ممثلون

أنور البابا

فنان سوري اشتهر بشخصية أم كامل

أنور البابا
أنور البابا

أنور بن محمد كامل البابا (12 نيسان 1915 – 19 كانون الثاني 1992)، ممثل سوري من الرواد، اشتهر بأدائه لدور شخصية “أم كامل” النسائية منذ سنة 1947، وكان له حضور راسخ في إذاعة دمشق، عبر برامج كوميدية منوعة جمعته مع القاص الشعبي حكمت محسن والفنان فهد كعيكاتي بشخصية “أبو فهمي.” تربعت “أم كامل” على عرش الكوميديا السورية في خمسينيات القرن العشرين، قبل أن تدخل عالم التلفزيون سنة 1960، وكانت لها مشاركات سينمائية في أفلام عربية ناجحة مثل بنت البداية مع برلنتي عبد الحميد وفيلم امرأة تسكن وحدها مع دريد لحام ونهاد قلعي.

البداية

ولد أنور البابا بدمشق وكان والده جندياً في الجيش العثماني، كُتب له النجاة من نفير الحرب العالمية الأولى (السفربرلك) والعودة إلى داره الكائن في زقاق الصوّاف. كان كامل البابا يعمل خيّاطاً ويسكن مع أخيه حسني، وهو خطّاط ماهر قرر الهجرة إلى مصر سنة 1902. أنجب العم من زوجته الأولى – وهي دمشقية من حيّ الميدان – ابنته نجاة الصغيرة، ومن زواجه الثاني من مصرية من شقيقتها سعاد حسي، وهما بنات عم أنور البابا.

أرسله والده إلى الخجا لتلقي علومه الأولى، وفي العام التالي نقله إلى الكتّاب في حيّ الدقاقين جنوب سوق البزورية، وكان مديره الشيخ بهجت منصور. كان البابا صاحب شخصية متميزة وعنده من الجرأة والفصاحة ما دفع الشيخ إلى تلقيبه بالفصيح، وصار التلميذ أنور البابا نجم المدرسة الأول في الخطابة والإنشاد. وفي حديثه عن تلك المرحلة يقول: “لقبت بالفصيح لأنني كنت المختار آنذاك لألقي ما أحفظه من خطب في الأسواق… فقد كانت تلك الطريقة الوحيدة للإعلام عن الكتاب والدعوة إليه.”

وبعد الكتّاب انتسب إلى مدرسة الإسعاف الخيري، ثم إلى الكلية العلمية الوطنية في زقاق بين البحرتين في البزورية، وبعدها إلى المدرسة الكاملية خلف حمام نور الدين الشهيد، وصولاً إلى مدرسة التطبيقات الرسمية التي حصل منها على الشهادة الابتدائية. وأخيراً دخل إلى مكتب عنبر وكان يعمل بائعاً متجولاً لتأمين لقمة العيش، وحاول والده تعليمه كار الحلاقة ولكن ميوله كانت موجهة ومنذ الصغر نحو المسرح والسينما. وقد ترك المدرسة قبل الحصول على الشهادة المتوسطة (البروفيه) ليتفرغ للعمل في صناعة النسيج الذي بقي فيه ثلاث سنوات.

مسيرته الفنية

في مكتب عنبر التقى البابا بزميل عمره الفنان أنور المرابط، الذي أشركه بالتمثيليات المدرسية التي كان مكلفاً بإعدادها في ختام العام الدراسي. وفي سنة 1937 أسس مع تيسير السعدي وفهد كعيكاتي فرقة من الممثلين الهواة لتقديم المسرحيات الشعبية في الأفراح والمناسبات. وبعدها بعام، أسند إلى البابا دور صغير في مسرحية “أتاتورك” لصديقه أنور المرابط، وشارك في مسرحية “جريمة الآباء.” انضم إلى نادي الفنون الجميلة ومن خلاله شارك الفنان المصري أمين عطا الله في مسرحية “راسبوتين” التي جاء ليعرضها في دمشق. وقد ظل يعمل مع نادي الفنون الجميلة لغاية انفصاله سنة 1948 لتأسيس فرقة خاصة باسم “الفرقة السورية للتمثيل والموسيقى”. ضمت الفرقة نحو خمسة عشر ممثلاً، وكان أعضاءها يقومون بتوزيع بطاقات المسرحيات بأنفسهم على المنازل والمحلات والمقاهي والمتنزهات.

من اليمين: سامي الكسم، فهد كعيكاتي، تيسير السعدي، أنور البابا، حكمت محسن.
من اليمين: سامي الكسم، فهد كعيكاتي، تيسير السعدي، أنور البابا، حكمت محسن.

مرحلة الاحتراف

في سنة 1938 حصل على وظيفة في السراي الحكومي بساحة المرجة، مراسلاً في مكتب رئيس الحكومة جميل مردم بك براتب شهري قدره 21 ليرة سورية، أو ما يُعادل أربع ليرات ذهبية. ساعده هذا الراتب المحترم على إطلاق فرقته المسرحية ومن بعدها دخل على الإذاعية المحلية في مدينة دمشق التي أوجدتها سلطة الانتداب الفرنسي في ساحة النجمة، ليس كممثل بل كمؤلف، وفيها وضع كلمات عدة أغنيات للمطرب المعروف نجيب السراج، مثل يسعد صباحك يا بدر. ومن هنا اختير البابا ليكون أحد مؤسسي إذاعة دمشق الرسمية التي أطلقت في مطلع عهد الاستقلال وقبل أشهر معدودة من ولادة شخصية “أم كامل” التي حولته من فنان محلي صغير إلى نجم صف أول في سورية.

أم كامل
أم كامل

شخصية أم كامل

بعد أشهر من جلاء القوات الفرنسية عن سورية، اجتاحت الكوليرا مدينة دمشق وفتكت بأهلها، فطلب الرئيس مردم بك – مدير البابا في وظيفته الحكومية – من الفنان السوريين مساعدته على نشر الوعي الصحي وضرورة الوقاية من الوباء. قرروا تنفيذ برنامج إذاعي بعنوان “إصابة مشتبهة،” عن الكوليرا ومخاطرها، شارك فيه الفنان الهاوي سامي الكسم بدور سيدة تُدعى “أم كامل،” نظراً لقلّة الفنانات في حينها. ولكن يبدو أن هذا الدور أتعبه فقرر التخلّي عنه وعرض البابا أن يجسده، بعض صقله وإضافة أبعاد كثيرة عليه. وسع البابا من أبجدية “أم كامل” وأضاف إلى قاموسها مجموعة من الأدعية والعبارات المستوحاة من أمه، والتي كان يحبها كثيراً وكانت سيدة قوية وحكيمة ولكنها أمية، لا تعرف لا القراءة أو الكتابة – مثل أم كامل.

أعجب الجمهور بشخصية “أم كامل” بنسختها الجديدة والمعدلة، ولشدة نجاحها قرر البابا تبنيها بالكامل والإقلاع عن غيرها من أدوار. عُرفت “أم كامل” بحلاوة حديثها وطلاوة صوتها ومواقفها المضحة، مع قناعاتها الشعبية البالية حول المال والشطارة والرجال. ويقول البابا عن شخصيتها: “لقد تشربت دور أم كامل إلى درجة التوّحد فيه، فسرى في القلب حبّاً وفي العروق دماً. تقمصتها حتى العظم ومشت معي في رحلتي الطويلة مع الفن.” وأضاف في حديثه عن أم كامل: “…الداية الشعبية، والعجوز الدمشقية التي سببت المتاعب لمن حولها، وملأت الدنيا، وشغلت الناس على مدى أربعين عاماً. عاصرت عمالقة الفن العربي، ونسجت معهم الكثير من الحكايات، كانت تسرق من العجائز الحركات، والكلمات، والسكنات، لتوظفها في خدمة الفن.”

الإعلان لعروض أم كامل المسرحية الأولى سنة 1948
الإعلان لعروض أم كامل المسرحية الأولى سنة 1948

من المسرح إلى السينما

وبعد نجاح تمثيلية “إصابة مشتبهة” صمّمت مسرحية خاصة بأم كامل، حملت عنوان “أم كامل على الجبهة” قدمها البابا أمام قوات الجيش السوري أثناء حرب فلسطين واستمرت بالعرض حتى سنة 1949. ومن بعدها جاءت مشاركته السينمائية الأولى في الفيلم السوري – اللبناني الطويل نور وظلام، من إخراج وإنتاج نزيه الشهبندر وبطولة المطرب رفيق شكري والممثلة اللبنانية إيفبت فغالي.

أم كامل ومذياع الخمسينيات
أم كامل ومذياع الخمسينيات

أم كامل في إذاعة دمشق

ومن بعدها شكّل البابا ثلاثي فني مع القاص الشعبي حكمت محسن والفنان الكوميدي فهد كعيكاتي، الذي اشتهر بشخصية “أبو فهمي،” وقدموا معاً مئات التمثيليات والحلقات الإذاعية عبر أثير إذاعة دمشق. عندما أذيع العرض الإذاعي لشخصية “أم كامل.” كانت شوارع دمشق تفرغ من ناسها كباراً وصغاراً وقت العرض، ونجحت الشخصية نجاحاً ساحقاً.

أم كامل وأم كلثوم

وعند زيارة أم كلثوم دمشق سنة 1956، أقيم على شرفها عشاء كبير في منزل الزعيم فخري البارودي في حيّ القنوات، فطلبت لقاء “الست” أم كامل، وقالت إنها سمعت عنها الكثير. وفي إحدى حفلاتها بدمشق، دعيت أم كامل لمشاركت أم كلثوم المسرح المسرح والترحيب بها على الطريقة الشامية. وفي سنة 1958 دعيت “أم كامل” إلى القاهرة للمشاركة في فيلم بنت البداية مع الفنانة برلنتي عبد الحميد والراقصة نجوى فؤاد، وكان لها ظهور في فيلم إسماعيل ياسين للبيع مع النجم المصري إسماعيل ياسين.

أم كلثوم وأم كامل في منزل فخري البارودي بدمشق.
أم كلثوم وأم كامل في منزل فخري البارودي بدمشق.
أم كامل وإسماعيل ياسين سنة 1958.
أم كامل وإسماعيل ياسين سنة 1958.

تأسيس التلفزيون السوري

وعند افتتاح التلفزيون السوري في زمن الوحدة السورية – المصرية انتقلت “أم كامل” من الشاشة الكبيرة إلى الصغيرة، ومن خلالها دخلت كل بيت في سورية. شارك بالبابا في معظم المخرج اللبناني نقولا أبو سمح الكوميدية، مثل مختار السبع بحرات (1969)، أبو صياح الثاني عشر (1973) وصية المرحوم (1975)، أضافة للمسلسل الكوميدي الشهير حمام الهنا سنة 1968، مع دريد لحام ونهاد قلعي.

وقد ظلّ البابا وفياً لشخصية “أم كامل” طيلة الستينيات وحتى منتصف السبعينيات، عندما وجد نفسه مجبراً على التخلّي عنها، نظراً لتراجع الأعمال الكوميدية الشعبية مقابل أعمال معاصرة وأكثر جدية. وفي نهاية العقد السابع من القرن العشرين، كانت له مشاركات في مسلسلات تاريخية، مثل أحمد باشا الجزار ومسلسل الحكاية الثانية من سيرة بني هلال مع المخرج علاء الدين كوكش، ولكن كلاهما لم يضيف شيء إلى مسيرته بلّ أن دوره بهما قوبل فتور من الجمهور، الذي كان ينتظر أن يراه مجدداً يشخصية “أم كامل.”

السنوات الأخيرة

وقد أجبره هذا الشح في الأدوار التلفزيونية على التوجه إلى المسرح الشعبي في دمشق، حيث كانت الأعمال تفصّل على قياس “أم كامل.” انضم إلى فرقة الفنان محمود جبر المسرحية. وفي سنة 1975 إلى الأخوين قنوع في مسرح “دبابيس،” ومعهم كانت آخر أعماله المسرحية سنة 1991، بعنوان “الآخرة يا فخرة” التي مرض أنور البابا أثناء عرضها وتوفي عن عمر ناهز 77 عاماً يوم 19 كانون الثاني 1992.

أم كامل ضمن فرقة الأخوين قنوع سنة 1982.
أم كامل ضمن فرقة الأخوين قنوع سنة 1982.
أنور البابا في سنواته الأخيرة.
أنور البابا في سنواته الأخيرة.

الأعمال المسرحية

الأعمال التلفزيونية

الأعمال السينمائية

الأعمال الإذاعية

  • أم كامل حول العالم
  • أم كامل في البرلمان
  • تياترو أم كامل
  • حكايا أم كامل
  • الداية أم كامل
  • صالون أم كامل
  • عمارة أم كامل
المصدر
المصري اليومسناك سوريالسينما.كوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !