محمد علي بن عبد الغني الدقر (1877- 1 آذار 1943)، داعية ومربّي سوري من دمشق، شافعي المذهب وصاحب نهضة علمية. لم يضع أي مؤلّفات وكان جهده منصبّاً على تربية الطلاب وتعليمهم وتهيئتهم ليكونوا معلمين ومربين ودعاة، وله يعود الفضل في تأسيس الجمعية الغراء في جامع تنكز سنة 1924، وثانوية الغراء الشرعية للبنين والبنات سنة 1934.
البداية
ولد الشيخ علي الدقر في زقاق البُرْغُل في حي الشاغور الجواني وهو سليل أسرة دمشقية عريقة. عمل والده بالتجارة وكان يملك مزرعتان في المزة وداريا وكان يريد لولده أن يسلك العمل التجاري مثل بقية أخوته. درس في الكتّاب وحفظ القرآن الكريم على يد الشيخ عبد الكريم الدقر والشيخ المقرئ أبو الصفا المالكي. لازم حلقات العلوم الإسلامية وأمَّ حلقة الشيخ أمين البيطار في جامع السنانية قبل انتقاله إلى حلقة الشيخ محمد القاسمي في جامع حسان الواقع في باب الجابية سنة 1918.
حصّل مبادئ العلوم الإسلامية في مدرسة الشّيخ عيد السفرجلاني وتردّد على العلّامة الشيخ أمين سويد سنة 1936، فأخذ عنه علم الأخلاق وبعض علوم التصوف. لازم محدّث الشام الشيخ بدر الدين الحسني قبل وفاته وقرأ عليه كتب الحديث الستّة وبعض الأصول في دار الحديث النورية. وكان الشيخ بد الدين يقدّمه لإمامة صلاة العشاء في بيته بعد انتهاء الدرس الخاص، وقد تفرّس فيه الخير ولمّا انتشرت دعوته وبدأت نهضته العلميّة كان من أشدّ المشجعين له.
أفكار الدعوية
أكدّ الشّيخ علي الدقر في دروسه على أربعة أمورٍ استمرّ عليها إلى آخر حياته، وهي:
- مكافحة الاستعمار والتنصير والسفور والتبرُّج.
- الحضّ على التكافل الاجتماعي والبر ومساعدة الفقراء والمعوزين.
- معالجة مشكلات المجتمع والسوق والباعة وأرباب المهن والصنائع.
- الحضّ على طلب العلم الشرعي ورعاية طلابه وكفايتهم حتى تخرّجهم، وتأسيس معهدين لذلك.
نهضته العلميّة الكبرى
كان الشيخ علي الدقر نشيطاً في دعوته في مساجد دمشق وغيرها من المدن السورية، فازدحم على دروسه كبار التجار وكان يدعوهم إلى التعاون وترسيخ قواعد التعامل بينهم في سائر علاقاتهم الأسرية والتجارية. ويُذكر أنّه كان من أوائل من أفتوا بتحريم الدّخان، كما كان كثيراً ما يؤكد على فريضة الجهاد بالمال والنفس ضد المستعمر الفرنسي، ومن ذلك تشجيعه للثوار عند قيام الثورة السورية الكبرى سنة 1925. وعند قيام الإضراب الستيني عام 1936 دعاه المفوض السامي الفرنسي دي مارتيل وطلب إليه المساعدة إلى استعادة الهدوء والسكينة، فردّ الشيخ على مبعوث المفوض بالقول: “قل له أنني لا أذهب إلى أحد، وإن أراد المجيء إلي استقبلته بشرطين؛ ألا أقوم له، ويجب عند دخوله أن يخلع حذاءه.”
أبرز طلابه
- الشيخ عبد الكريم الرفاعي
- الشيخ حسن حبنكة الميداني
- الشيخ أحمد علي الدقر
- الفقيه والمؤرخ عبد الغني الدقر
- المقرئ الشيخ عبد الوهاب الحافظ
- الشيخ محمد أديب الصالح
- الطبيب فتحي النحلاوي
- عبد الرحمن الطباع (وزير الاوقاف عام 1963)
منجزاته
- تأسيس الجمعية الغراء بدمشق سنة 1924.
- تأسيس مدرسة سعادة الأبناء الابتدائية للذكور سنة 1926 في الشاغور.
- تأسيس مدرسة روضة الحياء الابتدائية للبنات سنة 1927.
- تأسيس مدرسة زهرة الحياء للبنات.
- تأسيس ثانوية الغراء الشرعية للبنين والبنات سنة 1934.
- تأسيس ثانوية السعادة للذكور سنة 1946.
حياته الشخصية
برز من أبناءه الشيخ عبد الغني الدقر صاحب “معجم النحو،” والشيخ أحمد الدقر مدير جمعية الغرّاء.
قيل عنه
“لو أنصف أهل الشام لما تركوا الشيخ علي وتلامذته يمشون على الأرض، بل حملوهم على رؤوسهم. من أراد ان يأخذ دين الإسلام فليأخذه عن الشيخ علي الدقر، ومن له شك في ذلك فليراجعني.”
- محدّث الشّام الشيخ بدر الدين الحسني
“الرجل الذي هزّ دمشق من أربعين سنة هزّة لم تعرف مثلها من مئتي سنة، وصرخ في أرجائها صرخة الإيمان، فتجاوبت أصداؤها في أقطار الشّام، واستجاب لها النّاس، يعودون إلى دين الله أفواجاً، يبتدرون المساجد، ويستبقون إلى حلقاتها، وهو علّامة الشّام بل هو في الشّام علم الأعلام، أُعطي من التوفيق في العمل، والعمق في الأثر، ما لم يعطَ مثله الشّيخ بدر الدين ولا غيره من مشايخ الشّام في تلك الأيام.”
- قاضي دمشق الشيخ علي الطنطاوي
“العالم العامل، الذي نجتمع اليوم في هذا المكان المقدس لتخليد ذكراه، أخلص لدينه فعبد الله عبادة خشوع وقنوت، وأخلص لعمله فنشره بين الناس بكلّ قوة، وعممه وراء الأقطار والأمصار بكل جرأة، وسعى لعقيدته دون رهبة أو خشية، وسار في طريق الحق مجتازاً كل عقبة، وصابراً على كل صدمة.”
- رئيس الجمهورية شكري القوتلي
مما كتب عنه
- الشيخ علي الدقر رجل أحيا الله به الأمة للدكتور نزار أباظة (دار الفكر، دمشق 2010)
مسجد الشيخ علي الدقر
بُني مسجد كبير باسمه في حي كفرسوسة سنة 1985، وفي جزءه السفلي منه ضمّ معاهد الجمعية الغرّاء.
وفاته
توفّي الشيخ علي الدقر في دمشق يوم الثلاثاء في 1 آذار 1943، وصُلّي عليه في الجامع الأموي، ودُفن في تربة الباب الصغير.