إذاعات

إذاعة دمشق

الإذاعة الرسمية السورية

إذاعة دمشق، محطة إذاعية سورية حكومية تتبع الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، تبث من دمشق وتغطي كافة الأراضي السورية وجزء من أراضي الدول المجاورة، وهي ثاني إذاعة في الوطن العربي بعد صوت العرب في القاهرة، تأسست مطلع عهد الاستقلال سنة 1947.

واكبت إذاعة دمشق منذ تأسيسها الأحداث العامة في الوطن العربي وطرحت عبر اثيرها مختلف القضايا الاجتماعية والسياسية السورية والعربية. تميزت من خلال الأعمال الدرامية التي قدمها عدد من الفنانين الرواد، ومنهم، حكمت محسن وأنور البابا وتيسير السعدي وفهد كعيكاتي.  تناوب على إدارتها إعلاميين كبار، مثل سليم الزركلي ونشأت التغلبي وأحمد عسة، ولها يعود الفضل في اكتشاف أو شهرة نخبة من النجوم العرب أمثال صباح فخري وفيروز وعبد الحليم حافظ ونجاح سلام وغيرهم.

الأمير يحيى الشهابي
الأمير يحيى الشهابي

البداية

في السنوات الأخيرة من الانتداب الفرنسي على سورية تأسست بدمشق إذاعة محلية في ساحة النجمة سنة 1942 انتقلت ملكيتها للحكومة السورية عند جلاء الفرنسيين سنة 1946. فيها تدرب الجيل المؤسس من المذيعين والإعلاميين ومنها تشكلت نواة إذاعة دمشق التي بدأت بثها في 3 شباط 1947، وكان مديرها المؤسس الشاعر سليم الزركلي. انطلاق البث كان بصوت الإعلامي الأمير يحيى الشهابي بجملته الشهيرة:

أيها الشعب الكريم، يا شعب البطولات والتضحية، هذه إذاعتكم، إذاعة الجمهورية السورية من دمشق، إذاعة القومية العربية، إذاعة كل العرب، تنقل صوتها إليك في أعيادك، الإذاعة السورية في دمشق تتحدث إليك.

كان البث الأول من مبنى مستأجر في شارع بغداد، احتلت الإذاعة طابقه الأرضي وظلّ صاحبه يسكن في الطابق العلوي. وعندما حاول صاحب البناء إخلائها لم يستطع فلجأ إلى إزعاج الإذاعة بالإيعاز إلى أهله بالضرب والدق في جرن الكبة للتشويش على البث أو إحداث أصوات للإزعاج. وفي عهد حسني الزعيم انتقلت إذاعة دمشق من شارع بغداد إلى مقرها الدائم في شارع النصر، بعد تعيين الإعلامي نشأت التغلبي مديراً لها في 30 آذار 1949.

كورال إذاعة دمشق في مطلع الخمسينيات.
كورال إذاعة دمشق في مطلع الخمسينيات.

برامج متنوعة

كانت الحكومة السورية تلجأ إلى إذاعة دمشق لتوعية الناس في شتى الأمور، ومنها الصحية، فعندما اجتاح وباء الكوليرا البلاد سنة 1948 نظمّت الإذاعة برامج عن الوباء وكيفية الوقاية منه. وأطلقت برامج مخصصة عن الموسيقى الكلاسيكية لرفع ذائقة المستمعين، وكان يقدمها الأمين العام في القصر الجمهوري عبد الله الخاني. واشتهرت الإذاعة ببرامجها الفنية والتمثيليات الفكاهية لفنانين كبار مثل أنور البابا، الذي ظهر بشخصية “أم كامل” عبر الأثير قبل نقلها إلى شاشة التلفزيون سنة 1960، وكذلك فعل الفنان فهد كعيكاتي بشخصية “أبو فهمي.”

ومن أشهر الأعمال الكوميدية التي عرفتها إذاعة دمشق في مرحلة الستينيات كان مسلسل صابر وصبرية للفنان تيسير السعدي وزوجته صبا المحمودي. جميع هؤلاء جاءوا إلى الإذاعة بتزكية ودعم من نائب دمشق فخري البارودي، وله يعود الفضل في اكتشاف مطربين سوريين أصبحوا نجوماً بفضل إذاعة دمشق، مثل كروان وفتى دمشق ورفيق شكري، إضافة لصباح فخري الذي كانت انطلاقته الأولى من إذاعة دمشق سنة 1948.

فترة الوحدة

عند قيام الوحدة بين سورية ومصر سنة 1958 تُوئمت إذاعة دمشق مع إذاعة القاهرة، التي كانت آنذاك من أهم وأكبر الإذاعات العربية. استفادت إذاعة دمشق من هذه الخطوة، وأقيمت المسابقات والدورات التدريبية والتبادل الإعلامي بين الإذاعتين، مثل مسابقة لاختيار مذيعين، ومعلقين سياسيين، وكُتّاب إذاعة، ومخرجين وممثلين، وغيرها من الأنشطة الإذاعية بإشراف لجان مشتركة بين الإذاعتين.

عاشت إذاعة دمشق حدثين هامين، أولهما الوحدة وثانيهما ولادة التلفزيون السوري سنة 1960. نظراً لنجاحه الكبير، أَثر التلفزيون سلباً على الإذاعة وسلبها خيرة الإعلاميين والمذيعين أمثال سامي جانو ومروان شاهين وخلدون المالح وعادل خياطة، وفي مقدمتهم صباح قباني، مدير البرامج في إذاعة دمشق الذي انتقل إلى التلفزيون وعُيّن أول مدير له سنة 1960.

مع ذلك حاولت الإذاعة التقدم مستغلة الفرص التي تتيحُها لها إذاعة القاهرة إضافة إلى الجهد الكبير الذي بذله فؤاد الشايب ويحيى الشهابي لكي تبقى الإذاعة واقفة على قدميها أمام التلفاز، الذي أصبح حلماً أمام جميع مذيعي الإذاعة.

برامج الإذاعة

قدمت إذاعة دمشق عبر تاريخها العديد من البرامج والمسلسلات الإذاعية التي تجاوزت شهرتها حدود سورية منها:

أعلام الإذاعة

على مدى مسيرة الإذاعة الممتدة لسبعة عقود ونيّف، برزت عدة أسماء بين إداريين ومعدين ومذيعين أصبحوا جزءًا من تاريخ سورية:

 فيروز والأخوين الرحباني

أول من اكتشف صوت فيروز في سورية كان مدير إذاعة دمشق أحمد عسة، وكان ذلك في زمن الرئيس أديب الشيشكلي. أراد عسة تحويل إذاعة دمشق إلى مؤسسة ثقافية وفنية، ترعى المواهب الشابة وتستقطب البارزين من أهل الفن والفكر. بدأت الإذاعة في عهده ببث أغاني فيروز في الساعة السابعة من الصباح الباكر وأوجدت عرفاً في سورية لا يزال قائماً حتى يومنا هذا. ساهم صباح قباني في الترويج لفيروز والأخوين الرحباني أثناء إدارته لبرامج الإذاعة سنة 1953 وله يعود الفضل في شهرة عدد من الفنانين العرب، مثل عبد الحليم حافظ ونجاح سلام وغيرهم.

صباح قباني في إذاعة دمشق.
صباح قباني في إذاعة دمشق.

دور صباح قباني

ابتكر صباح قباني برنامج أحاديث يومية في إذاعة دمشق، فقراته لا تتجاوز مدتها الخمس دقائق، عن الفن والفكر والفلسفة والقانون، قدمها نخبة من المثقفين الشباب مثل الدكتور بشير العظمة والدكتور أحمد السمّان. وقد أطلق صباح قباني، بالتعاون مع أحمد عسة، مجلّة “الإذاعة السورية،” كما أنشأ فرقة الإذاعة وشدد على تعلّم العازفين قراءة النوتة الموسيقية، بدلاً من الارتجال. وعمل على جعل لغة المذيعين سليمة لا تشوهها أخطاء نحوية، وتعاقد مع الشاعر الفلسطيني حسن البحيري ليجلس مع كل مذيع ويُراجع معه النشرة الإخبارية كلمة بكلمة، قبل دخول الأستوديو.

الانقلابات العسكرية

كانت إذاعة دمشق وقبل إطلاق التلفزيون السوري سنة 1960 أولى أهداف كل الانقلابات العسكرية التي مرّت على سورية ابتداء من حسني الزعيم في 29 آذار 1949 وصولاً للانقلاب على أديب الشيشكلي في 25 شباط 1954. سيق الأمير يحيى الشهابي مخفوراً لتلاوة البلاغ رقم واحد يوم انقلاب الزعيم على الرئيس شكري القوتلي واعتقل مدير الإذاعة فؤاد الشايب لرفضه بث البيان. وفي عهد الشيشكلي ، استخدمت إذاعة دمشق لإيصال خطبه إلى كل بيت سوري وكان أول رئيس يستخدم الإذاعة لأغراض دعائية وسياسية.

إذاعة دمشق اليوم

في سنوات إذاعة دمشق الأولى لم يكن البث يغطي سوى أماكن محدودة من سورية، فتم تركيب أجهزة إرسال في كل المحافظات، ومن ثم تقوية البث الذي ليغطي جميع أنحاء سورية لاحقاً، وحالياً يتم بث الإذاعة باللغة العربية لتغطي سورية وجوارها عبر موجات FM و AM وعبر الأقمار الاصطناعية وعبر الإنترنت لتصل إلى كافة أرجاء العالم، إضافة إلى برامج موجهة للناطقين باللغات الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والعبرية والألمانية والروسية والتركية تبث عبر محطات تقوية وإعادة بث.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !