بيت فخري البارودي في حي القنوات في دمشق هو من أهم وأكبر البيوت الدمشقية التي تقع خارج أسوار المدينة القديمة.
تاريخ المنزل
يعود تاريخ بناء المنزل إلى بداية القرن التاسع عشر، وقد بُني على يد عائلة البارودي وتوارثته أجيال متتالية حتى سكنه في بداية القرن العشرين السياسي والزعيم فخري البارودي وذلك حتى مطلع الخمسينيات.
خلال فترة حياة فخري البارودي، كان البيت مركزاً لكثير من الحوادث التاريخية المهمة ومقراً لصدور أهم القرارات في البلاد، ومنتدى ثقافياً واجتماعياً يقبل عليه المثقفون والفنانون من سوريا والعالم العربي، واستضاف كلاً من أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وأحمد شوقي، وخصص البارودي حينها إحدى قاعات المنزل لتكون بمثابة مقر فني للموسيقى والشعر وغيرها من أنواع الفنون.
لكن البارودي أُجبر على بيع المنزل بسبب تراكم الديون، فتحولت مُلكيته سنة 1954 إلى الصحفي وجيه بيضون حيث أقيمت فيه مطبعة ابن زيدون التي بقيت تعمل فيه حتى السبعينيات.
واستملكت محافظة دمشق المنزل في السبعينيات، وفي الثمانينيات سجل في المديرية العامة للآثار والمتاحف، ومع بداية الألفية تم تخصيصه لصالح كلية الهندسة المعمارية في جامعة دمشق من خلال مشروع أقر مع إحدى الجامعات الفرنسية، فتم ترميمه خلال عدة سنوات، وتحول إلى مركز لطلاب الدراسات العليا في مجال ترميم وتأهيل المواقع الأثرية والمباني التاريخية، وهو يعمل اليوم على ربط الأبحاث المعمارية بالمجتمع في مجمل المدن السورية، بالتعاون مع جهات عدة مثل وزارة السياحة ومديرية الآثار والمتاحف.
الطراز المعماري
تبلغ مساحة بيت البارودي 1800 متر مربع، وهو يحتوي على طابقين، ويتميز باتساعه وعناصره المعمارية والفنية المهمة والتي تمزج بين الطرازين العربي والأوروبي.
ويتألف المنزل من قسمين كل منهما يشغل تقريباً نصف المساحة: القسم الشمالي وهو المخصص اليوم لمركز الدراسات التابع لكلية الهندسة المعمارية، وكان فيما مضى يمثل قسمي السلاملك والخدملك. ويضم القسم في الطابق الأرضي ثمانية غرف، وفي الطابق الأول تسعة غرف وقاعات، وفيه فسحة سماوية كبيرة مستطيلة الشكل تتوسطها بركة ماء بيضوية بنيت من الحجر المزاوي، وتطل عليها الغرف بنوافذ كبيرة تعلوها فتحات بيضوية الشكل. وفي الغرف والقاعات نجد عناصر معمارية وفنية متنوعة وغنية، مثل الأسقف الخشبية والرسومات الجدارية والأرضيات الرخامية.
أما القسم الجنوبي وله مدخل منفصل فقد كان يمثل قسم الحرملك، وفي الطابق الأول منه نجد اثني عشر غرفة وقاعة وإيواناً، وفي الطابق الثاني ثماني قاعات وغرف، ويتميز بالزخارف والتزيينات الغنية والألوان والعناصر النحتية والفنية، مع وجود فسحة سماوية أيضاً تتوسطها بركة رخامية، وفي قاعاته نجد لوحات جدارية تعبر عن مشاهد طبيعية أو من مدن مثل مكة والمدينة المنورة وإسطنبول. ويستخدم هذا القسم كمقر لإحدى الجمعيات الخيرية.