ثريا بنت أمين لطفي الحافظ (1911-2000)، مُدرسة سورية من دمشق، قادت الحركة النسائية في خمسينيات القرن العشرين وكانت من أول ثلاث نساء ترشحن لعضوية مجلس النواب في زمن الرئيس أديب الشيشكلي سنة 1953. وهي أول امرأة تخلع الحجاب في مظاهرة نسائية شعبية، تيمناً بالرائدة المصرية هدى الشعراوي. كانت لها زاوية أسبوعية في جريدة بردى الدمشقية التي كان يصدرها زوجها الصحفي منير الريّس وهي مؤسسة منتدى سكينة الأدبي سنة 1943.
البداية
ولِدت ثريا الحافظ في إسطنبول في سرايا عزيز علي المصري، صديق أبيها الأميرلاي أمين لطفي الحافظ من الضباط العرب في الجيش العثماني. أعدم والدها شنقاً سنة 1916 بأمر من جمال باشا، قائد الجيش الرابع في سورية وعن هذه الحادثة تقول:
لا أعرف أبي – رحمه الله – لكن أمي أخذتني إلى سجن عاليه قبل إعدامه بيوم واحد، وأدخلتني معها كي أراه، وأخبرني والدي بأنهم سيطلقون سراحه في اليوم التالي. فعدنا إلى دمشق وما زلت أذكر بأن أمي قد أرتدت ثوباً أحمر اللون، وزينت شعرها بالورد والياسمين من أجل استقبال والدي. وفي ذلك اليوم استقبلت أمي جارتها من عائلة الشهابي، جاءت وقد وضعت يدها فوق رأسها، فسألتها أمي: ما بك يل لبنى؟ أجابتها بلوعة وأسى: لقد أعدموهم شنقاً. فضربت أمي نفسها ونثرت عنها الورود واليسمين.
بعدها بعامين تزوجت أم ثريا الحافظ من السياسي والإداري المعروف الأمير مصطفى الشهابي الذي تعهد برتبيتها وأدخلها في دار المُعلمات. عملت مُدرسة في ثانوية تجهيز البنات، قبل تعيينها مديرة لها، وأيدت الزعيم الوطني عبد الرحمن الشهبندر في عمله ضد الانتداب الفرنسي.
الجمعيات الأهلية
وفي سنة 1927 أسست جمعية دار المعلمات بدمشق وكان هدفها:
- مكافحة الأمية
- تعليم القرآن الكريم
- تشغيل اليد العاملة
- افتتاح ناد نسائي
أقامت الجمعية عدة نشاطات خيرية، من ضمنها عروض مسرحية في مدرسة سوق ساروجا الأمريكية الخاصة، حيث شاركت ثريا الحافظ في دور البطولة في مسرحيات: طارق بن زياد، خالد بن الوليد، عواطف البنين، جنسنا اللطيف الناعم. تشاركت بعدها مع زميلتها سنيّة قباني في تأسيس دار وميتم كفالة الفتاة، المعني ببنات الشهداء. وفي 5 أيار 1945 أسست جمعية رعاية الجندي مع مقبولة الشلق لدعم عائلات الجنود، وبعدها شاركت زهراء اليوسف، زوجة الرئيس الراحل محمد علي العابد في إطلاق جمعية مكافحة مرض السل.
منتدى سكينة
أسست الحافظ في منزلها متندى سكينة الأدبي سنة 1943 الذي كان يُقيم ندوة فكرية في السابع عشر من كل شهر، يحضرها عدد من المثقفين الكبار، وفي مقدمتهم الأمير مصطفى الشهابي. وانبثق عن المنتدي فرقة فخر الأندلس لتعليم رقص السماح والدبكة الشعبية قبل أن شاركت زهراء اليوسف مجدداً في إقامة حلقة الزهراء الأدبية في قصرها الكائن في محلّة سوق ساروجا سنة 1953.
حركة تحرر المرأة السورية
شاركت ثريا الحافظ في كل المظاهرات النسائية التي نظمت ضد الانتداب وفي سنة 1936 رفعت الحجاب عن رأسها وكشفت عن وجهها أثناء مظاهرة على أبواب السراي الكبير في ساحة المرجة، تيمناً بالرائدة المصرية هدى شعراوي. وبعد زواجها من الصحفي منير الريّس دخلت معه كلية الآداب في الجامعة السورية لإكمال تعليمها، وبدأت تكتب مقالاً أسبوعياً في صحيفته، بردى، وتطالب بتحرير المرأة اجتماعياً وسياسياً وكسر قيد الرجال المفروض عليها في المجتمع السوري.
انتخابات عام 1953
وفي سنة 1953 ترشحت ثريا الحافظ لانتخابات مجلس النواب، مع سيدة أخرى من دمشق وثالثة من يبرود، ولكنه جميعهم سقطن بسبب محاربة المجتمع الذكوري.
الحافظ وعبد الناصر
رداً على العدوان الثلاثي على مصر سنة 1956 شاركت ثريا الحافظ بالمقاومة الشعبية التي انطلقت من دمشق دعماً للمجهود الحربي المصري. أيدت الوحدة السورية – المصرية عند قيامها في شباط 1958 وكانت من أشد المتحمسين لها وللرئيس جمال عبد الناصر، وعند انهيارها إبان انقلاب الانفصال في 28 أيلول 1961، وصفت كل من شارك بإسقاطها بالخائن والعميل للاستعمار. أحد من هاجمتهم بعنف كان رئيس الحكومة خالد العظم، ويوم الانقلاب عليه في 8 آذار 1963 قادت مظاهرة كبيرة على أبواب منزله وطالبت بسحله كما سحل العراقيون رئيس وزرائهم نوري السعيد يوم انقلاب 14 تموز 1958. وفي سنة 1963 دعيت إلى مصر لمقابلة عبد الناصر وعند وفاته في 28 أيلول 1970 أقامت مجلس عزاء في منزلها وخرجت بمظاهرة حزن نسائية عمّت شوارع مدينة دمشق.
مؤلفاتها
ألقت ثريا الحافظ أكثر من 150 محاضرة في حياتها المديدة، تنوعت أمكنتها بين النادي العربي والنادي الأدبي النسائي ومجمع اللغة العربية، إضافة لأحاديث طويلة عن حقوق المرأة، بثّت عبر أثير إذاعة دمشق وإذاعة الشرق الأدنى. وفي سنة 1961 وضعت مجموعة قصصية عن حياتها بعنوان “حدث ذات يوم،” جاء بعدها كتابها الثاني والأخير والأشهر، الحافظيات وهو بمنزلة مذكرات صدرت بدمشق سنة 1979.
الوفاة
توفيت ثريا الحافظ عن عمر ناهز 89 عاماً سنة 2000.