أعلام وشخصياتضباط وقادة عسكريون

وديع مقعبري

آمر سلاح الطيران وقائد القوى الجوية (1957-1963).

اللواء وديع المقعبري
اللواء وديع مقعبري

وديع مقعبري (12 تموز 1924 – 31 كانون الثاني 2018)، ضابط سوري من مدينة اللاذقية، كان أحد مؤسسي الجيش السوري وقد تولّى قيادة  القوى الجوية وكان آمراً لسلاح الطيران من 17 آب 1957 وحتى 11 آذار 1963.

شارك في حرب فلسطين الأولى سنة 1948 وفي حرب السويس عام 1956، وقد خدم تحت ثلاثة رؤساء وهم شكري القوتلي (1957-1958)، جمال عبد الناصر (1958-1961) وناظم القدسي (1961-1963).

وفي 1 نيسان 1962 كان رئيساً لمؤتمر حمص الذي أقصى العقيد عبد الكريم النحلاوي عن الجيش السوري وأمر بعودة الدكتور ناظم القدسي إلى منصبه في القصر الجمهوري، رئيساً للجمهورية.

البداية

ولد وديع مقعبري في أسرة مسيحية أرثوذوكسية ودرس في مدارس مدينة اللاذقية. التحق بجيش الشرق التابع لسلطة الانتداب الفرنسي سنة 1943 ولكنه انشق عنه إحتجاجاً على قصف مدينة دمشق في 29 أيار 1945.

انضم بعدها إلى صفوف الحركة الوطنية، كما كان أحد مؤسسي الجيش السوري عند الإعلان عن ولادته في 1 آب 1945. شارك مقعبري في تأسيس القوى الجوية، التي كانت بقيادة الضابط عبد الوهاب الحكيم، وساهم في إنشاء مدرسة خاصة لها في مطار المزة العسكري يوم 16 تشرين الأول 1946، أي بعد ستة أشهر من جلاء القوات الفرنسية عن سورية في 17 نيسان 1946.

سلاح الطيران في مطلع عهد الاستقلال

لم يكن الضباط السوريين لديهم خبرة كافية في سلاح الطيران الذي اختصرت قواته على الفرنسيين فقط في زمن الانتداب. وكانت الطائرات التي ورثها الجيش السوري عن الفرنسيين عبارة عن طائرات غير قتالية، مثل طائرة “بايبر كاب”  (Piper Cub PA-18) الأمريكية، ذات المحرك الضغير، و”تايغر موث” (Tiger Moth)  البريطانية. كان مقعبري أول طيار سوري يطير في الجو منفرداً فوق سماء دمشق لينال لقب “شيخ الطيارين” من رئيس الجمهورية شكري القوتلي في 26 تشرين الأول 1946.

حرب فلسطين سنة 1948

في شباط 1948 تخرج وديع مقعبري من مدرسة الطيران والتحق بعد ثلاثة أشهر بالقوات السورية المقاتلة في حرب فلسطين الأولى. طار فوق الأراضي الفلسطينية بطائرة مدنية غير مجهزة للحروب تُدعى “هارفرد،” وقام بتعديلها لتصبح حربية بعد إضافة مكان خاص للطيار الحربي لكي يتمكن مع إسقاط القنابل يديوياً فوق الأهداف الإسرائيلية. وقد حصل مقعبري على تلك المتفجرات إمّا من مخلفات الفرنسيين في سورية أو من مخلفات الإيطاليين من ليبيا.

مديراً لمدرسة الطيران في مطار النيرب

رفض وديع مقعبري المشاركة  في أي من الانقلابات العسكرية التي عصفت بسورية، إبتداء من الانقلاب الأول الذي قاده حسني الزعيم ضد الرئيس القوتلي سنة 1949، وصولاً على الانقلاب الرابع ضد الرئيس أديب الشيشكلي سنة 1954. أرسله حسني الزعيم لاتباع دورة عسكرية في فرنسا، استمرت من نيسان 1949 وحتى آب 1950، ثم عاد بعدها إلى سورية ليتم تعيينه مديراً لمدرسة الطيران الحربي في مطار النيرب.

في حرب السويس 1956

وخلال حرب السويس سنة 1956 كانت مهمته ترصد طيران التجسس البريطاني الذي كان يمر فوق الأراضي السورية، وتمكن مقعبري من إسقاط طائرة كانبيرا بريطانية قادمة من قبرص، مستخدماً طائرة ميتيور البسيطة. وقد نال أرفع الأوسمة الحربية بعدها لكون أن احتمال اسقاط طائرة كانبيرا من قبل طائرة ميتيور كان لا يتجاوز %1.

آمراً لسلاح الطيران وقائداً للقوى الجوية

في صيف العام 1957، عُيّن اللواء عفيف البزري رئيساً لأركان الجيش السوري وقام بتعيين اللواء وديع مقعبري قائداً للقوى الجوية. حافظ اللواء مقعبري على منصبه بعد قيام الوحدة السورية المصرية سنة 1958 وخدم في الجيش الأول، وهو الجيش السوري في الجمهورية العربية المتحدة. أحبه الرئيس جمال عبد الناصر لتفانيه بالعمل وبعده عن السياسة، وقد عمل اللواء مقعبري على مسح الأراضي السورية ووضع خرائط عسكرية حديثة كما أنه وضع دراسة عن تأسيس كلية طيران عصرية، فيها قسم مخصص للطيارين المدنيين وقسم للعسكريين وقسم للفنيين.

مقعبري والانفصال

كان اللواء وديع مقعبري خارج سورية في زيارة رسمية إلى الاتحاد السوفيتي يوم وقوع انقلاب عسكري ضد جمهورية الوحدة في 28 أيلول 1961. وقد ناب عنه في سلاح الطيران العقيد موفق عصاصة، الذي اشترك في الانقلاب من دون علمه أو موافقته. عاد مقعبري إلى سورية ليجد أن موفق عصاصة قد أصبح أحد القادة العسكريين في سورية، ومع ذلك رفض تأيد الانفصال أو إدانته. رداً على هذا الحياد النادر، قررت القيادة العسكرية الاحتفاظ به في قيادة سلاح الجو، علماً أن اسمه قد طرح لتولّي قيادة الجيش السوري، خلفاً للفريق جمال فيصل.(1)

مؤتمر حمص سنة 1962

وفي 28 آذار 1962، وقع انقلاب جديد في سورية، نفذه مهندس العقيد عبد الكريم النحلاوي ضد رئيس الجمهورية الدكتور ناظم القدسي. رفض اللواء مقعبري الاعتراف بشرعية الانقلاب ودعا إلى مؤتمر في نادي ضباط المنطقة الوسطى في حمص يوم 1 نيسان 1961، تقرر فيه عودة الحياة النيابية والافراج عن رئيس الجمهورية، بعد عزل النحلاوي عن الجيش ونفيه خارج البلاد. وقد تولّى مقعبري، بصفته رئيساً لمؤتمر حمص، مهمة تطهير الجيش من أتباع عبد الكريم النحلاوي.(2)

العزل والاعتقال

عُزل اللواء وديع مقعبري عن منصبه وتم تسريحه من الجيش بعد ثلاثة أيام من وقوع انقلاب 8 آذار 1963، الذي قاده مجموعة من الضباط الناصريين والبعثيين ضد جمهورية الانفصال، وكان هدف استعادة الوحدة مع مصر. وفي 11 آذار 1963 تم اعتقاله في سجن المزة، بأمر من رئيس مجلس قيادة الثورة الفريق لؤي الأتاسي، حيث قضى 111 يوم في المعتقل، ليتم الإفراج عنه بأمر من رئيس الدولة أمين الحافظ وطلب من الضابط الطيار حافظ الأسد، وهو أحد طلّاب مقعبري الذي خلفه في قيادة القوى الجوية.

اعتزل وديع مقعبري العمل العسكري من يومها وتفرغ للعمل التجاري حتى نهاية التسعينيات، حينما اعتزل من العمل كلياً وسافر إلى لبنان.

الوفاة

عاد وديع مقعبري إلى دمشق في منتصف الحرب السورية، واستقر في دار السعادة للمسنين مع زوجته، حيث توفي عن عمر ناهز 94 عاماً في 31 كانون الثاني 2018.

 

 

المصدر
1. عبد الكريم زهر الدين. مذكراتي عن فترة الانفصال في سورية (دار الاتحاد 1968)، 2222. نفس المصدر، 216-217

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !