مقابر وأضرحة

مقام السيدة رقية

مقام ديني في حي العمارة الجوانية

مقام السيدة رقية

مقام السيدة رقية، مقام في حي العمارة الجوانية خلف الجامع الأموي إلى جانب باب الفراديس، شيده الأيوبيين حول قبر رقية بنت الحسين، أصغر بنات الإمام الحسين بن علي، التي حضرت معركة كربلاء وتوفّيت في دمشق. موقع القبر كان قرب قصر يزيد بن معاوية، ثاني خلفاء بني أمية، وهو من أماكن السياحة الدينية للمسلمين بالعموم، ولأبناء الطائفة الشيعية بالخصوص، حيث يجذب السياح من مختلف أنحاء العالم خاصة إيران والعراق ولبنان وباكستان وأفغانستان، ولاسيما في الليالي العشر الأخيرة من شهر رمضان المبارك، وفي شهر محرم الحرام مواساة للسيدة رقية في مصاب الإمام الحسين. وذكر المؤرخ المعاصر الدكتور قتيبة الشهابي في كتابه مشيدات دمشق ذوات الأضرحة أن ابن عساكر وابن طولون أسموه مسجد الرأس، نسبة إلى رأس الإمام الحسين الذي كان يعتقد أنه مدفون فيه. ودفن في القبر أيضاً رأس الملك الكامل الأيوبي محمد بن غازي (المظفر) بن محمد العادل، صاحب ميافارقين والذي قتله التتار سنة 1260.

تاريخ البناء

ورد في المصادر التاريخية أن المقام شيَّدً من قِبَل الأيوبيين سنة 526هـ، وبنيت قبته سنة 768هـ. ثم تمّ تجديده بداية سنة ١١٢٥هـ، ثم في عام ١٣٢٣هـ على يد الميرزا علي أصغر خان، أمين السلطان ناصر الدين شاه. وفي العام 1399 وسعه الشيخ نصر الله الخلخالي وقام بشراء المنازل المحيطة به، قبل أن يُبدل الضريح سنة 1407 بضريح جديد صنع على يد أربعين شخصاً من الفنانين البارعين. جدد المقام ورمم سنة 1864 وفي ثمانينيات القرن العشرين بدأت عملية توسيعه لغاية العام 1994 وألحق به معهد لتدريس العلوم الشرعية.

الوصف المعماري

المقام عبارة عن بناء كبير متسع، يشغل مساحة لا تقل عن 4500 متراً مربعاً، ما بين الروضة والصحن والأروقة والفضاء الداخلي. صمم بحجارة بيضاء على طراز العمارة الإسلامية، الغنية بالزخرفات الدقيقة، وفي بوابة المقام الخارجية كتابات مذهبة على أرضية خضراء، “هذا مقام السيدة رقية بنت الحسين الشهيد بكربلاء.” أما قبة المسجد من الخارج فهي مدببة، ورقبتها أسطوانية، نوافذها مقوسنة وبينهما شريط منقوش بكتابات قرآنية مذهبة، وتزين القبة زخارف هندسية.

أما السطح الداخلي للقبة فيشتمل على أعداد هائلة من قطع الكريستال الصغيرة التي تعكس الضوء بألوان. وعلى جدران صحن المقام الداخلية نُقشت آيات قرآنية وأحاديث نبوية في ولاء ومودّة أهل البيت.

وقد ذكر الدكتور قتيبة الشهابي في كتابه مشيدات دمشق ذوات الأضرحة وعناصرها، نقلاً عن كتاب ثمار المقاصد في ذكر المساجد (تحقيق الدكتور محمد أسعد طلس):

يشاهد في المسجد إلى جانب المحراب ثلاث لوحات حجرية، كتب على الأولى: (بسلمة – قد صار التوفيق لجناب الميرزا بابا المستوفي الكيلاني في عمارة البقعة المشهورة بمقام ستنا رقية بنت سيدنا عليّ وموضع رأس الحسين. ووقف الدكان… بين النطاعين من الحاج محمد بن الحبوب العصيري الجلالاتي في سوق الجابرية بصف بعضهم لتصرف نفقتها في هذه البعة الأهم لعن الله من بدله بعد ما سمعه حرره المنلا أحمد القراجداعي سنة 2225هـ) وهذا التاريخ يوافق سنة 1713م من العهد العثماني.

وكتب على اللوحة الثانية:

هذا المكان المبارك فيه مدفون كامل السلطان الشهيد الغازي المجاهد المرابط في سبيل الله الملك الكامل ناصر الدين محمد بن جمال الدين صاحب ساقان قنبر قدس الله روحه ونور ضريحه دفن في هذا المشهد الحسيني بباب الفراديس في يوم الأحد السابع والعشرين من شهر رمضان سنة ثمان وثمانمائة) وهذا يوافق سنة 1405م من العهد المملوكي.

وعلى الباب الداخلي للضريح كتبت أبيات من الشعر العربي للحاج أحمد رضا الشيرازي وفي وسط المسجد ضريح المزخرف بالذهب والميناء، كتب أعلاه آيات من سورة الدهر مع قصيدة للدكتور السيد مصطفى جمال الدين، تقول:

فـي الشام في مثوى يزيد مرقد      يـنبيك كـيف دم الشهادة يخلد
رقدت به بنت الحسين فأصبحت      حـتى حـجارة ركـنه تـتوقد
هـيا استفيقي يا دمشق وايقظي      وغـدا على وضر القمامة يرقد
واريـه كيف تربعت في عرشه      تـلك الدماء يضوع منها المشهد
سـيظل ذكـرك يا رقية عبرة      لـلظالمين مـدى الـزمان يخلد

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !