الأمير يحيى الشهابي (10 آب 1918 – 2 آب 2003)، شيخ الإعلاميين السوريين وأحد المذيعين الأوائل في الإذاعة المحليّة التي أقامتها سلطة الانتداب الفرنسي بدمشق سنة 1942. بصوته أُعلن جلاء سورية يوم 17 نيسان 1946 وبصوته أيضاً افتتح بث إذاعة دمشق الرسمية في 3 شباط 1947.
البداية
ولِد الأمير يحيى الشهابي في راشيا الوادي وهو سليل الأمراء الشهابيين، حكّام جبل لبنان في الفترة 1247-1697. انتقل مع أسرته للعيش بدمشق سنة 1925 ودَرَس في مدرسة الفرير ومدرسة اللايك الفرنسية. بدأ حياته المهنية مُدرّساً للغة العربية في مدراس الأرمن، قبل تعيينه في مدارس القنيطرة وحوبر في ريف دمشق.
العمل الإذاعية 1936-1945
أولى تجاربه الإذاعية كانت في أثناء المعرض الصناعي الذي أُقيم في مدرسة التجهيز سنة 1936، حيث كلّف بنقل مجرياته عبر محطة بث صغيرة أقيمت لهذه الفعالية. وفي مطلع الأربعينيات، أسست سلطة الانتداب الفرنسي إذاعة محليّة في ساحة النجمة، لا تتعدى حدود بثها حدود مدينة دمشق. كان ذلك قبل خمس سنوات من إطلاق إذاعة دمشق الحكومية في مطلع عهد الاستقلال وكانت الإذاعة الفرنسية تبث برامجها باللغة العربية عدا نشرات الأخبار التي كانت تذاع باللغتين بالفرنسية والإنجليزية. عمل الشهابي في هذه الإذاعة الصغيرة لغاية وقوع العدوان الفرنسي على مدينة دمشق في 29 أيار 1945. غضب من الفرنسيين غضباً شديداً واحتجاجاً على قصفهم المدينة بالمدافع، حطّم الشهابي أجهزة الإذاعة وهرب، فحكمت عليه فرنسا بالسجن المؤبد.
إعلان الجلاء الأول سنة 1946
بقي متوارياً عن الأنظار لغاية منتصف العام 1946 عندما صدر عفو عنه مع بدء انسحاب القوات الفرنسية عن سورية. عاد إلى العمل في الإذاعة المحليّة بعد أن تسلمتها حكومة الرئيس سعد الله الجابري وبصوته أعلن جلاء الفرنسيين يوم 17 نيسان 1946. لم تكن التقنيات تسمح ببث مباشر من شوارع المدينة أثناء عيد الجلاء الأول فاستعار سيارة شحن من أحد أقاربه ووقف على ظهرها كي يشاهد العرض العسكري في شارع الرئيس شكري القوتلي وينقل وقائعه على الهواء مباشرة.
هنا دمشق
شارك الشهابي في تأسيس إذاعة دمشق الرسمية وبصوته أيضاً افتتح البث يوم 4 شباط 1947 بجملته الشهيرة “أيها الشعب الكريم، يا شعب البطولات والتضحية، هذه إذاعتكم، إذاعة الجمهورية السورية من دمشق، إذاعة القومية العربية، إذاعة كل العرب، تنقل صوتها إليك في أعيادك، الإذاعة السورية في دمشق تتحدث إليك.”
وبعد مدّة قصيرة، عينه الرئيس شكري القوتلي مديراً لإذاعة دمشق خلفاً للمدير المؤسس سليم الزركلي. عَمل على توسيع البحث من حدود العاصمة ليصل إلى الساحل السوري وضفاف نهر الفرات. وفي يوم انقلاب حسني الزعيم على الرئيس القوتلي سنة 1949، أعتقل الشهابي ونُقل مخفوراً من داره إلى الأستوديو لإذاعة البلاغ رقم واحد باسم الجيش والقوات المسلحة.
تجربته مع المسرح
وفي سنة 1944، كانت للأمير يحيى تجربة فريدة مع المسرح عند تعيينه مديراً للتأليف والتنظيم المسرحي في “شركة الفنانين السوريين” التي أسسها زميله الإعلامي نشأت التغلبي لتنظيم العمل المسرحي بدمشق وتحويله من هواية إلى مهنة محترمة لها أرباح مادية للمثلين والمخرجين والإداريين القائمين عليها. موّلت شركة التغلبي أوبريت من الشعر الغنائي بعنوان “قيس وليلى الجديدان،” عُرضت على مسرح سينما أمبير في طريق الصالحية وكانت من بطولة نجيب السراج ورفيق شكري، وشارك بها الفنانين توفيق العطري وعبد الوهاب أبو سعود.
دوره في اكتشاف المواهب
في عهده فتحت إذاعة دمشق أبوابها لاستقبال المواهب الشابة، فظهر عبر أثيرها المطرب الحلبي صباح فخري والمونولوجست سلامة الأغواني والفنان فهد كعيكاتي. أما الشهابي نفسه وإضافة لعمله الإداري، فكان له برنامج خاص به بعنوان “دوحة الشعر،” وأخرج تمثيلية إذاعية عن مجزرة دير ياسين الشهيرة بفلسطين.
ما بعد إذاعة دمشق
بعد انتهاء إدارته لإذاعة دمشق في مطلع الخمسينيات انتقل الشهابي للعمل في إذاعة الأمم المتحدة في نيويورك، مديراً لبرامج قسم الشرق الأوسط. نال شهادة في العمل الإذاعي من جامعة كولومبيا، ثم عاد إلى دمشق للمشاركة في تأسيس التلفزيون السورية أيام الوحدة مع مصر سنة 1960.
وفي سنواته الأخيرة عمل محاضراً في كلية الآداب بجامعة دمشق ومحاضراً في المركز العربي للتدريب الإذاعي والتلفزيوني، إضافة لتحرير مجلّة “النقّاد.” وبعد التقاعد أنصرف لوضع معجم عن المصطلحات الإذاعية، باللغتين العربية والفرنسية، ومعجم لمصطلحات الآثار.
المؤلفات
ووضع يحيى الشهابي كتاباً عن تجربته الأولى في التعليم، جاء بعنوان “ذكريات مُعلّم في قرية،” تلاه ديوان شعر “السراب” وديوان “شهابيات” الصادر عام 1936.
الوفاة
توفي الأمير يحيى الشهابي عن عمر ناهز 85 عاماً في يوم 2 آب 2003.