شكري العسلي (1868 – 6 أيار 1916)، سياسي سوري من دمشق كان عضواً في مجلس المبعوثان العثماني، أسس جريدة قبس أولاً ثم جريدة القبس وتولّى عدة مناصب إدارية رفيعة في الدولة العثمانية قبل اعتقاله بتهمة التخابر مع دول أجنبية في الحرب العالمية الأولى. حُكِم أمام الديوان الحربي في مدينة عاليه وحُكم على شكري العسلي بالإعدام، ليكون أحد أبرز الوجهاء السوريين الذين أعدموا شنقاً في ساحة المرجة بدمشق يوم 6 أيار 1916. هو والد الفنان خالد العسلي، مدير البروتوكول في القصر الجمهورية في خمسينيات القرن العشرين وعمّ رئيس وزراء سورية صبري العسلي.
البداية
ولد شكري العسلي في حيّ الميدان ودرس في المدرسة البطريركية ثم في الكلية الأميركية وأخيراً في مدرسة عين تورا قبل سفره إلى إسطنبول لدراسة القانون في المعهد الملكي، الذي تخرج فيه سنة 1902.
كان والده عضواً في مجلس دمشق البلدي، فدخل العسلي العمل الحكومي موظفاً في ولاية سورية في زمن الوالي ناظم باشا، الذي تتلمذ العسلي علي يده. عُيّن وكيل قائم مقام الطفيلة (جنوب الأردن) ومن بعدها في السلط وقضاء دوما، قبل ترفيعه ليكون قائم مقام قضاء فاش في قونية لمدة سنتين. نُقل بعدها إلى سورية، قائم مقام على قضاء المرقب أولاً ومن بعدها في قضاء صهيون ثم متصرفاً على اللاذقية. وكان كل ذلك قبل اندلاع الحرب العالمية الأولى سنة 1914.
عضوية مجلس المبعوثان (1910-1912)
عارض شكري العسلي الانقلاب العثماني الذي قادته جمعية الاتحاد والترقي على السلطان عبد الحميد الثاني، ولكنه أيد الدعوة لانتخابات نيابية واستعادة مجلس المبعوثان العثماني نهاية عام 1908، بعد تعطيل دام منذ سبعينيات القرن التاسع عشر. وفي سنة 1910 رشح نفسه للنيابة خلفاً لنائب دمشق المتوفى محمد العجلاني، وفاز بعضوية مجلس المبعوثان في إسطنبول.
في عمله الجديد، قاد حملة عنيفة ضد بيع الأراضي الزراعية في فلسطين إلى الوكالة اليهودية، وتحديداً أراضي العفولة الواقعة بين الناصرة وجنين. وهاجم سياسة التتريك التي تبناها الاتحاديون في عهد السلطان محمد رشاد الخامس. انتسب العسلي في هذه المرحلة من حياته إلى عدة جمعيات سريّة مناهضة لجمعية الاتحاد والترقي، مثل الجمعية القحطانية سنة 1909 والمنتدى العربي عام 1910. أدى هذا النشاط المعارض إلى إسقاطه في انتخابات عام 1912، فتفرغ العسلي للعمل في مكتب المحاماة بدمشق مع شريكه عبد الوهاب الإنكليزي.
تأسيس جريدة القبس سنة 1913
بعد خروجه من مجلس المبعوثان، عمل شكري العسلي محرراً في جريدة المقتبس قبل تأسيس جريدة قبس اليومية في دمشق التي صدر عددها الأول يوم 19 آذار 1912. كانت يومية سياسية اجتماعية اقتصادية، عارضت سياسات جمعية الاتحاد والترقي فصدر أمر بإيقافها بعد عام واحد من صدورها. لحقها بصحيفة القبس الأسبوعية التي صدرت لغاية اعتقاله سنة 1916.
الاعتقال والإعدام
في كانون الأول 1914، عاد العسلي إلى العمل الحكومي مفتشاً على أملاك الدولة في شمال سورية، وكُلّف بالتحقيق في بعض التجاوزات في مدينة أنطاكية. وفي طريقه إلى أنطاكية توقف العسلي في حلب حيث أُلقي القبض عليه بأمر من جمال باشا، قائد الجيش الرابع في سورية.
سيق مخفوراً إلى جبل لبنان للمثول أمام الديوان الحربي في مدينة عاليه حيث حُكِم بتهمة التخابر مع قنصل فرنسا العام لقلب نظام الحكم العثماني في سورية. أدين العسلي بالخيانة العظمى وحُكم عليه بالإعدام “شنقاً حتى الموت” مع عدد من النواب السابقين في مجلس المبعوثان مثل رشدي الشمعة وشفيق مؤيد العظم وشريكه في مكتب المحاماة عبد الوهاب الإنكليزي. نفذ قرار الإعدام بساحة المرجة بدمشق صبيحة يوم 6 أيار 1916، نفيت أسرته إلى الأناضول بعد مصادرة أملاكها بدمشق.
تخليد ذكرى شكري العسلي
بعد زوال الحكم التركي سنة 1918، أطلق اسم شكري العسلي على مدرسة في مسقط رأسه بحيّ الميدان وشوارع رئيسية في كل من دمشق وعمّان والشارقة. وصدرت عدة دراسات عن حياته، كان من ضمنها كتاب “شكري العسلي: مقالات ووثائق” للدكتور فندي أبو فخر (بيروت 2015)، وكتاب شكري العسلي 1868-1916 للدكتورة سهيلا سليمان الشلبي الصادر عن مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت سنة 2010.
وفي سنة 1943، قام الرئيس شكري القوتلي بتعيين نجله الفنان خالد العسلي مديراً للبروتوكول في القصر الجمهوري في سورية، وفي سنة 1954، عين ابن أخيه صبري العسلي رئيساً للحكومة السورية في عهد الرئيس هاشم الأتاسي. وللشهيد شكري العسلي عدد من المؤلفات، منها “القضاء والنواب،” و”الخراج في الإسلام،” وكتاب “المأمون العباسي.”