الميدان، حيّ كبير يقع إلى الجنوب الغربي من دمشق القديمة، هو الأقدم بين الأحياء خارج سور دمشق الأثري، إذ تعود بداياته إلى العصر الأموي. كانت أرضه قديماً ميداناً لسباقات الخيل ومكاناً لتخييم زوار المدينة من قوافل تجارية وأصبحت اليوم مركزاً تجارياً وتجمعاً سكنياً. يُعد الميدان، بأقسامه الثلاث الفوقاني والوسطاني والتحتاني، مركزاً لتجارة الحبوب مع سهل حوران وفيه قصور فاخرة أحرق الكثير منها إبان العدوان الفرنسي على مدينة دمشق أيام الثورة السورية الكبرى سنة 1926.
التأسيس والتطور
بدايات الميدان تعود إلى العصر الأموي ولكنه أخذ طابعه السكني في عصر المماليك عندما ظهرت فيه ثلاث تجمعات سكنية: السويقة وباب مصلّى والقبيبات. توسّع الحيّ في العهد العثماني واتخذ شكله النهائي كما شهد ازدهاراً اقتصادياً كبيراً مع كونه الطريق الرئيسي لمرور قوافل الحج ذهاباً وإياباً وما يرافقها من أنشطة اقتصادية متنوعة، إضافة لكونه المنفذ الوحيد على المناطق والبلدان الواقعة جنوبها. وتعرض الحيّ لقصف شديد استمر أياماً بلياليها أثناء الثورة السورية الكبرى، بعد مشاركة أحد وجهاء الميدان، الشيخ محمد الأشمر، في معركة دمشق يوم 18 تشرين الثاني 1925.
وعبر الحقب الزمنية المتتالية، تمتع الشارع الرئيسي في الميدان، الممتد بشكل مستقيم تقريباً من ساحة باب مصلّى حتى ساحة البوابة، بأهمية كبيرة لمرور قوافل الحج والمسافرين فيه، وكان يطلق عليه اسم “الطريق السلطاني” إذ شهد مرور العديد من الأمراء والولاة. وكانت بوابة الميدان تحمل تسميات عدة منها بوابة الله لأن الحجاج كانوا ينطلقون منها إلى الحج، وبوابة مصر لأن المسافرين إلى مصر كانوا أيضاً ينطلقون منها وباتت تعرف اليوم بساحة محمد الأشمر. ونظراً لأهمية الحي فقد دشن فيه خط ترام كهربائي عام 1907 وكان يسير من ساحة المرجة إلى السويقة وصولاً للبوابة.
أقسام الميدان
يُقسم الحي إلى ثلاثة أجزاء رئيسية: الميدان التحتاني ويضم أزقة منها باب مصلّى والحبالة والحوارنة والزين والقبّة الحمراء، والميدان الوسطاني ويضم أزقة منها الموصلّية والقرشي والطالع والحطّاب والبرج والبصل، والميدان الفوقاني ويضم أزقة منها أبو حبل والدقاق والحقلة والجمّالة وجنينة الدوس والغلاييني والقاعة والغوّاص.
وكان الميدان يوصف بأنه ضاحية لا نهاية لها حيث كانت الخيل تنزلق على شارعها المرصوف بالحجارة، وتوجد على أطرافه أكوام قمح وغزّال قطن ودبّاغون ومساجد ونوافير ماء وأشجار دانية قطوفها، وعدة مواكب جميلة للحرس التركي ومقبرة كبيرة ذات غصون خضراء، عند كل قبر يمر منها الطريق.
أهم المعالم
يضم الحيّ العديد من المعالم الأثرية المتنوعة كالمساجد والمدارس والزوايا والأسواق والأضرحة، ومنها جوامع مراد باشا والتينبية والدقاق وباب مصلّى والخانقية ومنجك والرفاعي والقاعة والغوّاص، وحمامات فتحي والدرب والرفاعي وعقيل، والزوايا السعدية والرشيدية والقادرية، كما يضم ثلاث كنائس هي القديس جاورجيوس وحنانيا وسيدة النياح. وقد هدمت بعض هذه المعالم وعلى رأسها بيوت قديمة مثل دار البيطار ودار الموصلّي في أواخر السبعينيات عند شق طريق المتحلق الجنوبي. كما يضم أحد أشهر أسواق المأكولات التقليدية والحلويات الشرقية في دمشق وهو شارع الجزماتية.
وتنحدر من الحي شخصيات عدة ذات مكانة فكرية وسياسية واجتماعية، ومنها:
- أحمد عزت باشا العابد، كبير أمناء السلطان عبد الحميد الثاني
- مصطفى باشا العابد، والي الموصل في العهد الحميدي
- شكري العسلي، عضو مجلس المبعوثان وأحد شهداء 6 أيار 1916
- نازك العابد، مؤسسة جمعية نور الفيحاء
- محمد علي العابد، رئيس الجمهورية السورية (1932-1936)
- حسن الحكيم، رئيس الحكومة السورية سنة 1941
- صلاح الدين البيطار، رئيس الحكومة السورية سنة 1963
- المطرب رفيق شكري
- ميشيل عفلق، مؤسس حزب البعث
- العلامة الشيخ عبد الرزاق البيطار
- العلامة الشيخ محمد بهجة البيطار
- العلامة الشيح حسن حبنكة
- المجاهد الشيخ محمد الأشمر، أحد قادة الثورة السورية الكبرى.