بهجت بن أحمد عزت الأستاذ (1926-2005)، مطرب سوري من دمشق، عمل في إذاعة دمشق واشتهر بالموشحات والقصائد الدينية والعاطفية. عُرف طوال مسيرته الفنية باسمه الفني “فتى دمشق” الذي أطلقه عليه الزعيم الوطني فخري البارودي، راعي الفنون في سورية. اختص بغناء الموشحات ولحن له عدد من الملحنين الكبار، مثل الشيخ عمر البطش والشيخ صالح المحبك وسعيد فرحات والأخوين عدنان وزهير منيني. وفي إذاعة دمشق سجّل قصيدة يا ليل الصب متى غده سنة 1951، قبل أن تغنيها فيروز.
البداية
ولد بهجت الأستاذ في دمشق ودرس في مدارسها الحكومية. كان والده أحمد عزت الأستاذ محامياً مشهوراً، عمل سكرتيراُ للسلطان محمد رشاد الخامس في الحرب العالمية الأولى وعاد إلى دمشق ليؤسس نادي الموسيقى الشرقي مع فخري البارودي سنة 1928. ظهرت على بهجت الأستاذ ميول فنية مبكرة، حيث كان يقلّد حواريات الموسيقار المصري محمد عبد الوهاب في السهرات العائلية. انتسب إلى نادي الفارابي الفني، ثم إلى نادي الموسيقى الشرقي بدعم من البارودي، الذي قام برعايته وتأهيله فنياً مع المطرب الشاب صباح الدين أبو قوس، القادم من حلب. أطلق البارودي على أبو قوس اسم صباح فخري وعلى بهجت الأستاذ لقب “فتي دمشق”.
التحق بعدها الأستاذ بمعهد الموسيقي بشارع بغداد، بدعم من صديق أبيه المحامي نجاة قصاب حسن، وتتلمذ علي يد الفنان زكي محمد، الذي علمه النوتة الموسيقية والصولفيج، والفنان سعيد فرحات، الذي عرفه على الموشحات الأندلسية.
مرحلة الاحتراف
انضم الأستاذ إلى إذاعة دمشق في 27 تشرين الثاني 1947 – أي بعد أشهر معدودة من افتتاحها – مردداً في كورسها ثم مطرباً محترفاً. قدم من خلال الإذاعة أغنيته الأولى “رجعت ليه تبكي وتنوح،” من ألحان الموسيقار محمد النحّاس وخصصت له فقرة أسبوعية لتقديم الموشحات. وعلى الرغم من صغر سنه، حقق الأستاذ نجاحاً سريعاً في الإذاعة وفي مطلع العام 1949 كانت حفلته الأولى على مدرج الحامعة السورية، بحضور ورعاية البارودي. وفي سنة 1957، شارك بمهرجان الشباب الأفريقي الآسيوي في موسكو، ممثلاً عن سورية. حضر حفلته الزعيم السوفيتي نيكيتا خروتشوف، وغنى فيها الأستاذ أغنية من ألحان الفنان عبد الفتاح سكر وكلمات الشاعر سليم الزركلي، جاء في مطلعها:
يا موسكو حبيناكي
ومن سورية جيناكي
ما حلا شعبك وفنونو
ما حلا أرضك وسماكي
غنّى الكثير من الموشحات والقصائد الوطنية والأناشيد الدينية ومن أشهرها:
- موشح يا عيوناً راميات (ألحان الشيخ عمر البطش)
- موشح بصفات جعلتني (ألحان الشيخ عمر البطش)
- موشح طف يادري بالقناني (ألحان الشيخ عمر البطش)
- موشح زارني المحبوب (ألحان عدنان منيني)
- موشح يا ظالمني حقاً يكفيك ما ألقى (ألحان يحيى السعودي)
- موشح إن قلبي مستهام (ألحان يحيى السعودي)
- موشح غصن البان ينثني هيفا (ألحان سعيد فرحات)
- موشح عيناك وحاجباك (ألحان سعيد فرحات)
- موشح جادك الغيث (كلمات لسان الدين بن الخطيب، ألحان مجدي العقيلي)
- قصيدة أبتنعش الأرواح (ألحان صالح المحبك)
- قصيدة محراب الأشواق (كلمات الشاعرة فدوى طوقان، ألحان عزت الحلواني)
- ملا الكاسات (كلمات عاشور سليمان، ألحان محمد عثمان)
- أغنية شو رجعك للحي (1959 – كلمات مسلّم البرازي، ألحان عزت الجاهلي)
- أغنية أيام الهوى (ألحان محمد فوزي)
- أغنية كحّل السحر عيوناً (ألحان زهير منيني)
- جواب قلب (كلمات أحمد خالد حبيب، ألحان رفيق شكري)
- نشيد أفراح رمضان (كلمات عدنان مراد، ألحان يحيى السعودي)
- نشيد يا صائمين رمضان (كلمات عمر الحلبي، ألحان يحيى السعودي)
- نشيد وداع رمضان (كلمات نجاة قصاب حسن، ألحان تحسين جبري)
الصدام مع سليم حاطوم
وكان له ظهور يتيم على شاشة التلفزيون السوري عند افتتاحه في زمن الوحدة السورية المصرية سنة 1960، عبر برنامج “الموسيقى العربية” مع المخرج جميل ولاية. وفي التلفزيون أيضاً كانت نهاية مسيرة فتى دمشق الفنية، يوم تعرض للضرب والإهانة على يد عناصر الرائد سليم حاطوم، المسؤول عن مبنى الإذاعة، عندما رفض إعطاء دوره في الأستوديو للمطربة لودي شامية، معشوقة حاطوم. أمره حاطوم بالانسحاب من غرفة التسجيل ولكنه رفض، وانهال عليه الجنود في الضرب وأخرجوه بالقوة. وفي هذا اليوم قرر فتى دمشق اعتزال الغناء وبقي في منصبه الإداري في إذاعة دمشق لغاية بلوغه سن التقاعد.
السنوات الأخيرة والوفاة
لم يتزوج بهجدت الأستاذ وعاش وحيداً في منزله الصغير في حيّ الميدان، وفي سنواته الأخيرة انتقل طوعياً للإقامة في دار السعادة للمسنين في منطقة المزة، حيث أقيم له حفل تكريم من قبل المايسترو صلحي الوادي سنة 2001. توفي بهجت الأستاذ في دمشق عن عمر ناهز 79 عاماً يوم 3 شباط 2005.