أعلام وشخصياترجال دين

حسن حبنكة

شيخ قراء الشّام

الشيخ حسن حبنكة
الشيخ حسن حبنكة

حسن حبنكة (1908-1978)، من علامء الشّام وأحد أشهر أعيان حيّ الميدان.

البداية

ولِد الشّيخ حسن حبنكة في حيّ الميدان الدمشقي وتلقى علومه يد المحدّث الأكبر الشّيخ بدر الدين الحسني ومفتي دمشق الشّيخ عطا الله الكسم. لم تكن أسرته من العائلات الدينية، ليس فيها لا فقيه أو عالم، وكانت تعمل في تربية المواشي واستثمار منتجاتها. وكانت والدته من قرية الكسوة في ريف دمشق.

في زمن الإنتداب الفرنسي

انضم إلى صفوف الثوار في الثورة السورية الكبرى سنة 1925 وهرب بعدها إلى إمارة شرق الأردن عند صدور قرار باعتقاله من قبل المفوضية الفرنسية العليا في سورية ولبنان. عاد إلى سورية ففي  شباط 1928 عند صدور عفو عنه من قبل رئيس الحكومة الشّيخ تاج الدين الحسني، الذي قام بتعينها “عالماً” في دائرة الإفتاء في مدينة دمشق.

برز اسمه سنة 1936 كأحد أبرز المعارضين للقانون الأحوال الشخصية الذي حاولت سلطة الانتداب الفرنسي فرضه على سورية، وكان يقود المظاهرات الشعبية ضده، مُطالباً باستقالة الرئيس جميل مردم بك المؤيّد لهذا القانون.(1)

جمعية التوجيه الإسلامي

انتسب الشيخ حبنكة في شبابه إلى جمعية الغراء وكان من مُريدي الشّيخ علي الدقر، وصار خطيباً في جوامع الميدان ومسؤولاً عن بعض مدارس جمعية الغراء، مثل مدرسة سعادة الأبناء ومدرسة الريحانية.(2)

وفي سنة 1946 أسس جمعية خاصة به، تُعنى بتعليم المسلمين ونشر الدعوة الإسلامية، أطلق عليها اسم “التوجيه الإسلامي.” وألحقها بمعهد يحمل نفس الإسم كان مقره في جامع منجك في الميدان. كما شارك في تأسيس رابطة العلماء مع الشّيخ مكي الكتاني والشيّخ أبو الخير الميداني وكان عضواً مؤسساً في مجلس القراء، الذي تخرج منه شخصيات دينية بارزة مثل الشيخ حسين خطّاب والشّيخ كريم راجح.(3)

الصدام مع أمين الحافظ

اصتدم الشيخ حسن حبنكة مع الرئيس أمين الحافظ سنة 1965، عند مهاجمته قرارات التأميم التي صدرت عن حكومة صلاح البيطار . اتصل به رئيس المخابرات العقيد أحمد سويداني، ودعاه للحضور إلى إحدى أفرع المخابرات بسبب ما جاء في خطبه.

أجابه الشيخ حبنكة: “أنا لا أخرج من داري في ليالي رمضان، ثم عندي مهمات وعندي الدرس العام بعد صلاة الفجر في الجامع.”

رد سويداني بالقول: “الفريق أمين الحافظ رئيس الدولة يدعوك للاجتماع في سراي الحكومة مع فريق من العلماء.”

فكان جواب الشّيخ: “وإن يكن الفريق أمين الحافظ، قلت لك: أنا في ليالي رمضان لا أخرج من داري لاعتبارت خاصة بي.”

تفاجئ سويداني بهذا الإستخفاف لرئيس الدولة فقال: “قلت لك الفريق…الفريق.”

فأجاب الشيخ: “وهل الفريق ربّي حتى أكون مُلزماً في مثل هذا الوقت بتلبية دعوته، ليس هو ربي، ولستُ أنا عبده.”

ولكنه أعاد التفكير في موقفه وتوجه إلى الإجتماع مع أمين الحافظ. أخرج الرئيس بعض خطابات الشيخ حبنكة ليناقشها معه، فرد الأخير: “لا نريد أن نقرأ خطابات أبداً، إنّ كل كلمة جاءت في هذه الخطابات جرت على لساننا، ونحن قد قلناها، نحن حرَّضنا وتكلّمنا، ولا نسكت أبداً. إما ان تشنقونا في المرْجَة أو تحبسونا في المزَّة، أو تسمحوا لنا أن نتكلم بما نريد، نحن لم نأت إلى هنا لندافع عن خطابات، وإنما جئنا لنقول كلمة الحق.”

وعندما هددهم الفريق الحافظ بقطع رواتبهم من الأوقاف انبرى الشيخ حسن قائلاً: “نحن قبل أن نخرج من بيوتنا ودّعنا أهلنا، متوقعين أن نموت هنا في هذا المكان، فإذا فُدي ذلك بقطع الراتب فالأمر سهل. المال تحت أقدامنا، الراتب لا قيمة له عندنا، من الذي قال إننا متعلقون بالراتب؟ خذه، اقطعه…لا حاجة لنا به.”

الاعتقال سنة 1967

في شهر نيسان 1967، حصلت مواجهة ثانية مع الدولة في زمن الرئيس نور الدين الأتاسي. نشر مقال في مجلّة جيش الشعب يوم 25 نيسان 1967 فيه تجهم على الأديان وعلى الخالق، فخرج حسن حبنكة في مظاهرة حاشدة، يقود عشرون ألفاً من أتباعة، مطالباً محاسبة الكاتب واعتذار الدولة. أمر اللواء صلاح جديد بإعتقاله ووجهت له اتهامات بتقاضي أموال من السعودية لتغيير الحكم في سورية.(4) قد أمر أيضاً بإغلاق معهد التجويه الإسلامي وملاحقة الكثير من طلاب العلم فيه.

الوفاة

توفي الشيخ حسن حبنكة عن عمر ناهز 70 عاماً في 15 تشرين الأول 1978 وأطلق اسمه على مسجد غربي الميدان.

المصدر
1. عبد الغني العطري. عبقريات (دار البشائر، دمشق 1997)، 178-1842. محمد شريف الصوّاف. موسوعة الأسر الدمشقية: تاريخها وأنسابها وأعلامها، الجزء الأول (بيت الحكمة، دمشق 2010)، 5943. عبد الرحمن حبنكة. الوالد الداعية المربي الشيخ حسن حبنكة الميداني (االسعودية 2002)، 834. باتريك سيل. الأسد: الصراع على الشرق الأوسط (باللغة الإنكليزية، الولايات المتحدة 1989)، 115

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !