملك فيصل الأول. كان رجلاً شجاعًا ومقدامًا، وذو رأي سديد، وهو من أبطال معركة ميسلون وقائد الجبهة.

سيرته

الجيش العثماني

تخرج من الكلية الحربية في استانبول عام 1905 ثم صار مدرساً في تلك الكلية، وفي الحرب العالمية الأولى قاد الفرقة العربية المحاربة في أوروبا وحقق انتصارات في حرب البلقان وتمكن من اختراق خط دفاع نهر الدانوب ودخل بقواته مدينة بوخارست عاصمة رومانيا، ثم قاد جبهة زغانا. أصبح حاكماً على مدينة سالونيك اليونانية في 9 تشرين الثاني لعام 1912. 

 خلال حرب البلقان الأولى بين اليونان والدولة العثمانية خاض الباشا معركتي [Sarantaporos] و [Giannitsa] في عام 1912 كقائد لفرقته العربية من بين الفرق العسكرية الخمس العثمانية في تلك المعارك، ولينهي بعد ذلك خدمته في تلك الحرب بتوقيعه اتفاقية معاهدة لحقن الدماء بينه وبين القسطنطين نائب جيش الملك اليوناني.

الجيش العربي

عاد إلى دمشق عام 1918 فعمل مع رفاقه على تأسيس الجيش العربي، وكان آمرا للواء الاول في دمشق ثم كلف بمواجهة الفرنسيين وقيادة معركة الدفاع عن دمشق ضدهم بتوليه قيادة الفرقة الأولى في معركة ميسلون.

بعد المعركة أصدر الفرنسيون حكماً غيابياً عليه بالإعدام فهاجر للأردن حيث أنشأ مع آخرين قيادة خارجية للثورة السورية، ثم سافر إلى الحجاز حيث عين مستشاراً وقائداً عسكرياً للشريف حسين، ومن ثم عين وزيراً للدفاع في عهد الملك علي بن الشريف حسين ورفع الى رتبة فريق ونال لقب الباشا عسكريا. وبعدها غادر إلى اليمن وعين مستشاراً عسكرياً للإمام يحيى حميد الدين من العام 1930 وحتى 1944.

احتفظ بعلم معركة ميسلون (العقاب) خوفاً منه على هذا العلم أن تمسه أياد لا يرضاها، حتى عاد إلى دمشق عام 1944، فسلمه إلى رئيس الجمهورية السورية حينها شكري القوتلي في حفل بهيج بتاريخ 28/9/1946. وقد حاولت فرنسا الحصول على هذا العلم بأي وسيلة كانت وقلبت أحياء دمشق للحصول عليه ولم تستطع (العلم موجود الآن في المتحف الحربي بدمشق).

من اليمين بالبدلة السوداء الفريق حسن الفقير يقوم بتسليم راية العقاب لوزير الدفاع أحمد الشرباتي بحضور رئيس الجمهورية السورية شكري القوتلي (1946).

الأوسمة التي نالها

منحته الدولة العثمانية وحليفتها الألمانية أعلى أوسمتهما. نال من الأوسمة العثمانية النيشان المجيدي الخامس والنيشان المجيدي الرابع وميدالية الحرب وميدالية الغاية وميدالية الامتياز الفضية. وكذلك وسام الصليب المقدس الألماني.

استشهاده

عند صدور قرار تقسيم فلسطين في نهاية شهر تشرين الثاني عام 1947، شُكل جيش الإنقاذ لمحاربة العصابات الصهيونية، بتمويل من جامعة الدول العربية وقيادة فوزي القاوقجي، الذي طَلَب من تحسين الفقير أن يكون مستشاراً عسكرياً له.

تمت تصفيته من قبل عملاء ألمان يهود في 7/21/ 1948 وهو يحاول تأسيس جيش شعبي في سورية لتحرير فلسطين بعد حصول النكبة. صُلي عليه في الجامع الأموي بجنازة رسمية ودُفن في مقبرة باب الصغير.

معركة ميسلون

الاستعداد

بعث الباشا حسن تحسين الفقير قائد الفرقة الأولى إلى دمشق ليطلب من لواء المدفعية الذي يقوده العقيد محمد علي  بطارية صحراء سريعة لتعزيز مدفعية الجبهة، ونظم جبهة الدفاع أثناء الهدنة بحيث عبأ فيها اثني عشر مدفعاً، وهذا ما كان لديه منها أربعة مدافع ميدان سريعة بقيادة النقيب طه من طرابلس الشام، ومعه ملازمان أخران وستة مدافع جبلية سريعة بقيادة المقدم بكداش، وكان معه الملازم أول رشيد عطفة وملازم آخر، ووضع أحد هذه المدافع الجبلية السريعة في الخط الأمامي عند منعطف الطريق لضرب الدبابات المباشر إذا نجت من الألغام، و أخر على تل عال خلف الجبهة لضرب الطائرات مع الضابط حمزة، ومدفعان أوقص (أوبوس) وعليهم ملازم أول، وأخذ هو و صدقي الكيلاني قائد لواء المدفعية مدفعين من مدافع بطارية الصحراء السريعة التي جلبها من دمشق بقيادة النقيب بهاء الدين الصواف مع الملازم ضياء، ووضعها على تل يشرف على طريق التكية ومحطتها، ولم يعلم محلها غيرهم أبدا، ووضع مدفعين بمنعطف على الطريق العام لضرب الدبابات فيما إذا اخترقت الجبهة.

 توزيع القوات على الجبهة

 الحق الباشا حسن تحسين القوات المتطوعة بقائد اللواء الأول المقدم حسن الهندي وقسمت على فوجين، فوج يرابط في الجبهة بين الطريق العام إلى الشمال بقيادة الضابط حسني توكلنا، وفوج آخر من الطريق العام إلى الجنوب بقيادة الضابط أبو الخير الجابي. وكان بين ضباط الفوج النقيب عارف العنبري، والملازم منيب الطرابلسي، والملازم جميل الدهان. وبين ضباط الفوج الثاني فوزي المبيض وضباط أخرون. وأعطي لكل فوج رشاشات ثقيلة وخفيفة.

أرسل سرية الحرس الملكي بقيادة النقيب محمد العجلوني إلى اللواء الأول لحماية الجناح الأيمن، و أرسل 300 من الهجانة بقيادة المقدم مرزوق التخيمي لحماية الجناح الأيسر أمام قرية دير العشاير. وألحق بهم 60 من الخيالة النظاميين بقيادة النقيب عزت الساطي مع سرية رشاش بقيادة النقيب هاشم الزين والملازم عبد الله عطفة وكل من الملازم صلاح عرب أوغلي ومحمود الهندي. وألحق الخيالة المتطوعة من أبناء حي الميدان وعددهم 115 بالنقيب عزت الساطي.

تحضير الألغام

كلف الباشا حسن تحسين الفقير النقيب تحسين العنبري بتجهيز ثلاثة ألغام كبيرة أولها تحت الجسر والثاني على الطريق العام والثالث قرب نقطة القيادة. وأن يصنع لكل لغم جهاز اشتعال خاص به، ليقوم ضابط أخر بنسف الألغام عند قدوم الدبابات الفرنسية.

تأمين الاتصالات والإشارة

كلف الباشا النقيب تحسين العنبري بربط الألوية والقطع المشاركة بالمعركة ومراكز التموين والإسعاف مع قيادة الفرقة ومع دمشق. وجعل مركز القيادة على مرتفع عال في منطقة اللواء الاول. وأرسل مئة مقاتل من دمشق من الاحتياط ومدفعيين جبليين وعدة رشاشات إلى كفر يابوس في الجناح الأيمن بقيادة قائد اللواء الثاني المقدم توفيق العاقل وبرفقته المقدم حسني الطرابلسي وضابط أخر برتبة ملازم.

فشل المفاوضات مع الجيش الفرنسي

ظهر يوم 23 تموز حضر وزير الحربية يوسف العظمة إلى الجبهة وأخبر الضباط بفشل المفاوضات مع الجانب الفرنسي وأن الهدنة مددت 12 ساعة. ولكن فرنسا أرسلت طائراتها خلافاً لشروط الهدنة وأخذت تقصف الجبهة برشاشاتها، وقد شاهد وزير الحربية ذلك بنفسه وبقي في الجبهة حتى غروب الشمس وأبلغ قائد الجبهة حسن تحسين الفقير بأنه سيعود في الليل ليموت معه، ولكن الفقير أخبره بأن بقاءه في العاصمة أنفع للجبهة من تواجده فيها ولكن العظمة أصر على الرجوع. وفي تمام منتصف تلك الليلة عاد وزير الحربية للجبهة وأخبر قائد الجبهة بأنه عاد ليموت مع الرجال ميتة مشرفة.

المعركة

قبل انتهاء الهدنة بنصف ساعة باشر الفرنسيون صباح يوم المعركة في 24 تموز 1920 حوالي السادسة صباحاً بتجهيز المدفعية والرشاشات على سفوح الجبال المقابلة للجيش العربي فأمر يوسف العظمة قائد لواء المدفعية العقيد صدقي الكيلاني بتجهيز المدفعية للرمي. وفي تمام السادسة والنصف بدأت الحرب وفي مقر القيادة الذي جعله الضباط قرب خط المعركة بخمسين متر لبث الحماس في الجنود أجتمع كل من العظمة والفقير والكيلاني والهندي.

وبعد استشهاد وزير الحربية تقدمت إحدى كتائب المشاة بالجيش الفرنسي مندفعة كالسيل من فم وادي القرن واستعرت نيران معركة جديدة استمرت حتى الساعة 12 والنصف حيث سقطت قنبلة مدفع أمام مقر القيادة وأصابت شظاياها ساق الباشا تحسين الفقير ليدخل في غيبوبة لمدة نصف ساعة.

كان لخبرة الفريق حسن تحسين الفقير الكبيرة الدور الهام بالحفاظ على ما تبقى من الجيش، حيث أمر پانسحاب جزء من الجيش ليشكل نسق ثاني في منطقة الهامة وترك المقدم حسن الهندي ليواصل الاشتباك مع الفرنسيين والانسحاب تدريجياً ولولا ذلك لكان هلك الجيش عن بكرة أبيه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !