وجيه بن عبد الحسيب البارودي (1 آذار 1906 – 11 شباط 1996)، طبيب وشاعر سوري من مدينة حماه، كان مُقلّاً في نتاجه الأدبي ولكنه حقق من خلال دواوينه شهرة واسعة في سورية والوطن العربي وغنى أشعاره المطرب السوري نجيب السراج. لم يغادر حماة إلا نادراً وانتخب سنة 1978 أول رئيس لاتحاد الكتاب في مدينته.
البداية
ولد وجيه البارودي في حماه وهو سليل أسرة عرفت بالثراء والوجاهة. درس في الكتّاب بداية ثم في مدرسة “ترقي الوطن” الابتدائية. أرسله والده إلى ثانوية الانترناشونال كولدج في بيروت ثم إلى “الكلية السورية البروتستانتية” التي أصبحت بعد سنة 1920 تعرف بالجامعة الأمريكية في بيروت. درس الطب وعند تخرجه سنة 1932 عاد إلى حماة وافتتح عيادته الخاصة التي ظلّ يعمل فيها حتى أيامه الأخيرة.
المسيرة الشعرية
صدر ديوانه الأول “بيني وبين الغوالي” سنة 1950 ونال استحسان فوري من النقّاد في سورية والوطن العربي. جاء هذا الديوان في أعقاب التزوير الكبير الذي شهدته حماه أثناء الانتخابات النيابية سنة 1949 وقد وصفه البارودي قائلاً:
يعزُّ علـــيّ هجـــوكِ يا حمـــاةُ ولكنّ الصّفات هي الصّفاتُ
أسأتُ أسأتُ حين غرستُ طيبًا بأرضٍ لا يطيبُ بها النباتُ
أيخفــقُ عالــــمٌ والعلـــم نــــورٌ وتظفــر بالنيـــابة شعوذاتُ
غاب عن الساحة الشعرية سنوات طويلة قبل أن يصدر ديوانه الثاني “كذا أنا” سنة 1971، ثم الثالث والأخير سنة 1994 بعنوان “سيد العشاق.” وقد زين غلاف ديوانه الأخير بهذين البيتين من شعره:
يا أيها الحير في دنيا الهوى هيا استمع لتجاربي ونوادري
أنا سيد العشاق من قبل الشباب ومن نعمة أنمُلي وأظافري
كان البارودي عاشقاً للحسن ومتعلقاً بجمال المرأة وسحرها. معظم أشعاره كانت تطوف حول المرأة وقد قال:
الحسن من غير حب يموت في النسيان
والحب من غير شعر يعيش بضع ثوانن
وفي القوافي خلود له على الزمان
كان يدعو الناس للحب ويوجه نصحه للمسنين ويدعوهم للهو والرقص ويحذرهم – وهو الطبيب العارف – من الإصغاء إلى نصح الأطباء قائلاً:
ألا أيها القوم المسنون أقبلو إلى اللهو، لا تصغوا لنصح طبي
أحبوا … أحبوا …فالهوى يبعث الهوى أحبوا، فإن الحب غير معيب
إلى الرقص والألحان في ركن حان إلى شحد أبصار وحث قلوب
وفي قصيدة أخرى كتب البارودي
أنا لن أموت سأستمر مناضلاً مهما يطل هذا الطريق الأوعرُ
نار الهوى تذكي حياتي مثلما يخضلُ بالقطر النبات الأخضرُ
ومن أقواله: أنا أقدم طبيب … وأقدم سائق … وأقدم شاعر … وأتعس عاشق في حماة كلها.” وفي الشعر وصف نفسه قائلاً:
أنا الرجل الفذ الذي تعرفينه جديد كأني سنيّ الأوائلُ
قوي، غني، نابه، نتوقد طبيب، نجيب، من عيون العوائلُ
أمير الهوى والشعر غير مناوع وكزت لوائي عالياً في المحافلُ
التكريم
كُرم وجيه البارودي شاعراً عند بلوغه عتبة السبعين في حفل كبير تحدث فيه نخبة من الشعراء والأدباء السوريين، وجاء التكريم الثاني بصفته أقدم طبيب ممارس للمهنة في سورية سنة 1991، يوم تقلد درعاً فخرياً من وزير الصحة الدكتور إياد الشطي.
الوفاة
توفي الدكتور وجيه البارودي عن عمر ناهز 90 عاماً يوم 11 شباط 1996.
مؤلفاته
- ديوان بين وبين الغوالي (مطبعة الحضارة، طرابلس 1950)
- ديوان كذا أنا (مطبعة الدباغ، حماة 1971)
- ديوان سيد العشاق (دمشق 1994)