طلعت الرفاعي، (1922)، شاعرة ونسوية سورية من مواليد دمشق، تعود أصول عائلتها إلى محافظة حمص. وهي تنتسب إلى أسرة هاشمية يمتد نسبها إلى السيد أحمد الرفاعي أحد أئمة الصوفية المعروفين. أطلق عليها العديد من الألقاب منها: شاعرة القومية العربية، وشاعرة الحب والعبقرية والخيال المجنح الرهيب.
تعد “الرفاعي” من أبرز الشاعرات اللواتي ظهرن في خمسينيات القرن الماضي، وكانت قد حولت بيتها في حي المهاجرين الدمشقي إلى ملتقى شعري تحت اسم “بيت الشعر والحكمة”. تناولت في نتاجها الأدبي العديد من الدراسات النقدية، كما كتبت عنها الصحف الفرنسية والروسية، إلا أن إقامتها في مصر منذ الستينيات وانخراطها في العمل السياسي والعام أبعدها عن الخارطة الثقافية السورية.
دراستها
الدكتورة طلعت الرفاعي حاصلة على ليسانس العلوم السياسية من جامعة دمشق، كما أنها حصلت على شهادة الدكتوراه في الحقوق والقانون الدولي والجنائي والاقتصاد الاجتماعي العمالي والعلوم الاقتصادية والسياسية من جامعة ألبنتيون في باريس، كما قامت بعمل دراسات في الفلسفة والآداب العالمية في جامعة السوربون بباريس.
مسيرتها
تصدر اسم الرفاعي العديد من الصحف السورية والعربية فقالت في حوار مع جريدة الينبوع عام 1958: «لستُ أدري لماذا يكسو الجليد أقلام أدبائنا وشعرائنا في هذا الظرف الذي يتطلب جهداً وعملاً متواصلين». تحدثت لجريدة الحياة 1968 حول مفهوم وأنواع الكفاح قائلة: «إن إنواع الكفاح ليست واحدة، ولا تقتصر على حمل السلاح. فكل عمل إيجابي هو كفاح من أجل الوطن». أما جريدة الوثبة 1975 عنونت ندائها وهي تقول: “يا نساء العرب اتحدن في مواجهة الرجال”.
في العام 1964 أصبحت طلعت الرفاعي أول امرأة سورية وعربية تمثل بلادها في “جامعة الدول العربية” بدرجة وزير مفوض. وأول سيدة تتولى ملف الشؤون الفلسطينية فيها. كما انتخبت أمين عام مساعد لاتحاد المغتربين العرب في جنيف.
ينقل كتاب “هدى جمال عبد الناصر” (المجموعة الكاملة لخطب وتصريحات الرئيس جمال عبد الناصر) تفاصيل لقاء عبد الناصر بالوفد النسائي في دمشق ابان عهد الوحدة بين مصر وسوريا. وكانت الشاعرة “طلعت الرفاعي” في مقدمة الوفد وطالبت من خلال كلمتها “عبد الناصر” بمنع تعدد الزوجات قائلة: «نريد هذه الأسطوانة القديمة التي مازلنا نسمعها دائماً أن تنتهي، وأن هناك فقط مواطن ومواطنة، ولا يوجد تعدد الزوجات وغير ذلك» ليجيبها “الرئيس” مؤكداً أن الأسرة أساس المجتمع.
عرفت الدكتورة طلعت الرفاعي بمواقفها العروبية واهتمامها بالشأن والهم العربي، وحدث يوما أن اعتلت المنصة في المؤتمر العالمي للسلام الذي انعقد وقتها في مدينة برمنجهام بانجلترا، وجاء في خطابها وقتئذ: “لقد ورد في خطاب الافتتاح أن استقبالكم لنا في قلب انجلترا دليل على محبتكم لنا، والمرء يستقبل من يحب في قلبه، فانظروا أين تقع القدس، إنها في قلب العالم العربي، فاعذروا الجسد الذي يعيش بدون قلب”.
والشاعرة الدكتورة طلعت الرفاعي وقفت شعرها على النضال والإيمان بالعروبة، وقد أقامت بمصر فترة من الزمن وتزوجت المهندس المصري سيد ذهني الذي عرفته أثناء دراستها بباريس، ورغم بعدها عن مصر حاليا وإقامتها بعيدا عنها إلا أن حنينها إلى مصر ظل يغلب عليها، والمعروف أنها نشرت قصيدة بجريدة الأهرام في 18 فبراير سنة 2000، عنوانها “على قمة الألفين” قالت فيها:
على شرفة الألفين أهدي أحبتي
سلالا بها ورد شهي وزنبق
أقول لهم يا أجمل الناس حبكم
على الدهر في قلبي سلاف معتق
أقول لكم يا أهل مصر غرامكم
كما كان سيل عارم يتدفق
ولا تحسبوا أن الفراق بقادر
على محو ما بين الضلوع معشق
طموحها السياسي
“إني أرشح نفسي اليوم للانتخابات ويدفعني إلى ذلك شعور قوي أفاخر به. شعور المرأة العربية، شخصيتها الجريئة، تحملها للجهد، وطنيتها العجيبة، ذكاؤها العجيب، وثقافتها على وجه العموم، الواضح المعالم. وأنا شخصياً فضلت طريق النضال منذ أول عمري كنت أستطيع أن أقبع في بيتي مكتفية بعملي وبما وهبني الله. ولكن هذا يعد جبناً وتمرداً على أمتنا التي وهبتنا المعرفة والعلم والرزق، وهبتنا كل شيء، فحق علينا أن نرد دينها بشتى الطرق والألوان”.
بهذه الكلمات التي نقلتها جريدة الوطن أعلنت الشاعرة السورية “طلعت الرفاعي” ترشحها للبرلمان السوري عام 1954. عندما دعي إلى انتخابات برلمانية جديدة عقب الإطاحة بحكم أديب الشيشكلي وتعد السيدة الثانية التي ترشح نفسها بعد ثريا الحافظ عام 1953. بعدما حصلت المرأة السورية على حق الترشح لمجلس الشعب وعلى الرغم من عدم تمكنهما من حجز مقاعد في البرلمان السوري، إلا أنهما فتحتا المجال أمام المرأة السورية للمشاركة في الحياة السياسية.
جوائز وتكريمات
في العام 2005 رشحت وزارة الثقافة السورية الدكتورة “طلعت الرفاعي” بشكل رسمي لنيل جائزة “نوبل” السويدية. والجدير بالذكر أن “الرفاعي”حائزة على وسام القوات المسلحة من جمهورية مصر العربية، وعلى وسام الاستحقاق الثقافي من الجمهورية التونسية.
أعمالها
أصدرت عدد من المؤلفات والدواوين منها: “مهرجان الشروق”، “فتاة من القدس”، “حسناء قاهرتي”، “مناضلة عربية” ، “زلزال في قصر العدل” ، “اذا اقبل الحب”، “حدائق النار”
كما ترجم الكثير من قصائدها إلى عدد من اللغات العالمية منها: الإنجليزية والفرنسية والروسية والتركية، ولها كتاب طبع بالفرنسية وصدر بفرنسا اسمه “المرأة والعمل”.
ابتعادها
منذ بداية الألفية توارت الرفاعي عن الأضواء وأصبح ظهورها خجولا ولا نجد لها حوارات حديثة أو لقاءات مرئية ومسموعة سوى بعض القصائد الصوتية التي رفعت على موقع اليوتيوب والتي يظهر من خلالها صوتها المتعب وتبين القصائد أن الشاعرة ما زالت تتابع أحداث العالم. فقصيدة “بيروت” تناولت من خلالها حادثة انفجار مرفأ بيروت كما عنونت قصيدة أخرى بـ”مرايا كورونا” حول الفايروس الذي اجتاح العالم 2020.
قصيدة المعطف الأحمر للشاعرة الدكتورة طلعت الرفاعي.