
محمد ناصر (1914-1951)، ضابط سوري من جبلة، كان أحد مؤسسي الجيش السوري وتولّى قيادة القوى الجوية من سنة 1949 حتى اغتياله في 31 تموز 1951. شارك في الانقلاب الأول والثاني، وفي حرب فلسطين، ضابطاً في جيش الإنقاذ ثم في الجيش السوري وكان عضواً في اول مفاوضات سورية إسرائيلية جرت في عهد حسني الزعيم سنة 1949.
البداية
ولد محمد ناصر في قرية عين شقاف القريبة من جبلة ودرس في كلية حمص الحربية. فور تخرجه سنة 1933 انتسب إلى جيش الشرق التابع لسلطة الانتداب الفرنسي. انتقل بعدها إلى الجيش السوري عند تأسيسه ورفع إلى رتبة مقدم، قبل أن يتطوع في جيش الإنقاذ مع فوزي القاوقجي لمحاربة العصابات الصهيونية في فلسطين في تشرين الثاني 1947.(1)
وعندما دخلت سورية الحرب في 16 أيار 1948، خدم محمد ناصر ضمن صفوف الجيش السوري، حيث نال ثقة وإعجاب قائد الجيش حسني الزعيم.
في عهد حسني الزعيم
انضم محمد ناصر إلى حسني الزعيم ومجموعة من الضباط الناقمين على رئيس الجمهورية شكري القوتلي بسبب خسارة الجيش السوري في حرب عام 1948. وفي 29 آذار 1949 شارك في الانقلاب الأول الذي قاده الزعيم ضد الرئيس القوتلي، وعُيّن عضواً في لجنة الهدنة التي شكّلت تحت إشراف الأمم المتحدة لأجل أول مفاوضات سورية إسرائيلية. ولكن العلاقة بينه وبين الزعيم تضعضعت بسبب محاولات الأخير الذهاب باتجاه اتفاقية سلام شاملة مع إسرائيل، وعرضه لقاء قمة مع رئيس وزراء إسرائيل دافيد بن غوريون.
مع سامي الحناوي
وفي 14 آب 1949 شارك محمد ناصر في الانقلاب الثاني الذي أدى إلى مقتل حسني الزعيم، وكان بقيادة اللواء سامي الحناوي. عينة الحناوي رئيساً للشعبة الثانية في الجيش السوري وعضواً في مجلس العقداء الذي تم تشكيله بعد الإطاحة بحسني الزعيم.
الخلاف مع أديب الشيشكلي
كان العقيد محمد ناصر خارج البلاد يوم وقوع الانقلاب الثالث في نهاية شهر كانون الأول من العام 1949، الذي قاده العقيد أديب الشيشكلي ضد سامي الحناوي. عارض طموحات الشيشكلي السياسية والعسكرية، ولكن الأخير لم يسرحه من الجيش بسبب الشعبية الكبيرة التي كان يتمتع بها العقيد ناصر بين الضباط، بل قام بتعيينه ملحقاً عسكرياً في إيران ثم آمراً لسلاح الطيران وقائداً للقوى الجوية، علماً أنه كان ضابط مشاة، لا علم له بشؤون الطيران.
حادثة الاغتيال
تعرض العقيد محمد ناصر إلى حادثة إغتيال خلال مروره بمنطقة كيوان المؤدية إلى ربوة دمشق في يوم 31 تموز 1951. وقد وصل إلى المستشفى العسكري حياً وتمكن من إبلاغ المحقق عن هوية الجناة، قبل أن يُفارق الحياة. وقد أدخل أصبعه في فمه، الذي كان يسيل الدم فيه بغزارة، وكتب بدمه أسماء الجناة على بنطاله، وهما المقدم إبراهيم الحسيني، مدير المكتب الثاني، ومعاونه الملازم عبد الغني قنوت، وكلاهما من رجالات أديب الشيشكلي.(2) شكّلت محكمة عسكرية لقضية إغتيال محمد ناصر وقررت براءة كل من المقدم الحسيني والملازم قنوات، لعدم وجود دلائل كافية ضدهم.(3) وقيل يومها أن الشيشكلي تدخل في قرار المحكمة وأنه هو الذي أمر بتصفية العقيد ناصر.(4)
الجنازة
شيّع العقيد محمد ناصر بموكب عسكري مهيب، وتقدم المشيعين رئيس الحكومة السورية ناظم القدسي، ممثلاً عن رئيس الجمهورية هاشم الأتاسي. صلوا عليه في الجامع الأموي بدمشق قبل نقله إلى قريته ليوارى الثرى فيها.(5)
العائلة
تزوج العقيد محمد ناصر من السيدة نعمت الأيوبي، وهي بنت عائلة دمشقية معروفة ووالدة الدكتورة صبا ناصر، التي عينت سفيرة سورية في فرنسا في مطلع عهد الرئيس بشار الأسد سنة 2002.