أعلام وشخصياتثوار

حسن الخرّاط

من شهداء الثورة السورية الكبرى

حسن الخرّاط
حسن الخرّاط

حسن الخرّاط (1861- 25 كانون الأول 1925)، مجاهد سوري من دمشق، شارك في الثورة السورية الكبرى ضد الانتداب الفرنسي واستشهد نهاية عام 1925.

البداية

ولِد حسن الخرّاط في حيّ المزار بمنطقة الشاغور وكان رجلاً بسيطاً وأميّاً، عمِل حارساً في بساتين الشاغور قبل انضمامه إلى الحرس الليلي التابع لمديرية شرطة دمشق سنة 1921.

الثورة السورية الكبرى

عند إندلاع الثورة السورية الكبرى سنة 1925، انضم الخرّاط إلى صفوفها وقام بتهريب أحد قادتها فوزي باشا البكري من دمشق إلى جبل الدروز، تنفيضاً لأوامر قائدها العام سلطان باشا الأطرش.

وقد أثارت حادثة التهريب شكوك مدير شرطة دمشق خليل رفعت، الذي أمر بإحضار الخرّاط إلى مكتبه للاستجواب، نظراً لقربه من الأخوين نسيب وفوزي البكري. شعر حسن الخرّاط بالخطر وأن مدير الشرطة يريد اعتقاله، فهرب إلى غوطة دمشق في آب 1925 ومن ثمّ إلى جبل الدروز، واضعاً نفسه تحت تصرف سلطان الأطرش والدكتور عبد الرحمن الشهبندر، زعيم الثورة في دمشق.(2) وفي شهر أيلول، طلب منه الشهبندر الاتصال بزعماء الأحياء الدمشقية، وتحديداً مع القبضايات، تمهيداً لنقل الثورة من السويداء إلى وسط العاصمة السورية.(3)

معركة دمشق: 18 تشرين الأول 1925

بدأ حسن الخرّاط تنفيذ المهمة عبر سلسلة هجمات ليلية على المخافر والجنود السنغال التابعين لجيش الشرق الفرنسي. وفي 18 تشرين الأول 1925، دخلت مجموعة مؤلفة من 200 مقاتل، يقودهم حسن الخرّاط بنفسه، إلى مدينة دمشق بهدف مهاجمة قصر العظم وسط سوق البزورية واعتقال، أو تصفية، المندوب السامي الفرنسي الجنرال موريس ساراي.(4) كانت العملية العسكري بتخطيط من الدكتور الشهبندر وبالتنسيق مع القائد العسكري رمضان باشا شلاش، الذي دخل دمشق من محور ثاني، مع مجموعة من ثوار جبل الدروز. (5)

تعرض الخرّاط ورجاله إلى كمين مُحكم، وتبين لهم أن الجنرال ساراي لم يكن في دمشق وأن قصر العظم كان خالياً من أي مسؤول فرنسي. حوصر رجال الخرّاط داخل قصر العظم  وفي حارات سوق البزورية، وعندها بدأ الفرنسيون بقصف المنطقة بسلاح المدفعية. وقد اشتد القصف على سوق البزورية وسوق الحميدية وحيّ الجزماتية بمنطقة الميدان، ولكن حسن الخرّاط نجى من الموت وعاد إلى غوطة دمشق، لتنسيق هجوم جديد مع قيادة الثورة. هنا اشتدّ الخلاف بين الخرّاط ورمضان شلاش، عندما اتهمه الأخير بنهب قرى الغوطة، وقال أن هدفه من الثورة كان للحصول على مكاسب شخصية من الشهبندر وليس لأجل استقلال البلاد وتحريرها.

الاستشهاد سنة 1925

استشهد حسن الخرّاط بعد معركة دمشق بشهرين وهو يُقاتل الفرنسيين في بستان الذهبي بالقرب من مقبرة اليهود، ودُفن في بلدة ببيلا يوم 25 كانون الأول 1925. بعد ثمانية وعشرون شهراً من استشهاده قام أهالي الشاغور بنقل رفاته من ببيلا إلى مقبرة الشاغور، وفي عهد الاستقلال بعد جلاء القوات الفرنسية سنة 1946، خصص رئيس الجمهورية شكري القوتلي معاشاً شهرياً لأسرته بقيمة 50 ليرة سورية.(6) كما أطلقت الحكومة السورية اسم حسن الخرّاط على مدرسة للبنين في باب سريجة، وعلى شارع داخل منطقة باب الصغير بدمشق.

العائلة

تزوّج حسن الخرّاط بداية من عادلة الزكي، التي أنجبت له أكبر أولاده فخري، وهو الذي عمل مع أبيه في صفوف الثورة وأُعدم شنقاً وسط ساحة المرجة يوم 28 كانون الأول 1926. وكانت زوجة الخرّاط الثانية تُدعى خديجة سرادار، وهي أم نجله الثاني بشير، الذي توفي وهو في ريعان الشباب.(7)

رأي الشهبندر بحسن الخرّاط

في مذكراته عن الثورة السورية الكبرى، يتحدث الدكتور عبد الرحمن الشهبندر عن حسن الخرَاط قائلاً:

رأيت حسن الخرّاط لأول مرة في هذه الثورة في قرية أم ضبيب من قرى جبل الدروز، في أوائل شهر سبتمبر (أيلول) سنة 1925، فإذا هو رجل ربعة، في نحو الخمسين من العمر، بوجه مستطيل وجبهة بارزة، وعينين شهلاوين تشتعلان ذكاء، ورأس أصلع، وقد خط الشيب شاربيه ورأسه والخفة ظاهرة كل الظهور في حركاته. ولعل ذلك ناشئ من تمرنه على ضرب العصي. وهو يعتم بالعمة الأغباني ويلبس القنباز وفوقه العباءة. كان أمياً، لم يفسد التعليم المدرسي…كما يقول أحد الأدباء…غرائزه الطبيعية.

وقد صرف شطراً من حياته حارساً في الأسواق وناطوراً في البساتين. ولا شك أن الباعث الأكبر الذي بعثه على الالتحاق بالثورة هو الوطنية الصحيحة. وقد حضر معارك متعددة امتاز في جميعها، منها معركة الزور الأولى والثانية. وكان قد كلّف بمهاجمة الشاغور وضرب مخفر الشّيخ حسن. واشتهر عنه أنه لم يقعد في متراس ولا احتمى بشجرة بل كان يحارب الأعداء واقفاً على أبعاد قد لا تتجاوز مئة متر. فقد ذكر لي أحد من رآه في معركة الزور أنه كان يصيح في وجه الأعداء وينادي: لا تفتشوا عني في بيوت الشّام، بل أمام استحكاماتكم. أنا حسن الخرّاط.(8)

 

المصدر
1. شمس الدين العجلاني. وجوه وكلام من بلاد الشّام (دمشق 2010)، 2772. عبد الغني العطري. عبقريات وأعلام (دار البشائر، دمشق 1996)، 1563. نفس المصدر.4. فيليب خوري. سورية والانتداب الفرنسي (باللغة الإنكليزية – جامعة برينستون، 1987)، 1765. نفس المصدر6. شمس الدين العجلاني. وجوه وكلام من بلاد الشّام (دمشق 2010)، 2777. نفس المصدر8. عبد الرحمن الشهبندر. ثورة سورية الكبرى (عمّان 1935)، 91-92

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !