ضباط وقادة عسكريون

بهيج كلاس

من ضباط الانقلابات العسكرية (1949-1950)

بهيج الكلاس
بهيج كلاس

بهيج بن فارس كلاس (1907-1965)، ضابط سوري من حماة، كان أحد الآباء المؤسسين للجيش السوري سنة 1946. شارك في حرب فلسطين الأولى وبانقلاب حسني الزعيم على الرئيس شكري القوتلي في 29 آذار 1949 وانقلاب سامي الحناوي على الزعيم في 14 آب 1949. عُين عضواً في المجلس العسكري الذي حكم سورية حتى نهاية شهر كانون الأول من العام 1949 واعتقل في عهد أديب الشيشكلي مرتين، كانت الأولى لقربه من سامي الحناوي والثانية إبان اتهامه سنة 1950 بالضلوع في محاولة انقلاب لصالح ملك الأردن عبد الله الأول.

البداية

ولِد بهيج كلاس في عائلة مسيحية من مدينة حماة وكان شقيقه خليل كلاس من قادة حزب البعث. أما شقيقهما الثالث نخلة كلاس، فكان مدرّساً لمادة التاريخ العسكري في كلية حمص الحربية. دَرَس بهيج كلاس في كلية حمص الحربية وفور تخرجه التحق بجيش الشرق التابع لسلطة الانتداب الفرنسي سنة 1925. وصل إلى قيادة بطارية فوج مدفعية حلب قبل انشقاقه عن الفرنسيين في 29 أيار 1945، تلبية لنداء رئيس الجمهورية شكري القوتلي عشية العدوان الفرنسي على مدينة دمشق. انضم إلى صفوف الثوار وحكمت عليه فرنسا بالإعدام وفي 1 آب 1945 كان أحد مؤسسي الجيش السوري.

مع حسني الزعيم

ومع جلاء القوات الفرنسية عن سورية في 17 نيسان 1946 عُيّن رئيساً لأركان المنطقة الشمالية قبل ترفيعه إلى رتبة “رئيس” وتعيينه قائداً لفوج المدفعية الرابع. اشترك في حرب فلسطين سنة 1948، حيث توطدت صداقته مع قائد الجيش حسني الزعيم الذي كان قد تعرف إليه في زمن الانتداب الفرنسي. أحبه الزعيم ووثق به فعينه مديراً لمكتبه العسكري في هيئة الأركان العامة. كلاهما كان ناقماً على الطبقة السياسية الحاكمة ومنزعجاً من كثرة الاتهامات التي وجهّت للمؤسسة العسكرية من قبل أعضاء مجلس النواب، وتحديداً فيصل العسلي، نائب الزبداني. اتهم العسلي رئيس الجيش بالتقصير والفساد وطالب بإحالته إلى القضاء العسكري للمحاكمة. ردّ عليه كلاس وقال: “لقد تمادوا في التشهير ولكن الجيش لن يسكت بعد الآن.”

الانقلاب الأول (29 آذار 1949)

في 13 شباط 1949 دعا الزعيم إلى اجتماع سري في منطقة القنيطرة، أعلن فيه نيته القيام بانقلاب عسكري ضد رئيس الجمهورية. أقسم بهيج كلاس اليمين على مساندة حسني الزعيم حتى النصر أو الممات وفي يوم الانقلاب شاركه احتلال دمشق ليلة 29 آذار 1949. رفعه الزعيم إلى رتبة “عقيد” وجدد تعيينه مديراً لمكتبه العسكري بعد توليه مهام الحاكم العرفي في سورية. وبعد حصولهم على استقالة خطية من الرئيس شكري القوتلي، أطلقوا سراحه من المستشفى العسكري في منطقة المزة وسمحوا له بمغادرة البلاد. في 28 حزيران 1949 رافقه بهيج كلاس من داره الكائنة في بستان الرئيس إلى سلّم الطائرة في مطار دمشق، وقدّم له التحية العسكرية حسب الأصول قبل سفره مع عائلته إلى جنيف. وسعى كلاس بعدها لإطلاق سراح ميشيل عفلق، مؤسس حزب البعث، المعتقل في سجن المزة.

الانقلاب الثاني (14 آب 1949)

كان بهيج كلاس من أقرب المقربين إلى حسني الزعيم في الأشهر الأولى من حكمه، ولكن نفوراً حصل بينهما بعد تسليم أنطون سعادة، مؤسس الحزب السوري القومي الاجتماعي، إلى الحكومة اللبنانية. اقتيد سعادة إلى لبنان وأعدم في 8 تموز 1949، على الرغم من اللجوء السياسي الذي كان قد حصل عليه من الزعيم. أثارت هذه الحادثة اشمئزاز الكثير من الضباط، وفي مقدمتهم بهيج كلاس، الذي لم يكتم غضبه من تصرّف الزعيم، فقام الأخير بإبعاده عن مركز صنع القرار. واستمرت القطيعة بينهما لغاية مشاركته في الانقلاب العسكري الذي أطاح بالزعيم وأدى إلى مقتله رمياً بالرصاص في 14 آب 1949. وبعدها بساعات، سمّي بهيج كلاس عضواً في المجلس العسكري الذي شكّله مهندس الانقلاب اللواء سامي الحناوي لإدارة شؤون البلاد.

الاعتقال والتسريح

ولكن انقلاباً ثالثاً حصل في سورية نهاية عام 1949 قاده أديب الشيشكلي ضد سامي الحناوي. اعتقل الحناوي في سجن المزة – ومعه بهيج كلاس – وصدر أمر تسريحه من الجيش. أفرج عنه في كانون الثاني 1950، ليُعاد اعتقاله في شهر أيلول من العام نفسه، على خلفية محاولة انقلاب فاشلة ضد الشيشكلي، اتهم كلاس بتدبيرها مع نائب دمشق الدكتور منير العجلاني. وجهّت له تهمة التآمر على سلامة الدولة والسعي لإسقاط نظامها الجمهورية بتمويل وتخطيط من عبد الله الأول، ملك الأردن. ولكن القضاء السوري أمر بإطلاق سراحه في كانون الثاني 1951، نظراً لعدم توفر أدلة كافة على ضلوعه في محاولة الانقلاب.

التعويض والتقاعد

وفي محاولة منه للتعويض عما لحق كلاس من إهانة وأذى معنوي، عرض أديب الشيشكلي تعينه ملحقاً عسكرياً في السفارة السورية بواشنطن ولكنه رفض وفضّل التقاعد المبكر في سورية. ولكنّ الشيشكلي بقي مصراً على موقفه فقبل كلاس منصب مدير مؤسسة التبغ والدخان سنة 1951. وبعد انتهاء ولايته الإدارية غاب عن أي منصب سياسي واعتزل الناس إثر وفاة ابنه فارس، الذي توفي بحادث أليم في شباط 1964 يوم كان طالباً في كلية الهندسة في الجامعة اليسوعية ببيروت.

الوفاة

توفي بهيج كلاس عن عمر ناهز 58 عاماً في تشرين الثاني 1965.

 

 

 

المصدر
1. نصوح بابيل. صحافة وسياسة: سورية في القرن العشرين (دار رياض نجيب الريّس، لندن 1987)، 4212. سامي جمعة. أوراق من دقتر الوطن (دار طلاس، دمشق 2000)، 73

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !