أعلام وشخصياترجال وعلماء دين

حسن حبنكة

عالم وفقيه

الشيخ حسن حبنكة
الشيخ حسن حبنكة

حسن بن مرزوق بن مرزوق غُنيم، الشهير بحسن حبنكة (1908 – 16 تشرين الأول 1978)، داعية سوري من دمشق وأحد أشهر علماء الشام في القرن العشرين. كان من مؤسسي رابطة العلماء ومجلس القراء، كما أسس وترأس جمعية التوجيه الإسلامي بدمشق وألحقها بمعهد شرعي حمل نفس الاسم صادرته الدولة السورية سنة 1964.

البداية

ولِد الشّيخ حسن حبنكة في حيّ الميدان وتلقى علومه يد المُحدّث الأكبر الشيخ بدر الدين الحسني ومفتي دمشق الشيخ عطا الله الكسم. لم تكن أسرته من العائلات الدينية وليس فيها لا فقيه أو عالم، وكان الكثير من رجالها يعملون في تربية المواشي واستثمار منتجاتها. أما والده فكان يملك متجراً في دمشق القديمة ويتردد على مجالس العلماء. انضم حسن حبنكة إلى الثورة السورية الكبرى عند اندلاعها سنة 1925 وهرب على أثرها إلى إمارة شرق الأردن.

مواجه قانون الأحوال الشخصية

شمله العفو الصادر عن رئيس الحكومة الشيخ تاج الدين الحسني في شباط 1928 فعاد إلى دمشق وعمل في التدريس والخطابة في مساجد الميدان، مع تعيينه عالماً في دائرة الفتوى حتى سنة 1936، يوم برز اسمه كأحد معارضي قانون الأحوال الشخصية الذي سعى رئيس الحكومة جميل مردم بك لتمريره. قاد المظاهرات الحاشدة مطالباً مردم بك بالاستقالة من منصبه وهدد بعصيان مدني بدمشق لو لم يتراجع الأخير عن القانون المطروح.

جمعية التوجيه الإسلامي

انتسب حسن حبنكة في شبابه إلى جمعية الغراء وكان من مُريدي الشيخ علي الدقر، مسؤولاً عن بعض مدارسها كمدرسة سعادة الأبناء ومدرسة الريحانية ومدرسة وقاية الأبناء. وفي سنة 1946 أسس وترأس جمعية التوجيه الإسلامي، المعنية بتعليم المسلمين ونشر الدعوة الإسلامية، ثم ألحقها بمعهد يحمل الاسم نفسه في جامع منجك في الميدان. وفي سنة 1954 كان أحد مؤسسي رابطة العلماء مع الشيخ أبي الخير الميداني وانتُخب عضواً مؤسساً في مجلس القراء الذي تخرج فيه الشيخ حسين خطّاب والشيخ كريّم راجح.

الصدام مع أمين الحافظ

اعترض الشيخ حبنكة على قرارات التأميم الصادرة في عهد الرئيس جمال عبد الناصر سنة 1961، وعلى مصادرات الأملاك وقمع الحريات والاعتقالات التعسفية في عهد رئيس الدولة أمين الحافظ سنة 1964. ردت حكومة صلاح الدين البيطار بمصادرة معهده ومنعه من الخطابة في المساجد، ثم اتصل به مدير المخابرات العميد أحمد سويداني ودعاه إلى اجتماع، فأجابه: “أنا لا أخرج من داري في ليالي رمضان، ثم عندي مهمات وعندي الدرس العام بعد صلاة الفجر في الجامع.”

رد سويداني بحزم: “الفريق أمين الحافظ رئيس الدولة يدعوك للاجتماع في سراي الحكومة مع فريق من العلماء.”

كرر حبنكة جوابه: “أنا في ليالي رمضان لا أخرج من داري.”

تفاجئ سويداني بهذا الاستخفاف برئيس الدولة فقال: “قلت لك الفريق…الفريق.”

فأجابه الشيخ: “وهل الفريق ربّي حتى أكون مُلزماً في مثل هذا الوقت بتلبية دعوته؟ ليس هو ربي، ولستُ أنا عبده.”

ولكنه قرر تلبية الدعوة وشارك في اجتماع العلماء مع أمين الحافظ. أخرج الحافظ بعض خطابات الشيخ حبنكة مناقشة مضمونها معه أمام الحاضرين فرد الأخير: “لا نريد أن نقرأ خطابات أبداً، إنّ كل كلمة جاءت في هذه الخطابات جرت على لساننا، ونحن قد قلناها، ولن نسكت أبداً. إما أن تشنقونا في المرْجَة أو تحبسونا في المزَّة، أو تسمحوا لنا أن نتكلم بما نريد.”

وعندما هددهم الحافظ بقطع رواتبهم من الأوقاف انبرى الشيخ حبنكة وقال: “نحن قبل أن نخرج من بيوتنا ودّعنا أهلنا، متوقعين أن نموت هنا في هذا المكان، فإذا فُدي ذلك بقطع الراتب فالأمر سهل. المال تحت أقدامنا، الراتب لا قيمة له عندنا، من الذي قال إننا متعلقون بالراتب؟ خذه، اقطعه…لا حاجة لنا به.”

مواجهاته مقال مجلة جيش الشعب

في شهر نيسان 1967، حصلت مواجهة ثانية مع الدولة في زمن الرئيس نور الدين الأتاسي، يوم اعتراض حسن حبنكة على مقال في مجلة جيش الشعب الحكومية، يدعو فيه الكاتب إلى “تقاعد الله” ووضعه في متاحف التاريخ. نشر مقال يوم 25 نيسان 1967 وخرج حسن حبنكة في مظاهرة حاشدة على رأس 20 ألف متظاهر أغلقوا شوارع دمشق وأسواقها التاريخية. طالبوا بسحب المقال من التداول مع محاسبة الكاتب والاعتذار. أمر اللواء صلاح جديد باعتقاله ووجهت له اتهامات شتى ومنها تقاضي الأموال من السعودية لقلب نظام الحكم في سورية. ولكن السلطات أجبرت على إطلاق سراحه، خوفاً من تداعيات ذلك في الشارع الدمشقي، وعاد واصطدم معه سنة 1973 يوم طرحت مسودة من الدستور السوري خالية من المادة الثالثة التي تقول أن دين رئيس الدولة هو الإسلام.

الوفاة

توفي الشيخ حسن حبنكة عن عمر ناهز 70 عاماً في 16 تشرين الأول 1978 وخرجت له جنازة كبيرة قلّ مثيلها في تاريخ دمشق، قدّر عدد المشاركين بها بنصف مليون شخص. تكريماً له ولمسيرته، أطلق اسمه على مسجد كبير غربي الميدان. وصدرت بعد وفاته عدة دراسات وأبحاث عن مسيرته، كان أبرزها الوالد الداعية المربي الشيخ حسن حبنكة الميداني لابنه الشيخ عبد الرحمن حبنكة (2002) وكتاب الشيخ حسن حبنكة لأحد طلابه الشيخ كريّم راجح (2017).

الأولاد

اشتهر ابنه الشيخ عبد الرحمن حبنكة من بعده الذي تولّى التعليم الشرعي في وزارة الأوقاف السورية قبل سفره إلى السعودية ليعمل مُدرساً في جامعة الإمام محمد بن سعود في الرياض ثم في جامعة أم القرى في مكة المكرمة.

 

.

 

 

المصدر
1. عبد الغني العطري. عبقريات (دار البشائر، دمشق 1997)، 178-1842. محمد شريف الصوّاف. موسوعة الأسر الدمشقية: تاريخها وأنسابها وأعلامها، الجزء الأول (بيت الحكمة، دمشق 2010)، 5943. عبد الرحمن حبنكة. الوالد الداعية المربي الشيخ حسن حبنكة الميداني (االسعودية 2002)، 834. باتريك سيل. الأسد: الصراع على الشرق الأوسط (باللغة الإنكليزية، الولايات المتحدة 1989)، 115

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !